Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

مختصر التحرير شرح الكوكب المنير
مختصر التحرير شرح الكوكب المنير
مختصر التحرير شرح الكوكب المنير
Ebook905 pages5 hours

مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

كتاب في علم اصول الفقه على مذهب الامام احمد بن حنبل الشيباني وهو شرح لكتاب المؤلف الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير الذي هو مختصر من كتاب تحرير المنقول وتهذيب علم الاصول للقاضي علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد المرداوي والكتاب .جامع لمسائل أصول الفقه وحاو لقواعده وضوابطه وأقسامه.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateAug 29, 1902
ISBN9786698221187
مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

Related to مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

Related ebooks

Related categories

Reviews for مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    مختصر التحرير شرح الكوكب المنير - ابن النجار

    الغلاف

    مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

    الجزء 1

    ابن النجار، تقي الدين

    972

    كتاب في علم اصول الفقه على مذهب الامام احمد بن حنبل الشيباني وهو شرح لكتاب المؤلف الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير الذي هو مختصر من كتاب تحرير المنقول وتهذيب علم الاصول للقاضي علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد المرداوي والكتاب .جامع لمسائل أصول الفقه وحاو لقواعده وضوابطه وأقسامه.

    المجلد الأول

    مقدمة

    ...

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة

    الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    وبعد: فهده مقدمة موجزة، وعاجلة مختصرة، تنظم تعريفاً بالشيخ العلامة تقي الدين ابن النجار الحنبلي وكتابه شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، كما تناول بياناً لعملنا ومنهجنا في تحقيقه.

    المؤلف: أما المؤلف فهو الفقيه الحنبلي الثبت، والأصولي اللغوي المتقن، العلامة، قاضي القضاة تقي الدين، أبو البقاء، محمد بن شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن على الفتوحي المصري الحنبلي، الشهير بابن النجار.

    ولد بمصر سنة 898هـ ونشأ بها وأخذ العلم عن والده شيخ الإسلام وقاضي القضاة، وعن كبار علماء عصره.. وقد تبحر في العلوم الشرعية وما يتعلق بها، وبرع في فَنّي الفقه والأصول، وانتهت إليه الرياسة في مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل، حتى قال عنه ابن بدران: كان منفرداً في علم المذهب.

    وقد كان صالحاً تقياً عفيفاً زاهداً معرضاً عن الدنيا وزينتها. مهتماً بالآخرة وصالح الأعمال، لا يشغل شيئاً من وقته في غير طاعة.. ومن هنا كانت حياته كلها تعَلُّمٌ وتعليم وإفتاء وتصنيف، مع جلوسه في إيوان الحنابلة للقضاء وفصل الخصومات.. ويحكى عنه أنه لم يقبل ولاية القضاء إلا بعد أن أشارَ عليه كثير من علماء عصره بوجوب قبولها وتعَيُّنِهِ عليه، وبعدما سأله الناس إياها وألحّوا عليها في قبولها، وقد كان خلفاً لوالده في الإفتاء والقضاء بالديار المصرية. وحج قبل بلوغه عندما كان بصحبة والده في الحج، ثم حج حجة الفريضة في عام 955هـ على غاية من التقشف والتقليل من زينة الدنيا، وعاد مكبَاً على ما هو بصدده من الفتيا والتدريس لانفراده بذلك.

    قال الشعراني: صحبته أربعين سنة، فما رأيت عليه ما يشينه في دينه، بل نشأ في عفة وصيانة وعلم وأدب وديانة، وما رأيت أحداً أحلى منطقاً منه، ولا أكثر أدباً مع جليسه منه، حتى يودّ أنه لا يفارقه ليلاً ولا نهاراً.

    وبالجملة، فلم يكن هناك من يضاهيه في زمانه في مذهبه، ولا من يماثله في منصبه، وهو الإمام البارع في الفقه الحنبلي وأصوله، وصاحب اليد الطولى والباع الكبير في تحرير الفتاوى وتهذيب الأحكام، وقد ظل مكبّاً على العلم، ينهل من معينه، ويدرس ويصنف ويفتي مذهب الإمام أحمد ويحرره إلى أن أتاه المرض الأخير الذي وافته المنية فيه، وذلك عصْر يوم الجمعة الثامن عشر من صفر سنة 972هـ، فصلى عليه ولده موفق الدين بالجامع الأزهر، ودفنه بقرافة المجاورين.

    أما مصنفاته، فأشهرها كتاب منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح والزيادات في فروع الفقه الحنبلي، وهو عمدة المتأخرين في المذهب، وعليه الفتوى فيما بينهم، إذ حرر مسائله على الراجح والمعتمد من المذهب، وفد اشتغل به عامة طلبة الحنابلة في عصره، واقتصروا عليه.. ثم شرحه شرحا مفيداً يقع في ثلاثة مجلدات، أحسن فيه وأجاد، وكان غالب استمداده فيه من كتاب الفروع لابن مفلح، وقد طبع هذا الكتاب طبعة علمية مدققة بتحقيق الأستاذ الشيخ عبد الغني محمد بن عبد الخالق جزاه الله خير، ومن أبرز شروح المنتهى وأجودها شرح العلامة منصور بن يونس البهوتي المتوفى سنة 1051هـ، شيخ الحنابلة في عصره، وذلك في ثلاث مجلدات كبار، وهو مطبوع مشهور متداول.

    وأما في أصول الفقه، فله كتاب الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير ذكر أنه اختصره من كتاب تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول للقاضي علاء الدين على بن سليمان بن أحمد المرداوي المقدسي المتوفى سنة 885هـ، محرر أصول المذهب وفروعه، قال الفتوحي: وإنما وقع اختياري على اختصار هذا الكتاب دون بقية كتب هذا الفن، لأنه جامع لأكثر أحكامه، حاو لقواعده وضوابطه وأقسامه، قد اجتهد مؤلفه في تحرير نقوله وتهذيب أصوله.

    وقد ضمَّ هذا المختصر مسائل أصله، مما قدَّمه المرداوي من الأقوال، أو كان عليه الأكثر من الأصحاب، دون ذكر لبقية الأقوال إلا لفائدة تقتضي ذلك وتدعو إليه، وكان اصطلاحه فيه أنه متى قال في وجه فإنما يعني ان القول المقدم والمعتمد هو غيره، ومتى قال في قول أو على قول فمعناه أن الخلاف قد قوي في المسألة، أو اختلف الترجيح دون مصرح بالتصحيح لأحد القولين أو الأقوال.

    ثم شرح ابن النجار مختصره شرحا قيماً نفيساً مساه بـ المختبر المبتكر شرح المختصر وهو الكتاب الذي بين يديكم.

    أما الكتب التي ترجمت لهذا الإمام الجليل، فهي قليلة جداً، إذ لم يترجم له العيدروس في النور السافر في أعيان القرن العاشر ولا الغزي في الكواكب السائرة في أعيان المائة العاشرة ولا الشوكاني في البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ولا ابن العماد في شذرات الذهب في أخبار من ذهب.. وإننا لم نعثر على ترجمة له إلا في كتاب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة لابن حميد وكتاب مختصر طبقات الحنابلة للشيخ جميل الشطي، وقد وجدنا نتفاً من ترجمته في المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لعبد القادر بدران وفي الأعلام لخير الدين الزركلي، وفي معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة، ولكنها في غاية الاختصار.

    الكتاب: وكتاب شرح الكوكب المنير الذي نقدمه اليوم كتاب علمي قيم نفيس، حوى قواعد علم الأصول ومسائله ومعاقد فصوله بأسلوب سلس رصين، لا تعقيد فيه ولا غموض في الجملة.. وقد جمع المصنف مادته ونقوله من مئات المجلدات والأسفار، كما يتبين لمطالِعِهِ ودارسه..

    وعلى العموم، فالكتاب زاخر بالقواعد والفوائد الأصولية، والمسائل والفروع الفقهية واللغوية والبلاغية والمنطقية، ومادته العلمية غزيرة جداً، إذ اطّلع مصنفه قبل تأليفه على أكثر كتب هذا الفن وما يتعلق به، وأفاد منها، ونقل عن كثير منها.

    أما سلاسة الكتاب وحلاوة أسلوبه وجلاء عرضه. فإن كل بحث من بحوثه لينطق بها، حتى أن المتن قد اندمج بالشرح، فلا تكاد تحس بينهما فرقاً، وإنك لا تجد بينهما إلا التواصل التآلف.. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن صاحب المتن هو نفس الشارح لا غيره.. ومن هنا انضم الشرح إلى المتن وانسجما وسارا في طريق واحد وعلى نسق واحدة وبروح واحدة، حتى إننا حذفنا الأقواس التي تميز الشرح عن متنه، لما شعرنا أنَّ هناك شرحاً ومتناً. كما هي عادة الشروح مع المتون ... ولجزمنا أنَّ الكتاب كله قطعة واحدة، نُسجت نسجاً دقيقاً، وأحْكمت إحكاما فائقاً، ولا يخفى ما في ذلك من دلالة على تمكن مؤلفه في العلم، وعلو شأنه فيه، وبراعته في التصنيف، وإطلاعه الواسع على أكثر الكتابات السابقة له في هذا الفن، واستفادته منها استفادة الناقد البصير الواعي.. وربما ساعده على بلوغ هذا المقام تأخر زمانه، حيث كانت العلوم ناضجة في عصره وقبل عصره، بالإضافة إلى ما وفقه الله إليه من العلم، وما منحه إياه من الفهم والتحقيق.

    وهذا الكتاب الذي نذكره قد سبق إلى نشره الأول مرة الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى حيث قام بطبعه بمطبعة السنة المحمدية بالقاهرة سنة 1372هـ/ 1953م عن نسخة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية الأسبق رحمه الله تعالى، ولكن هذه النسخة كانت مخرومة خرماً كبيراً يبلغ ثلث الكتاب، فطبعت على حالها، ثم قُدِّرَ الشيخ الفقي أن يطلع على نسخة مخطوطة أخرى للكتاب في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، فطبع القدر الناقص عنها، أكمل الكتاب، فجزاه الله كل خير.

    وبعد الاطلاع على الطبعة المذكورة ودراستها تبين لنا أنها مشحونة بالأخطاء والتصحيفات والخروم في أكثر من خمسة آلاف موضع، مما يجعل الاستفادة منها وهي بهذه الحالة غير ممكنة.. لهذا كان لابد من تحقيق الكتاب تحقيقاً علمياً على أصوله المخطوطة، حيث إن تلك الطبعة لا تغني عن ذلك شيئاً.. وقد يظن بعض الناس أنَّ في كلامنا هذا شيئاً من المبالغة، ولكنهم لو قارنوا بين تلك الطبعة وبين طبعتنا، أو نظروا في هوامش كتابنا –حيث أشرنا فيها إلى فروق وخروم الطبعة الأولى - لعلموا مبلغ الدقة في هذا الكلام.

    ومن طريف ما يذكر أن الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري قد اطلع على طبعة الشيخ الفقي كما اطلع على نسخة مخطوطة للكتاب وقعت تحت يده في مكتبة خاصة بخط عبد الحي بن عبد الرحيم الحنبلي الكرمي نسخت سنة 1137هـ، وكتب عليها أنها مقابلة على نسخة مصححة على خط المؤلف، فقابل المطبوعة عليها، فعثر على 2758 غلط في المطبوعة، فطبع بياناً بهذه الأغلاط وتصويبها على الآلة الطابعة، وقد راجعنا ذلك البيان وصورناه من مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى جزاه الله خيراً، ثم أشرنا في هوامش طبعتنا إلى تلك التصويبات..

    من أجل ذلك كانت الحاجة ملحّة إلى تحقيق الكتاب ونشره بصورة علمية أمينة، فضلاً عن احتياج طلبة كلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة إليه باعتباره أحد الكتب الدراسية المقررة.

    وهذا ما دعا العالمين الغيورين، الدكتور محمد بن سعد الرشيد عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية والدكتور ناصر بن سعد الرشيد رئيس مركز البحث العلمي بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة أن يهتما بتحقيق الكتاب ونشره، فنهضا –جزاهما الله خيراً - لجلب أصوله المخطوطة بكل جدّ وإخلاص، ثم كلفانا بتحقيقه ظناً منه أننا من فرسان هذا الميدان، وأصّر علينا بلزوم القيام بهذا العمل، خدمة للعلم وأهله، وحرصاً على الفقه الحنبلي الثمين وأصوله، مع اعتذارنا بضيق الوقت وخطورة العمل وقلة البضاعة..

    فشرعنا بتحقيقه مستعينين بالله، معتمدين عليه وحده أن يعيننا على هذه المهمة الكبيرة والأمر الجلل، وسرنا في هذا الطريق حتى أذن الله بكرمه وفضله أن ينتهي إلى صورة قريبة من القبول، بعيدة عن لوم العذول.

    أما النسخ التي اعتمد عليها في التحقيق فهي:

    1 - نسخة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، وتقع في مجلد كبير، كتب بخط معتاد مقروء، ومجموع أوراقها [262] ورقة، ومسطرتها 27 سطراً، وقد تمَّ نسخها يوم الأحد في 6 شوال سنة 1137هـ. على يد إبراهيم بن يحي النابلسي الحنبلي، وهي نسخة جيدة عليها تصحيحات وتصويبات تدل على أنها مقروءة مقابلة مصححة. وهي موجودة في مكتبة أوقاف بغداد برقم 1422/ 4087، وقد رمزنا لها بـب.

    2 - نسخة المكتبة الأزهرية بالقاهرة، وهي تقع في مجلد كبير، كتب بخط معتاد، وعدد أوراقها [147] ورقة، ومسطرتها 40 سطراً تقريباً، ويوجد على هوامشها ما يدل على أنها مقروءة مقابلة مصححة، وقد كتب على صفحة العنوان وعلى آخر صفحات النسخة أنها بخط القاضي برهان مفلح، وليس هذا بصواب لأن القاضي برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح توفى سنة 884هـ، أي قبل ولادة ابن النجار الفتوحي بأربعة عشر عاماً، حيث إنه ولد سنة 898هـ، كما سبق أن أشرنا في ترجمتة، وهذه النسخة محفوظة في المكتبة الأزهرية تحت رقم 387/ 10634، وقد رمزنا لها بـز.

    3 - نسخة في مكتبة الرياض العامة، ختم عليها وقف الشيخ محمد بن عبد اللطيف سنة 1381هـ وتقع في 337 ورقة مسطرتها 26 سطراً، وهي مقابلة مصححة، وقد كتب في آخر صفحاتها أنها نسخت بخط عبد الله الرشيد الفرج سنة 1346هـ، وهي محفوظة في مكتبة الرياض العامة بدخنة تحت رقم 529/ 86، وقد رمزنا لها بـع.

    4 - نسخة في مكتبة الرياض العامة أيضاً، وتقع في 225 ورقة، مسطرتها 27 سطراً، وقد تم نسخها في يوم الأربعاء 16 من ربيع الثاني سنة 1271هـ، على يد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن فوزان، وكتب في آخرها: نقل الأصل من خط عبد الحي بن عبد الرحيم الحنبلي وذكر أنه كتبها سنة 1137هـ، وهي نسخة جيدة مصححة أيضاً، ورقمها في مكتبة الرياض العامة 87/ 86، وقد رمزنا لها ص.

    ومما يؤسف له أن كل واحدة من هذه النسخ الأربعة لم تخل من سقط في الكلام وتصحيفات وتحريفات وأخطاء كثيرة، ومن أجل ذلك لم نتمكن من الاعتماد على واحدة منها بعينها واعتبارها أصلاً، ثم مقابلة باقي النسخ عليها كما هو متبع لدى كثير من المحققين، وآثرنا أن نقوم بتحقيق الكتاب على نسخه الأربع معاً على طريقة النص المختار، كما هو منهج فريق من المحققين، بحيث نثبت الصواب من الكلمات والعبارات عن أي نسخة أو نُسَخِ وجد فيها الصواب، ثم نشير في الهامش إلى ما جاء في بقية النسخ..

    وقد أفدنا من تصحيحات الشيخ عبد الرحمن الدوسري الآنفة الذكر عن النسخة المخطوطة التي وقعت تحت يده من الكتاب، وهي تعتبر الأصل الذي نقلت عنه النسخة ص، ولمزيد الفائدة أثبتنا كل ما جاء فيها في هوامش كتابنا عند مخالفتها للنص الموثَّق، ورمزنا لها بـد.

    ونظراً لعدم عثورنا –مع بذل الوسع والجهد - على النسخة المخطوطة التي طبع عنها الشيخ محمد حامد الفقي، فقد اعتبرنا طبعته نسخة عنها، فقابلناها على نصنا، وذكرنا فروقها وتصحيفاتها وما وقع فيها من الخروم في الهوامش إتماماً للفائدة، ورمزنا لها بـش.

    منهاج التحقيق: يتلخص عملنا في تحقيق هذا الكتاب في الأمور التالية:

    1 - عرض نص الكتاب مصححا مقوماً مقابلاً على النسخ الأربع المخطوطة وعلى تصحيحات الشيخ الدوسري وعلى طبعة الشيخ الفقي. والإشارة في الهوامش إلى فروق النسخ.

    2 - تخريج الآيات القرآنية.

    3 - تخريج الأحاديث النبوية.

    4 - تخريج الشواهد الشعرية.

    5 - الترجمة للأعلام الوارد ذكرها في الكتاب، بحيث يُترجم للعَلَم عند ذكره أول مرة.

    6 - تخريج النصوص التي نقلها المؤلف عن غيره من أصولها المطبوعة، والإشارة إلى مكان وجودها فيها مع إثبات الفروق بين ما جاء في كتابنا وبين ما ورد في أصولها إن وجد.

    7 - الإشارة عند كل مسألة أو قضية أو بحث من بحوث الكتاب إلى المراجع التي استفاد منها المصنف أو استقى، والمراجع التي فيها تفصيل تلك المسائل، ولو لم يطّلع عليها المؤلف، مع بيان أجزائها وأرقام صفحاتها، ليسهل على القارئ أو الباحث التوسع والتعمق فيها إن رغب.

    8 - التعليق على كل كلمةٍ أو عبارةٍ أو قضية تقتضي شرحاً أو تحتاج إلى إيضاح وبيان، بما يُزيل غموضها، ويُوضح المراد بها، ويكشف عمّا فيها من لَبْس، وقد تضمنت بعض هذه التعليقات مناقشة للمصنف فيما اعتمده من آراء أو ساقه من أفكار أو حكاه من أقوال العلماء.. وكان منهجنا في تعليقاتنا على النص –عند النقل عن أي مرجع أو الاستفادة منه - أن تشير إليه مع بيان جزئه ورقم صفحته، ابتغاء الأمانة في النقل، والدقة في العزو، وليتمكن المطالع من مراجعته دون عناء كلما أراد..

    9 - وقد اقتضى سياق الكلام في بعض المواطن من الكتاب إضافة كلمة أو عبارة لا يتمّ المعنى إلا بها، فأضفناها ووضعناها بين قوسين مربعين [] تمييزاً لها عن نصّ الكتاب، وإشارة إلى أنها قد أضيفت لاقتضاء المقام وداعي الحاجة.

    وعلى الرغم مما بذلنا في هذا التحقيق من جهد، وما أفرغنا من وسع، ومحاولين بذلك أن يصل هذا العمل إلى الكمال أو يقرب منه، فلسنا نعرض لما صنعنا بتزكية أو ثناء، اقتداء بسنة السلف الصالح، وتأسياً بقول أبي سليمان الخطابي في ختام مقدمته لـتفسير غريب الحديث حيث يقول:

    فأما سائر ما تكلمنا عليه، فإنّا أحقّاء بألاّ نزكيه وألاّ نؤكد الثقة به، وكل عن عثر منه على حرف أو معنى يجب تغييره، فنحن نناشده الله في إصلاحه وأداء حق النصيحة فيه، فإنَّ الإنسان ضعيف لا يسلم من الخطأ إلا أن يعصمه الله بتوفيقه، ونحن نسأل الله ذلك، ونرغب إليه في دركه، إنه جواد وهوب.

    ختاماً نقدم شكرنا إلى كل من أسدى إلينا عوناً خلال عملنا في تحقيق هذا الكتاب، وعلى الخصوص سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، لتكرمه بإعارتنا النسختين المخطوطتين المحفوظتين في المكتبة العامة بالرياض، وفضيلة الدكتور عبد الله التركي، وفضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، لتفضلهما بتقديم النسخة المصورة عن المكتبة الأزهرية بالقاهرة، وفضيلة الشيخ عبد الرحمن الدوسري لإفادتنا من تصحيحاته وتصويباته.

    والله نسأل أن يتقبل عملنا هذا بحسن الجزاء، إنه نعم المولى ونعم الوكيل.

    مكة المكرمة في غرة رجب سنة 1398هـ المحققان

    خطبة الكتاب

    ...

    بسم الله الرحمن الرحيم وَبِهِ نَسْتَعِينُ

    الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَعْطَى مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ عَطَاءً جَمًّا، الْقَدِيمِ الْحَكِيمِ، الَّذِي شَرَعَ الأَحْكَامَ، وَجَعَلَ لَهَا قَوَاعِدَ، وَهَدَى مَنْ شَاءَ لِحِفْظِهَا، وَفَتَحَ لِمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ مَا أَغْلَقَ مِنْ الأَدِلَّةِ، وَوَفَّقَهُ لِفَهْمِهَا. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، الْمُبَيِّنِ لأُمَّتِهِ طُرُقَ الاسْتِدْلالِ، الْمُقْتَدَى بِهِ فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ وَفِيمَا أَمَرَ بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ مِنْ أَفْعَالٍ وَأَقْوَالٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ نَقَلَةِ الشَّرْعِ، وَتَفْصِيلِ أَحْكَامِهِ مِنْ حَرَامٍ وَحَلالٍ.

    أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ تَعْلِيقَةٌ عَلَى مَا اخْتَصَرْتُهُ مِنْ كِتَابِ التَّحْرِيرِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ الرَّبَّانِيِّ، وَالصِّدِّيقِ الثَّانِي: أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ1 رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، تَصْنِيفِ الإِمَامِ الْعَلاَّمَةِ عَلاءِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمِرْدَاوِيِّ الْحَنْبَلِيِّ2، عَفَا اللَّهُ تَعَالَى 1 هو الإمام الجليل أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الوائلي، أحد الأئمة الأربعة الأعلام، ولد ببغداد، ونشأ بها، وطلب العلم وسمع الحديث فيها، وسافر في سبيل العلم أسفاراُ كثيرة. فضائله ومناقبه وخصاله لا تكاد تعد. من كتبه المسند و التاريخ و الناسخ والمنسوخ و المناسك و الزهد و علل الحديث. توفي سنة 241هـ[انظر ترجمته في تاريخ بغداد 4/ 413، وفيات الأعيان 1/ 47، حلية الأولياء 9/ 161، المنهج الأحمد 1/ 5 وما بعدها] .

    2 هو الإمام على بن سليمان بن أحمد الدمشقي الصالحي الحنبلي، المعروف بالمرادوي. ولد في مراد، قرب نابلس، ونشأ بها، وحفظ القرآن، وتعلم الفقه، ثم تحوَل إلى دمشق، وقرأ على علمائها فنون، وتصدى للإقراء والإفتاء. من كتبه الأصناف في معرفة الراجح من الخلاف في الفقه و تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول في أصول الفقه. وقد شرحه في............................= عَنِّي وَعَنْهُ آمِينَ. أَرْجُو أَنْ يَكُونَ حَجْمُهَا بَيْنَ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ، وَأَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَى إتْمَامِهَا. وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. [وَسَمَّيْتهَا بِالْمُخْتَبَرِ1 الْمُبْتَكَرِ، شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَعَلَى اللَّهِ أَعْتَمِدُ، وَمِنْهُ الْمَعُونَةَ أَسْتَمِدُّ"2.

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ابْتَدَأَ الْمُصَنِّفُونَ كُتُبَهُمْ بِالْبَسْمَلَةِ تَبَرُّكًا بِهَا، وَتَأَسِّيًا بِكِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ ابْتَدَأَ بِهَا فِي كُتُبِهِ إلَى الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ، وَعَمَلاً بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَهُوَ أَبْتَرُ 3.

    الْحَمْدُ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْمَحَامِدِ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَثَنَّوْا بِالْحَمْدِ: لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ4 فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ، فَهُوَ = مجلدين وسماه التحبير في شرح التحرير" توفي سنة 885هـ. [انظر ترجمته في الضوء اللامع 5/ 225، البدر الطالع 1/ 446] .

    1 في ش: بالمختصر.

    2 ساقطة من ض ز ب.

    3 أخرجه أبو داود في سننه والراهاوي في الأربعين والخطيب البغدادي في تاريخه عن أبي هريرة. قال النووي: وهو حديث حسن، وقد روى موصلاً ومرسلاً. ورواية الموصل جيدة الإسناد، وإذا روي الحديث موصلاً ومرسلاً فالحكم الاتصال عند الجمهور. وذكر العجلوني أنه ورد بلفظ فهو أبتر، وبلفظ فهو أقطع، وبلفظ فهو أجذم. [انظر كشف الخفا 2/ 119، فيض القدير للمناوي 5/ 14] .

    4 هو محمد بن حبان بن أحمد، أبو حاتم البستي التميمي. قال الحاكم: كان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال. ألف التصانيف النافعة كـ المسند الصحيح و الجرح والتعديل و الثقات وغيرها. توفي سنة 354هـ. [انظر ترجمته في طبقات الشافعية لابن السبكي 3/ 131. شذرات الذهب 3/ 16] .

    أَقْطَعُ 1، وَمَعْنَى أَقْطَعُ" نَاقِصُ الْبَرَكَةِ، أَوْ قَلِيلُهَا.

    وَفِي ذِكْرِ الْحَمْدِ عَقِبَ الْبَسْمَلَةِ اقْتِدَاءٌ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا.

    وَلَهُمْ فِي حَدِّ الْحَمْدِ لُغَةً عِبَارَتَانِ:

    إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِجَمِيلِ صِفَاتِهِ، عَلَى قَصْدِ التَّعْظِيمِ. وَالأُخْرَى: أَنَّهُ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ الاخْتِيَارِيِّ2، عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ3. سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِالْفَضَائِلِ4 أَوْ بِالْفَوَاضِلِ5.

    وَالشُّكْرُ لُغَةً: فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الشَّاكِرِ6، يَعْنِي7 بِسَبَبِ إنْعَامِهِ. وَيَتَعَلَّقُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ. 1 أخرجه أبو داود وابن ماجة والبيهقي في السنن وأبو عوانة الاسفراييني في مسنده عن أبي هريرة. وألّف الحافظ السخاوي جزءاً فيه. قال النووي: يستحب البداءة بالحمد لكل مصنف ودارس ومدرس وخطيب وخاطب وبين يدي جميع الأمور المهمة. انظر كشف الخفا 2/ 119، فيض القدير 5/ 13.

    2 أي الحاصل باختيار المحمود. وقد خرج بقيد الاختياري الوصف بجميل غير اختياري للمحمود، كطول قامته وجماله وشرف نسبه. انظر حاشية عليش على شرح إيساغوجي ص10.

    3 خرج بهذا القيد الوصف بالجميل الاختياري على جهة التهكم والسخرية. حاشية عليش ص10.

    4 الفضائل: جمع فضيلة، وهي الصفة التي لايتوقف اثباتها للمتصف بها على ظهور أثرها في غيره، كالعلم والتقوى. حاشية عليش ص11.

    5 الفواضل: جمع فاضلة، وهي الصفة التي يتوقف إثباتها لموصوفها على ظهور أثرها في غيره، كالشجاعة والكرم والعفو والحلم. حاشية عليش ص11 والتعريف الأول للحمد أكثر ملاءمة في حق الباري جل وعلا، والثاني أكثر مناسبة في حق العباد.

    6 في ض ز ب، الشاكر أو غيره.

    7 ساقطة من ز.

    فَالْقَلْبُ لِلْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَاللِّسَانُ لِلثَّنَاءِ؛ لأَنَّهُ مَحَلُّهُ، وَالْجَوَارِحُ لاسْتِعْمَالِهَا فِي طَاعَةِ الْمَشْكُورِ، وَكَفِّهَا عَنْ مَعَاصِيهِ1.

    وَقِيلَ: إنَّ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ2.

    ثُمَّ إنَّ مَعْنَى الْحَمْدِ فِي الاصْطِلاحِ هُوَ مَعْنَى الشُّكْرِ فِي اللُّغَةِ3.

    وَمَعْنَى الشُّكْرِ فِي الاصْطِلاحِ: هُوَ صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ إلَى مَا خُلِقَ لأَجْلِهِ، مِنْ جَمِيعِ الْحَوَاسِّ وَالآلاتِ وَالْقُوَى4.

    وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ بَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيَّيْنِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ5، فَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ الْمُتَعَلَّقِ؛ لأَنَّهُ لا يُعْتَبَرُ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ6، وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةٍ الْمَوْرِد، الَّذِي هُوَ اللِّسَانُ، وَالشُّكْرُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ الْمَوْرِدِ، وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ الْمُتَعَلَّقِ، وَهُوَ النِّعْمَةُ عَلَى الشَّاكِرِ7.

    َفِي قَرْنِ الْحَمْدِ بِالْجَلالَةِ الْكَرِيمَةِ - دُونَ سَائِرِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى - فَائِدَتَانِ: 1 انظر لسان العرب 4/ 423 وما بعدها. الفائق 1/ 291، معترك الأقران 2/ 63.

    2 قاله اللحياني لسان العرب 3/ 155.

    3 وذلك لأن الحمد في الصطلاح: فعل يُشعر بتعظيم المنعم بسبب كونه منعماً. أعم من أن يكون فعل اللسان أو الأركان تعريفات الجرجاني ص98.

    4 التعريفات للشريف الجرجاني ص133.

    5 انظر معنى العموم والخصوص من وجه في ص71. 72 من الكتاب.

    6 ساقطة من ض ز ب.

    7 انظر لسان العرب 4/ 424، معترك الأقران 2/ 63، الأخضري على السلم ص21.

    الأُولَى: أَنَّ اسْمَ اللَّهِ عَلَمٌ1 لِلذَّاتِ2، وَمُخْتَصٌّ بِهِ، فَيَعُمُّ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى.

    الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الأَعْظَمِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ مُتَّصِفٌ بِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ3

    كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ.

    وَلَمَّا كَانَتْ صِحَّةُ الْوَصْفِ مُتَوَقِّفَةً عَلَى إحَاطَةِ الْعِلْمِ بِالْمَوْصُوفِ، وَقَدْ قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} 4 صَحَّ قَوْلُنَا فَالْعَبْدُ لا يُحْصِي ثَنَاءً عَلَى رَبِّهِ لأَنَّ وَصْفَ الْوَاصِفِ بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ إدْرَاكُهُ مِنْ الْمَوْصُوفِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ تُدْرَكَ حَقَائِقُ صِفَاتِهِ كَمَا هِيَ، جَلَّ رَبُّنَا وَعَزَّ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 5.

    وَالصَّلاةُ الَّتِي هِيَ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ وَالْمَغْفِرَةُ، وَالثَّنَاءُ عَلَى نَبِيِّهِ عِنْدَ الْمَلائِكَةِ وَمِنْ الْمَلائِكَةِ الاسْتِغْفَارُ وَالدُّعَاءُ، وَمِنْ الآدَمِيِّ وَالْجِنِّيِّ التَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ،

    وَالسَّلامُ الَّذِي هُوَ تَسْلِيمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، "وَأَمَرَنَا بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى:6 1 في ش، علم جامع.

    2 في ض ب، على الذات.

    3 ساقطة من ز.

    4 الآية 110 من طه.

    5 الآية 11 من الشورى.

    6 الأية 56 من الأحزاب.

    {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} 1 عَلَى أَفْضَلِ خَلْقِهِ بِلا تَرَدُّدٍ؛ لأَحَادِيثَ دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ.

    فَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلا فَخْرَ 2 وَمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَفِي الدُّنْيَا: كَوْنُهُ بُعِثَ إلَى النَّاسِ كَافَّةً، بِخِلافِ غَيْرِهِ مِنْ الأَنْبِيَاءِ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُضِّلْت عَلَى مَنْ قَبْلِي بِسِتٍّ وَلا فَخْرَ 3 وَفِي الآخِرَةِ: اخْتِصَاصُهُ بِالشَّفَاعَةِ، وَالأَنْبِيَاءُ تَحْتَ لِوَائِهِ، سَيِّدُنَا وَمَوْلانَا4 وَخَاتَمُ رُسُلِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    أَلْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَهُ أَنْ يُسَمُّوهُ بِذَلِكَ، لَمَّا عَلِمَ سُبْحَانَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ الْخِصَالِ الْمَحْمُودَةِ، وَهُوَ عَلَمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْحَمْدُ5، مَنْقُولٌ مِنْ التَّحْمِيدِ، الَّذِي هُوَ فَوْقَ الْحَمْدِ. 1 ساقطة من ع ز ب.

    2 أخرجه مسلم وأبو داود من حديث أبي هريرة، وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري. انظر كشف الخفا 1/ 203.

    3 ورد الحديث بلفظ فُضَّلْتُ على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلّت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون. وقد أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة، ورواه أبو يعلى وغيره. انظر فيض القدير 4/ 438.

    4 ساقطة من ع ض ز ب.

    5 في ع ب، الحميد.

    وَ عَلَى آلِهِ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُمْ أَتْبَاعُهُ عَلَى دَيْنِهِ1، وَأَنَّهُ تَجُوزُ إضَافَتُهُ لِلضَّمِيرِ. وَالآلُ: اسْمُ2 جَمْعٍ، لا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.

    وَ عَلَى صَحْبِهِ وَهُمْ الَّذِينَ لَقَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنِينَ، وَمَاتُوا مُؤْمِنِينَ3.

    وَعَطْفُ الصَّحْبِ عَلَى الآلِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الآلِ وَالصَّحْبِ مُخَالَفَةٌ لِلْمُبْتَدِعَةِ، لأَنَّهُمْ يُوَالُونَ الآلُ دُونَ الصَّحْبِ.

    أَمَّا أَيْ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ هُوَ مِنْ الظُّرُوفِ الْمَبْنِيَّةِ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْ الإِضَافَةِ. أَيْ: بَعْدَ الْحَمْدِ وَالصَّلاةِ وَالسَّلامِ4. وَالْعَامِلُ فِي بَعْدُ 1 قال الدمنهوري: آل النبي في مقام الدعاء كل مؤمن تقي. إيضاح المبهم ص4. وقال شمس الدين البعلي: والآل يطلق بالاشتراك اللفظي علي ثلاثة معان. أحدها: الجند والأتباع. كقوله تعالى {آلَ فِرْعَوْن} البقرة: من الآية50 أي: أجناده وأتباعه. والثاني: النفس. كقوله تعالى {آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُون} البقرة: من الآية248 بمعنى: نفسهما. والثالث: أهل البيت خاصة، واله: أتباعه على دينه. وقيل: بنو هاشم وبنو المطلب. وهو اختيار الشافعي. وقيل آله أهله. المطلع على أبواب المقنع ص3.

    2ساقطة من ش ز. وفي ع: جمع اسم.

    3 انظر تعريف الصحابي وما يتعلق به في التقييد والإيضاح للعراقي ص391 وما بعده. تدريب الراوي للسيوطي ص394 وما بعدها.

    4 قال الشيخ زكريا الأنصاري: أما بعد يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بها في خطبه. والتقدير: مهما يكن من شيء بعد البسملة وما بعدها. فتح الرحمن ص8.

    أَمَّا لِنِيَابَتِهَا عَنْ الْفِعْلِ. وَالْمَشْهُورُ ضَمُّ دَالِ بَعْدُ. وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ1 نَصْبَهَا وَرَفْعَهَا بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا.

    وَحِينَ تَضَمَّنَتْ أَمَّا مَعْنَى الابْتِدَاءِ2 لَزِمَهَا لُصُوقُ الاسْمِ وَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى3 الشَّرْطِ، لَزِمَتْهَا الْفَاءُ، فَلأَجْلِ4 ذَلِكَ قُلْت:

    فَهَذَا الْمَشْرُوحُ مُخْتَصَرٌ أَيْ كِتَابٌ مُخْتَصَرُ اللَّفْظِ، تَامُّ الْمَعْنَى مُحْتَوٍ أَيْ مُشْتَمِلٌ وَمُحِيطٌ عَلَى مَسَائِلِ الْكِتَابِ الْمُسَمَّى تَحْرِيرَ الْمَنْقُولِ، وَتَهْذِيبَ عِلْمِ الأُصُولِ5 فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. جَمْعُ الشَّيْخِ الْعَلاَّمَةِ عَلاءِ الدِّينِ الْمِرْدَاوِيِّ6 الْحَنْبَلِيِّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ، وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّتِهِ مُنْتَقَى مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ الأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ أَوْ كَانَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ الأَكْثَرُ مِنْ 1 هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي المعروف بالفراء. قال ابن خلكان: كان أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب. من كتبه معاني القرآن و البهاء فيما تلحن في العامة و المصادر في القرآن و الحدود توفي سنة 207هـ. انظر ترجمته في بغية الوعاة 2/ 333، وفيات الأعيان 5/ 225، طبقات المفسرين للداودي 2/ 366".

    2 في ب ع: الابتداء والشرط.

    3 ساقطة من ش ز.

    4 في ش: فلذلك. وفي ع: ولأجل ذلك.

    5 كتاب تحرير المنقول للمرداوي أكثره مستمد من كتاب العلامة محمد بن مفح الحنبلي المتوفي سنة 763هـ في أصول الفقه، حيث يقول المرداوي عن كتاب ابن مفلح: وهو أصل كتابنا –يعني تحرير المنقول - فإن غالب استمدادنا منه. المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لبدران ص241.

    6 في ش، المرداوي السعدي.

    أَصْحَابِنَا، دُونَ ذِكْرِ بَقِيَّةِ الأَقْوَالِ، خَالٍ هَذَا الْمُخْتَصَرُ مِنْ قَوْلٍ ثَانٍ أَذْكُرُهُ فِيهِ إلاَّ مِنْ قَوْلٍ أَذْكُرُهُ1 لِفَائِدَةٍ تَزِيدُ أَيْ زَائِدَةٍ عَلَى مَعْرِفَةِ الْخِلافِ" لا لِيُعْلَمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلافًا فَقَطْ.

    وَ خَالٍ هَذَا الْمُخْتَصَرُ أَيْضًا مِنْ عَزْوِ مَقَالٍ أَيْ قَوْلٍ مَنْسُوبٍ إلَى مَنْ أَيْ شَخْصٍ إيَّاهُ أَيْ إيَّا الْمَقَالِ قَالَ أَيْ قَالَهُ.

    وَمَتَى قُلْت فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ بَعْدَ ذِكْرِ2 حُكْمِ مَسْأَلَةٍ أَوْ قَبْلَهُ هُوَ كَذَا3 فِي وَجْهٍ، فَالْمُقَدَّمُ أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ غَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ مَا قُلْت إنَّهُ كَذَا فِي وَجْهٍ وَ مَتَى قُلْت: هُوَ كَذَا، أوَلَيْسَ بِكَذَا فِي4 قَوْلٍ أَوْ عَلَى قَوْلٍ، فَإِذَا قَوِيَ الْخِلافُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَوْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ5 إطْلاقِ الْقَوْلَيْنِ، أَوْ الأَقْوَالِ، إذْ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مُصَرِّحٍ بِالتَّصْحِيحِ لأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، أَوْ الأَقْوَالِ.

    وَإِنَّمَا وَقَعَ اخْتِيَارِي عَلَى اخْتِصَارِ هَذَا الْكِتَابِ، دُونَ بَقِيَّةِ كُتُبِ هَذَا الْفَنِّ، لأَنَّهُ جَامِعٌ لأَكْثَرِ أَحْكَامِهِ، حَاوٍ لِقَوَاعِدِهِ وَضَوَابِطِهِ وَأَقْسَامِهِ، قَدْ اجْتَهَدَ مُؤَلِّفُهُ فِي تَحْرِيرِ نُقُولِهِ، وَتَهْذِيبِ أُصُولِهِ. 1 في ش: أذكره فيه.

    2 ساقطة من ش.

    3 في ش: هكذا.

    4 في ش: في قوله.

    5 في ش: من.

    ثُمَّ الْقَوَاعِدُ: جَمْعُ قَاعِدَةٍ، وَهِيَ أَمْرٌ كُلِّيٌّ يَنْطَبِقُ عَلَى جُزْئِيَّاتٍ كَثِيرَةٍ تُفْهَمُ أَحْكَامُهَا مِنْهَا. فَمِنْهَا: مَا لا يَخْتَصُّ بِبَابٍ. كَقَوْلِنَا الْيَقِينُ لا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ1، وَمِنْهَا: مَا يَخْتَصُّ، كَقَوْلِنَا كُلُّ كَفَّارَةٍ سَبَبُهَا مَعْصِيَةٌ، فَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ.

    وَالْغَالِبُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِبَابٍ، وَقُصِدَ بِهِ نَظْمُ صُوَرٍ مُتَشَابِهَةٍ يُسَمَّى ضَابِطًا، وَإِنْ شِئْت قُلْت: مَا عَمَّ صُوَرًا. فَإِنْ كَانَ2 الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِهِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي بِهِ اشْتَرَكَتْ الصُّوَرُ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ الْمُدْرَكُ، وَإِلاَّ فَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ ضَبْطَ تِلْكَ الصُّوَرِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّبْطِ، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي مَأْخَذِهَا، فَهُوَ الضَّابِطُ، وَإِلاَّ فَهُوَ الْقَاعِدَةُ3.

    وَمِنْ الْقَوَاعِدِ الأُصُولِيَّةِ قَوْلُهُمْ الأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَالْفَوْرِ. وَدَلِيلُ الْخِطَابِ حُجَّةٌ، وَقِيَاسُ الشَّبَهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ. وَالْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ يُحْتَجُّ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ

    وَ أَنَا أَرْجُو مِنْ فَضْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُخْتَصَرُ مُغْنِيًا لِحُفَّاظِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ هَذَا4 الْفَنِّ عَلَى مَا اتَّصَفَ بِهِ مِنْ وَجَازَةِ أَلْفَاظِهِ أَيْ تَقْلِيلِهَا. 1 قال السيوطي: هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه، والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر. الأشباه والنظائر للسيوطي ص51، وانظر الأشياه والنظائر لابن نجيم ص56.

    2 ساقطة من ش.

    3 قال ابن نجيم: والفرق بين الضابط والقاعدة، أن القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد. وهذا هو الأصل. الأشباه والنظائر ص166.

    4 ساقطة من ش.

    وَإِيجَازُ اللَّفْظِ: اخْتِصَارُهُ مَعَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْنَى. وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ. وَاخْتُصِرَ لِي الْكَلامُ1 اخْتِصَارًا 2.

    وَإِنَّمَا اخْتَصَرْته3 لِمَعَانٍ. مِنْهَا: أَنْ لا يَحْصُلَ الْمَلَلُ بِإِطَالَتِهِ. وَمِنْهَا: أَنْ يَسْهُلَ عَلَى مَنْ أَرَادَ حِفْظَهُ. وَمِنْهَا: أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُهُ مِنْ قِلَّةِ حَجْمِهِ.

    وَأَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَعْصِمَنِي وَيَعْصِمَ مَنْ قَرَأَهُ مِنْ الزَّلَلِ أَيْ مِنْ السَّقْطَةِ4 فِي الْمَنْطِقِ وَالْخَطِيئَةِ5 وَأَنْ يُوَفِّقَنَا أَيْ يُوَفِّقَنِي وَمَنْ قَرَأَهُ وَالْمُسْلِمِينَ لِمَا يُرْضِيهِ أَيْ يُرْضِي اللَّهَ عَنَّا6 مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، وَبِالإِجَابَةِ جَدِيرٌ.

    وَرَتَّبْته - كَأَصْلِهِ - عَلَى مُقَدِّمَةٍ، وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَابًا، لا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ عَدَدِ الْفُصُولِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. كَالتَّنَابِيهِ وَالتَّذَانِيبِ. 1 في ع ب: الكلم.

    2 أخرجه البيهقي في الشعب وأبو يعلى في مسنده عن عمر بن الخطاب، وأخرجه الدارقطني عن ابن عباس. وقد روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة، فأخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة بلفظ بعثت بجوامع الكلم وأخرجه أحمد عن عمرو بن العاص بلفظ أوتيت فوتح الكلم وخواتمه وجوامعه. انظر كشف الخفا 1/ 15، فيض القدير 1/ 563، جامع العلوم والحكم ص2.

    قال المناوي: ومعنى أعطيت جوامع الكلم، أي ملكة أقتدر بها على إيجاز اللفظ مع سعة المعنى، بنظم لطيف لاتعقيد فيه يعثر الفكر في طلبه، ولا التواء يحار الذهن في فهمه. واختصر لي الكلام اختصاراً: أي صار ما أتكلم به كثير المعاني قليل الألفاظ. فيض القدير 1/ 563.

    3 في ع ب: اختصرت ذلك.

    4 في ض: السقط.

    5 في ض: الخبط. وفي ع: الخبطه.

    6 ساقطة من ز.

    أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ، فَتَشْتَمِلُ عَلَى تَعْرِيفِ هَذَا الْعِلْمِ وَفَائِدَتِهِ، وَاسْتِمْدَادِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ وَلَوَاحِقَ، كَالدَّلِيلِ، وَالنَّظَرِ، وَالإِدْرَاكِ. وَالْعِلْمِ، وَالْعَقْلِ، وَالْحَدِّ، وَاللُّغَةِ وَمَسَائِلِهَا وَأَحْكَامِهَا، وَأَحْكَامِ خِطَابِ الشَّرْعِ، وَخِطَابِ الْوَضْعِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

    فَأَقُولُ وَمِنْ اللَّهِ أَسْتَمِدُّ الْمَعُونَةَ:

    مُقَدِّمَةٌ

    الْمُقَدِّمَةُ فِي الأَصْلِ صِفَةٌ، ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهَا اسْمًا لِكُلِّ مَا وُجِدَ فِيهِ التَّقْدِيمُ، كَمُقَدِّمَةِ الْجَيْشِ وَالْكِتَابِ، وَمُقَدِّمَةِ الدَّلِيلِ وَالْقِيَاسِ؛ وَهِيَ الْقَضِيَّةُ الَّتِي1 تُنْتِجُ ذَلِكَ مَعَ قَضِيَّةٍ أُخْرَى، نَحْوُ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَ كُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَ الْعَالِمُ مُؤَلِّفٌ وَ كُلُّ مُؤَلِّفٍ مُحَدِّثٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

    ثُمَّ إنَّ مُقَدِّمَةَ الْعِلْمِ هِيَ2 اسْمٌ3 لِمَا4 تَقَدَّمَ أَمَامَهُ، وَلِمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَسَائِلُهُ كَمَعْرِفَةِ حُدُودِهِ وَغَايَتِهِ وَمَوْضُوعِهِ. وَمُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ لِطَائِفَةٍ مِنْ كَلامِهِ تُقَدَّمُ أَمَامَ الْمَقْصُودِ، لارْتِبَاطٍ لَهُ بِهَا، وَانْتِفَاعٍ بِهَا فِيهِ. سَوَاءٌ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا الْعِلْمُ أَوْ لا5.

    وَهِيَ - بِكَسْرِ الدَّالِ-: مِنْ قَدَّمَ بِمَعْنَى6 تَقَدَّمَ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1