المنتقى شرح الموطإ
By الباجي
()
About this ebook
Read more from الباجي
المنتقى شرح الموطإ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطأ Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to المنتقى شرح الموطإ
Related ebooks
فتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسبل السلام شرح بلوغ المرام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير ابن كثير ط العلمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير الطبري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير ابن كثير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشاف القناع عن متن الإقناع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsزاد المعاد في هدي خير العباد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكرامات الأولياء للالكائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمعارج القبول بشرح سلم الوصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمحلى بالآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتلخيص الحبير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمغني لابن قدامة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح منتهى الإرادات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتحرير والتنوير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفضائل الأوقات للبيهقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمجموع الفتاوى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفتاوى الكبرى لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح مشكل الآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالثبات عند الممات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالشريعة للآجري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسنن الترمذي Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for المنتقى شرح الموطإ
0 ratings0 reviews
Book preview
المنتقى شرح الموطإ - الباجي
المنتقى شرح الموطإ
الجزء 14
الباجي
474
كتاب المنتقى شرح الموطأ للإمام الباجي، هو كتاب ألفه أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب الباجي الذهبي على موطأ الإمام مالك في الحديث. ذكر فيه الباجي أقوال الإمام مالك في موطأه، واختلاف علماء المذاهب، وبيان معاني الأحاديث والآثار، وسلك فيه سبيل إيراد الحديث، والمسألة من الأصل، ثم أتبع ذلك ما يليق به من الفرع، وأثبته شيوخه المتقدمون، من المسائل، وسد من الوجوه والدلائل
مَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ مِنْ الثِّيَابِ
(ش): قَوْلُهَا دَخَلَتْ حَفْصَةُ عَلَى عَائِشَةَ وَعَلَى حَفْصَةَ خِمَارٌ رَقِيقٌ يُحْتَمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ أَنْ يَكُونَ مَعَ رِقَّتِهِ مِنْ الْخِفَّةِ مَا يَصِفُ مَا تَحْتَهُ مِنْ الشَّعْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ رَقِيقًا لَا يَسْتُرُ الْأَعْضَاءَ وَإِنْ كَانَ صَفِيقًا لِشِدَّةِ رِقَّتِهِ وَلُصُوقِهِ بِالْأَعْضَاءِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي الْخِمَارِ فَكَرِهَتْ لَهَا عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ذَلِكَ، وَشَقَّتْهُ لِتَمْنَعَهَا الِاخْتِمَارَ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَعْطَتْهَا مَا تَخْتَمِرُ بِهِ خِمَارًا كَثِيفًا تَتَّخِذُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِثْلَهُ، وَتَرَيْهَا الْجِنْسَ الَّذِي شُرِعَ لَهَا الِاخْتِمَارُ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ تَعْوِيضَهَا مِمَّا شَقَّتْهُ مِنْ خِمَارِهَا تَطْيِيبًا لِنَفْسِهَا وَرِفْقًا بِهَا.
(فَصْلٌ) :
وَمَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ» الْحَدِيثَ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ «كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ» قَالَ يَلْبَسْنَ ثِيَابًا رِقَاقًا فَهُنَّ كَالْكَاسِيَاتِ بِلُبْسِهِنَّ تِلْكَ الثِّيَابَ، وَهُنَّ عَارِيَّاتٌ لِأَنَّ تِلْكَ الثِّيَابَ لَا تُوَارِي مِنْهُنَّ مَا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَسْتُرْنَهُ مِنْ أَجْسَادِهِنَّ، وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مِثْلَهُ.
وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَارِيَّاتٌ تَلْبَسْنَ الرَّقِيقَ، وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْخِفَّةُ فَيَشِفُّ عَمَّا تَحْتَهُ، فَيُدْرِكُ الْبَصَرُ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْمَحَاسِنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الثَّوْبَ الرَّقِيقَ الصَّفِيقَ الَّذِي لَا يَسْتُرُ الْأَعْضَاءَ بَلْ يَبْدُو حَجْمُهَا.
(فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَهَى النِّسَاءَ أَنْ يَلْبَسْنَ الْقَبَاطِيَّ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَشِفُّ فَإِنَّهَا تَصِفُ قَالَ مَالِكٌ مَعْنَى تَصِفُ أَيْ تَلْصَقُ بِالْجِلْدِ، وَسَأَلَ مَالِكٌ عَنْ الْوَصَائِفِ يَلْبَسْنَ الْأَقْبِيَةَ فَقَالَ مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَإِذَا شَدَّتْهَا عَلَيْهَا ظَهَرَ عَجُزُهَا، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لِضِيقِهِ يَصِفُ أَعْضَاءَهَا عَجُزَهَا وَغَيْرَهَا مِمَّا شُرِعَ سِتْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَرْعٌ) وَهَذَا فِي النِّسَاءِ وَأَمَّا الرِّجَالُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ السَّاتِرُ كُلُّهُ يَصِيرُ إلَى الْإِزَارِ فَإِنْ كَانَ الْإِزَارُ رَقِيقًا وَالْقَمِيصُ رَقِيقًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَثِيفًا فَلَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ سَرَفًا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ «مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ» قَالَ فِي الْمُزَنِيَّةِ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعْنَاهُ مَائِلَاتٌ عَنْ الْحَقِّ مُمِيلَاتٌ عَنْهُ.
وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ زَادَ فِي الْعُتْبِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَنْ أَطَاعَهُنَّ مِنْ الْأَزْوَاجِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَعْنَاهُ يَتَمَايَلْنَ فِي مَشْيِهِنَّ وَيَتَبَخْتَرْنَ حَتَّى يَفْتِنَّ مَنْ يَمُرَّنَّ بِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ التَّمَايُلَ فِي الْمَشْيِ إنَّمَا يُقَالُ فِيهِ مُتَمَايِلَاتٌ، وَقَوْلُهُ «لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ» يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ بِأَعْمَالِهِنَّ وَتَرْكِهِنَّ مَا نُهِينَ عَنْهُ، وَإِنْ دَخَلْنَهَا بِفَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَفْوِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ ابْتِدَاءَ وَقْتِ دُخُولِ مَنْ نَجَا مِنْ النَّارِ وَإِنْ دَخَلْنَ الْجَنَّةَ بِمَا وَافَيْنَ مِنْ الْإِيمَانِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ النَّارِ إنْ عَاقَبَهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا اكْتَسَبْنَ مِنْ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ «وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا» يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُنَّ يُمْنَعْنَ الرَّاحَةَ بِوُجُودِ رِيحِ الْجَنَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ رَاحَةٌ وَتَنَعُّمٌ وَهُنَّ مَمْنُوعَاتٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ رِيحُ الْجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ يُنْتَفَعُ بِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ مَنْ تَفَضَّلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ يَبْعُدُ عَنْهُ مَنْ حَرَمَهُ مِنْ أَهْلِ مَا جَاءَ فِي إسْبَالِ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ (ص): (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى مَنْ يَجُرُّ إزَارَهُ بَطَرًا» مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ كُلُّهُمْ يُخْبِرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى مَنْ يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ» )
Qالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي إمَّا بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فَلَا يَصِلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوجَدُ مِنْهُ رِيحُهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ يُمْنَعُ إدْرَاكُهُ فَلَا يَجِدُهُ بِأَنْ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَنَالُ فِيهِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يُحْتَمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ فِي حِينِ قِيَامِهِ لِلتَّهَجُّدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَامَ بِمَعْنَى رَآهُ أَوْ أَوْحَى إلَيْهِ فَنَظَرَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ اعْتِبَارًا إنَّمَا يَرَاهُ لَعَلَّهُ امْتَثَلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] وقَوْله تَعَالَى {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغاشية: 18] .
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَاذَا فُتِحَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْخَزَائِنِ» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ فُتِحَ مِنْ خَزَائِنِهَا مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَا قَدَّرَ اللَّهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ إلَى الْأَرْضِ شَيْئًا مِنْهَا إلَّا بَعْدَ فَتْحِ تِلْكَ الْخَزَائِنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ فُتِحَ مِنْ خَزَائِنِ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا هُوَ سَبَبٌ لِلْفِتَنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ فُتِحَ مِنْ خَزَائِنِ الْفِتَنِ فَوَقَعَ بَعْضُ مَا كَانَ فِيهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ أَوْ وَصَلَ إلَى مَوْضِعٍ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْفِتَنُ فِي هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا يُفْتَتَنُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْفِتَنَ الَّتِي حَدَثَتْ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَانْتِهَاكِ الْحُرَمِ وَالْأَمْوَالِ وَإِفْسَادِ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَّةٍ فِي الْآخِرَةِ» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَنْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا مُكْسَيَةً ذَاتَ حَالٍ صَالِحَةٍ وَدُنْيَا وَاسِعَةٍ، وَهِيَ فِي الْآخِرَةِ عَارِيَّةٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا كُسِيَ غَيْرُهَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهَا كَاسِيَةٌ فِي الدُّنْيَا بِلِبَاسِ مَا قَدْ نُهِيَتْ عَنْهُ فَهِيَ تَعْرَى مِنْ أَجْلِهِ فِي الْآخِرَةِ إذَا كُسِيَ غَيْرُهَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ» قَالَ فِي الْمُزَنِيَّةِ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَمَرَ بِإِيقَاظِ نِسَائِهِ لِلصَّلَاةِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَعْنَاهُ أَيْقِظُوا نِسَائِي يَسْمَعْنَ يُرِيدُ مَا ظَهَرَ إلَيْهِ مِنْ وُقُوعِ الْفِتَنِ وَيُحَذِّرُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ فَيَفْزَعْنَ إلَى الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ مِمَّا يُرْجَى أَنَّهُ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْهُنَّ الْفِتَنَ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ فِي أَنْ يَفْزَعَ الْإِنْسَانُ إلَى الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَمَا يَطْرَأُ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأُمُورِ الْمُخَوِّفَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59] وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكُسُوفِ «فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» .
مَا جَاءَ فِي إسْبَالِ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ
(ش): قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ» يُرِيدُ كِبْرًا.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْخُيَلَاءُ الَّذِي يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيِهِ، وَيَخْتَالُ فِيهِ وَيُطِيلُ ثِيَابَهُ بَطَرًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى أَنْ يُطِيلَهَا وَلَوْ اقْتَصَدَ فِي ثِيَابِهِ وَمَشْيِهِ لَكَانَ أَفْضَلَ لَهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 23] .
وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي الْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ، وَقَالَ إنَّهَا لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ» وَمَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَاظُمِ عَلَى (ص): (مَالِكٌ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ «سَأَلْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ الْإِزَارِ فَقَالَ أَنَا أُخْبِرُك بِعِلْمٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ إزَارَةُ الْمُؤْمِنِ إلَى إنْصَافِ سَاقَيْهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا») .
مَا جَاءَ فِي إسْبَالِ الْمَرْأَةِ ثَوْبَهَا (ص): (مَالِكٌ «عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ حِينَ ذَكَرَ الْإِزَارَ فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُرْخِيهِ شِبْرًا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إذَا يَنْكَشِفُ عَنْهَا قَالَ فَذِرَاعًا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ») .
Qأَهْلِ الْكُفْرِ وَالِاسْتِحْقَارِ لَهُمْ وَالتَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِمْ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ» يَقْتَضِي تَعَلُّقَ هَذَا الْحُكْمِ بِمَنْ جَرَّهُ خُيَلَاءَ أَمَّا مَنْ جَرَّهُ لِطُولِ ثَوْبٍ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ أَوْ عُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ الْوَعِيدُ.
وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إزَارِي يَسْتَرْخِي إلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَسْت مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ» وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «خَسَفَتْ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلًا حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ» .
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَيْهِ» مَعْنَى ذَلِكَ لَا يَرْحَمُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] .
(ص): (مَالِكٌ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ «سَأَلْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ الْإِزَارِ فَقَالَ أَنَا أُخْبِرُك بِعِلْمٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ إزَارَةُ الْمُؤْمِنِ إلَى إنْصَافِ سَاقَيْهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا») .
(ش): قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إزَارَةُ الْمُؤْمِنِ إلَى إنْصَافِ سَاقَيْهِ» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ لِبَاسِهِ الْإِزَارَ؛ لِأَنَّهُ يَلْبَسُ لُبْسَ الْمُتَوَاضِعِ الْمُقْتَصِدِ الْمُقْتَصِرِ عَلَى بَعْضِ الْمُبَاحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ الْمَشْرُوعَ لَهُ وَيُبَيِّنُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ» يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَوْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ مُبَاحٌ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ» يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لِبَاسٌ يُوَصِّلُ إلَى النَّارِ وَرَوَى أَصْبَغُ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ» أَذَلِكَ مِنْ الْإِزَارِ فَقَالَ بَلْ مِنْ الرِّجْلَيْنِ قَالَ أَصْبَغُ قَالَ بَعْضُهُمْ مَا ذَنْبٌ لِإِزَارٍ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ مَا غَطَّى تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ سَاقَيْهِ بِالْإِزَارِ يُخْشَى عَلَيْهِ أَنْ تُصِيبَهُ النَّارُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ وَقَالَ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى وَأَصْبَغُ مِثْلَهُ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ لِهَذَا اللِّبَاسِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ إلَى نِصْفِ السَّاقِ وَالْمُبَاحُ أَنْ يَكُونَ إلَى الْكَعْبَيْنِ وَالْمَحْظُورُ مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَفِي الْجُمْلَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ قَصْرُ الثَّوْبِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ الطُّولِ وَالسَّعَةِ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ سَعَةَ الثَّوْبِ فِي نَفْسِهِ وَأَكْرَهُ طُولَهُ عَلَيْهِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الزَّائِدَ عَلَى الطُّولِ الْمُبَاحِ وَالزَّائِدَ عَلَى السَّعَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الثَّوْبُ لِبَقَاءِ الثَّوْبِ وَحِفْظِهِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ يُسْرِعُ تَخَرُّقُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
مَا جَاءَ فِي إسْبَالِ الْمَرْأَةِ ثَوْبَهَا
(ش): قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حِينَ ذَكَرَ الْإِزَارَ يَعْنِي مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ وَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تُرْخِيَ إزَارَهَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ لِتَسْتُرَ بِذَلِكَ قَدَمَيْهَا وَأَسْفَلَ سَاقَيْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَوْرَةٌ مِنْهَا فَقَالَ تُرْخِيهِ شِبْرًا يُرِيدُ تُرْخِيهِ عَلَى الْأَرْضِ شِبْرًا لِيَسْتُرَ قَدَمَيْهَا وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنْ سَاقَيْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ نِسَاءَ الْعَرَبِ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَا جَاءَ فِي الِانْتِعَالِ (ص): (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا») .
(ص): (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ وَلْتَكُنْ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ») .
Qزِيِّهِنَّ خُفٌّ وَلَا جَوْرَبٌ كُنَّ يَلْبَسْنَ النِّعَالَ أَوْ يَمْشِينَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَيَقْتَصِرْنَ مِنْ سَتْرِ أَرْجُلِهِنَّ عَلَى إرْخَاءِ الذَّيْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي إرْخَاءِ الذَّيْلِ شِبْرًا إذَا يَنْكَشِفُ عَنْهَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهَا فِيمَا تَسْتَتِرُ بِهِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيكَ رِجْلَيْهَا لَهُ فِي سُرْعَةِ مَشْيِهَا وَقِصَرِ الذَّيْلِ يَكْشِفُهُ عَنْهَا فَلَمَّا تَبَيَّنَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فَذِرَاعًا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ»، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَبَاحَ مِنْهُ مَا أَبَاحَ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ افْعَلْ وَأَرَادَ بَعْدَ الْحَظْرِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ؛ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ إرْخَاءِ الذَّيْلِ ثُمَّ أَمَرَ الْمَرْأَةَ بِإِسْبَالِ مَا يَسْتُرُهَا مِنْهُ، وَذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتْرُكَ مَا تَسْتَتِرُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
مَا جَاءَ فِي الِانْتِعَالِ
(ش): قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ نَصٌّ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُثْلَةِ وَالْمُفَارَقَةِ لِلْوَقَارِ وَمُشَابَهَةِ زِيِّ الشَّيْطَانِ كَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَهَذَا مَعَ الِاخْتِيَارِ فَأَمَّا مَعَ الضَّرُورَةِ فَذَلِكَ مُبَاحٌ وَمَنْ انْقَطَعَ شِسْعُ إحْدَى نَعْلَيْهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَمْشِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى يُصْلِحَهَا لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيَقِفْ وَبَيَّنَ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا نَعْلَمُهُ أَنَّهُ مَشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَصْلَحَ الْأُخْرَى وَلَا يَثْبُتُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا كَانَتْ تَمْشِي فِي خُفٍّ وَاحِدَةٍ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا لَحُمِلَ عَلَى ضَرُورَةٍ دَعَتْهَا إلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمْشِيَ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ الْمَشْيَ الْخَفِيفَ إذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ وَهُوَ أَنْ يَمْشِيَ فِي إحْدَاهُمَا مُتَشَاغِلًا بِالْإِصْلَاحِ لِلْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ أَنْ يَقِفَ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ حِينَئِذٍ إلَى شَيْءٍ مِمَّا يُنْكَرُ وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ لَهُ الْعَجَلَةَ وَالْإِسْرَاعَ إلَى مَا يُؤْمَنُ فَوْتُهُ فَيَكُونُ عُذْرًا لَهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْحَدِيثُ إنَّمَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمَشْيِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يُصْلِحَ الْأُخْرَى وَقَالَ أَصْبَغُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُطِلْ فَإِنْ طَالَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْيِ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش): قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا انْتَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّيَامُنَ مَشْرُوعٌ فِي ابْتِدَاءِ الْأَعْمَالِ وَاللِّبَاسِ وَأَنَّ التَّيَاسُرَ مَشْرُوعٌ فِي خَلْعِ الْمَلْبُوسِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طَهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَحُّلِهِ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَلْتَكُنْ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ عَلَى مَعْنَى إيثَارِ الْيُمْنَى بِاللُّبْسِ فَتَكُونُ أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ.
(ص): (مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ رَجُلًا نَزَعَ نَعْلَيْهِ فَقَالَ: لِمَ خَلَعْت نَعْلَيْك لَعَلَّك تَأَوَّلْت هَذِهِ الْآيَةَ {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] قَالَ: ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ لِلرَّجُلِ: أَتَدْرِي مَا كَانَتْ نَعْلَا مُوسَى قَالَ مَالِكٌ لَا أَدْرِي مَا أَجَابَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ كَعْبٌ كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ) .
(ش): قَوْلُهُ إنَّ رَجُلًا نَزَعَ نَعْلَيْهِ فَقَالَ لَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لِمَ خَلَعْت نَعْلَيْك عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ لِفِعْلِهِ، أَوْ تَوَقُّعِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ مَمْنُوعٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ خَلْعَ نَعْلَيْهِ لِصَلَاةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَهَا مِنْ دُخُولِ مَسْجِدٍ، أَوْ دُخُولِ حَرَمٍ.
مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ (ص): (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَعَنْ الْمُنَابَذَةِ وَعَنْ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَعَنْ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ») .
(ص): (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْحُلَّةَ فَلَبِسْتهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إذَا قَدِمُوا عَلَيْك فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّه أَكَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْت فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
Qوَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ لَعَلَّك تَأَوَّلْت هَذِهِ الْآيَةَ {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ خَلْعَ نَعْلَيْهِ حَالَ الْجُلُوسِ إيثَارًا لِلُبْسِهِمَا عَلَى كُلِّ الْأَحْوَالِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ فَأَمَّا دُخُولُ الْحَرَمِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالنَّعْلَيْنِ فَمُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وِطَاءَ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا فِيهِمَا تُرَابٌ، أَوْ حَصْبَاءُ وَكَذَلِكَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الطَّوَافِ فِي النَّعْلَيْنِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] يَقُولُ طَأْ الْأَرْضَ بِقَدَمَيْك حَافِيًا قَالَهُ مُجَاهِدٌ فَذَهَبَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ إلَى أَنَّهُ أُمِرَ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ لَمَّا كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ فَأُمِرَ أَنْ لَا يَطَأَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ بِهِمَا لِنَجَاسَتِهِمَا وَبِذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ لَمْ تَكُونَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ أَنْ يُبَاشِرَ بِقَدَمَيْهِ بَرَكَةَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَهِيَ الطَّاهِرَةُ وَقِيلَ الْمُبَارَكَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ كَانَتَا مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَيْضًا أُمِرَ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ وَلِيُبَاشِرَ الْقُدْسَ بِقَدَمَيْهِ فَجَمَعَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ
(ش): نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ الِاحْتِبَاءُ هُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالثَّوْبِ عَلَى حَقْوَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَفَرْجُهُ بَادٍ وَهُوَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ تَرْتَفِقُ فِي جُلُوسِهَا وَالِاحْتِبَاءُ بِالرِّدَاءِ لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ إزَارٌ وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ لِمَنْ احْتَبَى بِثَوْبٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى فَرْجِهِ شَيْءٌ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إبْدَاءِ عَوْرَتِهِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِسَتْرِهَا وَأَمَّا الِاشْتِمَالُ فَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَيُخْرِجَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِئْزَرٌ وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ عِنْدَ الْعَرَبِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا فَأَمَّا إخْرَاجُ الْيَدِ مِنْ الثَّوْبِ فَهُوَ الَّذِي يَتَّقِي مِنْهُ فِيهِ مِنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ اللَّفْظَ فَقَدْ سَمَّاهُ فِي الْحَدِيثِ اشْتِمَالًا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِثَوْبٍ فَيُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ وَلَا يَرْفَعَ مِنْهُ جَانِبًا يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ قَالَ: وَرُبَّمَا اضْطَجَعَ فِيهِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يُصِيبُهُ شَيْءٌ يُرِيدُ الِاحْتِرَاسَ مِنْهُ وَالِاتِّقَاءَ بِيَدَيْهِ فَلَا يَقْدِرُ؛ لِأَنَّهُمَا تَحْتَ ثَوْبِهِ فَهَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ الصَّلَاةِ بَلْ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ وَالِاضْطِبَاعُ أَنْ يُدْخِلَ الثَّوْبَ تَحْتَ يَدِهِ الْيُمْنَى فَيُلْقِيَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ الْيُسْرَى بَدَتْ عَوْرَتُهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَهَذَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِئْزَرٌ فَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَيْهِ مِئْزَرٌ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ، ثُمَّ كَرِهَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَيْسَ بِضَيِّقٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ») .
Q (ش): قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ الْحُلَّةُ ثَوْبَانِ رِدَاءٌ وَإِزَارٌ وَالسِّيَرَاءُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ هُوَ ثَوْبٌ مُسَيَّرٌ فِيهِ خُطُوطٌ تُعْمَلُ مِنْ الْقَزِّ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ السِّيَرَاءُ الضِّلْعُ بِالْحَرِيرِ وَمَعْنَى ذَلِكَ كَثْرَةُ الْحَرِيرِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ جَمِيعُ سَدَاهُ حَرِيرًا وَبَعْضُ لُحْمَتِهِ حَرِيرًا كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ ثُلُثِهِ فَهَذَا الَّذِي يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ السِّيَرَاءَ مَعْنًى يَعُودُ عَلَى اخْتِلَافِ أَلْوَانِهِ وَهَيْئَتِهَا وَأَنَّ الْحُلَّةَ كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ وَلِذَلِكَ رَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُلَّةَ إسْتَبْرَقٍ وَهُوَ غَلِيظُ الْحَرِيرِ وَرَوَى نَافِعٌ حُلَّةَ حَرِيرٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ وَشْيٌ مِنْ حَرِيرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَبِسْتهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَقْتَضِي أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ شُرِعَ فِيهِ التَّجَمُّلُ وَقَوْلُهُ وَلِلْوَفْدِ إذَا قَدِمُوا عَلَيْك يَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ شُرِعَ التَّجَمُّلُ لِلْوَارِدِينَ وَالْوَافِدِينَ فِي الْمَحَافِلِ الَّتِي تَكُونُ لِغَيْرِ آيَةٍ مَخُوفَةٍ كَالزَّلَازِلِ وَالْكُسُوفِ وَعِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى التَّضَرُّعِ وَالرَّغْبَةِ كَالِاسْتِسْقَاءِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّهُ عَلَى مَا دَعَا إلَيْهِ مِنْ التَّجَمُّلِ فِي هَذَيْنِ الْمَوْطِنَيْنِ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ لُبْسَ هَذَا النَّوْعِ فَثَبَتَ أَنَّ التَّجَمُّلَ إنَّمَا شُرِعَ بِالْجَمِيلِ مِنْ الْمُبَاحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَاضِحٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَالْوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى لِبَاسِهِ وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا أَرْسَلَ إلَيْهِ حُلَّةً مِنْهَا كَسَوْتنِيهَا وَقَدْ قُلْت فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْت إشْفَاقًا أَنْ يَكُونَ لَحِقَهُ الْوَعِيدُ بِاللُّبْسِ وَالْوَصْفُ بِأَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَمِثْلُ عُمَرَ عَلَى فَضْلِهِ وَدِينِهِ يُشْفِقُ وَلَعَلَّهُ رَجَا أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ قَدْ نُسِخَ وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي أَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَيْهِ بِهَا لِيَلْبَسَهَا فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَكْسُهُ إيَّاهَا لِيَلْبَسَهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَى كَسَاهُ إذَا أَعْطَاهُ كِسْوَةً