Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

كتاب دفاعاً عن المستضعفين المظلومين
كتاب دفاعاً عن المستضعفين المظلومين
كتاب دفاعاً عن المستضعفين المظلومين
Ebook724 pages5 hours

كتاب دفاعاً عن المستضعفين المظلومين

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تفصح المواضيع المتنوعة بين دفتي كتاب «دفاعاً عن المستضعفين المظلومين» للأستاذ الدكتور مصعب قاسم عزاوي من منشورات درا الأكاديمية للطباعة و النشر و التوزيع في لندن عن نفسها بكونها متسقة يجمعها عنوان عريض هو محوريتها وراهنيتها وإلحاحيتها في أنساق كل حيوات المفقرين المستضعفين المظلومين في أرجاء الأرضين، وخاصة من أبناء المجتمعات الناطقة بلسان الضاد، خاصة وأن جل تلك المواضيع تمس الأسباب المستبطنة في أس معاناة أولئك المظلومين وبؤس حيواتهم، وانغلاق آفاق مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، وهم يجاهدون للبقاء على قيد الحياة، والتي قد تصبح أصعب وأكثر بؤساً في قابل الأيام إن لم يتم الالتفات إلى ضرورة التحام كل من يكابدون عسف تلك الظروف في جهود جمعية لمقارعتها ومحاولة تغييرها بكل الوسائل المتاحة راهناً، أو تلك التي لا بد من اجتراحها بالدأب والصبر والمصابرة والحشد و التنظيم لتغيير مسار التاريخ كما كان في سيرة «الربيع العربي الموؤود»، والذي يستحق اعتباره في حالة هجوع مرحلي بانتظار اللحظة التاريخية الملائمة، والتي يجب العمل بجد من كل حسب قدرته وطاقته وخبرته لأجل تسريع حلولها وعدم تأخرها إلى مرحلة متأخرة بعد أن يسبق السيف العذل، ويصبح من شبه المستحيل إحياء الموات العميم بعد إيغاله في الفناء والاندثار كما هو حال المجتمعات العربية، والكثير من مجتمعات المظلومين المفقرين المنهوبين في القارات المنكوبة بأهوال الاستعمار الاستيطاني سالفاً، والذي لم يرحل إلا شكلياً عنها، والتي تقع جغرافياً في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، والتي الكثير من دولها وخاصة تلك الواقعة على حوض المتوسط في طريقها إلى كارثة بيئية مهولة جراء بلواء تسخن كوكب الأرض، والذي سوف يحول حواضر ومجتمعات بأكملها إلى مجتمعات مقفرة يكاد يستحيل عيش الزرع أو الضرع فيها، عدا عن البشر الذين سوف تتحول حيواتهم إلى جلجلة يومية بحثاً عما يقيتون به فلذات أكبادهم، و هو ما لا يمكن أن تجود به الأرض البور الخراب التي يعيشون بها.


 

Languageالعربية
PublisherPublishdrive
Release dateSep 15, 2022
كتاب دفاعاً عن المستضعفين المظلومين

Read more from مصعب قاسم عزاوي

Related to كتاب دفاعاً عن المستضعفين المظلومين

Related ebooks

Reviews for كتاب دفاعاً عن المستضعفين المظلومين

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    كتاب دفاعاً عن المستضعفين المظلومين - مصعب قاسم عزاوي

    ماذا يفعل الطيارون السوريون في ليبيا؟

    عندما نشرت تقرير القناة الفرنسية الثانية ونشرة إنتلجنس أونلاين القريبة من أجهزة الاستخبارات الفرنسية أنباءً عن وجود طيارين سوريين مرتزقة يقومون بتنفيذ أوامر الإبادة الجماعية التي يقوم بها الطاغية القذافي ضد شعبه الذي لم يطالب بأكثر من حقه في الحرية والكرامة والعيش كسائر البشر على وجه الأرض الذين ينعمون بالأساسيات فقط مما كفلته الشرعة الدولية لحقوق الإنسان بادرنا جميعاً نحن السوريون إلى تكذيب ذلك الخبر واعتبرناه خبراً ملفقاً من أجهزة الاستخبارات الفرنسية على الرغم من عدم وجود أي أسباب مباشرة أو مستبطنة لأي خلافات استخباراتية أو حتى سياسية بين فرنسا ساركوزي والقيادة السورية راهناً ولمعرفتنا شبه المتيقنة بأن الجيش السوري هو جيش وطني وليس تجمعاً من الميليشيات شبه العسكرية التي تستطيع تأجير المرتزقة لمن يدفع لها .

    ولكن الحيرة والذهول أصابا من مقتلاً حينما أكدت قناة الجزيرة تلك الأنباء التي رأيناها ملفقة سابقاً واستقر ذلك الذهول المهول حينما شيعت مدينة السلمية السورية جثمان العقيد الطيار أحمد الغريب في يوم الثامن من آذار للعام 2011 دون أن تصرح قيادة القوى الجوية السورية عن كيفية سقوط طيارته ومكان حدوث ذلك الذي إلى تشظي جثته ومقتله والذي لا أستطيع وصفه بالاستشهاد إن كان قد قتل وهو في صفوف كتائب القذافي الأمنية التي تذبح شعبنا المجاهد في ليبيا الجريحة.

    ولأننا تعلمنا في جميع مراحل دراستنا من الابتدائية وحتى الجامعة بأن هناك ما يدعى ثقافة قومية اشتراكية في سورية تعتقد بأن الوحدة والحرية والاشتراكية هي النواظم المنهجية للخيار الأخلاقي الصائب قبل أن يوسم بأي صبغة أو لون سياسي فإني أدعو القيادة السورية إلى أن تكذب تلك الحقائق بالأفعال الحقة وليس الكلام الخافت الذي بدى للجميع وكأنه كلام النعامة وهي تدفن رأسها وعقلها في التراب، وأن تقوم بما تمليه عليها العقيدة التي يفترض اعتقادها بها والتي تنظر إلى نفسها بأنها الطليعة الثورية العربية التي تناضل لتأصيل الوحدة والحرية والاشتراكية في الوطن العربي وذلك من خلال إرسال الطيارين السوريين إلى مطار بنغازي المحررة للانضمام  إلى الثوار الليبيين هناك وتأمين الغطاء الجوي الملائم لتقدمهم في زحفهم المظفر لتحرير ليبيا الجريحة من طاغيتها وحماية الصدور العارية لأولئك المجاهدين الأباة الذين أذهلوا الصحافة الغربية قبل العربية بمعنوياتهم العالية وإرادتهم الصابرة والمصابرة لتحرير كل التراب الليبي من دنس الطغيان والاستبداد .

    وقد يرد قائل باستهزاء واستخفاف على طرحي البديهي آنفاً والمنطلق من أوليات الفكر القومي التي تم توطينها في عقول المواطنين السوريين البسطاء خلال العقود الخمسة الماضية، بأن السياسة ليست بهذه البساطة وأن إرسال الطائرات السورية إلى ليبيا سوف يترك وطننا السوري الصغير مكشوفاً أمام العدو الصهيوني الغادر إلى ما إلى ذلك من التبريرات الفذة التي قد يجود بها أشباه الرجال في أوقات امتحان الرجال الخلص الصادقين، وهي التي لن يتقبلها العقل الجمعي في سورية لأن مساندة الثوار الليبيين واجب قومي لكل من يتفهم عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي وهم، أي الثوار الليبيون، في الحد الأدنى يجب اعتبارهم في حكم مجاهدي حزب الله اللبناني الذي لم تقصر سورية قيادةً وشعباً في دعمه الكامل خلال عقود والذي سوف يشكل سنداً ملائماً للدفاع عن سورية الأبية في وجه أي عدوان صهيوني غادر عليها حينما يكون طياروها العقائديون يساندون الثوار في ليبيا إلى حين أن يتحول كل مواطن سوري إلى مقاتل ومدافع عن أرضه تماماً كما هم كل مقاتلي حزب الله اللبناني خلال سويعات قليلة إذا ما حانت ساعة المواجهة مع العدو الصهيوني التي طال انتظارها  لما يقارب العقود الأربعة ولكنها لما تأت بعد!

    ولأن حكماء العرب علمونا بأن البعرة تدل على البعير وأثر الأقدام على المسير ولأننا حريصون على أن لا نشعر بالخزي والعار المستديم وأن كل ما زرقت به عقولنا من فكر عقائدي خلال خمسة عقود كان عبارة عن شعارات فقط ليس هناك من يعتقد حقاً بها من حامليها، ولكي لا تخامرنا ظنون الشيطان عن العقيد السوري القتيل أحمد الغريب فلا بد أن تكون الطائرات السورية المقاتلة في صفوف الثوار المجاهدين الليبيين لكي تسجل لها ذاكرة كل المواطنين السوريين ذلك لأن ذاكرة وضمير الشعوب ومهما ظن البعض بأنها سوف تنسى فقد علمنا طوفان الغضب العربي عكس ذلك وأن من جرب المجرب عقله مخرب فقط.

    لندن في 25/03/2011

    سفر الخروج من النفق الاكتئابي

    في كتابه المعنون بعلم النفس الجمعي للفاشية في العام 1933 أشار فيلهم رايخ إلى مفهوم خاص في علم النفس الاجتماعي يمازج إلى درجة التطابق بين التفاعلات النفسية على المستوى الفردي وبين تلك التفاعلات النفسية المتناغمة جراء التآثر الاجتماعي بين أفراد أي كتلة اجتماعية لتشكل ما يمكن تسميته البنية النفسية الجمعيةMass Psychological State ، ويكاد التوصيف الأكثر تبئيراً لتلك البنية النفسية الجمعية يتمركز حول أنها تمثلاً انزياحاً تجاه النموذج الأكثر دفاعية في الأنماط النفسية الفردية التي يشكل تآثرها التفاعلي تلك البنية النفسية الجمعية بالاستناد إلى مبدأ العدوى النفسية الاجتماعية والذي يفسر شعور الفرد بالخوف لدى ذعر الجماعة وشعوره بالشجاعة والإقدام مع الجماعة المنفلتة من عقال الخوف وإن كان لا يستطيع على ذلك في الحالات الاعتيادية.

    وقد يكون الاكتئابDepression إحدى أهم السمات النفسية المرضية التي يسهل حدوث العدوى بها وتتجلى أساساً في تدني الهمة والقدرة على الفعل والرؤية النفقية المظلمة للحياة بحيث تبدو الذات عالقة في البؤس الراهن لها دون القدرة على استبصار المستقبل أو تغيرات الواقع بصورته الكبيرة التي قد تؤدي إلى تغيير ذلك المشهد الداكن راهناً أو حتى التفكر بأدوات الفعل الذاتي التي يمكن من خلالها تغيير الواقع قليلاً أو كثيراً.

    وفيما يخص المواطن العربي خلال العقود الأخيرة وبغض النظر عن التباينات الجزئية غير الجوهرية في منظومة الفضاء الحركي الاجتماعي التي يتعامل معها فقد كان رهيناً لحالة طاغية من انعدام الحرية الاجتماعية والسياسية والفكرية التي أفضت إلى خواء روحي إنساني حتى لدى المقتدرين من الناحية الاقتصادية حيث أن السعادة والرضا النفسيين لا يتم تحقيقهما بالوفرة الاقتصادية كما لازال بعض السياسيين الأميين يظنون في بعض أجزاء الوطن العربي المتشظي.

    وذلك البؤس العربي الجمعي كله كان قد توازى في أحياز كثيرة من الفضاءات الاجتماعية العربية الموضعة بالإفقار المنظم لشرائح واسعة من المجتمع، والذي نال بشكل وحشي منقطع النظير من الطبقات العربية الوسطى وتركها تنحدر على طريقة السقوط الحر دون أي قوة تعاكسه إلى قاع الطبقات المهمشة مما أدى إلى افتقادها ميزتها الأساسية كطبقات وسطى والمتمثلة ببعض الميسورية المادية التي تتيح لها التعليم والتفكير بالمستقبل دون أن تكون لاهثة وراء لقمة الخبز الكافرة من الصباح حتى المساء وطيلة أيام الأسبوع فافتقدت بذلك أهم سمة نفسية تتيح للعقل البشري معالجة الضغوط النفسية من خلال عقلنتها والتفكر بها واستيعابها Assimilation Mechanism وإيجاد حلول ناجعة لها حيث أن الطبقات المفقرة والهامشية لا تمتلك وقتاً لتفكر في شيء ولا تستطيع إلا أن تكبت قهرها ومعاناتها وآلامها دون أن تفكر فيها لأن الكبت هو الوسيلة والأداة النفسية الأكثر بدائية لدى كل بني البشر، وهي الطريق الأكثر سرعة متى أن طفح الكيل في الخزان النفسي الاكتئابي فيما يسميه البعض اللاوعي الإنساني أو كما يسميه آخرون الدماغ القديم أو المتوسط في العقل الإنساني للدخول في متلازمة الاكتئاب وكل ما يستتبعها من وهن نفسي وعقلي وجسدي ورؤية سوداوية منكفئة على ذاتها ولذاتها فقط.

    ولأنه كما ذكرنا بأن الاكتئاب النفسي الفردي يتداخل مع ذلك الآخر الجمعي كوحدة أساسية متآثرة مع غيرها من الوحدات بحيث يتشكل لون رمادي خاص قد يزيد أو يقل في قتامته جراء التغايرات الجزئية والفردية ولكنه يبقى في المآل الأخير لوناً واحداً للمزاج الجمعي للكتلة الاجتماعية في زمان محدد، وبحيث تكون السمة النفسية الطاغية مشخصة في مزاج الغالبية الاكتئابي في ذلك الحوض الاجتماعي  باختلاف أشكاله وتمظهراته الهوسيةManic أو العدوانية Aggressive  أو الفصامية Schizophrenic  أو حتى الانتحارية Suicidal، وذلك المزاج الجمعي هو الذي كان سائداً بالفعل قبيل الحرب العالمية الثانية نظراً للضائقة الاقتصادية العالمية والقسوة المنقطعة النظير التي مارستها الآلة الرأسمالية الغربية في استعباد الإنسان لتعويض خسائرها الرأسمالية والذي تم تكثيفه بشكل جلي في كتابات الوجوديين المؤسسين برغسون وسارتر حتى بدى العالم مختزلاً لديهما في جحيم وجودي لا مخرج منه إلا بالفناء. وبالفعل حقاً كانت الحرب العالمية الثانية هي المخرج الوحيد لتدمير ذلك التوازن السلبي الاكتئابي على مستوى القارة الأوربية أساساً والتي كانت الموطن الأساسي للحرب العالمية الثانية بصرف النظر عن التآثرات الأخرى التي أفرزتها على أفضية جغرافية جمعية أخرى في العالم.

    ولأن التاريخ يكرر نفسه بشكل جدلي معقد كما يحب الفيلسوف الألماني هيغل أن يصفه فإن المزاج النفسي للشعب العربي عشية ربيع الثورات العربية لم يكن من الممكن توصيفه بعبارة أدق من كونه اكتئاباً حقيقياً عميقاً لف الأمة بأسرها من محيطها إلى خليجها فالكل لا يكاد يبصر أفقاً للرضا النفسي الحقيقي لوجوده الاجتماعي المؤطر بحدود القمع والإذلال والتهميش وكم الأفواه والتنكيل وقطع الأرزاق لمن تجرأ أو عارض قليلاً أو كثيراً، وصولاً إلى التكفير والتخوين بأشكاله المختلفة الدينية والسياسية ومن ثم قطع الأعناق البطيء في زنزانات العالم السفلي أو المباشر بسيافي النظم السياسية العربية الأمية ثقافياً والهمجية سياسياً، حتى كان من محصلة ذلك كله عشية ربيع الثورات العربية رؤية نفقية معتمة لدى الكتلة الجمعية العربية تكاد لا تستطيع أن تبصر أي بصيص نور للخروج من ذلك النفق الاكتئابي الجمعي.

    ولكن كما يفعل الأطباء النفسيون عندما يعالجون الاكتئاب العميق التخشبي بالصدمة الكهربائية لتغيير التوازن الكهربائي للدماغ البشري لتمكين المريض من الخروج من نفق الرؤية السوداوية إلى رؤية واقعية ترى الواقع كما هو وتتلمس إمكانيات تغييره والتكيف معه ضمن صورة واسعة ملونة وليست رمادية كما هي في الأطوار الاكتئابية العادية، كان فصل ثورة شباب سيدي بوزيد في تونس الأبية صدمة كهربائية للمزاج الجمعي التونسي أولاً والعربي ثانياً أعادت التوازن النظمي للبنية النفسية الجمعية العربية وقدمت لها علاجاً إسعافياً عنيفاً مكنها من استقراء إمكانياتها في تغيير واقعها وتفاعلها مع تلافيف وأحياز الواقع العياني بكل بؤسه و ذلك المشتهى الممكن بكل مداخله و تعريجاته. ولحسن الحظ العربي فقد كان هناك بقية من الطبقات الوسطى في تونس ومصر ممن عانوا الأمرين للتشبث بتلابيب الدرجات الوسطى في السلم الاقتصادي الاجتماعي وتمكنوا من التقاط تلك اللحظة الاجتماعية النفسية الاستثنائية بكونها طوق نجاتهم الوحيد والأخير للخروج من أسر الحالة الاكتئابية الجمعية.

    ولأن التقاطب النفسي حالة شبه نموذجية في التفاعلات النفسية الطبيعية والمرضية فقد كان الانتقال من المزاج الاكتئابي الجمعي إلى المزاج الشمقي الجمعيMass Euphoria طبيعياً أيضاً فبدأ العقل الجمعي كما جميع العقول الفردية في ذلك الحوض الاجتماعي الذي يتحدث بالعربية بالبحث الدؤوب عن كل إمكانياته وقدراته وطاقاته الكامنة لأجل استنهاض إمكانيات الواقع وتغييره بالسرعة القصوى التي قد تفوق إمكانيات الواقع العياني المشخص، وهو ما قد تجلى في الطموح اليومي في تونس الشمم للانتقال إلى مجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وتكريم حقوق الإنسان  في أيام قليلة وهو ما قد يستعصي إنجازه بالسرعة التي يريدها العقل الشمقي العربي الراهن نظراً لخصوصيات وتعقيدات الإمكانيات القائمة بالفعل في المجتمع التونسي، ولكنه يبقى في جميع الأحوال حالة صحية ومفيدة لكون العقل الجمعي في هذه الحالة سوف يبقى يجاهد ويجتهد لإيجاد أفضل الحلول التكيفية للتعامل مع الواقع بشكل منتج وبناء في المآل الأخير.

    وإن تلك القانونية التفاعلية النفسية التي حكمت الثورة في تونس الشمم تم استنساخها في العقل الجمعي المعذب في مصر جراء الإفقار المتوحش وتحويل الوطن إلى سجن كبير للمفقرين، فكانت الثورة بعزيمة جمعية أذهلت العالم بكل شرائحه وفئاته وعلى رأسهم كل من كان يزعم بأنه  يستطيع تلمس حركة التاريخ الفلسفية وتحليل التفاعلات النفسية الاجتماعية الأكثر تعقيداً.

    وكما كان الأمر في تونس ومصر فإن الدول العربية الأخرى جميعها باختلاف الحدة ودرجة القتامة لا زالت تعاني من نفس الأزمة الجمعية الاكتئابية وهي حتماً وليس اختياراً سوف تستنسخ الصدمة الكهربائية للتجربتين التونسية والمصرية ولن تفلح الأدوات المنهجية التي خلقت ووطدت ذلك المزاج الاكتئابي المستديم المزمن في تأخير وإخماد إوار مخاض الخروج من النفق الاكتئابي للعقل الجمعي العربي لأن تلك الأدوات لم تعد تستطيع إيثاق العقل الجمعي العربي من جديد فهو قد تخلص من مصابه الاكتئابي المزمن وأصبح ينظر بعين وعقل ثاقبين إلى صورة مشرقة وبهيجة لواقعه المأمول الذي سوف يبنيه بعد أن حطم النفق الاكتئابي الذي تساكن معه ردحاً طويلاً بعد صدمة المعالج النفسي العربي الأول الشهيد الحق محمد البوعزيزي.

    لندن في 07/04/2011

    رامي مخلوف واستقرار إسرائيل

    في مقال أنتوني شديد المنشور في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بتاريخ 15/ مايو/ 2011 والذي يمكن الوصول إليه من الرابط التالي:

    http://www.nytimes.com/2011/05/11/world/middleeast/11makhlouf.html?_r=1&hp

    صرح ابن خال الرئيس السوري رامي مخلوف وخازن أموال العائلة الحاكمة في سوريا بأن النظام السوري سوف يقاوم المنتفضين حتى النهاية، وأن البديل عن انتصاره على شعبه المنتفض هو سيطرة الإسلاميين الأصوليين في سورية، وعدم الاستقرار في اسرائيل لأن استقرار تلك الأخيرة مرتبط باستقرار نظام حكم عائلة الأسد في سورية على حد تعبير رامي مخلوف حرفياً.

    وإننا نؤكد بأن هذا الخطاب يمثل تناقضاً صريحاً ومطلقاً مع ادعاءات أبواق النظام السوري وأركانه الذين يحيلون انتفاضة الشعب السوري الي مؤامرات خارجية تحاك ضد النظام الممانع في سورية عقوبة على احتضانه للمقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين، ورفض النظام للتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني.

    وإن هذه التصريحات التي تكشف محاولات النظام البائسة للعب بطريقته الذرائعية المعهودة على أوتار المصالح الدولية للأطراف الفاعلة على الساحة الدولية وخاصة الأمريكية والإسرائيلية  منها، وأساسها تقديم النظام لنفسه بأنه الركيزة الأهم لضمان أمن اسرائيل في حدودها الشمالية التي لم تشهد إطلاق رصاصة واحدة منذ حرب أكتوبر في  العام 1973، وهو العام الذي لم يبذل فيه الطاغية  الأسد الأب جهداً لتحرير الجولان الذي خسره يوم كان وزيرا للدفاع في حزيران 1967  حين أمر بانسحاب  القوات السورية منه  دون أن تحارب العدو الصهيوني خوفاً من أن تحاصرها تلك الأخيرة وبقيت الحال عليه كذلك منذ ذلك التاريخ وحتى الآن.

    كما تؤكد تلك التصريحات بأن كل المزاعم والشعارات التي يسوق النظام السوري نفسه بها ابتداءً من قلعة الصمود والتصدي إلى حصن الممانعة الأخير مروراً بحاضنة وراعية المقاومة ما هي إلا ألاعيب نفاقية لكسب أوراق تفاوضية تستند إلى استغلال الدماء الفلسطينية واللبنانية في حركات المقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين لمصلحة النظام السوري فقط، وقبض مزيد من الأثمان إلي جيوب الطغمة الحاكمة فيه لمنع حركات المقاومة من أن تصل الي الحد الذي يمكن أن تؤثر فيه فعلياً علي الكيان الصهيوني جراء الاختراق الحقيقي والعضوي والشامل عمقاً وسطحاً للمخابرات السورية لتلك الحركات وهو ما أفضى برأي مجموعة كبير من المحللين لمقتل الشهيد عماد مغنية في العاصمة دمشق وهو الذي كان من المفترض أن يحظى بأعلى مستوى من الحماية الأمنية في سورية، ولكن توجب قتله بعد انتهاء دوره في حرب تموز 2006 في لبنان كضربة قاصمة متفق عليها بين المخابرات الصهيونية و الأجهزة الأمنية  في سورية الحاكم الممثل  الفعلي لحكم عائلة الأسد في سورية.

    وإن ثورة 15 آذار في سورية هي ثورة وطنية ديموقراطية شعبية تطالب بالحرية والكرامة للمواطن السوري الذي أنهكه تغول الدولة الأمنية عليه وعلي أحلامه وطموحاته بالعيش الكريم، وهي حركة عمادها الأساسي الشباب السوري المتعلم والواعي والمهمش بنفس الوقت، والذي  سرقت قوته و أمنه الاقتصادي  الآلة المافيوية الاقتصادية التي يديرها رامي مخلوف و نشاطات «الشبيحة» الذين يعملون لصالحه حتى بلغت البطالة في سورية أكثر من 20% من قوة العمل في سورية، وأصبح أكثر من 40% من الشعب السوري يعيشون تحت خط الفقر في وطن تشير جميع الإحصائيات العالمية بأنه الأعلى عربيا في مستوي الناتج القومي نسبة إلى عدد السكان ، وهو الذي لم يشهده المواطن السوري أبداً ولم يستطع أن يحلم به قبل قيام ثورة 15 آذار المظفرة.

    ليس هناك مكان للأصوليين من أي طائفة أو مذهب كانت مكان في ثورة 15 آذار في سورية ولا مكان أيضاً للتمترس الطائفي المنبوذ أو العرقية البائسة فكلنا أبناء هذا الوطن الذي يتسع لكل من يريد العيش فيه بكرامة وحرية. وإن ممارسات النظام البائسة في محاولة تصوير نفسه بأنه ممثل وحامي الطائفة العلوية في سورية هو محاولة لأن يماهي بين فئة مافيوية يمثلها النظام السوري ومرتزقته مع طائفة ينتمي إليها عدد كبير من أبناء هذا الوطن وأعطت الكثير من المناضلين الذين قضوا سنوات طويلة في غياهب سجون النظام المافيوي من أمثال: عارف دليلة وعبد العزيز الخير وفاتح جاموس وأكثم نعيسة وغيرهم. وإن شباب ثورة 15 آذار يعلنون بكل وضوح لا لبس فيه أو مواربة أن لا خلاف أبداً مع أي طائفة أو مذهب في سورية، وإنما التناقض هو فقط مع النظام المافيوي وأزلامه بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية أو المذهبية.

    وإن جميع مكونات الطيف الواسع من أبناء هذا الوطن السوري الكبير بكل إثنياته ومذاهبه  الذي شكل جماهير الثورة السورية الكبرى التي انطلقت في 15 آذار 2011 من أكراد وتركمان وآشوريين وكلدان وسريان وأرمن وعرب وعلويين ودروز ومسيحيين و موارنة وشيعة وسنة يؤمنون  بأن هدف الثورة الأسمى هو بناء وطن ديموقراطي متمدن تكون فيه المواطنة، وسيادة القانون، والتساوي في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص بين جميع أفراده الركيزة الأساسية لبنائه كما هو الحال في جميع الدول المتقدمة أو السائرة في طور التقدم والتي لم تتخلص من ديكتاتورياتها إلا في الماضي القريب من قبيل الديكتاتوريات في أوربا الشرقية وأندونيسيا والبرازيل أو حتى اسبانيا.

    نعم إننا شعب أعطى أول أبجدية في العالم وبنى أبناؤه صروحاً إبداعية وعلمية تفخر بها البشرية، ولكنه لا زال يرزح تحت قبضة القهر والإفقار والذل والتهميش والظلم، ولذلك فإن ثورة 15 آذار في سورية هي استنهاض حق لكل ما في ضمائر ووجدان ومورثات هذا الشعب العظيم ليقوم ويقف وقفة رجل واحد متحضر متمدن عاقل وأبي يقول بلا خوف أو وجل: لا للظلم والاستعباد ونعم فقط لوطن حر يعيش فيه جميع أبنائه أحراراً كرماء.

    لندن في 24/05/2011

    من أجل ائتلاف القوى الشعبية السورية

    عندما صرح فراتيني وزير خارجية إيطاليا في الثالث والعشرين من أيار المنصرم عقب اجتماعه بوزراء الخارجية الأوربيين عن رأيه في عدم وجود معارضة منظمة في سورية والذي استبطن فيها مرتكزات كبرى تعكس المخاض العسير الذي تعيشه قوى الثورة السورية في تشخيص شكلها السياسي والوطني على الصعيد العالمي بشكل يتوازى مع مخاضها الثوري الذي تخوضه مع أدوات نظام ثنوية الفساد والاستبداد في سورية، والتي كثفها فراتيني كما يلي:

    أولاً: يتساءل الكثيرون عن من هم أولئك الذين يعارضون نظام بشار الأسد وهو يعني بشكل صريح عدم تمكن العقل الغربي السياسي الانتهازي من تلمس خطاب سياسي مشخص للثورة السورية يمكن ذلك العقل المغرق في ذرائعيته من حساب الأرباح والخسائر في تعامله مع حقيقة ذلك المتغير السياسي الذي فرض نفسه بقوة الصدور العارية التي تقود الثورة السورية على الأرض.

    ثانياً: يتساءل الكثيرون وهو -أي فراتيني متحدثاً باسم النظام السياسي الغربي الانتهازي- عن تداعيات الأزمة السورية على المنطقة بأسرها، بإشارة ضمنية إلى الحدود الشمالية لإسرائيل التي ضمن النظام السوري استقرارها فعلياً لما يقارب العقود الأربعة وبشكل مطلق لا تشوبه شائبة. وذلك يشير فعلاً إلى حالة الضبابية السياسية الدولية التي بذل النظام السوري كل طاقاته لتخليقها خلال عقود طويلة من عمر ذلك النظام في سورية وتوطيدها مؤخراً من خلال تصريحات عماد الفساد المالي للأسرة الحاكمة في سورية رامي مخلوف والذي ربط جدلياً استقرار وأمن إسرائيل باستقرار حكم عائلة الأسد في سورية.

    ثالثاً: وهي النقطة الأخيرة التي أشار إليها فراتيني والمتمثلة باستفسار البعض عن مصالح إيران في المنطقة. وهو يعني وفق العقل السياسي الغربي الذي يعمل وفق منهجية التشبيكات السياسية والإقليمية إلى العلاقة العضوية بين النظام السوري وإيران وتداعي انفصام عرى تلك العلاقة على الأوراق التي يلعب بها النظامان الشموليان وخاصة في العراق مستودع ومورد الطاقة المجاني للغرب منذ سقوط بغداد، وفي جنوب لبنان الذي يمثل استطالة سياسية وعسكرية للنظام الإيراني قادرة على تهديد أمن إسرائيل في حال تلقت أوامر من تأتمر بأمره.

    كما أن الواقع الثوري السوري على الأرض يشكل ملحمة من الجلجلة الثورية التي يكابدها الشعب السوري البسيط في مواجهة آلة قمعية ترسخت قدرتها التهشيمية للمجتمع سواء من الناحية الكمية أو الكيفية خلال عقود طويلة تم فيها الاستعاضة عن كل مرتكزات الدولة الطبيعية بأدوات الدولة الأمنية والتي لم تستطيع إلا أن تخرج ماردها الأمني المسخ من أقبية العالم السفلي في الفروع الأمنية التي يستعصي عدها أو إحصاؤها في سورية لتقوم بمواجهة التحرك الثوري في الشارع السوري بكل ما أوتي ذلك المارد الأمني من قوة وبطش صرفين بتغطية شعبية زائفة من مليشيات مافيا الأسرة الحاكمة في سورية التي كانت تعنى لعقود طويلة بإدارة كل الأنشطة اللاشرعية في سورية من اتجار بالمخدرات والرقيق الأبيض والتهريب قبل الثورة والتي يسميها الشعب السوري بالشبيحة، ومجموعة من خبراء التزويق الإعلامي للفساد والذي يسمون في أدبيات الثورة الشعبية السورية المعاصرة بالشبيحة الإعلاميين، وهم نفسهم الذين سماهم المعلم عبد الرحمن الكواكبي بالمتمجدين للمستبد في كتابة طبائع الاستبداد. وإذا أضفنا إلى تلك الجلجلة الثورية معطىً آخر هو هشاشة وتداعي المعارضة السورية الوطنية الديمقراطية ممثلة بكل التشكيلات السياسية التي كونت التجمع الوطني الديمقراطي في سورية والشخصيات الوطنية المعارضة الرديفة له جراء ما تعرضت له من قمع وتنكيل وحشي عميق ومنظم من الأجهزة الأمنية السورية خلال عقود أربعة جعلت من جميع مكوناتها البشرية عليلة بالمعنى الجسدي الفيزيولوجي إذا كتب لأي منها البقاء ولم يسجل على لائحة المفقودين اللامتناهية في أشجانها وتعقيداتها في سورية الأسيرة المعاصرة.

    وإن تموضع الجيش السوري ومفاصله الأساسية متمثلة في جميع قيادات ألويته وفرقه وكتائبه والجهاز الأمني الذي يراقب حسن سلوكها وأنفاس قادتها ودقات قلوبهم في يد العائلة الحاكمة في سورية ومن التحق بها بالاستناد إلى ولاءات ما قبل وطنية همجية أدى إلى تعسر المخاض الثوري السوري ووضعه في مواجهة تحديات كبرى على المستوى الاستراتيجي يرتبط تحقيقها أو الاجتهاد في تحقيقها بالحد الأدنى بعيوشية الثورة في سورية وقدرتها على الخروج من مخاضها بوطن ديمقراطي مدني يتساوى فيه جميع أبنائه في الحقوق والواجبات.

    ولكي تتمكن الثورة الشعبية في سورية من تشخيص ذاتها بشكل عياني ملموس يزيل الغشاوة التي تحدث عنها بلسان السياسة الغربية الانتهازية فراتيني واستفاد ويستفيد منها النظام السوري بكل ما أوتي من قوة وخبث سياسي إلى هذه اللحظة، بالإضافة إلى تبئير الجهود الجمعية الثورية وتوجيه طاقاتها النضالية وفق منهجية فاعلة تستند إلى أولوية تحقيق الأهداف التكتيكية التي يعاد نظمها وفق حركية ومساق الثورة اليومي واللحظي في الشارع السوري ضمن فضاء من الثوابت الإستراتيجية المنهجية التي تعيد تصويب وصيانة التكتيكات النضالية وشحذها بالمنهج والفعل الثوري معاً. ولأن الوحدة هي النقيض الفعلي لإرادة السلطة الاستبدادية في سورية التي دأبت على تهشيم المجتمع وتذريته وخلق عناصر التنافر والتناحر والتقاطب بين كل شرائح وتكوينات المجتمع السوري عمودياً وأفقياً كان لابد من تقديم مقترح لتأسيس ائتلاف القوى الشعبية السورية يتمحور حول المرتكزين المنهجيين التاليين:

    أولاً: الأسباب الموضوعية

    تشكيل ائتلاف عريض يقوم بتشخيص عياني واضح لأهداف ومرتكزات ثورة 15 آذار في سورية، والتي تشكل قواسم مشتركة بين جميع حوامل الثورة السورية، وفق منهج وظيفي يستند إلى عمل الإتلاف كمرآة تستنبط محتواها من خلال عكس إرادة الشارع السوري في صيرورته الثورية، لتقوم ببث تلك الإرادة بشكل مكثف للعالم الخارجي ابتداءً من المستوى المحلي وصولاً إلى العالمي، ومن ثم إعادة نظم ملاحقة تلك المرآة لحركة لشارع السوري بشكل جدلي وتناغمي تقوده إرادة الشارع ذاتها. فيكون الإتلاف جزءاً ملتحماً بإرادة الشارع الثوري ومسخراً لتشخيصها عيانياً والعمل بما تمليه تلك الإرادة دون أن يكون بأي حال من الأحوال قائداً أو وصياً عليها. 

    تشكيل حلقة وصل تفاعلية وديناميكية بين كافة حوامل الثورة السورية الاجتماعية والسياسية والفكرية والشخصية للربط بين الاستراتيجي والتكتيكي لحركية الثورة السورية على المستويات الإعلامية والفكرية والسياسية.

    ضرورة تقديم ناطقين مفوضين باسم حوامل الثورة السورية ممثلة بائتلاف القوى الشعبية السورية استنارة بتجربة ائتلاف قوى 25 يناير في صيرورة الثورة المصرية لضمان التواصل المكثف والمتناغم على المستوى الإعلامي العربي والعالمي بشكل يُفَوِت عناصر التفارق والذاتية والطفولية السياسية في الخطاب الإعلامي للثورة.

    ضرورة رسم تصور واضح لشكل المجتمع السوري الذي تهدف إليه الثورة السورية على المستوى الداخلي والإقليمي والعالمي وبالسرعة القصوى.

    ثانياً: المرتكزات الاستراتيجية

    النضال المطلبي اللاإيديولوجي: والمتمثل بالعمل التكاملي والتكافلي لأجل نقل سورية من حقبة النظام الشمولي الاستبدادي إلى مرحلة المجتمع الديمقراطي المدني الحر دون استبطان أي أهداف إيديولوجية.

    اللاعنف: والذي يشكل المرتكز الأساسي لجميع حوامل الثورة السورية بطيفه الواسع المتمثل بكافة أشكال الاحتجاج السلمي المدني وصولاً إلى العصيان المدني العام.

    الوحدة الوطنية الحقيقية: متمثلة في تساوي كافة المواطنين بالحقوق والواجبات بغض النظر عن أي اعتبار إثني أو طائفي أو مذهبي. وإن كل ممارسات النظام الشوفينية ضد بعض الإثنيات هي ممارسات تستند إلى منهجية إيديولوجية متطرفة وسلوكية سياسية تهدف إلى تأسيس التناحر في المجتمع وتبرير تسلط الأجهزة الأمنية عليه.

    اللاطائفية: إن جميع طوائف ومذاهب أبناء المجتمع السوري هي جزء من ثراء وغنى المجتمع السوري. وإن محاولة النظام السوري لجر المجتمع السوري عنوة إلى الاستقطاب الطائفي من خلال ممارساته التي يقوم بها في مناطق التداخل الطائفي هي محاولة لأن يماهي بين التشكيل المافيوي المتمثل بالسلطة في سورية وأذنابها وبين مرجعيات وتكتلات طائفية بعينها في سورية، وهو محاولة هروب باتجاه الأمام تستند إلى رؤية تحويل سورية إلى لبنان الحرب الأهلية كأحد المخارج التي قد يضطر النظام إلى الالتجاء إليها في حال استمرار تضيق الخناق عليه على المستوى الداخلي والعالمي.

    الديمقراطية: مجسدة بمفاهيم الاقتراع الحر وحرية التعبير والاعتقاد بمختلف أشكاله واحترام حقوق الإنسان تشكل حجر الزاوية في المجتمع السوري الجديد الذي قامت الثورة السورية من أجله.

    الاستقلال المطلق: والمعرف بأن لا تدين أي من حوامل الثورة السورية بمختلف أطيافها إلا بالولاء للوطن السوري الواحد، وعدم بالدخول في أي ارتهانات سياسية أو مالية لأي جهة خارجية سياسية كانت أو غير ذلك وتحت أي مبرر كان.

    التعاون مع المنظمات الحقوقية السورية والعربية والدولية: ممثلة بجميع منظمات حقوق الإنسان التي أثبتت انحيازاً حقيقياً لحقوق الشعب السوري في الحرية والديمقراطية.

    توحيد الطاقات: وذلك لجميع الشخصيات السياسية والفكرية والأدبية والإبداعية والحقوقية السورية والمتعاطفة مع المخاض التحرري في سورية من الأشقاء العرب الذين يعمل كل منهم منفرداً في الوقت الراهن في إطار محاولات اجتهادية فردية لدعم الثورة السورية كل على طريقته، ضمن إطار تشاوري دائم ومستمر من خلال لجنة تنسيق دائمة مسؤولة عن التشاور المستمر الأفقي والعمودي بين مكونات ائتلاف القوى الشعبية السورية لإطلاق المبادرات الشخصية بشكل جماعي بعد الاتفاق الجماعي عليها.

    لا تفاضل في حق الثورة بين جميع السوريين: متمثلاً في مبدأ مرهف يفصح عن نفسه بمقولة أنه لجميع أبناء الوطن السوري في الداخل أو الخارج، ومنهم جميع أولئك المنفيين قسراً أو طوعاً خارج الوطن، حق المساهمة بالثورة من كل بما يستطيع عليه، دون الوقوع في شرك التخوين أو التقصير أو التقزيم لكل جهد مهما صغر أو تواضع في دعم الثورة التي يقودها الشارع السوري في كل جنبات الوطن وينخرط في ركابها كل من يؤمن بانتمائه إلى الوطن السوري سواء كان في داخله أم مغترباً عنه مكانياً فقط.

    وفي الختام لابد من التأكيد على أن الشارع السوري المنتفض هو سيد الفعل الثوري وصانعه، وأن جميع مكونات ائتلاف القوى الشعبية السورية تشكل جزءاً طبيعياً من المجتمع السوري المنتفض يعمل بكل طاقاته ووجدانه لخدمة أبناء سورية الذين يقاومون أعتى أشكال العسف والاستبداد بصدورهم العارية وقلوبهم المؤمنة بأن التضحية لتحرر الوطن من الطغمة المستبدة به واجب على كل قادر عليه لكي يكون هناك متسع لحياة كريمة وعادلة لأبنائنا الذين لا نريد لهم أن يعيشوا كما عشنا حتى هرمنا إما مغيبين في أقبية العالم السفلي الأمنية أو أسرى أذلاء مقهورين صامتين في سجن كبير يقع في شرق المتوسط يدعى سورية.

    لندن في 13/06/2011

    المأساة السورية والإعلام الغربي

    يستطيع المتابع المدقق أن يرى الخفوت شبه المطلق لذكر كل ما يرتبط بالفاجعة السورية  في الإعلام الغربي، إلا باستثناء تغطيات اختزالية يخالطها دائماً تقطير مريب لمأساة  الشعب السوري لتُرى من زاوية منحرفة بكونها اقتتالاً بين مجموعات من الشياطين بألوان داعشية و أخرى أسدية ليس لاندثار أي منهم قيمة تستحق النظر بها سوى أنها حفنة من الإحصائيات الأرقام، و حفنة من الأخبار الهامشية في الزوايا المعتمة من أحياز الإعلام الغربي تتعلق بالتحركات الدبلوماسية الغربية حول المسألة السورية والتي تبدو وكأنها من منطلق الحفاظ على الحد الأدنى من الموضوعية أمام المتابعين والمدققين، ودون الدخول في أي تفاصيل حقيقية تمس جوهر المأساة السورية والمعاناة المهولة التي يعيشها الإنسان السوري. والتي بتغطيتها الموضوعية والحقة والشفيفة يمكن تحريك الرأي العام في الدول الغربية ليلزم حكوماته بالتحرك العياني المشخص وفعل ما هي قادرة على فعله إن شاءت وتجاوزت حالة الرياء المزمن منذ انطلاقة الثورة السورية، وهي لا زالت تتلطى بحجة الفيتو الروسي المعطل الذي استمرأته دائماً، وجعلها تظهر بأنها لا حول لها ولا قوة إلا بعد زوال ذلك الأخير، وهو الذي لن يزول إلا باتفاق مضمر بين كل الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية وهو ما يبدو بعيد المنال في ضوء التوازنات السياسية الدولية الراهنة. فكانت تلك الحلقة المفرغة التي شكلت طوق النجاة للساسة الغربيين القادرين على الفعل حقاً يعززها تثيبت لذلك الواقع من خلال قوانين لعبة الإعلام الغربي المصمت فيما يخص الجلجلة التي يكابدها عمودياً وأفقياً كل أبناء الوطن السوري المزيق بكل فئاتهم وطبقاتهم وشرائحهم.

    وفي ذلك السياق يظهر العامل الذاتي بكينونته

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1