Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الفن وأشكال السلطة
الفن وأشكال السلطة
الفن وأشكال السلطة
Ebook177 pages1 hour

الفن وأشكال السلطة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الفن وأشكال السلطة كتاب يجمع عدداً من المقالات المنشورة وغير المنشورة التي تركّز على الصلة الوثيقة بين الفنّ والسلطة في أشكالها المختلفة اغترابا وتحرّرا، وهو يحاول تطوير الفكرة الإيجابيّة للتمرّد والصمود والمقاومة من إضاءات مختلفة والتي تنتجها الفنون بقدرتها على تحفيز التقبّل النشيط والمؤسس للمعنى المستقبلي. 

Languageالعربية
Publishertevoi
Release dateSep 6, 2022
ISBN9789938230611
الفن وأشكال السلطة

Related to الفن وأشكال السلطة

Related ebooks

Reviews for الفن وأشكال السلطة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الفن وأشكال السلطة - رشيدة التريكي

    د. رشيدة التريكي

    الفن وأشكال السلطة

    ترجمة

    د. فتحي التّريكي

    L’art et les formes du pouvoir

    Rachida Triki

    تأليف

    د. رشيدة التريكي

    مدير النشر عماد العزّالي

    التصميم ناصر بن ناصر

    صورة الغلاف

    جميع الحقوق محفوظة للفنان سليم بن الشيخ

    الترقيم الدولي للكتاب 978-9938-23-061-1

    جميع الحقوق محفوظة

    الطبعة الأولى

    1443 هـ / 2022 م

    العنوان: 5 شارع شطرانة 2073 برج الوزير أريانة - الجمهورية التونسية

    الهاتف : 58563568 +216

    الموقع الإلكتروني : www.tunisian-books.com

    البـريد الإلكتروني : medi.publishers@gnet.tn

    ننشر هذا الكتاب تزامنا مع انطلاق أعمال كرسي الإيسيسكو

    بالقصر السعيد - قصر الثقافة والآداب والفنون بباردو - تونس

    تحذير

    المؤلّف هو المسؤول وحده عن اختيار محتويات هذا الكتاب وعرضه وعن الآراء الواردة فيه والتي لا تعبّر بالضرورة عن آراء منظّمة الأيسيسكو ولا تلزمها.

    « L’auteur est responsable du choix et de la présentation des contenus de cette publication et des opinions qui y sont exprimées, lesquelles ne sont pas nécessairement conformes à celles de L’ICESCO et n'engagent pas l'Organisation »;

    المقدمة

    ليس ثمّة شكّ أنّ الثورات الشكليّة في الفنون تعمل بطريقة ملموسة لتغيير أنماط الإحساس والرّؤية فتولّد رغبات تحرّريّة في مواجهة المواقف الدّغمائيّة والقمعيّة. ذلك لأنّ الإبداع ليس إنتاجا بسيطا أو فعلا يتعارض مع شبكة ممارسات أخرى. فهو في كلّ مراحله زمنيّة واضحة ونعني ما به تتغيّر الكينونة فتنتج في أعقاب ذلك تصوّرات جديدة. فليس هذا التغيير اختلافا جذريّا بل انتقالا إلى المعاني الجديدة إثراء للكائن الذي سيحدث في عمليّة الإبداع الفني ذاتها. فالممارسات الفنّية قادرة على إثارة صمود نقدي لأشكال الإجماع المختلفة والتي صاغتها الترتيبات والعادات الثقافيّة والمؤسّساتيّة المهيمنة، وذلك لأنّ لهذه الممارسات الفنّية قدرة التأثير، وهي تستوجب جسدا يحسّ وفي الآن يكون محسوسا حسب تعبير الفيلسوف الفرنسي مرلو بونتي1. فلبعض الأعمال الفنّية قدرة واضحة على إضفاء المعنى الذي يمتحن عمليّة تسوية الإبداع، فهي تعمل بكثافة لتصبح نظام صمود ومقاومة توحيد السلوك والإنتاج مما يثير الرغبة في العيش بشكل مختلف.

    هكذا يكون التفكير في الممارسات الفنية المرتبطة بالمؤسّسة أو بالسلطة تفكيرا في حركيّة مخالفة ومغايرة تلك التي تشجّع على التساؤل بواسطة المؤثرات الجماليّة عن علاقتنا بالعالم. فمن الواضح إذن أنّ هذا الموقف الاختلافي قد طالبت به حركات الفنّ المعاصر التي أعطت مساحة أوسع للمعنى الحقيقي الخاص بالعمل الفني ليشمل مسارات وأفعالا ذات دلالات أخلاقيّة واجتماعيّة وسياسيّة.

    يجب في رأيي أن تؤخذ الفنون اليوم في اختلافها العام مع فكرة الفن كما كانت من قبل ونعني الفن الكبير. علينا إذن أن نقتصر في تحديدنا لمفهوم الفن على المعنى اللاتيني الأصلي، حيث أنّ كلمة «ars» تعني «نمط الوجود» و«طريقة التصرّف»، ويمكننا أن نضيف مفهوم «طريقة التفكير» الذي قد يشمل في امتداده «تشكيل نمط للتفكير» أو التفكير في حدّ ذاته. هكذايتحدد هذا المعنى في مجال الإجراءات الفنيّة التي يمكن تعريفها بصفة واسعة على أنّها مجال سياسي بالمعنى الأصلي للكلمة الذي نجده في الكلمة الإغريقية Polis والتي تشير إلى الأعمال التجارية والمدنيّة وهو استقراء للعيش معا. وبذلك يأخذ المصطلح المعاصر لكلمة فن معناه الكامل.

    فماذا يعني «أن تكون معاصرا»؟ لابدّ من التأكيد أنّ ذلك لايعني أن تعيش زمنك حسب نظام المجموعة وقيمها وتراتيبها المشتركة والمتقاسمة بين الجميع وعلى نطاق واسع. ربّما ينبغي أن نفكّر في هذا المعنى من حيث أنّه يتعلّق بظاهرة الخلق والإبداع وبما هو أوّلي في أفعال الفنون وآلياتها. وذلك ما يجعلنا نشعر بحيويّة الوقت الحاضر فيجعلنا معاصرين لا من خلال الأمر الواقع بل من خلال ما سيأتي وما سيتمّ إبداعه. وكما سنوضّح ذلك، «أن تصبح معاصرا» ذلك يتطلّب إبداع أنماط للشعور والحياة والتفكير مختلفة وجديدة، وأن تصمد أمام المجموعة واتفاقاتها وأمام أنماط الهويّة الثابتة والرّاسخة. والمعاصرة هي أيضا إنشاء آنيّة تبتعد عن العادات وتتجسّد في أفق التقاسم المستمرّ والمحيّن دائما. وبذلك سيكون رهان المعاصرة في خلق الممكن بكلّ الوسائط الحاليّة. وهكذا سيشكّل الإبداع الفني هامشا للحرّية للابتعاد عن التقيّدات المختلفة ولفهم الحاضر في تنوّعه وتعقّداته. وسيمكّننا من تحريك تجربة العلاقات الاجتماعيّة لتعزيز بروز المواطنة النشيطة.لهذا يمكننا القول بأنّ أحد أشكال التفكير في هيكل الفن المعاصر يتمثّل في تحفيز الأفراد على التواصل الاجتماعي في أماكن الحياة العامة. وهو على كلّ حال ينطوي ضمن أطروحة أنّ المجتمع المدني ينظّم نفسه داخل هياكل النظام الديمقراطي، ويميّز نفسه عنها في ذات الوقت. فهو يكوّن أشكالا من الاجتماعيّة البديلة ومن الإبداعات المختلفة لفضاءات التحرّر الجديدة التي تشارك في المزيد من الديمقراطيّة وتضيف إلى الوجود مريدا من المعنى.

    ولنا أن نؤكّد أنّ الهدف من «الفنّ العلائقي» هو تأسيس هذا النوع من الاجتماعيّة، إذ لديها وسيلة تتمثّل في مجموعة من الممارسات التشاركيّة التي تشكّل شبكة من العلاقات ومن المعاني المناسبة بين الفنّانين والجمهور. وفي هذا الصدد نركّز على «تجربة العلاقة الاجتماعيّة» التي تتجسّد في الممارسات الفنّية. وغالبا ما يكون ذلك في منظومات وأدوات يصبح فيها المشاهد فنّانا مبدعا. فربط هذا المعطى الفني مع فكرة العلاقات الاجتماعيّة ذو تأثير مباشر في إعادة استثمار ينابيع الإبداع بطريقة واضحة للابتعاد عن العادات الاجتماعيّة والثقافيّة. وقد يؤدّي تجديد السلوك هذا في مواجهة مواقف معيّنة إلى أنماط تحرّريّة للتذويت2 وإلى تجديد القيم من أجل العيش معا المنفتح على الاختلاف والتنوّع. يحدث ذلك عندما يكوّن الفنّانون المبدعون روابط بينهم ويخلقون معا أشكالا جديدة ممكنة ضمن النظام الثقافي للانتماء أحيانا وأحيانا أخرى حسب قاعدة الاختلاف والتنوع، ولكن دائما من خلال الانعطافات التي يسكنها الخيال المبدع. ذلك هو السبب الذي يجعل اختزال الإبداع في فعل منعزل غير ممكن. فللإبداع بعد أخلاقي وجمالي قادر على إعادة تنشيط العلاقات الاجتماعيّة. وهو من وجهة نظر أخلاقيّة إيثيقيّة تقاسم للقيم التي تعيد في كلّ مرّة تشكيل نمط حياتنا وآفاق مستقبلنا. ففي عملها يمكن مقارنة الأعمال الفنّية الإبداعيّة بأساليب الصمود والمقاومة. والملاحظ أنّ هذه المسألة في الصمود بواسطة الخلق والإبداع التي اعتمدها جيل دولوز كما عمل بها فوكو في إجراءات أخرى مغايرة تتحدّد ضمن مجال السلطة البيولوجيّة وبتقنيات السلطة المضادة التي تولّدها.

    والحقيقة أنّ ذلك هو مسألة عمل أدنى للسياسي في النسيج الاجتماعي الذي يعمل من حيث هو ثقافة نقديّة عن طريق تفكيك المجال3والتشويش وقلب الأوضاع. وقد وصفه جيل دولوز بأنّه «آلة مجرّدة للتبدّل» تعمل بخطوط الاستهراب لصيرورة أخرى بتدفّقات تواجه سلطات متناثرة. وفقا لما أكّده ميشال فوكو فإنّ هذه السلط الصغيرة الموزّعة داخل مؤسسات مختلفة هي «بؤر عدم استقرار» قد تحدث قوى تمرّديّة مضادة.

    ولا نشكّ أنّ فلسفة ميشال فوكو ولا سيّما في كتابه عن العقاب4 تبيّن أنّه خلف آليات الدولة الأيديولوجيّة أو بجانبها هناك أجهزة تعيد تنظيم السلطات باستخدام تقنيات صغيرة ودقيقة ذلك ما يسمّيه ميشال فوكو «الميكروفيزيا للسلطة» وهي تقنيات صامتة أو مجموعة من «الأدوات الصغيرة» التي نجدها في مجالات التعليم وفي المستشفيات والمخابر وبالتالي في حياة الناس اليوميّة.

    فهذه الميكروفيزيا التي يمكن أن تكون اختراعا للسلطة المضادة تسمح بخط تمرّدي يعيد تنشيط الطبقة التحتيّة الحيويّة لمجتمع معيّن من خلال تكتيكات متعدّدة مثل السخرية والتهكّم والكتابة على الجدران أو التعرّي ذي التوجّه اللعبي أو الأداءات الفنّية. وهذا في نظرنا سبب من الأسباب التي تجعلنا لا نفكّر في السلطة بصفتها مبدأ الهيمنة ولكن كترتيب لعلاقات السلطة التي تعمل بطريقة معقّدة مسيطرة على الأفراد أو المجموعات بممارسات ثقافيّة واجتماعيّة تتعلّق بأنماط تمثّلاتنا5 وتدبير حياتنا. كلّ ذلك يمثّل تمظهرات

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1