Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الذاكرة و المصير
الذاكرة و المصير
الذاكرة و المصير
Ebook284 pages2 hours

الذاكرة و المصير

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعد كتاب "الذاكرة والمصير" كتاب جديد في أسلوبه، متميز في منهجيته، وإضافة معرفية نوعية نظراً لما يقدمه من رؤى وأفكار، ومن خلاله سيدرك القارئ أن زمن الفيلسوف الذي يعيش في البرج العالي قد ولّى، وهذا زمن جديد قد حل حيث لا وجود للفلسفة والفيلسوف إلا في معترك الحياة اليومية.


وفي هذا الكتاب كما يقول مؤلفه (سيجد القارئ نوعاً من التقاطع بين الذكريات والمذكرات والسيرة الذاتيّة دون الالتزام بقواعد السيرة الذاتيّة وشروط سرد الذكريات ومتطلبات الكشف عن المذكرات...ليس ذلك بسبب عسر كشف الذات أو نتيجة تضخيمها...إنّما ليكون هذا التقاطع مؤشراً على موضوعيّة التّمشي وصدق المبتغى، فسرد مسيرتي الذاتية يتطلب تداخلا بين هذه الأجناس وبين أدبيّات أخرى كالرواية والتاريخ والفلسفة لذلك لم أتوخّ السرد فقط بل استعملت التفكير الفلسفي أحياناً والتحقّق التاريخي أحياناً أخرى كما استعدت زمن البدايات واستشرفت زمن المصير كاشفا ميولاتي وقناعاتي معلنا نجاحاتي وخيباتي مستحضرا صداقاتي وخصوماتي).

Languageالعربية
Publishertevoi
Release dateJul 30, 2022
ISBN9789938230383
الذاكرة و المصير

Related to الذاكرة و المصير

Related ebooks

Reviews for الذاكرة و المصير

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الذاكرة و المصير - فتحي التريكي 23049

    الذاكرة_والمصير_-_غلاف3.jpg

    فتحي التريكي

    الذاكرة والمصير

    محطّات في سيرتي الذاتية

    العنوان: 5 شارع شطرانة 2073 برج الوزير أريانة - الجمهورية التونسية

    الهاتف: 58563568 +216

    الموقع الإلكتروني: www.mediterraneanpub.com

    البـريد الإلكتروني: medi.publishers@gnet.tn

    تأليف

    فتحي التريكي

    مدير النشر عماد العزّالي

    التصميم ناصر بن ناصر

    الترقيم الدولي للكتاب 978-9938-23-038-3

    جميع الحقوق محفوظة

    الطبعة الأولى

    1441 هـ / 2020 م

    الإهـــداء

    إلى أحفادي

    هادي وسامي وبهاء الدين

    تطلّبت كتابة هذه المسيرة الحياتية مجهودات كبيرة ومضنيّة. حاولت أن أكون صريحا ودقيقا دون أن أتناول قضايا حميميّة وأسرارا تهمّني شخصيّا أو تهمّ أصدقاء ذكرتهم بالأسماء. كذالك تحدّثت بإسهاب وموضوعيّة عن المظالم التي تعرّضت إليها عائلتي في عهد الحكم البورقيبي الذي كان حكما دكتاتوريّا بالأساس. ولكنّ ذلك لا ينفي أن يكون بورقيبة هو زعيم تونس الأوّل الذي قادها نحو التحدبث والتنوير...

    أريد أن أشكر كلّ الذين قدّموا لي المساعدة في تحرير الكتاب بالنصح أو بتدقيق بعض الأحداث أو بقراءة المخطوط ونقده وإصلاح بعض أخطائه وأذكر خاصّة زوجتي رشيدة وابنتي ليلى وابني فارس والزملاء والأصدقاء سرحان ذويب وعمر أزراج وعماد العزالي...

    أنا الآن: عضو قار بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون، أكاديمية بيت الحكمة والمنسّق المؤسس مع بعض الزملاء لمعهد تونس للفلسفة بوزارة الشؤون الثقافية وصاحب كرسي اليونسكو للفلسفة بالعالم العربي وأستاذ مميّز بجامعة تونس...

    أنا أيضا مدير سلسلة فلسفة العيش المشترك بدار النشر الألمانية والسويسرية بيتر لانج Peter Lang, Frankfurt ومدير سلسلة آفاق تثاقفية بدار النشر لارماتون بباريس و مدير سلسلة حداثات بدار الكلمة تونس.

    تقديم عمر أزراج

    د. فتحي التريكي: المفهوم الفلسفي

    هو ابن التاريخ والحياة

    قرأت بشغف وبقلب معبأ بالفرح كتاب «الذاكرة والمصير: محطات في سيرتي الذاتية» لصديقي المفكر التونسي فتحي التريكي. أريد أن أسجل هذه الكلمة القصيرة في شكل تحية لهذا المفكر التونسي البارز الذي استطاع أن يساهم في بناء الفكر الحر والديمقراطي في فضائنا الممتد من المحيط إلى الخليج من خلال مؤلفاته الكثيرة، وتدريسه للفلسفة لأجيال طلابنا وطالباتنا، ونشاطه الفلسفي في إطار فعاليات كرسي اليونسكو للفلسفة الذي يشغله على مدى سنوات طويلة بنجاح واقتدار، فضلا عن إلقاء المحاضرات في الجامعات والندوات مغاربيا وعربيا ودوليا. سأتوقف عند نقاط قليلة وأترك الفرصة للقراء لكي يكتشفوا بأنفسهم العوالم الغنية والمركبة التي شكلت معمار التجربة الفكرية، والشخصية القاعدية في بعدها الإنساني للمفكر فتحي التريكي.

    تعود علاقتي بصديقي المفكر التونسي فتحي التريكي، على المستويين الشخصي والفكري، إلى سنوات عديدة تتجاوز عقدا ونصف عقد من الزمان، أول إنسان جمعني به هو صديقنا المشترك الشاعر التونسي الراحل محمد الصغير أولاد أحمد الذي كان لي بمثابة شجرة ذات الظلال.

    لا أتذكر تماما عنوان وإسم مكان لقائنا الأول ولكن صرت مع الوقت أعرف أن الشاعر أولاد أحمد قد وهب لي «كنزا» تونسيا ثمينا ممثلا في شخص د. فتحي التريكي المثقف والانسان المطابق لنفسه والمرافق لغيره.

    حتى الآن ما زلت اعتقد أن السبب في ربط الشاعر أولاد أحمد لهذه العلاقة بيني وبين د. فتحي التريكي يعود إلى كوني قد حدثته كثيرا عن انشغالي حينذاك وخلال نشاطي الاكاديمي بجامعة «شرق لندن» ومن ثم جامعة «كانتبري» وجامعة «ساكس» برصد ما أدعوه بعناصر «التأثير المعاكس» الذي مارسته بلداننا المستعمرة من طرف فرنسا على تشكيل الجهاز النظري لفلسفات مجموعة من المفكرين والفلاسفة الفرنسيين المعاصرين أمثال ألتوسير، وروجيه غارودي، وسارتر، وسيمون دو بوفوار، وجاك لاكان، وميرلو بونتي، وصناَع الأوضاع الدوليون/ The Situationist International، وبيير بورديو، والمدعوين بفلاسفة ما بعد البنيوية حينا وما بعد الحداثة حينا آخر وفي مقدمتهم جاك دريدا وميشال فوكو وجيل دولوز وجان فرانسوا ليوطار، وغيرهم.

    في ذلك اللقاء كنا أربعة: أنا وأولاد أحمد، ود.فتحي التريكي وزوجته د.رشيدة أستاذة فلسفة الجماليات بجامعة تونس. في تلك الجلسة الجميلة تشعَب بنا الحديث حول دريدا وفوكو وقبل أن نفترق ناولت الأخ فتحي هدية منَي تمثلت في كتاب ميشال فوكو حول التنوير لدى عمانويل كانط الذي يلخص هذا الأخير شعاره في هذه الجملة الدالة: «فلتكن لديك الشجاعة لاستخدام عقلك الخاص!» ومنذ ذلك الوقت وعلاقة الصداقة بيننا ما فتئت تنمو بشكل مطرد حتى أصبحنا بمثابة صوتين يجتازان المسافات الفاصلة بينهما، وتجمعهما دروب المودة والتعاون الثقافي والفكري.

    عندما أسس د. التريكي مؤسسة «إبراز» الثقافية بتونس دعاني إلى الانتماء إليها كعضو إلى جانب زملاء أخرين من أساتذة الفلسفة والنقد الثقافي وبعد ذلك تكررت اللقاءات بيننا في ندوات من تنظيمه في إطار نشاط كرسي اليونسكو للفلسفة الذي يشغله منذ سنوات إلى يومنا هذا وفي ندوات فكرية بالجزائر أيضا.

    لقد كانت الثمرة الأولى لهذه العلاقة مقالي الذي خصصته في حلقتين لكتابه «فلسفة الحياة اليومية» حيث رصدت فيه مسعاه لإنزال الفلسفة، في طبعتها العربية على الأقل، من عزلتها الارستقراطية إلى دروب حياة الناس اليومية دون التفريط في خصوصيتها «كممارسة فكرية ذات تقنيات خاصة» كما يرى هو تحديدا.

    إذا كان جيل دولوز و غتَاري يريان أن مهمة الفيلسوف تتمثل في صنع المفاهيم فإنَ قراءتي لكتابات الدكتور التريكي قد كشفت لي أن المفهوم الفلسفي هو ابن التاريخ والحياة وأسئلتهما وليس مجرَد معلقة في فراغ التجريد البحت.

    ففي هذه السيرة الفكرية الذاتية الموسومة بـــ«الذاكرة والمصير» تبيَن لي أنَ استنتاجات بعض الدارسين بخصوص علاقة فتحي التريكي بميشال فوكو ما تزال أسيرة المركزية الأوروبية/الغربية لأنها تقصي مساهمة الهامش أو الأطراف في ممارسة التاثير المعاكس أو الاستقلال الفكري الجزئي على الأقل ولذا ينبغي أن تقلب هذه الاستنتاجات بصرامة وأن توقف على رجليها بدلا من إبقائها واقفة على رأسها.

    أرى أن ثمة علاقة تفاعل خصب أقامها التريكي مع فلسفة فوكو بلاشك، وهي علاقة استيعاب لها وإدراك لمفاصلها ولتاريخيتها وقصديتها ولكن هذه العلاقة مؤسسة على جذر تجربة التريكي التونسية الخاصة والمتميزة أولا وتاتي بعد ذلك الروافد الأخرى. وبمعنى آخر فإن مصادر التريكي بخصوص قضايا العدالة والكرامة والاختلاف، والتنوع، وبناء الذاتية، والمجتمع، وتاريخ الهامش والهويات الصغرى توجد في تجربة التريكي نفسها وفي تاريخ مجتمعه التونسي الذي عاش ضمن فضائه، وفي معاناته المؤلمة جراء الصعوبات والعراقيل التي اصطدمت بها خطاه وهو يسير على درب طلب الوظيفة في تونس، وأثناء كفاحه الدراسي الأكاديمي في فرنسا.

    وتتكشف أيضا في انشغالات محيطه الذي ارتبط وما يزال يرتبط به نضاليا، وكذا في تجربته الشخصية والفكرية في باريس/فرنسا حيث تعايش وتحاور وتناص مع الثقافات والخصوصيات الاثنية والدينية والعرقية المتنوعة والمختلفة.

    في هذا الشأن نجد صور التنوع الإثني والعرقي، مثلا، مستقاة من مسرح طفولته في مدينته «صفاقس» التي يروي عنها بأنها كانت السقف الذي تجمع تحته العربي، والأمازيغي، والمالطي، والفرنسي، والايطالي، واليهودي وهلم جرَا رغم تعقيدات وملابسات الشرط الاستعماري الفرنسي لتونس في ذلك الوقت الذي تؤرخ له هذه السيرة الذاتية «الذاكرة والمصير».

    إذا استخدمنا الجهاز المفهومي للتحليل النفسي فإننا نجد أن فتحي التريكي قد قام بإسقاط تجارب حياته ونضالات مجتمعه على الفلسفة وحوّلها إلى فكر له نكهة تميزه، وفي هذا الخصوص فإن كتابات التريكي الفكرية يمكن أن تسمح لنا بالتحدث عن دور الذات وعلاقتها بالمجتمع والتاريخ في صنع الفكر، أي نقل تلك التجربة المركبة والمتنوعة والمتضافرة إلى التفكير الفلسفي وهو ما يجعله يندرج ضمن أفق فلسفة التنوع.

    وفي الواقع فإن ما قام به التريكي هو أنه تفتَح على أعمال فوكو على أساس ما يماثل تجربته الخاصة به هو، أي على أساس ما يلتقي التريكي معه بخصوص الموقف من العالم. وهنا نجد أنفسنا أمام الالتقاء التوافقي مع الافكار وليس أمام الاستعارة أو الاقتراض. وأرى في هذا عنوانا مهما للمثاقفة الحوارية التي تتأسس لدى فتحي التريكي على تفعيل القواسم المشتركة في التجربة الحياتية الانسانية بما هي تجربة فكرية أيضا.

    وأمضي الآن قدما للتحدث بشكل مختصر جدا عن بعض أهم الأسباب التي أفرزت علاقة التلاقي الحواري بين التريكي وبين فوكو.

    لا يخفي د. فتحي التريكي أنه كان من طلاب ميشال فوكو بل فهو يعتبر ذلك مكسبا وفضلا له أسباب تعميق فعل الانفتاح على الفكر الفرنسي التقدمي في نموذج فوكو، ولكن هذا الانفتاح قد تميز بأنه قد انبنى على علاقة التفاعل بين تونس من خلال نضال أبنائها، منهم فتحي التريكي، من أجل العدالة والديمقراطية وبين فوكو. عن هذه العلاقة قال فوكو في حواره مع الصحافي والمثقف الايطالي داسيو طرومبدوري: «أذكر أن هربرت ماركيوز قال يوما مؤنبا أياي، أين كان فوكو في أيام متاريس ماي 1968م؟ حسنا، كنت في تونس، بسبب عملي. ويجب أن أضيف بأن هذه التجربة كانت حاسمة بالنسبة لي. حقَا، ففي مسار حياتي كنت صاحب حظ جيد أن ألاحظ حقائق مهمة عديدة»، ومن بعد يكمل فوكو إبراز علاقته بتونس وتأثيرها عليه قائلا: «أخيرا، فقد عشت في بلد متخلف، في تونس مدة عامين ونصف عام. فقد كانت تجربة صادمة، وذلك قبل أحداث ماي 1968م بفرنسا بقليل، ولقد كانت هناك تحريضات الطلاب العنيفة بشكل لا يصدق. لقد كان ذلك في مارس من نفس السنة: إضرابات، مقاطعات للدراسة، وكانت الاعتقالات تحدث واحدة تلو الأخرى على مدى سنة كاملة. دخل البوليس إلى حرم الجامعة وهاجموا طلابا كثيرين وجرحوهم وقذفوا بهم إلى السجن». ويختم فوكو بعد تحدثه عن النضال السياسي اليساري للطلاب التونسيين قائلا بأن تونس هي التي غيَرته وليس أحداث فرنسا في عام 1968م: «لم يكن ماي 1968م في فرنسا من غيَرني، بل مارس 1968م في بلد من العالم الثالث». وإلى هذا التأثير التونسي الحاسم يضيف فوكو تأثيرا حاسما آخر وهو تأثير حركة التحرر الوطني الجزائري ، وفي هذا الخصوص كتب قائلا: «أخيرا، يجب أن تذكر الحرب مع الجزائر» ثم يواصل: «إنه جراء الحرب مع الجزائر أشرفت مرحلة طويلة على نهايتها في فرنسا حين كان يعتقد بسذاجة قليلا عند اليسار أن الحزب الشيوعي، والنضالات العادلة والقضايا العادلة كانت واحدة». وفي هذا السياق نجد فتحي التريكي ينوَه أيضا في هذه السيرة الذاتية «الذاكرة والمصير» بحركة التحرر الوطني الجزائري كبعد مكوَن لمعماره الفكري ولتجربته الانسانية معا. يقول فتحي التريكي: «ولكنّ الوعي السياسي الحقيقي الذي مكّنني من بناء شخصيّتي الفكريّة السياسيّة كان نتيجة حرب التحرير الجزائريّة...» ثمَ «ففي أواخر الخمسينات وأوائل الستينات كانت الإذاعة التونسيّة تسمح للإذاعة السرّيّة التي كوّنتها الثورة الجزائريّة أن تبثّ ساعتين أو أكثر أخبار الحرب وتحاليلها» و«وكم كان النشيد الوطني الجزائري «قسما بالنازلات الماحقات والدماء الزاكيات الطاهرات» يثير في ذاتي كره المظالم وحبّ العدالة والمساواة... واليوم أنا متأكّد أنّ بداية وعيي بالحرّية والعدالة والمساواة كانت بسبب الثورة الجزائريّة العظيمة...»

    من الملاحظ أيضا أن فتحي التريكي يضيف في هذه السيرة الذاتية (الذاكرة والمصير) بعد الشعر كمكوَن آخر لبنية ذاته ولفكره معا. من جهة يروي في «الذاكرة والمصير» أنه خاض غمار كتابة الشعر وإقامة علاقة المؤانسة معه، ومن جهة أخرى فهو شديد الارتباط بشعر أبو القاسم الشابي بشكل ملفت للنظر وبشعر شعراء آخرين يلتقون معه في فهم الوجود وفي طريقة التعبير عن دور الطبيعة والناس وحركات التحرر في بناء الذاتية وتمرينها على اختيار مصيرها في الحياة. لاشكَ أن هذا الانهمام بالشعر لدى التريكي نادر لدى المنشغلين بالفكر والفلسفة في بلداننا باستثناء أسماء قليلة منها، على سبيل المثال، عبد الرحمن بدوي ومحمود أمين العالم وزكي نجيب محمود وعبد الغفار مكاوي.

    من الواضع أن هذه الأبعاد المذكورة تنمو جميعا ضمن فضاء مشروع كبير للدكتور التريكي وهو فلسفة الحياة اليومية التي تعنى بمسائل عدة منها على سبيل المثال لا الحصر، التاريخ الحضوري أي بفلسفة التاريخ الذي يسمح بتحرير الفكر الفلسفي من قيود الانغلاق النسقي في الكليات التجريدية المحضة، والدوران النمطي في فلك المركزيات الطاردة للأطراف، وإخضاع الصيرورة للبنيات كقدر محتوم. كما ينبغي أن يفهم من مصطلح اليومي جعل الفلسفة تنأى بنفسها عن اختزال المعنى في جوهرانية هذا الشيء أو ذاك الموضوع وهلم جرا...

    مقـدّمـة

    من الصعب جدا كتابة السيرة الذاتيّة لأنّ ذلك يتطلّب استنطاق الذّاكرة واستحضارها لتتأقلم مع حاضر لم تكن فيه وتأوّل حاضرا غادرته... هناك توتّر بين حاضر مضى وحاضر سيمضي... وهو توتر بين نقط الاستهراب التي تميز الإحداثيات ونقط التجذر التي تشدّ القول والفعل إلى سمات الماضي والأصل. ولأن الحياة ذاكرة والحب ذاكرة و»الذاكرة هي البرهان الأنقى «للحاضر» ليس بوسع المرء أن يبني المصير إلاّ من خلال الذاكرة... وأستحضر هنا أعمال الأديب الألماني رينا ماريا ريلكِه، الذي دخل – كما هو معروف- الكلية العسكرية في صباه ولكنه اضطر لمغادرتها بسبب هُزَال جسمه. شاعريّته تشده إلى حاضره من

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1