Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

صبيّان من كليّة عدن
صبيّان من كليّة عدن
صبيّان من كليّة عدن
Ebook449 pages7 hours

صبيّان من كليّة عدن

Rating: 2.5 out of 5 stars

2.5/5

()

Read preview

About this ebook

خرج الدكتور أحمد شوقي الذي ولد في مدينة عدن في الطب الشرعي من جامعة إدنبره في سكتلندا. وسرعان ما وجد نفسه مطارداً من رجال الأمن عندما اصرّ أن أحد
المناضلين لم يمت غرقا كما إدعى رجال الأمن، ففر إلى صنعاء حيث تورّط في تشخيص مقتل من قبل أحد أصقاء الرئيس حيث بدون مبرر. فتعرّض لمضايقات من
المسؤولين بما فيهم وزير العدل الّذي كان قد تزوّج بشقيقة الدكتور. ولم يستطع أن ينجو سوى بمعونة شرموطة الوزير
واضطرّ هذه المرّة أن يفر من اليمن الشمالي بمعونة أحد مرضاه عبر الحدود السعودية حيث وجد فتاة أحلامه

Languageالعربية
PublisherQais Ghanem
Release dateNov 10, 2017
ISBN9781775146612
صبيّان من كليّة عدن
Author

Qais Ghanem

Retired neurologist, author, poet, columnist for several international papers.Promotes peace, dialogue with diversity and gender equality.Previous books:Final Flight from Sanaa - novel, also translated to ArabicTwo Boys from Aden College - novel - also Arabic versionMy Arab Spring My Canada - co-authored non-fictionFrom Left to Right - Arabic and English verseForbidden Love in the Land of ShebaDemocracy, Deity and Death - Discussion by Four Arabs

Read more from Qais Ghanem

Related to صبيّان من كليّة عدن

Related ebooks

Related categories

Reviews for صبيّان من كليّة عدن

Rating: 2.25 out of 5 stars
2.5/5

4 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    صبيّان من كليّة عدن - Qais Ghanem

    112

    صبيّان من كليّة عدن

    رواية تدور حوادثها في

    بريطانيا واليمن

    قيس غانم

    Copyright © 2017
    ISBN: 978-1-7751466-1-2
    63,600 words - Arabic
    Qais Ghanem @QaisGhanem
    من مواليد مدينة عدن

    والده: الاستاذ الدكتور محمد عبده غانم من عمالقة الشعر والأدب في اليمن والدته: منيره ابنة المحامي رائد الصحافة العدني الأستاذ محمد علي لقمان

    شقيقه: الدكتور شهاب غانم الشاعر الإماراتي الكبير ومترجم الشعر المعروف

    تخرّج من كلية الطب في جامعة ادنبره في سكتلندا 1964

    تخصص في الأمراض العصبية بعد ان حاز على عدد من شهادات التخصص من كندا وشهادات البورد من أمريكا عمل كاختصاصي في دبي ثم في صنعاء ثم في الدوحة ثم عاد إلى كندا

    عمل الدكتور قيس غانم خلال عشرين عاما اثناء بقائه في أتاوا، كندا، إختصاصيّا في العلوم العصبية وأستاذاً سريرياً في مستشفيات جامعة أتاوا حيث كان مدير مختبرات النوم في مستشفيات الجامعة ومستشفى منفور ومستشفى القوات المسلحة وبرهن على مقدرة نادرة في قيادة المجتمع في الأمور السياسية والجتماعيّة حيثُ استطاع أن يألف بين المواطنين رغم اختلافاتهم العرقية والدينية والاقتصاديّة. فهو من اّسّس جمعية التفاهم بين الكنديين العرب واليهود، وهو من أسس نادي المتزوجين من أصول مختلفة عن أصولهم وهو من اسس حلقة النقاش الشهري حول الديمقراطية. وقد أسهم خلال ثمان سنوات مضت خلال أسبوع السّلام في تدبير وادارة لجان من الخبراء للنقاش المفتوح

    كما أنه ترّأس رابطة الجامعيين الكنديين العرب لعشر سنوات متتاليه

    وبدأ الدكتور غانم برنامجاً على الراديو أسماه الحوار بين الشعوب فحاز اربع جوائز من مختلف المؤسسات الكندية بالضافة الى نشاطه المهني فهو مؤلف أربع روايات تتناول فوق كل شيء الدفاع عن حقوق المرأة في العالم العربي.

    عناوين الكتب

    آخر طائرة من صنعاء

    صَبيّان من كّلّية عدن

    الحب المحّرّم في ارض سبأ

    تعالي معي نلاحقه إلى تونس

    واصدر ديوان شعر باللغة العربيّة والنجليزيّة بعنوان (من اليمين الى اليسار)

    هو مؤلف كلمات الأغنية العدنية "الزين جزع مرّه"

    و مع مؤلف آخر كتب (الربيع العربي ودورالمهاجرين العرب في كندا)

    انتخب رئيساً للكُتّاب الكنديين في عاصمة كندا عام2010إستلم الدكتور غانم عدداً من الميداليّات والجوائز منها:

    جائزة الجمعية الكنديّة لوسائل العلم العرقيّة – برنامج الراديو 2009:

    جائزة الجمعية الكنديّة لوسائل العلم العرقيّة – برنامج الراديو 2010:

    جائزة الطريق المتحده لبناء المجتمع: أسمه مكتوب على حائط بلدية العاصمة 2010

    جائزة منظمة اتاوا لخدمة المهاجرين للدور القيادي في العلم 2010

    جائزة الجمعيّة اليمنيّة الكنديّة في العاصمة أتاوا 2011

    ميداليّة اليوبيل الذهبي للملكة اليزابث 2012

    جائزة رابطة الخريجين الجامعيين الكنديين العرب للتأليف والشعر 2013

    ميداليّة مدينة اتاوا من عمدة العاصمه الكنديّة لأفضل خمس عشرة مواطن 2014

    جائزة مارتن لوثر كينج للسلم 2015

    جائزة سوكا جاكاي اليابانيّة لنشر السلم 2015

    جائزة احسن خمسة وعشرين مهاجر إلى كندا 2015

    قبل عشر سنوات ابتكر قيس غانم شعاراً لنفسه وحاول أن يعيش حياته بحسبه: سمعنا الشكاء فأين العطاء؟

    فصول الرواية

    إلى المطار

    لندن

    حسن مع الأسرة البريطانيّة

    أحمد في إدنبره

    كليّة الحقوق

    كلية الطب

    بيدي وحسن

    والد بيدي

    جيل

    حفلة عيد الميلاد - ديفيد دولي

    عودة حسن

    المرحلة الأخيرة في الطب

    عودة أحمد الى عدن

    الطب الشرعي

    الفرار

    تعز

    صنعاء

    حسن إلى أمريكا

    عودة إلى آن

    عودة حسن الى اليمن

    عشيقة آن

    أحمد إلى صنعاء

    جريمة قتل

    العياده

    مجلس القات

    رحلة إلى السعوديّه

    زهره

    خطاب من آن

    الفرار

    الرحلة الأخيرة

    إلى المطار – 1

    في ذاك اليوم الأخير من أغسطس 1967 كان حسن علوي القرشي وأحمد شوقي صالح يستعدان للتوجّه إلى المملكة المتحدة. فهما زميل الدراسة لسنين طويلة في كلية عدن، وهي أعلى معهد للتعليم في جنوب اليمن. كانت الحقائب معبّأة الى الآخر. ولكن لم يكن من السهل العثور عليها لشرائها من المحلت المعتادة في ذلك الوقت. فالقيا باللائمة على العنف المرتبط بحرب عصابات التحرير في الجنوب. كان الجميع في السرتين يتطلعون إلى رحلة الشّاّبّين في سن العشرين إلى إنجلترا لدراسة القانون بالنسبة لحسن والطب من قِبَل أحمد.

    كان والد أحمد وزير التجارة عندئذٍ، وكان قد تخرّج صيدليّا قبل ذلك. وكان مواطناً فخوراً بعدن حيث ولد في بلدة صغيرة تدعى كريتر، السم النجليزي لفوهة البركان الذي خمد، على ما يبدو، منذ آلف السنين. وكان أعلى معهد للتعليم هو كلية عدن حيث ذهب اذكى الولد، بما في ذلك أحمد و حسن. ولم يُسمح ليّ من الفتيات أن تدخلن كلّيّة عدن؛ إذ كانت لديهنّ كلية البنات للتعليم الثانوي، حيث درَسَت سلمى، شقيقة أحمد البالغة من العمر خمسة عشر عاماً، وكان مقدّرا لها أن تتخرّج من المدرسة الثانوية خلل السنوات القليلة التالية، وأن تتزوج في أقرب فرصة كما كانت تقضي التقاليد عندئذ. كان حسن، مثل أحمد، قد حاز على شهادة التعليم العامة في تسعة مواضيع، على المستوى العادي، وفي موضوعين على المستوى المتقدم. وكانت المنافسة بينه وبين أحمد شديدة للغاية.

    أمّا أحمد، من ناحية أخرى، وجد تذكّر الأسماء المختلفة لجزاء الجهاز الهضمي للضفدع ودودة الأرض مرهقاً جدا، ومستحيلاً إن لم يكن مُمِلا. ولكن أعطه مشكلةً رياضية لحلها، فسيفعل ذلك قبل الجميع وفي لحظات، ومن دون قلم أو ورقة كان كلّ منهما نحيفاً نوعا ما. وكان حسن ل يزيد عن خمسة أقدام وعشر بوصات في القامة، طويل بالنسبة للرجل اليمني، مع جلدة بنية فاتحة، وشعر أسود وعيون سوداء مثل جميع اليمنيين في الجنوب. ويمكن أن يقال انه لم يكنْ وسيماً، ولكن في ذلك العُمر كانت لديه جاذبية الشباب مبصومة على وجهه. ولم يتعدّ طول أحمد خمسة أقدام وثمان بوصات، مع الشعر السود المجعد والجلد البنّي. هو ايضا لم يكن وسيماً بأي حال من الحوال، لكنه كان يشعّ ابتسامة ودية ثابتة وكان يحبّ الفكاهة.

    كان من المعروف أنّ والد حسن وأمه قد انتقلا إلى عدن قبل ما يزيد عن عشرين عاما من بلدة صغيرة في الجنوب الشّرقي من اليمن. لكن أحداً لم يكن يعرف أين ولد الطفل حسن، لكنه كان يملك شهادة ميلاد صادرة عن النظام الستعماري البريطاني تشير إلى أن مكان ولدته كان عدن. ومع تلك الشهادة جاءت بعض المتيازات، بما في ذلك حضور المدارس الحكومية، وتلقي المنح من الحكومة، والحصول على وظائفها. وبالنظر إلى أن الموارد المتاحة كانت محدودة، كان الخوف من أن عدد

    السكان الضخم نسبيا في شمال اليمن قد يطغى على الجنوب الّذي كان تحت الستعمار البريطاني. في تلك الليلة قضى أحمد وحسن بعض الوقت مع والديهما والأشقاء واستقبال أعضاء الأسر المتشعّبة الكبيرة الذين حضروا من المدن والقرى المجاورة لوداعهما. وبعد كثير من الدموع و العديد من القبلات توجه الولد والاخرون إلى أسرّتهم، وقضى الصبيّان معظم الليل يتساءلان

    عمّا ينتظرهما خلال العوام القليلة المقبلة.

    وفي الصباح أخذت العائلتان الشابين إلى المطار، مع الأمتعة المنتفخة الّتي حُشِرت في صناديق السيارات، مربوطة بالحبال

    الصفراء. وكانت السيارات صغيرة جدا بينما كانت العائلات كبيرة. أخذت السيارتان طريق ساحل ابين الجميل من مدينة كريتر إلى المطار. وبما أنّ شوقي صالح، والد أحمد، كان وزيراً، فقد كان يوظّف سائقاً له على حساب الحكومة، وكانت سيارته تحمل لوحة حكوميةً رسمية. وبالتالي لم يكن على عجلة للوصول الى المطار. على عكس ذلك، كان والد حسن، أي علوي القرشي مضطرّاً أن يغادر في وقت مبكّر فوصل إلى نقطة التفتيش خلف مستشفى الملكة اليزابيث وتباطأ لأوامر العريف البريطاني الّذي كان واقفا في الطريق وهو يتصبب عرقاً بسبب الحرّ الشديد والشّمس الحارقة وهو في زيه الكاكي الكلاسيكي، ممسكا في يده اليمنى ببندقية لتهديد المسافرين. وما أن رفعها وصّوّبها نحو علوي، حتّى بدا التعرّق تحت إبطِهِ منظراً بشعاً. وتقدّم الجندي حتى وصل الى نافذة حسن وهو يجلس في الجانب الايسر بجانب والده، وبدأ يطرح الأسئلة :إلى أين تريد أن تذهب؟ ومن أين تأتي؟

    فردّ حسن، الذي كان يتحدث الانجليزية أفضل بكثير من والده :أتينا من كريتر بالطبع.

    فسأله الجندي: لماذا تقول بالطبع؟ فقد تأتي من أي مكان!

    لمس حسن الغضب في الجندي فأوضح: كما تعلم، شارع أبين يذهب على طول الشاطئ، من كريتر الى هنا.

    فأردف الجندي ساخراً: حقا! وإلى أين أنت ذاهب؟

    - عفوا؟ سأله حسن، الذي تعلم النجليزية في المدرسة ولكنه لم يفهم الجندي، هل تعني إلى أين نحن ذاهبون؟ أوه، إلى المطار. نحن حقّا في وقت متأخر، وعليّ اللحاق برحلة جوّيّة إلى لندن. وانا ذاهب الى بلادكم للدراسة!

    وأضاف حسن بمزيد من الفخر: وسوف أصبح محامياً.

    - ماذا لديك في صندوق السيارة؟ لماذا هو مربوط بكل ذلك الحبل؟

    - قلت لك أنني متجه الى لندن، وهذه هي أمتعة السفر. ولكن الحقيبة كبيرة بالنسبة لصندوق السيارة.

    - افتح الصندوق فوراً!

    - عفواً، نحن في عَجَلة من أمرنا، قال حسن بغضب.

    - قلت لكَ إفتح صندوق السيارة! وكان الرد أشدّ غضباً.

    - من فضلك، من فضلك، اسمح لي أن أتكلم مع الضابط الخاص بك هناك في الخيمة. انا متأكد من انه سيكون متعاوناً.

    توقف الجندي لعدة ثوان، في محاولة لاحتواء استيائه من تحدّي الطالب العدني ، ثم مشى العشرين خطوةً إلى الخيمة. ثم خرج منها مع الرقيب الذي حدّق في السيارة من خيمته لبضع ثوان ثم أومأ بيده يأمرُ الجندي أن يفتش السيارة. ورغم أنّ حسن كان يغلي من الغضب، الاّ أنّه أضطُرّ للخروج من السيارة والبدء في فكّ عقدة ضيقة في الحبل الاصفر ثم الضغط باستمرار على غطاء الصندوق لكي يظلّ مفتوحاً للجندي.

    استمر الجندي يراقبه ثم أضاف: أحمل الصندوق! ثمّ صوّب البندقيّة نحوه. كافح حسن حتى أخرج الحقيبة الثقيلة الحقيبة خارج السيارة. خارج الصندوق؟

    - لماذا؟

    - قلت لك أحمل الحقيبة خارج من صندوق السيارة.

    فبرهن للجندي ان الصندوق كان خاليا من السلاح.

    عندئذ أذنَ له الجندي باعادة الحقيبة الى محلّها. ومشى حسن عائدا إلى باب الراكب من السيارة، فأمره الجندي أن يرفع ذراعيه بشكل مستقيم في الهواء. وأثناء ما كانت بندقيته في يده اليمنى، شرع الجندي في تفتيش ملابسه باليد اليسرى. - ما الذي تبحث عنه؟ سأله حسن. واضاف: قلت لك أنا طالب مسافر إلى لندن.

    - اخرس! و إبقِ ذراعيك فوق رأسك!

    في تلك اللحظة، اقتربت سيارة يقودها سائق الوزير شوقي صالح الّذي أمرسائقه بالوقوف وراء سيارة والدِ حسن. عند ذلك، التفت الجندي ورأى شوقي، ولاحظ لوحة سيارته الحكوميّة.

    - قال شوقي: صباح الخير، أيها الجندي ما المشكله؟ هذا الشاب إسمه حسن وهو صديق للعائلة. هو مثل ابن لي. في الواقع، ابني أحمد و صديقه حسن يسافران اليوم للدراسة في بريطانيا. عندها خرج الرقيب من خيمته، بعد أن لحظ الاحداث خارجها. فاومأ للجندي بإشارة خفية بالسماح لحسن بان يستأنف رحلته الى المطار. فشغّل علوي المحرك مرة أخرى، تحت أنظار الجندي البريطاني، واستأنف قيادة السيّارة نحو المطار. خلال تلك الدقائق القليلة، عاهد حسن نفسه بالحصول على درجة البكالوريوس في القانون بأسرع ما يمكن، وأنه سوف يستخدم تلك المعرفة لدى عودته إلى عدن لطرد المستعمرين البريطانيين.

    فقال لأبيه: أنظر! أبن الكلب كيف جعلني أتأخر عن رحلتي!

    فردّ علوي: عليك أن تتعلم السيطرة على أعصابك، يا إبني.

    - أنا؟ تريدني أن أتعلّم السيطرة على أعصابي؟ لماذا تدافع عن هذا الكلب؟ هل ترغب في أن تكون ذليلاً أمامهم؟

    - بالطبع لا! هذا الجندي يعرف شيئاً واحداً فقط، هو طاعة الوامر؛ هو لا يستطيع التفكير لنفسه. وهو ليس متعلماً مثلك، وإلا فإنه لن يكون جندياً. ولا يمكن أن يكون معلماً أو محامياً، أو حتى ضابطاَ. كل ما يميّزه هو ان لديه طول ستة أقدام وتلك العضلات الضخمة التي يحمل بها بندقيته كل يوم.

    - اعتقد انه فعل ذلك ليبين لنا انه ما زال الحاكم هنا.

    - هذا أيضا، على الأرجح.

    - أنا لا أقبل ذلك. أنا العدني، وهذه بلادي!

    نظر علوي نحو إبنه وبعد تردّد قصير قال: يا إبني ... لا بد لي أن أقول لك هذا السّرّ، وهو السرّ الذي أمّك وأنا قررنا أن يبقي بيننا فقط. ومع ذلك، الآن ما دمت ذاهباً بعيد عنا لسنوات عديدة، ومن يعرف ما سيحدث لنا في غضون ذلك، لا بد لي من ان اقول لك الحقيقة.

    بدا حسن في حالة قلق عندما قال: قل لي بسرعة. نحن نكاد نكون في المطار!

    - أنت يا ولدي لسْتَ عدنياً في الحقيقة. أنت يمني شمالي، لأنك ولدت في اليمن في الشمال، في مدينة التربة.

    - لكن لديّ شهادة ميلاد مستعمرة عدن وجواز سفري البريطاني هنا في حقيبة اليد.

    - هذه الشهادة هي شهادة ميلاد أخيك!

    - أي أخ تقصد؟ صرخ حسن منزعجاً.

    - اسمع يا ابني! قبل ولادتك انت في التربة بسنة واحدة ولدت أمك طفلًا سابقاً ولو انّه كما نقول هنا "سِقْط". وهذا حدث هنا في عدن، في نفس المنزل الذي نعيش فيه الآن. كان وزنه أربعة ارطال فقط. ما زلت أتذكر كيف كانت أضلعه بارزه تحت جلده، لأنه كان هزيلاً جدا. بعدها اصيب بالعدوى في رئتيه، والحمى، وكانت هناك صعوبة في الرضاعة الطبيعية لأنه كان ضعيفاً جدا. عندما كان يتنفس، كان جدار الصدر يغرق بين أضلعه الصغيرة. ولم يتمكن من مص الحليب الى معدته الصغيرة وكان يتقيأ كثيرا. وكانت والدتك بدون خبرة بالأطفال إذ كان أوّل اطفالها، فلم تكن تعرف كيف تعتني به. أخذناه إلى الطبيب، بطبيعة الحال، لكنه أعطاه فقط بعض المضادات الحيوية. هذه إرادة الله. على أي حال توفي قبل أن يبلغ سنّ شهر واحد.

    - طيّب! ثم ماذا حصل؟

    - لقد حصلنا على شهادة ميلاد له هنا في عدن. ثم نسينا هذا الموضوع. ولكن بعد ذلك حملت أمّك مرة أخرى؛ كنّا صغارا جدا في ذلك الوقت، كنّا في حوالي العشرين وكانت أمّك حريصة جدا على انجاب ولد. ولذلك هذه المرة، قّررت أن تعود إلى مدينة التربة حيث أتيحت لها المساعدة والتوجيه من والدتها، أي جدّتك فطّوم. انت ولدت في الوقت المناسب في الشهر التاسع، وكان وزنك فوق سبعة ارطال. هناك، في الشمال، لا يوجد شيئ اسمه تسجيل المواليد. لذلك نحن جميعا عدنا إلى عدن، وقلنا ما دام لدينا بالفعل شهادة ميلاد المستعمرة البريطانية، قررنا أن نعطيك اسمه: حسن. شعرت أمك أنّ الله قد أعاد لها بِكْرها الّذي مات بأن رزقها بك انت. على أي حال، هذه ستكون ميزة كبيرة بالنسبة لك، لأنك سوف يكون لك الحق في حرية التعليم المدرسي على طول إلى نهاية المرحلة الثانوية، والآن أيضا أنت قد حصلت على منحة دراسية إلى إنجلترا.

    - ما زلت لا أفهم. وانا لا يعجبني إسم حسن على كل حال؟

    - ما هي المشكلة في اسم حسن؟ هذا اسم حفيد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. وهو اسم رائع.

    - لكن هذا يعني أنني في الحقيقه أصغر سنا من عمري المسجّل بسنة واحدة.

    - نعم، ولكن أنت أكثرُ ذكاءً من الّذين يكبرونك بسنة واحدة. كنت دائما شاطراً، وأستطيع أن أرى مستقبلًا رائعاً في انتظارك.

    - حسناً، لقد وصلنا إلى المطار، وانا ذاهب الى لندن بإسمٍ مستعار!

    وبعد عشرين دقيقة، اقلعت طائرة داكوتا شمالاً في إتجاه القاهرة، حيث واصل الشابان رحلة العمر مع الخطوط الجوية

    البريطانية إلى لندن.

    لندن – 2

    كان تغّيّر الطقس الشيء الاوّل الذي أذهل الشاّبّين ساعة هبوط الطائرة في مطار هيثرو. لم تكن هناك أية شمسٍ مشرقة أو حتّى وراء ستار من السّحب؛ إذ كانت السماء الرمادية تمطر بشدّة. أما حجم المطار والوقت الذي اخذته الطائرة للوصول حتى بوابتها فكان لا يصدّق. كانا قد سمعا عن المدينة العظيمة لندن، ولكن الرحلة كانت بمثابة تجربة وخبرة شخصية. وكان المرور بمراقبة الجوازات بسيطاً لأنهما كانا يحملان جوازات سفر بريطانية من مستعمرة عدن. وبعدما التقطا حقائبهما ومرّا من خلال الباب الأخضر وجدا نفسيهما وسط حشدٍ من الناس في انتظار المسافرين القادمين. وعلى الرغم من العدد الهائل من المسافرين من حولهما فالعملية كانت سلسة وسريعة تماماً على عكس الارتباك الذي طالما شاهداه في مطارعدن كلما استقبلا المسافرين القادمين.

    - غريبه! ليست هناك اجراءات جمركية؟ تساءل حسن.

    - لا! يبدو كذلك. نحن بالفعل في منطقة الإستقبال. ولا أدري من الذي سيستقبلنا. قالوا لنا أنّ شخصاً ما من شأنه أن يفعل ذلك.

    - ما أكثر الهنود هنا! أجاب أحمد متعجباً من الخليط العرقي في الحشد الذي كان أمامه.

    تقدّم الصبيّان إلى الأمام، ودفعا العربات الثقيلة باتّجاه الحشد، وحاولا أن يقرءا الأسماء المكتوبة على البطاقات التي رُفِعتْ من قبَلِ بعض الناس، من مختلف الشكال والألوان والأعمار، ولكن ما بهر الولدين أوّلاً وقبل كل شيء كان وجود عدد كبير من النساء الجميلات في الحشد. وفجأة كانت هناك امرأة شابة تحمل بطاقة كبيرة تحمل أسمين مكتوبين باللون الزرق بشكل صحيح. فتوَجّها نحوها لأنها استقبلتهما بابتسامة عريضة.

    - مرحبا بكما في لندن! أنا إيزوبيل من المجلس الثقافي البريطاني. سوف أسوقكما إلى مكان الإقامة المؤقتة في لندن. آمل أن تكونا قد استمتعتما برحلة جيدة؟ من منكما أحمد؟

    - نعم، أنا أحمد. كيف الحال؟ بادرها أحمد بما كان يعتبرها تحية بريطانية نموذجية فنظرت إلى صديقه وقالت: إذاً، لا شك انّك حسن؟

    - نعم أنا حسن. كيف حالك؟

    ابتسمت إيزوبيل وقالت: لذا، دعونا نصعد معاً، الى حيث اوقفتُ سيارتي.

    حَظِيَ حسنٌ بشرف الجلوس في مقعد الراكب الأمامي بجانب إيزوبيل، في حين جلس أحمد في الخلف. وبدا كل شيء أخضراً وبارداً وجميلًا وما أعظم الفرق بين لندن ببرودتها وعدن في نهاية شهر أغسطس مع درجة حرارة قريبة من الأربعين.

    كانت إيزوبيل ترتدي تنورة صفراء، ضيّقة تضم مؤخّرتها بشكل ملحوظ، وبلوزة بنية أظهرت جزءا وافراً من صدرها.

    وبالرغم من كل التظاهر بالعكس، لم يستطع حسن الذي جلس في المام أن يركّز على شيء سوى ايزوبيل والفخذين والساقين المكشوفتين إلى ما فوق الرّكبة. في البداية وبّخ نفسه للتحديق في ساقيها وعلى السّماح لخياله أن يعربد.

    كان الفندق المخصص للطلبة الأجانب في وسط لندن صغيراً جداً وبه اربع غرف فقط، ولكل منهم غرفة صغيرة خاصة مع حمام مشترك ولكن الاستحمام كان يسمح به مرة واحدةً في السبوع، بالمياه المسّخّنة بالغاز، والتي يُسْمح أن تملأ نصف حوض الاستحمام فقط. وكانت المنازل باردةً جداً، غير مكيفة الهواء، فكان الاستحمام يتم في أقصر وقت ممكن، مع التأكد من أن المنشفة كانت في أقرب مكان ممكن في نهاية ذلك للتجفيف السريع.

    أعطت صاحبة العمارة تعليماتها لجميع الطلبة ووصفت القواعد واللوائح داخل منزلها وأشارت إلى أن كل طالب كان مسؤولا عن تنظيف الحمام بعد نفسه. كان عليهم أيضا أن يكونوا في غرفهم في المنزل قبل العاشرة مساء، وإلا فإنهم سوف يجدون الباب الأمامي موصداً في وجوههم. ولا يسمح بالكحول في المنزل. وكان الإنذار النهائي، والّذي كررته مرتين، هو أن الفتيات لم يكن يُسْمحُ لهنّ بالدخول في المنزل. كان هناك شابان آخران من حوالي سنّهما. وخلال اليومين التاليين قام الطالبان من عدن بعملية استكشاف واسعة في الحياء المجاورة والشوارع الطويلة الواسعة في لندن بانبهار كبير من جمال المدينة. فهناك حشود ضخمة في سيرٍ مستمرّ يمينا وشمالً في شوارع أكسفورد و ريجنت، والباصّات الحمراء المنظمة جداً و جميع المعروضات الرائعة في واجهات المتاجر، وفوق كل ذلك النساءالجميلات بما لديهنّ من تسريحات الشعر المختلفة من جميع ألوان الشعر. ففي عدن لم يريا سوى الشعر السود على التوالي يلمع من كثرة الزيت، باستثناء امرأة مسنة في بعض الحيان مع شعر مصبوغ بالحناء الحمراء. وأمّا السيقان فما أجملها وكأنّها مصنوعة من العاج! وكانا قط لم يشاهدا سيقان النساء في حياتهما، ولا حتى في الأمهات أوالإخوات اللواتي حفظن دائما كل شيء داخل الفساتين الطويلة. بدت تلك السيقان في لندن رشيقة جدا وصقيلة وحتى لامعة. استغرق الأمر منهما بضعة أيام من مراقبة شهوانية قبل أن يدركا أن السيقان العاجية واللامعة كانت كذلك بسبب جوارب الحرير والنايلون التي تغطيها. استكشف الصبيان أيضا حديقة هايد بارك وسانت جيمس بارك وكانت دهشتهما من كل ما شاهدا من العشب الأخضر في كل مكان تتخلله المئات بل الآلاف من الأشجار والشجيرات والزهور من جميع الأنواع.

    - يا لها من مدينة رائعة! قال أحمد.

    - بالتأكيد! انظر كيف يعيش هؤلاء الناس، أما نحن فكل ما نفعله هو الإستيقاظ والذهاب إلى المدرسة، ومن ثم العودة الى المنزل للقيام بعمل الدار. كنا محظوظين إذا خرجنا ليلة واحدة في الأسبوع مع الأصدقاء لأكل الفول أو الكباب، ودائما مع الوالد! انظرإلى هذا الرجل هنا أمامنا، وهو يسير و ذراعه حول خصر المرأة الّتي ترتدي الفستان الأحمر وأبيض، وجميع الآخرين تشابكت أيديهم! هل يمكنك أن تتخيل لو كنتَ قادراً على القيام بذلك؟ لا تلتفت الآن! ولكن هل ترى الأثنين أمام المطعم؟ إنهما في سيل من القبل في وضح النهار. لا يبدو أنهما يهتمان بالآخرين. أنظر إليها.

    - يا سلام هذه هي الحياة. كنا محظوظين حقاً بحصولنا على هذه المنحة! - لقد عملنا بجدّ من أجل ذلك. نحن نستحق ذلك. لقد كنت أحلم بهذا على مدى العامين الماضيين، وانا مصرّ على تحقيق الإستفادة القصوى منه. رد حسن وكأنه يهدد. فسأله أحمد: بما في ذلك تقبيل النساء في الشارع؟ ردّ حسن دون تردّد: اذا سمحن لي، بالتأكيد.

    - ماذا لو سمحت لك الفتاة بأكثر؟

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1