Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

‫جهاد إسرائيل في تل أبيب‬
‫جهاد إسرائيل في تل أبيب‬
‫جهاد إسرائيل في تل أبيب‬
Ebook495 pages3 hours

‫جهاد إسرائيل في تل أبيب‬

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

ولدت أريل ليلي كوهين في السادس من كانون الأول 1998 في حيفا (إسرائيل) وهي ثالثة ثلاثة أشقاء. كان والدها داريوس كوهين عميل سابق للهاموساد وأمها نوها آفنر هي واحدة من أهم المسؤولين في شين بيت، وكالة الأمن الإسرائيلي. كانت أريل في الماضي لبؤة من جنود ماجاف، شرطة الحدود الإسرائيلية في القدس. حصلت على معدل ذكاء عالي في إمتحانات الكفاءة. ومنذ عيد ميلادها السادس عشر، أدرجت بين مجموعة من العباقرة لحل المعضلات بطرق غير إعتيادية. وكانت مشغولة مع فريقها بالقيام بالعديد من العمليات العسكرية "المتخفية"، وتعيش أكثر من حياة في واحدة.
وهي الآن تخدم خارج الحدود الدولية في بحث مستمر عن أعداء للديمقراطية، أعداء لدولة إسرائيل

Languageالعربية
Release dateMay 27, 2020
ISBN9780463306321
‫جهاد إسرائيل في تل أبيب‬

Related to ‫جهاد إسرائيل في تل أبيب‬

Related ebooks

Related categories

Reviews for ‫جهاد إسرائيل في تل أبيب‬

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    ‫جهاد إسرائيل في تل أبيب‬ - Ariel Lilli Cohen

    في إسرائيل، لا أحد يموت حقاً

    في إسرائيل، لا أحد يحيا حقاً.

    أرئييل ليلي كوهين

    إهداء

    هذه الرواية مهداة الى ...

    هدار كوهين

    ( أور يهودا 1997 – القدس 2016)

    هداس مالكا

    (أسدود 1994 – القدس 2017)

    سليمان جافريا

    (بئر يعقوف 1997 – هار أدار 2017)

    يائيل ياكوتيل

    (جفعاتايم 1997 – القدس 2017)

    شير حاجاج

    (موشاف العيزرية 1995 – القدس 2017)

    شيرا تزور

    (حيفا 1997 – القدس 2017)

    لعل أبطالنا الراحلون والمصابون الذين ضحوا بأنفسهم للدفاع عن حريتنا وأمننا يعلموا عمق إمتنانا.

    تضحياتكم ستظل في الذاكرة.

    أرئيل ليلي

    مقدمة

    يوماً ما وحين كنت ألهو في بركة سباحة في نادٍ هنا في مونتريال، لاحظ رجل حسن أدائي في اللعب نظراً لصغر سني، ولكن العمر لا يحسب بالسنوات بل بالأميال. سافرت لعدة أميال وأنا تَعبٌ الآن. تَعبٌ من أنه علي بذل قصارى جهدي في اللعب. تَعبٌ من الكذب. تَعبٌ من الشعور بالخوف. ففي كل مهمة لا ندري ما الذي قد يحصل. قبل شهرين جازفنا أنا وشاني بحياتنا، حيث تم ضربنا بشدة. تذوقت طعم الدم والعرق في حلقي وشعرت بأن قلبي سيخرج من صدري. في عقلي راجعت جميع الأسباب التي جعلتني أنضم للعمليات السرية الإسرائيلية. يرافقني الشعور بالرعب كلما وجدت عينا غريب قد وقعتا علي. ما الذي يدفعني الى التضحية بحياتي؟ تذكرت شريطاً من ذاكرتي منذ سنوات عدة عندما وصلَنا أن حركة حماس الإرهابية قد دخلت إسرائيل وكانت على وشك إستهداف مركز ديزينجوف بهجوم بكتيريولوجي. وتمكنّا وقتها من التصدي لهم بنجاح. وبعد ذلك بعدة ساعات عدت الى المركز مع أصدقائي، شاني، وشلوميت، وزوي، وأفيف. لولا تدخلنا لكانت جميع هذه العائلات والأطفال من عداد الموتى. لهذا السبب أقوم بعملي، للدفاع عن شعبي، و بالرغم من أن هذا يبدو طموحاً جداً، ولكن أرغب بالدفاع عن ديمقراطية العالم أيضاَ. والآن، وبينما ادع قلمي يخط أفكاري، أجلس في مقهى في شارع ريتشاردسون في مونتريال، حيث لدي موعد مع مصدر. أتمنى أن يمضي كل شيء على خير هذه المرة أيضاً. متى سينتهي كل هذا؟ أُنجز الكثير من العمل وما زال يوجد الكثير بعد! أذكر ميلان قبل ستة شهور، سان دييغو وبافالو وتل أبيب ومدريد قبل ثلاثة شهور، وقبل شهر في متجر الأسطوانات بين شارعي بيت وسيركيولار كواي في سيدني.

    أذكر جميع الهجمات التي شاركت في التصدي لها مع فريقي. ويحتجز تفكيري جميع تلك النجوم دون أسماء ودون وجوه القاطنة فقط في الذاكرة الأبدية لهؤلاء الذين يلتقون بهم على مدخل مقر الجهاز في تل أبيب. وأفكر في هؤلاء العملاء الذين ضحوا بحياتهم أثناء قيامهم بواجبهم لإنقاذ حياتك أنت.

    رجاءاً إحرص على أن لا تذهب تضحياتهم سدى. أحلم بعالم حيث لا حاجة لعملي، عالم بلا نزاع بسبب التعصب الديني.

    وأنا أكتب، تحوم أفكاري حول رفقائي في القدس، الذين هم آخر معقل للديمقراطية، الى أُسود ولبؤات ماجاف، الى شيرا تقاتل كل يوم، الى هيلي التي تركت الخدمة على بوابة دمشق بعد سنوات ثلاث طويلة. شكراً لكم على الشرف العظيم بقيامكم بحماية شعب إسرائيل في أطهر الأماكن على الأرض.

    افكر في هادار وهاداس الذين ضحوا بحياتهم من أجل القدس، وسليمان الذي توفي في هار ادار. أفكر في صديقته بيتي، وأقاربه. كم مزيداً من الأشخاص، الأمهات، الآباء، الأخوة، الأخوات، الأصدقاء يجب أن يحرموا من أحبائهم وأن يتركوا لوحدهم بسبب الأفعال الإرهابية؟ لا أشعر أنه علي إدانة المرتكب فقط على هذه الجرائم.

    غيظي، وغضبي، وإزدرائي مسلط نحو من يسلح هذه الأيدي بتلك العقائد. خطابهم بتفجر بالكره والحقد، تملاً تلك العقائد المتطرفة حياتهم كالماء في الصحراء وتغسل عقولهم. والآن هؤلاء أيديهم ملطخة بالدماء، بينما ينامون بكل راحة وأمان في بيوتهم، يرسلون الشباب اليافعين للموت بعدما أطعموهم الخبز والحقد الأعمى.

    أشعر بأنه سينتهي بي المطاف عاجلاً أم آجلاً مجرد نجمة صغيرة على ذلك الحائط مع عدة أخريات. سأنضم أخيراً الى رفاقي اليافعين الواقعين في حب حياة لم يستطيعوا عيشها. أحياناً، أتمنى حقاً أن أصبح بينهم.

    يستنفذ هذا العمل الوعي – عليك رؤية وعمل أشياء لم يحلم أحد بعملها أبداً. عاجلاً أم آجلاً ، سأقوم بأمر طائش ، أو خطأ في الحكم، أو خطأ سيكلفني حياتي - حياة أشعر بفراغها.

    أتمنى أن يكون هذا الكتاب ممتعاً وغذاء جيد للفكر. اضطررت لتغيير بعض الأسماء وتمويه بعض المواقف، لتفادي تعريض أمن دولة إسرائيل للخطر. ترجمت خبرتي وتجاربي الى رواية، أتمنى أن تقدر على قراءة رسالتي للأمل والحب بين السطور.

    هذه رحلة الى حدود القانون بدأت في 2014، قبل الحرب في غزة. هذا عمل مجموعة من الأصدقاء في غضون عدة شهور. واحد من أفضل فرق الموساد الإسرائيلية.

    ارئييل ليلي

    مقدمة – نورا

    يناير 2014 – فندق كيمبنسكي، جنيف

    نورا كانت تجلس في حانة الفندق. ولا أدري، فربما كان اللون البنفسجي الذي غلف كل شيء حولها من المشرب الى السقف الى الكراسي، أو لون المغرب هو الذي أعطى البحيرة الكبيرة أمامها حتى شعوراً أعمق بالكآبة، ولكن عقل نوراً كان تائهاً في ذكريات الماضي.

    تشعر بشيء ما يتحرك في داخلها كلما تذكرت السنوات الرائعة التي قضتها في إيتون مع أشخاص من جميع أنحاء العالم وأطفال من أرقى العائلات، والذين لم يكونوا أفضل منها، كما أدركت هي في النهاية. ولكنها ما زالت سنوات جميلة. وحتى تشعر هي بالحنين لمعلميها، الذين ظنت وقتها أنها كرهت معظمهم. وأيضاً أستاذها في العلوم الإجتماعية في جامعة نيويورك... كم تشتاق الى مدينة نيويورك... تشتاق خاصة الى الأيام العاصفة حين يدوي الريح في الأزقة جاعلاً من الإبقاء على الملابس على الأجساد أمراً صعباً. وتغوص في ذكرياتها لأيام البرد، ذلك البرد ذاته الذي يجعل الهواء في جنيف صافياً ويجعل بحيرة كواي دي مونت بلانك تعكس آلاف الأضواء. تقريباً جميع المولودين في الشرق الأوسط يكرهون ذلك البرد ويرونه كأنه خطأ وغير طبيعي، لكن نورا أحبته، لأنه جعلها تشعر برغبة في شخص يحتضنها ويدفئها من ذلك البرد.

    كم مضى من الزمن؟ خمسة عشر؟ نعم، مضى تقريباً خمسة عشر شهراً منذ أن غادرت قطر. هذه الرحلة الى جنيف هي أول مهرب لها بعد بقاءها لفترة طويلة في مكان لم تعد تشعر بأنه منزلها بعد الآن. ربما كان عليها توقع ذلك بعدما أصبحت الزوجة الثالثة لأمير قطر. في البداية، تحمست وإكتشفت كل الأعمال الجيدة التي يمكنها فعلها مع منظمات كاليونسيف حتى تمارس كل ما تعلمته وتساعد جميع هؤلاء الأطفال الأيتام والمحرومين، ولكن إتضح بأن الواقع اليومي يختلف كثيراً، فهناك الكثير من الحفلات ودعوات العشاء والقليل جدا من الطبيعة الملموسة. أصبحت هي سفيرة لليونسيف ولكنها كان تعلم أن ثروة العائلة الملكية الضخمة هي السبب في تحقيق ذلك وليست مهاراتها. زوجتا الأمير الأخريتان كانتا أكثر تأقلماً مع دورهما حيث أنهما كانتا من أقارب الأمير وينتميان الى العائلة. ولكن هي، من جهة أخرى، لم تكن كذلك. ولدت هي في الإمارات العربية المتحدة إبنه لسفير، والآن هي شيخة، لماذا أرادت الهروب بشدة إذن؟

    قاطع نوبة حنين نورا وصول رجل أنيق للحانة، لا يبدوا سعيداً أيضاً لكن بدا عليه خيبة الأمل أكثر مما بدا عليه الكآبة. ذلك الرجل وسيم ورشيق وفي عينيه نظرة غريبة. لا تستطيع نورا مواصلة النظر إليه وتشيح بنظرها بعيداً حيث أن حراسها يراقبونها ولا تدري ما الذي قد يوصلوه الى الأمير. وبنظره أخيرة إليه لاحظت تفصيل صغير مختبئ بين ثنايا مظهره. فبدلاً من وجود منديل في جيبه يوجد شارة عليها إسمه ورمز لا تعرفه.

    واحد ويسكي، لو سمحت، قال الرجل الجالس على بعد أربع مقاعد من نورا التي لم تعد زبونة الحانة الوحيدة بعد الآن. توقف صاحب الحانة عن ترتيب الزجاجات وإقترب من الزبون الجديد.

    هل لديك نوع مفضل؟

    جلينليفيت، إذا كان متوفراً لديك.

    سكب صاحب الحانة ما طلبه السيد تفضل، ..جمال مشيراً الى شارته.

    حسناً... هل يمكنك إخباري كيف بحق الكون يمكن لرجل بملكتين الحصول على رقاقتين، وبعد ذلك في الرمية الخامسة يعطيه البنك الملكة الثالثة؟!

    نورا الجالسة في مقعدها مشوشة تحاول فهم ما الذي يتحدثون عنه. ويثير فضولها لكنة الشرق الأوسط التي يتحدث بها جمال.

    عليك العلم، يقول صاحب الحانة، صحيح أن البوكر مهارة، ولكن 60% منه حظ.

    أنت تخبرني أجاب جمال على الفور، أنا ألعب لتحصيل لقمة العيش

    لطالما تساءلت ما إن كان بإمكانك تحصيل لقمة العيش بالفوز في مباريات البوكر؟

    هذا ما يتحدثون عنه، البوكر! ولسبب ما أحست نورا بنذير خطر من الماضي.

    بالطبع، حسناً، عليك أن تكون جيداً وأيضاً جني المال الكثير. المشكلة الحقيقية هنا أنه عليك السفر طوال الوقت".

    من أين أنت يا جمال؟

    كانت نورا واثقة من أن تردد جمال في الإجابة على سؤال صاحب الحانة هو بسبب حقيقية أنه ينظر إليها وأنه قد ميزها على الأغلب.

    من بيروت، لبنان، أجاب جمال وكان واضح عليه التشتت. هذه معلومة تأكيد إضافية قالت نورا لنفسها، ومن ثم تابع بقوله سأغادر الى هونغ كونغ غداً، وإذا سار كل شيء بشكل جيد، سأمضي الى طوكيو، وهونولولو، وفانكوفر.

    ثنت نورا ساقيها واحدة فوق الأخرى ومن ثم أفلتت بفردة حذاء جيمي تشو اليسرى تتدلى من على أصابع قدمها. ومن زاوية عينيها لاحظت أن حركتها تلك قد خطفت إنتباه جمال. شعرت بعيناه تتفقد جسدها من أسفل لأعلى، وأخذ خفقان قلبها يزداد سرعة.

    مذهل، وفي نبرة صاحب الحانة القليل من الحسد، وأين كنت قبل مجيئك الى جنيف؟

    كنت في مدينة نيويورك مدة أسبوعين لمباراة جائزتها مليوني دولار.

    وهل فزت؟

    بدون أي شعور أو نية، نظرت نورا الى جمال للمرة الأولى ومن ثم مررت مقدمة لسانها على شفتها العليا وكأن أحمر شفاهها ليس مجرد لون ولكن طعمه كطعم حبة كرز لذيذة. ثم وقفت وتناولت حقيبتها وغادرت. بدأ شيء ما في الظلال خلفها بالتحرك ولكن منع من قبل شخص أخر بينما كانت نورا في طريقها الى الحمام في ردهة الفندق.

    آهه...لم أصل للنهائيات، فزت فقط بمئتي ألف... أجاب جمال، ولكن فقط كأن المتحدث شبحاً.

    ****

    في الحمام، نورا تجلس على المقعد ترتجف، وجسدها مليئ بالحرارة، تشعر كأن شخصاً ما ينفث هواءاً حامياً عليها. لماذا فعلت ذلك؟ ما الذي كانت تفكر به؟ ماذا إذا لاحظ الحراس؟ والآن ما الذي يمكنها فعله، عليها أن تهدئ من نفسها. وماذا إن قبل جمال دعوتها ولحق بها؟ لا، لا يمكنه فعل ذلك، ظلت تردد ذلك لنفسها بينما لم يظهر خفقان قلبها أي إشارة للتباطؤ. وعندما تمكنت أخيراً من تهدئة أنفاسها، نهضت وفتحت الباب في إستعداد لإستجماع نفسها أمام المرآة. وإذا بجمال واقف هناك ينتظرها. بدأت في الإرتجاف مجدداً، ولكن سيطر عليها جزء منها لم تعرف بوجوده.

    وكيف كانت تيويورك؟ سمعت نفسها تسأله بصوت أجش لم يبدو كصوتها المعتاد.

    كان عاصفة جداً، أجاب جمال بينما جذبها نحوه. أحبت نورا شعور يديه على ظهرها وهي تعرض عليه شفاهها – متعة أدركت أنها لم تشعر بها لمدة طويلة.

    كانت قبلة طويلة وعميقة، في هذه الأثناء، يدا جمال رفعت فستانها الحريري الخفيف وردأ بملامستها، أرادته هي أن يفعل ذلك. بعد ذلك، إبتعد عنها قليلاً ونظر في عينيها، حينها أدركت نورا ما وجدته غريباً فيه أن لديه عينان بلونين مختلفين، واحدة خضراء داكنة، والأخرى زرقاء لوزية، كعينا القطة. أدارها للخلف، ونورا كانت تعلم ما الذي سيحصل. ثم شعرت به ينحني ليخلع ملابسها الداخلية ثم وقف ليرفع فستانها. أراحت نورا يديها على الحوض وفتحت ساقيها قليلاً، ثم بدأت بالأنين بينما شعرت به داخلها. كل شيء تفجر في عقل نورا، وحالما إستطاعت تجميع نفسها، توقف هو، وإنحنى للإمام للهمس في أذنها،

    هل يمكنني...

    لم تدعه يكمل جملته وقالت إفعل بي ما شئت

    ****

    عاد الأمير الى الفندق قبل منتصف الليل بعدة دقائق. وبدا كأنه متعب. وعندما دخل جناحه فوجئ بالنظرة على وجه فيصل، مستشاره الخاص وصديقه، وهو على الأغلب الشخص الوحيد الذي يثق به.

    صديقي فيصل، إن الأمر ميؤوس منه. أتساءل حتى لماذا تكبدنا عناء المجيء هنا أصلاً. ذلك العنيد الأسد لن يقبل مطالب الأمريكيين، هؤلاء الكلاب. لم أكن لأفعل أيضاً، ثم توقف عندما لاحظ عبوس وجه فيصل، ذلك الوجه الذي يظهر عليه عندما يحدث شيئاً خطيراً فقط، وهذه المرة لابد من الأمر خطير جداً لانه بدلاً من أن يحمل سيجارة كبيرة في يده إنه يحمل لوحاً إلكترونياً.

    ما الذي يحصل يا فيصل؟

    جلالتك، لدي شيئا لأريك إياه، ولكن رجاءاً إجلس أولاً.

    جلس الأمير وأعطاه فيصل الأيباد ليريه صوراً لخيانة نورا. إنفجر العاهل في نوبة غضب.

    عاهرة قذرة! تزوجت تلك الحقيرة قبل ثلاثة شهور فقط، قال الأمير، وأنظر الآن الى ما فعلته في أول مرة نغادر فيها قطر! يتم مضاجعتها كالعاهرات في حمام الفندق. سأقتلها بيدي هاتين... هم في الوقوف ولكن يدا فيصل منعته وأجلسته.

    هناك شيء أسوأ، جلالتك نظر الأمير الى فيصل في رعب وفزع.

    ذلك الشخص، الكلب، الذي إرتكب هذا العمل الدنيء هو عميل إسرائيلي. توقع جميع من في الغرفة نوبة فزع أخرى ولكن الأمير المسن ظل صامتأ وعندما تكلم أخيراً، كان صوته بارداً كالجليد.

    حان الوقت، حان الوقت أخيراً. بعون الله، لن تبقى على الوجود حجر في تلك الدولة الملعونة إسرائيل. حان الوقت لتسوية الحساب مع التاريخ. فيصل يا صديقي، رجاء إستدع هؤلاء الأشخاص من حماس وإتصل بخالد، أريده أن يأتي الى هنا حالاً. والآن أخرجوا جميعاً! غادر الحراس الذين ضلوا صامتين الغرفة. وعندما غادر الجميع، همس فيصل في أذنه،

    ونورا، جلالتك؟

    سأتكفل بأمرها بنفسي، أجاب الأمير بلمعة في عينيه.

    تذكر هي إبنه من، جلالتك.

    لن أقتلها، ليس الآن إذا كان هذا ما تود معرفته، ولكن إذهب الآن وإتصل بخالد.

    الفصل الأول – يائيل

    الكثير من الضوء. رن صدى تلك الكلمات الثلاث بإستمرار في رأس يائيل بينما كانت وعائلتها ينتظرون الحاخام ستيرن لكي يبدأ شعائر خطبة الجنازة. وبخلاف السنوات الماضية، لم تقام المراسم هذه السنة على جبل هرتزل – المخصص لمراسم الجنازات العسكرية فقط، بل على جبل ياد فاشيم المسمى بإسم جبل الذكريات والذي زين خصيصاً لهذه المناسبة. أما المسرح الذي على وشك أن يعتليه الحاخام فهو موضوع أمام مبنى من الحجر والزجاج حيث تأتي يائيل ورفقائها في المدرسة كل سنة لتكريم شرف موتى دولة إسرائيل. نظمت الكراسي بشكل جناحين كبيرين يتخللهما ممر في المنتصف. وتجلس هيئة الأركان العامة للجيش في الجهة اليمنى، ويجلس خلفهم صفين من الأشخاص بلباس مدنيين، وكما تعرف يائيل، هؤلاء جنود أيضاً. بالتأكيد، فهم زملاء والدها السابقين، ودون علم منها بعد، قريباً سيصبحون زملاءها أيضاً. حجز الجناح الأيسر للأقارب، والأصدقاء، وجميع من رغب في المشاركة في حفل إحياء الذكرى هذا.

    ومثلما شعرت بالحر يسري في جسدها البالغ من العمر ثماني عشرة عاماً المغطى بملابس ثقيلة قليلاً ليوم حار كهذا لكن ملائمة لهذه المناسبة، شعرت يائيل بمشاعر أخوة تربطها بجميع هؤلاء الأشخاص. وكلما إزداد شعورها بحر الشمس الساطعة في كل دقيقة، إزداد أيضاً حسها بالخطر الملوح في أفق بلدها الذي جعل شعور الإنتماء يزداد داخلها وداخل جميع رفقاءها.

    خلف الكراسي توجد طاولة طويلة قامت والدتها بتحضيرها بالكؤوس والأطباق من أجل حفل الإستقبال التالي للمراسم. وخلف الجدران المعلنة لحدود المدرجات يمكن للفرد رؤية سطوح المنازل في القدس.

    عينا يائيل تحترقان...

    صعد الحاخام أخيراً على المسرح وبدأ خطابه:

    نحن اليوم هنا لإحياء الذكرى العاشرة على إختفاء إران. هو واحد من الأبناء الذين نجوا من المحرقة، واحد من الجيل الأول الذين أراد الرب إعادتهم بعد الكثير من المعاناة والمحن... كان الحاخام يتحدث عن والد يائيل التي تحفظ في ذاكرتها سياق هذه الخطابات: طفولة سعيدة، وسنوات تكوينه في كيبوتس زيكيم – التي تبعد عدة أمتار عن ما تسمى اليوم بقطاع غزة، ثم مدالياته الرياضية، وأخيراً مهنته العسكرية. كان أصغر مسؤول في الخدمة الخاصة في جيله كله، وهكذا حتى الوصول الى موته في حرب لبنان حيث ضحى بنفسه لإنقاذ فريقه خلال عملية حاد وسلس ضد الهجمات الإرهابية على زاريت شالوم.

    ومنذ ذلك اليوم علقت أسماء المعارك تلك في عقل يائيل، سمعت تلك الأسماء للمرة الأولى قبل عشر سنوات عندما قرع مسؤول شاب باب بيتهم ذو طراز الباوهاوس في جادة روتسشيلدا في تل أبيب. في ذلك اليوم المشؤوم، كانت يائيل التي قد بلغت الثامنة في الحديقة الأمامية الصغيرة مع صديقتها زوهر تلعبان لعبة الكبار وتقومان بتلطيخ وجوه بعضهما بمساحيق التجميل الخاصة بوالدتها.

    ترجل ذلك الرجل من سيارة ليموزين، ثم إقترب منها ودعاها للحاق به الى الداخل حيث إلتقى مع والدتها هودايا. شاهدت أمها تنهار على الكرسي ببطنها ذو السبعة شهور الذي يحتضن من ستكون قريباً أختها أريل، التي لن تلتقي بأباها أبداً. وتذكرت يائيل مرة أخرى اخاها آفنر ذو الثلاثة عشر عاماً عندما حبس نفسه لمدة ثلاثة أيام في غرفته، وتذكرت شعور الفراغ الداخلي الذي لم تستطع ملئه طوال العشرة أعوام تلك.

    ترك فقدانها لوالدها فراغاً داخلها. إفتقدت حضوره الغالي في طفولتها، تلك اللحظات التي أمضتها بين ذراعيه في المرات القليلة التي أخذ فيها إستراحة من عمله لقضاء الأمسيات مع العائلة، وإجاباته لأسئلتها العديدة. كان رجل قد بدأت للتو بالتعرف عليه. وعلى الأغلب بسبب الفراغ بداخلها، قررت تلك الفتاة الصغيرة التي إضطرت للنضوج قبل عمرها السعي وراء الخدمة العسكرية والسير على خطى والدها كوسيلة للتقرب منه والتعرف عليه.

    ولسنوات عديدة، أمضت ساعات طويلة تُتعب أمها وأخيها بأسئلة عن حكايات وذكريات حياة إران، والآن تنتهز الفرص لسؤال رفقاء والدها السابقين ومدربيها عن أحداث في حياة والدها. واليوم، بعد عشرة أعوام إجتمع الكل هنا. نجحت أمها هودايا، التي قررت تكريس حياتها للعمل بعد وفاة إرن، في إقامة عمل تعهد طعام للمناسبات وحالياً أصبحت واحدة من أشهر مقدمي الطعام في تل أبيب. أما أخيها أفنر الذي قارب على إكمال خدمته العسكرية بعد عدة أسابيع، شاب جذاب، ذو ملامح شبه مثالية وطابع غامض يعزز من جاذبيته. وبالرغم من أن نصف فتيات تل أبيب تعشقنه، ظل هو وفياً لزوهر التي تجلس بجانبه وتمسك بيده. فزوهر صديقة يائيل هي الآن حبيبه أخيها. وعلى الآغلب أزهر حبهما خلال تلك الأيام الثلاثة التي انغلق فيها آفنر على نفسه قبل عشرة سنوات، فحينها لم يدع أحد غير زوهر بالدخول والتحدث إليه. وأخيراً، أريل التي يزداد عمرها سنة الآن عن عمر يائيل عندما فقدت والدها، هي لم تلتق به أبداً ولم تحتضنها يديه الكبيريتان قط. أتساءل ما الذي يجري في ذهنها عن سماعها لكلمات الحاخام، سألت يائيل نفسها قبل أن شد تفكيرها المشتت مجدداً الى ما يجري في الغرفة عندما تغيرت نبرة ستيرن في اداء المراسم:

    " نحن جميعاً نعرف هذه الحقائق التي تنتمي للتاريخ. ليست فقط لعائلة كوهين بل للوطن بأكمله. إسمحوا لي الآن بإخباركم ذكرى شخصية. في 1972 كنا نبلغ من العمر الخامسة عشر، وإران كان بالفعل بطلاً صغيراً..في الحقيقة كان بطلاً كبيراً في المصارعة. وإقترح عليه مدربه يوماً أنه إذا تدرب على اساس يومي فإنه قد يأخذه للمشاركة في الأولمبيات. وقضيت معه عدة ساعات أثناء أشهر تدريبه، وأدهشتني قوة عزيمته. وعندما واجهته في الحلبة، حسناً يمكنكم التكهن ماذا حصل، فقد شعرت بأنني أواجه ثلاثة خصوم في الوقت ذاته. بعد ذلك، في إحدى الأيام الأولى لشهر يونيو، ذهبت الى النادي لأجد إران يستريح على إحدى مقاعد غرفة تبديل الملابس وبمنشفة ملفوفة حول عنقه ودموع تملاً وجنتيه. إقتربت منه، ووضعت يدي على كتفه، وسألته عن ما حصل. نظر إلي إران بهاتين العينين السوداوين العميقتين - متأكد من أن الجميع ما زال يذكرهما.

    "هل تعرف رجلاً روسياً إنتقل من الإتحاد السوفيتي

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1