Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

ذاكرة الجدران المتصدعة
ذاكرة الجدران المتصدعة
ذاكرة الجدران المتصدعة
Ebook205 pages1 hour

ذاكرة الجدران المتصدعة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook


والإثنية والدينية، وفي تراجع رهيب للقيم الإنسانية والمثل الأخلاقية، تتغذى العصب السياسية من تناقضات المجتمعات الناعمة وتتصادم فيما بينها لتسلق هرم السلطة والاجتهاد للبقاء فيها 
تتعرض الرواية عبر فصولها السبع المفتوحة إلى أخطر وأقدم أنواع الصراع البشري، صراع يطغى فوق كل أنواع الصراعات ويشكل منتهاها، إنه الصراع السياسي الذي يقصم ظهر الشعوب ويجعلها بين رحى أنظمة متسلطة غاصبة ومعارضة غاضبة تنشد التغيير، تتحول حلبة الصراع إلى ميدان هائل تستجلب فيه أفتك أنواع الأسلحة المباحة من مختلف الأسواق، أسواق تباع فيها المثل الأخلاقية الحميدة والذميمة معا، فالغاية تبرر الوسيلة دائما، ومادامت الغاية لم تتحقق جاز الانتقال من وسيلة شرسة إلى أخرى أشرس منها
في هذا الخضم السياسي الذي يصبح معتركا رهيبا، لا يقاس النجاح إلا بقدر ما تحقق من أمن، ولما كان الأمن مسألة صعبة فإنه منوط بتحقيق قيم العدل، هذه القيم كفيلة بزعزعة سلطة الحاكم إذا غفل عن ترسيخها فيدفع الثمن غاليا وينتهي به الأمر إلى الزوال، وبالعودة إلى جدلية الصراع فإن النظام الذي يفقد مركزه يوما، لن تتخلى عصائبه عن السعي مجددا.

Languageالعربية
Release dateJun 5, 2022
ISBN9798201438562
ذاكرة الجدران المتصدعة

Read more from Gueddimi Kamel

Related to ذاكرة الجدران المتصدعة

Related ebooks

Reviews for ذاكرة الجدران المتصدعة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    ذاكرة الجدران المتصدعة - Gueddimi Kamel

    مقدمة

    حول رواية ذاكرة الجدران المتصدعة

    في عالم تلتهب فيه الصراعات الاجتماعية والنعرات الطائفية والإثنية والدينية، وفي تراجع رهيب للقيم الإنسانية والمثل الأخلاقية، تتغذى العصب السياسية من تناقضات المجتمعات الناعمة وتتصادم فيما بينها لتسلق هرم السلطة والاجتهاد للبقاء فيها.

    تتعرض الرواية عبر فصولها السبع المفتوحة إلى أخطر وأقدم أنواع الصراع البشري، صراع يطغى فوق كل أنواع الصراعات ويشكل منتهاها، إنه الصراع السياسي الذي يقصم ظهر الشعوب ويجعلها بين رحى أنظمة متسلطة غاصبة ومعارضة غاضبة تنشد التغيير، تتحول حلبة الصراع إلى ميدان هائل تستجلب فيه أفتك أنواع الأسلحة المباحة من مختلف الأسواق، أسواق تباع فيها المثل الأخلاقية الحميدة والذميمة معا، فالغاية تبرر الوسيلة دائما، ومادامت الغاية لم تتحقق جاز الانتقال من وسيلة شرسة إلى أخرى أشرس منها.

    في هذا الخضم السياسي الذي يصبح معتركا رهيبا، لا يقاس النجاح إلا بقدر ما تحقق من أمن، ولما كان الأمن مسألة صعبة فإنه منوط بتحقيق قيم العدل، هذه القيم كفيلة بزعزعة سلطة الحاكم إذا غفل عن ترسيخها فيدفع الثمن غاليا وينتهي به الأمر إلى الزوال، وبالعودة إلى جدلية الصراع فإن النظام الذي يفقد مركزه يوما، لن تتخلى عصائبه عن السعي مجددا إلى استعادة المجد الضائع بنفس الوسائل والغايات، ويبقى الصراع مفتوحا إلى أن يشاء الله. 

    كمال قديمي

      

    إهداء

    أهدي هذا العمل

    إلى كل حالم بعالم جميل..

    تنويه

    الرواية بكامل أحداثها وشخوصها، من نسج خيال المؤلف، وأيّ تطابق لمجريات فصولها مع الواقع، أمر مقصودٌ مع سبق الإصرار والترصّد.

    ––––––––

    كمال قديمي

      

    الفصل الأول

    « الغريب »

    استيقظ مفزوعا في عمق الليل والعرق يتصبب من جبينه، الحمى ألهبت جميع مفاصله، بقوة رجليه دفع دثاره نحو الأرض فأصابت حاشية منه صوان القصر النحاسي، تراقصت الأكواب الفضية المنصوبة عليه ثم تساقطت تباعا، محدثة جلبة في أرجاء المكان، زاد من شدة صخبها السكون وصلابة البلاط الرخامي.

    تناهى الصوت إلى آذان حراس المخدع فطلبوا الخادم في الحال، دخل فوجد الحاكم منتصبا في فراشه وأنفاسه المتلاحقة تحدث صفيرا متقطعا...

    - خيرا إن شاء الله، أندعو لك الطبيب يا مولاي..؟

    - لا أريد طبيبا، أحضر لي الوزير نبهان ولتتعجل.

    - أمرك مولاي.

    نزل بمشقة من فراشه ثم تناول بعض الماء واستلقى على أريكة، وصل الوزير في التو، لهثاته المتصاعدة كشفت جهده البالغ وهو يحث الخطى لإدراك الحاكم في أقرب وقت، وقد نال منه التعب.

    - أنا في حضرتك مولاي وردان، لا شك أن أمرا جللا لا يقبل التأجيل، قد دعاك إلى طلبي في هذا الوقت المتأخر، يا حاكم الزمان.

    - اسمع يا نبهان، أخذ الزمن مني زهرة العمر وشبابه، وتعاون الهرم والسقم على إخماد جذوتي فلم يبق من أيامي إلا النزر القليل...

    الوزير مقاطعا:- معاذ الله يا مولاي، إِنْ هي إلا وعكة عارضة، وستتعافى سريعا، خبرناك صلبا وستعود بقوة إلى حكم بلدة وادي العقارب.

    - يا وردان، دع أمر المرض جانبا، ما أريده منك بالضبط هو إعداد تقرير مفصل عن أسواقنا، وليكن جاهزا لمجلس الصباح، أطلعني بدقة عن سير نشاطها ومداخيلها، وروّادها من عامة الرعية والتجار والأغراب، هذا كل شيء، انصرف الآن ودعني أكمل نومي...

    سحب الوزير خطواته قافلا إلى بيته بعد ما وَدَّعَ سيده، كان صدره يغلي كالمرجل، لم يتوقع أن يكون فحوى لقائه المرهق العاجل بالحاكم في آخر الليل، تافها لهذه الدرجة، هذا جوهر ما يقوم به كل شهر، و من المثير للسخرية أنه لم ينقض أسبوع على آخر عرض قدمه لأعضاء المجلس، ربما يريد الحاكم إطلاق وصية أو اتخاذ قرار، على أية حال الوزير نبهان، الكهل الأشقر المتقد دهاء وحيلة، لن يجد عسرا في تمرير عرضه، يملك من أساليب المراوغة ما يجعله قادرا على استمالة أعضاء المجلس كالعادة حتى أنه سيجدد عرض تقريره السابق، مع إضافة بعض التوابل لا غير.

    في أول ساعات الضحى التأم المجلس بجميع أعضائه، يتقدمهم الوزير المعتدّ بثقته، وإلى جانبه استوى متعهد الأسواق وأمين الخزينة ورئيس الشرطة وقائد الجيش وكبير القضاة.

    أعلن الحاجب وصول الحاكم فوقف الجميع للتحية والاستعداد، بدا في أفضل هيئة بعد ليلة مضنية، جلس وأشار للبقية بالجلوس، نظر مليا في صحيفة كانت بيده ثم تحدث إلى الجمع بصوت بين الخفض والرفع:

    - هذا اليوم سيكون شاهدا عليكم في الالتزام بتنفيذ وصيتي، ومن يجد في نفسه شيئا من الاعتراض، عليه أن يُقِرَّ من الآن...

    الوزير بأعلى صوته:- لا عاش من يقف في طريق إرادتك يا مولاي...

    - لم أسمع رأي الآخرين...

    في أزمنة متقاربة، تعالت حناجر الحضور بالصياح:

    - نحن رهن إشارتك... كلنا طوع أمرك... وصاياك دين في أعناقنا يا مولاي... نعاهدك بشرفنا على ذلك.

    سادت برهة من الصمت المكان ثم أخذ الحاكم وردان الكلمة مجددا: قبل عرض وصيتي، أود أن يفصل لنا الوزير نبهان ما أردناه منه.

    - ليعلم مولاي الحاكم، أن شؤون الدولة تجري على أحسن الأحوال وأنه بفضل رعايتكم السامية وحسن تدبيركم، تنعم الرعية برغد العيش وسعة الرزق، أسواقنا عامرة وأرباحها مجزية...

    نبشر سموكم بأن مداخيلنا، تجاوزت مليون مثقال ذهب وضعفها من الفضة، عدا ما ننتظره من تسديد إمارات عشّ النسر وقيسمون وصفران لمستحقاتنا من ديون لنا في رقابها...

    الحاكم وردان مقاطعا:- إن صحّ ما تقول فأنا في غاية الرضا، لكن لم تخبرني بقيمة ديوننا المستحقة وتوقيت سدادها...

    - اعلم يا رعاك الله، أنه لنا في ذمّة هذه الدول ما يناهز خمسة ملايين مثقالا من الذهب، ويُؤمل دفعها في موسم الخريف...

    - حسنا، احرص على ذلك بكل جهدك، والآن أرجو أن يتهيأ جمعكم الكريم لسماع الوصية...

    الوزير نبهان:- كلنا آذان صاغية يا مولاي...

    - في أحد أيام الشهر المنفرط، تنكرت في زي تاجر ونزلت إلى شوارع البلدة، ولما اقتربت من خان المحطة الذي ينزل به التجار الأغراب سمعت من حديث رجلين ما يفيد بأن إمارة الجبل تجهّز حملة لغزونا في أقرب فرصة، وأنها تمهيدا لذلك قد بثت عددا من العيون والجواسيس في أسواقنا، وعليه ندعو رئيس الشرطة إلى إحكام المراقبة وقائد الجيش لأخذ أقصى درجات التأهب،

    ونأمر وزيرنا بتحصين مداخل المدينة وإعلاء أسوارها.

    في الأخير أعلنوا قرارنا بتجنيد كل قادر على حمل السلاح من النساء والرجال وإخضاعه للتدريب بقوة القانون وكل رافض لأوامرنا السامية، القوا به في أتون السجن حتى يتعفن، ولا تستثنوا أحدا ولو كان أقرب المقربين لكم، هذا ما جمعتكم اليوم عليه، رُفعت الجلسة.

    تفاجأ المجلس بقرارات الحاكم العاجلة، وظن أعضاؤه أنهم مقبلون على حرب وشيكة، إلاّ الوزير نبهان الذي ظهر أكثر هدوءًا وسكينة، رغم أن العبء الأكبر سيقع على كاهله في تدبير شؤون قادم الأيام.

    بدأت حملة التجنيد مبكرا هذا الصباح، وسيقت خلائق كثيرة بذكرانها وإناثها إلى ثكنات التدريب، لم تكن هناك أدنى فرصة للتملّص والهرب في مداهمة أتت على حين غرّة، أما الرفض فكان علاجه التحذير ثم يصير حبسا إن تحول إلى تعنّت وممانعة.

    بين عشية وضحاها اضطرب حبل المدينة وضيّعت الكثير من سكينتها، اختلط الأمر على ساكنيها، ولم يفقه سوادها ما صار يجري بين طرقاتها.

    أوشك النهار أن ينتصف حين اقتربت الخيول من مدخل البلدة، لقد أنهكها المسير وبالأخصّ ذلك الحصان الأسود، لقد تباطأت خطواته بعدما أثقلته أحمال الماء والزاد والمتاع، على عكس الحصان الأبيض الجموح، الذي يمتطيه الشاب الوسيم باسل، و حتى فرس مرافقه الخادم جوهر لازال فيها بعض الرمق من الحياة والمكابرة.

    اشتدّ الصياح عند أسوار المدينة في مشهد لم يألفه الفتى، حشدٌ كبير جدا من البنائين والمهندسين والأعوان، الحركة دائبة والعمل بلا انقطاع، سلالم عملاقة مسندة على امتداد الجدران وأحجار ضخمة لا تتوقف عن الارتفاع والرصف بإحكام.

    نزل باسل على مقربة من البوابة وتبعه جوهر مترجّلا وهو يسوس الخيول برفق، أوحت هيئة الشّاب وكثرة متاعه بصورة التاجر الكبير لدى جندي الحراسة فاستوقف القادمين وهو يقول:

    - يبدو أنك تاجر مألوف لدينا يا سيدي، تفضل بالاستراحة في الخان، أخبرنا فقط باسمك وموطنك وعدد أيام إقامتك، لنتمكّن من حمايتك.

    منح باسل الجندي ما أراد ففتح الأخير له دفّة واحدة من البوابة كانت كافية لاقتحام البلدة بخيوله...

    لاحظ جوهر حركة غير عادية تخللت المسافة القريبة التي تفصل فرسه عن حصان المتاع، أسرع لتفحص الأمر فاكتشف جسما يكاد يلتصق بالأمتعة ويتحرك معها بخطوات حذرة، رفع سيفه ليهوي على من حسبه لصا، لكن صاحب الجسم النحيل وقد شعر بالخطر الدّاهم، رفع رأسه وشخص ببصره في وجه الخادم، ارتبك الأخير وشعر بشلل يكبّل مفاصله، لم يصدق أنه يواجه فتاة حسناء

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1