Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

أوراق من دفاتر المحروسة
أوراق من دفاتر المحروسة
أوراق من دفاتر المحروسة
Ebook247 pages1 hour

أوراق من دفاتر المحروسة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تَوَشَّحَت المحروسة بالسواد ونكست أعلامها...

نعت أمير بحارها ،وبكت وحشة أسطول كساها عزة وجلالا حينامن الدهر...

أدبرت أيام الهيبة والرَّخَاء، وحَلَّتْ مواسم الرهبة و العزاء،

عصفت رياح الفتن وساد الضياع...

نخرت دسائس البر والبحر قصور الحكم وشوامخ القلاع...

عَمَّت الفوضى واسْتَبَدَّ الرَّعَاع...

انتفض الجند والجياع...

فأين المجد الذي أضاء صحائفك عهودا طوالا يا محروسة؟       .

    وأين صرخات (بربروس) المدوية في أعاليك؟

         .

    أين سطوة جبابرة البحر وسادة الحوض المصان؟            

Languageالعربية
Release dateSep 26, 2021
ISBN9798201518288
أوراق من دفاتر المحروسة

Read more from Gueddimi Kamel

Related to أوراق من دفاتر المحروسة

Related ebooks

Related categories

Reviews for أوراق من دفاتر المحروسة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    أوراق من دفاتر المحروسة - Gueddimi Kamel

    مقدمة حول رواية: أوراق من دفاتر المحروسة

    تدور أحداث الرواية في الجزائر خلال الفترة العثمانية، يمتد إطارها الزمني من منتصف القرن الثامن عشر إلى العقد الثاني من القرن التاسع عشر الميلاديين (1750م-1815م).

    إنها مرحلة حاسمة من حكم دايات الجزائر الأواخر، حافلة بالمتناقضات والمتغيرات السياسية والاجتماعية تتقاطع مسارات أبطال الرواية على اختلافها عبر فصولها الست لتشكل فسيفساء سياسية واجتماعية متميزة، تتقدمها شخصية (الرايس حميدو) مفخرة البحرية الجزائرية من جهة والدايات الذين عاصرهم طيلة حياته المفعمة بالأمجاد والنكسات من جهة ثانية. أبرز هؤلاء الدايات ممن حكم المحروسة(الجزائر) ، الداي(محمد عثمان باشا) والداي(حسن باشا) ثم من يليه من دايات ضعاف، وإلى جانب هؤلاء تحضر شخوص أخرى بشكل مؤثر كالتاجرين اليهوديين(بكري) و(بوشناق) وبعض ملوك وقادة وقناصل أوروبا وأمريكا وكذا حكام أقاليم (وهران) و(التيطري) و(قسنطينة).

    تسلط الرواية الضوء على الواقع السياسي الذي ميزته مواجهة الغارات البحرية الأوروبية وكذا تقلبات العلاقات الخارجية للجزائر بين الحرب والسلم، أما داخليا فتبرز الرواية مظاهر الضعف في قصر الحكم وما صاحبها من الدسائس والمكائد التي أورثت فوضى واضطرابات داخلية. تضم الرواية ستة فصول، أسميتها مجازا ورقات و هي:

    1- الورقة الأولى: نوبة الإسكافي: مصادفة غريبة، تجعل إسكافيا مغمورا يتقلد أعلى منصب في الدولة الجزائرية.

    2- الورقة الثانية : سطوة البحر : تتوالى الحملات البحرية الأوربية وتنكسر على أرض المحروسة  فيما يشهد نهاية هذا الفصل ميلاد مفخرة البحرية الجزائرية (الرايس حميدو).

    3- الورقة الثالثة: لحن الصواري: طفولة حالمة متوهجة بركوب البحر، تقود ابن الجزائر إلى شق طريقه رغم الصعاب، يجتهد، يتحدى، يتدرج في المعالي نحو مرتبة (أمير البحار).

    4- الورقة الرابعة: الثغر الوهراني: استعصى فتحها وافتكاكها من يد الاسبان ثلاثة قرون ولما تحررت كتب ذلك بحروف من ذهب، زادت وهران من هيبة الجزائر البحرية، أضحى أسطولها شوكة في حلوق الغزاة، كيف لا وقد عين على رأسه (الرايس حميدو) الذي أخذ في حصد الانتصارات.

    5- الورقة الخامسة: دسائس البر والبحر: مع تولي الدايات الضعاف شؤون الحكم، تكثر الدسائس ومع سطوع نجم (الرايس حميدو) تعظم مكائد الحساد، والنتيجة دخول البلد في مرحلة الترنّح والضعف.

    6- الورقة السادسة: فجر الغوغاء: ينحدر الوضع السياسي والاجتماعي إلى مستوى رهيب من الضعف ، تسود فيه الغوغاء وتضرب الهمجية في العمق، يأفل نجم البحرية الجزائرية باستشهاد عظيمها وفخرها (الرايس حميدو) والمؤكد أن القادم ليس جميلا. 

    المؤلف: كمال قديمي

    تنويه

    كل أحداث الرواية وشخوصها واقعية إلى حد بعيد..!

    إهداء

    إلى كل من ذاب عشقا في هوى المحروسة..!

    المؤلف:

    كمال قديمي..

    الفهرس

    مقدمة حول رواية: أوراق من دفاتر المحروسة .........................أ

    تنويه

    إهداء

    الورقة الأولى :  نوبة الإسكافي

    الورقة الثانية : سطوة البحر

    الورقة الثالثة:  لحن الصواري

    الورقة الخامسة: دسائس البر والبحر.

    الورقة السادسة: فجر الغوغاء

    الورقة الأولى :  نوبة الإسكافي

    تحت جنح ظلام حالك لا تقوى قناديل الطريق على شق عتمته، ووسط هالة من الضباب الكثيف المنساب نحو أديم الأرض، وبين صخب الأمواج المنكسرة على رصيف الميناء الحجري الصامد رغم عنفوان البحر،يخرج (الكرماني)من بيته في أعالي المحروسة قبل الفجر،ينزل عبر أزقة القصبة الضيقة ، وهيهات أن يبلغ ضيقها ربع ما يكابده من ضنك العيش و مشاق الحياة.

    في ساعات الصفاء،يعلق زاد يومه بإحكام على كاهله بكيس خفيف نسج من فتائل الصوف،أما في الليالي الماطرة فيرغم الرجل على استبداله مكرها بجراب من جلد ينهكه بثقله ويصفع خشمه الكبير برائحة مقززة كلما التفت يسارا، يصبر أحيانا ، ويمتعض أحيانا أخرى فيملأه الغضب السريع،يوشك غير ذي مرة أن يلقي بخرقة الجلد النتنة بعيدا في مجرى الوادي الصغير المحاذي لمسلكه،لن يبعث فيه ذلك بلا شك أدنى حسرة أو ندم فالتعاسة مضمونة بالكامل و في الحالتين معا، بالجراب أو بدونه.

    نصف خبزة من شعير منحتها ساعات النهار صلابة الحجر وحفنة زيتون أرجواني يدنو من الجفاف، وقطعة جبن ماعز جافة الحواف وتمرات يابسة،وبقايا حلوى من أمس منصرم،طبق متواضع متنوع،تعاد جل تفاصيله ، وتسجل حضورها اليومي بانتظام عجيب على مائدة (الكرماني) الحديدية الصغيرة.

    خصلة شعر خالطها بعض الشيب انسدلت على أعلى الخد وطفقت تتحرك على وقع نسمات بحرية عارضة ، لفحت إحداها وجه الرجل الباهت فاستيقظ حينها من كوامن أحزان سحيقة كانت قد استوطنت أعماقه منذ أمد ليس بالقصير،عبثا يجتهد في تناسيها،وعنادا تجتهد في ملازمته كالعاشق الصب وما عاد يرى منها فكاكا في الغدو والرواح .

    لا زال يحدث النفس بجرحها الغائر القديم، وقد ناهز الخمسين  من عمره،ما إن ينساه أو يتناساه حتى يغير مجددا على ذاكرته،لقد نقش المُصَابُ في تقاسيمها وشما عَصِيَّ الزوال،لم يضرب صفحا عن استحضاره رغم انقضاء زهاء عشرين عاما عليه أو يزيد  فيا له من ألم جاثم رهيب ..!

    إلى اليوم، لم يهضم سبب صرفه من الانكشارية (الجيش) وكانت بحق عالمه الجميل وعشقه الأوحد، صنعت منه بطلا أسطوريا خارقا،خَبِرَ الأهوال وخاض المعامع وشهد النوازل ورد الغارات في البر والبحر.

    تغير الحال ولم يبق للرجل شيء من رائحة البارود ودوي القذائف وحبال الصواري،إلا ما قد عَلِقَ منها في نعال أصحابه  من الجند القدامى،حين يَؤُمُّونَ عتبة دكانه لإصلاحها أو استبدالها بنظائر جديدة،يُقَلِّبُهَا بين يديه برهة من الزمن كأوراق صحيفة ويتحسس من ملمسها الخشن مواطن العزة والكبرياء ومواطئ الأنفة والإباء.

    إسكافي بائس مغمور،مأسور في قوقعة الماضي العميق، حياته نسخة مكررة،ينساب طيفها مع السحر من أعالي القمة البيضاء إلى سور الميناء المجيد،ثم تَعْرُجُ صعودا من جديد مع انسحاب آخر خيط من خيوط شمس الأصيل الذهبية نحو الغروب.

    إن الحب الكبير الذي يحمله لك أيتها المدينة المعلقة المطوقة وسكن شِغَافَ قلبه،هو ما يبقيه متمسكا بالحياة على الدوام رغم شظفها ولولا ذاك لكان قد قضى هَمًّا أو تَغَرَّبَ في المنفى.

    بوركت أسوارك المنيعة المحصنة وسلمت أحجارك المقدسة  من عهد ( بربروس) يا جزائر،شمخت قلاعك الصلبة و صمدت حصونك العاتية في وجه الردى،على مر العصور.

    يصدح صوت الحق بنداء الصلاة للصبح وهو على مقربة  من حمام (يوسف الميزابي)،يتوضأ بالماء الساخن ثم يَحُثُّ الخطى بهمة ونشاط ،عَلَّهُ يظفر بوقت الجماعة.  تتسلل أنوار الصباح بالتدريج بعد ليلة هادئة آمنة بين صفحات الضباب و تشق طريقها خلاله بكبرياء،لا يملك إذاك إلا أن يتوارى عنها متراجعا منهزما،فاسحا لها المجال لتنثر كالعروس سناءها  المسترسل الجميل من قمة القصبة إلى آخر نقطة من أرجاء المحروسة.

    يهيمن الضوء على الزمان و المكان فتستيقظ المدينة العامرة ويندفع نبض الحياة عبر شارع السوق الكبيرة(بيوك شارسي)،الذي اخترق البلدة كالسيف وفرق بعدالة متناهية بين شطريها العريضين ، الأعلى والأدنى.

    تخرج الخلائق من سباتها المألوف وتشرع في التدفق والانسياب من أوكارها المتلاصقة،جريا وراء مآربها اللحوحة عبر الدروب الضيقة والانعراجات الشديدة الانثناء ، بين الدكاكين والجوامع وخلف الممرات والحمامات والمقاهي وسائر العمائر الأخرى.

    يأخذ السُّقَاةُ قصب السبق في هذه الحركة اللولبية الدؤوبة،يتنقلون بجرارهم وقربهم صعودا ونزولا دون ملل،في مسارات الأزقة المختنقة بالمارة،فيملؤونها بصياحهم الذي لا ينقطع وهم يجتهدون في إيصال الماء العذب إلى أقاصي الأحياء،كي تنعم ربات البيوت بقضاء أشغالهن.

    دخل دكانه وألقى متاعه ثم سارع إلى فجوة صغيرة في جداره تطل على الزقاق الشرقي،سماها ظلما نافذة،أزاح عنها حجرا ثقيلا فانبعث الهواء وعم الضوء المكان،أما أشعة الشمس فقد مدت ألسنتها المستقيمة إلى عتبة الباب.

    شرع في تجهيز معدات العمل و ما كاد حتى انتهى إلى سمعه صوت مألوف دغدغ أذنيه:

    –السلام عليكم،صباحك مبارك يا سيدي (الكرماني).

    – وعليكم السلام يا(موسى البسكري)،أفرغ حمولتك في الدلو الكبير وعد مساء لتحصيل دراهمك ، أكون حين ذاك قد اختبرت جودة مائك و صفائه،والويل لك يا ابن الصحراء إن أصابني منه سوء طعم أو رائحة،فأكثر سُقَاةِ هذا الزمان مخادعون.

    استاء السَقَّا من غلظة الاسكافي،تمالك نفسه ورد معلقا - معاذ الله يا سيدي،أجلب مائي من نبع(سيدي رمضان)،عملي أصيل وحرفتي قديمة ،ولست بمن يخدعك.

    - سنرى ذلك،شكرا لك أيها السَقَّا،صحبتك السلامة .

    كومة من النعال الجديدة المصبوغة تنتظر البيع بعد يومين من التجفيف،وكومة أخرى يتأهب الإسكافي لترقيعها،وعلى الرف حزمة من الجلد الأصيل،سيشرع في تحويلها إلى نعال جميلة.

    يشد الخيوط بقدر المقاس المناسب،ثم يفتلها جيدا ويفركها بقليل من الشمع الأحمر ليحد من سمكها ويزيد مرونتها فتصبح في تمام الجاهزية،يضعها في عين الإبرة المقوسة كي تفعل فعلتها السحرية في الجلد الممطوط،فلا يتوانى في الإذعان لوخزاتها وحينها فقط تلتئم نهاية أطرافه العليا والسفلى مع بعضها البعض متماسكة بانسجام أنيق،ربع ساعة من الطلاء الملمع المجلوب فوق ظهر السفن خصيصا من (البندقية) تكفي بعد ذلك لإعطاء لمسة الجمال اللازمة،يبقى في الأخير يومان من التجفيف وتكتمل أجزاء الأحجية مشكلة نعلا جديدا يسر الناظرين...

    ارتفعت شمس الضحى مقدار نصف رمح وزادت زحمة المَارَّةِ في الشارع، انتبه الإسكافي لجلبة عارضة، هرج ومرج ثم تدافع كبير بين الناس نحو سور الميناء.

    إنها نفرة النزول المحبذة لاستقبال رياس البحر العائدين المظفرين المحملين بأثمن ما جادت به غزوات مراكبهم،غنائم قَيِّمَةٌ،للبحارة فيها كل الفخر   و الثراء،وللأهالي تجارة وعطاء.

    طلقات مدافع الرياس الغانمين مميزة ومعروفة جدا دويها المنطلق من عرض البحر نحو عنان السماء، يسبق دخانها المنبعث ببطء كشبح جميل، يبدو الأمر   و كأنه استعراض ترحيبي مثير، إيذانا بوصول الأبطال.

    تلك قصة جميلة أخرى أما نفرة الصعود فَحَدِّثْ ولا حرج، إنها النقيض تماما والجحيم بعينه، يشحنها الذعر والهلع من طلقات قذائف السفن الغازية فلا يجد الأهالي إذاك من بُدٍّ إلا الفرار من نوبات القصف، أو الاحتماء بالقلاع ،أو الاختباء خلف الأسوار والأبواب ساعات عدة، إلى أن تنجلي الغارة أو تنكسر بأرض المحروسة على يد الجند البواسل، وفي ذلك قدر أكيد من الخسائر في كل الأحوال هكذا جُبِلَتْ حياة القوم هنا وحُصِرَتْ رَدْحًا طويلا من الزمن بشكل رتيب رهيب، بين نفرتين متعارضتين، تزرعان في النفوس بلا هوادة و بالقسطاس المستقيم، سعة العيش وهوس الموت جنبا إلى جنب، ما أغرب الحياة خلف أسوارك العالية، أيتها المدينة المُتَقَلِّبَة؟ ترك( الكرماني) محل عمله مفتوحا على غير انتباه، نزل بضعة أمتار وشَخَصَ ببصره خلف سور الميناء، المؤكد أن أول ما يطلبه هو راية المركب، إنها بطاقة الهوية وعنوان الحكاية الجارية فصولها في

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1