Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

سُودة: 1925-1907
سُودة: 1925-1907
سُودة: 1925-1907
Ebook253 pages1 hour

سُودة: 1925-1907

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

لقد كانت تلك الليلة الباردة في طريقي للطائف صَعْبةً؛ عندما ظهر لي ذلك الجمل كسراب يقترب شيئاً فشيئاً، لمْ أكن أتصور أنهُ يحمل على ظهره تلك الوليدة، أدركت حينها أن أمامي خيارين، أحدهما ما رسمْتُه لنفسي، والآخر ما جلبته لي الأقدار.. وكانت الرحلة في طريق تحمُّل المشاق، وتلك الأمانة التي لم أكن أحسب حسابها قبل تلك الليلة (مُصعب). نظن أننا من نرسم طُرقنا ومساراتنا في هذه الحياة، إلَّا إنَّ الواقِع هو أنَّنا مَن نختَارُها، وما أصعَب أنْ يوضَع الإنسان بين طُرق رسمتها الأقدار له وحَرَمَتْه حقَّ الاختيار فيما بينها (سُودة). لمْ تكُنِ الفُرَص لتطرِق أبوابنا، ولكن عندما ابتسم لنا القدر ودقَّت الفُرص نوافذنا وأبوابنا، لم نمنع غريزتنا الانتهازية مِنْ قَنْصِها وتحويلها لصالحنا، وإن كانت تطرق نوافذنا وأبوابنا بالخطأ (صفية).
Languageالعربية
Release dateNov 29, 2023
ISBN9789948781745
سُودة: 1925-1907
Author

عامر بن علي

عامر بن علي، كاتبٌ وباحثٌ في القانون، والتَّاريخ، والأديان، والحضارات، مُهتمٌّ بالمجال الاقتصاديِّ. حاصل على البكالوريوس في القانون والماجستير في الأديان والحضارات، وعلى الدبلوم في التَّحكيم التِّجاري الدولي. حاصل على العديد من الشهادات في مجال التَّنمية البشريَّة، وعِلم النَّفس، والأمن السيبراني، والعلوم المصرفيَّة، والاقتصاديَّة.

Related to سُودة

Related ebooks

Reviews for سُودة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    سُودة - عامر بن علي

    عامر بن علي

    عامر بن علي، كاتبٌ وباحثٌ في القانون، والتَّاريخ، والأديان، والحضارات.

    حاصل على البكالوريوس في القانون والماجستير في الأديان والحضارات، وعلى الدبلوم في التَّحكيم التِّجاري الدولي.

    حاصل على العديد من الشهادات في مجال التَّنمية البشريَّة، وعِلم النَّفس، والأمن السيبراني، والعلوم المصرفيَّة، والاقتصاديَّة.

    الإهداء

    إلى بني آدم،

    لا يوجد عبيدٌ إلَّا لله؛ لأنَّهُ خالِقنا،

    لأنهُ فاطِرنا، لأنَّهُ يعلم ما تُخفي صدورُنا،

    لأنَّه أقرب إلينا مِن حَبل الوَريد،

    لأنهُ لا يُكلِّف نفُوسَنا فوق طاقتها،

    لأنَّهُ كلُّ شيء!

    حقوق النشر©

    عامر بن علي2023

    يمتلك عامر بن علي الحق كمؤلف لهذا العمل، وفقًا للقانون الاتحادي رقم (7) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة 2002 م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

    جميع الحقوق محفوظة

    لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأي وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.

    أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948781738 (غلاف ورقي)

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948781745 (كتاب إلكتروني)

    رقم الطلب:MC-10-01-3691960

    التصنيف العمري:E

    تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقًا لنظام التصنيف العمري الصادر عن وزارة الثقافة والشباب.

    الطبعة الأولى 2023

    أوستن ماكولي للنشر م. م. ح

    مدينة الشارقة للنشر

    صندوق بريد [519201]

    الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

    www.austinmacauley.ae

    202 95 655 971+

    إضاءة

    ضَع يدك اليمنى على الجهة اليسرى مِن صدرك،

    نعم، على قلبك.

    دَعها وانتظِر قليلاً حتَّى تستمع لنبضات قلبك.

    ألَم تسأل نفسك يوماً:

    كيف تنبض بشكلٍ متسارعٍ ومُنتظم؟!

    أَبعدْ يدكَ، واعلَم أنَّهُ مَن جعل قلبك ينبض

    هو وحده مَن يستحقُّ العبادة.

    الفصل الأول

    فالوطن ليس أكثر من عادةٍ، والبشر عبيدُ عاداتهم، ولأنَّهم عبيد عاداتهم تراهم قسَّموا الأرض إلى مناطق صغيرةٍ يدعونها أوطانهم.

    ميخائيل نعيمة

    مفكِّر، شاعر، قاصٌّ، مسرحيٌّ، ناقد وكاتب.

    (17 أكتوبر، 1889م – 28 فبراير، 1988م)

    جنوب الحجاز

    فبراير 1907

    رائحة التُّربة تفوح بعد انهمار المطر بعبق الورد الطائفيِّ، يبدو أنَّني على مشارف الطَّائف، كتُجَّار يجب علينا معرفة طُرق وخطوط التِّجارة، ولكن في مثل هذه اللَّيلة لا قمر ولا نجوم، تخلو السَّماء مِن زِينتها، ولا أكاد أرى سوى العتمة! يبدو أنَّني ضللتُ طريقي فقد بلغت من العمر الستِّين عاماً ولَم تعد تُسعفني الذَّاكرة، بدأ النَّوم يتملَّكني شيئاً فشيئاً إلَّا أنَّني آثرتُ على إكمال طريقي حتَّى أجد مأوى مُناسباً لنصب خيمتي.

    بعد بضع كيلومترات، اقتربت من مرتفعٍ صخريٍّ وبدأ المطر يتوقَّف شيئاً فشيئاً، أكاد أرى سرابَ جملٍ يحمل على ظهره هودجاً! دون وجودِ من يُرافقه ووحيدٌ، قُلت في نفسي: يبدو أنَّها مُجرَّد هواجسٍ لا أكثر، فلا أظنُّ شيئاً يوجد في ظُلمة هذه الصَّحراء.

    بدأتُ بنصب خيمتي الصَّغيرة، شعرتُ بصوت حوافرٍ لجملٍ تضربُ الأرض المرتوية من الأمطار، التفتتُ، فإذا بذلك السَّراب يزداد قُرباً أكثر، زغللتُ عينَيَّ فإذا بذلك الجمل حقيقةً، تركتُ عود الخشب الَّذي كُنت أرفع به الخيمة لنصبها، فإذا بالخيمة تضعضَعت، جلستُ أراقب خطواته نحوي في ارتيابٍ، حتَّى أوشك على الاقتراب كثيراً، وإذا بجلبابٍ ظاهرٍ من المحمل الَّذي على ظهر الجمل، سِرت بخطواتٍ بطيئةٍ نحوه إلى حيث توقَّف على بُعد مسافةٍ من نصب خيمتي، مشيتُ إليه حيث ظهر عليه الظَّمأ وبادرتُ بسقيه الماء من القربة المصنوعة من جِلد الماعز حتَّى بدأ يرتشفُ الماء بنهمٍ شديدٍ، فإذا به يقطع بأسنانه طرف القربة، انسلَّ الماء على الأرض، يبدو أنَّ هذه اللَّيلة ستكون أصعب ليالي العُمر، في وسط صحراء الحجاز دون ماءٍ ولا كلأ، توهانٌ وسط صحراءٍ شاسعةٍ في ظُلمة اللَّيل الحالكة المُخيفة للمسافر وحيداً، ولا زال يلزمني أيَّامٌ حتَّى أصل الطَّائف.

    وها هي قُربتي قد تَلِفت، فكيف سأروي عطشي في الأيَّام القادمة؟! رُبما المطر يتساقط في هذه الفترة من السَّنة، ولكنِّي لا أضمن ذلك حتَّى وُصولي لوِجهتي.

    قرَّرت وضع حجارةٍ كبيرةٍ على خطام ناقتي، بينما ربطت الجمل الآخر بوتدٍ حتَّى يحين الصَّباح من شدَّة النُّعاس، فقد اتَّخذت قراري بتركها حتَّى الصَّباح الباكر لربَّما أجدُ على ظهر هذه السَّائبة بضائعَ أو شيئاً يفي بالغرض.

    أصوات أسراب الطُّيور المُهاجرة تعلو السَّماء الزهريَّة مع نسيم هواءٍ صافٍ ومُنعشٍ، إنَّه الفجر قد طلع، كان حلمي سيِّئاً ومُنذراً بشؤمٍ، استيقظت من حُلمي منهكاً والعطش بلغ مبلغه منِّي، نهضتُ وخرجت من خيمتي فإذا بذلك الجمل أمامي باركاً على الأرض والهودج مكشوف! اقتربتُ سريعاً لتقصِّيه، وإذ بداخله رضيعٌ مقمَّطٌ ومربوطٌ بعنايةٍ من جانبَي الهودَج لا يكادُ يبان منه سِوى رأسه خارج المهاد، أزرق العينَين شديد سواد البشرة، ولكن ذُهلت، كيف؟ ومِن أين؟!

    أظنُّه حديث الوِلادة، يبدو جلياً مِن تصبُّغات بشرته، ورقَّة ملمس جلدهِ، هل كانت والدته البارحة هُنا؟! من سابع المُستحيلات أن يكون الجملُ قطع كُلَّ هذه المسافة بهذا الطِّفل ولا يزال على قيد الحياة! إنَّها مُعجزة، أشكُّ أنَّ والدته كانت داخل المحمل ليلة البارحة! يتوجَّب عليَّ أن أقوم بتمشيط المنطقة وأجدها على الحال وإلَّا مات هذا الطِّفل البريء بين يديَّ.

    حملتُ الرَّضيع واشتدَّ صِياحه، لا بدَّ أنَّهُ جائعٌ، ربطته على وسط بطني وبدأت أقتفي أثر أمِّ هذا الوليد، أنا متأكِّدٌ أنَّها لن تستطيع أن تبتعد إن كانت هربت على أقدامها فسأجدها حتماً، فور أن حملتُ الأمتعة وبضائعي الَّتي جلبتها من اليمن كي أذهب بها لتجارةٍ لي في دمشق، وجهَّزتُ رحلي وانطلقتُ، وبينما أنا أقتفي أثر السيِّدة لاحظت وجود قطرات دمٍ، تبِعتها حتَّى قادتني إلى واحة نخيلٍ تتوسَّطها شجرةُ سدر ذات ظلٍّ كبيرٍ، وهناك أسفل جذع تلك الشَّجرة الظَّليلة وجدتُ كميَّة الدِّماء متواجدةً تحت الشَّجرة بغزارةٍ مع أجزاء أقمشةٍ مقطوعةٍ ومشبوكة بأشواك السدر، دنوتُ أسفل الشَّجرة كي أرى إن تركَت خلفها أيَّ أثرٍ، وحينذاك بدأ الرَّضيع يبكي بكاءً شديداً من شدَّة جوعهِ.

    قُلت في نفسي: إن كانت تجلس حول هذه المنطقة فوراً ستدفعها غريزة الأمومة لإظهار نفسها على الحال، ولكن خاب ما كُنت أصبو إليه، فقرَّرت ألَّا أستسلم، فإن كان هدفي الوصول إلى دمشق آنفاً، إلَّا أنَّه الآن مع وجود هذا الصَّغير الجائع أصبح كلُّ ما أرجوه هو إيجاد أمِّه قبل أن ينقضي هذا اليوم وينقطعَ الأمل في إيجادها، حينذاك لن يكون هُنالك عليَّ من سبيلٍ سوى محاولة إنقاذه بالسَّفر إلى أوَّل محطَّةٍ نحو الشَّام والأقرب لنا وهي الطَّائف، يوجد الكثير من المُرضِعات في الطَّائف ولكن لا يمكنني التنبُّؤ بأنَّه سيبقى على قيد الحياة حتَّى ذلك الحين، عِوضاً عن عدم قدرته على تحمُّل مشقَّة السَّفر دون رضاعةٍ، وفي جميع الأحوال إن أكملت طريقي إليها فلا تزال على بُعد ما يُقارب ثلاث ليالٍ شمالاً.

    كان هُناك جبلٌ شمال الواحة يبعد قليلاً عن شجرة السدر، قمت بصعوده مشياً على أقدامي والطِّفل يزداد صوت بكائه حتَّى أنَّني لَم أعد أحتمل ذلك، الظَّمأ والعطش بالإضافةِ إلى كِبَر سنِّي وقلَّة خبرتي أو شبه انعدامها في التَّعامل مع الرُضع، وقدرة تحمُّلي لَم تعد كسابق عهدِها، استَشَطتُ غضباً وأكملتُ طريقي متَّجهاً شمالاً نحو الطَّائف فلا جدوى من إكمال صعود جبلٍ حتَّى قمَّته، قد يُرهقني ويجعل رحلتي أنا وهذا الطِّفل أكثر مشقَّة.

    لكن كانت المفاجأة بامرأةٍ مُلقاةٍ أرضاً ترتدي عباءةً سوداءَ لا ينكشف منها سوى وجهها الأسمر ذي الملامح العربيَّة الأصيلة ويبدو أنَّها نزفت كثيراً من دمها، لحُسن الحظِّ أنَّ الشَّمس لم تشتدَّ بعدُ، وإلّا كانت قد فقدَت وَعيها أو ماتت إثر ضربة شمسٍ، ولا شكَّ أنَّه عندما تصبح شمس الجزيرة العربيَّة عاموديَّةً لا ترحم مَن يتعرَّض لها في العراء، وهذا بالمعافى، فكيف بالسَّقيم!

    فور أن سَمِعَت بكاء الطِّفل حاوَلَت النُّهوض دون جدوى، اقتربتُ منها وفككتُ رباط الطِّفل من على بطني ووضعته على صدرِها، صارت تبكي وتحتضنه بشدَّةٍ وكشفَت عن ثديها وقامت بإرضاع الطِّفل الَّذي هجم على موقع درِّ الحليب بنهمٍ من شدَّة الجوع، اقتربت منها سائلاً:

    - من أنتِ يا امرأة؟ يبدو لي أنَّكِ هاربةٌ من موطنك، هل بإمكاني تقديم أيِّ مُساعدةٍ؟

    - آه! لقد فات الأوان على المساعدة، فكما ترى نزيف دمي الَّذي لَم يتوقَّف حتَّى الآن، أنا في الغالب أُصارع الموت، هذه الطِّفلة أمانةٌ في عُنقك، خُذ الحُليَّ الَّذي أتزيَّن به في معصميَّ، وذلك قبل دفني مباشرةً، هذا يُساوي الكثير، ولك منه النِّصف، كلُّ ما أريده منك رعايتها ومعاملتها أمام الملأ كطفلتك الَّتي ماتت عنها زوجتك.

    - طفلة! بالله عليكِ ما خطبكِ؟! ما حكايتك أنتِ وطفلتك؟!

    - أنا قصَّتي طويلةٌ وكثيرة التَّعقيد، هذه الطِّفلة لن يقبلَها أحدٌ؛ لا بين القبائل ولا في القُرى والمُدن لأنَّها سُوداءُ، ولأن أباها عبدٌ أسودُ مملوكٌ، مصيرها البيع في أسواق النِّخاسة، وأنا أواجه سكرات الموت كما ترى، أريد أن أطمئنَّ بأخذ عهدٍ منك بأن ترعاها كابنتك، ولا تقلق! هذا ليس كلَّ الحُليِّ الَّذي أحوزه، جزءٌ منه مدفونٌ، سأدلُّك على مكانه إن أخذتُ منك عهداً على الحفاظ على ابنتي.

    - ولكنَّني تاجرٌ ورحَّالٌ ولن أستطيع! وجودُ الطِّفل يلزمه الاستقرار، وأنا معظمُ وقتي في السَّفر والتِّرحال، وزوجتي متوفَّاةٌ منذ أمدٍ بعيدٍ، بالله عليكِ إن كان لكِ أهلٌ دُلِّيني عليهم وأنا سأسلِّم الطِّفلة لهم، وهذا سيكون أفضل لها.

    - رجائي لك أيُّها التَّاجر، كما يبدو لي أنَّك من أهل اليمن، أتوسَّلُ إليك قبل أن تنتقل روحي لخالقها، أن تتربَّى هذه الطِّفلة في كنفك، كما حدَّثتك إنَّهُ لا أهلَ لها سواي ومن بعدي ستهلك!

    - أمم.. يبدو أنَّني سأودِّع التِّجارة إن حصلت على هذا الكمِّ من الذَّهب وقمت ببيعه حسناً، إذن لكِ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1