Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التفسير البسيط
التفسير البسيط
التفسير البسيط
Ebook721 pages5 hours

التفسير البسيط

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعتبر كتاب التفسير البسيط – الواحدي من المؤلفات القيمة لدى الباحثين في مجال علوم القرآن والتفسير على نحو خاص، وعلوم الدعوة والعلوم الإسلامية بوجه عام حيث يدخل كتاب التفسير البسيط – الواحدي في نطاق تخصص العلوم القرآنية وعلوم التفسير ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل أصول الفقه، والدعوة، والعقيدة
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 12, 1901
ISBN9786432557176
التفسير البسيط

Read more from الواحدي

Related to التفسير البسيط

Related ebooks

Related categories

Reviews for التفسير البسيط

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التفسير البسيط - الواحدي

    الغلاف

    التفسير البسيط

    الجزء 28

    الواحدي

    468

    يعتبر كتاب التفسير البسيط – الواحدي من المؤلفات القيمة لدى الباحثين في مجال علوم القرآن والتفسير على نحو خاص، وعلوم الدعوة والعلوم الإسلامية بوجه عام حيث يدخل كتاب التفسير البسيط – الواحدي في نطاق تخصص العلوم القرآنية وعلوم التفسير ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل أصول الفقه، والدعوة، والعقيدة

    سورة القمر

    تفسير سورة القمر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    1 - {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} قال ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن كنت صادقًا فشق لنا القمر فرقتين، نصف على أبي قبيس، ونصف على قعيقعان، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن فعلت ذلك تؤمنون؟ قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر (1)، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ربه أن يعطيه ما قالوا فانشق القمر فرقتين، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم - ينادي المشركين يا فلان يا فلان اشهدوا (2)، ونحن على هذا، قاله عامة المفسرين، إلا ما روى عثمان بن عطاء (3) عن أبيه أنه قال: معناه وسينشق القمر (4)، وهو محجوج بإجماع المفسرين على خلافه، وبالأخبار المتظاهرة في انشقاق القمر، فقد روى جبير بن مطعم، وأنس، وابن عباس، وحذيفة، وابن مسعود، وهؤلاء الخمسة (5) رووا أن القمر انشق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال (1) مراد المؤلف (بليلة بدر) أن القمر انشق ليلة أربع عشرة كما ورد في بعض الروايات.

    (2) أخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس بلفظ أقرب من هذا. انظر: الدر 6/ 133.

    (3) في (ك): (عطية) والصواب ما أثبته. وهو عثمان بن عطاء بن أبي مسلم. أبو مسعود المقدسي، ضعيف، مات سنة (155 هـ). انظر: تقريب التهذيب 2/ 12.

    (4) انظر: الكشف والبيان، 12/ 21 ب، والوسيط 4/ 27.

    (5) قال ابن كثير رحمه الله قد كان هذا زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - كما ورد ذلك في الأحاديث = عبد الله: فرأيت الجبل بين فلقتيه، إحداهما خلف الجبل، والأخرى فوقه (1).

    ولأن قوله {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} يدل على أن هذا قد مضى وتقدم، وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر؛ لأن انشقاقه من علامات نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ونبوته وزمانه من أشراط اقتراب الساعة، قال أبو إسحاق منكرًا لقول عطاء: زعم قوم عَندوا عَنِ القصد وما عليه أهل العلم أن تأويله أن القمر ينشق يوم القيامة، والأمر بين في اللفظ، وإجماع (2) أهل العلم؛ لأن قوله:

    2 - {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} فكيف يكون هذا في القيامة (3). قال المفسرون: لما انشق القمر قال المشركون: سحرنا محمد، فقال الله تعالى {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً} (4) يعني انشقاق القمر {يُعْرِضُواْ}، أي: عن التصديق والإيمان بها.

    {وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} فيه قولان:

    أحدهما: ذاهب، وهو قول أنس، ومجاهد، ومقاتل، والكلبي، = المتواترة بالأسانيد الصحيحة، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات. تفسير القرآن العظيم 5/ 261، وانظر: فتح القدير 5/ 12، وروح المعاني 27/ 74 - 75.

    (1) انظر: صحيح البخاري، كتاب: التفسير، سورة القمر، باب: وانشق القمر، وإن يروا آية يعرضوا 6/ 178، صحيح مسلم، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: انشقاق القمر، ومسند الإمام أحمد 1/ 377، والمستدرك، كتاب: التفسير، سورة القمر، وسنن الترمذي، كتاب: التفسير 5/ 37 (3285).

    (2) في (ك): (والإجماع) والصواب ما أثبته.

    (3) انظر: معاني القرآن للزجاج 5/ 81

    (4) انظر: الوسيط 4/ 27، ومعالم التنزيل 4/ 258، وفتح القدير 5/ 12.

    وقتادة، واختيار الفراء والزجاج (1)، وأصله من قوله: مر الشيء على وجهه واستمر، أي: ذهب.

    القول الثاني: أن معنى المستمر: القوي الشديد، وهو معنى قول ابن عباس: يريد يعلو كل سحر، وهو قول أبي العالية، والضحاك، ورواية شيبان، عن قتادة، قالوا: محكم شديد غالمب قوي (2)، واختاره أبو عبيدة، والمبرد وابن قتيبة، فقال أبو عبيدة: (مستمر) شديد (3)، وقال المبرد: هو من قولك: ذو مرة أي: قوة، ومنه أمررت الحبل إذا شددت فتله، واستمر فلان على كذا إذا قوي واستحكم معرفته، قال: ومر فلان، هو من هذا، لأن معناه على الحقيقة بَعُد ولم يرتدع، كقولك: مر السهم (4)، ونحو هذا ذكر ابن قتيبة (5)، وقول الربيع بن أنس، ويمان بن رباب: نافذ ماضٍ (6) يعود إلى هذا؛ لأن نفوذه ومضاءه من قوته.

    3 - ثم ذكر تكذيبهم فقال {وَكَذَّبُوا} قال ابن عباس: كذبوا النبي -صلى الله عليه وسلم - وما عاينوا من عظمة الله وقدرته.

    {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} قال: ما زين لهم الشيطان من الباطل الذي هم (1) انظر: تفسير مجاهد 2/ 635، وتفسير مقاتل 132 ب، وتفسير عبد الرزاق 2/ 257، ومعاني القرآن للفراء 3/ 14، ومعاني القرآن للزجاج 5/ 82.

    (2) انظر: الكشف والبيان 12/ 22 ب، 23 أ، ومعالم التنزيل 4/ 258، والجامع لأحكام القرآن 17/ 127.

    (3) انظر: مجاز القرآن 2/ 24.

    (4) انظر: تهذيب اللغة 15/ 195، واللسان 3/ 466 (مرر) ولم أجده منسوبًا للمبرد.

    (5) انظر: تفسير غريب القرآن 431.

    (6) انظر: تهذيب اللغة 15/ 196، ولم ينسبه لقائل، والجامع لآحكام القرآن 17/ 127.

    عليه (1)، وقال الكلبي: يعني عبادة الأوثان (2).

    {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} قال الكلبي: لكل أمر حقيقة، ما كان منه في الدنيا فسيظهر، وما كان منه في الآخرة فسيعرف (3). ومعنى هذا ما ذكره مقاتل قال: هذا وعيد لهم. يقول: لكل حديث منتهى، يعني العذاب بعضه يقع بهم ببدر، وبعضه في الآخرة (4). وعلى هذا معنى الآية: وكل أمر مما قضاه الله من العذاب يستقر بهم في الوقت الذي قضاه، وقال قتادة: {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} فالخير (5) يستقر قرار تكذيبهم، وقرار قول المصدقين حتى يعفروا حقيقته بالثواب والعقاب.

    4 - وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ} يعني أهل مكة {مِنَ الْأَنْبَاءِ} أي: من أخبار الأمم المكذبة في القرآن {مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} يقال: زجرته وأزدجرته وهو كالنهي عن السوء للإنسان، ومنه قوله (وازدجر) وقد يوضع الازدجار موضع الازجار فيكون لازمًا، والدال في ازدجر مقلوب عن التاء وذلك أن الدال أقرب إلى الزاي من التاء لأنهما مجهوران والتاء مهموس.

    قال أبو الفتح الموصلي: فالافتعال إذا كان زايًا قلبت التاء دالًا نحو ازْدَجَرَ، وازْدهى، وازدار، وازدان، وازدلف، ونحو ذلك، وأصل هذا كله التاء ولكن الزاي لما كانت مجهورة، وكانت التاء مهموسة، وكانت (1) انظر: الوسيط 4/ 27، ومعالم التنزيل 4/ 258.

    (2) لم أجده.

    (3) انظر: معالم التنزيل 4/ 258، وفتح القدير 5/ 121.

    (4) انظر: تفسير مقاتل 132 ب.

    (5) كذا في (ك) وفيه سقط، وصوابه: أي بأهل الخير الخير وبأهل الشر الشر. وقال الفراء: يقول فالخير. انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 14، جامع البيان 27/ 52، والوسيط 4/ 27.

    الدال (1) أخت التاء في المخرج وأخت الزاي في الجهر قربوا بعض الصوت من بعض فأبدلوا من التاء أشبه الحروف من موضعها بالزاي وهي الدال فقالوا: ازدجر (2).

    والمزدَجَر هاهنا بمعنى الازدجار الواقع في المعنى ما فيه ازدجار لهم ووعظ ونهي، وليس بمعنى الانزجار، لأنه لو كان لهم فيه انزجار لكانوا قد انزجروا واتعظوا.

    قال مقاتل: يعني موعظة لهم وهو النهي عن المعاصي (3)، وقال السدي: ما فيه عظة (4).

    وجماعة من أهل التفسير والمعاني حملوا المزدجر هاهنا على المطاوع لأنهم قالوا في تفسيره منتهي ومتناهي ومتعظ، وهو قول الكلبي، ومجاهد، والفراء، والزجاج (5)، وعلى هذا لابد من تقدير محذوف كأنه قيل ما فيه انزجار لهم لو انزجروا، ومنتهى لو انتهوا.

    5 - ثم قال: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} قال مقاتل، والكلبي: يعني القرآن (6).

    قال أبو إسحاق: رفعت حكمة بدلاً من (ما) في قوله {مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ}، المعنى: ولقد جاءهم حكمة بالغة، وإن شئت رفعت بإضمار (1) في (ك): (الدال).

    (2) انظر: سر صناعة الإعراب 1/ 185 - 186.

    (3) انظر: تفسير مقاتل 132 ب.

    (4) انظر: معالم التنزيل 4/ 259.

    (5) انظر: تفسير مجاهد 2/ 636، ومعاني القرآن للفراء 3/ 14، ومعاني القرآن للزجاج 5/ 85.

    (6) انظر: تنوير المقباس 5/ 34، تفسير مقاتل 132 ب.

    هو {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} (1)، أي تامة قد بلغت الغاية في كل ما توصف به.

    قوله {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} ذكر الفراء، والزجاج أن (ما) يجوز أن تكون نفيًا على معنى، فليست تغني النذر، ويجوز أن يكون استفهامًا بمعنى التوبيخ ويكون المعنى فأي شيء تغني النذر إذا لم تؤمنوا (2)، وهذا كقول {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101] فإن قدرت ما استفهاما كان في موضع النصب بتغني.

    6 - ثم أمره بالإعراض عنهم فقال {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} وهذا مما نسخ (3)، وهاهنا وقف التمام (4).

    قوله: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} قال الزجاج: يوم منصوب بقوله {يَخْرُجُونَ مِنَ آلأجْدَاثِ} (5) وقال المبرد: (يوم) ظرف لقوله {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} (6) قال مقاتل: هو إسرافيل ينفخ قائمًا على صخرة بيت المقدس (7) {إِلَى شَىْءٍ نُّكُرٍ} قال إلى أمر فظيع.

    قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد يوم القيامة {إِلَى شَىْءٍ نُّكُرٍ} (1) انظر: معاني القرآن للزجاج 5/ 85.

    (2) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 15، ومعاني القرآن للزجاج 5/ 85.

    (3) انظر: الكشف والبيان، 12/ 23 أ، ومعالم التنزيل 4/ 259، وفتح القدير 5/ 121. قال مكي: وليس في سورة القمر، وسورة الرحمن، والواقعة شيء، وكذلك الحديد الإيضاح: 424، وقال ابن الجوزي: وقد زعم قوم أن هذا التولي منسوخ بآية السيف، وقد تكلمنا على نظائره وبينا أنه ليس بمنسوخ. نواسخ القرآن: 234.

    (4) اننطر: المكتفى: 545، ومعاني القرآن للزجاج 5/ 86، وزاد المسير 8/ 9.

    (5) انظر: معاني القرآن للزجاج 5/ 86.

    (6) انظر: الجامع لأحكام القرآن 17/ 129، والبحرالمحيط 8/ 174.

    (7) انظر: تفسير مقاتل 132 ب.

    شدة العذاب وفظاعته (1).

    وقال الكلبي: يعني حين يدعى أهل النار إلى النار (2).

    و (نكر) معناه منكر، وهو الذي تأباه النفس من جهة نفور الطبع، وذلك أنهم لم يروا مثله قط فينكرونه استعظامًا له، وهو صفة على فُعُل، مثل: جُنب، وجُزر، وأُحد، ويجوز فيه التخفيف (3)، وإنما وصف بأنه نكر لغلظه على النفس.

    7 - قوله تعالى {خُشَّعًا أَبْصَارُهُم} وقرئ خاشعًا (4)، قال الفراء والزجاج: يجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد نحو (خاشعًا أبصارهم) والتأنيث نحو {خَشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} وهو قراءة عبد الله، والجمع نحو {خُشَّعًا أَبْصَرُهُمْ}، ويقول: مررت بشباب حسن أوجههم، وحسان أوجههم، وحسنة أوجههم، وأنشدا:

    وشباب حسن أوجههم ... من إياد بن نزار بن معد (5) (1) في (ك): (فظاطته) ولم أجد الرواية عن ابن عباس، ولعل وضوح المعاني حال دون نسبة التفسير لقائل.

    (2) انظر: تنوير المقباس 5/ 34.

    (3) يشير المؤلف بقوله هذا إلى قراءة ابن كثير (نُكْر) بإسكان الكاف، والباقون بضمها انظر: حجة القراءات ص 688، والحجة للقراء السبعة 6/ 241، والنشر 2/ 38، والإتحاف ص 44.

    (4) قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف {خَاشِعًا} بفتح الخاء وألف بعدها وكسر الشين مخففة بالإفراد، وقرأ الباقون {خُشَّعًا} بضم الخاء وفتح الشين مشددة من غير ألف. انظر: حجة القراءات ص 688، والنشر 2/ 38، والإتحاف ص 44.

    (5) البيت للحرث بن دوس الأنصاري، ويروى لأبي دؤاد الأنصاري. = وأنشد الفراء:

    يرمي الفجاج بها الركبان معترضًا ... أعناق بُزَّلها مُرْخَى لها الجُدُلُ

    فلو قال معترضات أو معترضة ومرخاة أو مرخيات كان صوابا (1).

    قال أبو إسحاق: و (خشعًا) منصوب على الحال، المعنى: يخرجون من الأجداث خشعًا أبصارهم (2).

    قال المفسرون: يعني ذليلة خاضعة أبصارهم عند معاينة العذاب (3).

    وقال أهل المعاني: وصفت الأبصار بالخشوع؛ لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تتبين في نظره (4) كما قال عز ذكره: {يَنُظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىِ} [الشورى: 45].

    قوله تعالى: {يَخْرُجُونَ مِنَ اَلأَجْدَاثِ} هو قال المفسرون: يريد القبول واحدها جدث، وبنو تميم (5) تقول بالفاء جدف (6). = انظر: ديوان أبي دؤاد ص 35، واللسان (خشع)، والبحر المحيط 8/ 175، والمحرر 15/ 296، وشرح الأبيات للفارسي ص 398.

    (1) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 15، 16، وجامع البيان 27/ 53، والبحر المحيط 8/ 175، والجدُل: جمع الجديل وهو الزمام. ولم أجد البيت منسوبًا لقائل.

    (2) انظر: معاني القرآن للزجاج 5/ 86.

    (3) انظر: جامع البيان 27/ 53، ومعالم التنزيل 4/ 53.

    (4) انظر: الجامع لأحكام القرآن 17/ 129، وفتح القدير 5/ 122.

    (5) بنو تميم: قبيلة عظيمة من العدنانية، تنتسب إلى تميم بن مرة، منازلهم بأرض نجد، تمتاز هذه القبيلة بتاريخها الحربي في الجاهلية والإسلام. انظر: معجم قبائل العرب 1/ 127، ونهاية الأرب ص 177.

    (6) انظر: تهذيب اللغة 1/ 634، واللسان 1/ 412 (جدث).

    قوله تعالى {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} تفسير الجراد قد تقدم في سورة الأعراف (1).

    قال مقاتل: فيكثرون من الكثرة كأنهم جراد حين انتشر من موضعه (2).

    وقال الكلبي: ينبث بعضهم في بعض (3).

    قال أهل المعاني: المعنى أنهم يخرجون فزعين لا يهتدون فيدخل بعضهم في بعض لا جهة لأحد منهم يقصدها، فشبههم في هذا الوقت بالجراد؛ لأن الجراد لا جهة لها فتكون أبدًا مختلفة بعضها في بعض (4).

    8 - قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} قال ابن عباس: مقبلين إلى الصوت، وقال مقاتل: مقبلين سراعًا إلى صوت إسرافيل (5).

    وذكر في تفسير مهطعين قولان: أحدهما: مسرعين. والآخر: ناظرين مديمي النظر (6)، وقد ذكرنا ما فيه عند قوله {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم: 43].

    قوله تعالى: {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} قال ابن عباس: يوم القيامة عسر على الكافرين، وعلى المؤمنين سهل يسير (7).

    قال مقاتل: يهون على المؤمنين الحشر، والكفار ينكبون على (1) عند تفسيره الآية 133 من سورة الأعراف.

    (2) انظر: تفسير مقاتل 132 ب.

    (3) انظر: الوسيط 4/ 28، ومعالم التنزيل 4/ 259.

    (4) انظر: الوسيط 4/ 28، والبحر المحيط 8/ 176، وروح المعاني 8/ 27

    (5) انظر: تفسير مقاتل 132 ب، والكشف 23 ب، ومعالم التنزيل 4/ 26.

    (6) انظر: جامع البيان 27/ 53، والجامع لأحكام القرآن 17/ 13، وتهذيب اللغة 1/ 134، واللسان 3/ 811.

    (7) انظر: الوسيط 4/ 28.

    وجوههم فلا يقومون مقامًا إلا عسر عليهم (1)، ويقال: عَسِرَ يَعْسَر عُسْرًا فهو عَسيرٌ، وهذا كقوله {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} [المدثر: 9، 10].

    9 - قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ} ظاهر إلى قوله (وازدجر) قال ابن عباس: وانتهر، وقال الكلبي: زجر عن مقالته، وقالوا: مستطار الفؤاد (2). يعني أنهم اتهموه بالجنون وقالوا: إنه لا عقل له، وزجروه عن دعوته.

    قال ابن زيد: توعدوه بالقتل (3)، وقال الفراء: زجروه بالشتم (4). وتفسير الازدجار قد مر قبيل.

    والأفعال في هذه الآية مسندة إلى الفاعلين وبني ازدجر للمفعول لوفاق الفواصل، وإن كان للفاعلين الذين جرى ذكرهم.

    قوله {مُّنْهَمِرٍ} يقال: همر الماء وانهمر فهو هامر منهمر إذا سأل وانصب، قال المفسرون: منصب انصبابًا شديدًا لم ينقطع أربعين يومًا (5).

    12 - قوله تعالى: {فَالْتَقَى الْمَاءُ} قال المفسرون: يعني ماء الأرض وماء السماء، قال الفراء: ولا يجوز التقى إلا للاثنين فما زاد، وإنما جاز في الماء لأنه يكون جمعًا وواحدًا (6). يعني أنه اسم الجنس فهو يجمع ماء الأرض وماء السماء. (1) انظر: تفسير مقاتل 132 ب.

    (2) انظر: تنوير المقباس 5/ 35، ومعالم التنزيل 4/ 26.

    (3) انظر: حامع البيان 27/ 54.

    (4) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 16.

    (5) انظر: تفسير مقاتل 133 أ، والكشف والبيان 12/ 24 أ، ونسبه لابن عباس والقرطبي، ومعالم التنزيل 4/ 26.

    (6) انظر: معاني القرآن 3/ 16.

    قوله تعالى {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} فيه قولان. قال الكلبي: على أمر قد مضى عليهم (1)، وهو قول محمد بن كعب قال: كان القدر قبل النبلاء (2). وقال مقاتل: إن ماء السماء وماء الأرض قدرهما الله تعالى أن يكونا سواء فذلك قوله {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} (3)، والقولان ذكرهما الفراء، والزجاج (4).

    13 - قوله تعالى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} يعني على سفينة ذات ألواح وهي خشباتها العريضة التي منها هيئت وجبت.

    وقوله {وَدُسُرٍ} معنى الدَّسْر في اللغة: الدفع الشديد، يقال دَسَرَه بالرمح ودسر جاريته بهنها عند النكاح، ومنه قول ابن عباس في العنبر: إنما هي شيء دسره البحر (5)، أي: دفعه.

    وقال أبو إسحاق: الدُّسُر: المسامير والشروط (6) التي تشد بها الألواح، وكل شيء كان نحو السَّمْرُ وإدخال شيء في شيء بقوة وشدة فهو الدُّسُر، يقال: دَسّرْت (7) المسمار في الخشبة أدْسُرُه وأدسِرُه دَسْرًا، والدُّسُرُ واحدها دِسَار، نحو حِمَار وحُمُر (8).

    قال ابن عباس ومقاتل والكلبي وجماعة المفسرين: يعني المسامير (1) انظر: تنوير المقباس 5/ 35.

    (2) انظر: جامع البيان 27/ 55، والكشف والبيان 12/ 24 ب.

    (3) انظر: تفسير مقاتل 133 أ.

    (4) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 16، ومعاني القرآن للزجاج 5/ 87

    (5) انظر: الكشف والبيان، 12/ 24 ب، وتهذيب اللغة 12/ 355، واللسان 1/ 976 (دسر).

    (6) الشروط: جمع شريطة وهي حبال يُربط بها.

    (7) في (ك): (جرست) والصواب ما أثبته.

    (8) انظر: معاني القرآن للزجاج 5/ 87, 88.

    والشروط، وكل ما شدت به السفينة (1).

    وذُكِر في الدسر قولان آخران.

    أحدهما: أن الدسر هو دفعها الماء بكلكلها (2)، حكاه أحمد بن يحيى، ورواه معمر عن الحسن، قال: تدسر الماء بصدرها (3). والدسر على هذا يجب أن يكون مصدرًا.

    والثاني: أن الدسر هو صدرها الذي ترفع به الماء وتدسر وهو جؤجؤها (4). وهذا القول يروى عن شهر بن حوشب، ورواه عطيه عن ابن عباس (5). والقول هو الأول (6).

    14 - قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}. قال المفسرون وأهل المعاني: بمنظر ومرأى منا وحفظ. وهذا كقوله {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37] وقد مر.

    قوله تعالى: {جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} قال مقاتل: يعني نوحا؛ لأنه المكفور به (7). (1) انظر: تنوير المقباس 5/ 35، وتفسير مقاتل 133 أ، ومعاني القرآن للفراء 3/ 16، وجامع البيان 27/ 55.

    (2) الكْلكْل: الصدر من كل شيء، وقيل: هو ما بين التَّرْقُوَتَيْن، وقيل: هو باطن الزَّرْرِ. اللسان 3/ 29 (كلل).

    (3) انظر: تفسير عبد الرزاق 2/ 258، وتهذيب اللغة 12/ 355 (دسر).

    (4) الجؤجؤ: عظام الصدر وجمعه الجآجئ، وجُؤْجُؤ السفينة والطائر: صدرهما. اللسان (جأجأ).

    (5) انظر: جامع البيان 27/ 55، والكشف والبيان 12/ 24 ب، ومعالم التنزيل 4/ 26.

    (6) قال ابن كثير: قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، والقرظى، وقتادة، وابن زيد: هي المسامير، واختاره ابن جرير ... تفسير القرآن العظيم 4/ 264.

    (7) انظر: تفسير مقاتل 133 أ.

    قال الفراء: يقول فعلنا به وبهم ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم لما صنع بنوح، قال: وفي (لمن) معنى ما، ألا ترى أنك تقول: غرقوا لنوح ولما صنع بنوح (1)، هذا كلامه، والمعنى: فعلنا ذلك ثوابًا لمن كفر به وجحد أمره، وهو نوح -عليه السلام-.

    15 - قوله تعالى: {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً} ذكر في الضمير في (تركناها) قولان:

    أحدهما: أنها للسفينة المذكورة في قوله {ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ}؛ لأن المراد بها السفينة، وهو قول قتادة، قال: أبقى الله سفينة نوح على الجودي حتى أدركتها أوائل هذه الأمة. (2)

    الثاني: قال أبو إسحاق: المعنى تركنا هذه الفعلة وأمر سفينة نوح آية، أي علامة ليعتبر بها (3)، يدل على صحة هذا المعنى قوله {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 11، 12]، والتذكير يكون بالحمل في الجارية، والمعنى: لنجعل تلك الفعلة التي فعلنا.

    قوله تعالى {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} قال مقاتل: فهل من متذكر يعلم أن ذلك حق فيعتبر ويخاف. (4)

    قال أبو إسحاق: وأصله مُذْتَكِر، ولكن التاء أبدل منها الدال، والذال من موضع التاء، وهي أشبه بالدال من التاء، وأدغمت الذال في الدال (5). هذا كلامه، وإنما فُعل ذلك؛ لأن التاء مهموس، والدال مجهور، وهي من (1) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 17.

    (2) انظر: تفسير عبد الرزاق 2/ 258.

    (3) انظر: معاني القرآن للزجاج 5/ 88.

    (4) انظر: تفسير مقاتل 133 أ.

    (5) انظر: معاني القرآن للزجاج 5/ 88، وسر صناعة الإعراب 1/ 187، 188.

    مخرج التاء، والدال أيضًا مجهور، والمجهور بالمجهور أشبه، فصار كما ذكرنا في (مزدجر).

    قال أبو علي الفارسي: وقالوا الذكر بالذال، حكاه سيبويه، وكط ك روي بيت ابن مقبل: من بعض ما يعتري قلبي من الذَّكر. (1)

    وذلك لما كثر تصرف الكلمة بالدال نحو ادَّكر، وهل من مدكر أشبهت تقوى وتقية وتقاة.

    16 - قوله تعالى {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} كيف استفهام عن تلك الحالية، ومعناه التعظيم لذلك العذاب. والتعجب منه للسامعين.

    قوله تعالى: {وَنُذُر} النذر اسم من الإنذار يقوم مقام المصدر، قال الفراء: النذر هاهنا مصدر معناه: فكيف كان إنذاري (2).

    وقال أبو علي: النذر والنذير مثل المنكر والنكير وهي جميعاً مصدران، ومنه قوله {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} (3) [المرسلات: 6] ونذكر الكلام هناك إن شاء الله، والمعنى: كيف كان إنذاري إياهم، إذ دعاهم نوح إلى الإيمان فلم يؤمنوا، وفي هذا تخويف للمشركين.

    17 - قوله تعالى {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} اختلفوا في هذا على قولين:

    أحدهما: أن المراد بالذكر هاهنا الحفظ والقراءة، وهو قول سعيد بن جُبير، وليس من كتب الله كتاب يقرأ كله ظاهراً إلا القرآن (4). (1) انظر: الكتاب 4/ 421، وديوان ابن مقبل ص 81، وسر صناعة الإعراب 1/ 188، والخصائص 1/ 315، والمنصف 3/ 14.

    (2) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 17.

    (3) انظر: الحجة 6/ 363، والبسيط 116 أ، والجامع لأحكام القرآن 17/ 134.

    (4) انظر: الكشف والبيان 12/ 25 أ، والوسيط 4/ 29، ومعالم التنزيل 4/ 261، وزاد المسير 8/ 94.

    وقال مقاتل: لولا أن الله يسر القرآن ما استطاع أحد أن يتكلم بكلام الله، ولكن الله يسره على خلقه (1).

    وقال الزجاج: قيل: إن كتب أهل الأديان نحو التوراة والإنجيل إنما يتلوها أهلها نظرًا، ولا يكادون يحفظون كتبهم من أولها إلى آخرها كما يحفظ القرآن (2).

    وعلى هذا القول معنى قوله {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أي هل من ذاكر يذكره، وقارئ يقرأه، ومعناه الحث على قراءة القرآن ودرسه وتعلمه وتفهم معانيه، وهذا معنى قول مطر الوراق: هل من طالب علم فيعان عليه (3).

    القول الثاني: أن معنى الذكر هاهنا الاعتبار والتفكر، قال مقاتل: يعني ليتذكروا ما فيه (4)، والمعنى: هونّاه بأن جعلنا ألفاظه سهلة مفهومة لا صعبة متعقدة كما قال {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195]، وبينا فيه المواعظ والمزاجر، فهذا معنى {يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ}.

    وقوله {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أي من متعظ معتبر خائف، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء، قال: يريد سهلنا القرآن لكل متعظ (5).

    19 - قوله تعالى {رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} ذكرنا تفسيره في قوله {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: 16]. قال ابن عباس: (1) انظر: تفسير مقاتل 133 أ، ورواه البيهقي في الأسماء والصفات 2/ 8، عن ابن عباس بسند ضعيف.

    (2) انظر: معاني القرآن للزجاج 5/ 88.

    (3) انظر: جامع البيان 27/ 57، والكشف والبيان، 12/ 25 أ، والدر 6/ 135.

    (4) انظر: تفسير مقاتل 133 أ.

    (5) لم أجد هذا القول منسوبًا. وانظر: الكشف والبيان 12/ 25 أ.

    كانوا يتشاءمون بذلك اليوم (1).

    وقال الكلبي: كان شؤم ذلك اليوم عليهم (2).

    قال أبو إسحق: قيل في يوم أربعاء في آخر الشهر لا يدور (3)، ومعنى مستمر دائم الشؤم.

    قال الفراء: استمر عليهم بنحوسته (4)، وتفسير المستمر قد مر في هذه السورة (5).

    ومعنى {نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} قوي يأتي عليهم فيهلكهم حتى لا يبقى منهم أحداً.

    وروي عن قتادة أنه قال: استمر بهم إلى نار جهنم (6)، وفي هذا نحتاج إلى تقدير محذوف. (1) انظر: الوسيط 4/ 21، والجامع لأحكام القرآن 17/ 135.

    (2) انظر: تنوير المقباس 5/ 37.

    (3) انظر: معاني القرآن 5/ 89، قال الألوسي: على معنى أن ابتداء إرسال الرياح كان فيه فلا ينافي آيتي فصلت، والحاقة. روح المعاني 27/ 85.

    (4) انظر: معاني القرآن 3/ 18 قال ابن كثير: ومن قال إن اليوم النحس المستمر هو يوم الأربعاء وتشاءم به لهذا اللهم فقد أخطأ وخالف القرآن، فإنه قال في الآية الأخرى {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات فلو كانت نحسات في أنفسها لكانت جميع الأيام السبعة المندرجة فيها مشؤومة. وهذا لا يقوله أحد، وإنما المراد في أيام نحسات أي عليهم. انظر: البداية والنهاية 1/ 128.

    (5) ذكر المؤلف معنين لقوله تعالى {وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}، أحدهما: ذاهب، والآخر: قوي شديد، وهذا المعنى يفسر به الاستمرار هنا دون الأول، والله أعلم.

    (6) انظر: جامع البيان 27/ 58، وتفسير القرآن العظيم 4/ 264، وروح المعاني 27/ 83 - 84، وفيه زيادة بيان وإيضاخ.

    20 - قوله تعالى {تَنْزِعُ النَّاسَ} أي تقلعهم، قال ابن عباس: اقتلعتهم الريح من تحت أقدامهم (1)، وقال السدي: تنزع الناس من البيوت (2).

    وروي عن النبي -صلي الله عليه وسلم - أنه قال: انتزعت الريح الناس من قبورهم (3).

    قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} على تقدير فتتركهم كأنهم أعجاز نخل، وذلك أنهم إنما أشبهوا أعجاز النخل عند سقوطهم لا عند نزعهم، وقال الزجاج: كأنهم هاهنا في موضع الحال، والمعنى تنزع الناس مشبهين النخل المنقعر وهو المقطوع من أصوله (4)، وعلى ما ذكر لا إضمار في الآية.

    وأعجاز جمع عَجُز، وهو مؤخر الشيء، وشبههم بأعجاز النخل؛ لأن الريح قلعت رؤوسهم أولا ثم كبتهم لوجوههم (5).

    وقوله: {مُنْقَعِرٍ} قال ابن السكيت: يقال: قعرت النخلة: إذا قلعتها من أصلها حتى تسقط، وقوإنقعرت هي أي: انقلعت وسقطت (6)، قال الفراء: يقول أسَافِلَ نخل مصرع (7)، وقال أبو عبيدة: منقلع (8)، قال (1) انظر: الوسيط 4/ 21، والجامع لأحكام القرآن 17/ 136.

    (2) انظر: الجامع لأحكام القرآن 17/ 136، وفتح القدير 5/ 125.

    (3) وأورده الثعلبي في تفسيره 25 ب، والقرطبي في جامعه 17/ 136 وقال الشوكاني في تفسيره 5/ 125 وقيل من قبورهم لأنهم حفروا حفائر ودخلوها.

    (4) انظر: معاني القرآن 5/ 89.

    (5) انظر: جامع البيان 58/ 27 - 59، عن قتادة، ومجاهد، وتفسير القرآن العظيم 4/ 264.

    (6) انظر: تهذيب اللغة 1/ 228 (قعر).

    (7) انظر: معاني القرآن 3/ 18.

    (8) انظر: مجاز القرآن 2/ 241.

    مجاهد: سقطت رؤوسهم أمثال الأخبية وتفردت أعناقهم، فشبههم بأعجاز نخل منقعر (1).

    قال المفسرون: شبههم لطول قاماتهم حين صرعتهم الريح وكبتهم على وجوههم بالنخيل الساقطة على الأرض التي ليست لها رؤوس (2)، والعرب تشبه الرجال إذا انكبوا على وجوههم على الأرض بالنخيل الساقطة، ومنه قول الشاعر يزيد بن عمرو (3) يرثي قومه:

    ألا من رأى قومي كأن رجالهم ... نخيل أتاها عاضد فأمالها (4)

    وتذكير المنقعر للفظ النخل وهو من الجمع الذي يذكر ويؤنث، وتأنيثه قد جاء في قوله عز ذكره {نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7].

    23 - {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} قال ابن عباس: يريد ما جاءهم به صالح (5)، وعلى هذا معنى النذر: الإنذار، كما ذكرنا في قوله {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} وقال مقاتل: يعني بالرسل (6)، وعلى هذا النذر: جمع نذير، وتكذيبهم صالحًا تكذيب لجميع الرسل؛ لأن الإيمان بالجميع واجب.

    ثم أنكروا أن يكونوا تبعًا لواحد منهم، وهو قوله:

    24 - {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} أي هو آدمي مثلنا وهو واحد فلا (1) انظر: جامع البيان 27/ 59.

    (2) انظر: الكشف والبيان 12/ 25 ب، والوسيط 4/ 21، ومعالم التنزيل 4/ 216، والجامع لأحكام القرآن 17/ 137.

    (3) لم أجد له ترجمة.

    (4) انظر: الحماسة لأبي تمام 2/ 473، وفيها: (قومي) بدلا من قوماً. و (عاضد) بدلا من (عاصف).

    (5) ذكره المفسرون لبيان المعنى ولم ينسب لقائل.

    (6) انظر: تفسير مقاتل 133 ب.

    نكون له تبعاً {إِنَّا إِذًا} إن فعلنا ذلك {لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} قال الكلبي: خطأ ذهاب عن الحق (1).

    {وَسُعُرٍ} قال أبو عبيدة: جمع سُعْر (2). والمفسرون وأهل المعاني ذكروا في السعر معنيين.

    قال مقاتل: يعني شقاء وعناء، وهو قول قتادة، والكلبي (3)، واختيار الفراء، قال: أراد بالسعر العناء للعذاب (4)، وهو قول الحسن، قال: أراد شدة العذاب (5)، ويكون المعنى على هذا القول: إنا إن اتبعناه فنحن في ضلال وفي عذاب مما يلزمنا.

    وقال عطاء عن ابن عباس: وجنون (6). وأصل هذا من قولهم: ناقة مسعورة، إذا كانت كأن بها جنونًا، ومنه قول الشاعر:

    تخال بها سُعْرا إذا العيس هزها ... ذميل وإيضاع من السير متعب (7)

    وذكر أبو إسحق القولين (8)، والمبرد ذكرهما وجمع بينهما فقال: (1) انظر: الكشف والبيان 12/ 26 أ، والوسيط 4/ 21، والبغوي 4/ 261.

    (2) انظر: جامع البيان 27/ 59، وفتح القدير 5/ 126 ونسبه الثعلبي في تفسيره 12/ 26 أإلى سفيان ابن عيينة.

    (3) انظر: تفسير مقاتل 133 ب، وجامع البيان 27/ 59، والكثمف والبيان، 12/ 26/ أ.

    (4) انظر: معاني القرآن 3/ 18.

    (5) انظر: الكشف والبيان 12/ 26 أ، ومعالم التنزيل 4/ 261 - 262.

    (6) انظر: زاد المسير 8/ 96، والجامع لأحكام القرآن 17/ 138.

    (7) لم أجده منسوبًا، وقد ورد في تخريجات الكشاف ص 15، والجامع لأحكام القرآن 17/ 138، والبحر المحيط 8/ 18، وفي الألفاظ اختلاف يسير، والذميل ضرب من سير الإبل. اللسان (ذمل).

    (8) انظر: معاني القرآن 5/ 89.

    سعر جمع سعير، وهو لهب النار، ويقال: سُعُر: جنون، من قولهم: ناقة مسعورة، وجمل مسعور، ويذهبون إلى أن هذا من ذلك، وأنه قال للمجنون مسعور؛ لأنه لا يستقر يذهب كذا وكذا لما يلتهب فيه من الحدة فتنزيله مرة كذا ومرة كذا (1). ثم أنكروا أن يكون الوحي يأتيه فقالوا:

    25 - {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا} قال أبو عبيدة: يعنون أجاء الذكر، كما يقول: ألقيت عليه المسألة، وألقيت عليه حسابًا (2).

    قال ابن عباس، والكلبي: يقولون: أجاءته النبوة وخص بها من بيننا (3)، وقال مقاتل: يعني الوحي (4).

    {بَلْ هُوَ كَذَّابٌ} افتعل ما يقول. {أَشِرٌ}. قال أبو عبيدة: الأشر: المرح والتجبر والكبرياء، وربما كان من النشاط (5).

    وقال المبرد: الأشر البطر، يقال: أشر يأشر أشراً إذا طغى وعلا متبجحًا فرحًا (6).

    وقال الأزهري: الأشَر المَرح، ورجل أَشِر وأشْران، وقوم أُشَارَى، ورجل مئشِر، وكذلك امرأة مِئْشِر بغير هاء (7). (1) لم أجده عن المبرد. وانظر: تهذيب اللغة 2/ 87، واللسان 2/ 148 (سعر).

    (2) انظر: مجاز القرآن 2/ 241.

    (3) انظر: تنوير المقباس 5/ 37، والجامع لأحكام القرآن 17/ 138.

    (4) انظر: تفسير مقاتل 133 ب، انظر: الكشف والبيان 12/ 26 ب.

    (5) انظر: مجاز القرآن 2/ 241.

    (6) لم أجده عن المبرد، وانظر: اللسان 1/ 65 (أشر).

    (7) انظر: تهذيب اللغة 11/ 41 (وشر).

    وقال الكسائي،، والفراء: الأشِر والأشُر بكسر الشين وضمها نحو الحذِر والحَذُر، والفطِنُ والفطُن، والعجِلُ والعَجُلُ، والضم قراءة مجاهد (1).

    قال المفسرون: أشر: بطر مرح متكبر يريد أن يتعظم علينا بالنبوة.

    قال ابن عباس: وكان صالح بن عبيد شريفًا سيداً من أشرف بطن فيهم، فقال الله تعالى:

    26 - {سَيَعْلَمُونَ غَدًا} يعني عند نزول العذاب، وهو تهديد لهم وإنما قال (غدًا) (2) للتقريب على عادة الناس، كقوله تعالى: {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18]، واسم الغد يقع على ما بعد يومك الذي أنت فيه قرب أو بعد، ولكن العادة جرت إطلاقه على القريب، وغد من الأسماء الناقصة كاليد والفم، وأصله غدو، وربما يستعمل على الأصل، قال الشاعر:

    وما النَّاسُ إلا كالدَّيار وأهلِها ... بها يوْمَ حَلُّوها وَغَدْوًا بَلاقِعُ (3)

    ويقال في المثل إن مع اليوم أخاه غدوا (4).

    ومعنى (غدًا) هاهنا يجوز أن يكون اليوم الذي نزل بهم العذاب، هددوا بذلك اليوم. (1) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 18، وجامع البيان 27/ 59، والكشاف 4/ 47، والبحر المحيط 8/ 18، وزاد نسبة القراءة لأبي قيس الأودي، وروح المعاني 27/ 89.

    (2)) (غداً) ساقطة من (ك).

    (3) البيت للبيد، كما في ديوانه ص 169، والكتاب مع شرح شواهده للأعلم 2/ 8، وشرح المفصل 6/ 4، أمالي ابن الشجري 2/ 35، والمصنف 1/ 64.

    (4) انظر: تهذيب اللغة 8/ 17، اللسان 2/ 962 (غدا).

    هذا معنى قول مقاتل (1)، وقال الكلبي: يعني يوم القيامة (2).

    وقرئ (ستعلمون) بالتاء (3)، وعلى هذا هو من كلام صالح أجابهم بهذا، فقال (ستعلمون غدًا من الكذاب الأشر) منا.

    27 - قوله تعالى {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً} قال ابن عباس (4) وذك أنهم تعنتوا على صالح فسألوه أن يخرج لهم من صخرة ناقة حمراء عشراء تضع، ثم ترد ماءهم فتشربه، ثم تغدو عليهم بمثله لبناً، فقال الله تعالى {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي باعثوها بإنشائها، فتكون هي مرسلة ولا تكون رسولاً؛ لأن الرسول من حمل الرسالة وكلف أداءها.

    {فِتْنَةً لَهُمْ} أي محنة واختبارا. قال أبو إسحق: فتنة مفعول له. المعنى لنفتنهم (5).

    قوله تعالى: {فَارْتَقِبْهُمْ} أي انتظر ما هم صانعون، {وَاصْطَبِرْ} على ما يصيبك من الأذى، قال الكلبي: أمره بالصبر لما سبق في علمه أنهم سيكذبونه (6).

    28 - قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} يعني بين ثمود وبين (1) انظر: تفسير مقاتل 133 ب، انظر: الكشف والبيان، 12/ 26 أ.

    (2) انظر: تنوير المقباس 5/ 38، وجامع البيان 27/ 59، ومعالم التنزيل 4/ 262.

    (3) قرأ ابن عامر، وحمزة: (ستعلمون) بالتاء، وقرأ الباقون {سَيَعْلَمُونَ} بالياء. انظر: الحجة 6/ 243، وحجة القراءات ص 689، والنشر 2/ 38، والإتحاف ص 45.

    (4) انظر: جامع البيان 27/ 6، والوسيط 4/ 211، ومعالم التنزيل 4/ 262، وزاد المسير 8/ 97.

    (5) انظر: معاني القرآن 5/ 89.

    (6) لم أجده.

    الناقة، يوم لها ويوم لهم، كما قال {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155] هذا قول الجميع، وإنما لم يقل بينهم وبين الناقة؛ لأن الناقة داخلة في قوله (بينهم) وذلك أن العرب إذا أخبرت عن البهائم، وعن بني آدم غلبوا بني آدم على البهائم.

    قال ابن عباس:

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1