Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التحبير لإيضاح معاني التيسير
التحبير لإيضاح معاني التيسير
التحبير لإيضاح معاني التيسير
Ebook721 pages5 hours

التحبير لإيضاح معاني التيسير

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعتبر كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير من الكتب القيمة لدى للباحثين والأساتذة في فروع علم الحديث الشريف؛ حيث يندرج كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير ضمن نطاق علوم الحديث الشريف والفروع قريبة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateMar 27, 1903
ISBN9786433794631
التحبير لإيضاح معاني التيسير

Read more from الصنعاني

Related to التحبير لإيضاح معاني التيسير

Related ebooks

Related categories

Reviews for التحبير لإيضاح معاني التيسير

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التحبير لإيضاح معاني التيسير - الصنعاني

    الغلاف

    التحبير لإيضاح معاني التيسير

    الجزء 6

    الصنعاني

    1182

    يعتبر كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير من الكتب القيمة لدى للباحثين والأساتذة في فروع علم الحديث الشريف؛ حيث يندرج كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير ضمن نطاق علوم الحديث الشريف والفروع قريبة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي

    الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

    قوله: الفَصْلُ الرَّابعْ: فِيْ أَحادِيْث مُتَفَرِّقَةُ.

    أي: متعلقة بالدعاء.

    1 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يُسْتَجابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. أخرجه الستة (1) إلا النسائي. [صحيح]

    وفي أخرى لمسلم (2) قال: لاَ يَزَالُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْع بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ. [صحيح]

    وفي أخرى للترمذي (3): ما مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو الله تَعَالَى إِلاَّ اسْتَجَابَ لَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ في الآخِرَةِ، وَإِمّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ ما دَعَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، أَوْ يَسْتَعْجِلُ. [صحيح دون قوله: وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا].

    قوله: في حديث أبي هريرة يقول: دعوت فلم يستجب لي قال ابن بطال (4): المعنى أن يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمَانِّ بدعائه، أو أنه أتى من الدعاء بما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء، وفي الحديث من آداب الدعاء أنه يجتهد في الطلب، ولا ييأس من الإجابة، لما في ذلك من الاستسلام وإظهار الافتقار. (1) أخرجه البخاري رقم (6340)، ومسلم رقم (2735)، وأبو داود رقم (1484)، وابن ماجه رقم (3853)، والترمذي رقم (3387).

    (2) في صحيحه رقم (92/ 2735).

    (3) في السنن (3604/ 3) وهو حديث صحيح دون قوله: وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا.

    (4) في شرحه لصحيح البخاري (10/ 100).

    قال الداودي (1): يخاف على من خالف وقال: دعوت فلم يستجب لي أن يحرم الإجابة، وما قام مقامها من الادخار والتكفير.

    قال ابن الجوزي (2): أعلم أن دعاء المؤمن لا يرد، غير أنه قد يكون الأولى له تأخير الإجابة أو العوض بما هو أولى له عاجلاً أو آجلاً، فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه [403 ب] فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض، ومن آداب [الدعاء] (3) تحري الأوقات الفاضلة كالسجود وعند الأذان وجوف الليل ودبر الصلوات المكتوبة، وعند المطر وعند التحام القتال في سبيل الله وعند رؤية الكعبة وغير ذلك ومنها: تقديم الوضوء، والصلاة، واستقبال القبلة، ورفع اليدين، وتقديم التوبة والاعتراف بالذنب والإخلاص، وافتتاحه بالحمد لله، والثناء عليه، ثم الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسؤال بالأسماء الحسنى، وأدلة (4) ما ذكر مخرجة أو أكثرها في البخاري. ومن شروطها: أن يكون الداعي طيب المطعم والملبس.

    قوله: في رواية الترمذي: إلا استجاب له الحديث فيه إفادة أن الدعاء لا يخيب الداعي فيه، بل لا بُدَّ له من خير يناله به.

    وأحسن والدي - رحمه الله - بقوله في أبيات:

    ولا بد أن يستجاب الدعاء ... ولكن بإحدى الثلاث المعاني (1) ذكره الحافظ في فتح الباري (11/ 141).

    (2) ذكره الحافظ في فتح الباري (11/ 141).

    (3) زيادة من (ب)

    (4) ذكره الحافظ في فتح الباري (11/ 141).

    وقوله: ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم فإن هذا منهي عنه فكيف يطلب من الله، بل الداعي [بذاك] (1) آثم متعرض لسخط الله، والدعاء بقطيعة الرحم أن يدعو على رحمه بإصابته بما يكرهه، فإن هذا الدعاء نفسه قطيعة رحم، وفيه إساءة إليها، وهو مأمور بالإحسان إليها، وعطفه على قوله: بإثم من عطفه الخاص على العام إبانة لعظمة إثمه.

    2 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ, وَلا تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، ولاَ تَدْعُوا عَلَى خدَمِكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أمْوَالِكمْ، لا تُوَافِقُ مِنَ الله سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ. أخرجه أبو داود (2). [صحيح]

    النَّيلُ (3): والنَّوال، والعطاء.

    قوله: في حديث جابر: لا توافق أي: [404 ب] الدعوة على أحد الأربعه المنهي هنا [من] (4) الدعاء عليها.

    ساعة نيل هو مصدر أناله نيلاً أعطاه فيها عطاء بعطية [265/ أ] الله فيكون من عطائه إجابة دعوتكم، ففيه النهي عن الدعاء على الأربعة، وأنه قد يدعو العبد عليهم ولا يريد الإجابة، فيوافق ساعة العطاء فيجاب، فيقع ما لا يريد وقوعه. وفيه أن لله ساعات يجيب (1) زيادة (في): بذلك.

    (2) في السنن رقم (1532) وهو حديث صحيح.

    وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (3009)، وابن حبان في صحيحه رقم (2411).

    (3) قال ابن الأثير في غريب الجامع (4/ 165).

    (4) في (أ): عن.

    فيها الدعوات، وعليه ورد حديث: تعرضوا لنفحات الله، فإن لله في أيام دهركم نفحات (1)، ولذا قال العلامة الرافعي:

    أقيما على باب الكريم أقيما ... ولا تبعدا عن سوحه فتهيما

    وللنفحات الطيبات تعرضا ... لعلكما تستنشقان نسيماً

    3 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حاجَتَهُ كُلَّها حَتَّى يَسْأَلَ شِسْع نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ. أخرجه الترمذي (2). [ضعيف]

    وزاد (3) في رواية عن ثابت البناني - رحمه الله - مرسلاً: حَتَّى يَسْأَلَهُ المِلْحَ، وَحَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْع نَعْلِهِ إِذا انْقَطَعَ.

    الشِّسْعُ (4) سير النعل الذي يدخل بين الأصابع.

    قوله: في حديث أنس (5): حتى شسع نعله بكسر الشين المعجمة بعدها مهملتان، في النهاية (6) أنه أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام الذي يعقد فيه الشسع. انتهى. ويأتي تفسيره (1) عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم، فإن لله نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، واسألوه أن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم.

    أخرجه البغوي في شرح السنة (5/ 1378)، والبيهقي في الشعب (11121)، والطبراني في الكبير (1/ 720)، وفي كتاب الدعاء رقم (26)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 152)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 701)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 339)، بإسناد ضعيف وفيه انقطاع.

    (2) في السنن رقم (3604/ 8)، وهو حديث ضعيف.

    (3) في السنن رقم (3604/ 9).

    (4) انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (73/ 272).

    (5) زيادة من (أ).

    (6) النهاية في غريب الحديث (1/ 866).

    صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام الذي يعقد فيه الشسع. انتهى. ويأتي تفسيره للمصنف.

    4 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الله يَغْضَبْ عَلَيْهِ (1). [حسن]

    قوله: في حديث أبي هريرة: من لم يسأل الله يغضب عليه هو من أدلة فضل الدعاء.

    قال الطيبي (2): معناه أن من لم يسأل الله يبغضه، والمبغوض مغضوب عليه، والله يحب أن يُسأل. انتهى.

    قال ابن حجر (3): يؤيده حديث ابن مسعود رفعه: سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يسأل أخرجه الترمذي (4).

    5 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سَلُوا الله تَعالى مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَأَفْضَلُ العِبادَةِ انْتِظَارُ الفَرَجِ. أخرجهما الترمذي (5). [ضعيف]

    قوله: أخرجهما الترمذي. (1) أخرجه الترمذي في السنن رقم (3373).

    وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 491) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، واللفظ: من لا يدعو الله يغضب عليه.

    وأخرجه أحمد (2/ 442، 443، 447)، والبخاري في الأدب المفرد رقم (658)، والبغوي في شرح السنة (5/ 188)، وابن ماجه رقم (3827)، وهو حديث حسن، والله أعلم.

    (2) في شرحه على مشكاة المصابيح (4/ 375).

    (3) في فتح الباري (11/ 95).

    (4) في السنن رقم (3571)، وهو حديث ضعيف.

    (5) في السنن رقم (3571)، وهو حديث ضعيف.

    قلت: [405 ب] وأخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن ماجه والبزار والحاكم كلهم من رواية أبي صالح الخوزي بضم الخاء المعجمة وسكون الواو ثم زاي، وهو مختلف فيه فضعفه ابن معين (1) وقواه أبو زرعة [هنا] (2) ووجدت بخط العلامة الجلال على جامع الأصول ما لفظه: حديث أبي هريرة هذا لا ينافي ما يروى عن رابعة العدوية في قولها للثوري: أما تستحي أن تطلب رضا من لست عنه براض وما يروى عن مظفر القرميسيني: لا يكون الفقير فقيراً حتى لا يكون له إلى الله حاجة لأنهم بصدد الوقوف عند قول الخليل - عليه السلام -: علمه بحالي يغنيه عن سؤالي (3) وهو مقام عال لا فرار عنه ولا استمرار له، كيف وقد دعا الخليل بتلك الدعوات القرآنية، وإنما بلوغ ذلك المقام موهبة إلهية تفيض على المقربين من اسمه الغني سبحانه خيراً لهم وجلاءً لهم من قيود المطامع، فنسأل الله من ذلك المقام ما يبلغنا به منازل الكرام. انتهى بلفظه من خطه. (1) ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب (4/ 539).

    (2) زيادة من (ب).

    (3) يحكى هذا عن الخليل - عليه السلام - لما ألقي في النار، قال جبريل عند ذلك: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، قال جبريل: فسل ربك، فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي.

    قال ابن تيمية في مجموع فتاوى (8/ 539): كلام باطل.

    ونقل ابن عراق في تنزيه الشريعة (1/ 250) عن ابن تيمية أنه موضوع.

    وقال الألباني رحمه الله في الضعيفة (1/ 28 رقم 21): لا أصل له، ثم قال بعد بحث نفيس: وبالجملة؛ فهذا الكلام المعزو إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام، فكيف يقوله من سمانا مسلمين؟ وأقول: لا ريب أن أشرف العباد مقاماً، وأعرفهم بالله إجلالاً وإعظاماً هو خاتم رسله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان أكثر الناس فزعاً إلى الله، وأوسعهم دعاء لمولاه في كل حالة من أحواله، كما لا يحصى ذلك من أقواله.

    والله أمر عباده بدعائه ومدح الداعين له، وذكر دعوات رسله عند الشدائد وغيرها، قال الكليم: {إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)} (1)، وقال أيوب: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)} (2)، وقال أبو البشر آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} (3)، ودعوات رسل الله قد ملئت بها كتب الله، فالعجب من جعل [قول] (4) رابعة وغيرها أرفع حالاً من [أحوال] (5) [266/ أ] رسل الله، وأما قول الخليل فيطالب بإسناده أولاً، وثانياً: أن قوله: علمه بحالي يغنيه عن سؤالي هو سؤال وإعلام بأن الله تعالى عالم بحاجاته، فأين هو من قول من قال: لا يكون الفقير فقيراً حتى لا يكون له إلى الله حاجة؟ وإنما هذا يناسب لو قال الخليل: ما لي إليه حاجة، وحاشاه عن مثل هذه الدعوى الباطلة، وهذه نفثة من شطحات الصوفية.

    6 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قَالتِ امرأةٌ: يا رَسُول الله، صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: صَلَّى الله عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ. أخرجه أبو داود (6). [صحيح]

    قوله: في حديث جابر: فقال - صلى الله عليه وسلم -: صلى الله عليك وعلى زوجك سيأتي أن هذا من أدلة من أجاز الصلاة على غير الأنبياء استدلالاً لا تفضلاً. (1) سورة القصص: 24.

    (2) سورة الأنبياء: 83.

    (3) سورة الأعراف: 23.

    (4) زيادة من (أ).

    (5) زيادة من (أ).

    (6) في السنن رقم (1533)، وهو حديث صحيح.

    والحديث أخرجه النسائي (1) عن جابر بلفظ: أتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فنادته امرأتي: يا رسول الله، صلِّ عليَّ وعلى [زوجي] (2)، فقال - صلى الله عليه وسلم -: صلى الله عليكِ وعلى زوجكِ، فيحتمل تعدد القصة.

    7 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ إِلاَّ وَقَالَ المَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ. أخرجه مسلم (3) وأبو داود (4). [صحيح]

    وزاد (5): إلَّا قَالَتِ المَلاَئِكَةُ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ.

    قوله: في حديث أبي الدرداء: يدعو لأخيه بظهر الغيب وهو غائب عنه غيبة موت أو غيرها، والأخ المراد به: المؤمن.

    قوله: إلا قال الملك وفي رواية: الملائكة والمراد بهم الحفظة، أو غيرهم، أو كل ملك. وفيه فضيلة دعاء العبد لأخيه بظهر الغيب؛ لأنه لا يقول له الملك: ولك مثل ذلك إلا عن أمر الله تعالى، ولا يأمر الله تعالى بذلك إلا وهو يريد إجابة الدعاء، فيدل على أن الأفضل للعبد أن يدعو لإخوانه الغائبين عنه ليدعو له الملك المجاب، ويحتمل أنه إخبار من الملك بأن الله تعالى قد أجابه وجعل له مثل ما دعا به، والله ذو الفضل العظيم.

    وهو يوافق حديث: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (6). (1) في السنن الكبرى رقم (2142، 10184).

    (2) في (أ): زوجك.

    (3) في صحيحه رقم (2732، 2733).

    (4) في السنن رقم (1534)، وأخرجه ابن ماجه رقم (2895)، وهو حديث صحيح.

    (5) أي: أبو داود في السنن رقم (1534).

    (6) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2699)، وأبو داود رقم (4946)، والترمذي رقم (1930)، وابن ماجه رقم (225)، وابن حبان في صحيحه رقم (534)، والحاكم (4/ 383)، وهو حديث صحيح.

    وترجم البخاري (1): من خص أخاه بالدعاء دون نفسه، وإن حمله ابن حجر (2) على أعم من هذا.

    وقولنا: بمثل ذلك زيادة (ذلك) من رواية فتح الباري (3) [407 ب]، والذي في الجامع (4) كما في التيسير: ولك بمثل، قال: وفي رواية أبي داود قال: إذا دعا الرجل لأخيه قالت الملائكة: آمين ولك بمثل".

    8 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ. أخرجه الترمذي (5). [ضعيف]

    قوله: في حديث عائشة: فقد انتصر فيه أن دعاء المظلوم على من ظلمه انتصار منه عليه، وهل يبقى له حق عنده يطالبه به في الآخرة؟ يحتمل والأظهر أنه بدعائه عليه قد استوفى ما هو له؛ لأنه تعالى قد وعد المظلوم بإجابة دعائه ولو بعد حين، فإذا أجابه فيه لم يبق له عليه حق، والله أعلم.

    وهل فيه أنه لا ينبغي الدعاء عليه؟ لا دليل في الحديث على ذلك؛ لأن الانتصار جائز، قال الله: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)} (6).

    قوله: أخرجه الترمذي وقال (7): حديث حسن. (1) في صحيحه (11/ 135 الباب رقم 19 مع الفتح).

    (2) في فتح الباري (11/ 137).

    (3) (11/ 137).

    (4) (4/ 167 - 168).

    (5) في السنن رقم (3552)، وهو حديث ضعيف.

    (6) سورة الشورى: 41.

    (7) في السنن (5/ 554) حيث قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي حمزة.

    الباب الثاني: في أقسام الدعاء

    وفيه قسمان قد أتى بهما وفصلهما، فالأول: ما أضيف إلى وقت؛ كأدعية يوم عرفة، أو عند وقت النوم، والدعاء وقت هبوب الريح والرعد والسحاب، وغير ذلك مما يأتي، كليلة القدر وأدعية الصلاة.

    القسم الأول: في الأدعية المؤقتة المضافة إلى أسبابها، وفيه عشرون فصلاً

    (1)

    الفصل الأول: في ذكر اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى

    قوله: الفصل الأول: في ذكر اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى من عطف الأعم على الأخص، فإن اسمه الأعظم من أسمائه الحسنى، وهكذا ترجم ابن الأثير (2) الباب من أوله إلى هنا، إلا أنه لا يخفى أن ذكر هذا الفصل الأول ليس [408 ب] المذكور فيه من الأدعية المؤقتة المضافة إلى أسبابها.

    واسمه تعالى الأعظم قد وصفه - صلى الله عليه وسلم - بوصف كاشف عن حقيقته بقوله: الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى كما يأتي.

    واعلم أن المراد من أسمائه الحسنى هي صفاته (3) تعالى. (1) زيادة من (ب).

    (2) في جامع الأصول (4/ 169).

    (3) وإليك معنى الاسم والصفة والفرق بينهما:

    الاسم: هو ما دل على معنى في نفسه، وأسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها، وقيل: الاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل.

    الصفة: هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات، وهي ما وقع الوصف مشتقاً منها، وهو دال عليها، وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه. = . .. .. .. .. .. .. .. .. .. . . = وقال ابن فارس: الصفة: الأمارة اللازمة للشيء، وقال: النعت: وصفك الشيء بما فيه من حسن.

    انظر: التعريفات للجرجاني (ص 24، 133)، الكليات (ص 83، 546)، مقاييس اللغة (5/ 448)، مجموع فتاوى (6/ 195).

    فأسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به؛ مثل: القادر، العليم، الحكيم، السميع البصير؛ فإن هذه الأسماء دلت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر، أما الصفات؛ فهي نعوت الكمال القائمة بالذات؛ كالعلم والحكمة والسمع والبصر؛ فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد، ويقال: الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم ... ".

    ولمعرفة ما يميز الاسم عن الصفة والصفة عن الاسم أمور؛ منها:

    أولاً: أن الأسماء يشتق منها صفات، أما الصفات؛ فلا يشتق منها أسماء، فنشتق من أسماء الله الرحيم والقادر والعظيم صفات الرحمة والقدرة والعظمة، لكن لا نشتق من صفات الإرادة والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والمكر.

    فأسماؤه سبحانه وتعالى أوصاف؛ كما قال ابن القيم في النونية:

    أَسماؤُهُ أَوْصافُ مَدْحٍ كُلَّها ... مُشْتَقَّةٌ قَدْ حُمِّلَتْ لِمَعانِ

    ثانياً: أن الاسم لا يشتق من أفعال الله؛ فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب والكاره والغاضب، أما صفاته؛ فتشتق من أفعاله، فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب ونحوها من تلك الأفعال، لذلك قيل: باب الصفات أوسع من باب الأسماء.

    ثالثاً: أن أسماء الله - عز وجل - وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها، لكن تختلف في التعبد والدعاء، فيتعبد الله بأسمائه، فنقول: عبد الكريم، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، لكن لا يتعبد بصفاته؛ فلا نقول: عبد الكرم، وعبد الرحمة، وعبد العزة، كما أنه يدعى الله بأسمائه, فنقول: يا رحيم! ارحمنا، ويا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! الطف بنا، لكن لا ندعو صفاته فنقول: يا رحمة الله! ارحمينا، أو: يا كرم الله! أو يا لطف الله! ذلك أن الصفة ليست هي الموصوف؛ فالرحمة ليست هي الله، بل هي صفة لله، وكذلك العزة وغيرها؛ فهذه صفات لله، ولذلك يجب التفريق بين دعاء الصفة وبين دعاء الله بصفة من صفاته، فلا بأس أن تقول: اللهم ارحمنا برحمتك .. = كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1).

    وفي كتب التفسير (2): الحسنى التي هي أحسن الأسماء؛ لأنها تدل على معانٍ حسان من تمجيد وتقديس فسموه بها سموه بتلك الأسماء، وقيل: الأوصاف الحسنى وهي الوصف بالعدل والخير والإحسان ونحو ذلك، والحسنى تأنيث الأحسن.

    1 - عن بريدة - رضي الله عنه - قال: سَمِعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقُولُ: اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ: أَنْتَ الله لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، فَقَالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَد سَأل الله بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ، الَّذِي إِذا دُعِيَ بِهِ أَجابَ وَإِذا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى. أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4). [صحيح]

    قوله: في حديث بريدة: سمع رجلاً هو أبو عياش (5) الزرقي الأنصاري، واسمه زيد ابن الصامت، ويقال عبد الرحمن، ويقال عبيد بن الصامت، ذكره القسطلاني. = وليست هي الله، ولا يجوز التعبد إلا لله، ولا يجوز دعاء إلا الله؛ لقوله تعالى: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55]، وقوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] ... وغيرها من الآيات.

    انظر: مدارج السالكين (3/ 415)، مجموع فتاوى (6/ 198 - 205)، العقيدة التدمرية (ص 58)، بدائع الفوائد (1/ 162).

    (1) سورة الأعراف: 180.

    (2) انظر: جامع البيان (10/ 180 - 181)، تفسير ابن كثير (6/ 180)، مفردات ألفاظ القرآن (ص 235 - 236).

    (3) في السنن رقم (1493).

    (4) في السنن رقم (3475)، وأخرجه ابن ماجه رقم (3875)، وهو حديث صحيح.

    (5) انظر: تهذيب التهذيب (4/ 568 - 569).

    قوله: اللهم إني أسألك بأني أشهد أي: بسبب أني أشهد، أو مستعيناً، أو نحو ذلك، ويأتي تفسير ما فيه من الألفاظ، وقد حذف المسئول الذي يسأله؛ لأن الأهم ما ذكر من التنصيص على اسم الله الأعظم، والكلام يحتمل أن كل ما ذكر هو الاسم، ويحتمل أنه أحد الألفاظ من بعد قوله: أشهد أنك، ولكن من أراد الدعاء بالاسم الأعظم أتى بهذه الألفاظ؛ كلها لأنه غير معين فيها.

    قوله: هذه رواية الترمذي.

    قلت: وقال (1): حسن غريب.

    2 - وعن محجن بن الأدرع - رضي الله عنه - قال: سَمِعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقُولُ: اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بالله الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَقَالَ: قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ. أخرجه أبو داود (2) والنسائي (3).

    قوله: وعن محجن بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم وبالنون.

    ابن الأدرع [409 ب] بفتح الهمزة وسكون الدال المهملة وفتح الراء وبالعين المهملة وهو الأسلمي من بني أسلم بن أفصي بالفاء والصاد المهملة، كان محجن قديم الإسلام عداده في البصريين. قاله ابن الأثير (4).

    ويقال: إنه ليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث.

    قوله: قد غفر له، قد غفر له، قد غفر له فيه دليل على إجابة الداعي بهذه الأسماء الحسنى، إما لأنها اشتملت على الاسم الأعظم، أو لأمر آخر. (1) في السنن (5/ 516).

    (2) في السنن رقم (985).

    (3) في السنن رقم (1301)، وهو حديث صحيح.

    (4) في أسد الغابة (5/ 64 رقم 4684)، وانظر: الإصابة رقم (7754).

    3 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: دَعَا رَجُلٌ فَقَالَ: اللهمَّ إِنِّي أسأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الحَمْدَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ المَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَواتِ والأَرْضِ ذُو الجَلاَلِ والإِكْرامِ. يا حَيُّ يا قَيُّومُ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَتَدْرُونَ بِما دَعا؟ . قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَده، لَقَدْ دَعَا الله بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ، الّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذا سُئِلَ بِهِ أً عْطَى. أخرجه أصحاب السنن (1). [صحيح]

    قوله: في حديث أنس: لقد دعا الله باسمه الأعظم هذا لا ينافي ما سبق من حديث بريدة؛ لأنه يحتمل تعدد اسمه الأعظم، وكذلك ما يأتي من حديث أسماء بنت يزيد أنه في الآيتين آية البقرة وآية آل عمران.

    واعلم أن هذه الأحاديث أثبتت بأن لله تعالى أسماء أعظم، وقد أنكر ذلك قوم كأبي جعفر الطبري وأبي الحسن الأشعري وجماعة، فقالوا: لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض، قالوا: لأن ذلك يؤذن باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل [410 ب], وحملوا ما ورد في ذلك على أن المراد بالأعظم. العظيم وأسماء الله كلها عظيمة.

    قال ابن حبان (2): الأعظمية الواردة في الأخبار إنما يراد بها مزيد الثواب الداعي بذلك، وقيل: المراد بالاسم الأعظم كل اسم من أسماء الله دعا العبد به ربه مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله، فإن من تأتَّى له ذلك استجيب له. (1) أخرجه أبو داود رقم (1495)، والترمذي رقم (3544), وابن ماجه رقم (3858)، والنسائي رقم (1300).

    وأخرجه أحمد (5/ 349، 360), وابن حبان في صحيحه رقم (890)، والحاكم في المستدرك (1/ 504). وهو حديث صحيح، والله أعلم.

    (2) ذكره الحافظ في الفتح (11/ 224).

    قلت: بعد ثبوت الأدلة على إثبات الاسم الأعظم في السنة لا وجه لمخالفة ذلك. وقال آخرون ممن أثبته: إنه استأثر الله بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحداً من خلقه، وأثبته آخرون معيناً، واضطربوا في ذلك.

    قال الحافظ ابن حجر (1): إن جملة ما وقف عليه من ذلك أربعة عشر قولاً:

    الأول: هو قال: نقله الفخر الرازي (2) عن معظم أهل الكشف، واحتج له بأن من أراد أن يعبر عن كلام معظم [] (3) لم يقل له: أنت قلت كذا، وإنما يقول: هو يقول، تأدباً معه. انتهى. وأقره ابن حجر.

    وأقول لفظ: هو لم يعده أحد في أسمائه ولا صفاته ولا هو اسم علم له، وإنما هو ضمير غائب (4) موضوع لغة لذلك.

    وقولهم ما هو لحي لم يرد به كلام عربي، ثم هذا ينقض قول الفخر نفسه أنه لا يجوز أن يطلق على الله لفظ إلا ما ورد به الكتاب أو السنة، وهذا معنى كونها توقيفية (5)، فيقال: لفظ هو لا يطلق عليه تعالى؛ لأنه لم يرد بإطلاقه اسماً له أو صفة كتاب ولا سنة.

    هو ضمير من الضمائر التي تعود إلى متقدم لفظاً وحكماً والضمائر [411 ب] ليس في الأسماء الحسنى شيء منها؛ فهو غير صحيح لإطلاقه عليه لغة وشرعاً. (1) في فتح الباري (11/ 224).

    (2) في تفسيره (1/ 146 - 150).

    (3) في (ب): زيادة له.

    (4) انظر: تفسير ابن كثير (13/ 502)، جامع البيان (22/ 551).

    (5) في تفسيره (1/ 152).

    وأما دليله؛ ففي غاية المخالفة لدعواه، فإن الدعوى أنه اسم لله، ثم قال: وإنما يقول هو يقول كذا، بلفظ (هو) ضمير اتفاقاً عائد إلى قائل القول المقدم لفظاً أو حكماً، كما أن (أنت) الذي عدل عنه ضميراً اتفاقاً للمخاطب وقال: إنه يقال ذلك تأدباً فأين هو مما ادعاه؟

    فالعجب إقرار الحافظ لكلامه وتقديمه على كل الأقوال، فهذا قول دون النظر إلى من قال لا إلى ما قال والمأمور به عكس هذا.

    وأما قول الفخر: أنه قول معظم أهل الكشف؛ فالمحققون من العلماء لا يقولون بأن الكشف - إن كانوا قالوه - عن كشف ليس بدليل ولا حجة ولا يصح الحكم به، وحقيقته الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية، والأمور الخفية الحقيقة وجوداً وشهوداً، كما قاله المناوي في التعريفات (1)، والله لا يطلع (2) على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول، وكلامنا في غير رسل الله.

    ثم قال (3): الثاني (الله) لأنه اسم لم يطلق على غيره، ولأنه الأصل في الأسماء الحسنى، ولهذا أضيفت إليه.

    ثم ذكر الثالث شبه ضعيف، فلا حاجة إلى ذكره.

    وذكر الرابع وهو ما في حديث أسماء بنت يزيد (4) وضعفه؛ لأن فيه شهر بن حوشب. (1) (ص 604).

    وانظر: التعريفات للجرجاني (ص 193).

    (2) يشير إلى قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26 - 27].

    (3) أي ابن حجر في فتح الباري (11/ 224).

    (4) سيأتي نصه وتخريجه، وهو حديث ضعيف.

    وذكر الخامس أنه (الحي القيوم) وذكر أنه قواه الرازي (1)، واحتج بأنهما يدلان على صفات العظمة والربوبية، ولا يدل على ذلك غيرهما كدلالتهما.

    السابع (2): الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام الحي القيوم [412 ب] ورد ذلك مجموعاً في حديث أنس عند أحمد (3) والحاكم (4)، وأصله عند أبي داود (5) والنسائي (6) وصححه ابن حبان (7).

    ثم قال: الثامن (8) ذو الجلال والإكرام أخرجه الترمذي (9) من حديث معاذ بن جبل قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يقول: يا ذا الجلال والإكرام، فقال: قد استجيب لك فسل (1) في تفسيره (1/ 115 - 116).

    (2) وهو في فتح الباري السادس.

    (3) في المسند (3/ 120، 158, 245, 265).

    (4) في المستدرك (1/ 503 - 504).

    (5) في السنن رقم (1495).

    (6) في السنن (3/ 52).

    (7) في صحيحه رقم (893)، وهو حديث صحيح.

    (8) ولم يذكر الشارح (السابع) وهو بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام، أخرجه أبو يعلى من طريق السري بن يحيى عن رجل من طي وأثنى عليه قال: كنت أسأل الله أن يريني الاسم الأعظم، فأريته مكتوباً في الكواكب في السماء. فتح الباري (11/ 224).

    (9) في السنن رقم (3527).

    وأخرجه أحمد (5/ 231)، والطبراني في الكبير (ج 20 رقم 97، 98)، وفي الدعاء رقم (2020)، والبخاري في الأدب المفرد رقم (725)، والبيهقي في الأسماء والصفات (197)، وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

    واحتج له الفخر الرازي (1) بأنه شمل جميع الصفات المعتبرة من الإلهية لأن في الجلال الإشارة إلى جميع السلوب والإكرام إلى جميع صفات الإثبات.

    التاسع (2): الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4) وابن ماجه (5) والحاكم (6) وابن حبان (7)، وهو الذي تقدم في التيسير من حديث بريدة.

    قال الحافظ (8): إنه أرجح من حيث السند من جميع ما تقدم. ثم ذكر بقية (9) الأقوال إلى أربعة عشر لم نجد عليها دليلاً ناهضاً فلم نذكرها. [413 ب].

    4 - وعن أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اسْمُ الله الأعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} (10)، وَفَاتِحَةُ سُورَةِ آلِ (1) في تفسيره" (1/ 147).

    (2) انظر فتح الباري (11/ 225).

    (3) في السنن رقم (1495).

    (4) في السنن رقم (3544).

    (5) في السنن رقم (3858).

    (6) في المستدرك (1/ 504).

    (7) في صحيحه رقم (890)، وهو حديث صحيح، والله أعلم.

    (8) في فتح الباري (11/ 225).

    (9) انظرها في فتح الباري (11/ 225).

    (10) سورة البقرة: 163.

    عِمْرَانَ: {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) ". أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3) وصححه.

    قوله: وعن أسماء بنت يزيد هي أسماء بنت يزيد الأنصارية من بني عبد الأشهل وافدة النساء، روى عنها مسلم بن عبيد وليست بنت يزيد بن السكن.

    وقد جعل ابن عبد البر وافدة النساء بنت يزيد بن السكن، ولم يذكر هذه الأخرى في كتابه الاستيعاب (4)، قاله ابن الأثير (5).

    قلت: وقدمنا في الجزء الأول ذكر وفاتها وكلامها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (6) [410 ب].

    5 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ لله تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الجَنَّةَ إِنَّ الله وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ.

    وفي رواية: مَنْ أَحْصَاها أخرجه البخاري (7) بهذا اللفظ، ومسلم (8) بدون ذكر الوتر، والترمذي (9). (1) سورة آل عمران: 1 - 2.

    (2) في السنن رقم (1496).

    (3) في السنن رقم (3476)، وأخرجه ابن ماجه رقم (3855)، وهو حديث ضعيف.

    (4) رقم (3207) الأعلام.

    (5) في أسد الغابة (7/ 350 رقم 6717).

    (6) قد نسي الناسخ نسخ جزء من شرح الحديث السابق - حديث أنس - فقام باستدراك ما نسيه، وأكمل شرحه في جزء كبير من الصفحات (411 - 412 - 413) بالإضافة إلى شرح ما بعده من أحاديث في نفس الصفحات المذكورة ولذا تكرر ذكر الصفحات مرتين.

    (7) في صحيحه رقم (6410).

    (8) في صحيحه رقم (2677).

    (9) في السنن رقم (3507).

    وزاد فعدها: هُوَ الله الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحمَنُ الرَّحِيمُ، المَلِكُ، القُدُّوسُ، السَّلاَمُ، المُؤْمِنُ، المُهَيْمِنُ، العَزِيزُ، الجَبَّارُ، المتكَبِّرُ، الخالِقُ، البارِئُ، المُصَوِّرُ، الغَفّارُ، القَهَّارُ، الوَهَّابُ، الرَّزَّاقُ، الفَتَّاحُ، العَلِيمُ، القَابِضُ، البَاسِطُ، الخافِضُ، الرَّافِعُ، المُعِزُّ، المُذِلُّ، السَّمِيعُ، البَصِيرُ، الحَكَمُ، العَدْلُ، اللَّطِيفُ، الخَبِيرُ، الحَلِيمُ، العَظِيمُ، الغَفُورُ، الشَّكُورُ، العَليُّ، الكَبِيرُ، الحَفِيظُ، المُقِيتُ، الحَسِيبُ، الجَلِيلُ، الكَرِيمُ، الرَّقِيبُ، المُجِيبُ، الوَاسِعُ، الحَكِيمُ، الوَدُودُ، المَجِيدُ، البَاعِثُ، الشَّهِيدُ، الحَقُّ، الوَكِيلُ، القَوِيُّ، المَتِينُ، الوَلِيُّ، الحَمِيدُ، المُحْصِي، المُبْدِئ، المُعِيدُ، المُحْيِي، المُمِيتُ، الحَيُّ، القَيُّومُ، الوَاجِدُ، المَاجِدُ، الوَاحِدُ، الأحَدُ، الصَّمَدُ، القادِرُ، المُقْتَدِرُ، المُقَدِّمُ، المُؤَخِّرُ، الأَوَّلُ، الآخِرُ، الظّاهِرُ، البَاطِنُ، الوَالِي، المُتَعَالِي، الَبرُّ، التَّوَّابُ، المُنتَقِمُ، العَفُوُّ، الرَّءُوفُ, مالِكُ المُلْكِ، ذُو الجَلاَلِ والإِكْرامِ، المُقْسِطُ الجامِعُ، الغَنيُّ، المُغْني، المَانِعُ، الضَّارُّ، النَّافِعُ، النُّورُ، الهادِي، البَدِيعُ البَاقِي، الوَارِثُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُورُ. ولم يفصل الأسماء غير الترمذي (1). (1) في السنن رقم (3507).

    وأخرجه ابن حبان رقم (808)، وأحمد (2/ 258)، والبغوي رقم (1257)، والحاكم (1/ 16)، والطبراني في الدعاء رقم (111)، والبيهقي في شعب الإيمان (1/ 114 - 115 رقم 102)، وفي السنن الكبرى (10/ 27)، وفي الأسماء والصفات (ص 5)، وفي الاعتقاد (ص 18 - 19) كلهم من طريق صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم به. وهو حديث صحيح دون سرد الأسماء، أما بها ضعيف.

    وقال الحاكم: هذا حديث قد خرجاه في الصحيحين بأسانيد صحيحة دون ذكر الأسامي فيه. والعلة فيه عندهما أن الوليد بن مسلم تفرد بسياقته بطوله وذكر الأسامي فيه ولم يذكرها غيره. وليس هذا بعلة؛ فإني لا أعلم اختلافاً بين أئمة الحديث أن الوليد بن مسلم أوثق وأحفظ وأعلم وأجل من أبي اليمان، وبشر بن شعيب، وعلي بن عياش، وأقرانهم من أصحاب شعيب. اهـ

    وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1