Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التفسير البسيط
التفسير البسيط
التفسير البسيط
Ebook732 pages6 hours

التفسير البسيط

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعتبر كتاب التفسير البسيط – الواحدي من المؤلفات القيمة لدى الباحثين في مجال علوم القرآن والتفسير على نحو خاص، وعلوم الدعوة والعلوم الإسلامية بوجه عام حيث يدخل كتاب التفسير البسيط – الواحدي في نطاق تخصص العلوم القرآنية وعلوم التفسير ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل أصول الفقه، والدعوة، والعقيدة
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 12, 1901
ISBN9786423755147
التفسير البسيط

Read more from الواحدي

Related to التفسير البسيط

Related ebooks

Related categories

Reviews for التفسير البسيط

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التفسير البسيط - الواحدي

    الغلاف

    التفسير البسيط

    الجزء 12

    الواحدي

    468

    يعتبر كتاب التفسير البسيط – الواحدي من المؤلفات القيمة لدى الباحثين في مجال علوم القرآن والتفسير على نحو خاص، وعلوم الدعوة والعلوم الإسلامية بوجه عام حيث يدخل كتاب التفسير البسيط – الواحدي في نطاق تخصص العلوم القرآنية وعلوم التفسير ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل أصول الفقه، والدعوة، والعقيدة

    (6) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/ 2/ 218، الطبري 8/ 30، وابن أبي حاتم 4/ 1386 بسند جيد. وذكره السيوطي في الدر 3/ 84.

    (7) لفظ: (ممن) كذا جاء، ولعل الصواب: (من).

    (8) لم أقف عليه.

    وقال أبو إسحاق: (كأنه قد كلف بأن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإِسلام من ضيق صدره عنه، قال: ويجوز أن يكون كأنَّ قلبه يصاعد في السماء نبوًا (1) عن الإسلام والحكمة) (2).

    وعلى هذا إنما شُبّه بالذي {يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} لبعده عن الإسلام ونفور قلبه، كما جرت العادة أن يقال لمن تباعد عن أمر ولم يلن له: فلان يَنْزُو (3) في اللوح ويذهب في السماء من هذا الأمر، وقال أبو علي: (من قرأ (يصَّاعد) و (يصَّعَّد) فهو من المشقة وصعوبة الشيء، ومن ذلك قوله تعالى: {يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن: 17]، ومن ذلك قول عمر - رضي الله عنه - (4): ما تصعَّدني شيء كما تصَعَّدنِي خِطْبةُ النكاح (5)، أي: ما شق عليّ مشقتها، وكأن ذلك لما يتكلفه الخطيب من مدحه وإطرائه لِلْمُمْلِكَ، فربما لم يكن كذلك، فيحتاج إلى تطلب المَخْلَص، فلذلك يشق، ومن ذلك قول الشاعر (6): (1) في (ش): (تبرأ).

    (2) معاني الزجاج 2/ 290.

    (3) ينزو: أي ينزع. وأصل النَزْو: الوثب. انظر: اللسان 7/ 4402 (نزا).

    (4) في (أ): (رحمه الله).

    (5) ذكره أبو عبيد في غريب الحديث 2/ 103، والطبري في تفسيره 8/ 31، والنحاس في معانيه 2/ 487، والأزهري في تهذيب اللغة 2/ 2014، وابن عطية في تفسيره 5/ 345، وابن الجوزي 3/ 121، وابن الأثير في النهاية 3/ 30.

    (6) الشاهد للأعلم الهذلي حبيب بن عبد الله الهذلي.

    في شرح أشعار الهذليين للسكري 1/ 323، وتهذيب اللغة 2/ 2015، وبدون نسبة في عيون الأخبار 1/ 226، وجمهرة اللغة 2/ 654، واللسان 4/ 2446 (صعد).

    وإنَّ سِيَادةَ الأَقْوَامِ فاعْلَمْ ... لَها صعَدَاءُ مَطلبُها شديدُ (1)

    فكأن معنى (يصعد): يتكلف مشقة في ارتقاء صُعُدًا, ولا يكون السماء في هذا القول المظلة للأرض، ولكن المراد به الارتفاع والسمك، ويستعمل السماء في الارتفاع كما قال سيبويه: (القيدود: الطويل في غير سماء) (2)، يريد [به] (3) في غير ارتفاع) (4).

    وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125] قال بعض أصحاب المعاني: (وجه التشبيه في {كَذَلِكَ} أن جعله الرجس عليهم كجعله ضيق الصدر في قلوبهم) (5) وقال الزجاج: (أي: مثل ما قصصنا عليك {يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ}) (6). (1) جاء في المراجع السابقة:

    لَهَا صُعَداءُ مَطْلعُهَا طَوِيلُ

    وفي بعضها: (وإن سياسة) بدل: (وإن سيادة).

    (2) الكتاب 4/ 365. والقيدود: بفتح القاف وسكون الياء وضم الدال: الناقة الطويلة الظهر، وأصله من قاد يَقُود. انظر: اللسان 6/ 3544 (قدد).

    (3) لفظ: (به) ساقط من (ش).

    (4) الحجة لأبي علي 3/ 403 - 405، ولقد أثبت العلم الحديث أن الصاعد يضيق تنفسه في الصعود كلما ارتفع لنقص الأوكسجين، وهذا هو الوصف الدقيق لمعنى الآية الكريمة، فإن قلب الكافر والمنافق يضيق وينفر حين يدعى إلى الإِسلام، أو يتأمل فيه كما يضيق صدر من يصعد نحو السماء. وانظر: تفسير ابن عاشور 8/ 60، وكلام الصابوني في حاشية معاني النحاس 2/ 487.

    (5) انظر: تفسير الطبري 8/ 31، والسمرقندي 1/ 512، والرازي 13/ 184.

    (6) معاني الزجاج 2/ 290، وذكر قول الزجاج السمين في الدر 5/ 146، وقال: (أي: فيكون مبتدأ أو خبرًا أو نعت مصدر محذوف، ذلك أن ترفع مثل وأن تنصبها بالاعتبارين عنده، والأحسن أن يقدر لها مصدر مناسب، كما قدره الناس وهو = قال ابن عباس: (هو الشيطان أي: نسلطه (1) عليهم) (2)، وقال مجاهد: (الرجس ما لا خير فيه) (3)، وقال عطاء (4) عن ابن عباس، وابن زيد (5): (الرِّجْسُ: العذاب). وقال الزجاج: (الرِّجْسُ: اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة) (6).

    قال أصحابنا: (انقطع كلام أهل القدر عند هذه الآية وخرست ألسنتهم، فإنها قد صرحت بتعلق إرادة الله تعالى بالأمرين جميعًا الهداية والإضلال وتهيئته أسبابهما) (7). = مثل ذلك الجعل، أي: جعل الصدر ضيقًا حرجًا يجعل الله الرجس ..) اهـ. وانظر: المشكل 1/ 269.

    (1) في (ش): (هو الشيطان يسلطه عليهم).

    (2) أخرجه الطبري في تفسيره 8/ 31 بسند جيد، وذكره الثعلبي في الكشف 184 أ، والواحدي في الوسيط 1/ 117، وهذا القول هو اختيار الطبري.

    (3) تفسير مجاهد 1/ 223.

    وأخرجه الطبري في تفسيره 8/ 31، وابن أبي حاتم 4/ 1386 بسند جيد، وذكره السيوطي في الدر 3/ 84.

    (4) ذكره الخازن في تفسيره 2/ 182 عن ابن عباس، وذكره الواحدي في الوسيط 1/ 117، والبغوي في تفسيره 3/ 187، وابن الجوزي 3/ 121، والرازي 13/ 184 من قول عطاء.

    (5) أخرجه الطبري في تفسيره 8/ 31 بسند جيد، وهذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 1/ 206.

    (6) معاني الزجاج 2/ 290، وقال النحاس في معانيه 2/ 488: (الرِّجْس عند أهل اللغة هو النَّتْن، فمعنى الآية -والله أعلم-: ويجعل اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة على الذين لا يؤمنون). اهـ.

    (7) ذكر نحو هذا ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 121، والرازي في تفسيره 13/ 185.

    126 - قوله تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا}. قال ابن عباس: (يعني: التوحيد) (1)، وقال ابن مسعود: (يعني: القرآن) (2).

    وقال عطاء، عن ابن عباس: (يريد: هذا الذي أنت عليه يا محمد دين ربك مستقيمًا) (3).

    وقال بعض أهل المعاني: (الإشارة وقع إلى البيان الذي جاء في القرآن) (4) وانتصب {مُسْتَقِيمًا} على الحال والعامل فيه معنى (هذا) وذلك أن ذا (5) يتضمن معنى الإشارة، كقولك: هذا زيد قائمًا، معناه: أشير إليه في حال قيامه، وإذا كان العامل في الحال معنى الفعل لا الفعل لم يجز تقديم الحال عليه، لا يجوز قائمًا هذا زيد (6)، ويجوز ضاحكًا جاء زيد، (1) ذكره الواحدي في الوسيط 1/ 118، وابن الجوزي في تفسيره 3/ 121، وأخرج الطبري في تفسيره 8/ 32، بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (يعني: الإسلام).

    (2) ذكره الثعلبي في الكشف 184 أ، والواحدي في الوسيط 1/ 118، وابن الجوزي في زاد المسير 3/ 121.

    (3) ذكره الرازي في تفسيره 13/ 187، عن ابن عباس، وذكره الواحدي في الوسيط 1/ 118، وابن الجوزي في زاد المسير 3/ 122، من قول عطاء فقط، وجميع ما سبق معانٍ متقاربة، وقد أخرجها الطبري في تفسيره 1/ 71 - 75، وابن أبي حاتم 1/ 30، بأسانيد مختلفة عن هؤلاء الأئمة وغيرهم في تفسير سورة الفاتحة.

    (4) هذا قول الطبري في تفسيره 8/ 32.

    (5) في (ش): (وذلك إذ ذا)، وهو تحريف.

    (6) لأنها حال مؤكدة، وصراط الله تعالى لا يكون إلا مستقيمًا، بخلاف الحال المنتقلة نحو: جاء زيد راكبًا، ونحو هذا زيد قائمًا فيجوز أن يفارق زيد الركوب أو القيام. انظر: إعراب النحاس 1/ 579، والمشكل 1/ 270، وغرائب التفسير 1/ 384, والبيان 1/ 339 والتبيان 358, والفريد 2/ 227، و"الدر = ومعنى استقامة صراط الله أنه يؤدي بسالكه إلى دار الخلود في النعيم (1).

    وقوله تعالى: {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} قال عطاء: (يريد: أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلوا مواعظ الله وانتهوا عما نهاهم الله) (2).

    127 - قوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ} يعني: الجنة في قول جميع المفسرين (3) قال الحسن (4) والسدي (5): (السلام هو الله تعالى، وداره الجنة)، ومعنى السلام في أسماء الله تعالى: ذو السلام، أي: السلامة من الآفات والنقائص (6)، فعلى هذا أضيف الدار إلى السلام الذي هو اسم الله تعالى على وجه التعظيم، كما قيل للكعبة: بيت الله، وللخليفة: عبد الله. = المصون 5/ 147، وقد نقل هذا القول الرازي في تفسيره" 13/ 187 - 188، عن الواحدي.

    (1) انظر: تفسير الخازن 2/ 182.

    (2) ذكره الواحدي في الوسيط 1/ 118، والخازن في تفسيره 2/ 182.

    (3) حكاه الخازن في تفسيره 2/ 182، عن جميع المفسرين. وانظر: تفسير المقاتل 1/ 588، والطبري 8/ 32، والسمرقندي 1/ 513، والماوردي 2/ 167.

    (4) ذكره الماوردي في تفسيره 2/ 167، والواحدي في الوسيط 1/ 118، وابن الجوزي في تفسيره 3/ 122، والخازن 2/ 182 عن الحسن والسدي.

    (5) أخرجه الطبري في تفسيره 8/ 32 بسند جيد، وذكره السيوطي في الدر 3/ 84، وقال الثعلبي في الكشف 184 أ، والبغوي في تفسيره 3/ 187: (هذا قول أكثر المفسرين) اهـ.

    (6) انظر: تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص30 - 31، والزاهر 1/ 64, وتهذيب اللغة 2/ 1742، والأسماء والصفات ص 53، والمقصد الأسنى ص 67، وشرح أسماء الله الحسنى للرازي ص 187، وقال السعدي رحمه الله تعالى في الحق الواضح المبين ص 81: (السلام: السالم من مماثلة أحد من خلقه، ومن النقصان، ومن كل ما ينافي كماله) اهـ.

    قال الزجاج: (ويجوز أن يكون الجنة سميت دار السلام؛ لأنها دار السلامة [الدائمة التي لا تنقطع) (1). وعلى هذا السلام جمع سلامة أو بمعنى السلامة (2)]. كما قيل: لذَاذ ولذَاذة ورضاع ورضاعة (3)، كأنه دار السلام التي لا يلقون في حلولها عنتًا ولا تعذيبًا، وسنذكر زيادة بيان في معنى السلام في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] إن شاء الله.

    وقوله تعالى: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي: مضمونة لهم عند ربهم حتى يوصلهم (4) إليها (5). (1) معاني الزجاج 2/ 291، وذكر نحوه النحاس في معانيه 2/ 488.

    (2) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).

    (3) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص 6: (يرى أهل النظر من أصحاب اللغة أن السلام بمعنى السلامة، كما يقال: الرَّضاع والرضاعة واللَّذاذُ واللَّذاذة، فسمى نفسه جل ثناؤه: سلامًا؛ لسلامته مما يلحق الخلق من العيب والنقص والفناء والموت) اهـ.

    ومثله ذكر الزجاجي في اشتقاق أسماء الله ص 215. وقال ابن القيم في بدائع التفسير 2/ 180 - 181: (في إضافتها إلى السلام ثلاثة أقوال: أحدها: أنها إضافة إلى مالكها السلام سبحانه. الثاني: أنها إضافة إلى تحية أهلها، فإن تحيتهم فيها سلام. الثالث: أنها إضافة إلى معنى السلامة، أي: دار السلامة من كل آفة ونقص وشر. والثلاثة متلازمة، وإن كان الثالث أظهرها، فإنه لو كانت الإضافة إلى مالكها لأضيفت إلى اسم من أسمائه غير السلام، ولم يعهد ذلك في القرآن، فالأولى حمل الإضافة على المعهود في القرآن، وإضافتها إلى معنى السلامة أولى؛ لأنه أكمل أوصافها المقصودة على الدوام التي لا يتم النعيم إلا به). اهـ. ملخصًا.

    (4) في (ش): (توصلهم)، وهو تصحيف.

    (5) انظر. تفسير الماوردي 2/ 167، وابن الجوزي 3/ 122، والرازي 13/ 189.

    وقوله تعالى: {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ} أي: يتولى إيصال المنافع إليهم ودفع المضار عنهم، وهذا يوجب إخبارًا عن كونه وليهم في الآخرة، لأنه قال: {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي: في الدنيا، وإن كان هو اليوم أيضًا ولي المؤمنين، وعلى هذا دل كلام ابن عباس؛ لأنه قال في قوله: {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ}: (أنزل بهم المحبة والكرامة والرضوان وما (1) لا يوصف من النعيم) (2)، وكل هذا يكون في الآخرة (3).

    128 - قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} الآية. قال المفسرون (4): (يعني: الجن والإنس يجمعون في موقف [يوم] (5) القيامة).

    قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: هم وقرناؤهم من الشياطين) (6).

    {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ}. قال الزجاج: (المعنى: فيقال لهم: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ} (7)، {قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ} أي: من إغواء الإنس وإضلالهم، عن ابن عباس (8)، والحسن (9)، وقتادة (10). (1) في (أ): (ومما لا يوصف).

    (2) في تنوير المقباس 2/ 59 نحوه

    (3) انظر: تفسير الطبري 2/ 167، والسمرقندي 1/ 513، والماوردي 2/ 167.

    (4) انظر: تفسير الطبري 8/ 33، والسمرقندي 1/ 513، والماوردي 2/ 168.

    (5) لفظ: (يوم) ساقط من (ش).

    (6) في تنوير المقباس 2/ 59 نحوه.

    (7) معاني الزجاج 2/ 291، ومثله قال النحاس في معانيه 2/ 489.

    (8) ذكره الماوردي في تفسيره 2/ 168، وابن عطية 5/ 352، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة.

    (9) أخرج الطبري في تفسيره 8/ 33، عن الحسن نحوه، وذكره هود الهواري في تفسيره 1/ 559، والماوردي 2/ 168، والسيوطي في الدر 3/ 85.

    (10) أخرج عبد الرزاق في تفسيره 1/ 2/ 218، والطبري 8/ 33، وابن أبي حاتم 4/ 1387 بسند جيد عن قتادة نحوه.

    وروي عن ابن عباس في تفسيره: (يعني: أضللتم منهم كثيراً) (1)، وهو قول الفراء (2).

    وقال مجاهد: (كثر من أغويتم منهم) (3).

    وقال أبو إسحاق: ({قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ} ممن أضللتموه من الإنس) (4).

    وقال غيره: ({قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ} بالإغواء والإضلال) (5)، وهذه الأقوال معناها واحد، {وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ} يعني: الذين أضلوهم من الإنس.

    {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} قال (6): (معنى هذا الاستمتاع: هو أن الرجل كان إذا سافر فأمسى بأرض قفرٍ فخاف على نفسه قال (7): أعوذ بسيد هذا الوادي من (8) سفهاء قومه، فيبيت آمنًا في نفسه، فهذا استمتاع (9) (1) أخرجه الطبري في تفسيره 8/ 33، وابن أبي حاتم 4/ 1387 بسند جيد، وذكره السيوطي في الدر 3/ 85.

    (2) معاني الفراء 1/ 354.

    (3) تفسير مجاهد 1/ 223، وأخرجه الطبري في تفسيره 8/ 33، وابن أبي حاتم 4/ 1387 بسند جيد، وهو قول النحاس في معانيه 2/ 489.

    (4) معاني الزجاج 2/ 291.

    (5) هذا قول الطبري في تفسيره 8/ 33.

    (6) كذا جاء في النسخ، وفي تفسير الثعلبي 184 أ، والبغوي 3/ 188: (قال الكلبي): والظاهر أن المراد بقوله: (قال) مقاتل؛ لأن النص في تفسيره 1/ 589 أو الفراء؛ لأنه في معانيه 1/ 354، ولأن الواحدي ذكر الرواية عن الكلبي فيما بعد.

    (7) في (أ): (فقال).

    (8) (ش): (على).

    (9) في (أ): (فهذا الستمتاع)، وهو تحريف.

    الإنس بالجن (1)، وأما استمتاع الجن بالإنس فهو: أن الإنس إذا عاذ بالجن كان ذلك تعظيمًا منهم للجن، وذلك الجني (2) يقول: قد سُدت الإنس والجن؛ لأن الإنسي قد اعترف له بأنه يقدر أن يدفع عنه).

    وهذا قول الحسن (3) وابن جريج (4)، والكلبي (5)، وعكرمة (6)، واحتجوا على هذا بقوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6].

    وقال ابن عباس في رواية عطاء: {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ}: (يريد: في الدنيا، وما كانوا يضلونهم) (7)، ومعنى هذا: أن استمتاع الجن بالإنس طاعتهم لهم فيما يغرونهم به من الضلالة والكفر والمعاصي، واستمتاع الإنس (8) بالجن أن الجن زينت لهم الأمور التي يهوونها حتى يسهل عليهم فعلها، وهذا القول اختيار الزجاج؛ لأنه قال: (الذي يدل عليه (1) لفظ: (الجن)، غير واضح في (ش).

    (2) في (أ): (وذلك الجن).

    (3) ذكره الماوردي في تفسيره 2/ 168، والرازي 13/ 191، وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره 4/ 1387، بسند جيد عن الحسن، قال: (ما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت، وعملت الإنس) اهـ. وذكره السيوطي في الدر 3/ 85.

    (4) أخرجه الطبري في تفسيره 8/ 33، بسند جيد، وذكره السيوطي في الدر 3/ 85.

    (5) تنوير المقباس 2/ 60، وذكره هود الهواري في تفسيره 1/ 559، والثعلبي في الكشف 184 أ، والبغوي في تفسيره 3/ 188، والخازن 2/ 183.

    (6) ذكره الرازي في تفسيره 13/ 191، عن الحسن وعكرمة والكلبي وابن جريج.

    (7) ذكره الواحدي في الوسيط 1/ 119، وابن الجوزي في تفسيره 3/ 123، وأبو حيان في البحر 4/ 220.

    (8) في (ش): (الأنسي).

    اللفظ -والله أعلم - هو قبول الإنس من الجن ما كانوا يغوونهم به؛ لقوله: {اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ} ومن كان يقول من الإنس: أعوذ بالجن فقليل) (1).

    وقوله تعالى: {وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} يعني: الموت، في قول الحسن (2) والسدي (3)، وأكثر المفسرين (4) وقيل: هو البعث والحشر (5). (1) معاني الزجاج 2/ 291، وهو اختيار النحاس أيضًا في معانيه 2/ 490، وإعراب القرآن 2/ 580، والظاهر أن الآية عامة، وأن ما ذكر من باب التمثيل، وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في الفتاوى 13/ 80 - 89، قال في تفسير الآية: (الاستمتاع بالشيء هو أن يتمتع به فينال به ما يطلبه ويريده ويهواه، ويدخل في ذلك استمتاع الرجال بالنساء، والذكور بالذكور، والإناث بالإناث، والاستمتاع بالاستخدام وأئمة الرياسة كما يتمتع الملوك والسادة بجنودهم وممالكيهم والاستمتاع بالأموال، وفي الجملة استمتاع الإنس بالجن والجن بالإنس يشبه استمتاع الإنس بالإنس، واتباع الهوى هو استمتاع من صاحبه بما يهواه، وقد وقع في الإنس والجن هذا كله) اهـ. ملخصًا.

    وقال أبو حيان في البحر 4/ 220: (وجوه الاستمتاع كثيرة تدخل هذه الأقوال كلها تحتها، فينبغي أن يعتقد في هذه الأقوال أنها تمثيل في الاستمتاع لا حصر في واحد منها) اهـ.

    (2) ذكره الماوردي 2/ 168، وابن الجوزي 3/ 124، عن الحسن والسدي.

    (3) أخرجه الطبري في تفسيره 8/ 34 بسند جيد.

    (4) قال أبو حيان في البحر 4/ 220: (هذا قول الجمهور وابن عباس والسدي وغيرهما). اهـ. وهو قول الطبري في تفسيره 8/ 34، والسمرقندي 1/ 513.

    (5) ذكر هذا القول الماوردي في تفسيره (2/ 168، وابن الجوزي 3/ 124، وهو قول البغوي في تفسيره 3/ 188، والزمخشري 2/ 50.

    وقال ابن القيم كما في بدائع التفسير 2/ 182 - 183 في الآية: (هذا يتناول أجل الموت وأجل البعث، فكلاهما أجل الله تعالى لعباده، وكأن هذا -والله أعلم - إشارة منهم إلى نوع استعطاف وتوبة، فكأنهم يقولون: هذا أمر كان إلى وقت = وقوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ}، قال ابن عباس: (يريد: فيها مقامكم) (1).

    قال الزجاج: (المثوى: المقام، {خَالِدِينَ فِيهَا} منصوب على الحال، المعنى: النار مقامكم في حال خلود دائم) (2).

    قال أبو علي: (المثوى عندي في الآية اسم للمصدر دون المكان، لحصول الحال في الكلام معملًا فيها، واسم الموضع لا يعمل عمل الفعل؛ لأنه لا معنى للفعل فيه، فإذا لم يكن موضعًا ثبت أنه مصدر، والمعنى: النار ذات إقامتكم فيها، {خَالِدِينَ} أي: هي أهل أن يقيموا (3) فيها ويثووا خالدين، فالكاف والميم في المعنى فاعلون، وإن كان في اللفظ خفضًا بالإضافة، ومثل هذا قول الشاعر:

    وَمَا هِيَ إلاَّ في إِزَارٍ وَعِلْقَةٍ ... مُغَارَ ابْنِ هَمَّامٍ عَلَى حَيِّ خَثْعَمَا (4) = وانقطع بانقطاع أجله، فلم يستمر ولم يدم، فبلغ الأمر الذي كان أجله، وانتهى إلى غايته، ولكل شيء آخر، فقال تعالى: {النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا} فإنه وإن انقطع زمن التمتع وانقضى أجله فقد بقي زمن العقوبة، فلا يتوهم أنه إذا انقضى زمن الكفر والشرك وتمتع بعضكم ببعض أن مفسدته زالت وانتهت بانتهائه، والمقصود أن الشيطان تلاعب بالمشركين حتى عبدوه واتخذوه وذريته أولياء من دون الله) اهـ. ملخصًا.

    (1) ذكره الواحدي في الوسيط 1/ 119، وفي تنوير المقباس 2/ 60 نحوه.

    (2) معاني الزجاج 2/ 291، ونحوه قال النحاس في معانيه 2/ 490، وإعراب القرآن 1/ 580.

    (3) في (أ): (تقيموا)، وهو تصحيف.

    (4) الشاهد لحميد بن ثور الهلالي في الكتاب 1/ 234 - 235، وبلا نسبة في: الكامل للمبرد 1/ 201، والمقتضب 2/ 120، والخصائص 2/ 208, والمحتسب 2/ 266، وأمالى ابن الحاجب 2/ 80، واللسان 5/ 3072 = وهذا يدل (1) على حذف المضاف، المعنى: وما هي إلا إزارٍ وعلقة وقت إغارة ابن همام، ألا ترى أنه عدّاه بعلى إلى حيّ خثعمٍ، وإذا عدّاه ثبت أنه مصدر، إذ أسماء المكان لا تتعدى، فهو من باب قولك: أتيتك خفُوقَ النجمِ، ومَقدَم الحاجِّ، وخلافةَ فلان (2)، من المصادر التي استعملت في موضع الظروف للاتساع في حذف المضاف الذي هو اسم زمان على تقدير: زمان خفوق النجم أو ساعة أو وقت، وما أشبه ذلك، وإنما حسن ذلك في المصادر لمطابقتها الزمان في المعنى، ألا ترى أنه عبارة عن مُنَقَضٍ غير باقٍ، كما أن الزمان كذلك، ومن ثم كثر إقامتهم، ما التي مع الفعل بمعنى المصدر مقام ظروف الزمان كقولهم: لا أكلمك ما حدا (3) ليلٌ نهارًا وما خالفت جِرّة (4) دِرةً {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117] ونحو ذلك، حتى إن قومًا من النحويين (5) يسمونها ما = (علق)، والدر المصون 5/ 150، والعلقة، بكسر العين: قميص بلا كمين، أو الثوب الصغير. انظر: اللسان 5/ 3073 (علق). والشاهد في البيت: نصب مغار على الظرفية، وهو في الأصل مصدر ميمي.

    (1) في (ش): (وهذا أيضًا على حذف المضاف).

    (2) انظر: الكتاب 1/ 222، والمقتضب 4/ 343.

    (3) حدا: بالفتح تبع يقال: ما حدا الليل النهار، أي: ما تبعه. انظر: المستقصى للزمخشري 2/ 247، واللسان 2/ 794 (حدا).

    (4) الجِرَّة: -بكسر الجيم وفتح الراء المشددة-: ما يخرجه البعير من بطنه للجنزار، والدِّرَّة: بكسر الدال المشددة وفتح الراء المشددة، كثرة اللبن وسيلانه، وهما مختلفان: الدرة تسفل إلى الرجلين، والجرة تعلو إلى الرأس.

    انظر: مجمع الأمثال 3/ 187، والمستقصي 2/ 245, واللسان 1/ 594 (جرر) و3/ 1356 (درر).

    (5) انظر: حروف المعاني ص 53، ومعاني الحروف للرماني ص 86، = الوقت، وحقيقته ما أعلمتك) (1)، انتهى كلامه. وقول ابن عباس: (فيها مقامكم) (2)، يدل على صحة قول أبي علي.

    وقوله تعالى: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} قال ابن عباس: (استثنى الله قوماً قد سبق في علمه أنهم يسلمون ويصدقون النبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به) (3)، وعلى هذا القول يجب أن يكون (ما) بمعنى (مَنْ) (4).

    وقال أبو إسحاق: (معنى الاستثناء عندي: إنما هو من يوم القيامة؛ لأن قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} هو يوم القيامة فقال: {خَالِدِينَ فِيهَا} منذ يبعثون {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} من مقدار حشرهم من (5) قبورهم، ومقدار مدَّتِهم في محاسبتهم) (6). = والصاحبي ص 269، ورصف المباني ص 277، والمغني لابن هشام 1/ 302.

    (1) الإغفال ص 706 - 709، وعليه يكون (خالدين) منصوب على أنه حال مقدرة والعامل فيها (مثواكم)؛ لأنه اسم مصدر من الثواء، وهو الإقامة.

    انظر: غرائب التفسير 1/ 385، والبيان 1/ 339، والتبيان 358، والفريد 2/ 228، و الدر المصون 5/ 149.

    (2) سبق تخريجه.

    (3) ذكره الواحدي في الوسيط 1/ 119، والبغوي 3/ 189، والرازي 13/ 192، وأخرج الطبري 8/ 34، وابن أبي حاتم 4/ 1388 بسند جيد عنه، قال: (إن هذه الآية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه لا ينزلهم جنة ولا نارًا)، وذكره السيوطي في الدر 3/ 85، وقال الخازن 2/ 183: (نقل جمهور المفسرين عن ابن عباس أن هذا الاستثاء يرجع إلى قوم سبق فيهم علم الله أنهم يسلمون ويصدقون النبي - صلى الله عليه وسلم - فيخرجون من النار، قالوا: و (ما) تكون بمعنى من على هذا التأويل. اهـ.

    (4) أي: التي للعقلاء، وساغ وقوعها هنا؛ لأن المراد بالمستثنى نوع وصنف، وما تقع على أنواع من يعقل، أفاده السمين في الدر 5/ 151.

    (5) في (أ): (في).

    (6) معاني الزجاج 2/ 291 - 292، وفيه: (ويجوز أن يكون إلا ما شاء ربك مما = وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}. قال ابن عباس: (حكم للذين استثنى بالتصديق والتوبة وعلم ما في قلوبهم من البر والتقوى والإيمان) (1).

    قال أهل المعاني: (معنى هذه الآية: التحذير من إغواء الجن تزيينهم القبيح، فإنهم يقرنون مع أوليائهم من الإنس في النار) (2).

    129 - قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا}. قال المفسرون: (يقول: كما خذلنا عصاة الجن والإنس حتى استمتع بعضهم ببعض، كذلك نكل بعضهم إلى بعض في النصرة والمعونة، ونسلط بعضهم على بعض، فيتولى بعضهم القيام بأمر بعض) (3)، وقال بعض أهل العلم: (إن الله تعالى ذكر في الآية الأولى استكثار الجن من الإنس بالاستضلال (4) والاستزلال (5)، ثم بيّن في هذه الآية أنه ولى بعضهم بعضًا حتى كان من شأنهم ما كان) (6). = يزيدهم من العذاب). اهـ. وانظر: تفسير الطبري 8/ 34، ومعاني النحاس 2/ 490، وإعراب النحاس ص 575، وتفسير السمرقندي 1/ 513، والمشكل 1/ 270، والبيان 2/ 340، والتبيان 358، والفريد 2/ 228، والدر المصون 5/ 150 - 153، ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ص 122 - 128.

    (1) ذكره الواحدي في الوسيط 1/ 120، والبغوي في تفسيره 3/ 189 بدون نسبة.

    (2) لم أقف على من ذكره فيما لدي من مراجع.

    (3) انظر: تفسير الطبري 13/ 35، والسمرقندي 1/ 513، والماوردي 2/ 169، والبغوي 3/ 189.

    (4) في (ش): (بالإضلال).

    (5) في (أ): (الاسترسال)، وهو تحريف.

    (6) لم أقف على من ذكره فيما لدي من مراجع.

    130 - قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} الآية. قال أهل اللغة: (المَعْشَر: كل جماعة أمرهم واحد، والجميع: المعَاشِر) (1). وقوله تعالى: {رُسُلٌ مِنْكُمْ} اختلفوا (2) هل كان من الجن رسول أم لا؟ فالأكثرون (3) على أنه لم يكن من الجن رسول، وإنما كانت الرسل من بني آدم.

    وقوله: {رُسُلٌ مِنْكُمْ} أراد من أحدكم وهو الإنس فحذف المضاف، كقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} [الرحمن: 22] أي: من أحدهما وهو الملح الذي ليس بعذب، وجاز ذلك؛ لأن ذكرهما قد جُمع في قوله (4): {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} [الرحمن: 19]، وهذا جائز في كل ما اتفق في أصله، كما (1) هذا نص كلام الخليل في العين 1/ 248، وفي اللسان 5/ 2955 (عشر): (معشر الرجل، بفتح الميم والشين وسكون العين: أهله. والمعشر: الجماعة متخالطين كانوا أو غير ذلك. والمعشر والنفر والقوم والرهط معناهم الجمع: لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون النساء). اهـ.

    وانظر: تهذيب اللغة 3/ 2447، والصحاح 2/ 747، والمجمل 3/ 670، والمفردات ص 567 (عشر).

    (2) في (ش): (واختلفوا).

    (3) ذكره عن الأكثر الرازي في تفسيره 13/ 195، والخازن 2/ 184.

    (4) قال الشنقيطي -رحمه الله تعالى - في أضواء البيان 2/ 211: (هذا التوجيه في آية الرحمن غلط كبير لا يجوز القول به؛ لأنه مخالف مخالفة صريحة لكلام الله تعالى؛ لأن الله ذكر البحرين الملح والعذب بقوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [فاطر: 12]، ثم صرح باستخراج اللؤلؤ والمحرجان منهما جميعًا بقوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: 12]، والحلية المذكورة في اللؤلؤ والمرجان، فقصره على الملح مناقض للآية صريحًا كما ترى). اهـ.

    اتفق الجن مع الإنس في باب التمييز، فلما ذكرا (1) معًا جاز مخاطبتهما بما ينصرف إلى واحد.

    وهذا قول الفراء (2)، والزجاج (3) ومذهب أكثر أهل (4) العلم، وعليه دل كلام ابن عباس؛ لأنه قال: (يريد: أنبياء من جنسكم ولم يكن من جنس الجن أنبياء (5) وإذا لم يكن من الجن أنبياء (6) ورسل، فكيف قال لهم مع الإنس: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ}؟ قال الكلبي: (كانت الرسل يبعثون إلى الجن والإنس) (7)، فعلى هذا قد بعث الرسل إلى الجن، ولكن لم تكن (8) الرسل من الجن، وتأويل (منكم) ما ذكرنا.

    وقال آخرون: (الرسل كانت من الإنس، ولكن الله تعالى كان يسبّب قومًا من الجن ليسمعوا كلام الرسل، ويأتوا قومهم من الجن بما سمعوا وينذرونهم، كما قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] وهذا مذهب مجاهد قال: (الرسل من الإنس والنذر (1) في (ش): (فلما ذكر معًا)، وهو تحريف.

    (2) معاني الفراء 1/ 354، وانظر: معاني النحاس 2/ 492.

    (3) معاني الزجاج 2/ 292، وكلام الواحدي أقرب إلى نص الزجاج.

    (4) ذكر الخازن في تفسيره 2/ 184: (أن هذا مذهب جمهور أهل العلم). وانظر: تفسير الطبري 12/ 12، والماوردي 2/ 170، وذكره عن الواحدي الرازي في تفسيره 13/ 195.

    (5) ذكره الخازن في تفسيره 2/ 184 عن الواحدي عن ابن عباس.

    (6) لفظ: (أنبياء) ساقط من (أ).

    (7) تنوير المقباس 2/ 61، وذكره الثعلبي في الكشف 184 أ، والبغوي في تفسيره 3/ 190.

    (8) في (ش): (لم يكن).

    من الجن) (1)، ونحو ذلك قال ابن جريج (2) وأبو عبيد (3): (هم الذين استمعوا القرآن فأبلغوه قومهم)، وعلى هذا أولئك (4) الذين استمعوا (5) وذهبوا إلى الجن فأنذروا لم يفعلوا ذلك بنص الله تعالى على إرسالهم, ولكن يجوز أن يضاف ذلك إلى الله فيقال: هم رسل الله، كما سمّى الله تعالى رسُل عيسى (6) رسله فقال: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ} [يس: 14].

    وقال الضحاك: (من الجن رسل كما من الإنس رسل) (7) والآية تدل على (8) ذلك، والقول هو الأول، وهو ما ذكرنا أن رسل الجن لم يكونوا مرسلين بنص الله تعالى وإنما كانوا نذرًا على الوجه الذي بيّنا (9). (1) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 4/ 1389، بسند جيد، وذكره السيوطي في الدر 3/ 86.

    (2) أخرجه الطبري في تفسيره 8/ 36، بسند جيد، وذكره السيوطي في الدر 3/ 86.

    (3) لم أقف عليه.

    (4) في (أ): (وعلى هذا ؤلئك)، وهو تحريف.

    (5) في (أ): (استمتعوا)، وهو تحريف.

    (6) انظر: تفسير الرازي 13/ 195. وظاهر القرآن -وهو اختيار الجمهور ومنهم ابن كثير في تفسيره 2/ 198 - أنهم رسل الله بعثهم إلى أهل القرية. قال ابن الجوزي في تفسيره 7/ 11: (هذا هو ظاهر القرآن والمروي عن ابن عباس وكعب ووهب) اهـ.

    (7) أخرجه الطبري 8/ 36، بسند جيد، وهو قول مقاتل في تفسيره 1/ 589.

    (8) ذكره عن الضحاك الماوردي في تفسيره 2/ 170، وابن الجوزي 3/ 125, وقالا: (وهو ظاهر الكلام).

    (9) وهذا هو الظاهر، وهو قول جمهور السلف والخلف، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره 2/ 198: وساق عدة أدلة من الكتاب والسنة على أن الرسل من الإنس فقط، ولم يكن في الجن رسل منهم. وهو اختيار شيخ الإسلام في رحمه الله تعالى في الفتاوى 16/ 192، وقال في 4/ 234: (وقيل: الرسل من الإنس, والجن فيهم النذر، وهذا أشهر.) اهـ.

    130 - وقوله تعالى: {قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا}. يقول: شهدنا أنهم قد بلغوا، يقول الله تعالى: (وغرتهم (1) الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين). قال مقاتل: (حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك والكفر في الدنيا) (2).

    131 - قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ} الآية. قال الزجاج: (ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل وأمر عذاب من كذب بها؛ لأنه لم يكن مهلك القرى بظلم) (3)، فعلى هذا الإشارة وقعت إلى العقاب الذي في قوله: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ} [الأنعام: 128] وإلى إتيان الرسل في قوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام:130] وموضع {ذَلِكَ} رفع الابتداء على معنى: ذلك الأمر، أي: العقوبة بعد تكذيب الرسل، ويجوز أن يكون موضع (ذلك) نصبًا على معنى: فعل ذلك، وهذا معنى قول الفراء (4) وسيبويه (5) والزجاج (6).

    وقوله تعالى: {أَنْ لَمْ يَكُنْ} (أن) هاهنا هي المخففة من الثقيلة ويقدر معها الخافض وإضمار الهاء على تقدير: لأنه لم يكن، وهي التي في قول الأعشى: (1) في (أ): (وغرتهم الله الحياة الدنيا)، وهو تحريف واضح.

    (2) تفسير مقاتل 1/ 589.

    (3) معاني الزجاج 2/ 293.

    (4) معاني الفراء 2/ 355، ومثله ذكر الطبري في تفسيره 8/ 37.

    (5) لم أقف عليه في الكتاب، وقد ذكر الزجاج في معانيه 2/ 293, والنحاس في إعراب القرآن 1/ 580: (عن سيبويه أنه في موضع رفع بمعنى: الأمر ذلك؛ لأن ربك لم يكن مهلك القرى بظلم)، ولم أجد من ذكر عنه وجه النصب.

    (6) معاني الزجاج 2/ 292 - 293.

    في فِتْيِةٍ كَسْيوفِ الهِنْدِ قَدْ عَلِمُوا ... أَنْ هَالِكٌ كُلُّ مَنْ يَحْفَى وَينْتَعِلُ (1)

    وقوله تعالى: {بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ}. قال الكلبي: (يقول: لم يكن ليهلكهم بذنوبهم من قبل أن يأتيهم رسلهم فينهاهم فإن رجعوا وإلا أتاهم العذاب) (2).

    وقال الزجاج: (أي: لا يهلكهم حتى يبعث إليهم الرسل كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] (3)، وهذا قول جميع المفسرين (4) والظلم على هذا ظلمهم الذي هو ذنوبهم ومعاصيهم.

    وقال الفراء: (يجوز أن يكون المعنى: لم يكن ليهلكهم [بظلم منه وهم غافلون، كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ (5)] وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:117] أي بظلم منه) (6). (1) ديوان الأعشى ص 284، والكتاب 2/ 137، 3/ 74 - 164 - 454، والمحتسب 1/ 308، والمنصف 3/ 129، وأمالي ابن الشجري 2/ 177 - 178، والإنصاف 167، وبدون نسبة في المقتضب 3/ 9، وتفسير الطبري 8/ 185، والخصائص 2/ 441، ورصف المباني ص 196.

    والشاهد إضمار اسم أن المخففة والتقدير: أنه هالك، وعجز البيت في الديوان:

    أَنْ لَيْسَ يَدْفَعُ عَنْ ذِي الحِيلَةِ الحِيلُ

    (2) ذكره الواحدي في الوسيط 1/ 121، والبغوي في تفسيره 3/ 190، والخازن 2/ 185.

    (3) معاني الزجاج 2/ 293.

    (4) انظر: الطبري 8/ 37، والسمرقندي 1/ 514، والماوردي 2/ 172، وبدائع التفسير 2/ 183 - 184.

    (5) ما بين المعقوفين ساقط من (ش) وملحق بالهامش.

    (6) انظر: معاني الفراء 1/ 355، وفيه قال: (وقوله: {مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} يقول: لم يكن ليهلكهم بظلمهم وهم غافلون لما يأتيهم رسول ولا = وعلى هذا يوهم (1) أنه لو أهلكهم وهم غافلون قبل بعث الرسل كان ظالمًا، وكذلك لو أهلكهم وهم صالحون، وليس كذلك؛ لأن له أن يفعل ما يريد، لكنه أخبر أنه لا يعذب قبل بعثه الرسل، ولا يهلك الصالحين، ولو فعل ذلك لم يكن ظلمًا, ولكنه يكون في صورة الظلم فيما بيننا، فأطلق عليه الظلم مجازًا لا حقيقة، والقول في معنى الآية هو الأول (2) وقد بيّنا القولين في سورة هود عند قوله تعالى: {بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117].

    132 - قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} الآية. قال ابن عباس: (يريد: فضائل مما عملوا {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} يريد: عمل المشركين والدرجات للمؤمنين (3)، فعلى هذا أثبت الدرجات للمؤمنين في (4) أول الآية وأوعد المشركين بأنه ليس {بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} في آخر الآية على معنى: أنه يجازيهم به، وتقدير الآية: ولكل عاملٍ بطاعة الله درجات جزاء من أجل ما عملوا، وقال آخرون: (هذا عام في كل = حجة، وقوله في هود: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} يقول: لم يكن ليهلكهم بظلمهم يقول: بشركهم {وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} يتعاطون الحق فيما بينهم، هكذا جاء التفسير، وفيها وجه وهو أحب من ذا؛ لأن الشرك أعظم الذنوب، والمعنى -والله أعلم-: لم يكن ليهلكهم بظلم منه وهم مصلحون). اهـ.

    (1) في (ش): (توهم).

    (2) انظر: تفسير الرازي 13/ 196 - 197.

    (3) انظر: تنوير المقباس 2/ 62، وفي الوسيط 1/ 121 نقل الواحدي عن ابن عباس في الآية قال: (يريد عمل المشركين).

    (4) لفظ: (في) ساقط من (أ).

    عامل (1) عملًا طاعة كان أو معصية (2) على تقدير: ولكل عامل بطاعة الله أو معصيته (3) منازل في عمله). ومثلت الأعمال (4) بالدرجات ليتبين أنه وإن عمّ أحد قسميها صفة الحسن، وعمّ الآخر صفة القبح، فليست في المراتب سواء، وأنه بحسب ذلك يقع الجزاء، فالأعظم من العقاب للأعظم من السيئات، والأعظم من الثواب للأعظم من الحسنات، وجملة معنى الآية: أن بعضهم أوفر وأجزل ثوابًا من بعض على قدر أعمالهم، وبعضهم أشدّ عذابًا من بعض (5) على قدر أعمالهم في الدنيا (6).

    وقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} أي: لا يفوته شيء منها ولا من مراتبها حتى يجازي عليه بما يستحق من الجزاء (7).

    133 - قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ}. قال ابن عباس: (يريد: عن عبادة من تولى غيره) (8)، وقال مقاتل: (عن عبادة خلقه) (9)، ومعنى الغنى عن الشيء: أنه الذي يستوي عنده عدم ذلك الشيء ووجوده (10). (1) وهذا القول هو الظاهر، وهو اختيار الطبري في تفسيره 8/ 38، والسمرقندي 1/ 514، والرازي 13/ 198.

    (2) في (أ): (أو معية)، وهو تحريف.

    (3) في (أ): (أو معيته)، وهو تحريف.

    (4) لفظ: (الأعمال) مكرر في (أ).

    (5) في (أ): (بعضهم).

    (6) انظر: تفسير الماوردي 2/ 172.

    (7) انظر: تفسير الطبري 8/ 38،

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1