Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام
شرح الإلمام بأحاديث الأحكام
شرح الإلمام بأحاديث الأحكام
Ebook773 pages4 hours

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

"الإلمام بأحاديث الأحكام"، هو من أجلِّ كتابٍ وُضِع في أحاديث الأحكام، يحفظُه المبتدئ المستفيدُ، ويناظِرُ فيه الفقيهُ المفيدُ ومن فَهِمَ مغزاه، شدَّ عليه يدَ الضِّنانة، وأنزله من قلبه وتعظيمهِ الأعزَّين مكاناً ومكانة وقد شرطَ فيه مؤلِّفُه أن لا يوردَ إلا حديثَ من وثَّقه إمام من مزكِّي رواة الأخبار، وكان صحيحاً على طريقة بعض أهل الحديث الحفَّاظ، أو أئمة الفقه النظَّار.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateDec 2, 1901
ISBN9786387961165
شرح الإلمام بأحاديث الأحكام

Read more from ابن دقيق العيد

Related to شرح الإلمام بأحاديث الأحكام

Related ebooks

Related categories

Reviews for شرح الإلمام بأحاديث الأحكام

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    شرح الإلمام بأحاديث الأحكام - ابن دقيق العيد

    الغلاف

    شرح الإلمام بأحاديث الأحكام

    الجزء 5

    ابن دقيق العيد

    702

    الإلمام بأحاديث الأحكام، هو من أجلِّ كتابٍ وُضِع في أحاديث الأحكام، يحفظُه المبتدئ المستفيدُ، ويناظِرُ فيه الفقيهُ المفيدُ ومن فَهِمَ مغزاه، شدَّ عليه يدَ الضِّنانة، وأنزله من قلبه وتعظيمهِ الأعزَّين مكاناً ومكانة وقد شرطَ فيه مؤلِّفُه أن لا يوردَ إلا حديثَ من وثَّقه إمام من مزكِّي رواة الأخبار، وكان صحيحاً على طريقة بعض أهل الحديث الحفَّاظ، أو أئمة الفقه النظَّار.

    الوجه الثالث: في تصحيحه

    وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وبقيةُ الجماعة في كتبهم. (1) زيادة من ت.

    (2) رواه البخاري (189)، كتاب: الوضوء، باب: مسح الرأس مرة.

    (3) في الأصل: رأى، والمثبت من ت، وصحيح مسلم.

    (4) سقط من ت.

    (5) ت: و.

    (6) في الأصل و ت: استنشق، والمثبت من صحيح مسلم.

    (7) رواه مسلم (236)، كتاب: الطهارة، باب: في وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو داود (120)، كتاب: الطهارة، باب: صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

    *

    الوجه الرابع: في قاعدة تتعلق بهذا الحديث وغيره

    لما كانت روايةُ مالك وخالد ووهيب وسليمان راجعةً إلَى عمرو ابن يحيَى، وكان في الألفاظِ اختلاف أفاد بقولِه: في (1) رواية خالد الواسطي في هذا الحديث، وفي رواية وُهيب في هذا الحديث، وفي رواية سليمان بن بلال في هذا الحديث: أنَّ الاختلافَ الذي وقع في الألفاظِ اختلافٌ في حديث واحد؛ لأنَّ هذه الروايات كلَّها عن يحيَى ابن يحيَى (2)، عن أبيه، وهذا يتعلقُ بقاعدة صناعية لا يكادُ أهل الفقه يعتبرونها، ولا تكاد توجدُ في تصرفاتهم، وكذلك في تصرف بعض أهل الحديث ممَّن يتكلَّم في الفقهِ.

    والذي يُعْهَدُ من تصرُّفِ أهل الفقه غالباً أنهم يجعلون اختلاف الألفاظ في الرواياتِ كاختلاف الأحاديث، ويستدلون بكل لفظة علَى الحكمِ الذي يُستفاد منها.

    ولأهل الحديث نظرٌ في اتحاد الحديث واختلافه يتصرَّفون بسببه فيما يتعلق بصناعتهم عندَ اختلاف الروايات، ويوجدُ في كلام بعضهم فيما يتعلَّقُ بالأحكامِ، وليس ذلك بالكثيرِ جداً، فلنتكلمْ فيما يتعلق بهذه القاعدة لتكرُّرِها في الأحاديثِ والحاجةِ إليها في الصناعتينِ جميعاً؛ أعني: في الإسنادِ وفي الاستدلال، والله الموفق للصواب (3). (1) في الأصل: وأفاد، والمثبت من ت.

    (2) ت: عمرو بن يحيى.

    (3) على هامش ت: بياض.

    فنقول: إن اختلف مخارجُ الحديث، أو (1) تباعدت ألفاظُهُ، فينبغي أنْ يُجعلا حديثين مُستقلين، وإن اتحد مخرجُهُ، وتقاربت ألفاظُهُ، فالغالبُ علَى الظنِّ أنَّهُ حديثٌ واحدٌ وقعَ الاختلافُ فيه علَى شيخ واحد، لا سيَّما إذا كان ذلك في سياقةِ واقعةٍ [واحدةٍ] (2) يَبعُد أنْ يتعدَّدَ مثلُها في الوقوعِ.

    وإذا تبيَّنَ أنَّهُ حديثٌ واحدٌ اختلفَ (3) الرواةُ في لفظِهِ فيُنظر؛ إن (4) أمكنَ الجمعُ في اللفظِ بأنْ تزيدَ أحَدُ الروايتين لفظاً في روايةٍ لا يبعُدُ أنْ يُجمع (5) مع اللفظ الآخر قبل الزائد، وجعل بعض الرواة تاركاً لبعض اللفظ؛ إما لعدم سماعه، أو لنسيانه، أو لسببٍ [آخر] (6).

    وإن تعذَّرَ الجمعُ في اللفظِ ظاهراً نظرنا في أحد اللفظين، وهل يمكن أنْ يعبَّر بأحدهما عن معنَى الآخر، أو لا؟

    فإنْ كَان الأولُ جمعنا، وردَدْنا إحدَى الروايتين إلَى الأخرَى.

    وإنْ كَان الثاني فحينئذ نرجع إلَى الترجيحِ بزيادة الحفظ، أو الكثرة، أو غير ذلك من أسباب الترجيح.

    هذا فيما إذا اتَّحدَ الحديث ظناً برجوعِهِ إلَى مخرج واحد، (1) ت: و.

    (2) زيادة من ت.

    (3) ت: اختلفت.

    (4) ت: فإن.

    (5) ت: يجتمع.

    (6) زيادة من ت.

    وتقارُبِ ألفاظه، أو اتحادِ واقعته. وأما إنْ لمْ يكنْ كذلك فهما حديثان يُؤخَذُ من كلِّ واحد منهما ما يقتضيه، وهذا الذي نقوله بناءً علَى غالب الظنِّ لا علَى الجزمِ، فإنه يجوزُ في أكثر هذه الاختلافاتِ أنْ تكونَ كرواياتٍ متعددة، وإن بَعُدَ (1) ذلك.

    مثال ما يتَّحدُ مخرجُهُ ويظهر أنَّهُ حديثٌ واحد مع إمكان اجتماع اللفظين: حديث يحيَى بن [أبي] (2) كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه في النهي عن مسِّ الذَّكَرِ باليمينِ (3)، فإنَّ الرواياتِ ترجعُ إلَى يحيَى هذا، فإذا رواه بعضهم بالنهي عن مسِّ الذكر باليمينِ مُطلقاً (4)، ورواه بعضهم بالنهي عن مسِّهِ باليمينِ في الاستنجاء، أو في البولِ، فهذا يمكن أنْ يكونَ جميعاً ملفوظاً بهما، فتُحمل روايةُ من تركه علَى رواية من ذكره، ونجعله (5) [دليلاً على] (6) تقييد النهي بالاستنجاءِ أو البول (7).

    ولو جعلناهما كالحديثينِ لمْ نَحكمْ بتقييد النهي بحالة الاستنجاء أو البول؛ لأنَّ الحديثَ الذي فيه النهي مُطلقاً لا يُعارِضُ الذي فيه (1) في الأصل: تعدد، والمثبت من ت.

    (2) زيادة من ت.

    (3) تقدم تخريجه.

    (4) ت: مطلقاً باليمين.

    (5) في الأصل: يجعل، والمثبت من ت.

    (6) زيادة من ت.

    (7) ت: فتحمل رواية من تركه على رواية من ذكر، ونجعله دليلاً على تقييد النهي بالاستنجاء أو البول.

    النهي مُقيداً بالاستنجاءِ أو البول، وإنما يُرَدُّ أحدُ اللفظين إلَى الآخرِ في العموم [إلَى] (1) الخصوص، أو الإطلاق إلَى التقييدِ، عندَ التعارض والتنافي في بعض المدلولات، اللهمَّ إلا أنْ يكونَ التقييد يقتضي مفهومُهُ مخالفةً للمُطلقِ أو العامِّ عندَ من يقول بالمفهومِ، ويرَى أنَّهُ يُخصِّصُ العمومَ.

    ومثالُ ما لا يتأتَى فيه الجمعُ من الألفاظِ: ذكر حديث الواهبةِ نفسَها وما اختلفت الرواة فيه عن علي بن أبي حازم (2)، عن أبيه، عن سهل بن سعد؛ فإنها قصة واحدة، يقول بعضهم: أنكحتُكَهَا (3) (4)، وبعضهم: زوَّجتُكَهَا (5)، وبعضهم: مَلَّكْتُكها (6) (7)، إلَى غير ذلك من الاختلافات (8)، فهذا لا يتأتَّى أن تكون هذه الألفاظُ كلُّها قالها (1) في الأصل: أو، والمثبت من ت.

    (2) ت: علي ابن أبي حاتم.

    (3) في الأصل: أنكحتها، والمثبت من ت.

    (4) رواه البخاري (4854)، كتاب: النكاح، باب: التزويج على القرآن وبغير صداق.

    (5) رواه البخاري (4741)، كتاب: فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، ومسلم (1425)، (2/ 1041)، كتاب: النكاح، باب: الصداق.

    (6) ت: ملكتها.

    (7) رواه البخاري (4742)، كتاب: فضائل القرآن، باب: القراءة عن ظهر القلب، ومسلم (1425)، (2/ 1040)، كتاب: النكاح، باب: الصداق.

    (8) ت: الاختلاف.

    الرسول (1) - صلى الله عليه وسلم - في تلك الواقعة وتلك الساعة، إلا علَى سبيل التجويز العقلي المخالف للظنِّ القوي جداً، فينبغي علَى هذا أنْ يُنظرَ إلَى الترجيحِ الذي أشرنا إليه؛ لأنه ليست دلالة كل واحدٍ من هذه الألفاظ كدلالة الأخرَى في الحكمِ الذي يُؤخَذُ منها، فتقفُ الدلالةُ بلفظ: ملَّكتُكَها علَى انعقاد النكاح بلفظ التمليك علَى هذا التقدير إذا لمْ يتبينِ الترجيح.

    وما ذهب إليه بعضُهُم - أو من (2) يذهب إليه - من أنَّ النكاحَ انعقد في القصةِ بلفظ النكاح أو التزويج، وأن لفظَ التمليك تعبيرٌ عن معنَى ما وقع، لا لفظِهِ (3)، ينعكسُ (4) عليه، ويقلبُهُ خصمُهُ عليه، وإنما الطريق في سبيل هذا الترجيح.

    ولو ذهب ذاهبٌ إلَى ما يفعله الفقهاءُ من جعل الروايات المتعددة في الطرقِ للحديث الواحد كالأحاديثِ المتعددة، لزمَهُ أنْ يجيزَ النكاحَ بكل لفظةٍ من هذه الأحاديث المذكورة في الحديثِ لرواية (5) كلِّ لفظةٍ من جهة العدلِ الثقة (6).

    قد نبَّهْنا علَى اختلاف الروايات في هذا الحديث، ولا تغفلَنَّ (1) ت: قول الرسول.

    (2) زيادة من ت، وقد ألحقت في الأصل، إلا أنها مطموسة.

    (3) انظر: شرح مسلم للنووي (9/ 214).

    (4) ت: يعكسه.

    (5) ت: كرواية.

    (6) على هامش ت قوله: بياض.

    فيه، وفي غيره، عن أن تنظرَ إلَى الاختلافِ، وأنه علَى من يرجعُ إليه الحديث، فإنه قد يقع [فيه] (1) الاختلافُ (2) فيما بعد ذلك من المُتأخِّرينِ الذين يَروونه (3) بوسائط إلَى من يرجعُ إليه الحديث، فإنَّ رواةَ الموطأ قد يختلفون في بعض الألفاظ، فلا يلزم أنْ يكونَ ذلك اختلافاً علَى مالك، وقد يكون ذلك اختلافاً عمَّنْ دونه (4)، فإذا نسبتَ الاختلافَ إلَى مُخرجِ الحديث كان خطأً.

    مثالُهُ في هذا الحديث: قوله: فغسَلَ يدَيهِ مرَّتين مرَّتين: نُسِبَ إلَى كتاب أحمد بن مطرف: يده، فإذا حملتَ هذا الاختلافَ علَى من يرجعُ إليه الحديثُ، وهو عمرو بن يحيَى، كان ذلك خطأً، فتحرَّزْ من أمثاله.

    * * *

    * الوجه الخامس: في شيء من (5) مفرداته؛ أعني: مفردات حديث عبد الله بن زيد في الجملة، وفيه مسائل:

    الأولَى:

    قوله في رواية وُهيب: فدَعَا بتَوْرٍ منْ ماءٍ؛ التَّوْرُ: بالتاءِ المثناة، والواو الساكنة، آخرُهُ راءٌ مهملة، قالَ ابن سِيدَه: هو (1) زيادة من ت.

    (2) ت: الخلاف.

    (3) في الأصل: يريدونه، والمثبت من ت.

    (4) ت: يرويه.

    (5) سقط من ت.

    الرسولُ بين القوم، عربيٌّ صحيح، قال [من السريع]:

    والتَّوْرُ فيما بَيْنَنَا مُعْمَلُ ... يَرضَى بِهِ المَأتِيُّ والمُرْسِلُ (1)

    والتَّورُ: من الأواني مذكَّرٌ، قيل: هو عربي، وقيل: هو دخيل (2).

    الثانية

    : قالَ صاحب ديوان الأدب (3): وكفأت القَدْرَ؛ أي: قلبتها.

    قلتُ: ويقال: كَفَأْتُ القومَ؛ [أي:] (4) إذا أرادوا وَجْهاً وصرفْتُهُم إلَى غيرِهِ، وكفأت العودَ: إذا (5) قشرته، وكفأ [ت] (6) اللحمَ عن العظمِ؛ أي: نزعتهُ عنه.

    ذَكَرَ ذلك الفارابيُّ، ويمكن أنْ يُرجعَ كلُّه إلَى أصل واحد، فإن [في] (7) صرفِ وجههم إلَى غيره قُرباً من (كفأت الإناء)، وأبعد منه (1) البيت مذكور دون نسبة في جمهرة اللغة لابن دريد (1/ 396)، و تهذيب اللغة للأزهري (14/ 221)، والصحاح للجوهري (2/ 602)، وأساس البلاغة للزمخشري (ص: 65)، ولسان العرب لابن منظور (4/ 96).

    (2) انظر: المحكم لابن سيده (9/ 530).

    (3) للإمام اللغوي إسحاق بن إبراهيم الفارابي، المتوفى سنة (350 هـ) تقريباً، وهو خال الجوهري صاحب الصحاح، كتاب: ديوان الأدب في اللغة، انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (1/ 774).

    (4) زيادة من ت.

    (5) ت: أي بدل إذا.

    (6) سقط من ت.

    (7) زيادة من ت.

    الوجهان الآخران، وليس يمتنعُ تحيُّلُ أن يُردَّ إليه.

    الثالثة

    : قوله: فأكْفَأَ منه علَى يديه فيه إشكالٌ؛ لأنَّ الإكفاءَ للإناءِ لا للماءِ، والمُفْرَغُ الذي تقتضيه (من) علَى اليدِ هو الماءُ، وهو لا يُكفأ.

    الرابعة

    : وقال ابن سِيدَه: وفَرَغَ عليه الماءَ، وأَفْرَغَهُ (1): صبَّه؛ حكَى الأولَى ثعلب، وأنشد [من الطويل]:

    فَرَغْنَ الهوَى في القلبِ ثمَّ صَببْنَهُ ... صباباتِ ماءِ الحُزْنِ بالأعينِ النُّجْلِ (2)

    وفي التنزيل: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} [البقرة: 250]؛ أي: أنزلْ علينا صبراً [يشتمل علينا] (3)، وهو علَى المثل.

    وافْتَرَغَ: أفرغَ علَى نفسه [الماء] (4).

    وأَفْرَغَ عندَ الجِماع: إذا صبَّ ماءَه (5)، وأَفْرَغَ الذهبَ والفضةَ ونحوهما من الجواهرِ الذائبة: صبَّها في قالب.

    وحَلْقَةٌ مُفْرَغَةٌ: مُصْمَتَةُ الجوانب (6) غير مقطوعة. (1) ت: أفرغتُه.

    (2) البيت للمجنون، كما في ديوانه (ص: 231).

    وعنده: زرعْنَ الهوى في القلب ثم سقيْنَهُ ... صُبابات ماءِ الشوق بالأعين النُّجلِ

    (3) زيادة من ت.

    (4) سقط من ت.

    (5) في الأصل: الجماعة صب ماؤه والمثبت من ت.

    (6) في الأصل: مضمنه أو خلفه والجواب، والمثبت من ت.

    ومَفْرَغ الدَّلوِ: ما يلي مُقدمَ الحوض، والمَفْرَغُ والفرَغُ: مَخرجُ الماء من بين عَرَاقي (1) الدَّلوِ، والجمع: فُرُوغ، وفِرَاغ الدَّلوِ: ناحيتُها التي يصبُّ منها الماء.

    والفِرَاغُ: الإناءُ بعينه؛ عن ابن الأعرابي (2).

    الخامسة

    : قالَ ابن سِيدَه:

    (القَفَا) وراء العنق، [ثم] (3) قال:

    فما المَوْلَى وإِن عَرُضَتْ قَفَاهُ ... بأَحْمَلَ للمَلاوِمِ من حِمَارِ (4)

    ويروَى: للمحامد.

    وقال اللحياني: (القَفا) يذكر ويؤنث، [و] (5) حكي عن عكل: هذه قفا، بالتأنيثِ، وحكَى ابن جِنِّي المدَّ في القفا، وليست بالفاشية (6).

    فأما قوله [من الرجز]:

    يا ابنَ الزُّبَير طَالَما عَصَيْكا ... وطَالَما عَنَّيْتَنا إلَيْكا لَنَضْرِبَنْ بسَيْفِنا (7) قَفَيْكا (8) (1) ت: عزالي.

    (2) انظر: المحكم لابن سيده (5/ 504 - 505)، (مادة: فرغ).

    (3) زيادة من ت.

    (4) ذكره ابن السكيت في إصلاح المنطق (ص: 362)، والأزهري في تهذيب اللغة (9/ 246)، وابن منظور في لسان العرب (15/ 192)، دون نسبة.

    (5) زيادة من ت.

    (6) في الأصل بالفارسية، والتصويب من ت.

    (7) ت: بسيفينا.

    (8) البيت لرجل من حمير، كما ذكر أبو زيد في نوادره (ص: 105)، والبغدادي في خزانة الأدب (4/ 430)، وابن منظور في لسان العرب (15/ 192).

    أَراد: قَفَاكَ، فأَبدل الأَلفَ ياءً للقافية، وكذلك أَراد: عَصَيْت، فأَبدل من التاءِ كافاً؛ لأَنها أُختها في الهمسِ.

    والجمع: أَقْفٍ وأَقْفِيةٌ؛ الأَخيرة عن ابن الأعرابي، وأَقْفَاء، والكثير: قِفَا (1)، وقِفِيٌّ، وقِفِين، الأخيرةُ نادرةٌ لا يوجبها القياس (2).

    السادسة

    : قال ابن طريف (3): بَدَأَ اللهُ الخَلْقَ، وأَبْدَأَهمْ: خَلَقَهم، وفي القرآن: {كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} [العنكبوت: 20]، وفيه: {يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [يونس: 4]، في موضع آخر: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27]، وبَدَأَ بالأمرِ وأَبْدَأَ: قدَّمه، وعاد.

    وأَبْدَأَ وأَعَادَ، وما أَبْدَأ فلانٌ وما أَعَاد: إذا لمْ يأتِ بشيءٍ، ولم يقدرْ عليه.

    السابعة

    : قالَ ابن سِيدَه: و (أَخْرَجَه) و (استَخْرَجَهُ): طلبَ إليه، أو منه، أنْ يخرجَ (4).

    وقالَ الجَوهَرِيٌّ: والاستخراجُ كالاستنباطِ (5)، انتهَى. (1) في الأصل: قِفيّ والمثبت من ت.

    (2) انظر: المحكم لابن سيده (6/ 571 - 572).

    (3) للمحدث اللغوي ابن طريف عبد الملك بن طريف القرطبي، المتوفى سنة (400 هـ) كتاب: الأفعال في رواة الحديث. انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (2/ 1394).

    (4) انظر: المحكم لابن سيده (5/ 3)، (مادة: خرج).

    (5) انظر: الصحاح للجوهري (1/ 309)، (مادة: خرج).

    ولبُنْيَةِ (1) (اسْتَفْعَلَ) معانٍ في لسان العرب: تكون بمعنَى الإصابة؛ كقولك (2): استجَدْتُهُ (3)؛ أي: أصبته جيداً، واستكرمته، واستعظمته: أصبته كريماً، وعظيماً.

    وتكون بمعنَى الطلب؛ كقولك: استعطيتُ العطيةَ، واستعتبْتُهُ؛ أي: طلبتُ له العُتبَى، واستفهمْتُهُ؛ أي: طلبتُ أنْ يُفهمَنِي.

    قال الشيخ أبو عمرو: و (اسْتَفْعَلَ) للسؤال غالباً؛ إما صريحاً نحو: استكتبته، أو تقديراً نحو: استخرجته (4)، وذكرنا في الكلامِ، وقال في شرحه: لأنَّ معنَى (استكتبته): طلبت منه أنْ يكتب، فهو صريحٌ في طلب الكتابة، وإذا قلت: استخرجته، فقد لا يكون (5) طلبٌ، بل مُجرَّدُ تخيُّلٍ في قصد [الخروج] (6)، ولكن يُنزَّلُ التخيلُ منزلةَ الطلب؛ كقولك: استخرجت الوتِدَ من الحائطِ (7)، [انتهَى] (8).

    وتكون (اسْتَفْعَلَ) بمعنَى التحولِ من حال إلَى حال؛ نحو: استنوق الجملُ، واستَتْيَستِ الشاةُ. (1) ت: في بدل لبنية.

    (2) في الأصل: كقوله، والمثبت من ت.

    (3) في الأصل: استجده، والتصويب من ت.

    (4) انظر: الشافية في علم التصريف لابن الحاجب (ص: 21).

    (5) (يكون) هنا تامة بمعنى: يوجد، وما بعدها فاعل لها.

    (6) زيادة من ت.

    (7) انظر: شرح الشافية للرضي (1/ 110).

    (8) سقط من ت.

    وتكون بمعنَى تَفَعَّلَ؛ كقولهِم: تعلَّم واستعلم، وتكبَّر واستكبر.

    وتكون بمعنَى فَعَلَ؛ كقولك قَرَّ واستقَرَّ، ومرَّ واستمرَّ (1).

    وينبغي أنْ تكونَ هاهنا بمعنَى: أخرج؛ كـ: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [آل عمران: 195] بمعنَى: أجاب، {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} [فاطر: 14]؛ أي: أجابوا.

    [وقول الشاعر] (2):

    فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ (3)

    أي: لمْ يجبه.

    ولو حملناها علَى طلبِ الفعل، لقيلَ: إنَّهُ من باب التعبير عن الفعلِ بإرادته، وهو مجازٌ.

    * * *

    *

    الوجه السادس: في شيء من العربية

    قد ورد في الحديث: فغَسَلَ يدَيه مَرَّتَين مرتين، فلا بدَّ من النظرِ في مُقتضَى هذا اللفظِ، وهل يقتضي غَسْلَ كلِّ واحد منهما مرتين بسبب تكريرِ اللفظ، أم يجوز أنْ يكونَ غَسَلَهُما معاً مرتين، فيكون (1) جاء على هامش ت قوله: بياض نحو سبعة أسطر من الأصل.

    (2) زيادة من ت.

    (3) عجز بيت منسوب إلى كعب بن سعد الغنوي، كما تقدم، وصدره:

    وداعٍ دعا يا من يجيب إلى الندى تكرار (مرتين) تأكيداً لفظيًّا؟

    فنقول: المنقولُ عن بعض أكابر الفضلاء من المتأخرينِ - وهو أبو محمد بن بري -: أنَّهُ إذا كُرِّرَت الأجناس، أو المصادر، أو أسماء العدد، كان المرادُ حصولَهَا مكررةً؛ نحو: جاء القوم رجلاً رجلاً، وجماعةً جماعةً، وزُمرةً زمرةً؛ أي: رجلاً بعد رجلٍ، وجماعةً بعد جماعةٍ.

    وكذلك: ضربت زيداً ضرباً ضرباً، وضربتين، وجاؤوا رجلين رجلين، واثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة؛ أي: ضرباً بعد ضربٍ، واثنين بعد اثنين، ومنه قوله تعالَى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 21 - 22]؛ أي: دكًّا بعد دكٍّ، وصفًّا بعد صفٍّ.

    وعن الشيخ أبي محمد وابن الحاجب: ولا يحسنُ التوكيدُ اللفظيُّ إلا حيثُ لا يكونُ للكلام مَحْملٌ غيرُهُ.

    ومن ثَمَّ لمْ يَحملْ أبو عليٍّ التكرير في المصادرِ والأعداد وأسماء الأجناس عليه في قولك: جاؤوا رجلاً رَجلاً، وحَسَبْتُهُ (1) باباً باباً، وضربته ضرباً ضرباً (2)، وأنفقت الدراهمَ ثلاثةً ثلاثةً؛ لأنَّ المقصودَ في هذه الأمثلة وشبهها حصولُ الفعل علَى هيئة التكرير الواقعِ بعضُهُ بعدَ بعض؛ لأنَّ المعنَى: رجلاً بعد رجلٍ، وباباً بعد باب، وضرباً بعد (1) ت: ضرابَا ضراباً.

    (2) ت: خشبته.

    ضرب، وثلاثةً بعد ثلاثةٍ، وهو معنى مُستقلّ (1).

    والتأكيد اللفظي قليل الفائدة (2)؛ لأنَّ الغرضَ إبلاغُ المخاطَب ما لَعَّله لمْ يسمعْهُ، ومثلُ ذلك عندي قوله تعالَى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 21 - 22]، لا يُحمل اللفظ المكرر فيها علَى التأكيدِ اللفظي؛ لأنَّ المقصودَ تكرير وقوع الدَّكِّ والصَّفِّ؛ أي: دكًّا بعد دكٍّ، وصفًّا بعد صفٍّ، وهو معنى مستقلٌّ ينافيه التأكيدُ اللفظي؛ لأنَّ حمله عليه يبطلُ قصدَ التكرير لفظاً، وإبطالُه مُبطلٌ قصدَ التكرير معنى، وهو المقصود من الأمثلةِ المذكورة.

    وعن أبي عبد الله ابن مالك: يعدُّ ذكرُ المعطوفِ في حكم التكرير (3)، وقد يُغني في هذا النوع التكريرُ عن العطفِ، ومنه قوله تعالَى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 21، 22]؛ أي: دكاً بعد دكٍّ، وصفاً بعد صفٍّ (4)، ويجري هذا المجرَى أسماءُ الأجناس، وأسماء العدد؛ نحو: جاء القوم رجلاً رجلاً، وجماعةً جماعةً، وأقبلوا اثنينِ اثنينِ، وثلاثةً ثلاثةً، ولا يُحمل الاسم الثاني في هذه الأمثلة علَى التأكيدِ اللفظي؛ لأنَّهُ لا معنى للتأكيد اللفظيِّ سوَى إبلاغ المخاطب ما لعله لمْ يسمعْه، (1) وانظر: الكتاب لسيبويه (1/ 392).

    (2) في الأصل: قليل والفائدة، والتصويب من ت.

    (3) قال ابن مالك في ألفيته:

    وما مِنَ التوكيدِ لفظي يجي ... مكرراً كقولكَ: ادْرُجِي ادْرُجِي

    (4) ت: صفاً بعد صف ودكًّا بعد دكٍّ.

    وهذا النوع له معنى مُستقلٌّ غير ذلك.

    * * *

    *

    الوجه السابع: في شيء من علم المعاني والبديع

    المتكلمون علَى علم البديع يَجعلون منه نوعاً يُسمَّى التفسير، ورُبَّما رسَمَهَ بعضهم بأنْ يستوفيَ الشاعرُ شرحَ ما ابتدأ به مُجملاً، وهذا من نوع تساهلهم في الرسومِ لفظاً ومعنى، فإنه لا خصوص للشاعر بهذا النوع، بل هو كذلك في النثرِ والنظم معاً، وقد قالَ تعالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]، ثم فسره تعالَى بما أتَى بعده.

    وذكروا منه قولَ المُتنبِّي [من الطويل]:

    فتًى كالسَّحَابِ الجَوْنِ يُرْجَى ويُتَّقَى ... يُرَجَّى الحيا منهُ وتُخْشَى الصَّوَاعقُ (1)

    ولم يُحسنْ من ذكر في هذا الباب قولَ المتنبي [من البسيط]:

    إنْ كُوتِبُوا أو لُقُوا أو حُورِبُوا وُجِدُوا ... في الخَطِّ واللَّفْظِ والهَيْجَاءِ فُرْسَانَا (2)

    ولا مَن أدخلَ فيه قولَهُ تعالَى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا (1) انظر: ديوان المتنبي (2/ 35)، (ق 152/ 12).

    (2) انظر: ديوانه (2/ 463)، (ق 268/ 27).

    وَطَمَعًا} [الرعد: 12]. (1)

    * * *

    * الوجه الثامن: في المباحثِ والفوائد، وفيه مسائل:

    الأولَى:

    قالَ قائلٌ: لفظُ (هل يستطيع) يقتضي في العُرفِ تعذُّراً أو تعسُّراً فيما يُسأل عنه، أو كون الشيء بعرضية ذلك، ألا ترَى أنَّهُ لا يصلحُ في العُرفِ أنْ يُقَال للصحيح البِنيَة الذي لمْ تقمْ قرينةٌ علَى عجزه: هل تستطيع أن تقوم؟ هل تستطيع أن تتكلم؟ هل تستطيع أن تُحرِّك يدَك؟ إلَى غير ذلك من الأمثلةِ، والمسؤول هاهنا راجعٌ إلَى رؤية الوضوء، وإلَى حكاية ما رأى (2)، ولا عسرَ، ولا تَعَذُّرَ (3)، في واحدٍ [منهما] (4).

    وأجيب من وجوه:

    أحدها: أنْ يكونَ المرادُ: هل رأيتَ الفعلَ فتستطيعُ أن تحكيَهُ، أم لمْ ترَه فلا تستطيع ذاك (5)؟

    ولا شكَّ أنَّ حكايةَ ما لمْ يرَ (6) محالٌ في إخبار من لمْ يرَهُ (7) عمَّا (1) جاء على هامش ت: بياض نحو عشرة أسطر من الأصل.

    (2) في الأصل: رؤي، والمثبت من ت.

    (3) في الأصل: ولا يسر بعذر والمثبت من ت.

    (4) زيادة من ت.

    (5) ت ذلك.

    (6) في الأصل: يره، والمثبت من ت.

    (7) ت: يسأل.

    رأَى، فالسؤال حقيقة عن وقوع الرؤية التي ينشأ عنها إمكانُ الاستطاعة في الحكايةِ، ولو قيل: هل رأيت كذا، فتستطيع أن تحكيه؟ لمْ يكنْ ذلك خارجاً عن استعمال أهل العرف، ولا مُستكرهاً عندهم.

    ولو قالَ قائل: كيف [يمكن أن] (1) يكونَ الصحابيُّ المصاحبُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدةً لا يرَى وضوءَهُ - صلى الله عليه وسلم -؟

    فيقال: إنما يمتنعُ ذلك إذا لمْ يكنْ حكمُ الوضوء متبيناً مِن غيرِ الفعل، لكنه متبَيِّنٌ بالآيةِ الكريمة، فلا يمتنعُ مع البيان أن لا يرَى اكتفاءً بالمتبين (2) من الآيةِ، أو من قولٍ آخرَ من الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -.

    وثانيها: أنْ يكونَ السؤالُ عن دوام الذكرِ لفعله - صلى الله عليه وسلم - إلَى حين السؤال، فكأنَّهُ يقول: هل أنت مُستحضِرٌ (3) لما رأيت؟ أو طرَأَ عليك نسيانٌ يمنع من الاستطاعةِ لحكايته؟

    وثالثها: أنْ يُحملَ علَى أنَّ السؤالَ عن تأمله لأفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[في الوضوء] (4)؛ كُلِّيِّها وجزئيِّها (5)؛ ظاهرِها وخفيِّها، حتَّى يأتيَ بذلك علَى الوجهِ الذي وقع بكماله وتمامه، وذلك أنَّ الأفعالَ قد يقعُ (1) سقط من ت.

    (2) ت: الاكتفاء بالمبين.

    (3) ت: مستحقر.

    (4) سقط من ت.

    (5) في الأصل: كلها وجزئها والمثبت من ت.

    منها ما لمْ يعلمْ أنَّهُ مقصودٌ إلا بتأمل، فيحتمل أنْ يكونَ السؤال لأجل ذلك.

    ورابعها: أنْ يكونَ السؤال عن ذكرها مجموعةً مسرودةً، [أو فعلها كذلك علَى معنَى الجمع] (1)، فقد (2) يكون الإنسان عالماً بأجزاء الشيء، ولو سُئِلَ عن ذكره مجموعاً لتوقفَ، وإنْ كَان لو سئل عن كل فردٍ لأجاب.

    وخامسها: إذا قلنا: إنَّ (كَان) تقتضي المداومةَ أو الأكثريةَ، فيكون السؤال عن ذلك، ولا شكَّ أنَّ الفعلَ قد يختلف بالدوامِ وعدمِه، فيمكن أنْ يكونَ السؤال: هل وقع (3) دوامٌ علَى فعلٍ فتستطيعُ أنْ تُخبِرَ به، أو لمْ يقعْ فلا تستطيع؟

    الثانية

    : هذا وضوءُ التعليم، وقد تكلموا في أنَّهُ هل تُستباحُ به [الصلاةُ] (4)، أم لا؟ وكذلك [صلاةُ] (5) التعليم.

    والمنقولُ عن سفيان الثوري - رحمه الله -: أنَّ من علَّمَ غيرَهُ الوضوءَ [أجزأه] (6)، ومن علَّم غيرَهُ التيممَ [لم يُجزِئْ] (7). (1) سقط من ت.

    (2) في الأصل قد والمثبت من ت.

    (3) ت: يقع.

    (4) سقط من ت.

    (5) سقط من ت.

    (6) زيادة من ت.

    (7) سقط من ت.

    قالَ بعض المالكية: إن نوَى الطُّهرَ استباحَ به الصلاة، وإنْ لمْ يُرِدْ إلا التعليمَ لمْ يستبحْ به الصلاة (1)، وكذلك مَن نوَى بوضوئِهِ تعلُّمَ (2) الوضوءِ، قال: قاله ابن القاسم في العتبية (3).

    والمسألة تتعلَّقُ بأصلين:

    أحدهما: اشتراطُ النية في الطهارةِ، أو عدم ذلك.

    والثاني: التشريكُ فيها، هل يَضير، أم لا؟

    وقد حُملَ قولُ سفيان - رحمه الله - علَى أنَّهُ كقول أبي حنيفة: أنَّ التيممَ لا بدَّ فيه من نيَّة، وأما الوضوء فلا (4)، وفي هذا نظرٌ.

    وأما التشريكُ فظاهر ما نُقِلَ عن ابن القاسم أنَّهُ لا يضرُّ؛ لأنه علَّقَ الاستباحة بمُجرَّدِ نيةِ الطهر، ولم يعرضْ؛ لأنَّ التشريكَ مانعٌ، وظاهر هذا: أنَّهُ لا يضر.

    والصحيحُ عندَ الشافعية: أنَّ نيةَ التَّبَرُّدِ (5) مع نيةِ الاستباحة لا تضر، وعُلِّلَ ذلك بأنَّ ما يَحصلُ، وإنْ لمْ يُنوَ، [لا تضرُّ نيَّتُهُ، والتبردُ حاصلٌ، وإنْ لمْ ينوَ] (6) (7). (1) ت: صلاة بدل به الصلاة.

    (2) ت: تعليم.

    (3) انظر: مواهب الجليل للحطاب (1/ 237).

    (4) انظر: بدائع الصنائع للكاساني (1/ 52).

    (5) في الأصل: التردد، والمثبت من ت.

    (6) سقط من ت.

    (7) انظر: فتح العزيز في شرح الوجيز للرافعي (1/ 327).

    وليس في الحديثِ دليلٌ علَى أن وضوءَ التعليم يُجزئ أو لا يجزئ، لكنَّه فيه دليلٌ علَى أنَّهُ يجوز فعل ذلك؛ أي: التعليم، وقد يمكن أنْ تُضمَّ إليه مقدمةٌ أخرَى، ويُستدلَّ بذلك علَى الجوازِ؛ أي: جواز الصلاة به، أو عدم إفساد التشريك، لكنه (1) نذكره في مسألة تلي هذه.

    الثالثة

    : صرَّحوا بأنَّ الوضوءَ عبادة، وأقاموا خلاف الحنفية في ذلك؛ أعني: الخِلافيِّين، فإذا كان عبادةً، وشرطُهَا أحدُ النياتِ المذكورة، ففعلُ (2) العبادة بغيرِ شرطها ممتنعٌ، وقد جعلوا كونَهُ عبادةً دليلاً علَى اشتراط النية، واللازمُ أحدُ أمرين؛ إما بطلان هذا الاستدلال، أو مخالفة تلك القاعدة التي قلناها، وهو أنَّ فعلَ العبادة بغيرِ شرطها ممتنعٌ؛ لأنه إنِ اشترطنا النيةَ وجب أن لا يكون الوضوءُ عبادةً إلا بها، ولو ثبت ذلك، وكان هذا التشريكُ في النيةِ [مُبطلاً] (3)، لكانت العبادةُ قد فُعلت بدون شرطها، وهو الأمر الثاني الممتنع.

    وهذا بناء علَى أنَّهُ قصد الوضوءَ بهذا الفعل، ولعله الأظهر.

    الرابعة

    : الخلافُ مشهورٌ في دلالة (كان) علَى الدوامِ أو الأكثرية، أو عدم دلالتها علَى سوى (4) اقترانِ مضمون الجملة بالزمنِ الماضي، ومعرفةُ ما وقع عنه السؤالُ ينبني علَى ذلك. (1) ت: للنية.

    (2) ت: وفعل.

    (3) زيادة من ت.

    (4) في الأصل: سواء، والمثبت من ت، وتعبير المؤلف خلاف المعتاد.

    الخامسة

    : فيه البيانُ بالفعلِ عما سئل عنه، وقد تكلم الأصوليون في بيان المُجمل بالفعلِ؛ هل يحصل؟ وقسموا القول في الدليلِ الدالِّ علَى البيانِ إلَى: ما يحصل بالمواضعةِ؛ كالكتابةِ، وعقد الأصابع، وإلَى شيء تتبعه المواضعة (1)، وفُسِّرَ بالإشارة؛ لأنَّ المواضعةَ مُفتقِرَةٌ إليها، وهي غيرُ مفتقرةٍ إلَى المواضعةِ، وإلا لافتقرت إلَى مواضعة أخرَى، ولزم التسلسلُ، وهو محال، وإلَى ما يكون تابعاً للمواضعة؛ كما في قوله (2) - عليه السلام -: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي (3)، ولو قالَ - عليه السلام -: هذا الفعلُ بيانٌ لكذا (4).

    وقد نُقِلَ عن قوم أنَّ الفعلَ لا يكون بياناً، والمختارُ عند الأصوليين خلافُهُ (5).

    فإن قلت: كلام الأصوليين في بيان المُجمل بالفعلِ، وليس كذلك ما في الحديث!

    قلت: هو في معناه؛ لأنَّ السؤالَ مُقتضٍ لإبهام الأمر عندَ السائل، ومُحوجٌ إلَى بيان ما هو الواقعُ، وما هو مُحتملٌ مع غيره في السؤال.

    السادسة

    : لقائل أنْ يقول: البيانُ بالقولِ أظهرُ من البيانِ بالفعلِ، فِلمَ عُدِلَ عنه إلَى البيانِ بالفعل؟ (1) ت: المواضع.

    (2) ت: كقوله.

    (3) تقدم تخريجه.

    (4) انظر: المحصول للرازي (3/ 262 - 265)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله.

    (5) انظر: مختصر ابن الحاجب مع شرحه للأصبهاني (2/ 386).

    والجواب: أنَّهُ لو عدل عنه إلَى البيانِ بالقولِ لمْ يكنْ جواباً للسؤال؛ لأنه سأله عن الرؤيةِ، والقولُ لا يرَى، وقد يتعلقُ للسائل غرضٌ في البيانِ [بالفعل] (1)، فإنَّ البيان (2) بالقولِ قد يكونُ أطولَ ومحتاجاً في الزمانِ إلَى مُدَّةٍ أكثرَ من زمان مدة الفعل، فيكون غرضُ السائلِ (3) متعلقاً بالأخصرِ في البيانِ.

    وقد حُكيَ في الاحتجاجِ لمن منعَ البيانَ بالفعل بأنَّهُ يكون أطولَ، فيتأخرُ (4) عن وقت الحاجة، وأجيب بالمنعِ، وأنه قد يكون

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1