Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

مراجعات في علم المورثات والطب المورثي
مراجعات في علم المورثات والطب المورثي
مراجعات في علم المورثات والطب المورثي
Ebook295 pages2 hours

مراجعات في علم المورثات والطب المورثي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يهدف كتاب «مراجعات في علم المورثات والطب المورثي» إلى تعريف القارئ غير المتخصص بأوليات ومبادئ علم المورثات والطب المورثي بشكل مبسط ومنهجي وبعيد عن التعقيد، وبلغة ميسرة لكل مهتم بتوسيع معارفه في هذا الحقل المعرفي الحديث والمتسارع في تطوره، حتى لو لم يكن مطلعاً بأي شكل كان على ذلك الحقل من قبل، وبغض النظر عن مستوى تأهيله العلمي السالف.


 وكتاب «مراجعات في علم المورثات والطب المورثي» خلاصة قام بإعدادها وتحريرها باللغة الإنجليزية الأستاذ الدكتور مصعب قاسم عزاوي، والذي تفضل مشكوراً بتقديم المشروع بكليته هدية مجانية لإدارة دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن من أجل ترجمته إلى اللغة العربية، وتقديمه بشكل ميسر ومجاني للقارئ العربي الكريم.


 


 


 

Languageالعربية
PublisherPublishdrive
Release dateSep 19, 2022
مراجعات في علم المورثات والطب المورثي

Read more from مصعب قاسم عزاوي

Related to مراجعات في علم المورثات والطب المورثي

Related ebooks

Reviews for مراجعات في علم المورثات والطب المورثي

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    مراجعات في علم المورثات والطب المورثي - مصعب قاسم عزاوي

    مقدمة

    «المعرفة قوة» كان شعار فيلسوف القرن السادس عشر فرانسيس بيكون، وهو الشعار الذي مهد لتلك النقلات المعرفية والعلمية النوعية التي تم تأصيلها في سياق عصر النهضة، وهي التي بدورها مثلت نسيج لحمة فكر عصر الأنوار التالي لذلك الأخير، وما أتى من بعده في الحضارة المعاصرة بكل أبعادها الفكرية والإنتاجية والتقنية والعلمية، والتي كنت بالفعل نتيجة طبيعية للمقدمات التي أفضى إليها عصرا النهضة والأنوار منذ منتصف القرن الخامس عشر متخذة أشكالاً وتلاويناً متعددة على امتداد القرون الستة الأخيرة من عمر بني البشر.

    وقد تكون القفزات التقانية المميزة لسيرورة بني البشر مكثفة في اكتشافات معينة قد غيرت بشكل جوهري مآلات وطبيعة حيوات بني البشر، وقد يكون على رأسها ترويض النار منذ ما يقارب المليون ومئتي ألف عام، ومن ثم الاستقرار في مجتمعات زراعية منذ حوالي اثني عشر ألف عام، ومن ثم اكتشاف المحرك البخاري في مطلع القرن الثامن عشر، وما استتبعه من قفزات تقنية تمثلت في اختراع تقنيات حلج وغزل الأقطان ونسجها، ومن ثم تحول إنتاج الطاقة من الفحم الحجري إلى النفط، والذي أصبحت منتجاته وليس طاقته فحسب المدخل الأساسي الذي تمكنت عبره البشرية من الانتقال خلال قرنين من الزمان إلى آفاق واسعة لم يكن البشر يحلمون بها من قبل أوصلتهم إلى القمر والفضاء الخارجي الواسع اللامتناهي.

    وفي منتصف القرن العشرين كان لاكتشاف تقنيات أنصاف النواقل السيليكونية وتقنيات الترانزستور أثراً مدوياً في تعزيز قدرات أتمتة الصناعات الثقيلة وضبطها وتعزيز إنتاجيتها، وهي التقنيات التي تكاملت خلال العقود الثلاثة الأخيرة في مفاعيل ثورة الاتصالات وشبكة الإنترنت التي أصبحت المصدر الأساسي لإنتاج الثروة في عالمنا المعاصر، خاصة وأن نسبة لا تقل عن 90% من مجمل الثروة في العالم مرتبطة باقتصادات الاستثمارات والمضاربات المالية والتي تستند جميعها على مفاعيل ثورة الاتصالات بشكل أو بآخر.

    والحقيقة المضمرة التي لا يلتفت إليها الإعلام المتسيد تتمثل في أن الثورة التي لما تتكامل مفاعيلها حتى اللحظة الراهنة تتمثل في ثورة علم المورثات والهندسة الوراثية والطب المورثي، والتي بدأت في العام 1953 مع اكتشاف العالمين جيمس واطسون وفرانسيس كريك للبنية الدقيقة للحلزون المزدوج للحمض الريبي النووي والذي يدعى DNA في نوى كل الخلايا الحية من حقيقيات النوى، والتي ينتسب إليها كل النباتات والحيوانات ومنهم بنو البشر.

    وهذا الاكتشاف فتح آفاقاً جديدة الكثير منها مضمر وغير معلن في سياق الإعلام المتسيد لأسباب مرتبطة بنظم الهيمنة الكونية للأثرياء والأقوياء وشركائهم على مصادر السلطة والثروة والإعلام على المستوى الكوني. وقد يستقيم توصيف تلك الآفاق بأنها مفاتيح مستقبل البشرية التي قد تفوق في قدراتها التأثيرية على مسيرة حيوات بني البشر في المستقبل كل القفزات الجبارة في رحلة نهوض بني البشر التي أشرنا إليها آنفاً.

    وقد يكون على رأس تلك المفاتيح قدرات الهندسة الوراثية على تخليق أجناس حيوانية ونباتية مستحدثة لأهداف تبدو ظاهرياً بأنها طهرانية بينما هي غير ذلك بأقل التوصيفات حدة، من قبيل التعديل الوراثي للأجناس النباتية التي يعتاش من حصادها و قطافها بنو البشر من قبل الشركات الكبرى العابرة للقارات وعلى رأسها شركة باير/مونسانتو المتعددة الجنسيات، والتي أصبحت تمتلك الرهط الأكبر من حقوق الملكية الفكرية لبذار جل المحاصيل التي يقتات بها بنو البشر في جل دول العالم المتقدم، وهي في سعي متزايد لتوطيد هيمنتها على ما تبقى من حقول زراعية في أرجاء الأرضين، سواء من خلال إغراء المزارعين بتوقيع عقود معها لشراء بذارها المعدلة وراثياً، وبالتالي شراء المبيدات الحشرية والزراعية المرتبطة بها من الشركة نفسها التي قامت بتعديل البذار وراثياً، إذ ليس سواها من يعرف الشيفرة الصالحة لما قامت به من تعديل مورثي فيما تبيعه من بذار؛ أو بالقوة غير المباشرة من خلال جعل المورثات المحورة في بذارها قاهرة، لا بد أن تنتقل بقوة تيارات الهواء التي تحمل غبار الطلع إلى أرجاء المعمورة أو على أجنحة الحشرات التي لا تعرف بأن هذا المحصول محور وراثياً أو غير ذلك، وهو ما سوف يعني بعد حقبة من الزمن تحول جل المحاصيل في كوكب الأرض إلى معدلة وراثياً في أمد ليس ببعيد.

    والحقيقة أن التعديل الوراثي في المحاصيل التي يقتات بها بنو البشر ليس مضراً في جميع الأحوال إن كان هدف الهندسة الوراثية تحسين جودة المحاصيل ومقاومتها للظروف الطبيعية، وليس تعزيز الربح منها بإدماج شيفرات مورثية تعطل عمل كل المبيدات الحشرية والزراعية التقليدية عليها، وترغم المزارعين على سكب أكداس هائلة من المبيدات الحشرية والزراعية التي تصنعها وتسوقها نفس الشركات التي تبيع تلك البذور المعدلة وراثياً، وترغمهم بشكل دائم على زيادة الكميات المستخدمة من تلك المبيدات، خاصة وأن ما يتم إبادته من حشرات وقوارض لا بد أن تقاوم ذلك من جهتها بيولوجياً من خلال تكاثر أنماط منها أكثر مقاومة لتلك المبيدات التي كانت تفعل في بادئ الأمر، ومن ثم أصبحت أقل قدرة على الفعل مع تطور مقاومة بيولوجية خاصة لما يتم سكبه عليها، وهو ما يدفع المزارعين إلى مضاعفة ما يتم شراؤه و سكبه من مبيدات حشرية وزراعية بمتوالية هندسية لا بد أن تؤدي إلى تآكل أرباحهم بدرجات مهولة، أدت في حالات كثيرة إلى هجران الكثير منهم لمهنة الزراعة في غير موضع من أرجاء الأرضين، وأفضت إلى زيادة معدلات المبيدات الحشرية والزراعية فيما يستهلكه بنو البشر من طعام من تلك المحاصيل، وهي الزيادة التي أسهمت وتسهم في زيادة وقوعات الكثير من الأمراض المؤلمة والمضنية وعلى رأسها مرض السرطان بمختلف أشكاله على المستوى الكوني.

    والمحور الآخر الذي مهدت له الهندسة الوراثية هو موضوع العلاجات البيولوجية، والتي لا تستند في آلية عملها على تصنيع مادة كيميائية تدور في الدم وتؤدي إلى فعل ما على خلايا البدن، وإنما على إنتاج وسائل بيولوجية مورثية تدخل إلى داخل خلايا البدن، ومنها إلى نوى الخلايا، وعبرها تصل إلى الحمض الريبي النووي الذي يمثل شيفرة الحياة في تلك الخلايا، لتغيير وجهة عملها، أو توجيه عملها باتجاه محدد يهدف إلى تحقيق هدف ما من قبيل إنتاج بروتين معين، كما كان الحال في لقاحات جائحة فيروس كورونا الذي ظهر في العام 2019، والذي أرغم جل بني البشر على أن يصبحوا حقل تجارب لفعالية تلك الطرائق، والتي سوف تمثل عصب علاج كل الأمراض المستعصية في المستقبل غير البعيد، وهو ما يعني بأن من يهيمن على مفاتيح تصنيعها و إنتاجها سوف يمكن له نزح مدخرات مجتمعات ودول بأكملها ليس من خيار سوى «الدفع بالتي هي أحسن» للحفاظ على حيوات أبناء شعبها من الاندثار، حتى لو كان ذلك يعني الإنفاق عليها مما كان يجب إنفاقه في مشاريع تنموية تحسن من مستوى حيواتهم اليومية، وبحيث يعني ذلك وأد الكثير من احتمالات التنمية في العديد من مجتمعات المفقرين، وزيادة غنى وثراء الشركات والمجتمعات التي تسيطر على مفاتيح مثل تلك التقنيات، والتي قد تكون الأرباح الطائلة التي جنتها شركتي فايزر الألمانية ومودرنا الأمريكية، ورفضهما القاطع للتنازل المؤقت عن حقوق ملكيتهما الفكرية لخطوات إنتاج لقاحيهما المورثين لفيروس كورونا، مثالاً كئيباً عما سوف يكون الحال عليه في المستقبل غير البعيد لأمراض مزمنة ومستعصية على رأسها الأشكال المختلفة للأورام الخبيثة ومرض الزهايمر والكثير من الأمراض القلبية الوعائية والاستقلابية وحتى النفسية التي تمثل الغالبية المطلقة من الأمراض التي تصيب بني البشر. هذا كله عدا عما تقوم به الشركات العملاقة والعابرة للقارات من إنتاج بذور محاصيل زراعية ذات مورثات قاهرة تقوم بإنتاج مبيداتها الحشرية والزراعية داخلياً في جسدها، من خلال تقنيات الهندسة الوراثية، وذلك من خلال استدماج مورثات تقوم بإنتاج مادة «النيكوتين» وهي نفس المادة التي ينتجها نبات التبغ بشكل طبيعي، وتؤدي من خلال تأثيرها السمي الذي تقاوم به نبتة التبغ الحشرات التي تتطفل عليها في الطبيعة، و هو ما يؤدي إلى إحداث آثار محفزة للجهاز الودي في الجسم تنقله إلى حالة دفاعية تظهر لمستخدمها على أنها «ارتفاع للمزاج» بينما هي تحفيز لكل عناصر الجهاز القلبي والوعائي بشكل يمهد الإصابة بكل الأمراض القلبية الوعائية والاستقلالية من قبيل ارتفاع ضغط الدم، والسكتة الدماغية، وداء السكري.

    وتلك النماذج من المحاصيل المستحدثة والتي تنتج داخلياً مادة «النيكوتين» أو أشكالاً مضاهية أو معدلة منه، سوف تؤدي إلى تحويل كل البشر من مستخدميها إلى «عليلين» ليس لإدمانهم على التدخين ومفاعيله السمية، وإنما لاضطرارهم ككل الكائنات الحية التي لا تقوم بالتركيب الضوئي للاقتيات بنتاج كائنات حية تقوم بتلك العملية، أو كائنات حية أخرى اقتاتت بتلك النباتات عبر أكلها لحومها، والتي سوف ينتقل من خلالها أيضاً تركيزات عالية من «النيكوتين» سوف تختصر حيوات الكثير من البشر وتحولهم إلى مرضى مزمنين ليس لذنب اقترفوه، وإنما بسبب عدم معرفتهم بالشرور التي يتم إدخالها في أبدانهم عنوة، ودون موافقتهم، ودون منحهم حق المعرفة والاعتراض والدفاع عن حقهم وحق أبنائهم في حياة طبيعية صحية.

    وفي الحقيقة فإن مفاعيل ثورة علم المورثات على المستوى الإنتاجي والصناعي والدوائي والطبي لا يمكن أبداً الإلمام به إلا من خلال مقاربتها تدريجياً وبهدوء وترو يمكن عقل الإنسان العاقل من إدراك تعقيد «شبكة العنكبوت الشيطاني» التي تريد الرأسمالية المعولمة بشكلها البربري المتوحش الذي لا يبصر من الأهداف سوى هدف تحقيق هدف الربح السريع بغض النظر عن أي «خسائر جانبية لا قيمة لها» في سياق السعي المحموم لإدراك ذلك الهدف، حتى لو كانت تلك الخسائر حيوات وصحة وعافية مئات الملايين أو المليارات من البشر الأبرياء المستضعفين غير العارفين بما يجرى من ظلم وعسف مخاتل بحقهم وحق ذريتهم من بعدهم بالعيش في ظروف صحية طبيعية لا تحول أي منهم إلى عليل سقيم، وتختصر سنيناً من صحته وعافيته وعمره دون أن يدري بذلك، أو يكون قادراً على مقاومته.

    وفي هذا السياق يفصح مشروع «مراجعات في علم المورثات» عن نفسه بكونه تلك الخطوة الأولى التي لا بد من القيام بها في رحلة الاجتهاد ولمعرفة وتفهم كيف تعمل نظم الهيمنة وشركاتها العابرة للقارات على «احتلال وسرقة» كشوفات وقدرات ثورة علم المورثات، ومنعها من أن تكون رافعة خيرة وأخلاقية لتعزيز صحة مستوى حيوات بني البشر، وحرفها عن تلك الضالة الملحة لكل البشر في أرجاء الأرضين، وتوجيهها باتجاه معاكس لا يروم سوى تحقيق «أعلى الأرباح بأقصر الآجال».

    ويهدف مشروع «مراجعات في علم المورثات» إلى تعريف القارئ المكرم بأوليات ومبادئ علم المورثات بشكل مبسط ومنهجي وبعيد عن التعقيد، وبلغة ميسرة للقارئ الاعتيادي، حتى لو لم يكن مطلعاً بأي شكل كان على ذلك الحقل من قبل، وبغض النظر عن مستوى تأهيله العلمي السالف.

    والشكر موصول لفريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن على تكرمهم بتحمل نفقات تعريب النص الأصلي للمادة العلمية التي تم تحضيرها باللغة الإنجليزية، ونقلها إلى اللغة العربية بأفضل شكل كان من الممكن الوصول إليه في ضوء تواضع الإمكانيات المحدودة والتطوعية لفريق دار الأكاديمية من المجتهدين المؤمنين بواجبهم الأخلاقي في ضرورة تأصل المعرفة والتنوير بكل الوسائل المتاحة في مجتمعات الناطقين بلسان الضاد، على أمل أن يسهم ذلك في قابل الأيام في توطيد المعرفة والاستنارة والرشاد والعقلانية في تلك المجتمعات بحيث تصبح وسيلة التفاعل المجتمعي بدل الاحتراب والاقتتال بين الأشقاء وأبناء العمومة تاركين الأثرياء والأقوياء يعيثون فساداً وإفساداً بصحتهم وعافيتهم وحقهم وذريتهم من بعدهم بالعيش صحيحين معافين لا سقماء عليلين.

    نص الكتاب المعرب

    المحتويات

    1 ما هو علم المورثات؟

    2 ـ كيف تقرأ كتاب الحياة

    3 فهم الجينات والجينومات

    4 الجينوم البشري في علم الأحياء والطب

    5 علم المورثات التطوري

    6 علم المورثات وعالم الميكروبات

    7 مستقبل علم المورثات

    الفصل 1

    ما هو علم المورثات؟

    كان توضيح طبيعة الوراثة أحد أعظم انتصارات علوم القرن العشرين. اكتشف DNA - حمض الديوكسي ريبونوكليك - لأول مرة في عام 1869 من قبل طبيب سويسري يُدعى فريدريش ميشرFriedrich Miescher، ويوصف غالباً بأنه «الجزيء الرئيسي» للحياة: إنه ما تتكون منه

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1