Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

علم الخمائر
علم الخمائر
علم الخمائر
Ebook696 pages5 hours

علم الخمائر

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

بسم الله الرحمن الرحيم. نبذة تعريفية لكتاب علم الخمائر. يتناول هذا الكتاب علمًا تطبيقيًّا من فروع علم الأحياء الدقيقة ألا وهو (علم الخمائر) Yeasts، ولقد تمكنت ولله الحمد من تدريس علم الخمائر لسنوات عديدة في قسم النبات والأحياء الدقيقة بكلية العلوم في جامعة الملك سعود، حيث أكسبتني هذه الممارسة لسنين متتالية خبرة واسعة واطلاعا كبيرًا على ما ينشر في أنحاء العالم من أبحاث ومقالات ودراسات في دوريات متخصصة وكتب في فروع هذا العلم ومجالاته التطبيقية والصناعية. إن الهدف من هذا الكتاب هو إعطاء مقدمة تعريفية عن علم الخمائر وتطبيقاته المتنوعة في الصناعات المختلفة المعتمدة على أحدث الأسس العلمية والابتكارات الحديثة، وما يتبع كل مجال من تطبيقات أساسية، وتدعيم ذلك بالأمثلة والصور التوضيحية قدر الإمكان، مع الحرص على تقديم المادة العلمية للطلاب والطالبات بأسلوب شيق وبطريقة جذابة تعينهم على زيادة تحصيلهم العلمي ورفع كفاءتهم في مجالات علم الخمائر. ويحتوي هذا الكتاب على اثني عشر فصلاً، وكل فصل من الفصول مقسم إلى عدد من العناوين التي تغطي الموضوعات الرئيسة في هذا المجال. والجدير بالذكر أنه مجلس كلية العلوم بجامعة الملك سعود قد وافق بموجب المذكرة رقم 31391/2/3 في تاريخ 28/1/1442هـ بناء على توصية مجلس قسم النبات والأحياء الدقيقة في جلسته التاسعة للعام الجامعي 1441هـ المنعقدة بتاريخ 2/7/1441هـ على تأليف هذا الكتاب لمقرر علم الخمائر 349 حدق. المؤلف البروفيسور/ عبدالله بن مساعد الفالح.
Languageالعربية
PublisherObeikan
Release dateJan 1, 2022
ISBN9786035094153
علم الخمائر

Read more from عبدالله بن مساعد بن خلف الفالح

Related to علم الخمائر

Related ebooks

Reviews for علم الخمائر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    علم الخمائر - عبدالله بن مساعد بن خلف الفالح

    شركة العبيكان للتعليم، 1443هـ

    فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر

    الفالح، عبدالله بن مساعد بن خلف

    علم الخمائر. / عبدالله بن مساعد بن خلف الفالح.- الرياض، 1443هـ

    ردمك: 3 - 415 - 509 - 603 - 978

    1 - الخمائر أ. العنوان ديوي 574 1802/ 1443

    حقوق الطباعة محفوظة للناشر

    الطـبعة الأولى

    1443هـ / 2022م

    نشر وتوزيع

    المملكة العربية السعودية- الرياض- طريق الملك فهد- مقابل برج المملكة

    هاتف: 4808654 11 966+، فاكس: 4808095 11 966+ ص.ب: 67622 الرياض 11517

    جميع الحقوق محفوظة. ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو نقله في أي شكل أو واسطة، سواء أكانت إلكترونية أو ميكانيكيـــة، بما في ذلك التصوير بالنسخ (فوتوكوبي)، أو التسجيل، أو التخزين والاسترجاع، دون إذن خطي من الناشر.

    مقدمة Introduction

    باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... أما بعد:

    فإن هذا الكتاب يتناول علمًا تطبيقيًّا من فروع علم الأحياء الدقيقة، ألا وهو (علم الخمائر Yeasts) ولقد تمكنت ولله الحمد من تدريس علم الخمائر سنوات عدة في قسم النبات والأحياء الدقيقة بكلية العلوم في جامعة الملك سعود، وقد أكسبتني هذه الممارسة سنين متتالية خبرة واسعة واطلاعًا كبيرًا على ما ينشر في أنحاء العالم من أبحاث ومقالات ودراسات في دوريات متخصصة وكتب في فروع هذا العلم ومجالاته التطبيقية والصناعية؛ ونظرًا لقلة المعلومات في كثير من مؤلفات علم الخمائر باللغة العربية، على الرغم من أنه يدرّس باللغة العربية في كليات المملكة العربية السعودية وجامعاتها، وفي كثير من جامعات العالم العربي؛ لذا فقد عمدت في أثناء إعداد المادة العلمية لهذا الكتاب إلى الاستعانة بأمهات المصادر العلمية باللغة الإنجليزية لتقديمها لأبنائنا الطلاب والطالبات بصورة تساعدهم على الفهم، وتحسين تحصيلهم الدراسي في علم الخمائر.

    إن الهدف من هذا الكتاب هو إعطاء مقدمة تعريفية عن علم الخمائر وتطبيقاته المتنوعة في الصناعات المختلفة المعتمدة على أحدث الأسس العلمية والابتكارات الحديثة، وما يتبع كل مجال من تطبيقات أساسية، وتدعيم ذلك بالأمثلة والصور التوضيحية قدر الإمكان، مع الحرص على تقديم المادة العلمية للطلاب والطالبات بأسلوب شائق وبطريقة جذابة تعينهم على زيادة تحصيلهم العلمي ورفع كفاءتهم في مجالات علم الخمائر.

    مما لا شك فيه أن كل فصل من فصول هذا الكتاب يمكن أن يُؤلَّف فيه عددٌ كبيرٌ من الكتب المتخصصة؛ لذا كان لزامًا علي الاختصار قدر المستطاع بما لا يكون مخلًّا بالمادة العلمية، وهذا ما أحدث أمامي عقبة أخرى تكمن في جمع شتات هذه العلوم وتقديمها للطالب في ثوب قشيب وحلة جميلة جذابة مدعمة بأحدث الأشكال التوضيحية والصور الملونة.

    يحتوي هذا الكتاب على اثني عشر فصلًا، وكل فصل من الفصول مقسم إلى عدد من العناوين التي تغطي الموضوعات الرئيسة في هذا المجال.

    يتضمن الفصل الأول نبذة تاريخية عن أهم صفات الخمائر والحقب التاريخية التي تطور فيها هذا العلم مع الإشارة إلى كبار العلماء الذين كان لهم الدور الرئيس في وضع ركائز هذا العلم، وأهم خصائصها وأشكالها وطرق معيشتها، وأما الفصل الثاني فخصص لتقسيم الخمائر وأنواعها وخصائص كل منها والوضع التقسيمي لها، ثم استعراض أمثلة لتصنف الخمائر، وفي نهاية الفصل الثاني تناولت تقسيم الخمائر ذات الأهمية الصناعية والطبية.

    والفصل الثالث عن تركيب خلية الخميرة واستعرض لجميع العضيات والمكونات الخلوية، وتحدث الفصل الرابع عن وراثة الخمائر، وشمل الجين وتنظيم عملية النسخ والتنظيم السلبي والتنظيم الإيجابي وإحداث الطفرات في الكائنات الحية الدقيقة وطفرات العوز الغذائي وطفرات المقاومة وطفرات التنظيم والبلازميدات، وفي نهاية هذا الفصل تطرقت إلى الاتحادات الوراثية الجديدة في الكائنات الحية الدقيقة، والنقل والاستقطاع والتزاوج، ثم أهمية اتحاد المورثات في بدائية النواة واتحاد المورثات في حقيقية النواة، وأخيرًا الهندسة الوراثية.

    وفي الفصل الخامس استعرضت تكاثر الخمائر؛ التكاثر اللاجنسي وأنواعه والتكاثر الجنسي وصوره، ثم التزاوجية الشاذة، بينما تحدث الفصل السادس عن دورة الخلية ومراحل دورة الخلية والانقسام الخيطي والانقسام الاختزالي، ثم ميكانيكية تنظيم دورة الخلية، ويعالج الفصل السابع المتطلبات الغذائية وطرق المحافظة على الخميرة، مع إعطاء فكرة عن المنتجات الصناعية للخمائر.

    أما الفصل الثامن فإنه يتحدث عن النمو والأيض في الخميرة والمتطلبات الزراعية، مع التفصيل قليلًا في تخليق البروتين ومراحل تخليق البروتين، وفي نهاية هذا الفصل كان الشرح عن بعض الأنزيمات والتنفس الهوائي واللاهوائي للخمائر، والفصل التاسع كان للحديث عن استعمالات الخمائر، متضمنًا الخلايا الكاملة والمكونات التركيبية والمكونات الخلوية والمواد أو النواتج المفرزة، إضافة إلى المواد المنتجة بواسطة تفاعلات خارجية.

    وأما الفصل العاشر من هذا الكتاب فخصص للحديث عن الخميرة في الصناعة ودورها بوصفها علمًا حديثًا في خدمة الإنسان وتوظيف الخمائر في الجوانب الصناعية المهمة، فشمل خميرة الخبَّاز وخميرة إنتاج الكحول وخمائر الطعام، ثم الخمائر المفسدة للطعام، بينما يعالج الفصل الحادي عشر إنتاج البروتين وحيد الخلية Single cell protein، متضمنًا مميزات البروتين وحيد الخلية وإنتاجه، ويشير بشيء من التفصيل إلى إنتاج البروتين وحيد الخلية في المملكة العربية السعودية، ثم تناولت في نهاية هذا الكتاب في الفصل الثاني عشر الخميرة في مجال صحة الإنسان، والفصل الثاني عشر هو الفصل الأخير، وشمل شرحًا وافيًا عن الخميرة وتطبيقاتها في خدمة الإنسان، حيث تتم الإشارة إلى الخصائص العامة للخمائر الصناعية، وأهميتها الاقتصادية، وأحدث الأسس المتبعة لتوظيف الخميرة بوصفها أحد المكملات الغذائية، واستخدام الخميرة في إنتاج صبغة أستاكسانثين ذات الأهمية الاقتصادية.

    أعلم علم اليقين أن ما في هذا الكتاب وما جمع بين دفتيه من حقائق علمية ومفاهيم أساسية تظل جهدًا بشريًّا يعتريه النقص، ويحتاج إلى تطوير وتقويم مستمرين؛ لذا أقدم هذا الكتاب وكلي أمل ورجاء من الإخوة الزملاء، والأساتذة والطلاب والطالبات وجميع المتخصصين في علم الأحياء الدقيقة بجميع فروعه ألا يبخلوا علي بآرائهم ومقترحاتهم حول تطوير هذا الكتاب وتنقيحه، وسوف أبذل قصارى جهدي لعلي أتمكن من تنفيذ ما يمكن تنفيذه منها في الطبعات القادمة إن شاء الله.

    وفي الختام، فما وجدتم في هذا الكتاب من نقص وخلل وزلل وخطأ فهو من نفسي ومن الشيطان، وما كان فيه من علم وفائدة ونفع فهو من الله، وأتى بعد سداده وتوفيقه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

                                  المؤلف

                                  أ. د. عبدالله بن مسـاعد بن خلف الفالـح

                                  محرم 1443هـ، الموافق أغسطس 2021م

    الفصل الأول

    الصفات العامة للخمائر Yeast Fungi

    ■ نبذة تاريخية.

    ■ ما هي الخمائر؟

    ■ الخصائص المشتركة.

    ■ وجود الخمائر.

    الفصل الأول

    الصفات العامة للخمائر Yeast Fungi

    الخمائر والكائنات الحية المشابهه للخمائر هي عبارة عن فطريات دقيقة Microfungi التي تعيش إما مترممة Saprophytes أو متطفلة Parasites ويفضل أن تسمي فطريات الخميرة Yeast fungi لأن الخمائر تعني الأنزيمات، ولكن يطلق عليها اسم الخمائر تجاوزًا، ويحيط بخلية الخميرة جدار رقيق يبلغ سمكه نحو 50 نانوميترًا (ملليميكرون) ويكون أنحف في الخلايا حديثة التكوين، ويصبح سميكًا في البيئات غير الملائمة، ويتكون جدار الخلية من الجلوكان Glucan الذي يلاصق الغشاء البلازمي، ويوجد في الطبقة الداخلية من الجدار الخلوي، والمنان Mannan الذي يوجد في الطبقة الخارجية للجدار الخلوي، وله علاقة بصلابة الجدار، والكيتين Chitin الذي يوجد مرتبطًا بندبة البرعم Bud scar ويكون حلقة حول الندبة، وبروتين Protein ويمثل 10% من الوزن الجاف للجدار الخلوي (أبو زنادة 1403هـ، بريشة 2011م).

    نبذة تاريخية

    تشير الدلائل إلى أن التخمر كان معروفًا في مصر منذ نحو 6000 سنة قبل الميلاد، وفي عام 1200 قبل الميلاد عرف المصريون تخمر العجينة، وفي عام 1192م بدأ إنتاج بعض المشروبات بواسطة التخمر، ويُعدّ العالم Antoni van Leeuwenhoek هو أول من وصف الخميرة، وذلك في عام 1680م، ويرجع ذلك إلى اكتشاف الميكروسكوب الذي شكل نقلة نوعية في دراسة الأحياء الدقيقة غير المرئية بالعين المجردة، ومكن الباحثين من رؤية الأحياء الدقيقة المجهرية، ومنها الخمائر، ورصد تراكيبها بشكل دقيق ومفصل، ولقد اعتمد اكتشاف الكائنات الحية الدقيقة على اختراع المجهر الذي تطور خلال القرن السابع عشر، وأما اكتشاف وجود الفيروسات فلم يحدث إلا بعد مرور أكثر من قرنين؛ أي بعد اكتشاف المجهر الإلكتروني واستعماله. ويعود الفضل في اكتشاف الأحياء الدقيقة Microbes إلى المجهر الذي بدأ به تاجر الأقمشة الهولندي أنتوني فان ليفينهوك Antony van Leeuwenhoek في عام 1672م، الذي عاش في مدينة دلفت Delft الهولندية، وكان تاجرًا ذكيًّا يتعامل في البضائع الجافة، وكان متعدد الاهتمامات، فقد اهتم بصنع العدسات وإنتاج المجاهر واستعمالها، وكان أول مجهر صنعه ليفينهوك بسيطًا جدًّا ومكونًا من عدسة واحدة محدبة مكبرة مثبتة بين قطعتين من المعدن لفحص العينات، ومزودًا بضوابط لتوضيح المنظر وحامل للعينات والأشياء وقطرات المحاليل، وقد تمكن العالم ليفينهوك من صنع ما يقرب من مئتين وخمسين (250) مجهرًا بسيطًا تتراوح في قوة تكبيرها ما بين 50 - 300 مرة (Lederberg 1992).

    وهذه المجاهر التي صنعها ليفينهوك هي مجاهر بسيطة لا تقارن بالمجاهر الضوئية المستخدمة اليوم المكونة من عدسات ضوئية وعدسات شيئية يصل قوة تكبيرها إلى ألف مرة، ثم جاء بعدها المجهر الإلكتروني، وقد تمكن العالم الهولندي ليفينهوك من اكتشاف عدد كبير من الأحياء الدقيقة بواسطة مجاهره البسيطة، وقد وظف هذه المجاهر البسيطة في فحص كثير من العينات التي جمعها من مياه الأمطار ومياه الآبار والأسنان والفم والبذور والنباتات وغيرها، ورسم أشكال هذه الكائنات الحية الدقيقة التي لاحظها في أثناء فحص العينات وإرسالها في المدة من 1673م حتى موته عام 1723م في تقارير عدة تجاوزت مئتي رسالة إلى الجمعية الملكية في لندن Royal Society in London، فهي الهيئة العلمية الأولى الموجودة في ذلك العصر، وقد اهتممت برسومات ليفينهوك وتقاريره اهتماما كبيرًا، ونشرتها بين الباحثين والعلماء على الرغم من عدم إدراك الكثير أهمية هذا الاكتشاف العظيم، وما يترتب عليه من تطبيقات وبحوث، وتمكن ليفينهوك من نشر كتاب بعنوان ميكروجرافيا Micrographia وذلك في عام 1665م، وقد احتوى هذا الكتاب على رسوم ووصف لما فحصه بالمجهر من كائنات حية راقية وفطريات خيطية بما فيها العفن Molds والأصداء Rust (Brock and Madigan 1991).

    إن اكتشاف الأحياء الدقيقة الذي سجله ليفنهوك فتح الباب أمام الباحثين، ولفت نظرهم إلى وجود كائنات حية دقيقة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة تنتشر في بيئة الإنسان في كل مكان من حوله.

    ثم جاء العالم الفرنسي لويس باستير Louis Pasteur الذي عاش خلال الحقبة من 1822 حتى 1895م ويعدّه العلماء الأب الحقيقي لعلم الأحياء الدقيقة، وقد تمكن باستير من نشر نتائج أبحاثه في جامعة السوربون في فرنسا، وبدأ أبحاثه في ذلك الوقت على التخمر الكحولي، ويُعدّ باستير أول من ربط بين أمراض الإنسان والميكروبات المسببة لها، وفي عام 1832م عرف العالمان Persoon & Fries الخمائر أنها من الفطريات، ومن أشهر العلماء في ذلك العصر العالم شوان Schwann الذي اكتشف في عام 1837م أن خلايا الخميرة هي المسؤولة عن التخمر الكحولي في المحاليل السكرية وإنتاج الكحول وثاني أكسيد الكربون، وهذا ما يعرف بالنظرية الميكروبية Germ Theory التي أيدها ليفينهوك، وعارضها كثير من العلماء الكيميائيين آنذاك المؤيدين لنظرية التوالد الذاتي Spontaneous Generation Theory، وفي عام 1838م عرف العالم Meyer فطرة التخمر، وهي Saccharomyces cerevisiae.

    وفي عام 1864م قضى باستير على نظرية التوالد الذاتي قضاءً تامًّا، حيث صمم تجربتين قدم من خلالهما دليلًا قاطعًا على عدم صحة هذه النظرية، ففي التجربة الأولى وضع المرق في دورق له عنق طويلة وملتوية وضيقة الفتحة، وكانت محتويات الدورق في غليان مستمر ما حدث عنه تفريغ جزئي وطرد لهواء الدورق وما فيه من الأحياء الدقيقة، ثم أحكم الإغلاق باللهب، وفي هذه التجربة لم يظهر في المرق أي من الميكروبات كما في الشكل (1- 1)، وفي التجربة الثانية أثبت أن الكائنات الحية الدقيقة لا توجد من لا شيء أو من اللحم المتحلل أو مادة أخرى، حيث قام بفحص الأجسام العالقة في سدادات القطن، فوجد فيها أجسامًا ومكونات تشبه تلك التي رسمها ونشرها ليفينهوك من قبل (بريشة وعادل 2002م، البسيوني 2001م، الترك وآخرون 2002م).

    ومن الجدير بالذكر أن العالم لويس باستير هو من جاء بعملية البسترة Pasteurization، وسميت باسمه، وتتلخص في تسخينه للعصير إلى 65 درجة مئوية لمدة نصف ساعة، فهي عملية تسخين السائل إلى درجة حرارة 65 - 100م لمدة قصيرة، حيث تقتل الخلايا الخضرية للميكروبات الملوثة، ولكن معظم الجراثيم لا تتأثر بعملية البسترة، وهذه الطريقة شائعة الاستعمال في اللبن؛ لتجنب فساد الطعام الذي يمكن أن يحدث عند استخدام درجة حرارة أعلى من ذلك، وبعد ذلك شاع استعمال عملية البسترة في الألبان وعصائر الفاكهة الطازجة؛ لمنع تلوثها وانتشار الأمراض من خلالها بين الناس، ثم درس باستير بعد نجاحه في حل مشكلات التخمر في فرنسا مرض ديدان الحرير ومرض الجمرة الخبيثة Anthrax وقد أطلق كلمة تخمر Fermentation على تحليل السكريات لا هوائيًّا بواسطة الكائنات الحية الدقيقة، ومن الجدير بالذكر أيضًا أن باستير هو من وضع أسس علم المناعة Immunology مستفيدًا في ذلك من فروض العالم كوخ Koch المعاصر له الذي عاش في المدة من 1843م - 1910م، ووضع الفروض الأربعة التي عرفت باسم فروض كوخ Koch’s postulates وبها كانت الانطلاقة الفعلية، وبدأ العصر الذهبي لعلم الميكروبيولوجيا الطبية Medical Microbiology منذ ذلك التاريخ.

    وفي عـام 1866م وضـــح العالــــم de Barry دورة حيـــاة فطــــرة التخمـــر، وهــــيSaccharomyces cerevisiae، وفي عام 1881م تم الحصول على بيئة نقية للخميرة بواسطة العالم Hansen وقد قترح هذا العالم تصنيف الخمائر في عام 1896م (الفالح وعياش 1424هـ، ويلسون 1989م).

    ما هي الخمائر؟

    الخمائر هي فطريات مجهرية وحيدة الخلية وغير متحركة، وخلايا الخميرة في العادة أطول من خلايا البكتيريا بنحو 4- 24 مرة، حيث يتراوح قطر خلاياها ما بين 1- 8 ميكروميترات، وطولها ما بين 3- 100 ميكروميتر؛ أي إنها تتكون من خلية واحدة Unicellular منفردة، وتختلف في أشكالها، فمنها الكروي والبيضاوي والأسطواني والمستطيلة، وبعضها مثلث الشكل مثل خميرة Trigonopsis variabilis التي يلاحظ التبرعم عند زوايا الخلية المثلثة، وقد تشبه في الشكل ثمرة الليمون، أو قد تكون كمثرية الشكل، وهي لا تكون خيوطًا أو ميسيليوم عديد الخلايا إلا في حالات خاصة، حيث تكون في بعض الأحيان سلسلة من الخلايا تشكل في مجموعها غزلًا فطريًّا كاذبًا Pseudomycelium كما في فطر Candida، وللخمائر استعمالات عدة مفيدة في الأغذية، فهي تخمر الخبز والخل، وتستخدم في إنضاج بعض أنواع الجبن، وكذلك يكثر استعمالها في المصانع من أجل الحصول على الأنزيمات، كأنزيم الأميليز، ويستخدم بعض أنواعها لإنتاج بعض المواد الكيماويه، وهي تستعمل بوصفها غذاء، حيث تستغل في إنتاج البروتين أحادي الخلية (SCP) الذي يستخدم حاليًّا على هيئة علائق لتغذية الحيوانات والطيور، وربما يستخدم في المستقبل بوصفه غذاء للإنسان، ولبعض أنواع الخمائر القدرة على إنتاج بعض أنواع الفيتامينات، وخاصة فيتامين ب المركب B- Complex vitamin وفيتامين ج C- vitamin، وكذلك يتكون فيتامين د D- vitamin في بعض أنواع الخميرة التي تتعرض خلاياها للأشعة فوق البنفسجية، ويستعمل بعض أنواعها في إنتاج كميات وافرة من الدهون (جبر وآخرون 2001م، الخفاجي 2008م، الرحمة 1998م).

    الشكل الظاهري (2- 1) لخلايا النوع الواحد من الخمائر ثابت تقريبًا، ويمكن أن يستخدم بوصفه أحد المميزات في تعريفها وتقسيمها، وإن المميزات الفسيولوجية تستعمل إلى حد كبير للتمييز بين أنواع الخمائر المختلفة، ومن أهم الخصائص الفسيولوجية للخمائر أن لديها القدرة على تخمير السكر وإنتاج كحول الإيثانول في غيلب الأكسجين لتحصل على طاقتها من خلال أكسدة السكريات إلى كحول الإيثانول وثاني أكسيد الكربون كما في المعادلة الآتية:

    C6H12O6 (glucose) → 2C2H5OH + 2CO2

    جدار خلية الخميرة يغلف كتلة بروتوبلازمية، وتمتاز خلية الخميرة بأنها غنية بالسيتوبلازم الذي يحتوي على حبيبات جليكوجينية وفوليوتينية ودهون، وتُعدّ بمثابة مواد غذائية مدخرة، وتحتوي الخلية على الميتوكوندريا والشبكة الإندوبلازمية، وتوجد بالخلية أيضًا نواة واحدة حقيقية Eukariota محاطة بغشاء مزدوج مثقب والكروموسومات صغيرة جدًّا، فالواحدة منها في حجم كروموسوم الخلية البكتيرية، وقد دلت الدراسات الخلوية على أن عدد الكروموسومات في خلية الخميرة ستة عشر كروموسومًا، ويوجد بداخل خلية الخميرة فجوة كبيرة، ويحتاج الجهاز النووي في الخميرة إلى صبغة خاصة بتركيزات محددة لتوضيحها وبروز النواة.(Cameron- Clarke et. al. 2018; Haukeli.& S. Lie 2013)

    تصنف فطريات الخميرة مع الفطريات (عثمان وآخرون 2000م)، وذلك لأنها:

    ● تفتقر لوجود صبغات التمثيل الضوئي (الكلوروفيل) في خلاياها؛ لذلك فهي غير ذاتية التغذية، بل تُعدّ متغايرة التغذية Heterotrophic.

    ● غير متحركة، فليس لها أسواط حركة.

    ● تحتوي على جدار خلوي صلب نوعًا ما.

    ● تحتوي على نواة nucleus وغشاء نووي.

    فالخمائر هي فطريات وحيدة الخلية عديمة الحركة قد تكون الخلايا ذات شكل بيضاوي أو كروي أو أسطواني، وتتبرعم (1 - 3)؛ أي تكون خلايا جديدة عند أركان الخلية، فالغشاء السيتوبلازمي المحيط بخلايا الخميرة لا يسمح بمرور المواد الغذائية ذات الحجم الكبير، وهي كائنات لها متطلبات غذائية بسيطة، وليست قادرة على القيام بعملية التمثيل الضوئي، وتحتاج إلى مصادر كربونية ومصادر نيتروجينية بسيطة التركيب، والمركب الوحيد ذو التركيب المعقد الذي تحتاج إليه الخميرة لكي تنمو هو البيوتين (فيتامين)، ومن دون شك تحتاج إلى مجموعة مختلفة من الأملاح، وتكون مستعمرات ذات بناء متعدد الخلايا عندما تنمو على الأسطح الصلبة، وهذه المستعمرات لها صفات مورفولوجية معينة تتكون في أثناء الانقسام بحسب نوع الخميرة، ويمكن وصف الخمائر من الناحية الفسيولوجية بأنها هوائية إجبارًا أو لا هوائية اختيارًا، ولم يعرف حتى الآن خمائر لا هوائية إجبارًا، ومن أهم الخواص الفسيولوجية للخمائر، مقدرتها على تخمير السكر وإنتاج كحول الإيثانول في غياب الأكسجين،؛ وذلك لتحصل على طاقتها من خلال تحويل السكريات إلى ثاني أكسيد الكربون والإيثانول (ريفن وآخرون 2002م، السراني وآخرون 2002م).

    البيئات الصناعية الشائعة لتنمية الخميرة هي بيئة آجار دكستروز البطاطس Potato dextrose agar (PDA) أو بيئة مرق دكستروز البطاطس Potato dextrose broth وفي هذه البيئات يتم الحصول على مستخلص البطاطس عن طريق طبخ قطع صغيرة منها في جهاز التعقيم Autoclave لمدة خمس إلى عشر دقائق، ثم الترشيح، وبعد ذلك يضاف الدكستروز (الجلوكوز) بمقدار 10 جرامات/ لتر، ثم تعقم البيئة، ومن الجدير بالذكر أن البيئة الطبيعية للخمائر Natural media of yeasts التي تعيش فيها الخميرة لها قيمة عملية كبيرة، حيث إن مكونات البيئة لها دور أساسي في عملية التحول التي تحدث لبعض أجناس الخميرة، والتي تسمى عملية الانتخاب الطبيعي Natural selection.

    وتعيش الخمائر على المواد اللزجة التي توجد في بعض النباتات، وعلى رحيق الأزهار، وعلى الثمار المتحللة، وعلى أجزاء أخرى من النباتات، وتحمل الحشرات الخمائر من نبات إلى آخر، فعلى سبيل المثال يحمل النحل الخمائر من الأزهار إلى أقراص العسل، وهذا شيء متوقع؛ لأن النحل يقوم بتجميع رحيق الأزهار، وهو بيئة مثلى لنمو الخمائر ونشاطها؛ ولذلك فإن الخمائر هي المسؤولة عن فساد العسل غير الناضج في أقراص عسل النحل المنزلي، ويُعدّ العسل المخزن عن طريق النحل الطنان Bumblebees مصدرًا جيدًا لعزل الخمائر التي جمعها النحل من الأزهار، حيث إن تركيز السكر فيه يكون منخفضًا بالمقارنة بعسل النحل المنزلي، ويُعدّ العسل مصدرًا جيدًا لعزل الخمائر التي تتحمل الضغط الأسموزي العالي.

    وتقوم العلاقة بين الخمائر والحشرات على التكافل المعيشي، حيث تحمل خنافس اللحاء كثيرًا من أنواع الخمائر، وخصوصًا من جنسي Hansenula وخميرةPichia إلى الأنفاق التي تعيش فيها، وتتغذى يرقات بعض الحشرات شبكية الأجنحة على الطفيليات النباتية، وعندما تنمو هذه اليرقات إلى حشرات بالغة فإن غذاءها الأساسي المكون من حشرات المن ينقصه الأحماض الأمينية الأساسية، وقد وجد أن أشجار الجريب فروت، وبعض أنواع الموالح الأخرى التي تهاجمها حشرات ذبابة فاكهة البحر المتوسط، وذبابة فاكهة أمريكا الشمالية، تحتوي في الوقت نفسه على أنواع معينة من الخمائر مثل Kloeckera sp, Pichia fernentans وPichia kluyveri.

    إن التربة والماء يستقبلان كل العناصر الغذائية أو معظمها، التي توجد فيهما من مصادر خارجية مثل النباتات والحيوانات بما فيها الإنسان، وتُعدّ المواد الناتجة عن نشاط الإنسان مصدرًا للعناصر الغذائية للخمائر، وإنها أيضًا مصدر لتلوث البيئة، وتستقبل التربة كميات متزايدة من الملوثات الناتجة عن نشاط الإنسان، التي قد تُعدّ مواد غذائية للخمائر؛ ولذلك فإن مجموعة الخمائر التي توجد في التربة تتغير في أعدادها وأنواعها بحسب كمية ونوع هذه المواد الغذائية التي تصل إليها، فعلى سبيل المثال فقد وُجِد أن المواد العضوية الخفيفة التي تحملها الرياح عندما تتجمع في تربة معينة، فإنها تؤدي إلى زيادة أجناس معينة مثل Hanseniaspora، وKloeckera أي إن هذه الخمائر تسود في التربة بصفة مؤقتة، وتعتمد على النشاط التمثيلي للميكروبات الأخرى، غير أن هناك كثيرًا جدًّا من الخمائر التي تسود في التربة بصفة دائمة، ولا يوجد في عصرنا الحالي الماء الذي يمكن أن يطلق عليه ماء نقي، ولكن يوجد ماء ملوث بدرجة قليلة، وماء متوسط التلوث، وماء عالي التلوث (عبدالمعطي 1999م)، وذلك بناء على نوع المادة الملوثة وكميتها، وتعيش الخمائر في هذه الأنواع الثلاثة من الماء، ويتراوح عددها من خلايا قليلة/ ملليلتر (مل) من الماء القليل التلوث إلى مليون خلية/ مللي من الماء العالي التلوث، ويختلف أيضًا توزيع أنواع الخميرة في الماء بحسب كمية المادة الملوثة ونوعها، ويتراوح عدد الخمائر في البحيرات والأنهار من 20 خلية/ لتر في الأماكن النائية منها إلى أربع مئة خلية/ لتر في أماكن الاستجمام إلى أربعة آلاف خلية/ لتر في الأماكن القريبة من المدن، ولكن بصفة عامة، فإن عدد الخمائر الموجودة في كل أنواع المياه يقل في المناطق النائية، ويزيد في الأماكن المأهولة بالسكان (جابر بريشة، 2011م).

    الخصائص المشتركة

    تضم مملكة الفطريات Fungi The kingdom of مجموعة كبيرة من الخمائر حقيقية النواة التي تتباين فيما بينها في طرق التكاثر وفي صفاتها التركيبية، وتنتشر الخمائر في كل مكان تقريبًا، فهي توجد في الماء والهواء وفي التربة وعلى أجسام الكائنات الحية (حيوانات ونباتات راقية).

    تشترك الخمائر في مجموعة من الخصائص العامة (Palmer & Rennie et. al. 2013, Pickerell et. al. 2018, Yamazaki & Kawasaki 2014). التي يمكن إيجازها فيما يلي:

    1. تُعدّ الخمائر كائنات غير ذاتية التغذية Heterotrophic لا تحتوي على أصباغ الكلوروفيل؛ لذا فإنها لا تستطيع القيام بالبناء الضوئي، وتختلف بسبب ذلك في طريقة تغذيتها عن النباتات الخضراء ذاتية التغذية Autotrophic فهي تؤمن غذاءها العضوي من مصادر مختلفة، إما من كائنات حية، وتحدث لها ضررًا، وتسمى خمائر متطفلة Parasitic yeasts، أو تتغذى على مواد عضوية ميتة، وتسمى خمائر مترممة Saprophytic yeasts.

    2. الخمائر وحيدة خلية، ولا تكون مثل الفطريات خيوطًا فطرية هيفا Hypha، التي تشكل الغزل الفطري أو الميسيليوم Mycelium.

    3. بعض الخمائر قد تكون خيوطًا فطرية كاذبة أو حقيقية، ولكنها غير مقسمة بحواجز عرضية أو غير مقسمة، وتستخدم هذه الصفة للتمييز بين المجموعات المختلفة من الخمائر.

    4. يتألف الجدار الخلوي كيميائيًّا من الجلوكان والمنان والكيتين Chitin، الذي يمكن أن يرتبط بمعقدات سكرية مختلفة، إلا أن السليلوز يغيب تمامًا من الجدار الخلوي، ويبطن الجدار سيتوبلازم يحتوي على نواة واحدة صغيرة الحجم ونوية في بعض الأنواع.

    5. تختزن الخمائر الفائض من المواد الغذائية التي تحصل عليها بالتطفل أو بالترمم على هيئة زيوت أو جليكوجين (النشا الحيواني).

    6. تستطيع الخمائر إفراز عدد كبير من الأنزيمات، ويختلف عددها ونوعها باختلاف البيئات التي تنمو عليها، فتساعد هذه الأنزيمات فطر الخميرة على تفكيك المواد العضوية المعقدة وتحليلها إلى مواد بسيطة، ويستطيع أن يمتصها، ويستفيد منها مباشرة، وتنفرد بعض الخمائر المتطفلة بإفراز أنزيم السيليوليز Cellulase الذي يعمل على تكسير مادة السليلوز (Al- Falih1997), وأنزيم البكتينيز Pectinase الذي يحلل الصفيحة الوسطى لجدر خلايا العائل، ويذيبها، فتتمزق، ما يهيئ منفذًا إلى داخل الخلايا، وبهذه الطريقة تتمكن الخمائر المتطفلة من اختراق أنسجة العائل.

    وجود الخمائر

    توجد الخمائر في أماكن عدة مختلفة في الطبيعة، ولكنها أقل انتشارًا من البكتيريا، ففطريات الخميرة واسعة الانتشار في الطبيعة في الماء وفي اليابسة، فتوجد فطريات الخميرة في معظم البيئات، في الماء والهواء والتربة، حيث يقوم بعضها بتخمر السكريات والمواد التي تحتوي على سكريات، وتوجد غالبًا في الطبيعة مترممة في المواد السكرية، وتوجد في رحيق الأزهار وعلى الأوراق والثمار وعلى إفرازات النباتات ومع الحشرات، وفي التربة، وفي المياه المالحة، وفي مياه الصرف الصحي، وفي بعض المواد الغذائية والأطعمة مثل Syraps وفي المياه شديدة الملوحة Brines واللحوم ومشتقات الحليب (السراني وآخرون 2000م، صابر 1974م، طرابلسي 2001م).

    وتوجد الخمائر على بقايا النباتات المتحللة؛ وذلك لأن البكتيريا والفطريات والحشرات بما فيها يرقات الذباب والخنافس الثاقبة، تحلل المواد النباتية إلى صور يمكن أن تقوم الخميرة بتمثيلها، فالخميرة غير ذاتية التغذية Heterotrophic؛ أي لا تستطيع القيام بعملية التمثيل الضوئي، ولا تستطيع تثبيت النيتروجين الجوي، ولكنها تعيش مترممة Saprophytic فنجدها تعتمد على كائنات أخرى لتجهز لها المواد الأولية في صورة ميسرة، ولكن هذا لا يمنع أن هناك خمائر ولو أنها قليلة جدًّا، تستطيع أن تحلل المواد الهيميسليولوزية والمواد السليولوزية والبكتين إلى سكريات أحادية تستفيد بها باقي الخمائر، وتُعدّ الخمائر في حد ذاتها غذاءً لكثير من الحشرات سواء كانت يرقات أو حشرات كاملة، وقد لوحظ حديثًا وجود بعض أنواع الخمائر على أشجار الموالح مثل البرتقال، والليمون، ووجد أنها انتقلت إلى هذه الأشجار عن طريق بعض حشرات هذه الفاكهة، وهكذا يتضح أن هناك التحامًا شديدًا بين الخمائر والنباتات والحشرات والتربة والماء، فالخمائر تنمو على أسطح أوراق النباتات، حيث تحصل على غذائها من إفرازات هذه الأوراق، وإن كثيرًا من النباتات الاستوائية تحمل على أوراقها بكتيريا لها القدرة على تثبيت النيتروجين الجوي؛ أي تحويل النيتروجين الجوي من الصورة الغازية إلى صورة عضوية ميسرة مثل الأحماض الأمينية، ومن ثم يمكن للخمائر الموجودة أن تستفيد من هذه المواد النيتروجينية.

    فتوجد الخمائر عادة على مختلف المواد الغذائية، وعلى السطح الخارجي للفواكه الحلوة مثل الكرز والخوخ والمشمش والعنب، وكذلك تم عزل بعض الخمائر من أوراق النباتات، وفي رحيق الأزهار، وعلى إفرازات الأشجار والأوراق المجروحة وعلى قشور الثمار والحبوب مثل الحنطة والشعير والشوفان والذرة (الغنيم وآخرون 1996م، الفالح 1440هـ).

    وتوجد الخمائر مترممة في التربة، وخاصة في الطبقات العليا من تربة أشجار بساتين الفاكهة والعنب وفي أوساط أخرى، ويعيش بعضها إما متكافلًا أو متطفلًا على الإنسان وعلى حيوانات متعددة، ولا سيما الحشرات التي تنشدها، وخصوصًا ذباب الفاكهة التي تكون ضرورية لتغذيتها، وبعضها يتطفل على النباتات مسببًا لها بعض الأمراض، وإن بعضها يُعدّ مسؤولًا عن فساد الأجبان، ومنتجات الطماطم وبعض المواد الغذائية الأخرى، فهناك خمائر عدة تعيش على الخبز، وتفسده حيث تحدث نموات على سطح شرائح الخبز مثل الخمائر الآتية:

    Saccharomycopsis libuligera, Pichia butonii, Pichia membranaefaciens, Saccharomyces cerevisiae, Candida humicola, Candida parapsilosis, Zygosaccharomyces bailii,Torulaspora delbrueckii, Hansenula anomala and Geotrichum spp.

    وكذلك الخمائر التي تعيش على محصول الأرز المخزون، وتفسده، وهي:

    Hansenula anomala, Candida tropicalis, Candida pseudotropicalis and Pichia farinose.

    وخميرة الخبَّاز Saccharomyces cerevisiae التي تفسد عصير العنب والتفاح والليمون وخميرة Rhodolorula sp. التي لديها القدرة على النمو على الزبدة، وكذلك خميرة سكاروميسس روكسي Saccharomyces rouxii التي تنمو على الأغذية المجففة والعصائر المركزة والعسل، وخميرة Torulopsis sp التي تعيش على منتجات الألبان والحليب.

    إضافة إلى خميرة Nematospora coryli التي تفضل النمو على الفواكه الحمضية، وخميرة المخللات Saccharomyces bispoxus وخميرة Hansenula subpelliculosa التي تعيش على الخيار المحفوظ بالمحلول الملحي، وكذلك خميرة Debaryomyces guillier المعزولة من اللحم والسجق، وتتسبب في إتلاف اللحوم ومشتقاتها.

    ونمو فطر الخميرة على الوسط الغذائي يسبب حدوث تغيرات كيميائية أو فيزيائية أو كليهما معًا، وتختلف هذه التغيرات باختلاف الوسط والمواد الغذائية المتوافرة فيه وبتركيزها والظروف البيئية المحيطة بهذا الوسط أو ذاك، وبعض الخمائر المتطفلة تسبب أمراضًا للإنسان والحيوان والنبات، وتنتشر غالبًا بواسطة الهواء عن طريق حبيبات الغبار والأمطار أو بواسطة الحيوانات والإنسان (عبدالحافظ 1998م، العروسيووصفي 2001م).

    وهناك كثير من التغيرات التي تحدث في الأغذية نتيجة نمو الخميرة، فمثلًا التغيرات التي تحصل على منتجات الألبان والزبادي تشوه شكل العلبة في الزبادي بسبب الخمائر:

    Saccharomyces cerevisiae Torulaspora delbrueckii Pichia fermentans Kluyveromyces marxianus Kloeckera apiculata Brettanomyces intermedius Candida famata, Candida versatilis, Candida lusitaniae, Zygosaccharomyces ellipsoids.

    كذلك تشكل سطحًا لزجًا مع أو من دون صبغة على الجبن بسبب نمو الخمائر:

    Sporobolomyces roseus Trichosporon spp Candida sake Cryptococcus infirmo- miniatus.

    ويعود انبعاث رائحة كريهة في بعض المنتجات الغذائية مثل الرمان وغيره إلى نمو الخمائر:

    Hanseniaspora guilliermondii Metschnikowia pulcherrima Debarymyces hansenii.

    وتكون غاز على اللبن المكثف يسبب عدم ثبات العتامة على منتجات البرتقال وبعض الفواكه تعود إلى نمو الخمائر:

    Candida globose and Candida lactis- condensi Candida holmii Hansenula subpelliculosa Torulaspora delbrueckii Zygosaccharomyces rouxii.

    وتحدث نموات على سطح السجق غير المغلف بسبب نمو خميرتي:

    Candida zeylanoides, Debaryomyces hansenii.

    الفصل الثاني:

    تقسيم الخمائر Yeast Classification

    ■ نشأة علم التقسيم وتطوره

    ■ الوضع التقسيمي للخمائر

    ■ تصنيف الخمائر

    ■ تقسيم الخمائر ذات الأهمية الصناعية والطبية

    الفصل الثاني

    تقسيم الخمائر Yeast Classification

    نشأة علم التقسيم وتطوره

    لقد قام علماء الأحياء منذ زمن بعيد بتقسيم الكائنات الحية إلى مملكتين هما: مملكة النبات Plantae ومملكة الحيوان Animalia، إلا أنه بقيت بعض الكائنات الحية وحيدة الخلية التي لا يمكن وضعها ضمن المملكة النباتية أو المملكة الحيوانية؛ لذا اقترح البيولوجي الألماني إرنست هيكل Ernest Haeckel في العام 1866م وضع مملكة ثالثة تقتصر على الكائنات وحيدة الخلية أطلق عليها اسم مملكة الطلائعيات Protista.

    وفي العام 1942م وضع العالم تيبو Tippo تحت مملكة النباتات الثالوسية (الخيطية) Subkingdom Thallophyta جمع فيها كلًّا من الطحالب Phycophyta والفطريات Mycophyta، ثم لاحظ الباحثون أن البكتيريا Bacteria والبكتيريا الخضراء المزرقة Cyanobacteria هي كائنات وحيدة الخلية تفتقر إلى نواة حقيقية Nucleus، ومن ثم، فإنه لا يمكن جمعها مع الكائنات وحيدة الخلية حقيقية النوى Eukaryotes؛ لذا اقترح كوبلاند Copeland في العام 1956م وضع مملكة رابعة أطلق عليها اسم البدائيات Monera، تضم الكائنات الحية بدائية النوى (البكتيريا والبكتيريا الخضراء

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1