Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

مقاربة في الرياضيات العصبية: الدماغ الرياضي
مقاربة في الرياضيات العصبية: الدماغ الرياضي
مقاربة في الرياضيات العصبية: الدماغ الرياضي
Ebook311 pages2 hours

مقاربة في الرياضيات العصبية: الدماغ الرياضي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

أصبح الحديث حول الرياضيات في السنوات الأخيرة مرتبطًا بشكل أساسيّ بعلاقتها بضرورة تعليم الأطفال منذ نعومة أظفارهم، كما هو الحال، مثلاً، في تعليمهم مبادئ اقتصادية تساعدهم في التحضير لمستقبلهم كأفراد في المجتمع، وينطبق ذلك أيضًا على على ما طرأ من تطورات في عمليات التعلم الحديثة بعد اللجوء لاستخدام وسائل تربوية حديثة مستوردة من بلاد أخرى. بيد أن الثورة الأهم في المجال هي ثورة العلوم العصبية، التي بلغت مرحلة من التقدم خلال السنوات الأخيرة أتاحت المجال لدراسة مبدأ عمل الدماغ وفهم الطريقة التي يعالج بها البيانات أثناء تطوير قدراته الرياضية، ومن هنا تأتي أهمية الاستعانة بالمصادر الحديثة التي تُعنى بمواضيع متفرقة تتصل بمجاليّ العلوم العصبية والرياضيات.
هذا الكتاب مقدم لجميع من يرغب في التعمق في المعرفة المتصلة بالدماغ وطرق الانتفاع من قدراته في تعليم الرياضيات.
Languageالعربية
PublisherTektime
Release dateSep 17, 2020
ISBN9788835411550
مقاربة في الرياضيات العصبية: الدماغ الرياضي

Read more from Juan Moisés De La Serna

Related to مقاربة في الرياضيات العصبية

Related ebooks

Reviews for مقاربة في الرياضيات العصبية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    مقاربة في الرياضيات العصبية - Juan Moisés De La Serna

    بنية الدماغ

    من أجل فهم الوظائف التي يؤديها الدماغ أثناء تحليله للمعلومات الرياضية المعقدة أو شبه المعقدة فلا بد لنا أن نفهم ماهية الدماغ وأجزائه ومبدأ عمله، وهذا هو الجزء الأعقد بالنسبة لأي رياضيّ يحاول إجراء مقاربة للرياضيات العصبية، ولهذا سيكون الشرحُ هنا ملخصًا ومبسطًا لا يُعنى بالتفاصيل الدقيقة، ومع ذلك ستكون المعلومات المطروحة كافية لفهم مدى تعقيد هذا العضو.

    لا بد أن نشير أولاً إلى أن المصطلحات المستخدمة يوميًا تختلف عن تلك التي تستخدم تشريحيًا، ذلك أن الأولى تستخدمُ لتشير إلى الشيء ذاته كاستخدام الكلمات رأس ومخ ودماغ دون التمييز بينها، وعلى الرغم من أن ذلك ربما يصلحُ في بعضِ السياقات فإنه من الضروريّ التمييز بين هذه المصطلحات في سياق الرياضيات العصبية، حيث تتكون أجزاء الدماغ من جذع الدماغ والمخيخ والمخ البيني والمخ.

    - يتكون جذع الدماغ بدوره من ثلاثة أجزاء: النخاع المستطيل (الذي يعمل على تنظيم وظائف التنفس وسعة قطر الأوعية الدموية وسرعة نبضات القلب والفواق والسعال والاستفراغ) والجسر (الذي يشترك في تنظيم عمل الجهاز التنفسي) والدماغ المتوسط (الذي يحتوي على المادة السوداء ويشترك في تنظيم نشاط الجهاز العضلي). وتتفرع من جذع الدماغ 10 أعصاب قحفية تتوزع على أجزاء الدماغ، في حين أن التشكل الشبكيّ هو المسؤول عن البقاء في حالة اليقظة والانتباه.

    - المخيخ: هو المسؤول عن التحكم بالحركات الدقيقة والمعقدة ووضعية الجسم والتوازن وتوتر العضلات.

    المخ البيني: ينقسم إلى المهاد (المسؤول عن تخزين المعلومات والوعي والتعلم والتحكم العاطفي والذاكرة) والوطاء ما تحت المهاد (الذي يتحكم بالسلوك والعواطف وحرارة الجسم والجوع والعطش وتنظيم الساعة البيولوجية وحالات الوعي والإفراز الهرموني للغدة النخامية وتنظيم نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي).

    المخ: حيث يجري تنظيم الوظائف الإدراكية والقرارات الواعية وعملية التعلم العلائقية واستخدام اللغة وغير ذلك الكثير.

    لا بد أن نوضح هنا أن جميع أجزاء الدماغ المذكورة تشكل جزءًا مما يسمى بالجهاز العصبيّ الذي يتطور بدايةً داخل الرحم ويستمر بالتشكل حتى ما بعد الولادة وحتى سن البلوغ.

    يبدأ تطور الجهاز العصبيّ بدءًا بما يسمى الأنبوب العصبي الذي يتفرع خلال الأسبوع الرابع من الحمل إلى حويصلات الدماغ الثلاث: الدماغ الخلفيّ والدماغ المتوسط والدماغ الأمامي. في الأسبوع الخامس من الحمل يكتمل تشكل الحويصلات الخمس التي يتطور منها الدماغ، حيث ينقسم الدماغ الخلفيّ إلى الدماغ التالي (الذي يتكون من الجسر والمخيخ) والدماغ البصلي (النخاع المستقيم)، وتنبثق عن الدماغ المتوسط السويقة المخية وأربع أكيمات، اثنتان منها علويتان وهما المسؤولتان عن البصر والأخريين سفليتين وهما المسؤولتان عن السمع، وينقسم الدماغ الأمامي بدوره إلى قسمين: المخ البيني (الذي يتكون من المهاد والوطاء ما تحت المهاد والمهاد السفلي والمهيد والبطين الثالث) والدماغ الانتهائي (نصفيّ الدماغ).

    وعلى الرغم من أن تطور المخ لا يكتمل داخل الرحم، فقد ثبت أن الرضيع قادرٌ على الاستجابة لمحفزاتٍ بصريةٍ وسمعيةٍ مختلفة يمكن من خلالها تعليمه، ومع أن هذه العملية محدودة نظرًا إلى أن الشبكات العصبونية لا تزال ناشئة، فقد لوحظت تغيراتٌ في النشاط الدماغيّ لحديثيّ الولادة بعد تعريضهم لمحفزاتٍ محددة أثناء وجودهم داخل أرحام أمهاتهم، ما يثبت أن الرضّع الذين تعرضوا للمحفزات يظهرون نشاطًا دماغيًا يختلف عن ذلك الذي تظهره أدمغة الرضع الذين لا يتعرضون للمحفزات، وهذا يحاكي بدوره عملية التعلم.

    على ضوء المعلومات السابقة حول الدماغ وما يميزه عن المخ، نأتي للتمييز بين هذين المصطلحين ومصطلح رأس الذي يستخدم بشكلٍ اعتياديّ للإشارة إلى ذلك العضو الذي يحتوي على الدماغ، حيث تحمي الأخير تجاويف الجمجمة وسحايا الدماغ (الأم الجافية والأم العنكبوتية والأم الحنون) ويطفو داخل السائل الشوكيّ. أيضًا لا بد أن نشير إلى الفرق بين المصطلحات التالية:

    - المادة الرمادية (السنجابية): تتشكل عن طريق أجسام الخلايا العصبية والتغصنات، ويجري فيها تخزين المعلومات والوظائف الإدراكية العليا وتتخذ شكل أنوية الخلايا والقشرة الدماغية والتشكل الشبكي.

    - المادة البيضاء: تتشكل عن طريق الألياف العصبية الميلانية التي تصل بين المناطق العصبية المختلفة، وتتخذ شكل المسالك والحزم والأصوِرة.

    - الأجسام المخططة: تقع داخل المادة البيضاء.

    ويقسّم قشرةَ الدماغ تشريحيًا التلمُ المركزيّ الذي يمتدّ بين نصفيّ المخ على اليمين وعلى اليسار، وأسفل كليهما يقع المخ البيني التي تتوسط أجزاءه الدماغ داخليًا (المهاد والمهاد السفلي والوطاء ما تحت المهاد والمهيد والمهاد التالي والبطين الثالث) وتتصل بجذع الدماغ (الدماغ المتوسط والجسر والنخاع المستطيل). ويمكن تقسيم نصفيّ الدماغ بدورهما إلى الفص الجبهي (في الجزء الأماميّ من المخ) والفص الجداري (خلف الفص الجبهي وفوق الفص الصدغي وأمام الفص القذالي) والفص الصدغي (أسفل الفص القذالي) والفص القذالي (في الجزء الخلفيّ من المخ). ولكل واحد من هذه الفصوص وظائف مختلفة، وسوف نورد هنا تلك المتصلة بالرياضيات، كالوظائف التالي ذكرها:

    - الفص الجبهيّ هو مركز استلام جميع المعلومات، حيث يجري تحليلها والاستجابة لها من هذا الموضع بالتحديد. ويرتبط الفص الجبهي بالوظائف التنفيذية، أي تلك المتصلة بالتنظيم واتخاذ القرارات والإشراف عليها، وهو بذلك يلعب دورًا مهمًا في الأداء الأكاديمي نظرًا لارتباطه بمهارات مثل السرعة في إجراء الحسابات الرياضية ذهنيًا والتصور المجرد والعمليات الحسابية ذات المستوى المتقدم من التعقيد.

    - الفص الجداري هو مركز المعلومات الحساسة، وهو يلعب دورًا جوهريًا في الأداء اللغوي، ويمكن أن يؤدي تضرره إلى صعوبات في اللغة والحركة وتحليل الرياضيات، وهذه الحالة الأخيرة تعرف باسم عسر الحساب. ويشترك الجزء الأيسر من الفص الجداري في وظيفة الحساب العددي، بحيث أنه لو تضرر هذا الجزء من دماغ الإنسان فلن يتمكن من التعرف إلى الأرقام الحسابية وسيواجه صعوبة في إجراء العمليات الحسابية الأساسية.

    - الفص الصدغي هو المسؤول عن العمليات اللغوية المتصلة بالمعالجة السمعية وعمليات توطيد الذاكرة طويلة المدى، وعليه فهو أساسيّ في تذكر سلاسل الأرقام والقراءة الصامتة أثناء حل المسائل الرياضية.

    - الفص القذالي هو مركز المعالجة البصرية، حيث تنتهي المعلومات الواردة للدماغ عن طريق البصر عبر الأعصاب البصرية، وهو بذلك يلعب دورًا جوهريًا في تمييز الرموز الرياضية المكتوبة.

    ومن المهم أن ندرك أن وظائف معالجة الانتباه واللغة والذاكرة تتوزع في مراكز مختلفة لكل منها، ما يعني أن تضرر أحد الفصوص سيؤدي إلى الفقدان الكليّ أو الجزئيّ لتلك الوظائف. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقطع بعدم صلاحية النظريات التي كانت تفترض طوال عقود من دراسة العلوم العصبية أن كل منطقة في الدماغ لها وظيفة ذهنية محددة، أي إن إصابة أي منطقة في الدماغ ستؤدي إلى تعطيل قدرة الإنسان على أداء هذه المهمة، ومن الأمثلة على هذه النظريات علم فراسة الدماغ الذي كان أصحابه يعتقدون بأن شكل الدماغ ونتوات الجمجمة يمكن أن يسهمان في تفسير مدى امتلاك الشخص لمهارة معينة.

    في الوقت الحاضر توجد محاولات تحديد مراكز الوظائف الذهنية على نحو محدد، إلا إنه وجد أنه عند أداء المناطق التقليدية لتلك الوظائف فهي لا تؤديها على النحو المناسب بل توكل بها إلى المناطق المتصلة بها. وعليه فيمكن أن نستنتج قطعًا أن الوظائف الإدراكية موزعة في المخ، وإن كانت توجد مراكز متخصصة في معالجة معلومات محددة سمعية وبصرية وحسية فسوف يتوزع كل ذلك على النحو الذي يشكل معه بصماتٍ في الذاكرة.

    في ضوء ما شرحناه آنفًا حول بنية المخ ووظائفه ومحدودية التكنولوجيا المتاحة حتى يومنا هذا، لا بد أن نشير إلى أن هذا العلم بدأ مع دراسة حالات توفي أصحابها وظهر أنهم يعانون من تضرر واضح في مناطق واضحة من أدمغتهم بعد أن كانت تظهر عليهم علامات عجز إدراكي أو سلوكي أثناء حياتهم. إحدى تلك الحالات المعروفة في تاريخ العلوم العصبية هي حالة فينس غيج (Damasio, 2018) الذي تعرض لحادث أثناء العمل في منجم أدى إلى اختراق قضيبٍ لجمجمته وتسبب في اختلاف سلوكه بعدئذٍ ليصبح أكثر تقلبًا وتهورًا ويصعب التنبؤ بأفعاله.

    بعد وفاة غيج انكفأ العلماء على دراسة المناطق المتضررة من دماغه وخاصة الجزء الأيسر من الفص الجبهيّ، ما سمح بتشكل الفرضيات الأولى حول دور الفص الجبهيّ في التحكم في الدوافع والقدرة على اتخاذ الأحكام، ومن ثَمّ أمكن استنتاج دوره في التخطيط والتنظيم والتنفيذ والإشراف والسلوك.

    أما اليوم فقد أصبح التقدم في مجالات التكنولوجيا يتيح إمكانية دراسة عمل المخ مباشرة إزاء مهام محددة، ولا يقتصر ذلك على مناطق المخ المعنية بالتعامل مع تلك المهام بل أيضًا مسارات الاتصال بين المناطق القشرية وتحت القشرية المسؤولة عن وظائف محددة، فسيولوجية كانت أم إدراكية. وفي المجال الطبيّ يسمح ذلك بمقارنة أدمغة المرضى مع الأدمغة السليمة وتحديد مكان المشكلة في كل حالة، وتبرز أهمية هذا بشكل خاص أثناء التدخل الجراحي عندما تكون بقية العلاجات غير كافية لحل المشكلة على النحو المرغوب.

    ويمكن التوصل في يومنا هذا إلى استنتاجاتٍ علمية عن طريق وسائل تقنية تشمل الرنين المغناطيسي الوظيفي وتخطيط كهربية الدماغ، أي تلك التقنيات التي لا تتطلب تدخلاً جراحيًا والمعروفة بالتدخلات غير الغازية التي تتيح رؤية وظائف الدماغ مباشرة دون الحاجة إلى فتحه أو إلى الانتظار إلى ما بعد الوفاة من أجل تشريح

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1