القيادة الملهمة وصناعة التميّز الوظيفي

By د. منى جواد سلمان

القائد الملهِم "ما يُلْقي في روح القائد من قدرة إبداعية، تدفع المرؤوسين نحو العمل بأعلى مستويات التناغم والإيجابية، والدافعية للنجاح، والتميّز في الأداء". يأتي هذا الكتاب ليسلط الضوء على أدوار القيادات الحكومية، وتحديدًا فئة القيادات الملهِمة، وأثرها في صناعة التميّز الوظيفي، وإلهام المتميزين نحو تحقيق رؤية المنظمة، باستثارة مواهبهم وقدراتهم الإبداعية.

• Language: العربية
• Publisher: Austin Macauley Publishers
• Release date: Nov 29, 2023
• ISBN: 9789948772057

د. منى جواد سلمان

عن المؤلف خبير التميز والتطوير المؤسسي. مركز المعالي للاستشارات والدارسات الإدارية الشارقة – الإمارات العربية المتحدة. الجوائز والإنجازات الجوائز العلمية والأكاديمية: 2022: جائزة المستشارة الملكية للتفوق الأكاديمي في الدراسات العليا Chancellor’s Award – جامعة USIM. 2022: جائزة التفوق لكلية القيادة والإدارة في البحوث Faculty Award (Doctor of Philosophy) – جامعة USIM. 2021: جائزة البحث العلمي – أكاديمية العلوم الشرطية في الشارقة – اجتياز المنافسات النهائية. 2020: جائزة أفضل عرض ورقة بحثية ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الثالث لريادة الأعمال (IBMC 2020). تميّز الأداء الفردي: 2023: جائزة المرأة العربية الملهمة في المجال الاقتصادي وريادة الأعمال. 2011: جائزة شمسة بن سهيل للنساء المبدعات (في المجال التربوي). 2010: اجتياز منافسات جائزة الإمارات للأداء الحكومي المتميز – فئة أوسمة رئيس مجلس الوزراء (مجال الوظائف التخصصية على مستوى وزارة التربية والتعليم). 2008: جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز كأفضل منسق لفعاليات الدورة العاشرة. 2008: الجائزة الفضية في مجال الفن الرقمي بسلطنة عمان. 2007: جائزة الشارقة للعمل التطوعي – فئة الأفراد. 2004: جائزة مواطنون على دروب التميز – جمعية أم المؤمنين بعجمان. 2002: جائزة أفضل مشروع إلكتروني – مسابقة تحديات تكنولوجيا المعلومات التربوية. أبوظبي. 1999: جائزة يوم العلم السابع عشر – فئة الاختصاصي الاجتماعي المتميز – جمعية أم المؤمنين النسائية. 1999: جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز – فئة الاختصاصي الاجتماعي المتميز – الدورة الثانية. الجوائز ضمن فِرَق العمل: 2012: جائزة فرسان التواصل/ وزارة التربية والتعليم – فئة أفضل منطقة تعليمية في تفعيل نظام المقترحات. 2013 – 2014: جائزة الشارقة للتفوق والتميز التربوي – أفضل منطقة تعليمية. 2010: جائزة وزارة الثقافة وتنمية المجتمع، في تفعيل اليوم الوطني بمنطقة عجمان التعليمية  - فئة أفضل فريق عمل. 2002: جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز – فئة أفضل مشروع مطبق بمدرسة رقية للتعليم الثانوي. الجوائز الأدبيّة: 2006: جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم – المركز الثاني فئة القصة القصيرة: (اخترته واخترتُ السيّدا). 1999: المركز الثاني في برنامج ومسابقة مسرح الأطفال – وزارة التربية والتعليم: (مسرحية عاقبة الغرور). الكتب والإصدارات المنشورة 2018: الحوكمة في ضوء نماذج التميّز المؤسسي – منظومة الجيل الرابع أنموذجًا. 2013: الاحتراف في التوثيق الإلكتروني/ دليل المتميزين في إعداد وتصميم ملف الإنجاز المهني إلكترونيًا. 2006: كتاب التوثيق/ دليل المتميزين في توثيق الأداء المهني المقدم للجوائز التربوية. 2005: الإذاعة المدرسية على ضوء الاختصاصية الاجتماعية، توظيف الإذاعة المدرسية في علاج الظواهر والمشكلات الطلابية. 2004: أوراق من ملفات سرية، مجموعة قصص قصيرة. 2004: كتيب صرخة من عالم المنتديات الإلكترونية.

Book preview

Screenshot_1

Austin Macauley Publishers

القيادة الملهمة وصناعة التميّز الوظيفي

القيادة الملهمة وصناعة التميّز الوظيفي

الإهــــداء

© حقوق النشر

المقدمة

الفــصل الأولمدخل إلى التميّز الوظيفي

التميّز الوظيفي في المنظور الإسلامي

التميّز الوظيفي في القطاع الحكومي

ممارسات الموظف المتميز

المعايير العالمية للتميز الوظيفي

جوائز التميّز الوظيفي في القطاع الحكومي بدولة الإمارات العربية المتحدة

دراسات في جوائز التميّز الوظيفي

الفــصل الثانيالقيادة والقيادة الملهِمة

القيادة

القيادة الإدارية العربية الإسلامية

القيادة الملهِمة

أنموذج الإمارات للقيادة الحكومية

أبعاد القيادة الملهِمة في أنموذج الإمارات للقيادة الحكومية

دراسات فيالقيادة والقيادة الملهِمة

الفصل الثالثدافعية الإنجازوتحقيق الذات

الدوافع والحاجات

الدافعية والإنجاز وتحقيق الذات

العوامل المؤثرة في رفع دوافع الإنجاز

السمات الشخصية لذوي دوافع الإنجاز المرتفعة

دراسات في دافعية الإنجاز وتحقيق الذات

الفصل الرابعالنظريات العلمية وتأثيرها في القيادة الملهِمةوالتميّز الوظيفي

نظرية الإدارة العلمية

النظرية السلوكية

نظريةالعلاقات الإنسانية

نظرية دافعية الإنجاز وتحقيق الذات

نظرية القيادة التحويلية

نظرية القيادة الإدارية هيرش وبلانشارد

نظرية التميّز الوظيفي لتوم بيترز

نظرية إدارة الجودة الشاملة لـ ويليام إدوارد ديمينج

نظرية الصفر العيب لـ فيليب كروسبي

التحليل التوافقي والنقدي بين النظريات العلمية

الفصل الخامسعلاقة القائد الملهِم بصناعة التميّز الوظيفي

العلاقة بين القيادة الملهِمة والتميّز الوظيفي

القائد الملهِم صانع التميّز الوظيفي

العوامل المؤثرة في تحقيق القيادة الملهِمة

متىيحقق القائد الملهِم أقصى درجات التميّز مع الموظفين

خصائص القائد الملهِم في المؤسسات الحكومية

أهمية وجود القائد الملهِم في المؤسسات الحكومية

دراسات في العلاقة بين القيادة الملهِمة والتميّز الوظيفي

الخاتمة

قائمة المصادر والمراجع

أولًا: المراجع العربية

ثانيًا: المراجع الأجنبية

ثالثًا: مواقع الإنترنت

القيادة الملهمة وصناعة التميّز الوظيفي

د. منى جواد سلمان

الإهــــداء

الحَمْدُ لله الّذي ما تم من جهدٍ، ولا خُتم من سعيٍ إلاّ بفضلهِ، وما تخطى العبدُ من عقباتٍ إلا بتوفيقه. اللهم لك الحَمْدُ حمدًا طيبًا مباركًا فيه. أحْمدُ الله وأشكرهُ على إتمامِ هذا العملِ المتواضعِ، الذي حُصِد محْتواه بشغفٍ في مجالِ دعمِ التميّز الوظيفي وتطوير مهاراتِ القياداتِ الحكومية، وتسليطِ الضوءِ على أثر القيادةِ الملهِمة.

أهدى ثمرة جهدي وثوابه إلى روح والديّ الجليلين – رحمهما الله وغفر لهما- وإلى كل من وثق بي وبقدراتي، وأحبني بصدق وإخلاص. وأخص بالإهداء: زوجي الغالي، وأبنائي وأحفادي الأعزاء، وشقيقاتي الحبيبات.

© حقوق النشر

د. منى جواد سلمان2023

يمتلك د. منى جواد سلمان الحق كمؤلف لهذا العمل، وفقًا للقانون الاتحادي رقم (7) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة 2002 م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

جميع الحقوق محفوظة

لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأي وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.

أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.

الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948772040 (غلاف ورقي)

الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948772057 (كتاب إلكتروني)

رقم الطلب: MC-10-01-6786717

التصنيف العمري: E

تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقًا لنظام التصنيف العمري الصادر عن وزارة الثقافة والشباب.

الطبعة الأولى: 2023

أوستن ماكولي للنشر م. م. ح

مدينة الشارقة للنشر

صندوق بريد [519201]

الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

www.austinmacauley.ae

202 95 655 971+

المقدمة

يشهد العالم تحولًا جذريًا تجاه الاهتمام بمواهب الموارد البشرية وقدراتها، جنبًا إلى جنب مع الاهتمام بالتكنولوجيا والتقنية الحديثة، لتطوير مجالات الحياة، حيث يمثل العنصر البشري ركيزة أساسية للنهوض والتقدم والنمو الاقتصادي لأيّ دولة، والمحرك الأول والأقوى لتطويع التكنولوجيا في خدمة المجتمع. وإن الاهتمام بالتطور التكنولوجي أصبح يوازي الاهتمام بالعنصر البشري، وعكسِهما صحيح، فالتكنولوجيا والعنصر البشري وجهان لعملة التقدم. وقد وصفها شواب؛ الرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، في كتابه: (الثورة الصناعية الرابعة)، بـ أرض المعركة ما بين التكنولوجيا والإنسان، فبقدر ما تغزو التكنولوجيا العالم بوتيرة سريعة؛ تُـقدم قدرات فذة تواكب ذلك التقدم.

إن الاهتمام العالمي بتنمية قدرات الموارد البشرية، وتوجيه طاقاتها نحو الإبداع والابتكار، والأداء المتميز المتقَن؛ وجَّه الحكومات المتقدمة إلى وضع استراتيجيات التحول في التعامل مع القدرات المتميزة؛ كونها تمثل رأس المال البشري والإرث الحقيقي لأي مؤسسة. حيث إن الاستثمار في الموارد البشرية يعبر عن النجاح المستدام لأي دولة متقدمة، ويشكل مسارها في استشراف مستقبل بناء يعتمد على كوادرها المحلية. وفي الوقت الراهن يُنْظَر للموارد البشرية على أنها الأصول الأكثر قيمة للمؤسسة. وقد شكلت جمعية الإدارة العامة الدولية للموارد البشرية فريق عمل في يناير 2016م لرصد الجهود الحثيثة، والتحديات التي تواجه الموارد البشرية تحت عنوان: (الموارد البشرية وآفاق التحول 2020م: رؤية حول الموارد البشرية في القطاع العام)؛ بهدف رسم إطار لمساعدة خبراء الموارد البشرية في القطاع الحكومي للمضي نحو مستقبل مشرق. وتترامى الجهود مع ما أصدرته مجموعة بوسطن الاستشارية في تقريرها لعام 2016م حول أهمية نهوض الحكومات لإجراء تحسينات جذرية على الأداء الحكومي من خلال رعاية الفئات المتميزة، والاهتمام بقدرات الموظفين والقيادات ومواهبهم، بوصفهم المرتكزات الأولى للنهوض بالمؤسسات الحكومية.

انسجامًا مع التوجهات العالمية نحو تنمية قدرات الموارد البشرية، اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة سُبل رعاية المتميزين، وتعزيز قدرات العاملين في القطاع الحكومي، وذلك بسنِّ تشريعات وسياسات داعمة ومحفزة لبيئة التميّز الوظيفي، وإطلاق جملة من المبادرات الحيوية التي تصب أهدافها في أفضل استثمار للموارد البشرية. كذلك شرعت بصياغة استراتيجية الموارد البشرية للحكومة الاتحادية، وتحديد هدف إستراتيجي لتعزيز القدرات وتطويرها بما يوجه الدولة نحو التنافسية العالمية. كما تحرص حكومة الإمارات على توجيه الجهود نحو بناء القدرات القيادية ورعايتها وصقلها، لتكون رافدًا يعكس توجهات الحكومة، ويسهم في تمكين التميّز الوظيفي، وقد أطلقت في 2015م أنموذج قائد القرن الـ 21، وطورته إلى أنموذج الإمارات للقيادة الحكومية في 2018م الذي يمثل الأنموذج الأول من نوعه على مستوى العالم لبناء قدرات القيادات الحكومية، ويتضمن ثلاثة مبادئ رئيسة لممارسات القيادة: النظرة المستقبلية، والروح القيادية، والإنجاز والتأثير. وفي ذات السياق تسعى برامج التميّز الحكومي في العديد من الجهات والهيئات الرسمية في الدولة إلى تعزيز قدرات التميّز الوظيفي للقيادات التنفيذية والعاملين في القطاع الحكومي، بتطوير برامج وجوائز التميّز الوظيفي والمؤسسي، بما يعكس توجهات الدولة، ويوسع فرص التكريم والتقدير لجميع المتميزين في الدولة.

في مقولة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي، في وسم علمتني الحياة، عبر حسابه على تويتر: إن الإرث الحقيقي لأي قائد في أي مؤسسة هو صناعة الرجال. ووردت في مقولة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة: إن بناء المستقبل مرهون ببناء الإنسان، والقوة البشرية تشكل أهم العوامل المؤثرة في تقدم الدول، وبناء الإنسان هو حجر الأساس في التنمية. بما يشير إلى أهمية بناء القدرات القيادية في الحكومات، لتعكس آثارها الإيجابية على صناعة التميّز الوظيفي في المؤسسات، حيث أصبح من أبرز الضروريات أن ينظر الفرد لذاته كقائد في عمله ومؤسسته. وفي هذا السياق، يمكن تفسير الإجابة الشهيرة لـلقائد العسكري نابليون بونابرت عندما سُئل: كيف استطعت أن تولد الثقة في جيشك؟ فأجاب: كنت أرد بثلاث على ثلاث، من قال: لا أقدر، قلت له: حَاوِل، ومن قال: لا أعرف، قلت له: تَعَلَّم، ومن قال: مستحيل، قلت له: جَرِّب.

مِن ذلك المنطلق، تنظر الحكومات المتقدمة بعين الاهتمام للأفراد المتميزين، والموهوبين ذوي القدرات الاستثنائية لمواجهة وتيرة التقدم والبقاء في ساحة المنافسة بذكاء؛ ذلك أن الموارد البشرية تُعدُّ المحور الرئيس لأي تغير وتطور في مناحي الحياة. وبالتالي فإنَّ التوجهات العالمية نحو الاهتمام بقدرات الموارد البشرية، ورعاية تميزها يتضاعف يومًا بعد يوم، ويتسع نطاقه على المستوى العالمي، وإن قصص نجاح المؤسسات الرائدة، والمنظمات التي أولت اهتمامها بالعاملين وحجم المكاسب التي حققها أصبحت مرجعية لكل من يطمح إلى النجاح، واستدامة النتائج الباهرة، من مثل: (جوجل وتويتر وأمازون) وغيرها من المؤسسات العملاقة؛ وذلك لاعتمادها على تقدير مواهب الموظفين المتميزين وقدراتهم، وتمكينهم بأفضل الوسائل. وفي حين كانت القطاعات العالمية تنظر إلى قدرات الموظفين ومواهبهم وتميز أدائهم بنظرة الفطرة الموروثة، باتت النظرة مغايرة بعد أن أثبتت الدراسات والأبحاث أن القدرات والسمات الإيجابية والابتكارية يمكن أن تُكْتَسب، وهي مرهونة بمدى رعايتها والاهتمام بها. وإن النظريات العلمية التي نادت بموروثية الصفات، كنظرية الرجل العظيم، تلاشت مع ظهور النظرية العلمية الحديثة التي تؤكد قدرة الإنسان على التحول، واكتساب المهارات الجديدة.

وانسجامًا مع منظومة التناغم الوظيفي والتميّز المستدام، أطلقت بعض المؤسسات الحكومية والمحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة برامج التنافس الداخلي بين الموظفين المتميزين في مؤسسات القطاع الحكومي، عبر تأسيس جوائز التميّز الوظيفي؛ وذلك تقديرًا للإنجازات الشخصية، وتعزيزًا للجهود المبذولة من مختلف فئات المتميزين وظيفيًّا في الدولة. كما اهتمت الدولة بتأهيل صفوف القيادات العليا والتنفيذية، وبناء قيادات الصف الثاني والثالث؛ لضمان بيئة مهنية ملهمة للتميز والإبداع والابتكار، فدشنت برنامج قيادات حكومة دولة الإمارات عام 2008م، وأطْلقت ملامح استراتيجية حكومة الإمارات 2011/2013 في سبعة مُمَكِّنات تصدرت بالمـُمَكِّن: موارد بشرية مؤهلة، وذلك من خلال التمكين والاستثمار في الموارد البشرية، وبناء القدرات، وتطوير القيادات لتحقيق رؤيتها في أن تكون من أفضل دول العالم بحلول عام 2021م. وانتهجت الحكومات المحلية في دولة الإمارات نهج الحكومة الاتحادية في تدشين برامج صناعة القيادات؛ فأصبح في كل إمارة برنامج مخصص لصقل مهارات القيادات وتعزيزها، نحو فهم سلوك القائد الملهِم في بيئة العمل الحكومي، وتطبيق أساليب دعم الموظفين وتحفيزهم للنجاح الوظيفي، الذي يؤدي بدوره إلى التميّز المؤسسي المستدام.

وفقًا لهذا الاهتمام في بناء القيادات الحكومية وإطلاق برامج التميّز الوظيفي في القطاع الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحجم البرامج والمبادرات التمكينية التي تطلقها الحكومة والمؤسسات المجتمعية لتعزيز جهود المتميزين؛ يأتي هذا الكتاب ليسلط الضوء على أدوار القيادات الحكومية، وتحديدًا فئة القيادات الملهِمة، وأثرها في صناعة التميّز الوظيفي ودعم المتميزين للمشاركة في منافسات التميّز الوظيفي والجوائز المطروحة في الساحة المهنية.

ينقسم الكتاب إلى خمسة فصول، يتناول الفصل الأول المدخل إلى التميّز الوظيفي، والتميّز من المنظور الإسلامي، ثم ينتقل إلى عرض التميّز الوظيفي في القطاع الحكومي، وكيف تتكون ممارسات الموظف المتميز في المؤسسات الحكومية، والعوامل المؤثرة في تميزه، تم يستعرض نبذة عن عدد من جوائز التميّز الوظيفي في القطاع الحكومي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويختتم الفصل الأول بعرض الدراسات والأبحاث التي تناولت التميّز الوظيفي.

يتناول الفصل الثاني القيادة والقيادة الملهِمة: مكوناتها، وأشكالها، وأنواع التداخلات بين القيادة والإدارة. ويستعرض بإيجاز سلسلة القيادة الإدارية العربية الإسلامية عبر التاريخ، ثم يستعرض القيادة الملهِمة، وأنماط القيادة المرتبطة بها، والخصائص المشتركة لنمط القائد الملهِم. كما يطرح عرضًا مميزًا لأنموذج الإمارات للقيادة الحكومية، وأبعاده، ويختتم الفصل بعرض الدراسات والأبحاث التي تناولت القيادة والقيادة الملهِمة.

يتناول الفصل الثالث دافعية الإنجاز وتحقيق الذات، كونها محركًا داخليًا رئيسًا لنجاح أدوار القيادات الحكومية في تعزيز جهود الموظفين في المؤسسات ودفعهم نحو تحقيق ذواتهم المهنية. يبدأ الفصل باستعراض مفهوم الدوافع والحاجات، وكيف ظهرت نظريات تفسير سلوك الإنسان وسماته الشخصية التي تعكس الرضا الوظيفي، وما يترتب عليه من زيادة الإنتاجية، كما يتناول تصنيف الحاجات والدوافع، والعوامل المؤثرة في رفع دوافع الإنجاز والسمات الشخصية لذوي دوافع الإنجاز المرتفعة، ويختتم الفصل بعرض الدراسات والأبحاث التي تناولت دافعية الإنجاز وتحقيق الذات.

أما الفصل الرابع، فقد انفرد باستعراض أهم النظريات العلمية المؤثرة في سلوك القائد الملهِم، وتعزيز أدواره في صناعة التميّز الوظيفي: نظرية الإدارة العلمية، والنظرية السلوكية، ونظرية العلاقات الإنسانية، ونظرية دافعية الإنجاز وتحقيق الذات، ونظرية القيادة التحويلية، ونظرية القيادة الإدارية، ونظرية التميّز الوظيفي، ونظرية الجودة الشاملة وإدارة الجودة الشاملة. كما يتناول الفصل نشأة النظريات، مفهومها، أهميتها العلمية، والنقد الموجه لكل نظرية، ويختتم بعرض تحليلي توافقي، ثم نقدي بين النظريات العلمية.

الفصل الخامس والأخير، يمثل فصلًا تحليليًا للعلاقة بين القائد الملهِم وتأثيره في صناعة التميّز الوظيفي. إذ يبدأ بعرض العلاقة، والعوامل المؤثرة فيها، ومتى يحقق القائد الملهِم أقصى درجات تميز موظفيه، وأهمية وجود القيادات الملهِمة في المؤسسات الحكومية لتطوير الموظفين، وإدارة التغيير، وتعزيز الإبداع والابتكار، وتوفير بيئة عمل ملائمة للتميز والإنجاز، كما يستعرض خصائص القائد الملهِم في المؤسسات الحكومية، ويختتم بعرض الدراسات والأبحاث التي تناولت العلاقة بين القيادة الملهِمة والتميّز الوظيفي.

نسأل الله العلي القدير، أن يكون محتوى هذا الكتاب إضافة نوعية للمكتبة العربية في مجال القيادة الملهِمة وأثرها في صناعة التميّز الوظيفي، وأن يخدم الباحثين والأكاديميين، وشريحة القيادات والموظفين المتميزين الذين يصْبون إلى توجيه طاقاتهم نحو الإبداع والابتكار، لتحقيق الأداء المتميز.

المؤلفة

د. منى جواد سلمان

الفــصل الأول

مدخل إلى التميّز الوظيفي

حظي مفهوم الموارد البشرية باهتمام الباحثين وخبراء الاقتصاد في العلوم الإدارية في الفكر الحديث، وذلك مع تطور نظرية الإدارة العلمية لفريدريك تايلور (1856-1915)، الذي وجه الاهتمام نحو ثورة فكرية جديدة وفلسفة إدارية تنادي بالتغيير الشامل في مفهوم الإدارة بوصفها علاقات تفاعلية مترابطة ومتداخلة بين العاملين والمؤسسة، تعتمد في نجاحها على العنصر البشري. وقد ربطت التايلورية كفاءة الأداء ورفع الإنتاجية المؤسسية مقابل المغريات والمحفزات؛ لذا فجّرَت أسلوبًا إداريًا جديدًا في التعامل التحفيزي مع العاملين في المؤسسات. وأفرزت هذه الأفكار سلسلة من التطورات في المجال الإداري، وحفزت الباحثين والخبراء وعلماء الاقتصاد على المزيد من الدراسات حول تأثير تقدير وتحفيز الموارد البشرية في رفع الإنتاجية، وتحقيق التميّز الوظيفي والمؤسسي. ويُعَدُّ ويليام إدوارد ديمنغ (1993-1900) من أبرز أنصار هذا الفكر الحديث، حيث أدرك ديمنغ أن الموظفين هم وحدهم الذين يتحكمون بالفعل في عملية الإنتاج ونجاح المؤسسة، ويجب أن يتصدروا محور اهتمام القيادات المؤسسية. وانطلاقًا من ذلك المبدأ بدأ اهتمام الباحثين بسلوك الموظفين المتميزين وممارساتهم، وبمفاهيم القيادة وسماتها وأنماطها نظرًا للتأثير البالغ لسلوك القيادات على فئة التابعين والمرؤوسين عند استثارة قدراتهم، وتميزهم في الأداء الوظيفي وصولًا إلى التميّز المؤسسي. إذ يتوقف تقدم المنظمات أو فشلها على مدى النجاح الذي يحققه القائد في ممارساته مع الموارد البشرية، واحترام آرائهم، ورفع دوافعهم نحو العمل، وحشد الجهود نحو الأداء والإنجاز، ومدى إتقانه لمختلف الأنماط القيادية عند التعامل مع المرؤوسين في مختلف المواقف والظروف وبمهارة وفعالية.

إن من أبرز الأنماط القيادية التي أفرزتها الإدارة الحديثة، والتي يمكن وصفها بأنها العلامة الفارقة في سلوكيات القيادات هي نمط القيادة الملهِمة. حيث تمثل مزيجًا من الأنماط القيادية في نمطٍ واحدٍ، ويتميز فيه القائد بقدرته على إلهام المرؤوسين نحو تحقيق رؤية المنظمة باستثارة مهاراتهم وقدراتهم. وقد تعددت تعريفات الباحثين والعلماء للقيادة الملهِمة، وتتمحور أغلبها في السلوك الاستثنائي للقائد في فهم الأتباع وتقديرهم، وامتلاك التأثير الذاتي لتحويل المرؤوسين إلى أتباع راغبين في قيادته بطواعية، بتعزيز