Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التفكير الجانبي
التفكير الجانبي
التفكير الجانبي
Ebook546 pages3 hours

التفكير الجانبي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تظهر فائدة التفكير الجانبي واضحة عندما يعجز التفكير المنطقي عن ايجاد حلول للمشاكل , فرعم ان التفكير المنطقي يملك كفاءة عالية في تطوير الافكار لكنه ضعيف جدا في خلق الافكار الجديدة , و السبب انه يأخذ الحل ذو الاحتمال الاعلى فقط في الحسبان و يهتم بصحة جميع المراحل المتتالية حيث تكون كل فكرة مستنتجة من سابقتها عكس التفكير الجانبي الذي يأخذ في الاعتبار جميع الاحتمالات و يهتم بالنتيجة و ليس المراحل
هذا النوع من التفكير يمارسه بعض الناس اكثر من غيرهم لكنه ليس حكرا عليهم بل هو عادة يمكن التدرب عليها و اكتسابها من طرف اي انسان و ذلك بتطبيق هذه المبادئ البسيطة
تمييز الافكار السائدة المستقطبة ,,, البحث عن رؤيةجديدة للاشياء ,, التخلص من السيطرة المتزمتة للتفكير العمودي .....الاستفادة من الصدفة
السبب في عدم وجود الكثير من الافكار الجديدة هو انها لا تصمد كثيرا امام النقد لانها لم تختبر بعد و لانها خارج التصنيف و التفسير , الامر الذي يخاف منه الصحاب التفكير العمودي , لكن حالما تنجح احدى الافكار الناتجة عن التفكير الجانبي حتى يسارعون الى ايجاد التفسير المنطقي الدقيق لها و لا يعترفون بدور التفكير الجانبي
في المرة القادمة التي تواجه فيها مشكلة عويصة و لا تستطيع ايجاد حل لها حول تركيزك نحو قضية اخرى ليس لها علاقة بالمسالة الاساسية , اضف عوامل خارجية و اخلق مناخا للصدفة فلها دور اساسي في الفكار الجديدة
يعطي لنا الكاتب الكثير من الامثلة و القصص من الحياة اليومية و من اكتشافات العلماء
مثل فيزياء اينشتاين و اختراعات ايديسون و ماركوني و غيرها الكثير
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2020
ISBN9789771459347
التفكير الجانبي

Read more from إدوارد دي بونو

Related to التفكير الجانبي

Related ebooks

Reviews for التفكير الجانبي

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التفكير الجانبي - إدوارد دي بونو

    مقدمة المترجم

    الآن - وبعد مرور خمسةَ عشرَ عامًا على صدور أول طبعة من النسخة العربية لكتاب: «قبعات التفكير الست»؛ للدكتور إدوارد دي بونو، أحد أبرز رواد تعليم التفكير بالعالم - يحق للمرء أن يشعر بالرضا والسرور، وأن يحمد الله على فضله ونعَمِه وتيسيره للأمور، إذ لولاه لما ظهر هذا المشروع الثقافي للنور. فالبدايات لم تكن أبدًا سهلة ... أراها الآن تطوف بالذهن من جديد، عندما تلقيت من والدي، رحمه الله، الخيط الأول الذي سرت وراءَه - وكان ذلك عندما لفت نظري لبرنامج تليفزيوني كان يظهر به الأستاذ/ راجي عنايت، وكان يتحدث عن التفكير ونظرياته وآلياته، وجاء في حديثه ذكر د.دي بونو وما قدمه من مؤلفات في ذلك الإطار. كانت تلك أول مرة أسمع بذلك الاسم، بل وأول مرة أعرف أساسًا أن للتفكير مؤلفات غربية تتحدث عن تحسينه أو تطويره لدى عامة الناس كمهارة يمكن للجميع التدرب عليها، لا مجرد هبة ربانية أنعم الله بها على بعض البشر فقط.

    وكان وقع كلام أبي عليَّ مؤثرًا للغاية، وأحسست بالفعل أنني وجدت ضالتي، ولم تكن شبكة الإنترنت وقتها قد انتشرت بعد في كل الربوع كما هي الآن، ولم يكن التسوق الإلكتروني قد استتب له الأمر بعد كما هو الآن، لم أستطع الحصول وقتها على نسخ أجنبية لأعمال د.دي بونو في مصر، فسعيت لجلبها من الخارج عن طريق قريبة لي تعمل مضيفة طيران، وعكفت على قراءة كل ما تيسر لي الوصول إليه من مؤلفات د.دي بونو، وزاد اقتناعي مع الوقت بأن المكتبة العربية بالفعل تفتقر لمؤلفات هذا الرجل. وجدتني - لفرط حماستي - أفكر كيف يمكنني أن أُسهِم في علاج هذا الافتقار بشكل إيجابي، فوقع اختياري على كتاب قبعات التفكير الست؛ ليكون هو أول كتاب أقوم بترجمته من ضمن كتب د.دي بونو المتعددة، وبعد انتهاء الترجمة بدأت رحلة البحث عن ناشر يؤمن بالفكرة والمشروع وأستطيع أن أطمئن أن العمل سيظهر على يديه في أبهى صورة وأفضل مظهر.

    وبعد طول بحث وتنقيب اهتديت لدار نهضة مصر للطباعة والنشر، تلك الدار الرائدة التي أزعم أن لها فضلًا كبيرًا في بناء عقل جيلي وأجيال أخرى كثيرة من خلال ما قدَّمته للمكتبة العربية من نتاج تعليمي وثقافي ثري لا يُستهان به كمًّا أو نوعًا.

    ومع توالي طبعات الكتاب على مدى ما يقرب من عَقْد ونصف من الزمان، يستطيع المرء اليوم أن يقول باطمئنان إن توفيق الله كان حليفه فعلًا سواء في اختيار المُؤلِّف أو اختيار الكتاب، ويستطيع المرء أيضًا أن يسعد بما لاقاه الكتاب من إقبال من القارئ العربي، حتى إن مفاهيم وأفكار الكتاب بدأت مع الوقت تنتشر بعناوين مقالات كبار الكتاب بالصحف والمجلات، مما كان دافعًا لي ولدار النشر لأن نوالي اليوم من جديد إصدار المزيد من أعمال د.دي بونو، التي من بينها ذلك الكتاب الذي بين يديك الآن عزيزي القارئ، والذي ندعو الله أن يسهم كسابقه في صقل مهاراتك الفكرية وتنمية قدراتك الذهنية.

    ونحن على العهد معك - عزيزي القارئ - في اتباع نفس أسلوب الترجمة الذي ننتهجه منذ بدأنا، ذلك الأسلوب الذي لا يقف عند حدود الترجمة الحرفية القاموسية للفظ الأجنبي لفظًا بلفظ (ذلك الأسلوب الذي لن يقدم إلا نتاجًا هزيلًا ركيكًا وغير مفهوم) - بل يتعدى ذلك لفكرة نقل مفاهيم وأفكار الكتاب من اللغة والثقافة الغربية للغة والثقافة العربية بأسلوب سهل مبسط سلس، يناسب ذائقة القارئ العربي ويعالج ما قد يراه - من وجهة نظره - من سمات قد لا تروق له في صياغة النصوص الأجنبية بشكل عام من تشتت وعدم تماسك في الجمل والأفكار (الأسلوب التلغرافي في التعبير)، واختزال ورمزية زائدة في الألفاظ؛ لذلك لم نبخل أبدًا خلال الترجمة بالتدخل قدر المستطاع لدعم النص الأجنبي - إذا لزم الأمر - بتبويب أفضل للفصول، أو بتجميع أفضل للجمل في فقرات، أو بترتيب أفضل للفقرات مع وضع عناوين فرعية لها تبلور مدلولها، أو بإضافة هوامش معرفية إثرائية، أو بإضافة عبارات شارحة بين أقواس معقوفة - [] - أو بإضافة رسومات توضيحية ... إلى آخر كل تلك الأدوات من أدوات التيسير والتوضيح والتصرف. وكل هذا بالطبع مع كامل الاحتفاظ بأفكار ومفاهيم الكتاب سليمة من التحريف أو التشويه أثناء عملية النقل.

    والله نسأل في النهاية أن يجعل كل ذلك المجهود يصب في مصلحة تقديم كتاب مفيد وواضح للقارئ العربي، وأن يعيننا على أن نلتقي به مجددًا من خلال كتاب آخر من كتب د.دي بونو القيمة.

    د. شريف محسن محمود

    تصدير

    هذا الكتاب يمكن استخدامه بالمنزل أو بالمدرسة؛ وفي المناهج الدراسية ينصب التركيز تقليديًّا طوال الوقت على تَعلُّم التفكير الرأسي، وهو أسلوب فعال ولكنه لا يكفي وحده، فهذا النوع من التفكير الانتقائي يحتاج إلى أن تُضاف إليه الصفات الخلاقة للتفكير الإبداعي ليصبح مكتمل الأركان. وهذا قد بدأ يحدث بالفعل في بعض المدارس، ولكن مع هذا يجري دومًا معاملة الإبداع على أنه شيء مرغوب فيه لا يتحقق إلا عن طريق الحث عليه بأسلوب غير مباشر. فلا توجد إجراءات قصدية مُتعمَّدة عملية لتحقيقه. وهذا الكتاب يدور حول التفكير الجانبي الذي يُقصد به عملية استخــدام المعلومات لتحقيق الإبداع وإعادة هيكلة الاستبصار(1). يمكن تعلم التفكير الجانبي، كما يمكن ممارسته واستخدامه. فيمكن اكتساب مهاراته تمامًا مثلما يمكنك اكتساب المهارات في مجال الرياضيات.

    سيكون هذا الكتاب مفيدًا للمعلمين الذين يبحثون عن طريقة عملية للتعامل مع هذا النوع من التفكير الذي تتزايد أهميته.

    والكتاب يقدم فرصًا نظامية لممارسة التفكير الجانبي، وكذلك يقدم شرحًا للعمليات التي يشتمل عليها. ويستطيع المعلم استخدام هذا الكتاب للاستفادة منه شخصيًّا أو - الأفضل من ذلك - كأساس للتدريس داخل الفصل.

    وبما أن مسألة إدخال الإبداع العملي في التعليم المدرسي على نطاق واسع قد تأخذ بعض الوقت لتصير واقعًا، فقد لا يرغب الآباء والأمهات في انتظار حدوث هذا. فقد يفضلون تعزيز عمل المدرسة ببعض الإرشادات المنزلية عن التفكير الجانبي.

    من المؤكد أنه لا يوجد تعارض بين نوعي التفكير، فكلاهما ضروري. فالتفكير الرأسي مفيد إلى حد كبير، ولكن قد يحتاج المرء إلى تعزيز فائدته بإضافة عنصر الإبداع إليه للتخفيف من جموده. وهذا قد يتحقق في النهاية في المدارس، ولكن حتى يحين هذا الوقت قد يكون من الضروري فعل هذا داخل المنزل.

    وليس من المفترض أن تتم قراءة هذا الكتاب في جلسة واحدة، ولكن يجب تصفحه ببطء، ربما على مدى شهور أو حتى سنين. ولهذا السبب سنجد أن كثيرًا من المبادئ فيه تتكرر بين الحين والآخر على مدى الكتاب، وهذا بغرض تماسك مادته وعدم تجزئتها لمجرد طرق أو آليات مبعثرة هنا وهناك.

    وأخيرًا، عند استخدام هذا الكتاب من المهم أن تتذكر أن التدريب العملي أهم بكثير من مجرد فهم عملية التفكير في حد ذاتها.

    (1) سيُكرر المؤلف استخدام تلك الكلمة كثيرًا في الكتاب فيما بعد، لذا فلا بد من الوقوف من الآن على تحديد مقصوده منها بالضبط، والمعروف أن «الإبصار» هو: «الرؤية» الحسية بالعين، ويقابله «الاستبصار» وهو: «الرؤية» المعنوية بالعقل، ويقصد به المؤلف الإشارة لعملية: «الإدراك» أو «الفهم» [المترجم].

    تمهيـــد

    يرتبط التفكير الجانبي ارتباطًا وثيقًا بكل من الاستبصار والإبداع وروح الدعابة. إن هذه العمليات الأربع لها الأساس نفسه، ولكن في حين أن كلًّا من الاستبصار والإبداع وروح الدعابة تأتي للإنسان كمنح فطرية، فإن التفكير الجانبي هو عملية إرادية مُتعمَّدة [يمكنك اكتسابها بالتدريب]. إنها طريقة متعمدة لاستخدام العقل تمامًا كالتفكير المنطقي، إلا أنها طريقة مختلفة تمامًا.

    تهتم الثقافة بإرساء الأفكار في المجتمع، في حين يهتم التعليم بتوصيل تلك الأفكار الراسخة. وكلاهما يُعنى بتحسين هذه الأفكار وتحديثها، والطريقة الوحيدة المتاحة لتغيير الأفكار تكون عن طريق الصدام، والذي قد يحدث بطريقتين:

    الطريقة الأولى: من خلال مواجهة مباشرة بين الأفكار المتعارضة؛ فتكون لإحدى الفكرتين السيادة من الناحية العملية على الفكرة الأخرى، التي تُكبح ولكنها لا تتغير.

    الطريقة الثانية: وجود صراع بين الفكرة القديمة ومعلومات جديدة. ويُفترض - نتيجة لهذه المواجهة - أن تتغير الفكرة القديمة.

    وهذه هي طريقة العِلم الذي يسعى دائمًا لتوليد معلومات جديدة لتقويض الأفكار القديمة وخلق أفكار جديدة. إنها ليست مجرد طريقة العلم فحسب بل إنها طريقة المعرفة الإنسانية كلها بشكل عام.

    يعتمد التعليم على الافتراض الآمن أنه على المرء الاضطلاع فقط بجمع المزيد والمزيد من المعلومات، حتى يمكن لهذه المعلومات أن تُصنَّف من تلقاء نفسها في صورة أفكار مفيدة. وقد طورنا أدوات من أجل التعامل مع هذه المعلومات؛ كالرياضيات لزيادة كم تلك المعلومات وتضخيمها والبناء عليها، والتفكير المنطقي لصقل تلك الأفكار.

    إن طريقة التصادم من أجل تغيير الأفكار تصلح بشدة حين يمكن تقييم المعلومات بطريقة موضوعية إلى حد ما. إلا أنها لا تصلح على الإطلاق حين لا يمكن تقييم المعلومات الجديدة إلا من خلال الفكرة القديمة. فبدلًا من تغيير الأفكار القديمة نجد أنها تقوى وتصبح أكثر جمودًا.

    وفي الواقع، إن أكثر الطرق فاعلية لتغيير الأفكار لا تأتي من الخارج من خلال الصراع، بل من الداخل عن طريق إعادة ترتيب المعلومات المتاحة بفعل ما لدى الإنسان من استبصار. فالاستبصار هو الطريقة الوحيدة الفعالة لتغيير الأفكار في موقف من القناعات الخاطئة، لا يمكن فيه تقييم المعلومات بموضوعية. وحتى في الحالات التي يمكن فيها تقييم المعلومات بموضوعية، كما يحدث في مجال العلم، تؤدي عملية إعادة ترتيب المعلومات بناءً على الاستبصار الذاتي، إلى حدوث قفزات تقدمية ضخمة للأمام. فالتعليم لا يُعنى بجمع المعلومات وتحصيلها فقط، بل أيضًا بأفضل الطرق لاستخدامها.

    حين تسبق الأفكار المعلومات - بدلًا من التخلف وراءها - يحدث التقدم سريعًا. إلا أننا، حتى الآن، لم نطور بعد أدوات عملية للتعامل مع الاستبصار [أو الإدراك الذاتي للفرد]. فكل ما نستطيع فعله أن نستمر في جمع المعلومات على أمل أن ينشأ الاستبصار في مرحلة ما. والتفكير الجانبي هو أداة من أدوات الاستبصار.

    إن الاستبصار والإبداع وروح الدعابة جميعها أشياء يتعذر وصفها؛ وذلك لأن عقل الإنسان يعمل بكفاءة بالغة. فالعقل يقوم باستنباط أنماط من البيئة المحيطة به. وبمجرد تشكل هذه الأنماط يُصبح من الممكن التعرف عليها عند تكرارها، والتفاعل معها، واستخدامها للتعامل مع مختلف المواقف بالحياة. ومع توالي استخدام تلك الأنماط تزداد قوةً ورسوخًا.

    ونظام استخدام الأنماط المعرفية طريقة فعالة للغاية في التعامل مع المعلومات المتاحة. وبمجرد ترسيخ هذه الأنماط تشكل نوعًا من الكود للتعامل مع المواقف المختلفة. وميزة نظام الأكواد هذا أنه بدلًا من جمع كل المعلومات المتاحة، يتجه المرء إلى جمع ما يكفي فقط من معلومات لتحديد كود النمط الذي يُستدعى بعدها، تمامًا مثل استدعاء كتب المكتبة في موضوع معين من خلال الرقم المرجعي في فهرس المكتبة.

    ربما من الملائم الحديث عن العقل على أنه آلة لمعالجة المعلومات، ربما مثل جهاز الكمبيوتر. إلا أن العقل ليس آلة، وإنما هو بيئة خاصة تسمح للمعلومات بتنظيم نفسها في صورة أنماط معرفية. ونظام الذاكرة هذا ذاتي التنظيم، وذاتي التوسع، فيتمكن من خلق الأنماط المعرفية بإجادة، وهذا هو سر فاعلية العقل.

    إلا أن هذه الفائدة الكبرى لنظام التنميط تقترن بنواحي قصور معينة. ففي مثل هذا النظام من السهل الدمج بين الأنماط المعرفية المختلفة أو الإضافة إليها، ولكن من الصعب للغاية إعادة هيكلة تلك الأنماط في حد ذاتها، وذلك لأن الأنماط تتحكم في الاهتمام. وينطوي كل من الاستبصار وروح الدعابة على إعادة هيكلة للأنماط المعرفية، وكذلك الإبداع، ولكن مع التأكيد أكثر على ضرورة الهروب بعيدًا عن الأنماط المعرفية المُقيِّدة. والتفكير الجانبي يشتمل على إعادة الهيكلة هذه ومبدأ الهروب، والتحفيز على وضع أنماط جديدة.

    يرتبط التفكير الجانبي ارتباطًا وثيقًا بالإبداع، لكن في حين لا يُعنى الإبداع في الغالب إلا بوصف النتائج، يهتم التفكير الجانبي بوصف العملية في حد ذاتها التي أخرجت هذه النتائج. وهكذا فإن أحدهما لا يهتم إلا بالالتفات إلى النتيجة، أما الآخر فيهتم بتعلم طريقة استخدام العملية. فيكتنف عملية الإبداع غموض الموهبة والأشياء غير الحسية. وهذا قد يكون مبررًا في عالم الفن حيث يشتمل الإبداع على الحس الجمالي، والصدى العاطفي، وهبة القُدرة على التعبير، إلا أنه لا يكون مبررًا خارج هذا العالم. فتزداد قيمة إدخال المزيد من الإبداع كمُكَوِّن أساسي لإحداث التغيير والتقدم. فصارت قيمته تفوق قيمة المعرفة وقيمة الأسلوب الفني بما أنه قد صار من السهل الآن الوصول لهما. وحتى يصبح الإنسان قادرًا على استخدام الإبداع لا بد له أن يخلصه من هالة الغموض هذه، وينظر إليه على أنه طريقة لاستخدام العقل؛ طريقة لمعالجة المعلومات. وهذه هي حقيقة طبيعة التفكير الجانبي.

    يُعنى التفكير الجانبي بتوليد الأفكار الجديدة. ويوجد مفهوم غريب يرى أن الأفكار الجديدة تتعلق فقط بالاختراعات التقنية. وفي الواقع هذا لا يمثِّل إلا جانبًا ضئيلًا من هذه المسألة. فالأفكار الجديدة هي أداة إحداث التغيير والتقدم في كل مجال؛ من العلوم إلى الفنون، ومن السياسة إلى تحقيق السعادة الشخصية.

    يهتم التفكير الجانبي أيضًا بالتحرر من قيود مفاهيم الأفكار القديمة، وهذا يؤدي إلى إحداث تغيرات في توجهات الناس وأسلوب تعاملهم؛ فيؤدي إلى النظر بطريقة مختلفة لأشياء كان يُنظر إليها دائمًا بالطريقة نفسها. إن التحرر من أسر الأفكار القديمة وتحفيز توليد أفكار جديدة هما جانبان متلازمان من جوانب التفكير الجانبي.

    يختلف التفكير الجانبي تمامًا عن التفكير الرأسي الذي يُعتبر الشكل التقليدي للتفكير. ففي التفكير الرأسي يتحرك الفرد للأمام بخطوات متتابعة، وكل خطوة لا بد من تبريرها. لذا ثمة تمييز حاد بين نوعي التفكير؛ فعلى سبيل المثال، في التفكير الجانبي لا يستخدم المرء المعلومات من أجلها في حد ذاتها بل من أجل تأثيرها. وفي التفكير الجانبي قد يجد المرء نفسه مخطئًا في مرحلة معينة، وذلك من أجل الوصول إلى الحل الصحيح. أما في التفكير الرأسي (كما في المنطق أو الرياضيات) قد يكون هذا مستحيلًا. وفي التفكير الجانبي أيضًا قد يسعى المرء بشكل مُتعمَّد للبحث عن معلومات لا علاقة لها بالموضوع الذي هو بصدده، بينما في التفكير الرأسي - على النقيض من ذلك - يختار المرء فقط المعلومات التي لها علاقة بالموضوع الذي هو بصدده.

    وهكذا نرى أنه لا يمكن للتفكير الجانبي أن يحل محل التفكير الرأسي، فكلاهما مطلوبان. إنهما يكملان بعضهما؛ فالتفكير الجانبي توليدي خلاق والتفكير الرأسي انتقائي.

    باستخدام التفكير الرأسي قد يصل المرء لاستنتاج معين من خلال اتباع سلسلة محكمة من الخطوات. وبسبب سلامة هذه الخطوات يغتر المرء بثقته في صحة ذلك الاستنتاج؛ إلا أنه بصرف النظر عن مدى صحة المسار المتبع لا بد أن نلفت النظر هنا إلى أن عملية تحديد نقطة بداية هذا المسار كانت من الأساس معتمدة على انتقاء إدراكي صاغ المفاهيم الأساسية المستخدمة. على سبيل المثال، يميل هذا الانتقاء الإدراكي إلى خلق انقسامات حادة واستخدام استقطاب مبالغ فيه. بعد هذا يتعامل التفكير الرأسي مع المفاهيم الناتجة بهذه الطريقة. لذلك ثمة حاجة للتفكير الجانبي من أجل التعامل مع الانتقاء الإدراكي الذي يكون بعيدًا عن متناول التفكير الرأسي. كذلك يعمل التفكير الجانبي على التخفيف من حدة الزهو بأي استنتاج جامد بصرف النظر عما يبدو من سلامة طريقة الوصول إليه.

    إن التفكير الجانبي يدعم فاعلية التفكير الرأسي، والتفكير الرأسي يطور الأفكار التي يولدها التفكير الجانبي. [ولتقريب الفرق بين طريقتي عمل نوعي التفكير نقول مثلًا] إنك لا تستطيع حفر حفرة في مكان مختلف من خلال زيادة عمق الحفرة نفسها. يُستخدم التفكير الرأسي في زيادة عمق الحفرة نفسها، في حين يستخدم التفكير الجانبي في حفر حفرة جديدة في مكان آخر.

    لقد كان التأكيد على أهمية التفكير الرأسي وحده في الماضي سببًا في زيادة ضرورة تعليم التفكير الجانبي. فالأمر لا يقتصر فحسب على كون التفكير الرأسي وحده لا يكفي لتحقيق التقدم، بل إن وجوده وحده قد يكون أمرًا خطيرًا.

    مثل التفكير المنطقي، يُعتبر التفكير الجانبي طريقة لاستخدام العقل. إنه عادة ذهنية أو توجه ذهني، وثمة طرق وآليات محددة يمكن استخدامها في التفكير الجانبي، تمامًا مثلما توجد آليات وطرق للتفكير المنطقي. وثمة قدر من التركيز في هذا الكتاب على طرق معينة للتفكير الجانبي، وهذا لا يرجع فقط لكونها جزءًا مهمًّا منه، بل لأنها أيضًا آليات عملية.

    إن النية الطيبة والحث لا يكفيان لاكتساب مهارة التفكير الجانبي، بل يحتاج المرء إلى سياق حقيقي يستطيع فيه التدرب على هذه المهارة، وإلى بعض الآليات الملموسة يتدرب باستخدامها. ومن خلال فهم هذه الآليات وإجادة استخدامها يتطور التفكير الجانبي ليصبح توجهًا ذهنيًّا، ويمكن للمرء أيضًا الاستفادة منه عمليًّا.

    إن التفكير الجانبي ليس نظامًا سحريًّا جديدًا، فطوال الوقت كانت ثمة أمثلة على استخدام الناس للتفكير الجانبي من أجل تحقيق بعض النتائج. وكان هناك دائمًا من يتوجه إلى هذا النوع من التفكير فطريًّا، والغرض من هذا الكتاب هو إظهار أن التفكير الجانبي هو جزء أساسي من عملية التفكير ويستطيع المرء اكتساب بعض مهاراته. وبدلًا من مجرد التطلع إلى التحلي بالإبداع والاستبصار، يستطيع المرء استخدام التفكير الجانبي بطريقة واعية ومُتعمَّدة وعملية لتحقيق ما يطمح إليه.

    مُلخَّـــص

    إن الغرض من التفكير هو جمع المعلومات واستخدامها بأفضل طريقة ممكنة. وبسبب الطريقة التي يعمد بها العقل إلى خلق أنماط مفاهيم ثابتة، لا يمكننا الاستفادة من المعلومات الجديدة إلا لو كان لدينا بعض الوسائل التي تمكننا من إعادة صياغة الأنماط المعرفية القديمة وتحديثها.

    إن طرقنا التقليدية في التفكير تعلمنا طريقة صقل هذه الأنماط وإثبات صلاحيتها؛ إلا أننا سنظل غير قادرين على الوصول لتحقيق أقصى استفادة من المعلومات المتاحة ما دمنا لا نستطيع معرفة كيف يمكننا خلق أنماط معرفية جديدة، والهروب من هيمنة الأنماط القديمة.

    إن التفكير الرأسي يُعنى بإثبات أنماط المفاهيم وتطويرها، بينما يُعنى التفكير الجانبي بإعادة صياغة تلك الأنماط (الاستبصار) وتحفيز إنشاء أنماط جديدة غيرها (الإبداع). إن كلًّا من التفكير الرأسي والجانبي يُكمِّل كل منهما الآخر، وإتقان مهارة كل منهما ضرورية. إلا أنه، إلى الآن، ما زال الاهتمام في التعليم يقتصر على التفكير الرأسي فقط.

    إن الحاجة إلى التفكير الجانبي تنبع من قصور سلوك العقل كنظام للذاكرة ذاتي التوسع.

    تنويهات بخصوص بنية الكتاب وطريقة استخدامه

    هذا الكتاب لا يهدف إلى تقديم موضوع جديد، ولا أن يُطلِع القارئ على ما يحدث فى مجال معين، ولكن الهدف منه أن يستخدمه القارئ لمنفعته الشخصية وليستخدمه المدرس لمصلحة الطلاب.

    الســــــن

    إن العمليات الموصوفة في هذا الكتاب عمليات أساسية تنطبق على جميع الأعمار، وجميع المراحل التعليمية المختلفة. ولقد استخدمتُ أبسط شروح هذا الكتاب مع أكثر المجموعات تخصصًا وحنكة، مثل مجموعة من مبرمجي الكمبيوتر المتطورين، فلم يشعروا بأن التعرف على هذا الكتاب كان مضيعة للوقت. وكلما زاد ما تتمتع به المجموعة من معرفة، زادت قدرتهم على استخلاص لب العملية من أسلوب عرضها.

    وبينما تستمتع المجموعات الأصغر سنًّا بمحتوى الكتاب لما فيه من فائدة في حد ذاته، تمعن المجموعات الأكبر سنًّا النظر في المغزى من ورائه [وتبحث عن أثر هذا الكتاب في تنمية القدرات الذهنية لدى أفراد المجتمع ككل وأثر ذلك في تقدمه].

    فعلى الرغم من أن الموضوعات الأسهل بهذا الكتاب قابلة للتطبيق على جميع المراحل العمرية، فإن الموضوعات الأكثر تعقيدًا به قد تكون صالحة فقط لاستخدام المجموعات الأعلى في المستوى.

    عند المجموعات الأصغر سنًّا يكون العامل البصري أكثر تأثيرًا من الإرشادات الكلامية، وذلك لأن الطفل دائمًا ما يحاول التعبير عن أي شيء بأسلوب بصري، والأهم من ذلك أنه لا يفهم ما يُعرَض عليه إلا في صورة مرئية.

    يمكن للأفراد من سن السابعة وحتى مرحلة التعليم الجامعي الاستفادة من عملية التفكير الجانبي. وهذه قد تبدو شريحة عمرية واسعة النطاق، لكن هذه العملية هي عملية أساسية مثلها مثل التفكير المنطقي، ومن الواضح أنها لا تقتصر على مجموعة عمرية معينة. وعلى النحو نفسه نستطيع القول إن التفكير الجانبي يتجاوز الفروق بين المواد الدراسية المختلفة أكثر حتى من الرياضيات. فالتفكير الجانبي سيكون له دور مع الفرد سواء كان يدرس علومًا أو هندسة أو تاريخًا أو لغة إنجليزية. ولهذا ستجد أن التطبيقات العامة المستخدمة في هذا الكتاب لا تتطلب أي خلفية دراسية من أي مادة.

    لا بد من محاولة العمل على تطوير التفكير الجانبي ليُصبح عادة ذهنية على الأقل من سن السابعة فصاعدًا. إن التطبيق الفعلي للأفكار الواردة في هذا الكتاب لمستوى عمري معين - يجب أن يعتمد إلى حد ما على خبرة المدرس في عرض مادة الكتاب بصيغة مناسبة.

    •من المعتاد ارتكاب الخطأين الآتيين في هذا الشأن، وهما:

    •افتراض أن الأمر بديهي وأن الجميع يفكرون بطريقة التفكير الجانبي على أية حال.

    •افتراض أن هذا الموضوع متخصص ولا يصلح أو يتعلق بكل إنسان [والصواب هو وسط بين هذين الافتراضين وهو أن التفكير الجانبي وإن كان يحتاج لاكتساب بعض المهارات والتدريب عليها، إلا أن ذلك ليس بالأمر الصعب ويستطيع الجميع فعله].

    إن الجانب العملي من هذا الكتاب قد تزداد درجة صعوبته مع التقدم في قراءة الكتاب، (هذا بخلاف المعلومات الإضافية الموجهة للمعلمين). وبوجه عام يعتبر الجزء الأول من المادة العملية مناسبًا لسن السابعة، أما الأجزاء اللاحقة فهي مناسبة لأي سن. وهذا لا يوحي بأن الجزء الأول مناسب فقط للأطفال الصغار، أو أن الأجزاء التالية مناسبة فقط للبالغين، وإنما هذا يعني أن ثمة طريقة معينة لتوصيل أسلوب التفكير الجانبي لأي مرحلة عمرية.

    الشكـــل

    مثل التفكير المنطقي، يُعتبر التفكير الجانبي توجهًا عامًّا للعقل يمكنه الاستفادة من استخدام بعض الآليات بين الحين والآخر. ومع ذلك من الأفضل تدريس هذا التوجه الذهني في سياقات رسمية وباستخدام منهج خاص وتدريبات معينة، وذلك من أجل تشجيع اكتساب عادة التفكير الجانبي الذهنية. ودون هذا الشكل الرسمي يقتصر الأمر على مجرد تشجيع عملية التفكير الجانبي وتقديرها متى حدثت، ولا يمكن لأي من هاتين العمليتين إكساب المرء هذه العادة.

    إن تخصيص فترة محددة لتعليم التفكير الجانبي خلال المراحل الدراسية المختلفة يعتبر أكثر فائدة ونفعًا من مجرد محاولة إدخال مبادئه بلطف في أثناء عملية تدريس بعض المواد الدراسية الأخرى.

    إذا تحتم على المرء أن يُدرِّس التفكير الجانبي مع بعض المواد الدراسية الأخرى، فإن عليه أن يقتطع فترة قصيرة ومحددة من الفترة المخصصة لتدريس المادة، ويجعلها لتدريس التفكير الجانبي (حتى وإن كان موضوع الدرس هو نفسه المطروح في باقي الفترة الدراسية).

    إنني أرى أن تخصيص ساعة واحدة كل أسبوع طوال جميع مراحل التعليم قد يكون كافيًا تمامًا لتعليم توجه التفكير الجانبي أو التوجه الإبداعي إذا كنت تفضل أن تطلق عليه هذه التسمية.

    إن الأجزاء العملية أو الأنشطة التدريبية بالكتاب مُقسَّمة لأقسام مختلفة، ولا يُفترض أن يتصفح القارئ الكتاب ويطلع على قسم في كل درس، ثم ينتقل إلى القسم التالي عليه، فهذا لن يفيدك في شيء. فعلى القارئ، بدلًا من ذلك، أن يستوعب البناء الأساسي لكل قسم ويعيده

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1