Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

حارة عيلوة سابقًا
حارة عيلوة سابقًا
حارة عيلوة سابقًا
Ebook234 pages1 hour

حارة عيلوة سابقًا

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

على أطراف الحارة، كانت هناك الخرابة" التي لا يعرف أحد من هو صاحبها. ومن هنا.. من 2003 .. بدأت أحداث الرواية -أو المتوالية القصصية- الشيقة التي تتبع الكاتب خطوطها بمهارة، ليرصد لنا خطوات أبطالها المندفعة والمترددة والجاهلة التي جعلتهم يسقطون واحدًا بعد الآخر في الفضاء الافتراضي الذي أخذ يتوسع ويسيطر على الحارة وحياة سكانها من 2003 وحتى 2100 .
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2021
ISBN9789771460145
حارة عيلوة سابقًا

Related to حارة عيلوة سابقًا

Related ebooks

Reviews for حارة عيلوة سابقًا

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    حارة عيلوة سابقًا - محمد عبد العاطي

    الغلاف

    حارة عليوة.. سابقًا

    (رواية)

    العنوان: حارة عليوة.. سابقًا

    تأليف: محمد عبد العاطي

    الغلاف والتصميم: محمد عبد العاطي

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    جميع الحقوق محفـوظـة © لـدار نهضـة مصـر للنشـر

    يحـظر طبع أو نشر أو تصوير أو تخزين أي جـزء من هـذا الكتاب بأيـة وسيلة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصويــر أو خـلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريح من الناشر.

    الترقيم الدولي: 978-977-14-6014-5

    رقم الإيـداع: 15677 / 2021

    طـبـعــة: يونيو 2021

    Section0001.xhtml

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفــون: 33466434 - 33472864 02

    فاكـــس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    «لو أنَّ شيئًا يدوم على حال فلِمَ تتعاقب الفصول؟».

    نجيب محفوظ

    Y9789771460145-10.xhtml

    قال لي جدي إن حارتنا على أيامهم كانت هي البلد الذي يعرفونه.. بلدهم.. نعم هي في القاهرة وفي مصر، لكن الحارة كانت مستقلة.. كانت لها حكاياتها وتاريخها وثقافتها.. كانت عالمًا كاملًا له اقتصاده وسياسته وحتى طريقته في التدين.. أما أنتم فقد تغيرتم. قلت له «نعم يا جدي.. تغيرنا، الشاشات غيرتنا». قال لي: «جيل أولادنا عرف التليفزيون وتغير كذلك.. لكن ليس مثلكم». قلت له: «نعم يا جدي.. شاشاتنا نحن كثيرة.. وخصوصا هذه».. وأشرت له بهاتفي الذكي.. لم يكن هذا جديدًا وقتها، لكنه لم يستطع استيعابه قط. سألني: لماذا هذا الشيء مهم هكذا؟ لم أدر كيف أشرح له! إنترنت.. بريد إلكتروني.. سوشيال ميديا.. تريندات وهاشتاجات.. تطبيقات.. لايف فيديو.. كيف سيتخيل كل هذا؟ كيف سيستوعب أن البشر يتقابلون ويتناقشون ويتصارعون ويتحابون كل يوم في تطبيق واحد على هذا الشيء؟ والله وحده يعلم ماذا ينتظرنا بعد كل ذلك؟ هل يذكرك هذا بشيء يا رائد؟ هل تشعر أن الأمر يتكرر معي الآن؟

    Y9789771460145-1.xhtml

    2003

    بريد إلكتروني

    على أطراف الحارة، في وسط السكة المقطوعة الخالية التي تفصلها عن الشارع الكبير كانت هناك «الخرابة».. أساس بيت لم يكتمل بناؤه، لا أحد يذكر أصحابه، لكنهم ليسوا من سكان الحارة الحاليين. كانت الخرابة مقلب زبالة ومخبأ للهاربين ووكرًا للمتعاطين ومأوى ومبيتًا للمشردين والشحاذين، وفي رمضان كان أهل الحارة ينظفونها من الزبالة ويقيمون فيها مائدة الرحمن. ثم جاء فرع شركة (آي سي دي) للكمبيوتر في المنطقة. قيل إنها اشترت الخرابة من أصحابها - والله وحده يعلم كيف عثروا على أصحابها - وقام المبنى الأنيق لفرع الشركة مكان الخرابة.

    اسمه الحقيقي محمد، وهو اسم يحمله أكثر من نصف الذكور في بلادنا كما تعرف، والأسوأ أن بقية اسمه لا تختلف كثيرًا، فهو: محمد أحمد محمد محمود مصطفى! هذا اسم غير مميز ولا يصلح معه ذكره ثنائيًّا أو ثلاثيًّا أو خماسيًّا.. لكننا عرفنا أن جده الخامس اسمه «العوَّام»، فصرنا في الشركة نناديه به.

    من الوهلة الأولى يعطيك (العوَّام) الإيحاء بأنه غير مرئيٍّ، ربما بسبب هدوئه الشديد أو صوته الخفيض أو ندرة دخوله في الحديث ما لم يُطلب منه ذلك بوضوح، ناهيك عن بعده عن أية مشكلات من أي نوع.. فمن مميزات المشكلات، إن لم تكن تعلم، أنها تميز الأشخاص في عقولنا وتساعدنا على تذكرهم.. لكن العوَّام لم يتسبب في أية مشكلة قطّ.. غير أنه كان معروفًا في حارة عليوة بأنه الأخ الأصغر لعوض العاوّ.. الأخ الطيب طبعًا، فقد كان عوض مصدر متاعب لكل من حوله منذ طفولته، حتى كبر وصار بلطجي الحارة الأول دون منازع.

    لكنه - محمد العوَّام - على الأقل كان يتميز بجسده النحيل الضئيل، ووجهه الطفولي، حتى إن الناس في الشارع أو في المواصلات كانوا كثيرًا ما يخاطبونه بـ«يا شاطر» أو «يا حبيبي»، فالنظرة السريعة الأولى الباحثة عن لقب تضعه بالتقريب في خانة «طالب بالمرحلة الإعدادية أو نحوها». لكن كل ذلك لا يعني أن تستهين به، مطلقًا، فعوَّام هذا كان أخطر شخص في الشركة.

    عوَّام كان مهندس «السوفت وير» في الشركة، وفي ذلك الوقت لم يكن أغلبنا يفهم بالضبط الفرق بين عمله وعمل (جمال غراب) مهندس الـIT، أليس كلاهما مهندس كمبيوتر؟

    تذكر أننا نتكلم عن عصر كنا نتصل فيه بالإنترنت عبر تقنية قديمة اسمها الطلب الهاتفي dial-up، فكنت تطلب رقمًا هاتفيًّا وتنصت لصوت الرنين المريب الشبيه بأصوات أجهزة التجسس اللاسلكية - لو أنك تعرف صوت أجهزة التجسس اللاسلكية - وتنتظر سماع صوت الأزيز المتواصل المبهج، الذي يعني أنك صرت متصلًا الآن بسرعة 45 ك/ث لو كنت سعيد الحظ. لم يكن الإنترنت نفسه معروفًا على نطاق واسع بعد، لكن هذه كانت شركة كمبيوتر، فكانوا حتمًا يعرفون الفرق بين تخصص عوَّام وتخصص جمال!

    وكان عوَّام أول من عرف بعلاقة يوسف راضي ومها شحاتة، ربما قبلهما هما أنفسهما! لا.. هذه ليست مبالغة، فيوسف نفسه عندما تلقى بريدًا إلكترونيًّا من مها لأول مرة، اعتبره لفتة عفوية لطيفة من زميلة، برغم صيغته المرحة المتباسطة.

    كانت الرسالة تبشره بزيادة مرتبه (ومرتبها كذلك) بنسبة 10٪ بعد إكمالهما فترة الاختبار والتدريب المقررة بثلاثة شهور. لذلك فقد رد وقتها برسالة شكر سريعة لكنها مرحة خفيفة الدم كذلك، ثم استرسل في الحديث بعد الشكر، وثرثر قليلًا عن الكتاب الكئيب الذي كان يقرؤه وقتها، وكيف أن رسالتها أنقذته من بحر الكآبة المتلاطم، مؤقتًا على كل حال، لأنه سيترك الإنترنت ويعود ليكمل كتاب محمود السعدني الكئيب.

    ما رأيك؟ رسائل عادية بريئة بين زميلين؟ هما أيضًا كانا يظنان ذلك.. وقتها على الأقل.

    لكن عوَّام، الطرف الثالث الخفي، استشعر شيئًا ما خلف السطور.. ربما لأن رسالة مها الأولى لم يكن لها مبرر حقيقي، فحتى لو كانت تزف له بشرى لم يعرفها لانصرافه المبكر في ذلك اليوم، وحتى لو كان ذلك اليوم هو الخميس الذي يليه الجمعة والسبت، فما من مانع أن تنتظر إلى يوم الأحد التالي، وتخبره بنفسها في العمل، أو حتى لا تخبره مطلقًا، فهو سيعلم عاجلًا أو آجلًا، فلم العجلة؟

    الفتاة في مجتمعنا يمنعها التحفظ عادةً من مفاتحة الشاب بالحديث إلا للضرورة القصوى، خاصة مع العقليات الملوثة التي ستتعمَّد إساءة فهمها من أول «صباح الخير» تتفوَّه بها، فإما أن مها لا تمت بصلة لهذا المجتمع، أو أنها ببساطة تفتح حديثًا معه، وتعبر عن ميلها له بطريقة آمنة نظيفة لن تؤخذ عليها. هذه مبادرة من النادر أن تصدر عن فتاة من حارتنا.. لكن مها كانت من سكان الشارع الكبير، فلعل هذا يفسر جرأتها.

    يوسف كذلك كان يمكنه أن يكتفي بشكر تقليديٍّ بسيط، لكنه عمد إلى المرح والتباسط والثرثرة عن يومه وعن الكتاب الذي يقرؤه، دون مبرر حقيقي كما تعرف، فهل كان ذلك عفويًّا فعلًا؟

    ربما.. ربما بدا لك الأمر كذلك، أو ليوسف نفسه، لكن عوَّام، الذي كان يطلع على هذه الرسائل المتبادلة سرًّا، كان يستشعر فيها شيئًا مختلفًا.. ربما هي حاسة تكونت لديه من طول المراقبة والتلصص على الرسائل.

    كان عوَّام هو المسئول عن الشبكات في شركتنا وعن إدارة خادم الموقع الإلكتروني للشركة، وحسابات البريد الإلكتروني لكل الموظفين. وما لم نعرفه وقتها، ولم يعرفه حتى مدير فرع الشركة، أنه كان يستطيع الاطلاع على محتوى رسائل البريد الإلكتروني الصادرة والواردة من وإلى حسابات فرع الشركة كافة، في الوقت الذي كان كل واحد منا يظن نفسه آمنا محميًّا لمجرد أنه كتب بنفسه كلمة سر خاصة لم يخبر أحدًا بها. عرفت فيما بعد من عوَّام أنهم كانوا يستخدمون نظامًا برمجيًّا مخصصًا لإدارة حسابات البريد الإلكتروني (فهذا بريد خاص بالشركة وليس بريدًا مجانيًّا كبريد جوجل أو مايكروسوفت، تذكر ذلك)، وهذا النظام كان يعطي صلاحيات مطلقة لمدير النظام.. ومدير النظام هنا كان هو عوَّام.. عوَّام كان يستطيع التحكم في النظام بالكامل، لكنه كان يكتفي بالمشاهدة في صمت، ولهذا - ربما - لم يلحظه أحد.

    كان يطّلع على المراسلات عشوائيًّا من بيته، من وقت لآخر.. فقط بدافع الفضول والتسلية. لكن مراسلات يوسف ومها جذبت انتباهه، وراح يتابعها باهتمام من الرسالة الأولى. وعندما تلقَّت مها رسالة يوسف، قرأها عوَّام قبلها، وجلس يترقب، متوقعًا ردًّا عاجلًا. وهذا ما حدث فعلًا. التقطت مها إشارة يوسف، وردَّت فورًا برسالة، تتساءل فيها بدهشة عن ماهية ذلك الكتاب الكئيب لكاتب ساخر مثل محمود السعدني. قالت إنها لم تقرأ له إلا مذكرات الولد الشقي، وهي حكايات خفيفة الظل ذكرتها بمغامرات توم سوير.

    جاء رد يوسف بعدها بدقائق، فقال إن الكتاب هو (أمريكا يا ويكا) وإن مبعث الاكتئاب فيه هو تناوله للمذابح التي ارتكبها المهاجرون الأوروبيون ضد السكان الأصليين للقارة، ثم تفاصيل يذكرها الكتاب عن حضارة وأخلاقيات وتقاليد هذه القبائل التي أُبيد أغلبها، تفاصيل مذهلة جعلته يحزن على قبائل لم يكن يدري عنها شيئًا.. ولم ينس يوسف أن يؤكد على إعجابه بملاحظتها عن كتاب مذكرات الولد الشقي وقربها من قصة توم سوير، ولو أنه يفضل الولد الشقي المصري!

    وللمرة الثالثة ليلتها ردت مها برسالة جديدة، فقالت إنها لم تقرأ هذا الكتاب لكنها تودّ استعارته منه، عندما ينتهي منه، وقالت إن كلامه عنه يذكرها بالفيلم الذي أخرجه ميل جيبسون مؤخرًا «أبوكاليبتو»، وهي ترشحه

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1