يمام
()
About this ebook
Read more from جمال الغيطاني
تجليات مصرية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسفر البنيان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsملامح القاهرة في ألف سنة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالزويل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجالس المحفوظية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمقاصد الأسفار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحكايات المؤسسة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالزينى بركات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsهاتف المغيب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرسالة البصائر فى المصائر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحكايات الخبيئة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمن دفتر العشق والغربة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsوقائع حارة الزعفرانى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمدينة الغرباء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحكايات هائمة Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to يمام
Related ebooks
من دفتر العشق والغربة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقصة حياة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجِلبَاَبٌ أَبيَضٌ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالخروج من الأرض السودا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة بيت الأفاعي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمدينة الغرباء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسمراء ولكن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعبرات: مصطفى لطفي المنفلوطي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنوستالجيا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجريمة عاطفية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأنا الشعب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفى صحبه جدتى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالزيتونيات: حكايات البحث عمّا بقي من الأحلام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمساخيط Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمن النافذة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأديب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأولاد الناس: ثلاثية المماليك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرواية عيسى و السماء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة المومياء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsوهكذا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعبرات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة آكل البشر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsThe Bell and the Minaret Arabic Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالزيارة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلبيروت الورق الأصفر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسيل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغادة الإنجليزية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعمى أبيض Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلعلك تضحك Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Reviews for يمام
0 ratings0 reviews
Book preview
يمام - جمال الغيطاني
مجموعة قصصية
جـمـــال الغـيـطــانــي
0103.jpgإشراف عام: داليا محمد إبراهيم
جميــع الحقــوق محفـوظــة © لدار نهضة مصر للنشر
يحظـــــر طـبــــــع أو نـشـــــر أو تصــويــــر أو تخـزيــــن
أي جــزء مــن هــذا الكتــاب بأيــة وسيلــة إلكترونية أو ميكانيكية
أو بالتصويـــر أو خــلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريــح من الناشـــر.
Arabic_DNM_logo_Color_fmt21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة
تليفـــون : 33466434 - 33472864 02
فاكـــــس : 33462576 02
خدمة العملاء : 16766
Website: www.nahdetmisr.com
E-mail: publishing@nahdetmisr.com
مـــــــــرآة..
يشغلني الآن أكثر مما كان عليه قبل رحيله، دائمًا أجلُّ الأمور بعد فوات الأوان. بعد انقضاء الأسباب، لا أعرف لماذا البدء في غير الحين، ولماذا الميعاد؟
كأن ذلك جرى صباح اليوم. عندما قلقت فجرًا. فوجئت بأكثر من عشر مرات مفقودة في سجل الهاتف مكالمات من شقيقي وأخرى من سائقي أيقنت أمرًا. دائمًا ترتبط هواتف الليل عندي بالموت والهواجم الشديدة، جاءني صوت أخي إسماعيل.
«علي، تعيش انت..».
نبأ أفضاه لي بما يشبه الصراخ، لا تمهيد ولا ترقيق. كأنه يستغيث. ثمة أشياء نتوقعها، لا نباغت عند حدوثها. لكن بعد حين يجري التفحص وتكون الاستعادة فيتكشف عالم نبصره في حينه.
إذن.. أتم الشيخ علي - كما كنا نناديه ونطلق عليه - رحلته وبدأ الأخرى، جاء ليتألم، وليصارع المرض، وليؤمن، وليهدأ بعد قلق وقلقلة، وقفت في الممر وحيدًا، زوجتي على سفر، أما الأبناء فإقامتهم هناك، أسندت جبهتي إلى أحد أرفف المكتبة المثقلة بالكثير. يجب أن أنتقل بسرعة إلى حيث يقيم أشقائي، الاتصال بالتربي لفتح المقبرة، اللِّواذ بالأقربين وهم معدودون، يوسف صاحبي الذي رأى رقاد أبي الأخير، وشاركني توديع أمي، وها هو أخي، أول الأربعة أصغرهم، كثيرًا ما تساءلت عند زيارتي المقبرة التي ظلت أكثر من ربع قرن خالية: من؟ فى ذلك الصباح جاءت الإجابة. عرفت غريب الحال، غير أنني للوهلة الأولى أحيله إلى المصادفات أو تماس الوقائع وربما اقترانها، يتوالى الوقت، في الزمن التالي مع التفحص والتمعن أتوقف عندما لم أهتم به وقت حدوثه.
رحل علي صباح الأربعاء، مغرب الثلاثاء جاءني هاتف لم أنتبه إليه إلا أثناء وقوفي في شقة أحتفظ فيها بما زاد على حاجتي من كتب. تقع في حلوان أقمنا فيها حوالي خمسة عشر عامًا، المكالمة من علي، اسمه مسجل رغم أنه لا يطلبني إلا فيما ندر، بل يمكنني القول إنه خلال العام الأخير لم يتصل قط. كنت المبادر دائمًا إلى الاستفسار عن الأحوال، أبدأ بسؤالي عن شقيقتي، ثم علي، ثم إسماعيل، مكالمات الهدف منها الاطمئنان عبر الأصوات. تدور في إطار عدة كلمات يمكن حصرها. هذه الليلة قرأت اسمه وأنا أقف في الصالة بينما صلاح السائق والبواب ينفضان التراب عن الكتب بعد نقلهما ما تأثر منها بالماء الذي تراكم في المطبخ لانسداد ماسورة الصرف.
جاءني صوته بعيدًا. نائيًا، كأنه يخاطبني من وراء حجاب، حاجز ما، تخرج الحروف من أنفه، أو من شفتين مزمومتين.
«لا .. لم أطلبك..».
سألته عن أحواله فقال: الحمد لله.
إنها المرة الأخيرة التي أصغي فيها إلى صوته. مازلت أحتفظ باسمه والرقم والبيانات الموضحة لساعة الاتصال، أحاول الاحتفاظ بها قدر الوقت، هل اتصل بي ونسي؟، هل ضغط اسمي بالخطأ؟
لا أدري، المؤكد أنه اتصل. وأنني سألته، يقال إن الموشك على الانتقال يسعى إلى رؤية الأحباب، هذا ما أخبرتني به امرأة خالي عن مجيء أبي إلى البلدة، طوافه بالبيوت ودخوله على الحريم ومواطئ الذكرى.
لا أعرف، ولا أقدر على القطع، كما أن أحوالي الخاصة لا يمكنني أن أنسب إليها شيئًا، ولا أقدر على اتخاذها مرجعية لموضوع ما. عندي دقائق يصعب تجسيدها، ما مر به شقيقي يمت إلى ما أشير إليه وأقترح، لعلي مدونه يومًا، فما يعنيني الآن ذلك الحال والذي بدأ عندما لاحت مني نظرة إلى مرآة مستطيلة، قديمة في الممر المؤدي إلى المكتبة، منذ تقاعدي ومعظم سعيي في بيتي ما بين غرفة المعيشة حيث جزء من كتبي والتليفزيون والحاسب الآلي المتصل بالإنترنت السريع، تمضي أيامي متشابهة، وحدة تتعمق، أصغي إلى إيقاعها وأعتادها، تدهشني الأسباب، وقوع التفرق، صرت أتجنب اللقيا، أنأى. لا صلة لي إلا عبر الهاتف بصحب قليل انتهى الحال إليهم، لا يتجاوزون الأربعة، ربما خمسة، ربما ..
أتوقف، أتطلع بنظرات جانبية، ما هذا؟ هل كان ذلك موجودًا من قبل؟ هل بلغ تلك الدرجة ولم أنتبه؟ أتراجع مقدار خطوة، أتقدم على أطراف أصابعي، أشير بيدي كأني أخاطب غيري مؤمئًا إلى عبورية الأمر، أعرف أن الشبه موجود بيننا، خاصة عند الخطو، قدم كُلٍّ منا تتجه إلى اليمين قليلًا، حَرْدة صغيرة لا تلحظ إلا عند الإسراع، سمة من أبي توزعت علينا أجمعين، ما أغرب الوراثة ومقتضياتها، كذلك انحناءة الكتفين، فيما عدا ذلك يحتاج الأمر إلى تدقيق، يجب ألا أتوقف عند هذه اللحظة المارقة، إلا أنني واجهت شقيقي تلك الليلة، قوي عليَّ حضوره وعندي من الذنب كثيره.
دائمًا كنت أتعامل معه باعتباره عبئًا فرضته الظروف علينا، رغم بدء سلسال مرضه خلال اعتقالي، وربما ليلة اقتحام البيت عندما أصابته رجفة لدخول الضابط والمخبرين الثلاثة عنوة فجرًا، هذا ما أطلعتني عليه أمي فيما بعد عندما قصت عليَّ ظهور الحمى الغامضة واضطرارها إلى عرضه على مستشفى الحميات تنفيذًا لنصيحة فايز الصيدلي. هناك احتجزوه لأسبوعين أجروا له عملية بذل نخاعي، حتى الآن رغم اقتراب نصف قرن على عام ستة وستين لا أعرف على وجه الدقة ما جرى، ما أستوعبه جيدًا بدأ نوبات الصرع بعد رقاده في المستشفى ومرور عام، ربما عجلت معاناة أمي معه بمرض السكر وضغط الدم المرتفع وتعميـق ذلك الحـزن الغائر فى عينيها، أيام صعبة أستعيد بعضًا مما جرى فيها، اعتدت خلال بقائي بمفردي أن أتحدث إلى اللا أحد، إلى الفراغ، أحرك يدي، أقلص ملامحي، أضحك، أغضب، أميل، أتراجع، أحيانًا أنطق..
«يا سلام، كنت فين يا شيخ علي..»
في سنواته الأخيرة تفرغ لآل البيت، يلف عليهم ضريحًا، ضريحًا على مدار الأسبوع يوزع ما تيسر، يكفل أيتامًا غاب ذووهم، انتمى إلى الطريقة الجعفرية، مساء كل خميس يمضي إلى الحضرة، صحبته مرة. ذلك أنني عرفت الشيخ صالح الجعفري عندما كان يدرس في الأزهر ويُلقي درس العصر. كان مهيبًا، جليلًا، وافر السمرة، ناصع السيرة، طيب، عميق التواضع، إنه الوحيد من البشر الذين قدر لي معرفتهم. تابعت تحوله إلى ولي صالح، يقام له ضريح ومولد، ويتبعه مريدون كُثر. شيئًا فشيئًا أصبح علي معروفًا حول مسجد سيدنا الحسين ومراقد أخرى، أما انتماؤه إلى الطريقة الجعفرية فصار من عوامل اتزانه وعمق صمته وتحديقه المستمر في اتجاه واحد.
يقوي عليَّ ذلك اليقين أنه حاضر بشكل ما، قريب.. بعيد، أنه يحدق إليَّ من اللامكان، تداخل الأمر عليَّ، من رأيته في المرآة، هو أم أنا؟ ظللت ماكثًا أمام التليفزيون، لم أضغط الزر لأفتحه، تجاوزت الوقت المحدد لنشرة الأخبار، قمت على مهل متجهًا إلى الصالة، عندما كدت أحاذي المرآة تباطأت خطواتي، تقدمت متجهًا بالبصر الحسير.
إنه ماثل فيَّ، أراه بملامحه كما عرفتها في لحظات صفوه، إذ تعلق بشفتيه ابتسامة خفية، عيناه، أنفه، حنجرته التي انبعث منها الأذان، لم أعرف أنه يرفع الصلاة في عمله القريب من البيت إلا بعد غيابه، أغمض عينيّ، أفتحهما أميل برأسي قليلًا، يميل، أتطلع . يتطلع.
ابتسم ملمحًا، يبتسم ملمحًا..
أقطب جبهتي، تلوح غضونه.
أشير بأصابعي، يفردها تمامًا كما أفعل، أتساءل بملامحي، يتساءل، أشير إليه، يشير إليَّ..
حـــدائـــــق شـــانـغـهـــاي
ياه، هذا كله!
كان ممكنًا أن أرحل عائدًا ولا أرى منها شيئًا، عبرت قربه مرات، عند ذهابي وإيابي إلى السوق القديم ومنه، منطقة تشغي بأجناس متعددة، مطاعم متجاورة، أحدها يعلق صورة كلينتون عند زيارته، يأكل طبقًا، صورة مكبرة له تدعو العابرين إلى تذوق وجبة بيل وهيلاري وابنتهما تشيلزي..
الكشك صغير لا يلحظ، يمكن العبور أمامه بدون الانتباه إلى الصلة بينه وبين المدخل المؤدي، بل يمكن تخطيه بدون رؤيته، أشار الرجل إلى النقطة التي أبدأ عندها، حواجز من أغصان غير مستوية تبرز منها فروع أدق، صفوف متراصة، تبدو متصلة، لكن بعد تجاوز المستوى الثالث يفاجئك أكثر من فراغ يمكن النفاذ منه، الوصول إلى مدخل الحديقة لا يتم مباشرة، إنما لابد من سلوك هذه المتاهة الظاهرة، الخفية، لا يمكن إدراك مدى تعقدها وتغلغلها إلا بالاجتياز صوبها وداخلها، التقدم باستمرار ضمني، عند