Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

منهاج السنة النبوية
منهاج السنة النبوية
منهاج السنة النبوية
Ebook1,214 pages5 hours

منهاج السنة النبوية

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية هو كتاب ضخم من تأليف الفقيه السنّي ابن تيمية، ويعد هذا الكتب من أشهر مؤلّفاته على الإطلاق، ويشتمل على الرد على الشيعة الإثني عشرية وفرقة القدريّة، وقد كتبه في الأصل رداً على كتاب الفقيه الشيعي المعروف ابن المطهر الحلي منهاج الكرامة.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateDec 28, 1901
ISBN9786371642865
منهاج السنة النبوية

Read more from ابن تيمية

Related to منهاج السنة النبوية

Related ebooks

Related categories

Reviews for منهاج السنة النبوية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    منهاج السنة النبوية - ابن تيمية

    الغلاف

    منهاج السنة النبوية

    الجزء 1

    ابن تيمية

    728

    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية هو كتاب ضخم من تأليف الفقيه السنّي ابن تيمية، ويعد هذا الكتب من أشهر مؤلّفاته على الإطلاق، ويشتمل على الرد على الشيعة الإثني عشرية وفرقة القدريّة، وقد كتبه في الأصل رداً على كتاب الفقيه الشيعي المعروف ابن المطهر الحلي منهاج الكرامة.

    [

    مقدمة المؤلف

    ]

    [

    خطبة الكتاب

    ]

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    [وَبِهِ نَسْتَعِينُ] (1)

    قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ، الْحَبْرُ الْكَامِلُ، الْأَوْحَدُ الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ، الْخَاشِعُ الْقَانِتُ، إِمَامُ الْأَئِمَّةِ، وَرَبَّانِيُّ الْأُمَّةِ، شَيْخُ الْإِسْلَامِ، بَقِيَّةُ الْأَعْلَامِ، تَقِيُّ الدِّينِ، خَاتِمَةُ الْمُجْتَهِدِينَ، (2) أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ، قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ، وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ (3) .

    الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَعَثَ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ، وَمُنْذِرِينَ، وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ، فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ (4)، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَأَشْهَدُ (1) وَبِهِ نَسْتَعِينُ: زِيَادَةٌ فِي (م)، (أ)، وَفِي (ن): وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

    (2) أ، ل: بَقِيَّةُ الْمُجْتَهِدِينَ.

    (3) م، ن: قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الرَّبَّانِيُّ، وَحِيدُ عَصْرِهِ، وَفَرِيدُ دَهْرِهِ، أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَغَمَّدَهُ بِرَحْمَتِهِ، وَأَسْكَنَهُ بَحْبُوحَةَ جَنَّتِهِ، آمِينَ. وَلَمْ تَظْهَرْ بَعْضُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي مُصَوَّرَةِ (ن) .

    (4) بِإِذْنِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) فَقَطْ.

    أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا شَهِدَ هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (1): {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 18] وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الَّذِي [خَتَمَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ، وَهَدَى بِهِ أَوْلِيَاءَهُ] (2)، وَنَعَتَهُ (3) بِقَوْلِهِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ - فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 128 - 129] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَعَلَى آلِهِ (4) أَفْضَلَ صَلَاةٍ، وَأَفْضَلَ (5). تَسْلِيمٍ] (6) .

    [

    سبب تأليف ابن تيمية للكتاب

    ]

    أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ (7) أَحْضَرَ إِلَيَّ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كِتَابًا صَنَّفَهُ بَعْضُ [شُيُوخِ الرَّافِضَةِ فِي عَصْرِنَا مُنَفِّقًا] (8) لِهَذِهِ الْبِضَاعَةِ، يَدْعُو بِهِ (9) إِلَى مَذْهَبِ الرَّافِضَةِ الْإِمَامِيَّةِ، مَنْ أَمْكَنَهُ دَعْوَتُهُ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ، [وَغَيْرِهِمْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، مِمَّنْ قَلَّتَ مَعْرِفَتُهُمْ] (10) بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَلَمْ (1) وَتَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (م)، (ل). وَفِي (ن): لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا قَالَ: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ.. إِلَخْ) .

    (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ مَكَانُهُ بَيَاضٌ فِي (ن) .

    (3) أ، ب، ل: وَبَعَثَهُ.

    (4) وَعَلَى آلِهِ: زِيَادَةٌ فِي (م) فَقَطْ.

    (5) ب: وَأَكْمَلَ.

    (6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ مَكَانُهُ بَيَاضٌ فِي (ن) .

    (7) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (م)، (ن) .

    (8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ مَكَانُهُ بَيَاضٌ فِي (ن) .

    (9) ن (فَقَطْ): بِدَعْوَتِهِ.

    (10) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ مَكَانُهُ بَيَاضٌ فِي (ن) .

    يَعْرِفُوا أَصْلَ دِينِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ عَادَتُهُمْ إِعَانَةُ [الرَّافِضَةِ مِنَ الْمُتَظَاهِرِينَ بِالْإِسْلَامِ، مِنْ] (1) أَصْنَافِ الْبَاطِنِيَّةِ الْمُلْحِدِينَ (2) الَّذِينَ هُمْ فِي الْبَاطِنِ مِنَ الصَّابِئَةِ (3) الْفَلَاسِفَةِ الْخَارِجِينَ عَنْ حَقِيقَةِ (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ مَكَانُهُ بَيَاضٌ فِي (ن) .

    (2) الْبَاطِنِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ جَعَلُوا لِكُلِّ ظَاهِرٍ مِنَ الْكِتَابِ بَاطِنًا، وَلِكُلِّ تَنْزِيلٍ تَأْوِيلًا، وَيَذْكُرُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/172) أَنَّ الْبَاطِنِيَّةَ الْقَدِيمَةَ كَانَتْ تَخْلِطُ كَلَامَهَا بِبَعْضِ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ. أَمَّا الْبَاطِنِيَّةُ عَلَى زَمَانِهِ فَقَدْ جَعَلَهُمْ هُمْ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةَ الْغُلَاةَ فَرْقَةً وَاحِدَةً، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ فِي الْعِرَاقِ بِالْبَاطِنِيَّةِ وَالْقَرَامِطَةِ وَالْمَزْدَكِيَّةِ، وَفِي خُرَاسَانَ بِالتَّعْلِيمِيَّةِ وَالْمُلْحِدَةِ، وَأَضَافَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ فِي كِتَابِهِ قَوَاعِدِ عَقَائِدِ آلِ مُحَمَّدٍ (الْقَاهِرَةِ سَنَةَ 1950) ص 34، الْأَلْقَابَ التَّالِيَةَ: السَّبْعِيَّةَ، وَالْخُرَّمِيَّةَ، وَالْبَابَكِيَّةَ، وَالْمُحَمِّرَةَ، وَالْمُبَارَكِيَّةَ، وَالْإِبَاحِيَّةَ، وَالزَّنَادِقَةَ، وَالْخَرْمَدِينِيَّةَ، وَنَقَلَ ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 196) عَنْ أَصْحَابِ الْمَقَالَاتِ قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الَّذِينَ أَسَّسُوا دَعْوَةَ الْبَاطِنِيَّةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَيْمُونُ بْنُ دَيْصَانَ الْمَعْرُوفُ بِالْقَدَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُلَقَّبُ بِدَنْدَانَ.

    وَانْظُرْ أَيْضًا: الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/170 - 178؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 169 - 188؛ مَقَالَةَ كَارَادِي فُوفِي دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَادَّةَ: الْبَاطِنِيَّةِ؛ كِتَابَ الصِّرَاعِ بَيْنَ الْمَوَالِي وَالْعَرَبِ تَأْلِيفُ الدُّكْتُورِ مُحَمَّد بَدِيع شَرِيف، ص 57 - 65، الْقَاهِرَةَ، 1954.

    (3) قَالَ الرَّازِيُّ عَنِ الصَّابِئَةِ (اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ ص [0 - 9] 0): قَوْمٌ يَقُولُونَ: إِنَّ مُدَبِّرَ هَذَا الْعَالَمِ وَخَالِقَهُ هَذِهِ الْكَوَاكِبُ السَّبْعَةُ وَالنُّجُومُ، فَهُمْ عَبَدَةُ الْكَوَاكِبِ . وَأَمَّا الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلُ وَالنِّحَلُ 1/210 - 211) فَيَذْكُرُ أَنَّ الْفِرَقَ كَانَتْ فِي زَمَانِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَرْجِعُ إِلَى صِنْفَيْنِ اثْنَيْنِ: الصَّابِئَةِ، وَالْحُنَفَاءِ، وَقَالَ الصَّابِئَةُ بِالْحَاجَةِ إِلَى وُجُودِ مُتَوَسِّطٍ رُوحَانِيٍّ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْمُتَوَسِّطَ مِنَ الْكَوَاكِبِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلُوهُ مِنَ الْأَصْنَامِ. وَابْنُ تَيْمِيَّةَ كَثِيرًا مَا يَصِفُ الْفَلَاسِفَةَ بِأَنَّهُمْ مِنَ الصَّابِئَةِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ يَذْكُرُ بِأَنَّ الْفَارَابِيَّ قَدِمَ حَرَّانَ - الَّتِي كَانَتْ مَرْكَزًا لِلصَّابِئَةِ الْمُشْرِكِينَ - فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ وَتَعَلَّمَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ عَنْهُمُ الْفَلْسَفَةَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ ثَابِتُ بْنُ قُرَّةَ الْحَرَّانِيُّ وَغَيْرُهُ قَبْلَ الْفَارَابِيِّ. وَيُفَرِّقُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الصَّابِئَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَذْكُرُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ [سُورَةَ الْحَجِّ: 17] وَبَيْنَ الصَّابِئَةِ الْمُوَحِّدِينَ الَّذِينَ يُثْنِي اللَّهُ عَلَيْهِمْ [سُورَةَ الْبَقَرَةِ: 62]. انْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَنْطِقِيِّينَ، ص [0 - 9] 87 - 290، 454 - 458؛ مِنْهَاجَ السُّنَّةِ (بُولَاقَ 1/197) ؛مَجْمُوعَةَ الرَّسَائِلِ وَالْمَسَائِلِ 4/37، 38.؛ مَجْمُوعَةَ رَسَائِلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ 58، 74، 93، 94، 97 - 99. وَيُسَمِّي ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْمُعْتَزِلَةَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ النُّفَاةِ بِالصَّابِئَةِ الْمُعَطِّلَةِ، انْظُرْ مَثَلًا مَجْمُوعَةَ الرَّسَائِلِ وَالْمَسَائِلِ 1/183.

    [مُتَابَعَةِ (1) الْمُرْسَلِينَ الَّذِينَ لَا يُوجِبُونَ اتِّبَاعَ] (2) دِينِ الْإِسْلَامِ (3)، وَلَا يُحَرِّمُونَ [اتِّبَاعَ] مَا سِوَاهُ (4) مِنَ الْأَدْيَانِ، بَلْ يَجْعَلُونَ الْمِلَلَ بِمَنْزِلَةِ الْمَذَاهِبِ، وَالسِّيَاسَاتِ [الَّتِي يَسُوغُ اتِّبَاعُهَا، وَأَنَّ النُّبُوَّةَ] نَوْعٌ مِنَ السِّيَاسَةِ الْعَادِلَةِ الَّتِي وُضِعَتْ لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فِي الدُّنْيَا.

    فَإِنَّ هَذَا الصِّنْفَ يَكْثُرُونَ وَيَظْهَرُونَ [إِذَا كَثُرَتِ الْجَاهِلِيَّةُ، وَأَهْلُهَا]، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنُّبُوَّةِ، وَالْمُتَابَعَةِ لَهَا مَنْ يُظْهِرُ أَنْوَارَهَا الْمَاحِيَةَ لِظُلْمَةِ (5) الضَّلَالِ، [وَيَكْشِفُ مَا فِي خِلَافِهَا مِنَ الْإِفْكِ]، وَالشِّرْكِ، وَالْمِحَالِ.

    وَهَؤُلَاءِ لَا يُكَذِّبُونَ بِالنُّبُوَّةِ تَكْذِيبًا مُطْلَقًا، بَلْ هُمْ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ أَحْوَالِهَا، وَيَكْفُرُونَ [بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ (6)، وَهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِيمَا] يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَكْفُرُونَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْخِلَالِ، فَلِهَذَا يَلْتَبِسُ أَمْرُهُمْ بِسَبَبِ تَعْظِيمِهِمْ لِلنُّبُوَّاتِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ (7) [الْجَهَالَاتِ. (1) م: اتِّبَاعِ.

    (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ مَكَانُهُ بَيَاضٌ فِي (ن). وَسَأَكْتَفِي فِيمَا يَلِي بِوَضْعِ الْمَعْقُوفَتَيْنِ بِدُونِ الْإِشَارَةِ إِلَى وُجُودِ الْبَيَاضِ فِي (ن) إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

    (3) ن، م: دِينِ الْمُسْلِمِينَ.

    (4) ن، م: وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا سِوَاهُ.

    (5) ن، م: لِظُلْمِ.

    (6) الْأَحْوَالِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

    (7) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ل) .

    وَالرَّافِضَةُ، وَالْجَهْمِيَّةُ] (1) هُمُ الْبَابُ لِهَؤُلَاءِ الْمُلْحِدِينَ، مِنْهُمْ يَدْخُلُونَ إِلَى سَائِرِ أَصْنَافِ الْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَآيَاتِ [كِتَابِهِ الْمُبِينِ، كَمَا قَرَّرَ ذَلِكَ] رُءُوسُ [الْمُلْحِدَةِ مِنَ] الْقَرَامِطَةِ (2) الْبَاطِنِيَّةِ (3)، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ.

    وَذَكَرَ مَنْ أَحْضَرَ هَذَا الْكِتَابَ أَنَّهُ مِنْ [أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي تَقْرِيرِ مَذَاهِبِهِمْ] عِنْدَ مَنْ مَالَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُلُوكِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ صَنَّفَهُ (4) لِلْمَلِكِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي سَمَّاهُ فِيهِ (5) [خَدَابَنْدَهْ (6)، وَطَلَبُوا مِنِّي بَيَانَ مَا فِي هَذَا] (1) الْجَهْمِيَّةُ هُمُ الْمُنْتَسِبُونَ إِلَى جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ أَبِي مُحْرِزٍ مَوْلَى بَنِي رَاسِبٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَقَدْ تَتَلْمَذَ عَلَى الْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، كَمَا اتَّصَلَ بِمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ مِنَ الْمُرْجِئَةِ. وَكَانَ الْجَهْمُ كَاتِبًا لِلْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ مِنْ زُعَمَاءِ خُرَاسَانَ، وَخَرَجَ مَعَهُ عَلَى الْأُمَوِيِّينَ، فَقُتِلَا بِمَرْوَ سَنَةَ 128 هـ.

    وَالْجَهْمِيَّةُ تُطْلَقُ أَحْيَانًا بِمَعْنًى عَامٍّ وَيُقْصَدُ بِهَا نُفَاةُ الصِّفَاتِ عَامَّةً، وَتُطْلَقُ أَحْيَانًا بِمَعْنًى خَاصٍّ وَيُقْصَدُ بِهَا مُتَابِعُو الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ فِي آرَائِهِ وَأَهَمُّهَا نَفْيُ الصِّفَاتِ وَالْقَوْلُ بِالْجَبْرِ وَالْقَوْلُ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. انْظُرْ مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/197 - 198، 224، 312؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/79 - 81؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 128 - 129؛ التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ 63 - 64. وَانْظُرْ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنِ الْجَهْمِيَّةِ فِي التِّسْعِينِيَّةِ ضِمْنَ الْفَتَاوَى 5/31 - 35، الْقَاهِرَةَ 1329.

    (2) الْقَرَامِطَةُ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ هُمُ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إِلَى حَمْدَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ الَّذِي كَانَ يُلَقَّبُ بِقَرْمَطَ وَقَدْ تَتَلْمَذَ عَلَى حُسَيْنٍ الْأَهْوَازِيِّ رَسُولِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ، ثُمَّ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مَقَرًّا قُرْبَ الْكُوفَةِ سَمَّاهُ دَارَ الْهِجْرَةِ وَأَخَذَ هُوَ وَأَتْبَاعُهُ يَشُنُّونَ مِنْهُ الْغَارَاتِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدِ انْتَشَرَتْ دَعْوَتُهُ فِي أَنْحَاءَ كَثِيرَةٍ فِي الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ وَكَانَتْ سَبَبًا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقَلَاقِلِ وَالْحُرُوبِ. وَذَكَرَ ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 177) أَنَّ حَمْدَانَ قَرْمَطَ كَانَ مِنَ الصَّابِئَةِ الْحَرَّانِيَّةِ. انْظُرْ أَيْضًا: هِيوَارَ فِي دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَادَّةَ: حَمْدَانَ قَرْمَطَ؛ آدَم مِتْز: الْحَضَارَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ 2/45 - 49، الْقَاهِرَةَ، 1948؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 169 - 172؛ مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/98.

    (3) م: الْبَاطِنَةِ.

    (4) أ: صَنَعَهُ.

    (5) فِيهِ: زِيَادَةٌ فِي (م)، (ن) .

    (6) خَدَابَنْدَهْ: كَذَا فِي (ب). وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: خَذَابَنْدَهْ.

    الْكِتَابِ مِنَ الضَّلَالِ، وَبَاطِلِ الْخِطَابِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ نَصْرِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَبَيَانِ [بُطْلَانِ أَقْوَالِ الْمُفْتَرِينَ الْمُلْحِدِينَ] .

    فَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْلَى (1) مَا يَقُولُونَهُ فِي بَابِ الْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ، فَالْقَوْمُ [مِنْ أَضَلِّ النَّاسِ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، فَإِنَّ] الْأَدِلَّةَ إِمَّا نَقْلِيَّةٌ، وَإِمَّا عَقْلِيَّةٌ، وَالْقَوْمُ مِنْ أَضَلِّ النَّاسِ فِي الْمَنْقُولِ، وَالْمَعْقُولِ فِي الْمَذَاهِبِ [وَالتَّقْرِيرِ، وَهُمْ مِنْ أَشْبَهِ (2) النَّاسِ بِمَنْ] قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [سُورَةُ الْمُلْكِ: 10]، [وَالْقَوْمُ (3) مِنْ أَكْذَبِ النَّاسِ فِي النَّقْلِيَّاتِ، وَمِنْ أَجْهَلِ (4)] النَّاسِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، يُصَدِّقُونَ مِنَ الْمَنْقُولِ بِمَا يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ بِالِاضْطِرَارِ (5) أَنَّهُ مِنَ [الْأَبَاطِيلِ، وَيُكَذِّبُونَ بِالْمَعْلُومِ مِنَ الِاضْطِرَارِ (6)] الْمُتَوَاتِرِ أَعْظَمَ تَوَاتُرٍ فِي الْأُمَّةِ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ، وَلَا يُمَيِّزُونَ فِي نَقَلَةِ الْعِلْمِ، وَرُوَاةِ [الْأَحَادِيثِ (7)]، وَالْأَخْبَارِ (8) [بَيْنَ الْمَعْرُوفِ بِالْكَذِبِ، أَوِ] الْغَلَطِ، أَوِ الْجَهْلِ (9) بِمَا يُنْقَلُ، وَبَيْنَ الْعَدْلِ الْحَافِظِ الضَّابِطِ الْمَعْرُوفِ بِالْعِلْمِ بِالْآثَارِ (10) . (1) مِنْ أَعْلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ل) .

    (2) م: وَمِنْ أَشْبَهِ.

    (3) أ، ب، ل: وَهُمْ.

    (4) م: وَأَجْهَلِ.

    (5) م: مِنَ الِاضْطِرَارِ.

    (6) م: بِالِاضْطِرَارِ.

    (7) الْأَحَادِيثِ: زِيَادَةٌ فِي (م) .

    (8) وَالَاخْبَارِ: كَذَا فِي (م) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الْأَخْبَارِ.

    (9) م، ن: وَالْجَهْلِ.

    (10) بِالْآثَارِ: كَذَا فِي (م). وَفِي يَسَارِ النُّسَخِ: وَالْآثَارِ.

    [وَعُمْدَتُهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى التَّقْلِيدِ]، وَإِنْ ظَنُّوا إِقَامَتَهُ بِالْبُرْهَانِيَّاتِ، فَتَارَةً يَتَّبِعُونَ الْمُعْتَزِلَةَ، وَالْقَدَرِيَّةَ (1)، وَتَارَةً يَتَّبِعُونَ الْمُجَسِّمَةَ (2)، [وَالْجَبْرِيَّةُ (3)، وَهُمْ مِنْ أَجْهَلِ هَذِهِ الطَّوَائِفِ] بِالنَّظَرِيَّاتِ، وَلِهَذَا كَانُوا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ أَجْهَلِ الطَّوَائِفِ الدَّاخِلِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ. (1) الْقَدَرِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَخُوضُونَ فِي الْقَدَرِ وَيَذْهَبُونَ إِلَى إِنْكَارِهِ. وَأَوَّلُ الْقَدَرِيَّةِ هُوَ - عَلَى الْأَرْجَحِ - مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ الْمَقْتُولُ سَنَةَ 80 هـ. (انْظُرْ شَرْحَ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ 1/150 - 151) وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْلَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمَقْتُولُ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. انْظُرِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 70؛ الْمُعْتَزِلَةَ تَأْلِيفُ زُهْدِي جَار اللَّهِ (الْقَاهِرَةَ، 1947) ص [0 - 9] - 7.

    وَقَدْ ذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ فِي مَقَالَاتِهِ اخْتِلَافَ الرَّافِضَةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَبَيَّنَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانُوا يُتَابِعُونَ الْمُعْتَزِلَةَ وَالْقَدَرِيَّةَ. انْظُرِ الْمَقَالَاتِ 1/105، 110، 114، 115، (وَنَقَلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَعْضَ كَلَامِهِ فِيمَا يَلِي مِنْ هَذَا الْكِتَابِ: بُولَاقَ 1/214). وَانْظُرْ أَيْضًا ضُحَى الْإِسْلَامِ لِأَحْمَدَ أَمِين 3/267 - 268، الْقَاهِرَةَ، 1949.

    (2) الْمُجَسِّمَةُ هُمُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ مِنَ الْأَجْسَامِ، وَقَدْ أَوْرَدَ الْأَشْعَرِيُّ (الْمَقَالَاتِ 1/102 - 105) آرَاءَ خَمْسِ فِرَقٍ مِنَ الشِّيعَةِ الْأَوَائِلِ وَكُلُّهَا تَذْهَبُ إِلَى التَّجْسِيمِ مِثْلَ قَوْلِ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جِسْمٌ طُولُهُ مِثْلُ عَرْضِهِ، وَعَرْضُهُ مِثْلُ عُمْقِهِ ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ (1/105) وَقَالُوا فِي التَّوْحِيدِ بِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ، فَأَمَّا أَوَائِلُهُمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ مَا حَكَيْنَا عَنْهُمْ مِنَ التَّشْبِيهِ . وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِنَا هَذَا (بُولَاقَ 1/203) كَلَامَ الْأَشْعَرِيِّ فِي هَذَا الصَّدَدِ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا عَنِ الْمُجَسِّمَةِ (1/238 - 240). وَانْظُرْ أَيْضًا دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَادَّةَ جَسَمَ ، 6/460 - 461، وَمَادَّةَ التَّشْبِيهِ : 5/257 - 258.

    (3) م: الْجَبْرِيَّةُ وَالْمُجَسِّمَةُ. وَالْجَبْرِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ لَا يُثْبِتُونَ لِلْعَبْدِ فِعْلًا، وَلَا قُدْرَةً عَلَى الْفِعْلِ أَصْلًا، بَلْ يُضِيفُونَ الْفِعْلَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَلَا تُوجَدُ - فِيمَا نَعْلَمُ - فِرَقٌ تَنْفَرِدُ بِالْقَوْلِ بِالْجَبْرِ، بَلْ أَكْثَرُ الْجَبْرِيَّةِ يَقُولُونَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأُمُورٍ أُخْرَى مِثْلَ الْجَهْمِيَّةِ وَالنَّجَّارِيَّةِ وَالضِّرَارِيَّةِ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْجَبْرِ وَنَفْيِ الصِّفَاتِ. انْظُرِ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/79 - 83؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 126 - 130؛ اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ 68 - 69.

    وَلَمْ أَجِدْ فِيمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ الْمَرَاجِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى مُتَابَعَةِ الشِّيعَةِ لِلْجَبْرِيَّةِ، وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ الْمَقَالَاتِ 1/110 - 112؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/146 - 147، 154.

    [وَمِنْهُمْ مَنْ أَدْخَلَ عَلَى الدِّينِ] مِنَ الْفَسَادِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا رَبُّ الْعِبَادِ، فَمَلَاحِدَةُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ (1)، وَالنُّصَيْرِيَّةُ (2)، وَغَيْرِهِمْ مِنَ [الْبَاطِنِيَّةِ (1) انْقَسَمَتِ الشِّيعَةُ الْإِمَامِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ حَوَالَيْ سَنَةِ 147 هـ إِلَى عِدَّةِ فِرَقِ أَهَمُّهَا الْمُوسَوِيَّةُ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ، قَالَتِ الْأُولَى مِنْهُمَا بِإِمَامَةِ مُوسَى الْكَاظِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَهُمُ الْمُوسَوِيَّةُ، وَقَالَتِ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا بِإِمَامَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُمُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ. وَانْقَسَمَتِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ بِدَوْرِهَا إِلَى فِرْقَتَيْنِ، قَالَتِ الْأُولَى مِنْهُمَا: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ لَمْ يَمُتْ بَلْ أَظْهَرَ الْمَوْتَ تَقِيَّةً (وَالْقَرَامِطَةُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ مِنْ هَؤُلَاءِ)، وَقَالَتِ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ: بَلْ مَاتَ وَالْإِمَامُ بَعْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُبَارَكِيَّةُ. ثُمَّ انْقَسَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَنْ وَقَفَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَقَالَ بِرَجْعَتِهِ بَعْدَ غَيْبَتِهِ، وَإِلَى مَنْ سَاقَ الْإِمَامَةَ فِي الْمَسْتُورِينَ مِنْهُمْ ثُمَّ فِي الظَّاهِرِينَ الْقَائِمِينَ وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ الْبَاطِنِيَّةُ. انْظُرِ الْمَقَالَاتِ 1/98 - 99، 100 - 101؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/149، 170 - 178. وَانْظُرْ أَيْضًا كِتَابَ الدُّكْتُور مُحَمَّد كَامِل حُسَيْن: طَائِفَةَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، الْقَاهِرَةَ، 1959؛ هِيوَار: مَقَالَةٌ عَنِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ جُولْد تِسِيهَر: الْعَقِيدَةُ وَالشَّرِيعَةُ، ص 212 - 220 (الطَّبْعَةَ الْأُولَى) ؛مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ: كِتَابَ قَوَاعِدِ عَقَائِدِ آلِ مُحَمَّدٍ الْبَاطِنِيَّةِ، شتروتمان: مَقَالَةَ السَّبْعِيَّةِ، دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ. Donaldson shi، ite religion pp. 153، 357 - 358، luzac. London 1993.

    (2) النُّصَيْرِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنْ غُلَاةِ الشِّيعَةِ قَالُوا بِظُهُورِ الْحَقِّ بِصُورَةِ عَلِيٍّ وَالْأَئِمَّةِ وَلِذَلِكَ أَطْلَقُوا عَلَيْهِمُ اسْمَ الْإِلَهِيَّةِ. يَقُولُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/168 - 169) عَلَى لِسَانِهِمْ وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَا هَذَا الِاخْتِصَاصَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دُونَ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ مَخْصُوصًا بِتَأْيِيدٍ إِلَهِيٍّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِبَاطِنِ الْأَسْرَارِ. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَا أَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ . وَيَذْكُرُ جُولْدُ تِسِيهَر (الْعَقِيدَةَ وَالشَّرِيعَةَ، ص [0 - 9] 84 - 185) أَنَّ النُّصَيْرِيَّةَ جَعَلُوا مُحَمَّدًا فِي مَنْزِلَةٍ أَقَلَّ شَأْنًا مِنْ عَلِيٍّ وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ حِجَابًا لَهُ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ (ص 220 - 221) يَقُولُ جُولْدُتِسِيهَر إِنَّ النُّصَيْرِيَّةَ يَسْكُنُونَ الْإِقْلِيمَ الْوَاقِعَ بَيْنَ طَرَابُلُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ وَأَنَّ مَذْهَبَهُمُ الْأَصْلِيَّ هُوَ اثْنَا عَشْرِيٍّ وَلَكِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْأَفْكَارُ وَالْعَقَائِدُ الْوَثَنِيَّةُ الْقَائِلَةُ بِتَأْلِيهِ عَلِيٍّ وَالْأَئِمَّةِ. أَمَّا Donaldson فَيَذْهَبُ فِي كِتَابِهِ سَالِفِ الذِّكْرِ (ص 153) إِلَى أَنَّ النُّصَيْرِيَّةَ يُمْكِنُ - إِلَى حَدِّ مَا - إِرْجَاعُ أَصْلِهِمْ إِلَى السَّبْعِيَّةِ. وَلِابْنِ تَيْمِيَّةَ رِسَالَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى النُّصَيْرِيَّةِ ضِمْنَ مَجْمُوعِ رَسَائِلِ (الْمَطْبَعَةِ الْحُسَيْنِيَّةِ، الْقَاهِرَةَ، 1323)، ص 94 - 102، وَانْظُرْ مَا سَيَرِدُ عَنْهُمْ فِي كِتَابِنَا هَذَا، 1/240 بُولَاقَ.

    الْمُنَافِقِينَ مِنْ بَابِهِمْ (1) دَخَلُوا]، وَأَعْدَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ بِطَرِيقِهِمْ وَصَلُوا، وَاسْتَوْلَوْا بِهِمْ عَلَى بِلَادِ [الْإِسْلَامِ، وَسَبَوُا الْحَرِيمَ، وَأَخَذُوا] الْأَمْوَالَ، وَسَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ، وَجَرَى عَلَى الْأُمَّةِ بِمُعَاوَنَتِهِمْ مِنْ فَسَادِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا (2) [مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ] .

    إِذْ كَانَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ إِحْدَاثِ الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ عَاقَبَهُمْ فِي حَيَاتِهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (3)، فَحَرَّقَ مِنْهُمْ طَائِفَةً (4) بِالنَّارِ، وَطَلَبَ قَتْلَ بَعْضِهِمْ، [فَفَرُّوا] مِنْ سَيْفِهِ الْبَتَّارِ، وَتَوَعَّدَ بِالْجَلْدِ (5) طَائِفَةً مُفْتَرِيَةً (6) فِيمَا عُرِفَ (7) عَنْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ، (8) [إِذْ قَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ مِنَ الْوُجُوهِ الْكَثِيرَةِ] (8) (8) أَنَّهُ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ أَسْمَعَ مَنْ حَضَرَ: خَيْرُ [هَذِهِ] (9) (1) أ، ل: الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّهُمْ. .، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

    (2) أ، ل، ب: الدُّنْيَا وَالدِّينِ.

    (3) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَتْ فِي (ن)، (م) .

    (4) م: طَائِفَةً مِنْهُمْ.

    (5) أ، ل: بِالْخُلْدِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ ظَاهِرٌ.

    (6) مُفْتَرِيَةً: كَذَا فِي (ن)، (م)، (ل)، وَفِي (أ)، (ب): مُغِيرِيَّةً. وَالْمُغِيرِيَّةُ هُمْ أَصْحَابُ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَجَلِيِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَنْهُ فِيمَا بَعْدُ. وَقَدْ رُجِّحَتْ قِرَاءَةُ مُفْتَرِيَةً لِاتِّفَاقِهَا مَعَ سِيَاقِ الْكَلَامِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَلْبِيسِ إِبْلِيسَ ، (ص 101، الطَّبْعَةَ الثَّانِيَةَ بِالْمَطْبَعَةِ الْمُنِيرِيَّةِ، الْقَاهِرَةَ، 1368) مِنْ كَلِمَةٍ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْلَهُ: أَلَا فَمَنْ أُوتِيتُ بِهِ يَقُولُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ (كَذَا وَلَعَلَّ صَوَابَهَا: هَذَا بَعْدَ الْيَوْمِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْقَوْلُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ الطَّعْنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) فَإِنَّ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي. وَسَيَذْكُرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا يَلِي (1/84 بُولَاقَ) هَذِهِ الْقِصَّةَ، وَلَكِنَّهُ يُطْلِقُ عَلَيْهِمُ اسْمَ الْمُفَضِّلَةِ أَيِ الَّذِينَ يُفَضِّلُونَ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -

    (7) ن، م: تَوَاتَرَ.

    (8) (8 - 8) سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (م) وَمَكَانُهَا بَيَاضٌ.

    (9) هَذِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .

    الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَبِذَلِكَ أَجَابَ ابْنَهُ (1) [مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ] (2) فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3)، وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ. (1) ن، م، أ، ل: لِابْنِهِ.

    (2) هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ عَلَى الْأَرْجَحِ سَنَةَ 81 هـ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي ابْنِ خَلِّكَانَ 3/310 - 313؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/88 - 90. وَالْفِرْقَةُ الْمُخْتَارِيَّةُ (أَصْحَابُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ) وَهِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ فُرُوعِ الْفِرْقَةِ الْكَيْسَانِيَّةِ كَانَتْ تَعْتَقِدُ بِإِمَامَتِهِ. وَيَذْكُرُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/132 - 133) أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ تَبَرَّأَ مِنَ الْمُخْتَارِ لَمَّا وَقَفَ عَلَى مَزَاعِمِهِ. وَانْظُرْ أَيْضًا مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/90 - 91.

    (3) الْأَثَرُ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/7 (كِتَابَ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَابُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) وَنَصُّهُ.. عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ. وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ: عُثْمَانُ. قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ. قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا الْأَثَرُ مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/288 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي التَّفْضِيلِ). وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/39 (الْمُقَدِّمَةَ، فَضْلُ عُمَرَ). . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرٍ وَخَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ. وَوَرَدَ الْأَثَرُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي (ط. الْمَعَارِفِ) بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ 24 مَرَّةً كَالْآتِي: عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ (الْأَحَادِيثَ رَقْمَ 833، 835 - 837، 871، 878 - 880، 1054) وَعَنْ عَبْدِ خَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ (الْأَرْقَامَ 908، 909، 922، 932 - 934، 1030، 1031، 1040، 1052، 1060). وَعَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ (926، 932) وَعَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ (834). وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ (1051) وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَنَدَ جَمِيعِ هَذِهِ الْآثَارِ مَا عَدَا سَنَدَ الْآثَارِ 922، 1030 فَقَدْ حَسَّنَهُمَا، 1052 فَقَدْ ضَعَّفَهُ. وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ 1/518 حَدِيثَيْنِ الْأَوَّلُ هُوَ: خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ثُمَّ قَالَ: كر = ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَلِيٍّ وَقَالَ: الْمَحْفُوظُ مَوْقُوفٌ وَالثَّانِي هُوَ: خَيْرُ أُمَّتِي بَعْدِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ثُمَّ قَالَ: كر = ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ مَعًا، ك = الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَاءَ الْحَدِيثُ الثَّانِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ 2/10 (ط. مُصْطَفَى الْحَلَبِيِّ، 1358 1939) وَلَمْ. يَذْكُرْ أَنَّ الْحَدِيثَ عَنِ الْحَاكِمِ، وَحَسَّنَ السُّيُوطِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَكِنَّ الْأَلْبَانِيَّ ضَعَّفَهُ فِي ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ 3/137 .

    وَلِهَذَا كَانَتِ الشِّيعَةُ الْمُتَقَدِّمُونَ الَّذِينَ صَحِبُوا عَلِيًّا، [أَوْ كَانُوا (1) فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ] لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَإِنَّمَا كَانَ نِزَاعُهُمْ فِي [تَفْضِيلِ] (2) عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ، وَهَذَا مِمَّا يَعْتَرِفُ بِهِ (3) [عُلَمَاءُ الشِّيعَةِ الْأَكَابِرُ مِنَ] الْأَوَائِلِ، وَالْأَوَاخِرِ حَتَّى ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ (4) أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ (5). قَالَ: سَأَلَ سَائِلٌ شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [أَبِي] نَمِرٍ (6)، [فَقَالَ لَهُ: (7) أَيُّهُمَا أَفْضَلُ أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عَلِيٌّ؟ فَقَالَ لَهُ]: أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: أَتَقُولُ هَذَا، وَأَنْتَ مِنَ الشِّيعَةِ؟ (8) فَقَالَ: نَعَمْ إِنَّمَا الشِّيعِيُّ [مَنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا (9)، وَاللَّهِ لَقَدْ] رَقَى عَلِيٌّ (10) هَذَا الْأَعْوَادَ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ خَيْرَ (11) هَذِهِ الْأُمَّةِ (1) م: وَكَانُوا.

    (2) تَفْضِيلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .

    (3) ن: مِمَّا يَعْرِفُهُ، م: مِمَّا تَعْرِفُهُ.

    (4) أ، ل: ذَكَرَ ذَلِكَ مِثْلُ.

    (5) هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودٍ الْكَعْبِيُّ الْبَلْخِيُّ صَاحِبُ الْمَقَالَاتِ . وَرَأَسُ فِرْقَةِ الْكَعْبِيَّةِ مِنْ فِرَقِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ 319، وَقِيلَ سَنَةَ 317. انْظُرِ ابْنَ خَلِّكَانَ 2/248 - 249؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 108 - 110؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/73

    (6) ن، م: شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَمِرٍ؛ أ: لِشَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ. وَيَذْكُرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِيمَا بَعْدُ (1/168 بُولَاقَ). وَشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ الْقُرَشِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 140 هـ. تَرْجَمْتُهُ فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 4/337 - 338؛ خُلَاصَةِ تَهْذِيبِ الْكَمَالِ لِلْخَزْرَجِيِّ، ص 140.

    (7) م: نَمِرٌ أَنَّهُ قَالَ لَهُ قَائِلٌ.

    (8) أ، ل، ب: تَقُولُ هَذَا وَأَنْتَ شِيعِيٌّ.

    (9) أ، ل، ب: فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، مَنْ لَمْ يَقُلْ هَذَا فَلَيْسَ بِشِيعِيٍّ (فِي ب فَلَيْسَ شِيعِيًّا) .

    (10) عَلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ أ ، ل ، ب .

    (11) م: فَقَالَ أَلَا خَيْرُ؛ ل: فَقَالَ: إِنَّ خَيْرَ.

    بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، أَفَكُنَّا (1) نَرُدُّ [قَوْلَهُ؟ أَكُنَّا (2) نُكَذِّبُهُ؟ وَاللَّهِ مَا كَانَ] كَذَّابًا! ذَكَرَ هَذَا [أَبُو الْقَاسِمِ] الْبَلْخِيُّ. (3) فِي النَّقْضِ عَلَى ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ (4) اعْتِرَاضَهُ (5) عَلَى الْجَاحِظِ (6). نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَاضِيَ [عَبْدُ الْجَبَّارِ الْهَمْدَانِيُّ (1) أَفَكُنَّا: كَذَا فِي (ن)، (ل). وَفِي (م)، (أ): فَكُنَّا. وَفِي (ب): فَكَيْفَ.

    (2) أ: لَكُنَّا؛ ب: وَكَيْفَ.

    (3) ن، م: ذَكَرَ هَذَا الْبَلْخِيُّ؛ أ، ل، ب: نَقَلَ هَذَا عَبْدُ الْجَبَّارِ الْهَمْدَانِيُّ فِي كِتَابِ تَثْبِيتِ النُّبُوَّةِ قَالَ ذَكَرَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ.

    (4) هُوَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ الرَّاوَنْدِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 298 وَقِيلَ: 245. كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ فَارَقَهُمْ وَهَاجَمَ مَذْهَبَهُمْ وَصَارَ مُلْحِدًا زِنْدِيقًا، وَقَدْ عَدَّهُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/170) وَالْأَشْعَرِيُّ (الْمَقَالَاتِ 1/127) مِنْ مُؤَلِّفِي كُتُبِ الشِّيعَةِ. وَذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ (الْمَقَالَاتِ 1/205) أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِقَوْلِ أَصْحَابِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ فِي الْإِرْجَاءِ. وَقَدْ تَكَلَّمَ عَنْهُ الْخَوَانْسَارِيُّ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ (ص 54) بِالتَّفْصِيلِ وَذَكَرَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ابْنَ الرَّاوَنْدِيِّ كَانَ يَهُودِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ مُنْتَصِبًا قَائِلًا بِإِمَامَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمِنْ أَنَّهُ كَانَ يُرْمَى عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِالزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا بَعْدُ (1/136) مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ (الْفِصَلَ 4/154) عَنِ الرَّاوَنْدِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (نَسَبَهُمُ الرَّازِيُّ فِي اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ ، ص [0 - 9] 3، إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ الرَّاوَنْدِيِّ، وَانْظُرْ مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/94) وَيَقُولُ الْخَوَانْسَارِيُّ بِاحْتِمَالِ كَوْنِ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ الْمُلْحِدِ غَيْرَ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ الشِّيعِيِّ، وَالْأَمْرُ كَمَا نَرَى فِي حَاجَةٍ إِلَى مَزِيدٍ مِنَ التَّحْقِيقِ. وَقَدْ أَلَّفَ ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ كُتُبًا عِدَّةً مِنْهَا كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَكِتَابُ فَضِيحَةِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِي كَتَبَهُ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى كِتَابِ الْجَاحِظِ فَضِيلَةِ الْمُعْتَزِلَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ الْخَيَّاطُ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ وَالْبَلْخِيُّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ. وَانْظُرْ أَيْضًا عَنِ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ : ابْنَ خَلِّكَانَ 1/78 - 79؛ تَكْمِلَةَ الْفِهْرِسْتِ لِابْنِ النَّدِيمِ 4 - 5؛ مُقَدِّمَةَ الدُّكْتُور نيبرجَ لِكِتَابِ الِانْتِصَارِ لِلْخَيَّاطِ، الْقَاهِرَةَ 1925؛ الْأَعْلَامَ 1/252 - 253.

    (5) أ، ل، ب: عَلَى اعْتِرَاضِهِ.

    (6) الْجَاحِظُ (أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ الْكِنَانِيُّ اللَّيْثِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 250 وَقِيلَ: 255) مِنْ أَئِمَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُوَ رَأْسُ فِرْقَةِ الْجَاحِظِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَيْهِ، وَمِنْ أَشْهَرِ كُتُبِهِ كِتَابُ فَضِيلَةِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي التَّعْلِيقِ السَّابِقِ. انْظُرْ وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 3/140 - 144؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/121 - 122؛ يَاقُوتٌ: مُعْجَمَ الْأُدَبَاءِ (ط. رِفَاعِيٍّ) 16 - 114؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/71 - 72؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ ص 105 - 107 فِي كِتَابِ] (تَثْبِيتِ النُّبُوَّةِ) (1) .

    [

    تحريم كتمان العلم

    ]

    [ (فَصْلٌ (2) .)] .

    فَلَمَّا أَلَحُّوا فِي طَلَبِ الرَّدِّ لِهَذَا الضَّلَالِ الْمُبِينِ، ذَاكِرِينَ أَنَّ فِي الْإِعْرَاضِ [عَنْ ذَلِكَ خِذْلَانًا لِلْمُؤْمِنِينَ]، وَظَنَّ (3) أَهْلُ الطُّغْيَانِ نَوْعًا مِنَ الْعَجْزِ [عَنْ] (4) رَدِّ هَذَا الْبُهْتَانِ، فَكَتَبْتُ مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْبَيَانِ، [وَفَاءً بِمَا أَخَذَهُ اللَّهُ مِنَ] الْمِيثَاقِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْإِيمَانِ، وَقِيَامًا بِالْقِسْطِ، وَشَهَادَةً (1) فِي (أ)، (ب)، (ل): نَقَلَ هَذَا. إِلَخْ، كُتِبَتِ الْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةً وَمُضْطَرِبَةً. وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ هُوَ الْقَاضِي عِمَادُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيُّ الْأَسَدَابَادِيُّ، شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ فِي عَصْرِهِ، وَهُمْ يُلَقِّبُونَهُ قَاضِيَ الْقُضَاةِ ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 415، وَلَهُ مُؤَلِّفَاتٌ كَثِيرَةٌ أَهَمُّهَا الْمُغْنِي فِي الْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ وَ شَرْحُ الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ وَ تَثْبِيتُ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَ تَنْزِيهُ الْقُرْآنِ عَنِ الْمَطَاعِنِ . انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ وَمَذْهَبَهُ فِي: شَرْحِ الْعُيُونِ لِلْجُشَمِيِّ (ضِمْنَ كِتَابِ فَضْلِ الِاعْتِزَالَ وَطَبَقَاتِ الْمُعْتَزِلَةِ ، تَحْقِيقَ الْأُسْتَاذِ فُؤَاد سَيِّد، الدَّارَ التُّونِسِيَّةَ لِلنَّشْرِ، 1393 - 1974) ص 365 - 371؛ طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 5/97 - 98؛ لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/386 - 387؛ تَارِيخَ بَغْدَادَ 11/113 - 115؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/202 - 203؛ الْأَعْلَامَ 4/47. وَتَرْجَمَ لَهُ سَزْكِينُ مُجَلَّدَ 1 ج [0 - 9] ص [0 - 9] 1 - 84 وَذَكَرَ أَنَّهُ تُوجَدُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ مِنْ كِتَابِ تَثْبِيتِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي مَكْتَبَةِ شَهِيد عَلِي (إِسْتَانْبُولَ). وَتُوجَدُ مُصَوَّرَةٌ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ فِي مَعْهَدِ الْمَخْطُوطَاتِ الْعَرَبِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ بِرَقْمِ 60 تَوْحِيدٌ). وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي كِتَابِهِ تَثْبِيتِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ 1/549 تَحْقِيقُ د. عَبْدِ الْكَرِيمِ عُثْمَان (رَحِمَهُ اللَّهُ)، ط. دَارِ الْعَرَبِيَّةِ، بَيْرُوتَ، 1386/1966.

    (2) فَصْلٌ: زِيَادَةٌ فِي (أ)، (ل)، (ب) .

    (3) ن، م: فَظَنَّ.

    (4) عَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

    لِلَّهِ (1)، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 135]، وَاللَّيُّ (2) هُوَ تَغْيِيرُ الشَّهَادَةِ، [وَالْإِعْرَاضُ كِتْمَانُهَا.

    وَاللَّهُ تَعَالَى] قَدْ أَمَرَ بِالصِّدْقِ، وَالْبَيَانِ، وَنَهَى عَنِ الْكَذِبِ، وَالْكِتْمَانِ فِيمَا يُحْتَاجُ [إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَإِظْهَارِهِ، كَمَا قَالَ: النَّبِيُّ] (3) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: («الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا، وَبَيَّنَا بُورِكَ [لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا، وَكَذَّبَا» (4)] «مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» (5) .) .

    وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 8] . (1) ن، م: شَهَادَةِ اللَّهِ.

    (2) أ: وَاللَّائِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ ظَاهِرٌ.

    (3) النَّبِيُّ: زِيَادَةٌ فِي (م) .

    (4) م: وَإِنْ كَذَّبَا وَكَتَمَا.

    (5) الْحَدِيثَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. انْظُرْ مَثَلًا الْبُخَارِيَّ 3/58 (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ وَلَمْ يَكْتُمَا.)، 3/64 (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) ؛مُسْلِمٌ 3/1164 (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ الصِّدْقِ فِي الْبَيْعِ وَالْبَيَانِ). وَالْحَدِيثُ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - بِمَعْنَاهُ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ.

    وَمِنْ أَعْظَمِ الشَّهَادَاتِ مَا جَعَلَ اللَّهُ [أُمَّةَ مُحَمَّدٍ (1)] شُهَدَاءَ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 143] .

    وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 78]، وَالْمَعْنَى [عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ اللَّهَ سَمَّاهُمُ] الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْقُرْآنِ، وَفِي الْقُرْآنِ.

    وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 140]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 187]، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 159 - 160]، لَا سِيَّمَا الْكِتْمَانَ إِذَا لَعَنَ [آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، كَمَا فِي الْأَثَرِ: «إِذَا لَعَنَ] آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيُظْهِرْهُ، فَإِنَّ كَاتِمَ الْعِلْمِ يَوْمَئِذٍ كَكَاتِمِ [مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ» (2) . (1) م: مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    (2) م: مَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/96 - 97. (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَمَنْ كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَذَكَرَ الْمُحَقِّقُ: فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ كَذَّابٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ السِّرِيِّ، ضَعِيفٌ. وَفِي الْأَطْرَافِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ. وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَهُمَا وَسَائِطَ فَفِيهِ انْقِطَاعٌ أَيْضًا .

    وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ] هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمُ (1) الَّذِينَ قَامُوا بِالدِّينِ تَصْدِيقًا، وَعِلْمًا، وَعَمَلًا، وَتَبْلِيغًا، فَالطَّعْنُ فِيهِمْ [طَعْنٌ فِي الدِّينِ مُوجِبٌ لِلْإِعْرَاضِ عَمَّا] بَعَثَ اللَّهُ بِهِ (2) النَّبِيِّينَ.

    وَهَذَا كَانَ مَقْصُودَ أَوَّلِ مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَةَ التَّشَيُّعِ (3)، فَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُ (4) [الصَّدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِبْطَالَ مَا جَاءَتْ] بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ، وَلِهَذَا كَانُوا يُظْهِرُونَ ذَلِكَ بِحَسَبِ ضَعْفِ الْمِلَّةِ، فَظَهَرَ [فِي الْمَلَاحِدَةِ حَقِيقَةُ هَذِهِ الْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ] لَكِنْ رَاجَ كَثِيرٌ مِنْهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُلْحِدِينَ، لِنَوْعٍ مِنَ الشُّبْهَةِ، وَالْجَهَالَةِ [الْمَخْلُوطَةِ (5) بِهَوًى، فَقُبِلَ (6) مَعَهُ الضَّلَالَةُ]، وَهَذَا أَصْلُ كُلِّ بَاطِلٍ.

    قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (7) {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى - مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى - وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 1 - 4] إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى - أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى - تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى - إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 19 - 23]، فَنَزَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَنِ الضَّلَالِ، وَالْغَيِّ، وَالضَّلَالُ عَدَمُ الْعِلْمِ، وَالْغَيُّ اتِّبَاعُ الْهَوَى. (1) هُمْ: زِيَادَةٌ فِي (ن)، (م) .

    (2) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

    (3) ن: الشِّيَعِ.

    (4) ن، م: مَقْصُودُهُ.

    (5) م: الْمُخْتَلِطَةِ.

    (6) م: تُقْبَلُ.

    (7) أ، ل، ب: قَالَ تَعَالَى.

    كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 72]، فَالظَّلُومُ غَاوٍ، وَالْجَهُولُ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 73] (1) .

    وَلِهَذَا أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَقُولَ فِي صَلَاتِنَا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، [فَالضَّالُّ الَّذِي لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ] كَالنَّصَارَى، وَالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ (2) الْغَاوِي الَّذِي يَعْرِفُ الْحَقَّ، وَيَعْمَلُ بِخِلَافِهِ كَالْيَهُودِ.

    وَالصِّرَاطُ [الْمُسْتَقِيمُ يَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ] وَالْعَمَلَ بِهِ، كَمَا فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: «اللَّهُمَّ أَرِنِي الْحَقَّ حَقًّا، وَوَفِّقْنِي لِاتِّبَاعِهِ، وَأَرِنِي الْبَاطِلَ [بَاطِلًا، وَوَفِّقْنِي لِاجْتِنَابِهِ، وَلَا تَجْعَلْهُ] مُشْتَبِهًا عَلَيَّ، فَأَتَّبِعَ الْهَوَى» .

    وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (3)] «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (4) كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي يَقُولُ: (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ») (5)، فَمَنْ خَرَجَ (1) ن، م: وَالْمُؤْمِنَاتِ.. الْآيَةَ.

    (2) ن، م: عَلَيْهِمْ.

    (3) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

    (4) م: عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

    (5) الْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ 1/534 (كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَابُ الدُّعَاءِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقِيَامِهِ) وَأَوَّلُهُ:.. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1