Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني
الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني
الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني
Ebook690 pages5 hours

الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

لفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني كتاب من تأليف محمد الشوكاني. الكتاب هو موسوعة من المسائل والأجوبة التي جاوب عنها الشوكاني في فترة حياته، وشملت مناحي علوم الدين من الحديث النبوي والتفسير القرآني والفقه والأصول واللغة العربية.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJun 3, 1903
ISBN9786478037281
الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

Read more from الشوكاني

Related to الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

Related ebooks

Related categories

Reviews for الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني - الشوكاني

    الغلاف

    الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

    الجزء 2

    الشوكاني

    1250

    لفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني كتاب من تأليف محمد الشوكاني. الكتاب هو موسوعة من المسائل والأجوبة التي جاوب عنها الشوكاني في فترة حياته، وشملت مناحي علوم الدين من الحديث النبوي والتفسير القرآني والفقه والأصول واللغة العربية.

    بحث في وجود الجن

    تأليف

    محمد بن علي الشوكاني

    حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه

    محمد صبحي بن حسن حلاق

    أبو مصعب وصف المخطوط

    1 - عنوان الرسالة: بحث في وجود الجن.

    2 - موضوع الرسالة: في العقيدة.

    3 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم أحمدك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآله ورضي الله عن صحبه. وبعد: فإنه كثيرا ما يفتح البحث بين أهل العلم في وجود الجن والباعث.. . .

    4 - آخر الرسالة: بل راقم هذه الأحرف غفر الله له قد سمع كلامهم غير مرة، وطال بينه وبينهم الخطاب، وبعضهم أخذ يدي وقبلها، وكانت كفه كأكبر ما يكون من أيدي الإنس مع قصر في أصابعها. والحمد لله أولا وآخرا. كتبه محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما.

    5 - نوع الخط: خط نسخي معتاد.

    6 - الناسخ: المؤلف: محمد بن علي الشوكاني.

    7 - عدد الصفحات: (5) صفحات.

    8 - عدد الأسطر في الصفحة: 11 - 12 كلمة.

    9 - الرسالة من المجلد الرابع من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أحمدك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآله، ورضي الله عن صحبه، وبعد:

    فإنه كثيرا ما يقع البحث بين أهل العلم في وجود الجن، والباعث على ذلك هفوة وقعت من بعض علماء هذه الديار الموجودين بعد مضي ألف سنة من الهجرة. ولم يكن ذلك منه عن اعتقاد مطابق لما تكلم به، لأنه من علماء الكتاب والسنة، ومن أهل الدين المتن، ولكنه باحثه بعض المقصرين في هذه المسألة فجزم في مقام المباحثة بعدم وجودهم كما يقع كثيرا بين المتناظرين من النقض والمعارضة.

    واعلم أنه لم يتقدم إلى إنكار ذلك من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وعلماء الإسلام أحد قط، وإنما هي مقالة مروية عن جماعة من الفلاسفة، وجمهور الزنادقة، وهؤلاء لا نتكلم معهم في هذا المقام، فإنهم لا يتمسكون بشيء من الحجج القرآنية، والأحاديث النبوية، ولا يلتفتون إلى شيء من ذلك. وقد فرغ منهم الشيطان وأخرجهم من زمرة الإسلام، ولكنا نتكلم هاهنا مع بعض القائلين بذلك من المعتزلة (1)، فقد نقل جماعة عن جمهورهم، ونقله آخرون عن البعض منهم، وهذه الطائفة من أهل الإسلام، ومن المتمسكين بشرائعه، وإن خالفوا في بعض المسائل الأصولية خلافا تدفعه النصوص القرآنية، ومتواتر السنة، فلم يكن ذلك منهم كيادا للدين، ولا دفعا في وجه شريعة المسلمين، بل تمسكوا بشبهة أشبهت عليهم قالوا بها وقصروا عن العلم بغيرها مما يدفعها ويرفع لبسها.

    ولكن الشأن في إنكار من أنكر (2) منهم وجود الجن (3)، فإنه لا يكون إلا أحد رجلن: (1) سيأتي التعريف بها (ص 656).

    (2) انظر الإرشاد (ص 271 - 272) للجويني.

    (3) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاوى (17/ 465): " الجن سموا جنا لاجتنانهم، يجتنون عن الأبصار، أي: يستترون، كما قال تعالى: {فلما جن عليه الليل} [الأنعام: 76]. أي استولى عليه فغطاه وستره.

    وقال: والإنس سموا إنسا لأنهم يأنسون كما قال تعالى} إني آنست نارا {[طه: 10] أي رأيتها.

    وقال الحافظ في الفتح (6/ 394) والمراد بالشيطان: المتمردة من الجن.

    * وقال: والرسول مبعوث إلى الجنسين، لكن لفظ الناس لم يتناول الجن ولكن يقول} يا معشر الجن والإنس {[الرحمن: 33].

    لذلك تعلم أن لفظ الجن ليس قسما من لفظ الإنس ولكنه قسيم له.

    * قال إمام الحرمين في الإرشاد (ص 272): الجن والشياطين أجسام لطيفة نارية غائبة عن إدراك العيون قال: وعن بعض التابعين أن من الجن صنفا روحانيا، لا يأكل ولا يشرب ومنهم من يأكل ويشرب.

    والله أعلم بكيفية ذلك ومن مستفيض الأخبار أنهم سألوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزاد فأباح لهم كل عظم لم يذكر اسم الله تعالى عليه يجدونه أوفر ما كان لحما. وقيل: إنهم يعيشون بالشم لا بالأكل، وورد أن أرواث دوابنا علف دوابهم.

    * قال الونشريسي في المعيار المعرب (12/ 309): قيل: والصواب أن حكم من أنكر وجود الجن من المعتزلة أنه كافر، لأنه جحد نص القرآن والسنن المأثورة والإجماع الضروري، وآية الأحقاف وسورة:} قل أوحى {أي سورة الجن. وخطاب الجن والإنس معلوم بالضرورة، وكذا ذكر توعدهم بالنار، فهو بنص القرآن" اهـ.

    إما معاند لا يتقيد بالكتاب والسنة، وهذا لا ينبغي الكلام معه، وإما جاهل جهلا منكرا لا يعرف معه كتاب الله -سبحانه - بل لا يعرف معه سورة الرحمن، وسورة الجن، بل لا يعرف ورود القرآن بالاستعاذة (1) من الشيطان [1 أ]، ومثل هذا وإن كان معذورا بما هو فيه من الجهل لكنه غير معذور في التكلم بما ليس من شأنه، وأجهل منه من حكى عنه هذه المقالة المردودة ودونها في كتب العلم، ونصب له خلافا في هذه المسألة التي هي معلومة للنساء والصبيان، فضلا عن الرجال، فضلا عن أهل العلم. وليس بأيدي هؤلاء إلا مجرد الاستبعاد والرجوع إلى تخيلات مختلة، وعلل معتلة، مع (1) قال تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: 98].

    قطع النظر عن هذه الشريعة المحمدية، بل مع قطع النظر عن الشرائع المتقدمة على هذه الشريعة، فإنها متفقة على وجودهم، وكذلك أهلها متفقون على ذلك مقرون به كإقرار المسلمين، وهؤلاء اليهود والنصارى موجودون في كثير من البلاد الإسلامية قد لا يخلو عنهم قطر من الأقطار من أراد أن يعرف صدق ما ذكرناه فليسأل من له [نباهة] (1) منهم، بل جميع مشركي (2) العرب مقرون بذلك لا خلاف فيه بينهم، وينقلون ما يسمعونه من الجن من الأشعار التي يصرخون بها بين أظهرهم، ومن الكلمات التي يسمعونها من الأوثان التي ينصبونها في ديرتهم، ويروي ذلك الآخر عن الأول، حتى وصلت إلى أهل الإسلام، ونقلوها في الكتب الإخبارية، والآيات القرآنية في إثبات وجودهم معلومة لا نطيل بذكرها، ولكنا هاهنا نذكر بعض ما ورد في السنة المطهرة (3) حتى يعلم من وقف على هذا البحث أن المنكر لذلك منكر لقطعي بل ضروري ديني يحصل العلم بفرد من أفراد الأدلة الواردة فيه، فالمفكر إن كان يعلم بما في المصحف الشريف، وصمم على هذا الجهل المتبالغ فهو مستحق لما يستحقه من أنكر الشريعة المطهرة، ودفع ما فيها ورد ما جاءت به، وشهد على أنه بالإلحاد والمروق من دين الإسلام. وقد تضمن القرآن الكريم بيان ما خلقوا منه فضلا عن بيان وجودهم، قال الله (1) في المخطوطة بنهاهة ولعل الصواب ما أثبتناه.

    (2) قال صاحب آكام المرجان في أحكام الجان ص 5: قال الشيخ أبو العباس ابن تيمية لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين وإن وجد فيهم من ينكر ذلك فكما يوجد في بعض طوائف المسلمين كالجهمية والمعتزلة من ينكر ذلك وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرون بذلك، وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء عليهم السلام تواترا معلوما بالاضطرار ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة مأمورون منهيون ليسوا صفات وأعراضا قائما بالإنسان أو غيره.

    وانظر: لقط المرجان للسيوطي (ص 17).

    (3) في المخطوط المطهر، ولعل الصواب ما أثبتناه.

    -عز وجل-:} وخلق الجان من مارج من نار {(1) وقال سبحانه:} والجان خلقناه من قبل من نار السموم {(2) وقال تعالى حاكيا عن إبليس} خلقتني من نار وخلقته من طين {(3).

    وأما الثابت في السنة في وجودهم وتفصيل أحوالهم فالبعض منه يحكم عليه بالتواتر، فكيف بالكل!.

    فمن ذلك أمره -صلى الله عليه واله وسلم - لمن دخل بيته أن يذكر الله عند دخوله، وعند طعامه، فإذا فعل ذلك قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء.. . الحديث، وهو في صحيح (4) مسلم وغيره (5) من حديث جابر.

    وفي الصحيحين (6) وغيرهما (7) [1 ب] من حديث أنس أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

    وفي الترمذي (8) من حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وآله (1) الرحمن: 15].

    (2) [الحجر: 27].

    (3) [الأعراف: 12].

    (4) رقم (2018).

    (5) كأبي داود رقم (3765) والنسائي رقم (10689) في الكبرى وفي عمل اليوم والليلة رقم (178) وابن ماجه رقم (3887) من حديث جابر كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال الشيطان: أدركتم المبيت والعشاء.

    (6) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (142). ومسلم رقم (375).

    (7) كأبي داود رقم (5) والترمذي رقم (5) وابن ماجه رقم (298) والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم (74). وهو حديث صحيح.

    (8) في السنن رقم (606) وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده ليس بذاك القوي وقد روي عن أنس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. .. أشياء في هذا.

    قلت: وأخرجه ابن ماجه في السنن رقم (297).

    وهو حديث صحيح.

    وسلم - قال: ستر ما بين أعين الجن وعورات أمتي إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله.

    ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري عند الترمذي (1) والنسائي (2) إن بالمدينة جنا قد أسلموا، وإذا رأيتم من هذه الهوام شيئا فآذنوه ثلاثا، فإن بدع لكم فاقتلوه.

    وفي صحيح مسلم (3) وغيره من حديث عائشة أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال لعائشة: أخذك شيطانك. قالت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ قال: نعم، ومع كل إنسان قالت: ومعك يا رسول الله؟ قال: نعم، ولكن رب -عز وجل - أعانني عليه حتى أسلم.

    وفي لفظ (4): أعانني عليه فأسلم.

    وفي صحيح البخاري (5) وغيره من حديث أبي هريرة أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال في الروث والعظم: أنهما من طعام الجن، وأخرجه أيضًا مسلم (6) وغيره (7).

    وأخرج مسلم (8).. .. .. .. . . (1) لم أجده في السنن.

    (2) لم أجده في السنن. بل أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2236).

    (3) رقم (70/ 2815).

    (4) عند مسلم في صحيحه رقم (69/ 2814).

    (5) رقم (3860).

    (6) في صحيحه رقم (150/ 450).

    (7) كأبي داود رقم (39) والترمذي في السنن رقم (18) كلهم من حديث عبد الله بن مسعود. وهو حديث صحيح.

    (8) في صحيحه رقم (106/ 2020).

    وغيره (1)

    من حديث ابن عمر أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بها، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها.

    وفي صحيح مسلم (2)

    وغيره (3) من حديث حذيفة في الجارية التي ذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بيدها، ثم جاء أعرابي فذهب ليضع يده فأخذ بيده، وقال: إن الشيطان ليستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه، فإنه جاء هذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، فجاء هذا الأعرابي ليستحل به، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدهما.

    في الصحيحين (4) وغيرهما من حديث ابن عباس حديث الجن الذين استمعوا القرآن من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في سوق عكاظ.

    وفي الصحيحين (5) من حديث ابن مسعود أنها آذنت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بهم شجرة.

    وفي صحيح مسلم (6) وغيره أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - اجتمع بالجن بمكة والمدينة.. .. الحديث بطوله، واختلاف ألفاظه. (1) كأبي داود رقم (3776) والترمذي رقم (1800) ومالك في الموطأ (2/ 923).

    وهو حديث صحيح.

    (2) في صحيحه رقم (2017).

    (3) كأبي داود في السنن رقم (3766) وابن السني رقم (460) والحاكم (4/ 108) وصححه ووافقه الذهبي، والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم (273).

    وهو حديث صحيح.

    (4) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (4921) ومسلم في صحيحه رقم (149/ 449).

    (5) أخرجه البخاري قي صحيحه رقم (3859) ومسلم في صحيحه رقم (450) عن معن بن عبد الرحمن قال: سمعت أبي قال: سألت مسروقا: من آذن النبي بالجن ليلة استمعوا القرآن؟ فقال: حدثني أبوك -يعني عبد الله: أنه آذنت هم شجرة"،

    (6) انظر الحدث وطرقه في الخلافيات للبيهقي (1/ 158 - 182).

    ومن ذلك ما ثبت في الصحيح (1) من حديث أبي هريرة أنه أخذ الذي جاء يسرق زكاة رمضان، وأنه علمه آية الكرسي. وله ألفاظ، وفيه طول.

    وفي الصحيحين (2) من حديث أبي هريرة عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: لا تجعلوا بيوتكم قبورا، وإن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان.

    وفي الصحيحين (3) حديث الرجلين الذين استبا عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حتى احمر وجه أحدهما فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

    وفي الصحيحين (4) من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ثم قال في آخره: وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي.

    وفي السنن (5) عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: إن الغضب من الشيطان. (1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2311).

    (2) لم يخرجه البخاري. وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (780).

    قلت: وأخرجه الترمذي في السنن رقم (2877) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم (965).

    وهو حديث صحيح.

    (3) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6048) ومسلم في صحيحه رقم (2610) من حديث سليمان بن رضي الله عنه.

    (4) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3293) ومسلم في صحيحه رقم (2691).

    (5) أخرجه أحمد في المسند (4/ 226) وأبو داود رقم (4784) من حديث أبي وائل القاص قال: دخلنا على عروة بن محمد السعدي، فكلمه رجل فأغضبه، فقام فتوضأ فقال: حدثني أبي عن جدي عطية رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الغضب من الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ. وهو حديث ضعيف.

    وفي الصحيح (1) أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا جاء رمضان [2 أ] سلسلت الشياطين، وفي لفظ (2): صفدت الشياطين.

    وفي صحيح (3) البخاري عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: أنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة.

    وفي صحيح مسلم (4) عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أنه قال لمن قال له: إن الشيطان قد حال بيني وبن قراءتي فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: ذلك شيطان يقال له خنزب.

    وفي صحيح مسلم (5) عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: إن الأسواق معركة الشيطان، وبها ركز رايته.

    وفي صحيح مسلم (6) أيضًا عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: إن الشيطان يحضر الإنسان عند طعامه.

    وفي الصحيحين (7) من حديث أنس عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإذا قدر بينهما ولد لم يضره الشيطان. (1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1899) ومسلم في صحيحه رقم (2/ 1079) من حديث أبي هريرة.

    (2) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1/ 1079) من "حديث أبي هريرة.

    (3) رقم (609) من حديث أبي سعيد الخدري.

    (4) رقم (68/ 2203).

    (5) رقم (100/ 2451) من حديث سلمان بلفظ: لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته.

    (6) في صحيحه رقم (000/ 2018) من حديث جابر.

    (7) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5165) ومسلم في صحيحه رقم (116/ 1434).

    وفي الصحيحين (1) وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: ما من بني آدم مولود ألا نخسه الشيطان حين يولد الحديث.

    وفي الصحيحين (2) وغيرهما من حديث صفية بنت حيي أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.

    وفي الصحيحين (3) وغيرهما من حديث جابر قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ. وفي الصحيحين (4) وغيرهما من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم الحديث.

    وفي الصحيحين (5) وغيرها من حديث أبي قتادة قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان.

    وفي الصحيحين (6) وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يقول: من رآني في النوم فسيراني في اليقظة، لا يتمثل بي الشيطان وفي لفظ (7): فإن الشيطان لا يتمثل بي. (1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3431) ومسلم ي صحيحه رقم (146/ 2366).

    (2) أخرجه البخاري ي صحيحه رقم (2035) ومسلم في صحيحه رقم (24/ 2175).

    (3) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3304) ومسلم في صحيحه رقم (97/ 2097).

    وتمام الحديث .. . فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا، وأوكوا قربكم، واذكروا اسم الله، وخمروا آنيتكم، واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئا، وأطفئوا مصابيحكم.

    (4) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1142) ومسلم في صحيحه رقم (207/ 776).

    (5) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5747) ومسلم في صحيحه رقم (1/ 2261).

    (6) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6993) ومسلم رقم (11/ 2266).

    (7) عند مسلم في صحيحه رقم (10/ 2266).

    وفي الصحيحين (1) وغيرهما من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يقول: ألا إن الفتنة هاهنا يشير إلى المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان.

    وأخرج أبو داود (2)، والنسائي (3) من حديث عمرو بن عبسة في حديث إن الشمس تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان.

    وفي الصحيحين (4)

    من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان له ضراط.

    وفي الصحيحين (5) وغيرهما أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا سمعتم صراخ الديكة فسلوا الله من فضله، فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانا.

    وفي صحيح مسلم (6) من حديث أبي الدرداء قال: قام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يصلي فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك.

    وفي الحديث: إنه يعرض له الشيطان، وقال: لولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة وهو في الصحيحين (7)

    من حديث أبي هريرة. [2 ب] (1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (7092) ومسلم في صحيحه رقم (45/ 2905).

    (2) في السنن رقم (1277).

    (3) في السنن (1/ 283 - 284) وهو حديث صحيح.

    (4) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (608) ومسلم في صحيحه رقم (19/ 389).

    (5) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3303) ومسلم في صحيحه رقم (82/ 2703). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

    (6) رقم (40/ 542).

    (7) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (461) ومسلم رقم (39/ 541).

    وفي الصحيحين (1) من حديث سعد بن أبي وقاص أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال لعمر بن الخطاب: والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك.

    وفي كتب السير وغيرها أن الشيطان حضر مجمع قريش بدار الندوة (2)، وفيها أيضًا أنه حضر وقعة بدر (3)، وفيها أيضًا حضوره وقعة بيعة العقبة (4)، وصراخه وحضوره ووقعة أحد (5)، وصراخه بأن رسول الله قتل.

    وبالجملة فالاستكثار من الأحاديث الواردة في هذا المعنى لا يأتي بمزيد فائدة بعد القرآن الكريم في غير موضع، بحيث لو جمع ما ورد في ذلك من الآيات البينات لكان في رسالة مستقلة ومعرفة ذلك متيسر لمن يتمكن من قراءة المصحف الشريف وإن كان مقصرا، (1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3294) ومسلم رقم (22/ 2396).

    (2) ذكره ابن إسحاق كما في السيرة النبوية (2/ 136 - 137) عن ابن عباس رضي الله عنه.

    (3) ذكره ابن إسحاق كما في السيرة النبوية (2/ 301) عن عروة بن الزبير.

    (4) ذكره ابن إسحاق كما في السيرة النبوية (2/ 101) عن عبد الله بن كعب عن أبيه كعب بن مالك وانظر في صحيح السيرة (2/ 288).

    (5) قال شيخ الإسلام في معرض كلامه عن غزوة أحد: "وكان الشيطان قد نعق في الناس أن محمدا قد قتل، فمنهم من تزلزل لذلك فهرب ومنهم من ثبت فقاتل، فقال الله تعالى:} وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ {[آل عمران: 144].

    انظر سيرة ابن هشام (3/ 105 - 106).

    وانظر: ثلاث رسائل في الجهاد ص 66.

    * والحاصل من الكتاب والسنة العلم القطعي بأن الجن والشياطين موجودون متعبدون بالأحكام الشرعية على النحو الذي يليق بخلقهم وحالهم، وأن نبينا مبعوث إلى الإنس والجن، فمن دخل في دينه فهو من المؤمنين، ومعهم في الدنيا والآخرة والجنة، ومن كذبه فهو الشيطان المبعد من المؤمنين في الدنيا والآخرة، والنار مستقرة.

    انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (19/ 1).

    وناهيك باجتماع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بهم في غير موطن حتى صرح بعض الحفاظ أنه اجتمع بهم في أربعة مواضع، وصرح آخر أنه اجتمع هم في خمسة مواضع، وروى ذلك عن الحاضرين معه الجمع الجم من أهل العلم، وبعد هذا كله فكثير من عباد الله قد اجتمع بالجن وجمع كلامهم، وسألوه وسألهم، وهذا موجود في كل عصر من العصور قد تتبعنا من وقع له ذلك من الثقات فثبت لنا بذلك التواتر المعنوي.

    بل راقم هذه الأحرف -غفر الله له - قد سمع كلامهم غير مرة، وطال بينه وبينهم الخطاب، وبعضهم آخذ يدي وقبلها، وكانت كفه كأكبر ما يكون من أيدي الإنس مع قصر في أصابعها (1)

    والحمد لله أولا وأخيرا.

    كتبه محمد بن علي الشوكاني -غفر الله لهما-[3 أ]. (1) قال الحافظ في الفتح (8/ 669): واختلف في أصلهم -أي الجن - فقيل: إن أصلهم من ولد إبليس فمن كان منهم كافرا سمي شيطانا. وقيل: إن الشياطين خاصة أولاد إبليس. ومن عداهم ليسوا من ولده، وحديث ابن عباس -رقم (4921) - يقوي أنهم واحد من أصل واحد، واختلف صنفه فمن كان كافرا سمي شيطانا، وإلا قيل له: جني. ولذلك قالوا: الجن والشياطين لمسمى واحد، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإيمان فلا يقال لمن آمن منهم: أنه شيطان.

    - أوصاف الجن من الأدلة الواردة في شأنهم إما نصا وإما استنباط فمن أوصافهم:

    1 - \ أنهم قادرون على التصور بصور مختلفة.

    2 - \ أنهم يأكلون ويشربون، وهناك من نفى ذلك ولكن الراجح الإثبات لثبوت ذلك نصا -من الأحاديث المتقدمة.

    3 - \ أنهم يتناكحون، ويتوالدون، وفيهم الذكور والإناث.

    4 - \ أنهم يتكلمون بكلام الإنس، ويسرقون ويخدعون.

    5 - \ أن لهم قوة على التوصل إلى باطن الإنسان، وأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم وذلك إما على ظاهره -تقدم من حديث صفية. وإما على سبيل الاستعارة من كثرة الأعوان، وكأنه لا يفارق كالدم، فاشتركا في شدة الاتصال وعدم المفارقة.

    6 - \هل تمكن رؤيتهم أو لا؟ فيه خلاف على ثلاثة أقوال:

    أحدها: النفي مطلقا، لقوله تعالى:} إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم {[الأعراف: 27]. وهدا قول أكثر العلماء، حتى قال الشافعي من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته واستدل بهذه الآية.

    وثانيها: أن نفي رؤية الإنس للجن على هيئتهم ليس بقاطع من الآية. بل ظاهرها أنه ممكن، فإن نفي رؤيتنا إياهم مقيد بحال رؤيتهم لنا، ولا بنفي إمكان رؤيتنا لهم في غبر تلك الحالة.

    وثالثهما: أنه تمكن رؤية الجني في حال تصوره بغير صورته، أما رؤيته على صورته التي خلق عليها فلا وأن ذلك هو مقصود الآية.

    والقول الراجح الثالث وكذلك رجحه الحافظ ابن حجر.

    * وذهب الجمهور إلى أنهم يثابون على الطاعة؛ لأن الجماعة اتفقوا على أن الجن مكلفون. وهو قول الأئمة وغيرهم فقال الحافظ: "لم يختلف من أثبت تكليفهم أنهم يعاقبون على المعاصي واختلف هل يثابون؟.

    وذهب الجمهور إلى أنهم يثابون على الطاعة، ثم اختلفوا: هل يدخلون مدخل الإنس؟ على أربعة أقوال:

    1 - \ نعم - يدخلون مدخل الإنس، وهو قول الأكثر.

    2 - \ يكونون في ربض الجنة، وهو منقول عن مالك وطائفة.

    3 - \ أنهم أصحاب الأعراف.

    4 - \ التوقف عن الجواب في هذا.

    ولا شك أن الجن من الغيب الذي يجب الإيمان بما ثبت بالدليل الصحيح من أمورهم، والكف عما لم يدل عليه الدليل، لأنه من الرجم بالغيب، وقد قال تعالى:} وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {[الإسراء: 36].

    وانظر: فتح الباري باب صفة إبليس وجنوده من كتاب بدء الخلق - شرح سورة} قل أوحي إلي {كتاب التفسير.

    . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

    إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات

    تأليف

    محمد بن علي الشوكاني

    حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه

    محمد صبحي بن حسن حلاق

    أبو مصعب وصف المخطوط

    1 - عنوان الرسالة في المخطوط: إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات.

    2 - موضوع الرسالة: في العقائد.

    3 - الرسالة من المجلد الرابع (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).

    4 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد.. .

    5 - آخر الرسالة:.. . كان الفراغ من تحرير هذا المختصر يوم الأربعاء لعله السابع والعشرون من شهر ربيع الآخر من شهور سنة إحدى وثلاثين بعد المائتين والألف، بقلم مؤلفه المفتقر إلى رحمة الله ومغفرته ورضوانه محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما.

    6 - نوع الخط: خط نسخي معتاد.

    7 - عدد الأوراق: (40).

    8 - المسطرة: الورقة (1): عنوان الرسالة.

    الورقة (2): 24 سطرا.

    الورقة (3): 28 سطرا.

    الورقة (4 - 7): 29 سطرا.

    الورقة (8): 32 سطرا.

    الورقة (9 - 13): 31 سطرا.

    الورقة (14 - 15): 30 سطرا.

    الورقة (16): 28 سطرا.

    الورقة (17 - 18): 32 سطرا.

    الورقة (19): 31 سطرا.

    الورقة (20): 32 سطرا.

    الورقة (21 - 23): 31 سطرا.

    الورقة (24): 6 سطرا.

    الورقة (25): 31 سطرا.

    الورقة (26): 32 سطرا.

    الورقة (27): 31 سطرا.

    الورقة (28): 33 سطرا.

    الورقة (29 - 30): 35 سطرا.

    الورقة (31 - 32): 34 سطرا.

    الورقة (33): 36 سطرا.

    الورقة (34): 35 سطرا.

    الورقة (35): 34 سطرا.

    الورقة (36): 37 سطرا.

    الورقة (37): 38 سطرا.

    الورقة (38): 34 سطرا.

    الورقة (39): 35 سطرا.

    الورقة (40): 28 سطرا.

    9 - عدد الكلمات في السطر: (11 - 13) كلمة.

    10 - الناسخ: المؤلف: محمد بن علي الشوكاني.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تمهيد

    اللهم لك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، ولك الشكر عدد كل شيء، وزنة كل شيء، وملء كل شيء، وعدد ما قد شكرك الشاكرون، وما سيشكرك الشاكرون.

    اللهم وصل وسلم على رسولك المصطفى من خلقك (محمد) صلاة وسلاما يدومان بدوام المخلوقات، ويتجددان بتجدد الأوقات، وعلى آله الطاهرين وأصحابه الأكرمين.

    وبعد، فإن القرآن العظيم قد اشتمل على الكثير الطيب من مصالح المعاش والمعاد، وأحاط بمنافع الدنيا والدين، تارة إجمالا، وتارة تفصيلا، وتارة عموما، وتارة خصوصا، ولهذا يقول -سبحانه-:} ما فرطنا في الكتاب من شيء {(1). ويقول -عز وجل-:} وكل شيء أحصيناه في إمام مبين {(2). ويقول -تبارك وتعالى-:} [ونزلنا عليك الكتاب] (3) تبيانا لكل شيء {(4)، ونحو ذلك من الآيات الدالة على هذا المعنى.

    وأما مقاصد القرآن الكريم التي يكررها، ويورد الأدلة الحسية والعقلية عليها، ويشير إليها في جميع سوره، وفي غالب قصصه وأمثاله، فهي ثلاثة مقاصد، يعرف ذلك من له كمال فهم، وحسن تدبر، وجودة تصور، وفضل تفكر.

    المقصد الأول: إثبات التوحيد.

    المقصد الثاني: إثبات المعاد. (1) [الأنعام: 38].

    (2) [يس: 12].

    (3) غير موجود في المخطوط.

    (4) [النحل: 89].

    المقصد الثالث: إثبات النبوات.

    ولما كانت هذه الثلاثة المقاصد، مما اتفقت عليه الشرائع جميعا، كما حكى ذلك الكتاب العزيز في غير موضع أحببت أن أتكلم هاهنا على كل مقصد منها، بإيراد ما يوضح ذلك من الكتب السابقة، وعن الرسل المتقدمين، مما يدل على اتفاق أنبياء الله وكتبه على إثباتها، لما في ذلك من عظيم الفائدة، وجليل العائدة، فإن من آمن بها كما ينبغي، واطمأن إليها كما يجب، فقد فاز بخيري الدارين، وأخذ بالحظ الوافر من السعادة الآجلة والعاجلة، ودخل إلى الإيمان الخالص من الباب الذي أرشده إلينا نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جواب من سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، فقال في الإيمان:

    أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله [1]، والقدر خيره وشره. هكذا ثبت في الصحيحين (1) وغيرهما (1) من طرق كثيرة.

    ولا ريب أن من آمن بالله، وبما جاءت به رسله، ونطقت به كتبه، فإن إيمانه هذه المقاصد الثلاثة، هو أهم ما يجب الإيمان به، وأقدم ما يتحتم عليه اعتقاده؛ لأن الكتب قد نطقت بها، والرسل قد اتفقت عليها اتفاقا يقطع كل ريب، وينفي كل شبهة، ويذهب كل شك.

    وسميت هذا المختصر: (إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات). وبالله أستعين، وعليه أتوكل. (1) يشير إلى حديث جبريل الطويل، أخرجه البخاري في صحيحه رقم (50 و4777) ومسلم في صحيحه رقم (9 و10) من حديث أبي هريرة.

    * وأخرجه مسلم قي صحيحه رقم (2، 3/ 8) من حديث عمر بن الخطاب.

    وأخرجه أبو داود في السنن رقم (4695) من حديث بريدة وهو حديث صحيح.

    وهو حديث مشهور في كتب السنة وقد سمى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه الدين فقال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.

    وانظر الحديث تخريجا وتعليقا في معارج القبول (2/ 723 - وما بعدها) بتحقيقي.

    واعلم أن إيراد الآيات القرآنية، على إثبات كل مقصد من هذه المقاصد، وإثبات اتفاق الشرائع عليها، لا يحتاج إليه من يقرأ القرآن العظيم.

    فإنه إذا أخذ المصحف الكريم، وقف على ذلك في أي موضع شاء، ومن أي مكان أحب، وفي أي محل منه أراد، ووجده مشحونا به من فاتحته إلى خاتمته.

    الفصل الأول

    في بيان اتفاق الشرائع على التوحيد

    اعلم أن قد روى جماعة من أكابر علماء الإسلام أن الشرائع كلها اتفقت على إثبات التوحيد على كثرة عدد الرسل المرسلين، وكثرة كتب الله -عز وجل-، المنزلة على أنبيائه.

    فإنه أخرج ابن حبان (1) والبيهقي (2) بسندين حسنين من حديث أبي ذر: أن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، وأن الكتب المنزلة مائة وأربعة كتب.

    فالتوحيد هو دين العالم أوله وآخره، وسابقه ولاحقه. ومن خالف في ذلك فجعل لله -عز وجل - شريكا، وعبد الأصنام، فإنه كما أرشد إليه القرآن حكاية عنهم بقوله:} ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى {(3) مقر بأنه إيمان، وإنما جعل الشريك وصلة إلى الرب - سبحانه-، ووسيلة إلى التقريب إليه. وما ثبت في الصحيح (4) أنهم (1) في صحيحه (2/ 76 رقم 361) من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني قال حدثنا عن جدي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر به.

    وإبراهيم بن هشام هذا قال عنه أبو حاتم في الجرح والتعديل (2/ 42 - 43): كذاب.

    (2) في السنن الكبرى (9/ 4).

    قلت: وأخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2699) وأبو نعيم في الحلية (1/ 168) كلهم من طريق يحيى بن سعيد القرشي السعدي عن ابن جريج، عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر بطوله.

    وفيه يحيى بن سعيد قال ابن حبان عنه في المجروحين (3/ 129): شيخ يروى عن ابن جريج المقلوبات، وعن غيره من الثقات الملزقات لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد.

    وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدا والله أعلم.

    (3) [الزمر: 13].

    (4) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (22/ 1185) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك. قال: فيقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويلكم قد. قد فيقولون: إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. يقولون هذا وهم يطوفون بالميت.

    كانوا يقولون: لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك تملكه وما ملك .

    وها نحن نذكر لك ما كتب الله -عز وجل - من أدلة التوحيد، وهي وإن كان عددها ما تقدم لكنه لم يبق بأيدي أهل الملل منها فيما وجدناه عندهم بعد البحث عن ذلك، ومزيد الطلب له، إلا التوراة، والزبور، والإنجيل، وكتب نبوات أنبياء بني إسرائيل.

    أما التوراة (1) فالنصوص فيها على ذلك كثيرة جدا، وقد اشتملت على ذكر ما كان (1)

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1