Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع
Ebook568 pages4 hours

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع لمؤلفه محمد الشوكاني في تاريخ أعلام المسلمين من القرن الثامن الهجري إلى زمنه ـ وقد توفي سنة 1250 هـ ـ ذاكرا من يحسبه من المجتهدين، وأهل العلم، وألحق بهم العباد والخلفاء والملوك والأدباء إن كانوا على جلالة قدر ولم يشترط فيمن عاصرهم إذا أوردهم في كتابه كونهم بلغوا الذروة
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJun 3, 1903
ISBN9786325845489
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع

Read more from الشوكاني

Related to البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع

Related ebooks

Reviews for البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - الشوكاني

    الغلاف

    البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع

    الجزء 2

    الشوكاني

    1250

    كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع لمؤلفه محمد الشوكاني في تاريخ أعلام المسلمين من القرن الثامن الهجري إلى زمنه ـ وقد توفي سنة 1250 هـ ـ ذاكرا من يحسبه من المجتهدين، وأهل العلم، وألحق بهم العباد والخلفاء والملوك والأدباء إن كانوا على جلالة قدر ولم يشترط فيمن عاصرهم إذا أوردهم في كتابه كونهم بلغوا الذروة

    حرف الغين المعجمة

    غازان بن آرغون بن أبغا بن هلاكو بن تولي بن جنكيزخان: السلطان معز الدين سلطان التتار كان جلوسه على تخت الملك سنة 693 وحسن له نايبه نوروز الإسلام، فأسلم في سنة 694 ونثر الذهب والفضة واللؤلؤ على رؤوس الناس، وفشا الإسلام، في التتار، وكان ملك خراسان بأسرها والعراق وفارس والروم وأذربيجان، والجزيرة، وكان يتكلم بالفارسية، ويفهم أكثر اللسان العربي .ولما ملك أخذ نفسه بطريق جده الأعلى جنكيزخان الطاغية الذي أهلك العباد والبلاد، وصرف همته إلى توفير العسكر وسد الثغور وعمارة البلاد، والكف عن سفك الدماء، ولما أسلم قيل له إنّ دين الإسلام يحرم نكاح نساء الآباء، وقد كان استضاف نساء أبيه إلى نسائه وكان أحبهن إليه خاتون وهي أكبر نساء أبيه فهم أن يرتد عن الإسلام فقال له بعض خواصه: إن أباك كان كافراً، ولم تكن خاتون معه في عقد صحيح إنما كان مسافحاً بها. فاعقد أنت عليها، فإنها تحل لك ففعل ولولا ذلك لارتد عن الإسلام واستحسن ذلك من الذي أفتاه به لهذه المصلحة بل هو حسن، ولو كان تحته ألف امرأة على سفاح فإن مثل هذا السلطان المتولي على أكثر بلاد الإسلام في إسلامه من المصلحة ما يسوغ ما هو أكبر من ذلك حيث يؤدي التحريج عليه والمشي معه على أمر الحق إلى ردته فرحم الله ذلك المفتي .وكان والد صاحب الترجمة ومن قبله من الملوك يعدون أنفسهم نواباً لملك السراء فلما استقرت قدم غازان في الملك تسمى بالخان وقطع ما كان يحمله إليهم إتاوة وأفرد نفسه بالذكر والخطبة ضرب السكة باسمه وطرد نائبهم من بلاد الروم وقال: أنا أخذت البلاد بسيفي لا بغيري، وكان إذا غضب خرج إلى الفضاء ويقول إن الغضب إذا خزنته زاد، فإن كان جائعاً أكل أو بعيد عهد بالجماع جامع ويقول: آفة العقل الغضب ولا يصلح للملك من يتعاطى ما يضر عقله. وأول ما وقع له القتال مع نوروز بن أرغون الذي كان حسن له الإسلام فإن نوروز خرج عليه فحاربه، ثم لجأ نوروز إلى قلعة خراسان. ثم إن غازان قتل الأكراد الذين قاموا مع نوروز، وكان جملة من قتل منهم في المعركة خمسين ألفاً، وأسر منهم أسراً كثيراً، حتى بيع الصبي الجميل المراهق ومن هو أكبر منه باثني عشر درهماً. ثم إن غازان طرق البلاد الشامية في سنة 699 وكانت ملحمة عظيمة ظفر فيها غازان ودخل دمشق وخطب له بها واستمرت له الخطبة أياماً، وحصل في تلك أيام لأهل الشام من القتل، وسبي الحريم والذرية، والتعذيب ما لا يوصف بسبب ما صودروا به من الأموال، وهل خلائق من العذاب والجوع، ثم رجع ثم عاد مرة أخرى سنة 700 فأوقع ببلاد حلب. ثم أرسل بعض أمرائه بالعساكر إلى مصر فوقعت على عسكرة كسرة عظيمة، وقتل منهم من لا يحصى وكان ذلك في سنة 703. ولما بلغ ذلك غازان حصل له غم شديد كان سب موته، كما قال ابن حجر: فمات في شهر شوال سنة 703 ثلاث وسبعمائة. قال الذهبي: كان شاباً عاقلاً شجاعاً مهيباً مليح الشكل مات ولم يتكهل واشتهر أنه سم في منديل يمسح به بعد الجماع فتعلل وهل وانتهى. وقد امتحن أهل الشام بهذا على رأس القرن السابع كما امتحنوا هم وغالب بلاد الإسلام بجده الأعلى على رأس القرن السادس وكما امتحنوا بتيمورلنك على رأس القرن الثامن وكلهم من التتار والحكم لله القادر المختار .السيّد غالب بن مساعد شريف مكة وأميرها: عند تحير هذه الأحرف ولي الإمارة بعد أبيه مساعد أخوه (سرور ابن مساعد) الذي طار صيته في الآفاق، وبلغ من المجد والسعي في أعمال الخير وتأمين السبل ما لم يبلغ إليه أحد من آبائه. ولقد كانت أحاديث الوافدين للحج إلى بيت الله الحرام تخبر عنه بأخبار تسر القلوب، وتشنّف السماع وتروّح الطباع، وكان عظيم السطوة شديد الصولة قامعاً للفساد، راعياً لمصالح العباد، كثير الغزو لمردة الأعراب الذين يتحفظون الناس في الطرقات ثم مات في شهر رجب سنة 12012 اثنتين ومايتين وألف. وقام مقامه أخوه عبد المعين ثم رغب عن الأمر لصاحب الترجمة بعد أيام يسيرة من ولايته. فقام به هذا أتم قيام، وهو الآن في سن الشباب حسبما نسمعه من الحجاج وله شغلة عظيمة بصاحب نجد عبد العزيز بن سعود المستولي الآن على البلاد النجدية وغيرها مما هو مجاور لها، وكثيراً ما يجمع صاحب الترجمة لجيوش ثم يغزو ارض نجد فيصل أطرافها. فيبلغنا أنه يقوم لحرية طائفة يسيرة من أطراف البلاد فيهزمونه ويعود إلى مكة. وآخر ما وقع منه ذلك سنة 1212 فإنه جمع جيشاً كثيراً وغزا نجداً وأوقع ببعض البلاد الراجعة إلى سلطن نجد المذكور فلم يشعر إلا وقد دهمه جيش لا طاقة له به أرسله صاحب نجد فهزمه، واستولى على غالب جيشه قتلاً وأسراً بل جاءت الأخبار بأنه لم يسلم من جيش صاحب الترجمة إلا طائفة يسيرة، وقتل جماعة من أشراف مكة في المعركة، وتمت الهزيمة إلى مكة. ولو ترك ذلك واشتغل بغيره لكان أوى له، فإن من حارب من لا يقوى لحربه جرّ إليه البلوى، فإن صاحب نجد تبلغ عنه قوة عظيمة لا يقوم لمثلها صاحب الترجمة .فقد سمعنا أنه قد استولى على بلاد الحسا والقطيف، وبلاد الدواسر وغالب بلاد الحجاز. ومن دخل تحت حوزته أقام الصلاة والزكاة والصيام وسائر شعائر الإسلام، ودخل في طاعته من عرب الشام الساكنين ما بين الحجاز وصعدة غالبهم إما رغبة وإما رهبة وصاروا مقيمين لفرائض الدين بعد أن كانوا لا يعرفون من الإسلام شيئاً ولا يقومون بشيء من واجباته إلا مجرد التكلم بلفظ الشهادتين على ما في لفظهم بها من عوج. وبالجملة كانوا جاهلية جهلاء كما تواترت بذلك الأخبار غلينا. ثم صاروا الآن يصلون الصلوات لأوقاتها، ويأتون بسائر الأركان الإسلامية على أبلغ صفاتها، ولكنهم يرون أنّ من لم يكن داخلاً تحت دولة صاحب نجد وممتثلاً لأوامره خارج عن الإسلام. ولقد أخبرني أمير حجاج اليمن السيّد محمد بن حسين المراجل الكبسي إن جماعة منهم خاطبوه هو ومن معه من حجاج اليمن بأنهم كفار وأنهم غير معذورين عن الوصل إلى صاحب نجد لينظر في إسلامهم فما تخلصوا منه إلا بجهد جهيد. وقد صارت جيوش صاحب نجد في بلاد يام، وفي بلاد السراة المجاورين لبلاد أبي عريش ومن تبعه من هذه الأجناس، اغتبط بمتابعته وقاتل من يجاوره من الخارجين عن طاعته، فبهذا السبب صار معظم تلك البلاد راجعاً إليه وتبلغنا عنه أخبار الله أعلم بصحتها .من ذلك أنه يستحل دم من استغاث بغير الله من نبي أو ولي وغير ذلك، ولا ريب أن ذلك إذا كان عن اعتقاد تأثير المستغاث تأثير الله كفر، يصير به صاحبه مرتداً كما يقع في كثي من هؤلاء المعتقدين للأموات الذين يسألونهم قضاء حوائجهم ويعولون عليه زيادة على تعويلهم على الله سبحانه، ولا ينادون الله جل وعلا إلا مقترناً بأسمائهم ويخصونهم بالنداء منفردين عن الربّ فهذا أمر الكفر الذي لاشك فيه ولا شبهة وصاحبه إذا لم يتب كان حلال الدم والمال كسائر المرتدين ومن جملة ما يبلغنا عن صاحب نجد أنه يستحل سفك دم من لم يحضر الصلاة في جماعة، وهذا إن صح غير مناسب لقانون الشرع نعم من ترك صلاة فلم يفعلها منفرداً، ولا في جماعة فقد دلت أدلة صحيحة على كفره وعورضت بأخرى، فلا حرج على من ذهب إلى القول بالكفر غنما الشأن في استحلال دم من ترك الجماعة! ولم يتركها منفرداً. وتبلغ أمور غير هذه الله أعلم بصحتها. وبعض الناس يزعم أنه يعتقد اعتقاد الخوارج وما أظن ذلك صحيحاً .وأما أهل مكة فصاروا يكفرونه ويطلقون عليه اسم الكافر. وبلغنا أنه وصل إلى مكة بعض علماء نجد لقصد المناظرة فناظر علماء مكة بحضرة الشريف في مسائل تدل على ثبات قدمه وقدم صاحبه في الدين. وفي سنة 1215 وصل من صاحب نجد المذكور مجلدان لطيفان أرسل بهما إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله أحدهما يشتمل على رسائل لمحمد بن عبد الوهاب كلها في الإرشاد إلى إخلاص التوحيد والتنفير من الشرك الذي يفعله المعتقدون في القبور. وهي رسائل جيدة مشحونة بأدلة الكتاب والسنة، والمجلد الآخر يتضمن الردّ على جماعة من المقصرين من فقهاء صنعاء وصعدة ذاكروه في مسائل متعلقة بأصول الدين وبجماعة من الصحابة، فأجاب عليهم جوابات محررة مقررة محققة تدل على أن المجيب من العلماء المحققين العارفين بالكتاب والسنة .وقد هدم عليهم جميع ما بنوه، وأبطل جميع ما دونوه لأنهم مقصرون متعصبون فصار ما فعلوه خزياً عليهم وعلى أهل صنعاء وصعدة، وهكذا من تصدر ولم يعرف مقدار نفسه، وأرسل صاحب نجد مع الكتابين المذكورين بمكاتبة منه إلى سيدي المولى الإمام فدفع حفظه الله جميع ذلك إليّ فأجبت عن كتابه الذي كتب إلى مولانا الإمام حفظه الله على لسانه بما معناه أن الجماعة الذين أرسلوا إليه بالمذاكرة لا ندري من هم وكلامهم يدل إلى أنهم جهال والأصل والجواب موجودان في مجموعي. وفي سنة 1217 دخلت بلاد أبي عريش وأشرافها في طاعة صاحب نجد، ثم تزلزلت الديار اليمنية بذلك واستولى أصحابه على بعض ديار تهامة، وجرت أمور يطول شرحها وهو الآن في سريان، وقد أفردت ما بلغنا من ذلك في مصنف مستقل لأن هذه الحادثة قد عمت وطمت وارتجفت لها أقطار الديار الشامية، والمصرية، والعراقية والرومية، بل وسائر الديار، لاسيما بعد دخول أصحاب النجدي مكة المشرفة، وطرد أشرافها عنها ولله أمر هو بالغه. ثم في سنة 1222 وصل إلينا جماعة من صاحب نج سعود بن عبد العزيز لبعضهم معرفة في العلم، ومعهم مكاتيب، سعود إلى الإمام المنصور بالله رحمه الله تعالى وإليّ أيضاً، ثم وصل جماعة آخرون كذلك في سنة 1227 ثم وصل جماعة آخرون كذلك في سنة 1228 ودار مع هؤلاء الواردين ومع غيرهم من المكاتبة مالا يتسع المقام لبسطه، ثم بعد هذا في سنة 1229 خرج باشة مصر الباشا محمد علي بجنود السلطان ووصل إلى مكة وأسر الشريف غالب وجهزه إلى الروم ثم بلغ موته هنالك .وهذا عارض من القول فلنرجع إلى ترجمة الشريف غالب فنقول :ومما ينبغي ذكره ههنا أنه وصل من الشريف المذكور في عام تحرير هذه الأحرف وهو سنة 1213 في شهر رجب منها، كتاب إلى مولانا خليفة العصر المنصور بالله علي بن العباس حفظه الله يتضمن الإخبار بالرزية العظمى، والمصيبة الكبرى، والبلية التي تبكي لها عيون الإسلام والمسلمين، وهي استيلاء طائفة من الفرج يقال لهم الفرنسيس على الديار المصرية جميعها ووصولهم إلى القاهرة وحكمهم على من بتلك الديار من المسلمين، وهذا خطب لم يصب الإسلام بمثله. فإن مصر مازالت بأيدي المسلمين منذ فتحت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الآن ولم نجد في شيء من الكتب التاريخية ما يدل على أنه قد دخل مدينة مصر دولة كفرية والإفرنج اللذين وصلوا إليها ففي أيام العاضد ووزيره شاوور وكذلك الذين صولوا غليها في دولة بن ي أيوب لم يدخلوا مدينة مصر، بل غاية ما بلغوا إليه دمياط ونحوها، ومازالت تلك المدينة وسائر بلادها محروسة عن الدول الكفرية، فإن التتار دوخوا جميع بلاد الإسلام ولم يسلطهم الله على مصر، بل عادوا عنها خائبين، مقهورين مهزومين، وكذلك تيمورلنك مع تدويخه لسائر الممالك لم يسلّط عليهم والله ينصر الإسلام وأهله .وأرسل الشريف في طي كتابه بكتاب من سلطان الروم ثم بعد ذلك وصل من الشريف كتاب فيه التبشير باستيلاء المسلمين على من بالقاهرة فضلاً عن الذين منهم بسائر الأقطار المصرية وبالإسكندرية وسنذكر ههنا كتاب السلطان ثم كتاب الشريف الأول ثم كتابه الثاني ثم الجواب من مولانا الإمام حفظه الله تكميلاً للفائدة وتبييناً للقضية فإنها من الحوادث العظيمة التي ينبغي التعريف بها والإعلام بشأنها، فقط كتاب السلطان ملك الروم إلى شريف مكة غالب بن مساعد هكذا :'وبعد فهذا مرسومنا المبجل الشريف، وخطابنا المعظّم المنيف لا زال نافذاً بعون الله في سائر الأرجاء والأقطار، مادام الفلك الدوار، أصدرناه مبيناً على نظيم فرائد، التحية والتسليم، ومنصوباً على قلائد التبجيل والتركيم، محتوياً على قواعد صيانة الدين، مؤكداً لمعاقد حماية سنن سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين .'أصدرنا إلى عالي جناب الأمير الأمجد، المبجّل الأجل الأوحد، المقتفي آثار أسلافه الأشراف، من آبائه الغرّ صناديد آل عبد مناف، وأجداده السعيدي السير الجميلي الأوصاف، فرع الشجرة الزكية النبوية، طراز العصابة العلوية المصطفوية، قرة عين الزهراء البتول، المحفوف بصنوف عواطف الملك الماجد، حالاً شريف مكة المشرفة الشريف غالب بن مساعد، لا زالت العناية الربانية له ملاحظة، والكلاية الصمداينة عليه حافظة .وإلى قدوة العلماء وعمدة الفضلاء، نائب مكة المشرفة وكافة السادات الأشراف الأجلاء الميامين، ومفاتي المذاهب الأربعة والعلماء والأئمة المحترمين، ووجوه كافة المسلمين، من ساكني بلد الله الآمين، من حاضر وباد، وفقهم الله إلى سبيل الرشاد .يحيطون علماً أن طائفة كفار الفرانسة، جعل الله ديارهم دارسة، وأعلامهم ناكسة، قد نقضوا العهود، وخانوا مواثيق المعبود، وخرجوا من أطور الحدود، وهجوا على بدوان مصر وسكانها، على حين غفلة من أهلها، فملكوا البلاد، وأفشوا الكفر والفساد، وخاضوا بحر الضلال والطغيان، واحتشدوا تحت راية الشيطان. وتمكن البغي في أحشائهم، وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم، لا حاكم يردعهم ولا دين واعتقاد يجمعهم. يعدون النهب غنيمة، النميمة أكل شيمة، قد اتفقت آراؤهم، وارتبطت أشوارهم، على الهجوم على سائر بلدان المسلمين، وأقطار عباد الله الموحدين، بأن أهل الإسلام، قويين، ولهم مزيد الصلابة في الدين، فإذا وصلنا أقطارهم، وحللنا ديارهم، فالضعيف منهم نباشره بالحرب والضرب والقتل والنهب، والقوي منهم تنصب له شرائك المكر والحيل حتى تطمئن خواطرهم وتأمن ضمائرهم إلى أن يقعوا في أشراكنا، ونعمل فيهم ما شئنا من مقاصدنا ونلقي بين سائر المسلمين المكايد الخفية بالفساد، لإيقاع العداوة المباينة للاتحاد، في أحوالهم وأديانهم، ولم يعلموا لعنهم الله أن الإسلام مغروس في قلوبنا، والإيمان ممزوج بلحمنا ودمنا، أكفر بعد إيمان، أضلال بعد هدى .كلا وربّ الأرض والسماء، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وخصوصاً في طوائف العرب، لنبلغ فيهم أقصى مرام وأعزّ مطلب، ونبذل الجهد في تخريج الرعايا من الإسلام عن طاعة من ولي عليهم من الحكام حتى يكون لنا الصولة العظمى ويصيرون الجميع لنا مغنماً، فينقطع بذلك سلك نظامهم ينفصم عقد انتظامهم، فنملك حينئذ رقابهم وأموالهم، فإن العرب أسرع ما يستولي على ديارهم، لتفرقهم في أوديتهم من أقطارهم، وغفلتهم عن حزم أحوالهم فإن أعظم ما يشتت جموع الإسلام، ويفل حد سنانهم عن الانتظام هدم قبلتهم، وحرق مساجدهم، فإذا ظفرنا بأقطارهم، وهدمت كعبتهم، ومسجد نبيهم، وبيت مقدس عزهم، انقطع أملهم وتفرق شملهم، وملكنا ديارهم، فإن الأمور لا يدركها إلا اتفاق الجمهور .فنقتل جميع رجالهم، ومن يعقل من صبيانهم، فحينئذ نقتسم ديارهم، وأموالهم وأملاكهم، ونحول بقية الناس إلى أصولهم وقواعدنا ولساننا وديننا، فبه يمحى الإسلام، وقواعده وشرائعه ويندرس رسومه، وآثاره من وجه الأرض من شرقها، وغربها، وجنوبها، وشمالها، وعربها، وعجمها .فهذا ما اتفق رأي الفرنسيين اللعين من سوء المقاصد في المسلمين، جعل الله دائرة السوء عليهم فلا يستطيعون صرفاً ولا نصراً، ونجو لله أن يعاملهم بعدله في قوله (ولا يحيق المكر السيئ بأهله) (فاطر: 43) فهذا حال الفرانسة، في إلحادهم، وجدالهم، وعنادهم، وما اقتضاه فاسد اجتهادهم (يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) (الصف: 8) فكيف لا يكون فرضاً على كل أحد من مسلم موحد، أن يشمر عن ساعد الجد، ويبذل نفسه وماله في مرضاة الواحد الفرد، ويمتثل قول أصدق القائلين: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين) (آل عمران: 133) ويكون رابحاً في بيعة عن الخسران، مستبشراً ببذل نفسه في سبيل الرحمن، لقوله: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فليقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن) (التوبة: 111) إلى غير ذلك من الآيات البينات والأحاديث الصحيحة المروية عن الثقات، مما يحث على نصرة الدين، ويلم شعث الموحدين .فالآن يا شريف مكة، ويا سادات الأشراف وقادات العرب، وحماة الدين، وكماة المسلمين، وغزاة الموحدين وأبطال الحروب، الماحين بصوارم عزمهم عن الدين ظلام الكروب. يا رجال الغارات، ويا أركان الشريعة، والعبادات، ويا حفظة الدين والأمانات ويا باذلين النفوس عند انتهاك الحرمات، ويا كافة أخواننا في الدين، والذين هم لشريعة ربهم ناصرين، والبدار البدار، إلى طاعة الملك الغفار لمحافظة قبلتكم، ومحتد نبيكم، منشأ الإسلام، ومسجد نبيكم عليه السلام، ومواطن مضاعفة عبادتكم من ساحة بيت الله الحرام فالغيرة الغيرة، والحمية الحمية، من صولة أعداء الدين، الذين هم عن كل ملة فارقين ولكتب رسل الله مكذبين، فشدوا عزائمكم للقائهم، واحفظوا جهاتكم وسواحلكم، ومنافذ بلدانكم، وسارعوا إلى الرباط، إلى حدود الكفرة اللئام، ببندر جدة، وينبع وما والاهما، مما فيه صيانة المسلمين وحفظ أعراض الموحدين، وكونوا عباد الله أخواناً ولا تنازعوا فتفشلوا، وفي سبيل الله أنفقوا وتجملوا، وكونوا كلمتكم واحدة، وأيديكم متناصرة .ولتكن سيوفكم بارقة، وسهامكم راشقة، وأسنتكم في الطعن متلاحقة، ومدافعكم صاعقة، ونبالكم إلى أفئدتهم متسابقة، ولتقصدوا بذلك إعلاء كلمة الدين، والذب عن بيت الله ومسجد رسول الله، ونرجو الله أنكم مؤيدون بنصر الله، محفوظون بروحانية رسول الله، ولا يكون لكم تخلف عن ذلك، ولا تراخ في حفظ تلك المسالك، ونحن في طرف السلطنة السنية. ننشر رايتنا العلية، فبحول الله وقوته وباهر عظمته تملكهم عساكرنا المنصورة. وتقطعهم سيوفنا المشهورة. وقد سيّرنا عليهم شجعاناً لا يبالون بالموت لإعلاء كلمة الدين. وغزاة يقتحمون على النار محب في دين الله. فنتعقب بقدرة أدبارهم. لعل الله يرزقنا هلاكهم ودمارهم فنجعلهم إن شاء الله هباءً منثوراً. كأن لم يكونوا شيئاً مذكوراً. فبادروا أيها المسلمون. إلى الرباط بحدة وينبع. ومن تخلّف فقد عصى الله وخالف أمرنا. فإن ذلك أمرنا إليكم وحتمنا علكم (يا أيها الذين آمنوا اصبوا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (آل عمران: 200) واستجلبوا صالح الدعوات من عجازكم وصالحيكم وأفاضلكم عند البيت الحرام. وقد قال تعالى: (انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) (التوبة: 41) وقال عليه السلام: 'المؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعضاً' وهذا يوم ينفع الصادقين صدقهم (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته أخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم مها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك م المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) يوم تسود وجوه وتبيض وجوه فأما الذي اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون. تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما لله يريد ظلماً للعالمين. ولله ما في السموات وما في الأرض وغلى الله ترجع الأمور. كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهمالمؤمنون وأكثرهم الفاسقون لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون آيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) .فالبدار البدار إلى ما أمرناكم من الرباط الحذار الحذار من خلاف ذلك هذا ما انتهى أمرنا إليكم لازلتم موفقين. بعون الملك المعين. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم'. انتهى كتاب السلطان. لا برح في حماية الملك الديان .وهذه صورة كتاب مولنا شريف مكة غالب بن مساعد: إلى مولانا الإمام المنصور بالله علي بن العباس حفظه الله وفي طيه كتاب السلطان السابق ذكره ولفظ كتاب الشريف :'الحمد لله الذي كل يوم هو في شأن. والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان وعلى آله الطاهرين وصحبة التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. ثم نهدي مزيد سلام نشأ من خالص الفوائد. وأعرب عن صدق المحبة والاتحاد. مع تحيّات طاب نشرها من المآثر العظام. وبيت الله الحرام. وزمزم والمقام. إلى الحضرة الباهرة المنصورية. والعقوة الزاهرة الهاشمية والسدة العلية العلوية. ساحة الخلافة اليمنية. واسطة نظام السادة الحسنية الجناب العالي الكريم. والمآب الغالي الوسيم. أخينا الأكرم وعالي الهمم الإمام ابن الإمام حضرة الإمام المنصور. وفقه الله لصلاح الجمهور. ولا زالت العناية الربانية له ملاحظة. والكالية الصمدانية عليه حافظة. آمين بجاه سيد المرسلين. وبعد إهداء شريف السلام. وإسداء واجب التحية والإكرام. فالسؤال عن حالكم كثير. لموجب مالكم عندنا من جميل الوداد الوافر. وإن سألتم عنا فنحمده سبحانه على جزيل فضله وعظيم أمتنانه .طيبين بخير وعافية ونعمة من المولى وافية. والذي نبديه إلى مسامعكم العلية. وأفهامكم الزكية. من الأمور الحادثة في الوجود. وجزيل أحكام الملك المعبود. لموجب احتياج أهل الإسلام. إلى الترفهات عن نهج المهام. وترك حزم الأمور. وغفلتهم عن حفظ الثغور .حتى صار ما صار. من شرذمة أهل البغي والإنكار. من التهجم على بلاد الإسكندرية ومصر والقاهرة. بجنود من البحر على صفاين متواترة. وهم طائفة من جمهور الفرانسة. والملة الباغية التي بفضل الله أعلامهم ناكسة. لمشاهدتهم في أحوال المسلمين. ترك الثغور عنا لتحصين. فهجموا على تلك البلاد. فلم يجدوا لجامحهم مدافع ولا راد. فافسدوا كافة من بجوارها من العربان. بأنواع السياسة الموهمة بأنهم من طائفة السلطان. وأبرزوا للبوادي مزورة بألفاظ عربية. بتعظيم الله ورسوله مصدرة. حتى انقادوا له بالطاعة. ظناً منهم بأنهم من جنود الدولة المطاعة. وليس يخفى عليكم حال البوادي الطغام. الذين لا يعقلون إن هم كالأنعام. فسلكوا بهما لطريق. وصاروا للمشركين أعظم مساعد وأعز رفيق. فجرى قدر ربنا سبحانه باستدراج جند الشيطان أرباب الخيانة. بتملكهم للقاهرة. ودخولهم إلى مصر بحكمته الباهرة. فلا راد لقضائه. وا محيص عما ارتضاه. فهو الملك المختار. وله المشية فيما يختار. فحينئذ بلغ ذلك الخبر. حضرة سلطان الإسلام. أدحض الله بصوارم سطوته جنود اللئام. فجهزّ عليهم من أبطال أجناد. ما يعجز عن حصره جموع الأعداد. وسير عليهم من جيوش الإسلام. ووزرائه العظام. وجعل مقدمهم الوزير الشهير الجزار أحمد باشا. بلغه من الخير ما شاء. فاجتمعت عليه طوائف العربان. وتحشدت تحت رايته كافة أهل الإيمان. وهرع إلى جهادهم السلمون من كل مكان. حتى أقطارنا الحمية ظهرت منا للجهاد سبعة آلاف. يردون في طاعة الله موارد الموت والإتلاف. ونرجو العظيم من فضله العميم. أن يؤيد بالنصر أجناد الموحدين. ويبدد بالقهر شمل الكفرة الملحدين. والحمد لله قد وردت إلينا الأخبار بتضايق حال المشركين من الحصار. لتزاحف جنود أهل الإسلام. وإحاطتهم بجميع المنافذ المصرية والمسام فانتظم أمر التجهيز. وانتدب لنصرة الإسلام كل ذليل وعزيز. ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. وفي هذا الأوان ورد غلينا هذا الفرمان الصادر إليكم منه صورتان. المعلن بدواعي الفلاح. والمحرض لكافة المسلمين على ما يرجى منه النجاح. من استعداد القوة للمصادمة والكفاح. كما هو متحتم على أهل الإسلام. وخصوصاً في مصل هذه أيام. ومن أعظم الشيم والمروءة. امتثال قول الله تعالى (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة) (الأنفال: 60) فبذل غاية المجهود. لمحافظة الثغور. وتحصين الحدود. والمرابطة في بلدان السواحل. والذبّ على الأديان بسهم المرامي. وبيض الصواهل. أمر محتوم على كافة الملوك الإسلام وسائر القبائل. فوصلكم صورة الأمر الشريف والخطاب المنيف وما القصد من إرساله إلا تنبيهكم لحفظ البلاد. والتحذير من أرباب الفكر والعناد. كما هو مصرح في الفرمان السلطاني. من ذكر مكايدة الكفرة في جميع المغاني. ولا يغرب عن فهمكم الثاقب. أنّ ملوك الروم أحس بما بيني الكفرة أمورهم من المعاطب. فحثوا على المرابطة جميع المسلمين. وقووا ثغور بلدانكم بالتحصن الرصين منا لبنيان. وتشييد بروح المناتق بذوي البأس من الفتيان. فإن بحر الهند تجري فيه سفاينهم. وقد ظهرت فيه بأحد المواسم ضراريهم. فيجب من عزيز جنابكم كمال التحري لدفع مفاسدهم. والاستعانة بالله تعالى في إدحاض مكايدهم. ومن آكد اللوازم نشر هذين الفرمانين في كافة أقطار أوامركم. وأقصى ما يحادد بلدانكم ومحاكمكم. هذا ما عن لنا به الأخبار. لا زلتم في كلاية الملك الستار. وإن شاء الله عن قريب نفيدكم بمسرة نصرة الإسلام. فالمرجو من جنابكم عدم إخراجنا من الضمير المنير. بأسنى صحة أخباركم. لاسيما تفيدوا بما تجدد وحدث وبلغكم من الإعلام والإخبار. ودمتم سالمين. وبعين عناية الله ملحوظين. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم'. انتهى كتاب الشريف عافاه الله .وهذه صورة كتاب آخر وصل من الشريف غالب بن مساعد حماه الله بعد وصول الكتاب الأول ولفظه :'نهدي سلاماً أعبق الكون شذاه. وأخجل البدر بحسن طلعته ورياه. وتحيات كية الرج. مدنية المدد تحمل النصر والفرج. إلى جناب معدن الخلافة العلوية. ومنبع الكمالات الحسنية. وطراز عصابة الهواشم. وصفوة القادة الفواطم. من دانت له رقاب الفراعنة في أقطاره. وخضعت له رؤوس الأكابر في جميع أمصاره. ذي الأخلاق الرضية. والشمائل المرضية. المنظور بعين عناية الله المبين. والمنصور بسلطانه في كل حين. أخينا وعزيزنا الإمام ابن الإمام أمير المؤمنين المنصور بالله رب العالمين. أدام الله له الإقبال. وبلغه بجاه جده خير الآمال. وبعد. فباعث تحريره وموجب تنميقه وتصديره، حمد الله سبحانه على نعمه وآلائه ومنه ونعمائه، والسؤال عن جنابكم والتفحص عن أخباركم بإعلان الدعاء. وتبيان صدق الوفاء .وثانياً غير خافي جنابكم. أنه قبل هذا صدر منا إليكم كتاب بإخبار حوادث المشركين بمصر وصورة جميع ما ورد غلينا من الخطاب، المعلن بنصح مضمونه نهج الصواب. وله الحمد سبحانه على جزيل فضله. وعظيم امتنانه الذي أعان على الحق أعوانه. بنصر عباده المسلمين وتمام إحسانه. والذي نبديه إلى مسامعكم الزكية. أنه ورد غلينا يوم تاريخه نجاب. من جانب مصر ببشاير النصر وأهنأ الخطاب. وذلك أن أمير الجمهور الفرنساوي اللعين. جمع كافة أعيان رعايا مصر المسلمين. وضبط عليهم جميع البيوت والحارات. وحطّ على كل بيت من المسلمين شيئاً من المبالغ والبليصات. بحيث لا طاقة لأهل الإسلام. على تسليم ما فرض عليهم من الجور العام. وقد حدد عليهم جمع تلك الأموال في نهارين. وواعد من لم ينجز وعده بالهلاك والشين. فخرج من عنده المسلمون في حيرة. واجتمعوا في أماكنهم لأجل التشاور والبصيرة. فألهم الله قلوبهم الإسلامية، ووفق حميد آرائهم الإيمانية. بالهجوم من كل جانب المشركين. وبذلوا نفوسهم لمرضاة رب العالمين. فخرجت كافة رعايا المسلمين من منازلها. وهجمت على المشركين في أماكنها. وصار الجهاد خلال بيوتهم. والقتال في مجامع المشركين ودورهم. وابتهجت مصابيح وجوه الإسلام. وسطعت صوارم سيوفهم في أعناق الكفرة اللئام ،. وأيد الله جنود الرعايا المسلمين بعظمته الباهرة. وأهلك بسيوفهم كافة المشركين بالقاهرة. وكان ذلك يوم حادي عشر جمادى الأولى. وله الحمد في الآخرة والأولى. فأرسلت الرعايا المنصورين نجاجيب الرعية الأمراء مصر المخدمين. وكان أقربهم بمسيرة يوم عن الجلاد محبنا الأمير مراد. ففزع بكافة من حوله من العشائر والأجناد. ودخل بلاد مصر يوم ثاني عشر شهر جماد. وظفر بقتل من بقي من الكفار. وانتظم شمل المسلمين بصفار الدار. فلله مزيد الحمد والثناء. على تلك المسرة والهناء. فلقصد مسرتكم على الفور حررنا هذا الرقيم. لحصول الخبر على نصر المسلمين القويم. هذا ما لنا به إخباركم. لازلتم في حفظ مولاكم. ودمتم سالمين ومهما تجدد عرّفناكم، وما حدث تعرّفونا به وتكون الأخبار بيننا غير منقطعة، هذا وصل الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلم'. قال حرر في خامس شهرنا جماد سنة 1213 ثم قال عقيب هذا ما لفظه: 'ولا يخفاكم من حال داواتنا المتعودة بالوفود إلى مراسي بنادركم، لا تزال دائماً متأخرة في شحنتها إلى بندر جدة ونرجو الله بهمتكم، يستدرك الآمال،

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1