فتح الباري لابن حجر
()
About this ebook
Read more from ابن حجر العسقلاني
تبصير المنتبه بتحرير المشتبه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنكت على صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلسان الميزان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإتحاف المهرة لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمعجم المفهرس Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقول المسدد في الذب عن مسند أحمد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsموافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنزهة الألباب في الألقاب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجزء في طرق حديث لا تسبوا أصحابي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمرحمة الغيثية بالترجمة الليثية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعوالي مسلم لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنظم اللآلي بالمائة العوالي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعجاب في بيان الأسباب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإمتاع بالأربعين المتباينة السماع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتعجيل المنفعة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتقريب التهذيب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsانتقاض الاعتراض في الرد على العيني في شرح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإنباء الغمر بأبناء العمر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمطالب العالية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبلوغ المرام من أدلة الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأحاديث العشرة العشارية الاختيارية لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرفع الإصر عن قضاة مصر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأمالي المطلقة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرجال صحيح مسلم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsطبقات المدلسين Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to فتح الباري لابن حجر
Related ebooks
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطإ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمجموع الفتاوى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفتاوى الكبرى لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالثبات عند الممات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمحلى بالآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح مشكل الآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير ابن كثير ط العلمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسبل السلام شرح بلوغ المرام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح معاني الآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السيوطي على سنن النسائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتحرير والتنوير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير الطبري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالبعث والنشور للبيهقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتلخيص الحبير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطأ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمختصر اختلاف العلماء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمدارج السالكين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالموافقات Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for فتح الباري لابن حجر
0 ratings0 reviews
Book preview
فتح الباري لابن حجر - ابن حجر العسقلاني
فتح الباري لابن حجر
الجزء 35
ابن حجر العسقلانيي
852
فتح الباري بشرح صحيح البخاري ألفه الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو من كتب تفسير الحديث وأجمعها في شرح صحيح البخاري
(قَوْلُهُ بَابُ أَجْرِ مَنْ قَضَى بِالْحِكْمَةِ)
سَقَطَ لَفْظُ أَجْرِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَلَيْسَ فِي الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ لَازِمِ الْإِذْنِ فِي تَغْبِيطِ مَنْ قَضَى بِالْحِكْمَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي ثُبُوتُ الْفَضْلِ فِيهِ وَمَا ثَبَتَ فِيهِ الْفَضْلُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فاولئك هم الْفَاسِقُونَ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ لِمَا تَرْجَمَ بِهِ أَنَّ مَنْطُوقَ الْحَدِيثِ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَضَى بِالْحِكْمَةِ كَانَ مَحْمُودًا حَتَّى أَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ الَّذِي لَهُ مِنْ ذَلِكَ لِيَحْصُلَ لَهُ مِثْلُ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ وَحُسْنِ الذِّكْرِ وَمَفْهُومُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ فَاعِلِهِ وَقَدْ صَرَّحَتِ الْآيَةُ بِأَنَّهُ فَاسِقٌ وَاسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُرَجِّحُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهَا عَامَّةٌ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَفِي الْمُسْلِمِينَ وَحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ اقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ دُونَ مَا قَبْلَهَا عَمَلًا بِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْآيَتَيْنِ قَبْلَهَا نَزَلَتَا فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِذَلِكَ قَالَ وَنَسَقُ الْآيَةِ لَا يَقْتَضِي مَا قَالَ قُلْتُ وَمَا نَفَاهُ ثَابِتٌ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْآيَاتِ وَإِنْ كَانَ سَبَبَهَا أَهْلُ الْكِتَابِ لَكِنَّ عُمُومَهَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُمْ لَكِنْ لَمَّا تَقَرَّرَ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْمَعْصِيَةِ لَا يُسَمَّى كَافِرًا وَلَا يُسَمَّى أَيْضًا ظَالِمًا لِأَنَّ الظُّلْمَ قَدْ فُسِّرَ بِالشِّرْكِ بَقِيَتِ الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ فَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ ظَاهِرُ الْآيَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلُوا وَاخْتَرَعَ حُكْمًا يُخَالِفُ بِهِ حُكْمَ اللَّهِ وَجَعَلَهُ دِينًا يُعْمَلُ بِهِ فَقَدْ لَزِمَهُ مِثْلُ مَا لَزِمَهُمْ مِنَ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ حَاكما كَانَ أَو غَيره وَقَالَ بن بَطَّالٍ مَفْهُومُ الْآيَةِ أَنَّ مَنْ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ اسْتَحَقَّ جَزِيلَ الْأَجْرِ وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ مُنَافَسَتِهِ فَاقْتَضَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَشْرَفِ الْأَعْمَالِ وَأَجَلِّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَفَعَهُ اللَّهُ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يجر الحَدِيث أخرجه بن الْمُنْذر قلت وَأخرجه أَيْضا بن ماجة وَالتِّرْمِذِيّ وَاسْتَغْرَبَهُ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
[7141] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ هُوَ بن عُمَرَ الْعَبْدِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ هُوَ الرُّؤَاسِيُّ بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ بن أبي خَالِد وَقيس هُوَ بن أبي حَازِم وَعبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ قَوْلُهُ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ بِالْجَرِّ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَالنَّصْبِ بِإِضْمَارِ أَعْنِي قَوْلُهُ عَلَى هَلَكَتِهِ بِفَتَحَاتٍ أَيْ عَلَى إِهْلَاكِهِ أَيْ إِنْفَاقِهِ فِي الْحَقِّ قَوْلُهُ وَآخَرُ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ الْمَاضِيَةِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بالحكمة الْقُرْآن كَمَا فِي حَدِيث بن عُمَرَ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَضَابِطُهَا مَا منع الْجَهْل وزجر عَن الْقبْح قَالَ بن الْمُنِيرِ الْمُرَادُ بِالْحَسَدِ هُنَا الْغِبْطَةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّفْيِ حَقِيقَتُهُ وَإِلَّا لَزِمَ الْخُلْفُ لِأَنَّ النَّاسَ حَسَدُوا فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ وَغَبَطُوا مَنْ فِيهِ سِوَاهُمَا فَلَيْسَ هُوَ خَبَرًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْحُكْمُ وَمَعْنَاهُ حَصْرُ الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا مِنَ الْغِبْطَةِ فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ هُمَا آكَدُ الْقُرُبَاتِ الَّتِي يُغْبَطُ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ أَصْلِ الْغِبْطَةِ مِمَّا سِوَاهُمَا فَيَكُونُ مِنْ مَجَازِ التَّخْصِيصِ أَيْ لَا غِبْطَةَ كَامِلَةَ التَّأْكِيدِ لِتَأْكِيدِ أَجْرِ مُتَعَلَّقِهَا إِلَّا الْغِبْطَةَ بِهَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ الْخَصْلَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ هُنَا غِبْطَةٌ لَا حَسَدٌ لَكِنْ قَدْ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَوِ الْمَعْنَى لَا حَسَدَ إِلَّا فِيهِمَا وَمَا فِيهِمَا لَيْسَ بِحَسَدٍ فَلَا حَسَدَ فَهُوَ كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ الا الموتة الأولى وَفِي الْحَدِيثِ التَّرْغِيبُ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ لِمَنِ اسْتَجْمَعَ شُرُوطَهُ وَقَوِيَ عَلَى أَعْمَالِ الْحَقِّ وَوَجَدَ لَهُ أَعْوَانًا لِمَا فِيهِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَأَدَاءِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَكَفِّ يَدِ الظَّالِمِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَلِذَلِكَ تَوَلَّاهُ الْأَنْبِيَاءُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ لِأَنَّ أَمْرَ النَّاسِ لَا يَسْتَقِيمُ بِدُونِهِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَلَّى عُمَرَ الْقَضَاءَ وَبِسَنَدٍ آخَرَ قَوِيٍّ أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُمَّالِهِ اسْتَعْمِلُوا صَالِحِيكُمْ عَلَى الْقَضَاءِ وَأَكْفُوهُمْ وَبِسَنَدٍ آخَرَ لَيِّنٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَكَانَ يَقْضِي بِدِمَشْقَ مَنْ لِهَذَا الْأَمْرِ بَعْدَكَ قَالَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَائِهِمْ وَإِنَّمَا فَرَّ مِنْهُ مَنْ فَرَّ خَشْيَةَ الْعَجْزِ عَنْهُ وَعِنْدَ عدم الْمعِين عَلَيْهِ وَقد يتعارض الْأَمر حَيْثُ يَقَعُ تَوْلِيَةُ مَنْ يَشْتَدُّ بِهِ الْفَسَادُ إِذَا امْتَنَعَ الْمُصْلِحُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهَذَا حَيْثُ يَكُونُ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ السَّلَفُ يَمْتَنِعُونَ مِنْهُ وَيَفِرُّونَ إِذَا طُلِبُوا لَهُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُسْتَحَبُّ لِمَنِ اسْتَجْمَعَ شَرَائِطَهُ وَقَوِيَ عَلَيْهِ أَولا وَالثَّانِي قَوْلُ الْأَكْثَرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ وَالْغَرَرِ وَلِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ التَّشْدِيدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَانَ خَامِلًا بِحَيْثُ لَا يُحْمَلُ عَنْهُ الْعِلْمُ أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا وَلِلْقَاضِي رِزْقٌ مِنْ جِهَةٍ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ اسْتُحِبَّ لَهُ لِيَرْجِعَ إِلَيْهِ فِي الْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَيَنْتَفِعَ بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا فَالْأَوْلَى لَهُ الْإِقْبَالُ عَلَى الْعِلْمِ وَالْفَتْوَى وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ غَيْرُهُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يَأْثَمُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا أَضَرَّ بِهِ نَفْعُ غَيْرِهُ وَلَا سِيَّمَا مَنْ لَا يُمْكِنُهُ عَمَلُ الْحَقِّ لانتشار الظُّلم
(قَوْله بَاب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً)
إِنَّمَا قَيَّدَهُ بِالْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ لِكُلِّ أَمِيرٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِمَامًا لِأَنَّ مَحَلَّ الْأَمْرِ بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ أَنْ يَكُونَ مُؤَمَّرًا مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ وَذكر فِيهِ أَرْبَعَة أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ
[7142] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ التَّصْرِيحُ بِقَوْلِ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ قَوْلُهُ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ جُعِلَ عَامِلًا بِأَنْ أُمِّرَ إِمَارَةً عَامَّةً عَلَى الْبَلَدِ مَثَلًا أَوْ وَلِيَ فِيهَا وِلَايَةً خَاصَّةً كَالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ جِبَايَةِ الْخَرَاجِ أَوْ مُبَاشَرَةِ الْحَرْبِ فَقَدْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ وَمَنْ يَخْتَصُّ بِبَعْضِهَا قَوْلُهُ حَبَشِيٌّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ مَنْسُوبٌ إِلَى الْحَبَشَةِ وَمَضَى فِي الصَّلَاةِ فِي بَابِ إِمَامَةِ الْعَبْدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِلَفْظِ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ وَفِيهِ بَعْدَ بَابٍ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الرَّبَذَةِ فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ فَذَهَبَ يَتَأَخَّرُ لِأَجْلِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ أَوْصَانِي خَلِيلِي فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَظَهَرَتْ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ أَبِي ذَرٍّ بِالْأَمْرِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ عُمُومًا وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ قَوْلُهُ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ وَاحِدَةُ الزَّبِيبِ الْمَأْكُولِ الْمَعْرُوفِ الْكَائِن من الْعِنَب إِذا جف انما شَبَّهَ رَأْسَ الْحَبَشِيِّ بِالزَّبِيبَةِ لِتَجَمُّعِهَا وَلِكَوْنِ شَعْرِهِ أَسْوَدَ وَهُوَ تَمْثِيلٌ فِي الْحَقَارَةِ وَبَشَاعَةِ الصُّورَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كتاب الصَّلَاة وَنقل بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ قَوْلُهُ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعْمَلُ لِلْعَبْدِ إِلَّا إِمَامٌ قُرَشِيٌّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي قُرَيْشٍ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الْعَبِيدِ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُسَمَّى عَبْدًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ بِطَرِيقِ الِاخْتِيَارِ وَأَمَّا لَوْ تَغَلَّبَ عَبْدٌ حَقِيقَةً بِطَرِيقِ الشَّوْكَةِ فَإِنَّ طَاعَتَهُ تَجِبُ إِخْمَادًا لِلْفِتْنَةِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَعْصِيَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ إِذَا اسْتَعْمَلَ الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ عَلَى إِمَارَةِ بَلَدٍ مَثَلًا وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ يَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِمَا لَا يَقَعُ فِي الْوُجُودِ يَعْنِي وَهَذَا مِنْ ذَاكَ أَطْلَقَ الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ مُبَالَغَةً فِي الْأَمْرٍ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ شرعا ان يَلِيَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الثَّانِي
[7143] قَوْلُهُ حَمَّادٌ هُوَ بن زَيْدٍ وَالْجَعْدُ هُوَ أَبُو عُثْمَانَ وَأَبُو رَجَاءٍ هُوَ الْعُطَارِدِيُّ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا السَّنَدِ فِي أَوَائِلِ الْفِتَنِ قَوْلُهُ يَرْوِيهِ هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْفِتَنِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنِ الْجَعْدِ وَتَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ هُنَاكَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ
[7144] قَوْلُهُ عَنْ عُبَيْدِ الله هُوَ بن عمر الْعمريّ وَعبد الله صحابيه هُوَ بن عُمَرَ قَوْلُهُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ قَوْلُهُ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ هَذَا يُقَيِّدُ مَا أُطْلِقَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ مِنَ الْأَمْرِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ وَمِنَ الصَّبْرِ عَلَى مَا يَقَعُ مِنَ الْأَمِيرِ مِمَّا يُكْرَهُ وَالْوَعِيدُ عَلَى مُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ فَإِذَا أَمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ أَيْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ عِنْدَ أَحْمَدَ لَا طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ وَعِنْدَهُ وَعِنْدَ الْبَزَّارِ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَالْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ لَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي هَذَا الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُبَادَةَ فِي الْأَمْرِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ وَهُوَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْكُفْرِ إِجْمَاعًا فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ الْقِيَامُ فِي ذَلِكَ فَمَنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ الثَّوَابُ وَمَنْ دَاهَنَ فِعْلَيْهِ الْإِثْمُ وَمَنْ عَجَزَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ من تِلْكَ الأَرْض الْحَدِيثُ الرَّابِعُ
[7145] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ السُّلَمِيُّ وَعلي هُوَ بن أَبِي طَالِبٍ قَوْلُهُ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ وَالْجَوَابُ عَمَّنْ غَلَّطَ رَاوِيهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي قَوْلُهُ فَأَوْقِدُوا نَارًا كَذَا وَقَعَ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْمَغَازِي وَالْأَحْكَامِ أَنَّ أَمِيرَهُمْ غَضِبَ مِنْهُمْ فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا وَقَوْلُهُ قَدْ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا بِالتَّخْفِيفِ وَجَاءَ بِالتَّشْدِيدِ فَقيل إِنَّهَا بِمَعْنَى إِلَّا وَقَوْلُهُ خَمَدَتْ بِالْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَضُبِطَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَلَا يعرف فِي اللُّغَة قَالَه بن التِّينِ قَالَ وَمَعْنَى خَمَدَتْ سَكَنَ لَهَبُهَا وَإِنْ لَمْ يُطْفَأْ جَمْرُهَا فَإِنْ طُفِئَ قِيلَ هَمَدَتْ وَقَوْلُهُ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا قَالَ الدَّاوُدِيُّ يُرِيدُ تِلْكَ النَّارَ لِأَنَّهُمْ يَمُوتُونَ بِتَحْرِيقِهَا فَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا أَحْيَاءً قَالَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّارِ نَارَ جَهَنَّمَ وَلَا أَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ فِيهَا لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ قَالَ وَهَذَا مِنَ الْمَعَارِيضِ الَّتِي فِيهَا مَنْدُوحَةٌ يُرِيدُ أَنَّهُ سِيقَ مَسَاقَ الزَّجْرِ وَالتَّخْوِيفِ لِيَفْهَمَ السَّامِعُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ خُلِّدَ فِي النَّارِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الزَّجْرُ وَالتَّخْوِيفُ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ تَوْجِيهَاتٌ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي وَكَذَا قَوْلُهُ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْهُ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فِي قَوْلِهِ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ دُخُولَهُمُ النَّارَ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا أَشَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ طَاعَةَ الْأَمِيرِ وَاجِبَةٌ وَمَنْ تَرَكَ الْوَاجِبَ دَخَلَ النَّارَ فَإِذَا شَقَّ عَلَيْكُمْ دُخُولُ هَذِهِ النَّارِ فَكَيْفَ بِالنَّارِ الْكُبْرَى وَكَأَنَّ قَصْدَهُ أَنَّهُ لَوْ رأى مِنْهُم الْجد فِي ولوجها لمنعهم
(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الْإِمَارَةَ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ بَابُ مَنْ سَأَلَ الْإِمَارَةَ وُكِلَ إِلَيْهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى سَنَدِهِ فِي كِتَابِ كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ وَعَلَى
[7147] قَوْلِهِ وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَهُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ لَفْظُ لَا يَتَمَنَّيَنَّ بِصِيغَةِ النَّهْيِ عَنِ التَّمَنِّي مُؤَكَّدًا بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ وَالنَّهْيُ عَنِ التَّمَنِّي أَبْلَغُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الطَّلَبِ قَوْلُهُ عَنْ مَسْأَلَةِ أَيْ سُؤَالٍ قَوْلُهُ وُكِلْتَ إِلَيْهَا بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْكَافِ مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا وَسُكُونِ اللَّامِ وَمَعْنَى الْمُخَفَّفِ أَيْ صُرِفَ إِلَيْهَا وَمَنْ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ هَلَكَ وَمِنْهُ فِي الدُّعَاءِ وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفْسِي وَوَكَلَ أَمْرَهُ إِلَى فُلَانٍ صَرَفَهُ إِلَيْهِ وَوَكَّلَهُ بِالتَّشْدِيدِ اسْتَحْفَظَهُ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ طَلَبَ الْإِمَارَةَ فَأُعْطِيَهَا تُرِكَتْ إِعَانَتُهُ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ حِرْصِهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ طَلَبَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ مَكْرُوهٌ فَيَدْخُلُ فِي الْإِمَارَةِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَنَّ مَنْ حَرَصَ عَلَى ذَلِكَ لَا يُعَانُ وَيُعَارِضُهُ فِي الظَّاهِرِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ طَلَبَ قَضَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُعَانُ بِسَبَبِ طَلَبِهِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ الْعَدْلُ إِذَا وَلِيَ أَوْ يُحْمَلَ الطَّلَبُ هُنَا عَلَى الْقَصْدِ وَهُنَاكَ عَلَى التَّوْلِيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى إِنَّا لَا نُوَلِّي مَنْ حَرَصَ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ فِي مُقَابِلِهِ بِالْإِعَانَةِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ اللَّهِ عَوْنٌ عَلَى عَمَلِهِ لَا يَكُونْ فِيهِ كِفَايَةٌ لِذَلِكَ الْعَمَلِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ سُؤَالُهُ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ وِلَايَةٍ لَا تَخْلُو مِنَ الْمَشَقَّةِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ اللَّهِ إِعَانَةٌ تَوَرَّطَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ وَخَسِرَ دُنْيَاهُ وَعُقْبَاهُ فَمَنْ كَانَ ذَا عَقْلٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلطَّلَبِ أَصْلًا بَلْ إِذَا كَانَ كَافِيًا وَأُعْطِيهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَقَدْ وَعَدَهُ الصَّادِقُ بِالْإِعَانَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ قَالَ الْمُهَلَّبُ جَاءَ تَفْسِيرُ الْإِعَانَةِ عَلَيْهَا فِي حَدِيثِ بِلَالِ بْنِ مِرْدَاسٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِالشُّفَعَاءِ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أنزل الله عَلَيْهِ ملكا يسدده أخرجه بن الْمُنْذِرِ قُلْتُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَأَبُو دَاوُد وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ وَمِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى فَأَسْقَطَ خَيْثَمَةَ مِنَ السَّنَدِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَرِوَايَةُ أَبِي عَوَانَةَ أَصَحُّ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ وَصَحَّحَهُ وَتعقب بَان بن مَعِينٍ لَيَّنَ خَيْثَمَةَ وَضَعَّفَ عَبْدَ الْأَعْلَى وَكَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ فِي عَبْدِ الْأَعْلَى لَيْسَ بِقَوِيٍّ قَالَ الْمُهَلَّبُ وَفِي مَعْنَى الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ فَلَا يَرَى نَفْسَهُ أَهْلًا لِذَلِكَ هَيْبَةً لَهُ وَخَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْذُورِ فَإِنَّهُ يُعَانُ عَلَيْهِ إِذَا دَخَلَ فِيهِ وَيُسَدَّدُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ الله وَقَالَ بن التِّينِ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ يُوسُف اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض وَقَالَ سُلَيْمَان وهب لي ملكا قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ
(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الْإِمَارَةِ)
أَيْ عَلَى تَحْصِيلِهَا وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ مَأْخُوذٌ مِمَّا سَبَقَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ
[7148] قَوْلُهُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا رَوَاهُ بن أَبِي ذِئْبٍ مَرْفُوعًا وَأَدْخَلَ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ بَيْنَ سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَجُلًا وَلَمْ يرفعهُ وبن أَبِي ذِئْبٍ أَتْقَنُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَعْرَفُ بِحَدِيثِ الْمَقْبُرِيِّ مِنْهُ فَرِوَايَتُهُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَعَقَّبَهُ الْبُخَارِيُّ بِطَرِيقِ عَبْدِ الْحَمِيدِ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى إِمْكَانِ تَصْحِيحِ الْقَوْلَيْنِ فَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْدَ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ مَرْفُوعًا إِذْ وُجِدَتْ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الرَّاوِيَيْنِ عَنْ سَعِيدٍ زِيَادَةٌ وَرِوَايَةُ الْوَقْفِ لَا تُعَارِضُ رِوَايَةَ الرَّفْعِ لِأَنَّ الرَّاوِي قَدْ يَنْشَطُ فَيُسْنِدُ وَقَدْ لَا يَنْشَطُ فَيَقِفُ قَوْلُهُ إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شَبابَة عَن بن أَبِي ذِئْبٍ سَتُعْرِضُونَ بِالْعَيْنِ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهَا خطأ قَوْله على الامارة يدْخل فِيهِ الْإِمَارَةُ الْعُظْمَى وَهِيَ الْخِلَافَةُ وَالصُّغْرَى وَهِيَ الْوِلَايَةُ عَلَى بَعْضِ الْبِلَادِ وَهَذَا إِخْبَارٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ فَوَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ قَوْلُهُ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ فِيهَا بِمَا يَنْبَغِي وَزَادَ فِي رِوَايَةِ شَبَابَةَ وَحَسْرَةً وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ بِلَفْظِ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ وَثَانِيهَا نَدَامَةٌ وَثَالِثُهَا عَذَابٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مَنْ عَدَلَ وَفِي الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ شَرِيكٌ لَا أَدْرِي رَفَعَهُ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَارَةُ أَوَّلُهَا نَدَامَةٌ وَأَوْسَطُهَا غَرَامَةٌ وَآخِرُهَا عَذَابٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَفَعَهُ بِلَفْظِ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ وَثَانِيهَا نَدَامَةٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَفَعَهُ نِعْمَ الشَّيْءُ الْإِمَارَةُ لِمَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَحِلِّهَا وَبِئْسَ الشَّيْءُ الْإِمَارَةُ لِمَنْ أَخذهَا بِغَيْر حَقِّهَا تَكُونُ عَلَيْهِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا يُقَيِّدُ مَا أُطْلِقَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَيُقَيِّدُهُ أَيْضًا مَا أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي اجْتِنَابِ الْوِلَايَةِ وَلَا سِيَّمَا لِمَنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ دَخَلَ فِيهَا بِغَيْرِ أَهْلِيَّةٍ وَلَمْ يَعْدِلْ فَإِنَّهُ يَنْدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ إِذَا جُوزِيَ بِالْخِزْيِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهْلًا وَعَدَلَ فِيهَا فَأَجْرُهُ عَظِيمٌ كَمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وَلَكِنْ فِي الدُّخُولِ فِيهَا خَطَرٌ عَظِيمٌ وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ الْأَكَابِرُ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ نعم الْمُرضعَة أَي فِي الدُّنْيَا وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الْمُحَاسَبَةِ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ كَالَّذِي يُفْطَمُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْنِيَ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ هَلَاكُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ نِعْمَ الْمُرْضِعَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ حُصُولِ الْجَاهِ وَالْمَالِ وَنَفَاذِ الْكَلِمَةِ وَتَحْصِيلِ اللَّذَّاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْوَهْمِيَّةِ حَالَ حُصُولِهَا وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ عِنْدَ الِانْفِصَالِ عَنْهَا بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من التَّبِعَاتُ فِي الْآخِرَةِ تَنْبِيهٌ أُلْحِقَتِ التَّاءُ فِي بئست دُونَ نِعْمَ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا إِذَا كَانَ فَاعِلُهُمَا مُؤَنَّثًا جَوَازُ الْإِلْحَاقِ وَتَرْكِهِ فَوَقَعَ التَّفَنُّنُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ إِنَّمَا لَمْ يُلْحِقْهَا بِنِعْمَ لِأَنَّ الْمُرْضِعَةَ مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِمَارَةِ وَتَأْنِيثُهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ فَتَرْكُ إِلْحَاقِ التَّاءِ بِهَا وَإِلْحَاقُهَا بِئْسَ نَظَرًا إِلَى كَوْنِ الْإِمَارَةِ حِينَئِذٍ دَاهِيَةً دَهْيَاءَ قَالَ وَإِنَّمَا أُتِيَ بِالتَّاءِ فِي الْفَاطِمَةِ وَالْمُرْضِعَةِ إِشَارَةً إِلَى تَصْوِيرِ تَيْنِكَ الْحَالَتَيْنِ الْمُتَجَدِّدَتَيْنِ فِي الْإِرْضَاعِ وَالْفِطَامِ قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ هُوَ بُنْدَارٌ وَوَقَعَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِمْرَانَ هُوَ بَصرِي صَدُوق وَقد قَالَ بن حبَان فِي الثِّقَات يُخطئ وَمَاله فِي الصَّحِيحِ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ هُوَ الْمَدَنِيُّ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ إِلَّا تَعْلِيقًا وَعُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ أَيِ بن ثَوْبَانَ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ تَعْلِيقًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى
[7149] وَلَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ وَذَكَرْتُ شَرْحَهُ هُنَاكَ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي يَنَالُهُ الْمُتَوَلِّي عَنِ النَّعْمَاءِ وَالسَّرَّاءِ دُونَ مَا يَنَالُهُ مِنَ الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ إِمَّا بِالْعَزْلِ فِي الدُّنْيَا فَيَصِيرُ خَامِلًا وَإِمَّا بِالْمُؤَاخَذَةِ فِي الْآخِرَةِ وَذَلِكَ أَشَدُّ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ أَنْ يَفْرَحَ بِلَذَّةٍ يَعْقُبُهَا حَسَرَاتٌ قَالَ الْمُهَلَّبُ الْحِرْصُ عَلَى الْوِلَايَةِ هُوَ السَّبَبُ فِي اقْتِتَالِ النَّاسِ عَلَيْهَا حَتَّى سُفِكَتِ الدِّمَاءُ وَاسْتُبِيحَتِ الْأَمْوَالُ وَالْفُرُوجُ وَعَظُمَ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ بِذَلِكَ وَوَجْهُ النَّدَمِ أَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ أَوْ يُعْزَلُ أَوْ يَمُوتُ فَيَنْدَمُ عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا لِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِالتَّبِعَاتِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا وَقَدْ فَاتَهُ مَا حَرَصَ عَلَيْهِ بِمُفَارَقَتِهِ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَأَنْ يَمُوتَ الْوَالِي وَلَا يُوجَدُ بَعْدَهُ مَنْ يَقُومُ بِالْأَمْرِ غَيْرُهُ وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِضَيَاعِ الْأَحْوَالِ قُلْتُ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فُرِضَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنَ الْحُصُولِ بِالطَّلَبِ أَوْ بِغَيْرِ طَلَبٍ بَلْ فِي التَّعْبِيرِ بِالْحِرْصِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ قَامَ بِالْأَمْرِ عِنْدَ خَشْيَةِ الضَّيَاعِ يَكُونُ كَمَنْ أُعْطِيَ بِغَيْرِ سُؤَالٍ لِفَقْدِ الْحِرْصِ غَالِبًا عَمَّنْ هَذَا شَأْنُهُ وَقَدْ يُغْتَفَرُ الْحِرْصُ فِي حَقِّ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ يَصِيرُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَتَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ عَلَى الْإِمَامِ فَرْضُ عَيْنٍ وَعَلَى الْقَاضِي فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ
(قَوْلُهُ بَابُ مَنِ اسْتُرْعِيَ)
بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ قَوْلُهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَنْصَحْ أَيْ لَهَا
[7150] قَوْلُهُ أَبُو الْأَشْهَبِ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ حِبَّانَ بِمُهْمَلَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ قَوْلُهُ عَنِ الْحَسَنِ هُوَ الْبَصْرِيُّ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَوْلُهُ ان عبيد الله بن زِيَاد يَعْنِي أَمِير الْبَصْرَةَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ وَوَلَدِهِ يَزِيدَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ هَذِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ حَضَرَ ذَلِكَ مِنْ عُبَيْدِ اللِّهِ بْنِ زِيَادٍ عِنْدَ مَعْقِلٍ قَوْلُهُ عَادَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ هُوَ الْمُزَنِيُّ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ قَوْلُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ كَانَتْ وَفَاةُ مَعْقِلٍ بِالْبَصْرَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ مُسْلِمٌ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ قَوْلُهُ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ اسْتَرْعَاهُ قَوْلُهُ فَلَمْ يَحُطْهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ يَكْلَؤُهَا أَوْ يَصُنْهَا وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ وَالِاسْمُ الْحِيَاطَةُ يُقَالُ حَاطَهُ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَأَحَاطَ بِهِ مِثْلُهُ قَوْلُهُ بِنُصْحِهِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِهَاءِ الضَّمِيرِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِالنَّصِيحَةِ وَوَقَعَ لِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ قَوْلُهُ لَمْ يَجِدْ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ إِلَّا لَمْ يَجِدْ بِزِيَادَةِ إِلَّا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ زَادَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَعَرْفُهَا يُوجَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَامًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَلَهُ مِثْلُهُ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِدُهَا وَهُوَ عَكْسُ الْمَقْصُودِ وَالْجَوَابُ أَنَّ إِلَّا مُقَدَّرَةٌ أَيْ إِلَّا لَمْ يَجِدْ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا مِنْ عَبْدٍ فَعَلَ كَذَا إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَلَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ اسْتِئْنَافٌ كَالْمُفَسِّرِ لَهُ أَوْ لَيْسَتْ مَا لِلنَّفْيِ وَجَازَتْ زِيَادَةُ مِنْ لِلتَّأْكِيدِ فِي الْإِثْبَاتِ عِنْدَ بَعْضِ النُّحَاةِ وَقَدْ ثَبَتَ إِلَّا فِي بَعْضِ النُّسَخِ قُلْتُ لَمْ يَقَعِ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ الْمُتَوَعَّدِ بِهِمَا فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ فَقَوْلُهُ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَشْهَبِ وَقَوْلُهُ
[7151] حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَدِيثِ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَحَفِظَ بَعْضَ مَا لَمْ يَحْفَظْ بَعْضٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَفْظٌ وَاحِدٌ تَصَرَّفَتْ فِيهِ الرُّوَاةُ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِهِ قَالَ أَلَا كُنْتَ حَدَّثْتَنِي هَذَا قَبْلَ الْيَوْمِ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأُحَدِّثَكَ قِيلَ سَبَبُ ذَلِكَ هُوَ مَا وَصَفَهُ بِهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ لَوْلَا أَنِّي مَيِّتٌ مَا حَدَّثْتُكَ فَكَأَنَّهُ كَانَ يَخْشَى بَطْشَهُ فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ أَرَادَ أَنْ يَكُفَّ بِذَلِكَ بَعْضَ شَرِّهِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَى ذَلِكَ وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمَلِيحِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ لَوْلَا أَنِّي فِي الْمَوْتِ مَا حَدَّثْتُكَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَمِيرًا أَمَّرَهُ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ غُلَامًا سَفِيهًا يَسْفِكُ الدِّمَاءَ سَفْكًا شَدِيدًا وَفِينَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ لَهُ انْتَهِ عَمَّا أَرَاكَ تَصْنَعُ فَقَالَ لَهُ وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقُلْنَا لَهُ مَا كُنْتَ تصنع بِكَلَام هَذَا السَّفِيه على رُؤُوس النَّاسِ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ عِنْدِي عِلْمٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَمُوتَ حَتَّى أَقُولَ بِهِ عَلَى رُؤُوس النَّاسِ ثُمَّ قَامَ فَمَا لَبِثَ أَنْ مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَأَتَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ يَعُودُهُ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ لِلصَّحَابِيَّيْنِ قَوْلُهُ قَالَ زَائِدَةُ ذَكَرَهُ هِشَامٌ هُوَ بِحَذْفٍ قَالَ الثَّانِيَةِ وَالتَّقْدِيرُ قَالَ الْحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ قَالَ زَائِدَةُ ذَكَرَهُ أَيِ الْحَدِيثَ الَّذِي سَيَأْتِي هِشَامٌ وَهُوَ بن حَسَّانَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا عَنِ الْحُسَيْنِ الْجُعْفِيِّ بِالْعَنْعَنَةِ فِي جَمِيعِ السَّنَدِ وَحَاصِلُ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ أَثْبَتَ الْغِشَّ فِي إِحْدَاهُمَا وَنَفَى النَّصِيحَةَ فِي الْأُخْرَى فَكَأَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِظُلْمِهِ لَهُمْ بِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ أَوْ سَفْكِ دِمَائِهِمْ أَوِ انْتَهَاكِ أَعْرَاضِهِمْ وَحَبْسِ حُقُوقِهِمْ وَتَرْكِ تَعْرِيفِهِمْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَبِإِهْمَالِ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِيهِمْ وَرَدْعِ الْمُفْسِدِينَ مِنْهُمْ وَتَرْكِ حِمَايَتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا قَدْ ذَكَرْتُ زِيَادَةَ أَبِي الْمَلِيحِ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَخْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْمَلِيحِ مَا مِنْ أَمِيرٍ بَدَلَ وَالٍ وَقَالَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَجِدُّ لَهُ بِجِيمٍ وَدَالٍ مُشَدَّدَةٍ مِنَ الْجِدِّ بِالْكَسْرِ ضِدِّ الْهَزْلِ وَقَالَ فِيهِ إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ فَلَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ إِلَّا كَبَّهُ الله على وَجهه فِي النَّار قَالَ بن التِّينِ يَلِي جَاءَ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ مَاضِيَهِ وَلِيَ بِالْكَسْرِ وَمُسْتَقْبَلُهُ يَوْلِي بِالْفَتْحِ وَهُوَ مثل ورث يَرث وَقَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ عَلَى أَئِمَّةِ الْجَوْرِ فَمَنْ ضَيَّعَ مَنِ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ أَوْ خَانَهُمْ أَوْ ظَلَمَهُمْ فَقَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الطَّلَبُ بِمَظَالِمِ الْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكَيْفَ يَقْدِرُ عَلَى التَّحَلُّلِ مِنْ ظُلْمِ أُمَّةٍ عَظِيمَةٍ وَمَعْنَى حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ أَيْ أَنْفَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْوَعِيدَ وَلم يرض عَنهُ المظلومين وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ نَحْوَهُ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَصِيحَةٍ قُلْتُ وَهُوَ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ جِدًّا وَالتَّعْلِيلُ مَرْدُودٌ فَالْكَافِرُ أَيْضًا قَدْ يَكُونُ نَاصِحًا فِيمَا تَوَلَّاهُ وَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ الْكُفْرُ وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَحِلِّ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الزَّجْرُ وَالتَّغْلِيظُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بِلَفْظِ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَلَمْ يَحُطَّهَا وَفِي قَوْلِهِ فَيَمُوتُ مِثْلُ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا وَقَوْلُهُ وَهُوَ غَاشٌّ قَيْدٌ لِلْفِعْلِ مَقْصُودٌ بِالذِّكْرِ يُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا وَلَّاهُ عَلَى عِبَادِهِ لِيُدِيمَ لَهُمُ النَّصِيحَةَ لَا لِيَغُشَّهُمْ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا قَلَبَ الْقَضِيَّةَ اسْتَحَقَّ أَنْ يُعَاقب
(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ)
فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ مَنْ شَقَّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَالْمَعْنَى مَنْ أَدْخَلَ عَلَى النَّاسِ الْمَشَقَّةَ أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَشَقَّةَ فَهُوَ مِنَ الْجَزَاءِ بِجِنْسِ الْعَمَل
[7152] قَوْله خَالِد هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ قَوْلُهُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ بِضَمِّ الْجِيمِ هُوَ سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِلْعَبَّاسِ الْجُرَيْرِيِّ شَيْئًا وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ وَخَالِدٌ الطَّحَّانُ مَعْدُودٌ فِيمَنْ سَمِعَ مِنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَكَانَتْ وَفَاةُ الْجُرَيْرِيِّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَاخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْآجُرِّيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ مَنْ أَدْرَكَ أَيُّوبَ فَسَمَاعُهُ مِنَ الْجُرَيْرِيِّ جَيِّدٌ قُلْتُ وَخَالِدٌ قَدْ أَدْرَكَ أَيُّوبَ فَإِنَّ أَيُّوبَ لَمَّا مَاتَ كَانَ خَالِدٌ الْمَذْكُورُ بن إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً قَوْلُهُ عَنْ طَرِيفٍ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَزْنُ عَظِيمٍ قَوْلُهُ أَبِي تَمِيمَةَ بِالْمُثَنَّاةِ وزن عَظِيمَة هُوَ بن مُجَالِدٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ الْهُجَيْمِيِّ بِالْجِيمِ مُصَغَّرٌ نِسْبَةً إِلَى بَنِي الْهُجَيْمِ بَطْنٌ مِنْ تَمِيم وَكَانَ مَوْلَاهُم وَهُوَ بَصرِي مَاله فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ تَقَدَّمَ فِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَوْله شهِدت صَفْوَان هُوَ بن مُحْرِزِ بْنِ زِيَادٍ التَّابِعِيُّ الثِّقَةُ الْمَشْهُورُ مِنْ أهل الْبَصْرَة قَوْله وجندبا هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ قَالَهُ الْكَلَابَاذِيُّ قَوْلُهُ وَأَصْحَابَهُ أَيْ أَصْحَابَ صَفْوَانَ قَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ جُنْدُبٌ يُوصِيهِمْ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ بِلَفْظِ شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَأَصْحَابَهُ وَجُنْدُبًا يُوصِيهِمْ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ عَمِّهِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَعَثَ إِلَى عَسْعَسَ بْنِ سَلَامَةَ زَمَنَ فتْنَة بن الزُّبَيْرِ فَقَالَ اجْمَعْ لِي نَفَرًا مِنْ إِخْوَانِي حَتَّى أُحَدِّثَهُمْ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي تَحْدِيثِهِ لَهُمْ بِقِصَّةِ الَّذِي حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَتَلَهُ وَأَظُنُّ أَنَّ الْقِصَّتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَيَجْمَعُهُمَا أَنَّهُ حَذَّرَهُمْ مِنَ التَّعَرُّضِ لِقَتْلِ الْمُسلم وزمن فتْنَة بن الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَقِبَ مَوْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ فَقَالَ ائْتِنِي بِنَفَرٍ مِنْ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَلْيَكُونُوا شُيُوخًا قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِنَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ وَأَبِي بِلَالٍ مِرْدَاسٍ وَنَفَرٍ مَعَهُمَا سِتَّةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْحَدِيثَ قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ أَنَّهُ انْطَلَقَ مَعَ جُنْدُبٍ إِلَى الْبَصْرَةِ فَقَالَ هَلْ كُنْتَ تُدَارِسُ أَحَدًا الْقُرْآنَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَائْتِنِي بِهِمْ قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِنَافِعٍ وَأَبِي بِلَالٍ مِرْدَاسٍ وَنَجْدَةَ وَصَالِحِ بْنِ مِشْرَحٍ فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُ قلت وَهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة من رُؤُوس الْخَوَارِج الَّذين خَرجُوا إِلَى مَكَّة لنصر بن الزُّبَيْرِ لَمَّا جَهَّزَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُيُوشَ فَشَهِدُوا مَعَهُ الْحِصَارَ الْأَوَّلَ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْخَبَر بِمَوْت يزِيد بن مُعَاوِيَة سَأَلُوا بن الزُّبَيْرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي عُثْمَانَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فَغَضِبُوا وَفَارَقُوهُ فَحَجُّوا وَخَرَجَ نَجْدَةُ بِالْيَمَامَةِ فَغَلَبَ عَلَيْهَا وَعَلَى بَعْضِ بِلَادِ الْحِجَازِ وَخَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ بِالْعِرَاقِ فَدَامَتْ فِتْنَتُهُ مُدَّةً وَأَمَّا أَبُو بِلَالٍ مِرْدَاسٌ فَكَانَ خَرَجَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ قَوْلُهُ مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُلْتُ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَتْنُ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ وَفِيهِ وَمَنْ رَايَا وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ مَقْصُودُ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِلسَّرْخَسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ وَبِفَكِّ الْقَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ التَّسَتُّرِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ شَاهِينَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشُقُّ اللَّهُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَقَالُوا أَوْصِنَا فَقَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ يَعْنِي بَعْدَ الْمَوْتِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ جُنْدُبٍ وَلَفْظُهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا مَاتَ بَطْنُهُ قَوْلُهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ فِي رِوَايَةِ صَفْوَانَ فَلَا يُدْخِلْ بَطْنَهُ إِلَّا طَيِّبًا هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَوْقُوفًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ هُوَ الْبَصْرِيُّ عَنْ جُنْدُبٍ مَوْقُوفًا وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ وَسِيَاقُهُ يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ وَالْوَقْفَ فَإِنَّهُ صُدِّرَ بِقَوْلِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَمَّعَ الْحَدِيثَ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ وَيُنْتِنُ بِنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ وَضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَمَاضِيهِ أَنْتَنَ وَنَتَنَ وَالنَّتْنُ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ قَوْلُهُ وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفٍّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَحُولَ وَبِلَفْظِ مِلْءِ بِغَيْرِ مُوَحَّدَةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ كَفِّهِ قَوْلُهُ مِنْ دَمٍ هَرَاقَهُ أَيْ صَبَّهُ فَلْيفْعَل قَالَ بن التِّينِ وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا أَهْرَاقَهُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا قُلْتُ هِيَ لِمَنْ عَدَا أَبَا ذَرٍّ كَذَا وَقَعَ هَذَا الْمَتْنُ أَيْضًا مَوْقُوفًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جُنْدُبٍ مَوْقُوفًا وَزَادَ الْحَسَنُ بَعْدَ قَوْلِهِ يُهْرِيقُهُ كَأَنَّمَا يَذْبَحُ دَجَاجَةً كُلَّمَا تَقَدَّمَ لِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَوَقَعَ مَرْفُوعًا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جُنْدُبٍ وَلَفْظُهُ تَعْلَمُونَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحُولَنَّ بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ وَهُوَ يَرَاهَا مِلْءُ كَفِّ دَمٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَهْرَاقَهُ بِغَيْرِ حِلِّهِ وَهَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ مُصَرَّحًا بِرَفْعِهِ لَكَانَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ وَهُوَ وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِقَتْلِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ مِلْءِ كَفٍّ مِنْ دَمٍ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مِقْدَارِ دَمِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ كَذَا قَالَ وَمِنْ أَيْنَ هَذَا الْحَصْرُ وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ ذِكْرَ مِلْءِ الْكَفِّ كَالْمِثَالِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحُولَنَّ بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ فَذَكَرَ نَحْوَ رِوَايَةِ الْجُرَيْرِيِّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ فَبَكَى الْقَوْمُ فَقَالَ جُنْدُبٌ لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ قَوْمًا أَحَقَّ بِالنَّجَاةِ مِنْ هَؤُلَاءِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ قُلْتُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَصْدِيرِهِ كَلَامِهِ بِحَدِيثِ مَنْ سَمَّعَ وَكَأَنَّهُ تَفَرَّسَ فِيهِمْ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ وَلَقَدْ صَدَقَتْ فِرَاسَتُهُ فَإِنَّهُمْ لَمَّا خَرَجُوا بَذَلُوا السَّيْفَ فِي الْمُسْلِمِينَ وَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَالْأَطْفَالَ وَعَظُمَ الْبَلَاءُ بِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي كتاب الْمُحَاربين قَالَ بن بَطَّالٍ الْمُشَاقَّةُ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الشِّقَاقِ وَهُوَ الْخِلَافُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنِ الْقَوْلِ الْقَبِيحِ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَكَشْفِ مسَاوِيهِمْ وَعُيُوبِهِمْ وَتَرْكُ مُخَالَفَةِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ وَالنَّهْيُ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ وَالْإِضْرَارِ بِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ شَقَّ الْأَمْرُ عَلَيْكَ مَشَقَّةً أَضَرَّ بِكَ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَشَقَّةَ وَالْمُشَاقَّةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ جَوَّزَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ الْمَشَقَّةُ مِنَ الْإِضْرَارِ فَيَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَأَنْ تَكُونَ مِنَ الشِّقَاقِ وَهُوَ الْخِلَافُ وَمُفَارَقَةُ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي شِقٍّ أَيْ نَاحِيَةٍ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَرَجَّحَ الدَّاوُدِيُّ الثَّانِي وَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَوَقَعَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُنْدُبٌ قَالَ نَعَمْ جُنْدُبٌ انْتَهَى وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَالسَّائِلُ لَهُ الْفَرَبْرِيُّ وَقَدْ خَلَتْ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ سِيقَ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي أَوْرَدْتُهَا مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ جُنْدُبًا هُوَ الْقَائِلُ وَلَيْسَ فِيمَنْ سُمِّيَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ