Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

إنباء الغمر بأبناء العمر
إنباء الغمر بأبناء العمر
إنباء الغمر بأبناء العمر
Ebook630 pages5 hours

إنباء الغمر بأبناء العمر

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يدخل كتاب نضرة الإغريض في نصرة القريض في دائرة اهتمام المتخصصين في نطاق علوم اللغة العربية بشكل خاص والباحثين في المواضيع قريبة الصلة بوجه عام؛ حيث يدخل كتاب نضرة الإغريض في نصرة القريض ضمن نطاق تخصص علوم اللغة ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل الشعر، والقواعد اللغوية، والأدب، والبلاغة، والآداب العربية.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateMay 1, 1902
ISBN9786361937469
إنباء الغمر بأبناء العمر

Read more from ابن حجر العسقلاني

Related to إنباء الغمر بأبناء العمر

Related ebooks

Reviews for إنباء الغمر بأبناء العمر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    إنباء الغمر بأبناء العمر - ابن حجر العسقلاني

    الغلاف

    إنباء الغمر بأبناء العمر

    الجزء 4

    ابن حجر العسقلانيي

    852

    نباء الغمر بأبناء العمر هو مؤلف ضخم يقع في حوالي ألف صفحة كبيرة ألفه شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد ابن حجر العسقلاني، حيث يتبع نظام الحوليات والشهور والأيام في تدوين الحوادث، ثم يتبع حوادث كل سنة بأعيان الوفيات، وقد أفاض في ذكر ما يتعلق بمصر من هذه الحوادث، وهو يتناول الأحداث التي وقعت بين سنة (773- 850). قال الحافظ ابن حجر متحدثا عن كتابه : هذا تعليق جمعت فيه حوادث الزمان الذي أدركته منذ مولدي سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وهلم جرا مفصلا في كل سنة أحوال الدول عن وفيات الأعيان مستوعبا لرواة الحديث خصوصا من لقيته أو أجاز لي وغالب ما أورد فيه ما شاهدته أو تلقفته ممن أرجع إليه أو وجدته بخط من أثق به من مشايخي ورفقتي

    سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة

    في ثالث المحرم لبس السلطان الصوف وكان ذلك قبل العادة بمدة والحر موجود واستمر بعد ذلك أياما ووقع الندى وأمطرت السماء قليلاً ، ودخل كيهك من شهور القبط وهو أول الأربعين عند المصريين ولم يقع البرد بل كان نظير فصل الربيع واستمر ذلك إلى أن نقلت الشمس إلى الجدي ولم يعهد ذلك .وفي الثالث من المحرم قدم الحمل من قبرس وهو خمسون ألف دينار .وفيها قتل عذراء بن علي بن نعير أمير آل فضل ، واستقر بعده أخوه مذحج .وفي ثاني عشر صفر صرف القاضي الحنبلي عز الدين عبد العزيز ابن علي المقدسي وأعيد القاضي محب الدين بن نصر الله ، وكان عز الدين أحس بأن يعزل فمكر بأن سأل ناظر الجيش أن يسأل له السلطان في الإعفاء ، فبلغ السلطان ذلك فأعجب به وقال : لولا أنه رجل جيد ما طلب الإعفاء ، وأمر أن يستمر فظن حصول مقصوده بذلك من الاستمرار وصبر على ذلك مدة ، وسخط منه كاتب السر لأمر اقتضاه فاحتال عليه بأن قال للسلطان : هذا الحنبلي شيخ كبير وقد تكرر سؤاله الإعفاء وأن يقرر له رزق على جهة حل يأكل منها ويعبد الله ويدعو للسلطان ، فأمر السلطان بإجابته لذلك ، فخلع على محب الدين ولم يشعر عز الدين بذلك ، فضج ودار على الأمراء فلم ينجع ، وقرر له في الشهر على وقف تنبغا التركماني معلوم النظر ، وكان يظن أنه بما تحيل به يستمر فانعكست حيلته .وفي صفر أمر بتحكير قصب السكر وأن لا يزرعه أحد إلا السلطان ، ثم بطل ذلك بعد قليل ، وفيه أمر بهدم ما كان اليهود أحدثوه من بناء درب محدث يغلق على كنيستهم وسياج كالسور ، حازوا فيه كثيراً من دور المسلمين التي تهدمت ، وكانوا فعلوا ذلك في سنة ثلاث وعشرين بغير إذن من حاكم ، فقام الشريف شهاب الدين النعماني في ذلك ، وكان لما أنكر عليهم لبسوا على قاضي الحنابلة وأخذوا خطه على قصة ، وكان القائم معهم في ذلك نقيب الحنبلي جمال الدين عبد الله الإسكندراني ، فحمل النعماني أعيان الناس على الحنبلي حى أوضح له القصة فحكم بهدم ما أحدثوه من السياجات والأبواب والخوخ ، وسجل على نفسه بذلكم في سنة أربع وعشرين ، فلما كان في هذه السنة رفعوا للقاضي الحنفي العينتابي قصة ، فأذن فيها لبعض النواب ممن كان الشافعي منعه من الحكم وكان من شيعة الهروي فتوسل للعينتابي بذلك ، فأذن له في الحكم وعين عليه هذه القصة ، فكتب محضراً يتضمن أن الذي كانوا جددوه مختص بالكنيسة وليس فيه شيء من أبنية المسلمين ولا من حقوقهم وإنما تعصبوا عليهم في القصة التي تقدم ذكرها ، فأثبت ذلك وأذن لهم في إعادة ما كان الحنبلي حكم بهدمه ، فسارعوا إلى بنيانه ، فقام النعماني وحمل الناس على العبنتابي حتى نفذ حكم الحنبلي ، ثم أخذ النعماني في التشنيع على النائب الذي تعاطى ذلك وهو عبد الله البرلسي حتى اتصلت القصة بالسلطان ، فأذن للشافعي والحنبلي أن يتوجها بمفردهما ومعهما ناظر الأوقاف إلى المكان المذكور ويشخصوه وينظر القاضيان فيما حكم به ابن المغلي ثم البرلسي ويفعلا فيه الواجب ، فتوجها يوم الجمعة ثاني عشري صفر ، وكان النعماني استكتب شيوخ المصريين في محضر شهدوا فيه أن الذي أعيد الآن هو عين ما كان ابن المغلي أمر بهدمه ، وأذن العينتابي لليهود في كتابة محضر بأنه غيره وكتب فيه جماعة ، فلما تأملت المحضرين وشاهدت الأمكنة المجددة أغنت المشاهدة عن الخبر فظهر الحق بيد النعماني ، لكن رأيت الغوغاء قد اجتمعوا ومعهم المساحي والمعاول ، فلو أذنت بهدم شيء ما لهدمت الكنيسة كلها ونهب ما فيها ، وكان ذلك وقت العصر فقلت لهم : لا بدمن كشف كنيسة النصارى حتى ينظر ما أحدثوا أيضاً وبهدم الجميع ، فأعجبهم ذلك وافترقنا على العود في أول النهار ، ثم استوفى الشافعي والحنبلي الشروط في المسألة وحكما بهدم ما أحدث وإبطال حكم البرلسي ، وكان البرلسي قبل ذلك خشي القالة فأشهد على نفسه بأنه رجع الحكم المذكور ، ثم توجه لكاتب السر فأعلمه بذلك واتصل ذلك بالسلطان ، وكنت عند الافتراق أمرت الوالي أن يزيل ما أحدثوه من الأبنية الجديدة كلها بالليل ، ففعل ذلك وانحسمت المادة بعون الله تعالى .وفي ربيع الأول غلا السعر بسبب هبوب الريح المريسية ، فمنعت المراكب من الوصول من الوجه البحري بالغلال ، وعز وجود الخبز بالأسواق أياماً ، ثم فرج الله وانحل السعر في جمادى الأولى ، ورخص القمح وغيره .زفي شهر ربيع الآخر شدد السلطان في أمر الخمر وأمر بإراقة ما يوجد منها في مظانها في جميع البلاد ، وكذلك الحشيش أمر بإحراق ما يوجد منها ، فأهريق من الخمر وأحرق من الحشيش ما لا يحصى كثرة ، وأكثر ذلك كان بدمياط وكان في القاهرة وغيرها من الأعمال على ذلك ضمان وعليه إقطاعات لأناس ، فبطل ذلك ولله الحمد ، ثم أعيد قليلاً قليلاً بدسائس أهل الظلم والمكر حتى عاد كما كان بعد مدة قريبة .وفيها أبطلت المعاملة بالبنادقة وضربت اشرفية ، وحصل بذلك لخيار المسلمين سرور كثير ، وفيه حضر من أكابر أهل دمياط جماعة وشكوا من ابن الملاح الكاتب النصراني الملكي وأنه يتجاهر باللواط ، ويستخدم من يكون جميل الصورة من أبناء البلد ، ويبالغ في إظهار الفاحشة ، حتى أنه ربما قام بحضرة الناس فخلا به الشاب منهم بحيث لا يواريه إلا جدار المخدع أو شبهه ثم يخرجان معاً على الهيئة الدالة على المراد ، وكثر ذلك منه ، وأنف جماعة من الناس ومنعوا أولادهم من الخدمة عنده ، وهو يفسدهم بكثرة العطية ومعاقرة الخمر والغناء ، مع ما هو فيه من الجاه العريض حتى كان والي البلد يقف في خدمته ، ومهما قاله لا يرد ومهما فعله لا يتعقب ، ومن نازعه في شيء أفسد حاله عند ناظر الخاص المتكلم على البلد ؛ فرفعوا في أمره قصة تتضمن هذا وغيره من المفاسد ، فعقد له مجلس بحضرة السلطان ، فلما ادعى عليه أنكر ، فقامت البينة بشيء من ذلك فبادر وأسلم وحكم بإسلامه ولقب محب الدين . وشرط عليه الشافعي أنه متى ثبت عليه شيء مما وقع فيه أو وقع في حق أحد ممن قام عليه في ذلك رتب عليه مقتضاه ! وتهدده في ذلك ، فأذعن والتزم وتوجه إلى دمياط وحسنت سيرته بالنسبة لما كان أولاً - والله أعلم بغيبه .وفيه منع الفرنج من حمل الخمر من بلادهم ثم بعد مدة عادوا ، وفيه جعل على تجار الشام ثلاثة دنانير ونصف إن حملوا البهار إلى بلادهم زيادة على المكس المعهود ، ثم بعد سنين بطل ذلك والتزموا بعدم الحمل .وفي الخامس من جمادى الأولى غضب السلطان على فيروز الساقي بسبب أنه تكلم في القاضي الحنفي العيني ونسبه إلى أمور معضلة من تناول الرشوة والحكم بالعرض وتعاطي الأسباب المفسقة ، فأراد السلطان الاستثبات في ذلك فأحضر الحنفي ، وأراد من فيروز أن يواجهه ويحاققه ، فخارت قوى الطواشي فاعتذر واستغفر ، فاشتد غضب السلطان وأمر بأن بنفي بعد أن ضرب بحضرته ضرباً شديداً ، ثم شفع فيه بأن يكون توجهه إلى المدينة الشريفة فأجاب ، وتوجه فأقام بها سنة ثم أذن له في الرجوع .وفي جمادى الأولى عند نزول الشمس برج الحمل أمطرت السماء يومين متواليين مطراً غزيراً لم يقع في هذه السنة قبل ذلك ، ووقع في أول يوم من برمودة والشمس في الحمل حر شديد وسموم نظير ما جرت العادة أنه يقع في تموز .وفيه لبس السلطان الأبيض قبل العادة بسبعة وثلاثين يوماً لشدة ما وقع من الحر ، ثم لم يلبث البرد أن عاد أشد ما كان واستمر إلى مضي عشرين يوماً .وفيه وقع بالشام مرض عام ، وكثر موت الخيل بها وبحماة .وفي جمادى الأولى خلع الأشرف إسماعيل بن الناصر أحمد صاحب اليمن من الملك ، وكان السبب فيه أن وزيره الشرف إسماعيل بن العفيف عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر العلوي قصر في مرتبات الجند ، فطالبوه مراراً فلم ينصفهم ، فرفعوا أمرهم للسلطان ، فأحالهم على الوزير ، فتألموا وهجموا على الدار فخرج إليهم شقير أمير جندار ، فضربوه بالسيوف حتى برد ، وقتلوا الشاد الكبير ، واسمه عندهم مشد المشدين ، وهجموا على الأشرف وقبضوا عليه وعلى علي بن الحسام لاجين ، وسجنوا الأشرف وأمه وحظيته ، وكان كبيرهم مملوكاً يقال له برقوق من مماليك الناصر ، فاتفق رأيهم أن يخرجوا يحيى بن ناصر من محبسه يسلطنوه ففعلوا ولقبوه الظاهر ، ونهبوا دار السلطان ، واستقرت سلطنة يحيى بن الناصر وحبس الأرف إسماعيل في الموضع الذي كان فيه يحيى ، وهو في حصن ثعبات من بلاد تعز ، وصودر الوزيران ، وعظم أمر الشهاب أحمد بن الأمير محمد بن زياد الكاملي ، وكان أبوه من أكابر أمراء الأشرف بن الأفضل ثم صار هو الآن كبير الأمراء ، وظهرت من الظاهر يحيى شجاعة ومعرفة ومهابة .وفي الثالث من جمادى الآخرة ادعى على شمس الدين محمد بن الشيخ عز الدين حسن الرازي الحنفي أحد نواب الحكم بأنه وقع في حق النبي صلى الله عليه وسلم فأنكر ، ثم ادعى عليه نقيب الحنفي أنه قال له : أنت يهودي ، فأنكر ، فأقام عليه البينة بذلك فعزر ، وحكم الحنفي بحقن دمه وسكنت القضيةوفي جمادى الآحرة وصل إلى الشيخ علاء الدين ابن البخاري من صاحب كلبرجا من بلاد الهند ثلاثة آلاف شاش ، ففرق منها ألفاً على الطلبة الملازمين له ، من جملتها مائة شاش لصدر الدين ابن العجمي ليوفي بها دينه ، ويقال إن صاحب الهند كان قرأ على الشيخ علاء الدين لما كان بالهند ، فراسله فأشار عليه أن يرسل لفقراء الطلبة صدقة فأرسل ذلك ، ثم فرق الشيخ علاء الدين على الطلبة كثيراً من الشاشات ، وعمل لهم وليمة في بستان ابن عنان صرف عليها ستين ديناراً ، ووصلت هدية صاحب الهند للسلطان ، وهي مائتاشاش ، ومائتا إزار بيرمي ، وستون نافجة من المسك الطيب ، وأربعة أسياف محلاة فيها نحو خمسمائة مثقال .وفيها عزم الشيخ علاء الدين ابن البخاري على الحج واستاذن السلطان فامتنع ، فألح مرة بعد مرة فأرسل إليه كاتب السر بدر الدين بن مزهر ، فلم يزل يرجعه إلى أنقبل يده فأطاع وأقام .وفي السادس من جمادى الآخرة أخذت الحوانيت التي فيهاالسيوفية والصيارف ظاهر الصاغة وعلوها وقد أخذ فيه الجوانب ، واستبدل النصف والربع بمال جزيل يعمر به في البرع الباقي لجهة وقفه على الصالحية فعمر عمارة جديدة ، وصارت أجرة الربع أزيد من أجرة الكل بالنسبة لما كان يفضل بعد الصرف في ترميمه .وفي أول يوم من رجب عمل الموكب السلطاني وكان حافلاً جداً ، والسبب فيه قدوم رسول من ابن عثمان يستأذن في الحج ومعه هدية جليلة .وفيه التمس الشيخ علاء الدين محمد بن محمد بن محمد البخاري من السلطان أن يبطل إدارة المحمل حسماً لمادة الفساد الذي جرت العادة بوقوعه عند إدارته في الليل والنهار من ارتكاب المنكرات والتجاهر بالمعاصي ، فأمر السلطان بجمع القضاة وكاتب السر وأن يتوجهوا إلى الشيخ علاء الدين ويتكلموا معه في هذه المسالة ، فوقع الكلام فقلت : ينبغي أن ينظر في السبب في هذه الإدارة فيعمل بما فيه المصلحة منها ويزال ما فيه المفسدة ، وذلك أن الأصل فيه إعلام أهل الآفاق أن الطريق من مصر إلى الحجاز آمنة ، وأن من شاء أن يحج فلا يتأخر لخشية خوف الطريق ؛ وذلك لما كان حدث قبل ذلك من انقطاع الطريق إلى مكة من جهة مصر كما هي الآن منقطعة غالباً عن العراق ، فالإدارى لعلها لا بأس بها لهذا المعنى وما يترتب عليها من المفاسد يمكن إزالته بأن يبطل الأمر بزينة الحوانيت ، فإنها السبب في جلوس الناس فيها ، وكثرة ما يوقد فيها من الشموع والقناديل ، ويجتمع فيها من أهل الفساد ، فإذا ترك هذا وأمر السلطان من تعاطي إدارة المحمل من غير تقدم إعلام الناس بذلك حصل الجمع بين المصلحتين ، وانفصل المجلس على ذلك ؛ ووقع في هذا المجلس ذكر ابن العربي الصوفي ، فبالغ الشيخ علاء الدين في ذمه وتكفيره وتكفيرمن يقول بمقالته ، فانتصر له المالكي وقال : إنما ينكر الناس عليه ظاهر الألفاظ التي يقولها ، وإلا فليس في كلامه ما ينكر إذا حمل لفظه على مراده بضرب من التأويل ، فانتشر الكلام بين الحاضرين في ذلك ، وكنت مائلاً في ذلك مع الشيخ علاء الدين ، وأن من أظهر لنا كلاماً يقتضي الكفر لا نقره عليه ، وكان من جملة كلام الشيخ علاء الدين الانكار على من يعتقد لوحدة المطلقة وكان من جملة كلام المالكي أنتم ما تعرفون الوحدة المطلقة ، فاستشاط البخاري غضباً وأقسم بالله أن السلطان إن لم يعزل المالكي من القضاء ليخرجن من مصر ! والتمس من كاتب السر أن يسأل السلطان في إزالة أشياءمن المظالم الشنيعة ، ومن جملتها أن المسلم يؤخذ منه المكس أكثر ممكا يؤخذ من النصراني إذا أحضرا بضاعة واحدة ، بحيث صار كثير من المسلمين يجعل بضاعته باسم النصراني ويتقلد له المانه ، وأكد عليه في قصة المالكي ، فأعاد كاتب السر على السلطان جميع ما اتفق ، فأمر السلطان بإحضار القضاة عنده ، فحضروا فسئلوا عن مجلس علاء الدين ، فقصه كاتب السر بحضرتهم ، ودار بين السافعي والمالكي في ذلك بعض كلام ، فتبرأ المالكي من مقالة ابن العربي وكفر من يعتقدها ، فصوب الشافعي قوله ، وسأل السلطان ماذا يجب على المالكي ، وهل تكفير الشيخ علاء الدين له مقبول ، وهل يستحق العزل أو التعزير ! فقلت : لا يجب عليه شيء بعد اعترافه هذا وهذا القدر كاف منه ، وانفصل المجلس على ذلك ؛ وأرسل السلطان يترضى علاء الدين ويسأله بأن لا يسافر ، فأبى وسلم له حاله وقال : يفعل ما أراد ، وهم بعزل القضاة لاختلاف قولهم الأول عند علاء الدين والثاني عنده ، فبين له كاتب السر أن قولهم لم يختلف وأوضح له المراد فرضي ، واستمر المالكي بعد أن كان أراد أن يقرر الشيخ شهاب الدين بن تقي الدميري أحد نوابه مكانه ، وحضر المجلس المذكور ، وأحضرت خلعته ، فبطل ذلك .وفي السادس والعشرين من رجب هبت ريح شديدة ملأت الأزقة والبيوت تراباً ، ودام ذلك من أول النهار إلى آخره ، وفي بعض الليل .وفي رمضان توجه سعد الدين إبراهيم بن المرة الكاتب لأجل المكوس من تجار الهند بحدة فعمر بجدة جامعاً وفرضة وصارت مينا عظيمة ، وجهز السلطان أمير يقال له أرنبغا من أمراء العشراوات ، وجهز معه خمسين مملوكاً لدفع بني حسين والقواد عن التعرض إلى جدة والإعراض عن النهب ، وحج بالركب الأول ينال الششماني راس نوبة وبيده يومئذ حسبة القاهرة فاستناب فيها دويداره شاهين ، فمشى الأمور إلى أن وصل أستاذه ، فلم يشكر سيرته لكثرة نومه وإغفاله أمر اللصوص وفيه قبض على قطج أحد أمراء الألوف وحمل إلى الإسكندرية ، وقبض على جرباش قاشق أمير مجلس ونفي إلى دمياط مطلقاً ، فأقام بها واتجر وتمول ، واستقر اينال الأجرود في نيابة غزة ، وأعبد تنبغا المظفري من القدس واستقر في إمرة جرباش قاشق المذكور وذلك في العشر الأخير من ذي القعدة .وفي خامس ذي الحجة قبض على أزبك الدويدار ، واستقر مكانه اركماس الظاهري ، واستقر تمراز الذي كان نائب غزة في وظيفة اركماس راس النوبة الكبير ، ووصل في هذه السنة المحمل من العراق بعد أن انقطع عشر سنين أو اكثر . جهزه في هذه السنة حسين بن علاء الدولة ابن أحمد بن أويس أمير الحلة ومغيرة بن سقم أمير العرب ، ووقف الحاج يومين للاختلاف في الهلال .وفي ذي الحجة انحط سعرالقمح بعد أن كان بلغ أربعمائة إلى ثلاثمائة وخمسين ، ثم انحط بعد ذلك أيضاً وفتحت الشؤن السلطانية وغيرها وبيع منها فحصل الاتساع ، وكان السعر بلغ مائتين وعشرين ، والتبن مائة وثمانين كل حمل ، ثم أنحط إلى أربعين درهماً كل حمل .وفي ثامن رمضان استقر قانصوه النوروزي في نيابة طرسوس وكان أمير عشرة ، وأضيف إقطاعه إلى الديوان المفرد ، وفي جمادى الآخرة قرر طرباي في نيابة طرابلس ، وكان قد أذن له أن يقيم بالقدس بطالاً ، فتحول من ثم إلى طرابلس واستمر في إمرتها إلى . .وفي شهر ربيع الآخر أفرج عن جنبوس الفرنجي صاحب قبرس على فدي مبلغه مائة ألف دينار ، وأن يطلق عندهم من أسرى المسلمين وجهز إلى الإسكندرية ، وفيه قدم مركبان من فرنج الكتيلان لأخذ الإسكندرية بغتة ، فوجدوا أهلها قد أيقظهم متولي قبرس بهم ، فلم يحصل لهم مقصود .وفيه أمر السلطان بإراقة الخمور فتتبعت من عند كل من يتعاناها من المسلمين وأهل الذمة ، وشدد في ذلك وكتب به إلى البلاد الشامية وغيرها ، وكتب إلى الإسكندرية بإلزام الفرنج بإعادة ما جلبوه من الخمور إلى بلادهم ، واتفق في دمياط أن بعض الفقهاء أراق خمراً فعارضه بعض الخاصكية وأهانه ، فبلغ ذلك السلطان فأمر بضرب ذلك الخاصكي ضرباً مبرحاً ، حتى أن بعض الأمراء وهو اخو السلطان قام ليشفع فيه ، فضربه معه فضربا معاً ، ثم أمر بإحراق الحشيش والمنع من زرعها . وفيها نقض ابن الركاعنة طاعة أبي فارس صاحب تونس ، فسار إليه واجتمع به عبد الواحد بن أبي حمو وهو عمه ، ففر ابن الركاعنة ، وأقام أبو فارس عبد الواحد المذكور في ملك تلمسان وفاس ورجع - وكانما سيأتي ذكره سنة ثلاث وثلاثين .وفي السابع من رجب استقر كمال الدين ابن البارزي في كتابة السر بدمشق عوضاً عن حسين السامري بحكم وفاته وكان له منذ عزل من نظر الجيش مقيما ؟ ً بالقاهرة سبع سنين ، واستقر شهاب الدين ابن نقيب الأشراف بدمشق في نظر الجيش عوضاً عن حسين أيضاً ، وكان جمعهما .وفي عاشره استقر عز الدين بن عبد السلام بن داود بن عثمان المقدسي في تدريس الصلاحية بالقدس عوضاً عن الشيخ شمس الدين البرماوي بحكم وفاته ، واتفق في هذه السنة من العجائب أن الفول نزل عليه الصقيع بالصعيد فافسده وهو أخضر ، شرق كثيرمن الأراضي فلم يزرع ، وأكلت الدودة مواضع مزدرعة ، فكانت هذه الأمور الثلاثة في العادة ينشأ عنها الغلاء ، وانضاف إلى ذلك نزول النيل بسرعة ، فزرعوا في شدة الحر ، ثم تسلطت الدودة مع ذلك ، فتحرك السعر قليلاً ثم لم يرتفع لشئ من الغلة رأس ، وتمادى الأمر على ما كان حتى جاء المغل الجديد ، ثم غلا السعر في أيام زيادة النيل فزاد سعر كل إردب مائة درهم ، وانحلت الأسعار بعد وفاء النيل ، وكان ببلاد الصعيد الأعلى وباء شديد ومرض حاد ومات بسببه خلائق في رجب وشعبان ، واستمر إلى . . . وفي سادس عشر شوال نودي بأبطال المعاملة بالدراهم البندقية واللنكية ، وأخرجت الدنانير الأشرفية ، ونودي أن يكون بمائتين خمسة وعشرون ، وأبطلت المعاملة بالأفلورية .وفي السادس من ذي الحجة قبض على أزبك الدويدار الكبير ، واستقر عوضه أركماس رأس نوبة النوب ، واستقر في وظيفته تمران الذي كان نائب غزة - .وفيها استقر جوهر القنقباى خازندار ثانيا ، ثم بعد قليل استقر عوضا عن خشقدم خازندار كبيرا ، واستقر خشقدم زماما بعد موت الزمام .وفي سابع عشر ذي الحجة استقر التاج الوالي مهمندارا عوضا عن خرز ، فاجتمعت له عدة وظائف : ولاية القاهرة والحجوبية وشد الدواوين والمهمندارية ، مع استمراره في مجالسة السلطان ومنادمته .

    ذكر من مات

    في سنة 831 من الأعيان .

    إبراهيم بن عبد الله الشامي الملقب خرز، قدم مع المؤيد فولاه المهمندارية بعد ابن لاقي ومات وقد ولى ولاية القاهرة، ومات في العشر الأخير من ذي القعدة .أزدمر شايه أحد الأمراء الكبار المقدمين -، نقل لنيابة ملطية في أول سنة ثلاثين، ثم رجع إلى حلب أميراً، ومات بها في سادس شهر ربيع الآخر، وكان من مماليك الظاهر ثم صار من أتباع شيخ، فلما تسلطن أمره .إياس الحاجب الظاهري، كان أحد الأمراء الأربعين، ثم أخرج إقطاعه وانفصل من الحجوبية، ومات بطالاً .بكتمر بن عبد الله، السعدي مملوك سعد الدين بن غراب، تربى صغيراً عنده وتعلم الكتابة والقراءة، وكان فصيحاً ذكياً، ترقى إلى أن سفره السلطان إلى صاحب اليمن، ثم علد فتأمر وتقدم، وكان فاضلاً شجاعاً عارفاً بالأمور، مات في يوم الخميس 13 ربيع الأول .جانبك الدوادار الأشرفي كان اشتراه وهو صغير، ثم رقاه كما تقدم في الحوادث، وأمره طبلخاناة في المحرم سنة ست وعشرين، وأرسل إلى الشام لتقليد النواب فأفاد مالاً عظيماً، وتقرر أولاً خازندار ثم تقرر دويدار ثانياً بعد سفر قرقماس إلى الحجاز، وصارت غالب الأمور منوطة به، وليس للدوادار الكبير معه كلام وتمكن من سيده غاية التمكن، حتى صار ما يعمل برأيه يستمر، وما يعمل بغير رأيه ينقض عن قرب -، وشرع في عمارة المدرسة التي خارج باب زويلة، وابتدأ به مرضه بالمغص ثم انتقل إلى القولنج، وواظبه الأطباء بالأدوية والحقن ثم اشتد به الأمر فعاده أهل الدولة كما هم من الخدمة السلطانية فحجبوا دونه، فبلغ السلطان فنزل إليه العصر فعاده واغتم له وأمر بنقله إلى القلعة، وصار يباشر تمريضه بنفسه مع ما شاع بين الناس أنه سقي السم، وعولج بكل علاج إلى أن تماثل ودخل الحمام ونزل إلى داره، فانتكس أيضاً لأنه ركب إلى الصيد بالجيزة فرجع موعوكاً، وتمادى به الأمر حتى مات، فنزل السلطان إلى داره وحضره وركب في جنازته وصلى عليه تحت القلعة، وكان شاباً حاد الخلق عارفاً بالأمور الدنيوية كثير البر للفقراء شديداً على من يتعاطى الظلم من أهل الدولة، وهم الأشراف مراراً أن يؤمره تقدمة فلم يقدر ذلك، وكان هو في نفسه وحاله أكبر من المقدمين، مات في ليلة الخميس سابع عشرى شهر ربيع الأول عن خمس وعشرين سنة - تقريباً -، وماتت زوجته بعده بستة أيام، فيقال إنه كان جامعها لما أفاق من مرضه قبل النكسة فأصابها ما كان به من الداء، ونقل السلطان أولاده عنده وبنى لهم خان مرور بالقرب من بين القصرين وكان قد استهدم، فأخذه بالربع وعمره عمارة متقنة بحيث صار الذي يتحصل من ريعه يفي لأهل الربع بالقدر الذي يتحصل من جميعه .جانبك بن حسين بن محمد بن قلاون سيف الدين بن الأمير شرف الدين ابن الناصر بن المنصور، ولد سنة بضع وخمسين، وأمر طبلخاناة في سلطنة أخيه الأشرف شعبان، ولما زالت دولة آل قلاون استمر ساكناً بالقلعة مع أهل بيته، وكانت عدتهم إذ ذاك ستماءة نفس، فما زال الموت يقلل عددهم إلى أن تسلطن الأشرف برسباي، فأمر بهم أن يسكنوا من القاهرة حيث شاؤا فتحولوا، ولم يكن فيهم يومئذ أقعد نسبا من جانبك بل كان قبله بقليل ولد الناصر حسن وقد تقدمت وفاته في. .. وأناف جانبك على السبعين .حسن بن أحمد بن محمد، البرديني بدر الدين، قدم من السيوفة صغيراً ونشأ بالقاهرة فقيراً، ونزله أبو غالب القبطي الكاتب بمدرسته التي أنشأها بجوار باب الخوخة، فقرأ على الشيخ شمس الدين الكلائي ولم يتمهر في شئ من العلوم، بل لما ترعرع تكسب بالشهادة، ثم ولى التوقيع واشتهر به وكانت لديه معرفة بالأمور الدنيوية فراج على ابن خلدون فنوه به، وكذا صدر الدين المناوي، ولم ينتقل في غالب عمره عن ذلك ولا عن ركوب الحمار، حتى كان بأواخر دولة جمال الدين الأستادار فإن فتح الله نوه به، فركب الفرس وناب في الحكم وطال لسانه، واشتهر بالمروءة والعصبية فهرع الناس إليه لقضاء حوائجهم وصار عمدة القبط في مهماتهم يقوم بها أتم قيام - فاشتد ركونهم إليه - وخصوه هم بها فلايثق أحد منهم فيها بغيره، فصارت له بذلك سمعة، وكان يتجوه على كاتب السر فتح الله بناظر الجيش ابن نصر الله، وعلى ناظر الجيش بكاتب السر فتح الله، وعلى سائر الأكابر بهما معاً، فحوائجه مقضية عند الجميع، ولما باشر نيابة الحكم أظهر العفة ولم يأخذ على الحكم شيئاً، فأحبه أكثر الناس وفضلوه على غيره من المهرة لهذا المعنى، وحفظت عنه كلمات منكرة مثل إنكاره أن يكون في الميراث خمس أو سبع لأن الله لم يذكره في كتابه، وغير ذلك من الخرافات التي كان يسميها المفردات، وحج بأخره فذكر لي صلاح الدين بن نصر الله عنه أموراً منكرة من التبرم والإزدراء - فنسأل الله العفو! وكان مع شدة جهله عريض الدعوى غير مبال بما يقول وبفعل مات في يوم الإثنين خامس عشرى رجب وقد أناف على الثمانين .حسين نجم الدين بن عبد الله، السامري الأصل كاتب السر بدمشق، وقد جمع بينها وبين نظر الجيش بعناية صهره زوج بنت امرأته ازبك الدوادار، واستقر بعده كمال الدين البارزي في كتابة السر بدمشق وشهاب الدين الشريف نقيب الأشراف في نظر الجيش، وكان موت حسين المذكور في - يوم الأربعاء لست بقين من جمادى الآخرة -، وكان عريا عن العلوم جملة والعجب أنه كان باسمه التدريس بدار الحديث الأشرفية بدمشق! وأول ولايته لكتابة السر كان في أول سنة إثنتي عشرة، ثم صرف وباشر عند الأمراء، وأول ولايته نظر الجيش سنة خمس وعشرين في صفر، ثم أضيفت إليه كتابة السر في جمادى الآخرة منها وصرف عن كتابة السر في سنة ثمان وعشرين، ثم أعيدت إليه في ربيع الآخر سنة ثلاثين، واستمرتا معه إلى أن مات .سعيد بن عبد الله المغربي، المجاور بالجامع الأزهر وأحد من يعتقد ويزار، وكان عنده مال جم من ذهب وفضة وفلوس يشاهده الناس فلا يجسر أحد على أخذ شئ منه، وكان عنده ذهب هرجة يخرجه أحيانا ويصففه، وقد شاع بين الناس أن من اختلس منه شيئا أصيب في بدنه، فلا يقربه أحد، وكان حوله قفاف ذوات عدد ملأى من الفلوس، وكان يحضر أحياناً ويغيب أحياناً إلى أن مات - يوم الأربعاء - في تاسع عشر ربيع الآخر بعد مرض طويل، وقد زاره السلطان مرة، ولما مات حمل المال الذي وجد له لبيت المال، وكانت جنازته حافلة .شرف بن أمير، السرائي ثم المارديني الكاتب المجود، تعانى الكتابة إلى أن أتقن الخط على الطريقتين ابن البواب وياقوت، وتعلم منه أهل تلك البلاد، وقدم حلب على رأس القرن، ثم حج في سنة تسع وعشرين، وذكر أن اللنك طلبه من صاحب ماردين، فتغيب هو كراهية من قربه اللنك، ثم نزل حصن كيفا وسكنها، وعلم الناس بها الكتابة، قربه صاحبها، قرأت ترجمته في تاريخ القاضي علاء الدين بحلب - أيده الله - .عبد الغني المعروف بابن الجيعان مستوفي الخاص، كان متمولا عارفاً بأمور الديوان وبالمتجر، وقد حج في سنة ست وثمانمائة، مات في جمادى الآخرة، وكان كثير السكون، وفي لسانه لثغة قبيحة، وعمر دارا هائلة بقرب الجامع أخذ فيها أملاك الناس، فقدر أنها آل نظرها إلى بيت زوجته التي كانت زوجاً لأزبك - الدوادار - فباعتها بأبخس ثمن وهو ألف دينار في سنة إحدى وأربعين، وذكر لي كمال الدين كاتب السر في سنة خمس وأربعين أن مصروفها كان أكثر من عشرة آلاف دينار .قجقار شقطاي أحد الأمراء الصغار، تقدم في دولة المؤيد وقرر رأس نوبة ولده إبراهيم وتوجه رسولاً إلى ملك الططر، وعظم قدره في دولة الأشرف فصار زردكاشا، واستقر بعده فيها أحمد بن الأسود الذي كان دويدارا صغيراً وكان مشكور السيرة كثير الرفق بالفلاحين عارفاً بعمارة الأرض .كمشبغا الجمالي، أحد أمراء الأربعين، كان عاقلاً وقوراً متديناً، واستنابه الناصر فرج في بعض سفراته إلى الشام، ولما كانت دولة المؤيد بطل من الإمرة وولى النظر على الخانقاه بسرياقوس وحمدت سيرته، ومات بحلب بطالاً في سادس ربيع الآخر وجاوز الثمانين .محمد بن أحمد بن علي، الشيخ شمس الدين الرملي المعروف بالشامي، ولد سنة 744، وسمع من أبي الحسن العرضي وتفرد بالرواية عنه بالسماع، وسمع أيضاً من القلانسي وغيره، وسمع من موفق الدين القاضي وتفقه عليه، ولازم صهره ناصر الدين، وناب في الحكم مدة، وكان جلداً قوياً يمشي وقد جاوز الثمانين من بين القصرين إلى الشيخونية ليحضر وظيفة التصوف والدرس، ويلازم دروسه في الطلب يمشي على رجليه ويقضي حوائجه وحوائج الناس بنفسه، ولم يكن ماهراً في العلم ولا متصوناً في الدين ولا متثبتاً في الحكم، وكان على ذهنه ماجريات طريفة، وتعصب على مجد الدين سالم لما عزل من الحكم، وقام مع ابن المغلى قياماً عظيماً حتى كان يخدمه في جميع ما يحتاج إليه حتى في شراء زيت القنديل، يتعاطاه بنفسه، مات في 22 شعبان - سامحه الله - .محمد بن أحمد بن موسى بن عبد الله، الشيخ شمس الدين الكفيري العجلوني الأصل الدمشقي، ولد في العشر الأول من شوال سنة 757، وحفظ التنبيه، وأخذ من ابن قاضي شهبة وغيره، ولازم الشيخ شمس الدين الغزي مدة طويلة واشتهر بحفظ الفروع وكتب بخطه الكثير نسخاً لنفسه ولغيره، وناب في الحكم وولى بعض التداريس، وحج مراراً وجاور، وولى مرة قضاء الركب، وجمع شرحاً على البخارى في ست مجلدات وكان قد لخص شرح ابن الملقن وشرح الكرماني ثم جمع بينهما، نقلت ترجمته من ابن قاضي شهبة ونقلت من خط غيره أنه أجاز له محمد بن أحمد المنبجي ويوسف بن محمد الصريفي، وأنه سمع على ابن أميلة وابن أبي عمر وابن قواليح وابن المحب وابن عوض والعماد وابن السراج وابن الفصيح وغيرهم وأنه صنف عين النبيه في شرح التنبيه واختصرالروض للسهيلي فسماه زهر الروض، وكان لا يعرف شيئاً من العلوم سوى الفقه، وينظم ولا يعرف العروض، وكان كثير التلون، مات في 13 المحرم .محمد بن حسين، شمس الدين التروجي المالكي، اشتغل وتعاني النظم فقال الشعر الحسن فأكثر، مات تحت الهدم في تاسع عشر صفر عن ستين سنة .محمد بن عبد الدائم بن عيسى بن فارس، البرماوي الشيخ شمس الدين، ولد في نصف ذي القعدة سنة 763، وكان اسم والده فارساً فغيره البرماوي، وتفقه وهو شاب، وسمع من إبراهيم بن إسحاق الآمدي ومن عبد الرحمن بن علي القارئ وغيرهما، وسمع معنا من جماعة من المشايخ، ولازم الشيخ بدر الدين الزركشي وتمهر به، وحضر دروس الشيخ سراج الدين البلقيني وقرأ عليه بعضها وقد سمعت بقراءته على الشيخ مختصر المزني، وأول ما تخرج بقريبه الشيخ مجد الدين إسماعيل وقد عاش بعده، وكان حسن الخط كثير المحفوظ قوى الهمة في شغل الطلبة حسن التودد لطيف الأخلاق ضيق المال كثير الهم بسبب ذلك، ثم اتسع حاله بأخرة، وله منظومات وتصانيف منها شرح العمدة ومنظومة في أسماء رجالها وشرحها وشرح البخارى في أربع مجلدات، وكان غالب عمره خاملاً، ثم ولي نيابة الحكم عن ابن أبي البقاء، وصحب ولده جلال الدين، ثم ناب عن الجلال البلقيني ثم عن الإخنائي، ثم ترك ذلك وأقبل على الإشتغال، وكان للطلبة به نفع وفي كل سنة يتم كتاباً من المختصرات فيأتي على آخره ويعمل له وليمة، ثم استدعاه نجم الدين ابن حجى وكان رافقه في الطلب عند الزركشي فتوجه إلى دمشق، فقرره في وظائف كثيرة واستنابه في الخطابة والحكم ونوه به، فلما مات ولده محمد وكان ولداً نجيبا وحفظ عدة مختصرات أسف عليه وكره الإقامة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1