Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التحبير لإيضاح معاني التيسير
التحبير لإيضاح معاني التيسير
التحبير لإيضاح معاني التيسير
Ebook749 pages5 hours

التحبير لإيضاح معاني التيسير

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعتبر كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير من الكتب القيمة لدى للباحثين والأساتذة في فروع علم الحديث الشريف؛ حيث يندرج كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير ضمن نطاق علوم الحديث الشريف والفروع قريبة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateMar 27, 1903
ISBN9786396547541
التحبير لإيضاح معاني التيسير

Read more from الصنعاني

Related to التحبير لإيضاح معاني التيسير

Related ebooks

Related categories

Reviews for التحبير لإيضاح معاني التيسير

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التحبير لإيضاح معاني التيسير - الصنعاني

    الغلاف

    التحبير لإيضاح معاني التيسير

    الجزء 3

    الصنعاني

    1182

    يعتبر كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير من الكتب القيمة لدى للباحثين والأساتذة في فروع علم الحديث الشريف؛ حيث يندرج كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير ضمن نطاق علوم الحديث الشريف والفروع قريبة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي

    (سورة يونس)

    1 - عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] قال: هي الرؤيا الصالحة يراها العبد المؤمن أو ترى له" أخرجه الترمذي (2). [حسن]

    قوله: أخرجه الترمذي.

    قلت: أخرجه من طريقين كلاهما فيها رجل مجهول فإنه قال: ثنا ابن أبي عمر قال: ثنا سفيان، عن ابن المنكدر، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر قال: سألت أبا = يكن عن كراهة منه - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وكذلك حكم المسلمين اليوم إزاء إمامهم، فليس بفرض على جميعهم النهوض معه، إلا في حال حاجته إليهم لما لا بد للإسلام وأهله من حضورهم واجتماعهم، واستنهاضه إياهم، فيلزمهم حينئذ طاعته.

    وإذا كان ذلك معنى الآية، لم تكن إحدى الآيتين اللتين ذكرنا ناسخة للأخرى، إذ لم تكن إحداهما نافية حكم الأخرى من كل وجوهه، ولا جاء خبر يوجه الحجة بأن إحداهما ناسخة للأخرى.

    (1) في السنن رقم (2506) وهو حديث ضعيف.

    قلت: وأخرجه ابن جرير في جامع البيان (11/ 461) وابن أبي حاتم (6/ 1797) والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 48) والحاكم (2/ 118).

    (2) في السنن رقم (2275).

    قلت: وأخرجه ابن جرير في جامع البيان (12/ 216) وأحمد (5/ 315) والحاكم (2/ 340) والدارمي (2/ 123) وابن ماجه رقم (3898) وهو حديث حسن.

    الدرداء (1) عن هذه الآية: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] قال: ما سألني [349/ ب] عنها منذ سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها أحد غيرك منذ أنزلت هي: الرؤيا الصالحة. الحديث.

    ثم أخرجه الترمذي من طريق أخرى فيها ذلك الرجل من أهل مصر.

    ثم أخرجه من طريق ثالثة، وليس فيها عطاء بن يسار، ولم يتكلم (2) على هذه الروايات: ثم قال: وفي الباب عن عبادة بن الصامت. انتهى كلام الترمذي.

    والذي قال إنه في الباب عن عبادة، وجدناه في الدر المنثور (3) بلفظ أخرج الطيالسي (4)، وأحمد (5)، والدارمي (6)، والترمذي (7)، وابن ماجه (8)، والهيثم بن كليب الشاسي (9)، والحكيم الترمذي (10)، وابن جرير (11)، وابن المنذر (12). (1) أخرجه الترمذي في السنن رقم (2273). وهو حديث حسن.

    (2) بل قال عقب الحديث رقم (2273): وفي الباب عن عبادة بن الصامت، ثم قال: هذا حديث حسن.

    وقال عقب الحديث رقم (2275) هذا حديث حسن.

    (3) (4/ 374).

    (4) في مسنده رقم (584).

    (5) في المسند (5/ 321).

    (6) في مسنده (2/ 123).

    (7) في السنن رقم (2275).

    (8) في السنن رقم (3898).

    (9) في مسنده (1216/ 1).

    (10) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 374).

    (11) في جامع البيان (12/ 215، 216).

    (12) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 374).

    والطبراني (1)، وأبو الشيخ (2)، والحاكم (3) وصححه، وابن مردويه (4)، والبيهقي (5)، عن عبادة قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى له. انتهى.

    فهذه التي أشار إليها الترمذي لا أنه أخرجها كما قال السيوطي هنا بأن قوله. وفي الباب عن فلان [100/ ب] كما عرفناك عند قول المؤلف أخرجه رزين.

    هذا وفي الدر (6) روايات عن ابن عمر (7)، وأبي هريرة (8). (1) في الشاميين (2253).

    (2) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 374).

    (3) في المستدرك (4/ 311).

    (4) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 374).

    (5) في الشعب رقم (4753).

    (6) (4/ 374 - 375).

    (7) أخرجه أحمد في المسند (2/ 18) ومسلم في صحيحه رقم (2265) وابن ماجه رقم (3897) والنسائي في الكبرى (7626) والبيهقي في الدلائل (7/ 9) وابن أبي شيبة في مصنفه (11/ 52) وهو حديث صحيح.

    (8) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (12/ 218) بلفظ: الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له، وهي في الآخرة الجنة.

    وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (11/ 54) والنسائي في الكبرى رقم (10744) وابن جرير في جامع البيان (12/ 217 - 218).

    وعن جابر (1) بن عبد الله بن رباب، وليس بالأنصاري، وعن جابر بن عبد الله (2)، وابن عباس (3)، وعن حذيفة (4)، وغيرهم.

    وفيه رواية (5) أن البشرى هو أنه يقال له قبل موته: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} [يونس: 62] وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30] عن ابن عباس، وعنه رواية (6) هي قوله لنبيه: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)} (7).

    2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَمَّا أَغْرَقَ الله تَعَالَى فِرْعَوْنَ قَالَ: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] قَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ! لَوْ (1) عزاه السيوطي في الدر المنثور (4/ 375) لابن سعد والبزار، وابن مردويه، والخطيب في المتفق والمفترق".

    وقال الحافظ في الكافي الشاف (ص 144) وعن جابر بن عبد الله بن رباب، هذا جابر بن عبد الله بن رباب صحابي لم يرو له أحد من أهل الأمهات وهو غير جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام المشهور، وقد ينسب إلى جده فيقال: جابر بن رباب، ذكره المؤلف في كتابه الإصابة في معرفة الصحابة وذكر أنه من الستة الذين شهدوا العقبة الأولى ومن شهد بدراً، والله أعلم.

    (2) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2262) وأحمد في مسنده (3/ 342، 350).

    (3) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (12/ 223).

    (4) عزاه السيوطي في الدر المنثور (4/ 375) لابن مردويه.

    (5) عزاه السيوطي في الدر المنثور (4/ 378) لابن المنذر.

    (6) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (12/ 223) وعزاه السيوطي في الدر المنثور لابن جرير وابن المنذر.

    (7) سورة الأحزاب الآية (47).

    رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ، وَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ". أخرجه الترمذي (1) وصححه. [صحيح]

    وحَالُ الْبَحْرِ بالمهملة: طينه الأسود الذي في قعره.

    قوله: من حال البحر في النهاية (2): إنه الطين الأسود كالحمأة.

    قوله: خشية أن يقول: لا إله إلا الله فيرحمه.

    الحديث أخرجه الترمذي وقال (3): غريب حسن صحيح، وأخرجه أيضاً (4) من طريق أخرى كلاهما [350/ ب] عن ابن عباس وقال فيها (5): حسن فقط.

    والحديث أخرجه جماعة: ابن جرير (6)، وابن المنذر (7)، وابن أبي حاتم (8)، وابن حبان (9)، وأبو الشيخ (10)، والحاكم (11) وصححه. (1) في السنن رقم (3108).

    قلت: وأخرجه ابن جرير في جامع البيان (12/ 276) وأحمد (4/ 45) وابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 1982) والطيالسي (2740) وهو حديث صحيح.

    (2) النهاية في غريب الحديث (1/ 455).

    (3) في السنن (5/ 288).

    (4) في السنن رقم (3107) وهو حديث صحيح.

    (5) في السنن (5/ 287).

    (6) في جامع البيان (12/ 276).

    (7) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 386).

    (8) في تفسيره (6/ 1982).

    (9) في صحيحه رقم (6215).

    (10) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 386).

    (11) في المستدرك (1/ 57).

    وابن مردويه (1)، والبيهقي في الشعب (2).

    واستشكله من المعتزلة الزمخشري، ومن الأشعرية الرازي، فأما الزمخشري (3) فأنكر لفظه خشية أن تدركه رحمة الله فإنه أقرب أصل الحديث ثم قال: وأما ما نقم الله من قولهم خشية أن تدركه رحمة الله فمن زيادات الباهتين لله وملائكته، وفيه جهالتان: أحدهما: أن الإيمان يصح بالقلب كإيمان الأخرس، فحال البحر لا يمنعه، والأخرى: من كره إيمان الكافر وأحب بقاءة على الكفر فهو كافر؛ لأن الرضا بالكفر كفر. انتهى.

    وقال الرازي (4): والجواب الأقرب أن الحديث لا يصح (5)؛ في تلك الحالة إما أن يقال التكليف كان ثابتاً، أو ما كان ثابتاً لم يجز على جبريل أن يمنعه التوبة، بل يجب عليه أن يعينه عليها وعلى كل طاعة لقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] الآية، ثم ذكر الوجه الذي ذكره الكشاف (6) بأنه يتم الإيمان في القلب ولو ختم لسانه، ثم ذكر الرضا بالكفر كفر، ثم قال (7): وأيضاً فكيف بالله أن يأمر موسى وهارون أن يقولا له قولاً ليناً لعله يذكر أو يخشى، بأن يمنعه من الإيمان، ولو قيل: بأن جبريل فعل ذلك من عند نفسه لا بأمر الله فإنه يبطله قول جبريل: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} (8) وقوله في صفته: {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ (1) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 386).

    (2) رقم (9391، 9392، 9393).

    (3) في الكشاف (3/ 170 - 172).

    (4) في تفسيره (17/ 156).

    (5) بل هو حديث صحيح.

    (6) (3/ 172).

    (7) الرازي في تفسيره (17/ 156).

    (8) سورة مريم الآية (64).

    مُشْفِقُونَ (28)} (1)، وقوله: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ} (2)، وأما إن قيل: إن التكليف كان زائلاً عن فرعون في ذلك الوقت فحينئذٍ لا يبقى لهذا الذي فعل جبريل فائدة أصلاً، انتهى ببعض اختصار.

    فالزمخشري ردَّ اللفظة التي فيها الإشكال رواية، وأبان ما فيها من الإشكال درايةً، وتبعه الرازي فيهما ولكن رد بعض الحديث وقبول بعضه مشكل؛ لأنها رواية واحدة من طرق عديدة لا وجه لردها من حيث الرواية.

    وأما الإشكالان اللذان [351/ ب] ردها بسببهما، فقد أشار في الإتحاف إلى ردهما؛ لأنه اعتمد أنه يصح الإيمان بالقلب دون اللسان قال: وهو كلام خارج عما تضمنه الحديث، إذ لا نزاع أن فرعون قد تكلم بكلمة الإيمان.

    قلت: فينتقل إلى إشكال آخر: وهو أنه أي فائدة في دس جبريل في فيه من حال البحر إنما هو لئلا ينطق بكلمة الإيمان وقد نطق بها ولا يفعل جبريل إلا بأمر الله، ولا يأمر الله بفعل عبث، ثم قال في الإتحاف رداً للإيراد.

    الثاني: الذي أورده الزمخشري فكذلك لم يتضمن الحديث إرادة بقاء فرعون على الكفر؛ لأنه قد آمن ولم يبق في وسعه غير ما فعل، فإن أراد الزمخشري على خلاف الإيمان فليس بلازم؛ لأنه قد آمن، وإن أراد بقاء حكم الكفر لعدم قبول الإيمان بالله، فدار إبقاء حكم الكفر على الكافرين [أبد] (3) الآبدين منذ منعهم التوبة. انتهى. (1) سورة الأنبياء الآية (28).

    (2) سورة الأنبياء الآية (27).

    (3) في (أ. ب) أبداً، ولعل الصواب ما أثبتناه.

    ولا يخفى أن دس جبريل لحال [101/ أ] البحر لئلا تدركه الرحمة. أي: فيخرج عن الكفر بالرحمة، وهذا عين إرادة بقائه على الكفر، وأما القسم الآخر من [] (1) فلم يرده الزمخشري.

    وأما قول الرازي (2) أنه كيف يأمر رسوليه - عليهما السلام - بأن يقولا لفرعون قولاً ليناً، ويأمر جبريل أن يمنعه من الإيمان ففيه شيئان:

    الأول: أنه قد ذكر أن الإيمان بالقلب صحيح، إذا منعت اللسان، فأي نفع من دسه لحال البحر في فيه، ومثله قال الزمخشري.

    الثاني: أنه تعالى أمر رسوليه - عليهما السلام - بالقول اللين أول الأمر ثم لما تمادى في كفره قال الله: {آسَفُونَا} أي: أغضبونا. {انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55] فلا منافاة بين حال الإغضاب وقبله.

    وأما الإشكال الوارد على صاحب الإتحاف بعد قوله بأنه قد آمن بأنه كيف لم يقبل الله إيمانه وقد بذل وسعه، فقد أجاب هو عنه بأنه مثل قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا [352/ ب] قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} [غافر: 84، 85]. انتهى.

    فجعله كإيمان من حضره الموت وإلى مثله ذهب الرازي، فإنه أورد السؤال وأجاب عنه بشبه أجوبة هذا أحدها: أنه إنما آمن عند نزول العذاب، والإيمان في هذا الوقت غير مقبول؛ لأن عند نزول العذاب يصير الحال وقت الإلجاء، وفي هذه الحال لا تكون التوبة مقبولة، ولهذا السبب قال: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85] انتهى. (1) كلمة غير مقروءة.

    (2) في تفسيره (17/ 156).

    وصاحب الإتحاف لم يرتض تعليل عدم القبول بالإلجاء، بل بما علله الله أنها سنته التي قد خلت في عباده.

    وقال أبو السعود (1): إن قوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ} [يونس: 91] الآية، فيها من الدلالة على عظم السخط وشدة الغضب ما لا يخفى، كما يفصح عنه ما روي أن جبريل دسَّ فاه عند ذلك بحال البحر ولسده به، فإنه تأكيد للرد القولي بالرد الفعلي، ولا ينافيه تعليله بمخافة إدراك الرحمة، إذ المراد بها الرحمة الدنيوية. أي: النجاة التي هي طلبة المخذول، وليس من ضرورة إدراكها صحة الإيمان، كما في إيمان قوم يونس، حتى يلزم من كراهية ما لا يتصور في شأن جبريل من الرضى بالكفر، إذ لا استحالة في ترتيب هذه الرحمة على مجرد التفوه بكلمة الإيمان، وإن كان ذلك في حالة اليأس، فيحمل. دسه على سد باب الاحتمال البعيد بكمال الغيظ وشدة الحرْدِ فتدبر. والله الموفق. انتهى بلفظه.

    ويريد بالرحمة الدنيوية تخليصه من الغرق، وهو نظير: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} (2).

    قلت: فهذه أقوال أئمة التحقيق من كل فريق، ولم يصف ماؤها (3) عن الكدر، ولا اتضح وجه الحديث بها، ولا أسفر فالذي يقوى أنه من الأحاديث المتشابهة. والله أعلم. (1) في تفسيره (3/ 536 - 537).

    (2) سورة الإسراء الآية (67).

    (3) قال الحافظ في الكافي الشاف (ص 144 - 145).

    قوله والذي يحكي ... إلى قوله: لأن الرضا بالكفر كفر هذا إفراط منه في الجهل بالمنقول والغض من أهله، فإن الحديث صحيح الزيادات، وقد أخرجه الترمذي وصححه، والنسائي، وابن حبان، والحاكم، وإسحاق، والبزار، وأبو داود، والطيالسي، كلهم من رواية شعبة، عن عدي بن ثابت، وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رفعه أحدهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن جبريل كان يدس في فم فرعون = يجب بها الإيمان ونوكل المراد بها الرحمن [353/ ب]. = الطين مخافة أن يقول: لا إله إلا الله فيرحمه الله لفظ الترمذي والباقين نحوه، وله طريق أخرى أخرجها أحمد، وإسحاق، وعبد بن حميد، والبزار، والطبراني، من رواية حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، بلفظ: لما أغرق الله فرعون قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، قال جبريل: يا محمد! فلو رأيتني وأنا آخذ الطين من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة، وله طريق أخرى أخرجها يحيى بن عبد الحميد الحمائي في مسنده، عن أبي خالد الأحمر، عن عمرو بن يعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال جبريل - عليه السلام - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: وذكر فرعون فلقد رأيتني وأنا لأكبر فيه بالحمأة مخافة أن تدركه الرحمة، وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه الطبري وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب في السادس والخمسين، وابن مردويه من طريق عتبة بن سعيد عن كثير بن زاذان عن أبي حازم عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في في فرعون؛ مخافة أن يقول ربي الله، فتدركه رحمة الله وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال لي جبريل: يا محمد! ما غضب ربك على أحد غضبه على فرعون إذ قال: ما علمت لكم من إله غيري، وإذ نادى فقال: أنا ربكم الأعلى، فلما أدركه الغرق استغاث وأقبلت أحشو فاه؛ مخافة أن تدركه الرحمة أخرجه الطبراني، وابن مردويه، من رواية محمد بن سليمان بن أبي ضمرة, عن عبد الله بن أبي قيس عنه.

    قلت: وأما الوجهان اللذان ذكرهما الزمخشري، فللحديث توجيه وجيه, لا يلزم منه ما ذكره الزمخشري؛ وذلك أن فرعون كان كافراً كفر عناد؛ ألا ترى إلى قصته حيث توقف النيل، وكيف توجه منفرداً وأظهر أنه مخلص، فأجرى له النيل، ثم تمادى على طغيانه وكفره، فخشى جبريل أن يعاود تلك العادة فيظهر الإخلاص بلسانه، فتدركه رحمة الله فيؤخره في الدنيا، فيستمر على غيه وطغيانه؛ فدس في فيه الطين؛ ليمنعه التكلم بما يقتضي ذلك، هذا وجه الحديث، ولا يلزم منه جهل ولا رضا بكفر، بل الجهل كل الجهل ممن اعترض على المنقول الصحيح برأيه الفاسد، وأيضاً فإيمانه في تلك الحالة على تقدير أنه كان صدقاً بقلبه لا يقبل؛ لأنه وقع في حال الاضطرار؛ ولذلك عقب في الآية بقوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} وفيه إشارة في قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}. انتهى.

    (سورة هود)

    1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: يَا رَسُولَ الله! قَدْ شِبْتَ! قَالَ: شَيَّبَتْنِي هُودٌ, وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلاَتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كوِّرَتْ. أخرجه الترمذي (1). [صحيح]

    قوله: قال أبو بكر: يا رسول الله! قد شبت.

    أي: قد ظهر فيك شيء منه، وإلا فإنه كما في كتب السير توفي - صلى الله عليه وسلم - وما فيه نحو عشرين شعرة بيضاء، فذكر هذه السور لما فيها من أوصاف أحوال الآخرة.

    قوله: أخرجه الترمذي.

    قلت: أخرجه في سورة الواقعة لا في هود ثم قال (2) عقب إخراجه: هذا حديث حسن غريب ولا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه [وروي عن علي بن صالح هذا الحديث، عن ابن إسحاق، عن أبي ميسرة شيء من هذا مرسلاً] (3) انتهى كلامه.

    2 - وعنه - رضي الله عنه -: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلهِ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} [هود: 5] قَالَ: كانَ أُنَاسٌ يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ. (1) في السنن رقم (3297) وهو حديث صحيح.

    قلت: وأخرجه الترمذي في الشمائل (41) وابن سعد في الطبقات (235) والدارقطني في العلل (1/ 200) والمروزي في مسند أبي بكر (30) وهو حديث صحيح، انظر الصحيحة رقم (955).

    (2) في السنن (5/ 102 - 403).

    (3) كذا في المخطوط (أ. ب) والذي في السنن (5/ 402 - 403)، وروى علي بن صالح هذا الحديث عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة نحو هذا، وروي عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة شيء من هذا مرسلاً.

    أخرجه البخاري (1). [صحيح]

    قوله: كان [أناس] (2) ... إلى [آخره] (3).

    أي: يقضوا الحاجة في الخلاء وهم عراة. وعن ابن التين (4) أنه روي يتحلوا بالمهملة.

    قال الشيخ أبو الحسن الفاسي (4): إنه أحسن. أي: يرقد على حلاوة قفاه.

    قال ابن حجر (5): والأول أولى، وفي البخاري روايات عنه وقراءات.

    3 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الله تَعَالَى لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)} [هود: 102]. أخرجه الشيخان (6) والترمذي (7). [صحيح]

    قوله في حديث أبي موسى: يملي.

    أي: يمهله، ووقع في رواية الترمذي: أن الله وربما قال: يمهل. (1) في صحيحه رقم (4682) وطرفاه في (4682، 4683). وانظر جامع البيان (12/ 320). تفسير ابن كثير (7/ 412 - 413).

    (2) في (أ) ناس.

    (3) في (أ) يتخلون.

    (4) ذكره الحافظ في الفتح (8/ 350).

    (5) في الفتح (8/ 350).

    (6) البخاري في صحيحه رقم (4686) ومسلم رقم (2583).

    (7) في السنن رقم (3110).

    قلت: وأخرجه ابن كثير في تفسيره (7/ 470) وابن جرير في جامع البيان (12/ 572) وابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 2083) والبزار في مسنده رقم (3183 - كشف) وأبو يعلى رقم (7322) والنسائي في الكبرى رقم (11245) وابن أبي الدنيا في العقوبات رقم (248).

    قوله: لم يُفلته.

    بضم أوله من الرباعي. أي: لم يخلصه، أي: إذا أهلكه لم يرجع عنه الهلاك.

    قال ابن حجر (1): وهذا على تفسير الظلم بالشرك على إطلاقه، وإن فسر بما هو أعم فيحمل كل على ما يليق به.

    وقيل: المراد فلم يفلته لم يؤخره.

    قال ابن حجر (1): وفيه نظر؛ لأنه يتبادر منه أن الظالم إذا صرف عن منصبه وأهين، أي: لا يعود إلى غره، والمشاهد بخلاف ذلك، فالأولى حمله على الغالب [102/ أ] [354/ ب].

    4 - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودُ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، وَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ. فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: لَقَدْ سَتَرَكَ الله تَعَالَى، لَوْ سَتَرْتَ عَلَى نَفْسَكَ، وَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا، فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ فَأتبعَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً فَدَعَاهُ فَتَلاَ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)}، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولُ الله! هَذَا لَهُ خَاصَّةً؟ قَالَ: بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً". أخرجه الخمسة إلا النسائي (2). [صحيح]

    قوله: جاء رجل.

    قيل: هو [أبو اليسر بن] (3) عمرو الأنصاري. (1) في الفتح (8/ 355).

    (2) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (526) ومسلم رقم (2763) والترمذي رقم (3112، 3114) وأبو داود رقم (4468) وابن ماجه رقم (1398 و4254).

    (3) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (12/ 624) والطبراني في المعجم الكبير رقم (371) والبزار في مسنده رقم (2300) والنسائي في الكبرى (7327، 11248) والترمذي رقم (3115) وهو حديث صحيح.

    وقيل: هو أبو نفيل (1) نبهان التمار.

    وقيل: ابن معتب (2) الأنصاري.

    قوله في حديث ابن مسعود: إني عالجت امرأة.

    قال ابن حجر (3): لم أقف على أسمها إلا أنها من الأنصار".

    قوله: " {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}.

    تمسك بالآية المرجئة (4)، وقالوا: إن الحسنات تكفر كل سيئة كبيرة كانت أو صغيرة.

    وحمل الجمهور (5) هذا المطلق على المقيد في الحديث الصحيح (6): إن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر.

    وقال طائفة (7): إن اجتنبت الكبائر كانت الحسنات كفارة لما عدا الكبائر من الذنوب، وإن لم تجتنب الكبائر لم تكفر الحسنات شيئاً منها، أي: الصغائر. (1) ذكره الحافظ في الفتح (8/ 356).

    (2) أخرجه ابن خيثمة كما في الفتح (8/ 356).

    (3) في الفتح (8/ 356).

    (4) ذكره الحافظ في الفتح (8/ 357).

    وانظر: مجموع فتاوى (7/ 557) فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام (2/ 770 - وما بعدها).

    (5) انظر: مجموع فتاوى (7/ 209، 416) فتح الباري (8/ 357).

    (6) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر.

    أخرجه مسلم رقم (233) والترمذي رقم (214) وأحمد (2/ 359) وهو حديث صحيح.

    (7) ذكره الحافظ في الفتح (8/ 357).

    وقيل (1): إن الحسنات تكون سبباً لترك السيئات لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (2)، لا أنها تكفر شيئاً حقيقة.

    وقال ابن عبد البر (3): ذهب بعض أهل العصر إلى أن الحسنات تكفر الذنوب، واستدل بهذه الآية وغيرها من الآثار والأحاديث الظاهرة في ذلك قال: ويرد عليه الحث على التوبة في آي كبيرة، فلو كانت الحسنات تكفر جميع السيئات لما احتيج إلى التوبة.

    واستدل بهذا الحديث إلى أنه لا حَدَّ في القُبْلة واللمس، ولا تعزير على من أتى شيئاً منها وجاء تائباً.

    قوله: فقال رجل (4) .

    قيل: هو عمر بن الخطاب، وقيل: معاذ بن جبل. [355/ ب].

    (سورة يوسف)

    1 - عَنْ عُرْوَةُ بْن الزُّبَير - رحمه الله -: أَنَّهُ سَألَ، عَائِشَةَ - رضي الله عنها - عَنْ قَوْلهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] أَمْ (كُذِّبُوا) قَالَتْ: بَلْ كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ. فَقَالَ: وَالله لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ، فَقَالَتْ: يَا عُرَيَّةُ! أَجل لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ، فَقَالَ: لَعَلَّهَا قَدْ (كُذِبُوا) فَقَالَتْ: مَعَاذَ الله؛ لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْآيَةُ؟ قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ وَطَالَ عَلَيْهِمْ (1) عزاه الحافظ في الفتح" (8/ 357) إلى المعتزلة.

    (2) سورة العنكبوت الآية (45).

    (3) في التمهيد (2/ 172 - 173).

    (4) ذكره الحافظ في الفتح (8/ 357).

    الْبَلَاءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمْ النَّصْرُ؛ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ الله تَعَالى عِنْدَ ذَلكَ". أخرجه البخاري (1). [صحيح]

    قوله: أكذبوا أم كذبوا.

    أي: المثقلة أم المخففة، وقع هكذا صريحاً في رواية الإسماعيلي (2)، قالت عائشة: كذبوا، أي: بالتثقيل، وفي رواية الإسماعيلي (3) مثقلة.

    قوله: قلت: فهي مخففة قالت: معاذ الله.

    هذا ظاهر في أنها أنكرت القراءة بالتخفيف وهي قراءة (4) ابن مسعود وابن عباس وجماعة من القراء, وقد ذكر ابن حجر (5): أن عائشة تقول: (كذبوا) هو مثقلة, أي: كذبهم أتباعهم.

    وقد روى (6) [الطبري] (7) أن سعيد بن جبير سئل عن هذه الآية فقال: يئس الرسل من قومهم أن يصدقوهم وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوا فقال الضحاك بن مزاحم لما سمعه: لو رحلت إلى اليمن في هذه لكان قليلاً. (1) في صحيحه رقم (4695، 4696).

    قلت: وأخرجه الطبري في جامع البيان (13/ 396) وابن كثير في تفسيره (8/ 95 - 96) وابن أبي حاتم في تفسيره (7/ 2211 رقم 12060).

    (2) ذكره الحافظ في الفتح (8/ 367).

    (3) ذكره الحافظ في الفتح (8/ 367).

    (4) انظر: الجامع لأحكام القرآن (9/ 275) الكشف عن وجوه القراءات (2/ 15) النشر (2/ 296).

    (5) في الفتح (8/ 368).

    (6) في جامع البيان (13/ 388 - 389) بسند صحيح.

    (7) في المخطوط (أ. ب) الطبراني، وما أثبتناه من فتح الباري (8/ 369).

    وعن مسلم بن يسار (1) أنه سأل سعيد بن جبير وقال: آية بلغت مني كل مبلغ، فقرأ هذه الآية بالتخفيف، قال: من هذه الموت أن يظن الرسل ذلك فأجابه بنحو ذلك، قال: فرجت عني فرج الله عنك، وقام إليه فاعتنقه [103/ أ].

    2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسِ - رضي الله عنهما - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)} قَالَ: يَسْأَلْهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ، وَمَنْ خَلَقَ السَّمَواتِ والْأَرْضَ؟ فَيَقُولُونَ الله، فَذلِكَ إِيْمَانُهُمْ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ فَذَلِكَ شِرْكُهُمْ. (1) أخرجه الطبري في جامع البيان" (13/ 388).

    قال الطبري في جامع البيان (13/ 392): حدثت عن الحسن بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك في قوله: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} يقول: استيأسوا من قومهم أن يجيبوهم ويؤمنوا بهم {وَظَنُّوا} يقول: وظن قوم الرسل أن الرسل قد كذبوهم الموعد.

    والقراءة على هذا التأويل الذي ذكرنا في قوله: {كُذِبُوا} بضم الكاف، وتخفيف الذال، وذلك أيضاً قراءة بعض قرأة أهل المدينة, وعامة قرأة أهل الكوفة.

    وإنما اخترنا هذا التأويل وهذه القراءة؛ لأن ذلك عقيب قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} فكان ذلك دليلاً على أن إياس الرسل كان من إيمان قومهم الذي أهلكوا، وأن المضمر في قوله: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} إنما هو من ذكر الذين من قبلهم من الأمم الهالكة, وزاد ذلك وضوحاً أيضاً اتباع الله في سياق الخبر عن الرسل وأممهم قوله: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} إذ الذين أهلكوا هم الذين ظنوا أن الرسل قد كذبتهم، فكذبوهم ظناً منهم أنهم قد كذبوهم.

    وانظر فتح الباري (7/ 368 - 369).

    أخرجه رزين (1).

    قلت: وأخرجه البخاري (2) تعليقاً في آخر صحيحه، والله أعلم.

    قوله في حديث ابن عباس [قوله] (3): أخرجه رزين.

    قلت: تقدم نحو هذا وما عليه، والذي في الدر المنثور (4) أنه أخرج ابن جرير (5)، وابن أبي حاتم (6)، وأبو الشيخ (7)، عن ابن عباس قال: يسألهم من خلقهم ومن خلق السموات والأرض فسيقولن الله، فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره [356/ ب].

    (سورة الرعد)

    1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي قَوْلِهِ: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} [الرعد: 4] قَالَ: الدَّقَلُ وَالْفَارسيُّ، وَالْحُلْوُ وَالْحَامِضُ. أخرجه الترمذي (8). (1) لم يذكر ابن الأثير في جامع الأصول (2/ 200) من أخرجه, وقد أخرج ابن جرير في جامع البيان (13/ 372 - 373) عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ} الآية، قال: من إيمانهم إذا قيل لهم: من خلق السماء, ومن خلق الأرض، ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله وهم مشركون.

    (2) لم أقف عليه في صحيح البخاري. والله أعلم.

    (3) زيادة من (أ).

    (4) (4/ 593).

    (5) في جامع البيان (13/ 373).

    (6) في تفسيره (7/ 2207 رقم 12034).

    (7) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 593).

    (8) في السنن رقم (3118). = قوله: الدَّقل (1) . [حسن]

    بفتح المهملة والقاف. رديء التمر.

    والفارسيُّ نسبة إلى فارس الإقليم المعروف جيد التمر.

    في تفسير البغوي (2): قال الحسن في هذه الآية: هذا مثل ضربه الله لقلوب بني آدم يقول: كانت الأرض من طينة واحدة في يد الرحمن - عز وجل - فسطحها، فصارت قطعاً متجاورات, فنزل عليها الماء من السماء, فتخرج هذه زهرتها، وشجرها، وثمارها، ونباتها، وتخرج هذه سبخَها وملحها [وجنيها] (3) وكل سقي بماءٍ واحد كذلك الناس خلقوا من آدم فتنزل من السماء تذكرة فترق قلوب فتخشع، وتقسوا قلوب فتلهوا.

    قال الحسن: والله ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان.

    قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)} [الإسراء: 82]. انتهى.

    قوله: أخرجه الترمذي.

    قلت: وقال (4): هذا حديث حسن غريب، وقد رواه زيد بن أنيسة عن الأعمش بنحو هذا، وسيف بن محمد - يريد أحد رواته - هو أخو عمار بن محمد، وعمار أثبت منه، وهو ابن أخت سفيان الثوري. انتهى. = قلت: وأخرجه ابن جرير في جامع البيان (13/ 431) وابن حبان في المجروحين (1/ 347) وابن عدي في الكامل (3/ 1270) وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 169). وهو حديث حسن.

    (1) انظر: النهاية في غريب الحديث (1/ 577). المجموع المغيث (1/ 667).

    (2) معالم التنزيل (4/ 295).

    (3) كذا في المخطوط، والذي في معالم التنزيل (4/ 295) خبيثها.

    (4) في السنن (5/ 294).

    (سورة إبراهيم - عليه السلام -)

    1 - عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ} [إبراهيم: 16، 17] قَالَ: يُقَرَّبُ إِلَى فِيهِ فَيَكْرَهُهُ فَإِذَا أُدْنِىَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ، فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)} [محمد: 15]؛ وَقَالَ: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)} [الكهف: 29] ". أخرجه الترمذي (1). [ضعيف]

    قوله: من ماءٍ صديد (2) .

    هو ماء يسيل من جوف أهل النار مختلطاً بالقيح والدم يتجرعه يبتلعه مرةً بعد مرة لمرارته.

    قوله: فروة رأسه أي: جلدته (3).

    قوله: [357/ ب] أخرجه الترمذي. (1) في السنن رقم (2583).

    قلت: وأخرجه ابن جرير في جامع البيان (13/ 620) وأحمد (5/ 265) والنسائي في الكبرى رقم (11263) وابن أبي الدنيا في صفة النار رقم (73) والطبراني في الكبير رقم (7460) والحاكم (2/ 351) والبيهقي في البعث (602). وهو حديث

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1