Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

رواية ديوان
رواية ديوان
رواية ديوان
Ebook422 pages3 hours

رواية ديوان

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

رواية ديوان .. رواية جميلة وشيقة. رواية ديوان .. رواية جميلة وشيقة. رواية ديوان .. رواية جميلة وشيقة. رواية ديوان .. رواية جميلة وشيقة. رواية ديوان .. رواية جميلة وشيقة. رواية ديوان .. رواية جميلة وشيقة.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2014
ISBN9786458541722
رواية ديوان

Related to رواية ديوان

Related ebooks

Reviews for رواية ديوان

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    رواية ديوان - أحمد مجدي

    الإهداء

    إلى الكذب ..

    ذلك الرفيق الذي يصر أن يقابلني يوميا.

    البداية

    وقفا وقد أطرقا برأسيهما أمام ملاكهما ، وقد تألقت أضواء البوابة الحلزونية التى وقفا على يمينها فوق وجهيهما ، فأخذت تعبر على وجهيهما بشرائط من نور متتالية ، وكأنها تعكس الحيرة والقلق الذى يعتري نفسيهما .

    كان الحزن يسيطر عليهما ، فهذه ليست المرة الأولى التى يفشلان فيها ، ليســــت هذه المرة الأولى التى يتخـــلى فيها ، أحــدهما عن الآخـر ..

    بدأ الملاك الحديث ، فقال :

    كالعادة عدتما إلى عالم الذر بعد أن تخلى أحدكما عن الآخر .

    بدا الملاك وقد امتلكه الغضب للمرة الأولى منذ لقائه بهما ، لذلك شعرا أن فشلهما هذه المرة يختلف عن المرات السابقة ، وأكمل الملاك فى غضب :

    كيف تريان الحب ؟ هل تظنان أن تكفي دقات القلب المختلجة ، ونيران الاشتياق ، ولهفة اللقاء ، لنطلق على ما تشعران به حباً ، إن الحب أكبر من ذلك ، فإن كنتما عاشقين فهذا معناه التضحية بلا حدود ، والإخلاص بلا مقابل ، معناه أن تكونا مثل الشجرة .

    نظرا إليه فى حيرة ، ولكن فشلهما أسكت لسانيهما اللذين رغبا فى السؤال : كيف يكون العشاقان الصادقان شجرة ؟ وشعر الملاك بتساؤلهما ، فقال :

    فالشجرة مهما تفرعت أغصانها ، وتنوعت أوراقها ، وكثرت أزهارها ، واختلفت ثمارها فهى فى النهاية جذر واحد ، فإذا تكسرت الأغصان ، وسقطت الأوراق ، وقطفت الأزهار ، وجمعت الثمار ، وبقى الجذر فإنها تبقى حية ، والحب كذلك إذا كان فيه العاشقان جذرا واحدا بقيا متحابين إلى الأبد مهما تناوبت عليهما الخطوب ، ومهما تكسرت أغصان قلبيهما أو سقطت أوراق عشقهما . كونا الجذر . كونا الشجرة .

    وقرن أمره الأخير بصيحة غضب ، جعلت أدهم يقول :

    وما العمل يا سيدي ؟ إننا فى كل مرة نخذل الحب . هل معنى هذا أننا لا نستطيع الحب ؟ ولن نكون تلك الشجرة .

    شعر الملاك ببعض الإشفاق عليهما ، وكملاك لايستطيع أن يغادر حقيقته ، بل شعر ببعض الحنق عندما أحس كأنه قد خلط القسوة برقته , فعاد له الهدوء ، فقال :

    يابني . إن الإنسان هو الحب ، ولكن النسيان طبعه أنتما قادران على أن تكونا عاشقين شرط ان يتذكر كل منكما أنه أنسان .

    سادت فترة من الصمت ، تبادل فيها الجميع النظرات حتى تنهد الملاك تنهيده طويلة ، ثم قال :

    لا أعرف كيف سأفعل ذلك ، لكنى سأخرج عن القواعد المألوفة فى عملي حيث أجدنى متعاطفاً معكما .

    هز رأسه غير موافق على كلامة ، ثم همس محدثا نفسه :

    عموما الحب نقطة ضعف كل ملاك .

    ثم عاد يحدثهما فقال :

    سأخبركما بما لايفترض إخباركما به . أعلم أنى أتخطى القوانين والقواعد ، ولكن ثقتي أن ربي هو إله الحب والرحمة تجعلني أجرؤ على تخطي هذه القوانين وتلك القواعد . فإني أعلم أنه سيغفر لي ذلك

    ثم أخذ نفساً عميقا وكأنه يفكر هل يخبرهما أو يعود عن قراره ، أما هما فقد اتسعت أعينهما ، وتعلقت بشفتيه ، وقال الملاك :

    لا بد أن تعلما أن المرة القادمة التى تعبران فيها هذه البوابة ستكون هي المرة الأخيرة لكما ..

    ظهر الفزع على وجيههما وتعلقت بتول بذراع أدهم ، وبدأت دموعها فى الانهمار ، وقال أدهم فى قلق :

    هل معنى ذلك أننا على وشك الدخول إلى الفر صة الأخيرة ، وبالطبع إذا فشلنا هذه المرة ، فمعنى هذا أننا لن نكون عاشقين إلى الأبد .

    دفنت بتول رأسها فى صدر أدهم وأمسكت بذراعيه ، وهى لا تزال تذرف الدموع وقالت :

    ياليتك ما أخبرتنا

    فقال الملاك :

    لماذا ؟

    التفتت نحوه ، وهى لا تزال متعلقة بأدهم ، وقالت :

    لأن تجاربنا الماضية كلها ستطاردنا على الدوام ، سنشعر معها دائماً بالعجز وضرورة الفشل ، وهذا القلق وحده كفيل بأن يوقعنا فى دائرة الإخفاق الأبدي .

    ابتسم الملاك وهو يقول :

    لن يحدث ذلك فأنا لم اخبركما بكل ما عندي

    ثم عاود التنفس بعنف مستثيراً فضولهما ، ثم قال :

    إن اختراق البوابة هذه المرة سيكون فى دوركما الأصلي ، أى أنكما ستهبطان إلى الحياة التي كان من المفترض بالفعل أن تحيانها ، وهنا تتغير القوانين ففي هذه المرة لن تتذكرا ما دار هنا ، ولا ما قد مررتم به من تجارب فاشلة ، ربما يأتيكما ما مضى فى صورة أحلام أو إحساسات لا تعرفون لماذا تشعرون بها ، ولكنكم لن تتذكروا شيئاً بل لن تتذكروا بعضكما .

    قال أدهم فى فزع :

    إن لم نتذكر بعضنا فكيف نتقابل ؟

    قال الملاك :

    دع هذا للقدر فقصتكما لابد أن تكتمل .

    قالت بتول :

    أنا خائفة .

    وقال أدهم فى تصميم :

    سننجح هذة المرة .

    قالت بتول :

    ولكن لن نتذكر ضرورة نجاحنا وربما ..

    قاطعها الملاك , وقال :

    وقتها ربما يأتيكما المدد من السماء .

    قال أدهم فى لهفة :

    كيف ؟

    ابتسم الملاك ، واكتفى بالصمت .

    وهذه المرة لم يقفزا البوابة ، بل وجدا البوابة تجذبهما إلى داخلها ، فصرخ ادهم :

    كيف أيها الملاك سيأتينا المدد ؟

    ظل الملاك على ابتسامته وصمته إلى ان غاصا تماما فى أضواء البوابة الحلزونية ، ثم قال فى لهجة من يحمل هما عظيماً :

    بالتأكيد سيأتيكما المدد وليسامحني الله

    الديوان الأخير – 1

    كان يتحرك فى مكانه كالملدوغ غير مستقر على مقعده بين حين وآخر ينظر إلى ساعته شاعرا أن عقاربها تكاد تتجمد فى مكانها وعيناه مثبتتان على مدخل الباب ، كلما رأى شيئا يتحرك ظن أنه تلك الروح التى ينتظرها كي تسكن فى جنباته نسائم الحياه.

    وفجأه. رن هاتفه ، فانتفض ، وتباركت عيناه برؤية اسمها على شاشته ، وتتابعت الظنون إلى أن سمع صوتها الملائكي يقول له :

    أدهم . أين أنت؟

    قام واقفا من فوره ، ولم يشعر بتلك الاهتزازة الشديدة التى اصابت المائدة جراء ارتطام ساقة بقرصها ، بل لم يشعر بذلك الخدر الذى سرى فى ساقه من الألم ، وقال لها :

    سأخرج إليك . إلى المدخل يا بتول .

    أنهى نطق اسمها وهو عند المدخل . رآها . تسمر فى مكانه . تبسمت الأشجار امطرت السماء أنغاماً

    . ظل واقفا فى مكانه ، وهى تتقدم نحوه بخطوات متسارعه مشتاقة.

    أخذ يسأل نفسه : لماذا لا أتحرك نحوها وأشعرها بلهفتي لها ؟

    إلا أنه كان يسبح ضد تيار جارف أثقل قدميه ، فأمواج رقتها كانت عاتية تمنعه من التقدم ، وعواصف شوقه كانت أقوى من شراع لهفته ، فأخذت تعيقه وتعيده إلى الوراء .

    كان بجواره سورأبيض اللون ، فاستند إليه حتى يتمكن من مقاومة رياح جمالها ويثبت مكانه ، وما إن وصلت إليه حتى ابتسمت فتكشف عن دنيا من المهرجانات تقبع خلف شفتيها واستندت إلى ذلك السور الأبيض بكفها ، وفى لحظات أخذت زهور الكاموميل تنبت على هذا الجدار نتيجه لتيار الحب الذى سرى بينهما ، وانطلقت ألوان جديدة لم يعرفها البشر من قبل تصبغ كل ما حولهما . وبرقه قالت :

    معذرة . قد تأخرت عليك . ظللن يحكين لى عن مشكلاتهن اضطررت لسماعهن كلهن .

    أخفى فرحته بلقائها فى ضحكة قصيرة قال بعدها :

    دائما أنت الصدر الحنون .

    أخفت ارتباكها بنحنحة قصيرة لم يكن فى حاجة لسماعها كي يعرف ارتباكها فمزارع الورد الحمراء التى زينت وجنتيها كانت خير إعلان عن هذا الارتباك.

    أفسح لها المجال لتعبر ذلك المدخل إلى حيث مقعده ، فاتخذت مقعدا بجواره.

    جلس صامتا ينظر إليها ، وحاولت ان تصرف بصرها عنه إلا انها كانت تتلصص كل بضع لحظات إلى عينيه وكأنها تريد ان تطمئن أنهما لا يزالان مثبتتين عليها .

    كان فى نظراته يشعر وكأنه صوفي فى محرابه ، يأخذ من عينيها المدد كى يبدأ رحلة التخلية ، ويسعى بين المقصورة والمقام كي يبدأ رحلة التحلية .

    تخلية من قيود الدنيا وحواجز القدر وقوانين البشر ، وتحلية بجمال الحب ورقة المشاعر وحياة الشوق الأبدية.

    كانت عيناه فى محرابها تقرأ تمائم الهيام وأوراد الشوق وأذكار الدفء والوفاء.

    وقد انتصبت عيناها أمامه كصلاة لا تنتهي .. صلاة سرية كلماتها ، جهرية مشاعرها .

    سمعها بالكاد وهى تخاطبه قائلة :

    فلنبدأ

    أخرج من حقيبته ذلك الدفتر الذى أتى به كي يعود إلى الحياة من خلاله . فرد أوراقه أمامها مستعدا لشرح ما فيه ، وقال :

    فلنبدأ

    اعتدلت فى جلستها وانكبت بوجهها نحو الدفتر لتدل على تركيزها وهى تهز رأسها موافقة وتقول :

    فلنبدأ

    ورغم أنه بدأ فى الحديث إلى أنه شرد منها ، وتنهد داخله وهو يقول لنفسه :

    فلنبدأ . . . ويالها من بداية.

    عاد إلى ذلك اليوم الذى رآها فيه ، وإلى ساعة قبلها . كان يشعر فى هذا الوقت بسواد يملأ حياته ، كانت الأسئلة قد تكاثرت عليه ، ولم يجد منها فكاكا ..

    إلى متى تتحمل ؟

    متى تجد الصدر الحنون الذى تسند رأسك عليه وتلقي إليه همومك .

    أين ذلك الشاطئ فى ذلك البحر الخضم الواسع ؟

    مافائدة الحياة ؟

    فى كل يوم أستيقظ لآكل . وأعمل . واتحرك كالآلة ، ثم أنام .. فمتى أعيش ؟

    كان يحتاج إلى منارة تهديه . طريق نجاة .. روح

    وضع رأسه بين كفيه ، وأغمض عينيه واضعا أصابعه وأخذ يهز رأسه يمنة ويسرة وكأنه يراوغ همومه إلى أن سمع خطوات قادمة من خلفه ، لكنه لم يأبه لها ، فلقد تعود على وقع هذه الخطوات . إلا أنه هذه المرة سمع صوت إحدى زميلاته تخاطبه والموجودين في الغرفة جميعا وهي تقول :

    أقدم لكم زميلتنا الجديدة فى العمل .. بتول .

    أزاح أصابعه عن عينيه ، وتردد هل يفتح عينيه أم يحافظ عليهما مغلقتين ؟

    تردد طويلا . إنه يخشى النور . لقد اعتاد هذه الظلمة . والنور لا يأتي دائما بخير . فهو تارة يغشي العينين ، وهو تارة يحرق الفراشات التى تهواه ، وهو تارة ينبئ عن وجود نار مشتعلة تحرق وتحرق وتقول : هل من مزيد ؟

    قرر ألا يرى النور لولا أن سمع صوتها تقول :

    أنا بتول . أهلا بكم

    أزال صوتها كل الحواجز من أمام عينيه اللتين اتسعتا وتدفق النور إليهما ، فاكتشف أنه شديد الظمأ لمثل هذا النور ، فأخذ ينهل منه وينهل .

    فتح عينيه . رآها . ملأ عينيه بها ، وبالكاد استطاع أن يغلق عينيه مرة اخرى . بعد أن قاوم ذلك السد بين جفنيه وأعاد أصابعه فوقهما ، وأدار بكفيه ليضع باطنيهما فوق أذنيه . لقد أراد أن يغلق امام سطوتها كل المنافذ كي لا تنال منه ، فهو قد حكم على نفسه أن يظل صنما فى هذه الحياة . يسمع ويرى ويعقل ولكنه لا يشعر لا يتحرك . كان قد بدأ يتعود على هذه الحياة الرتيبة كان قد بدأ يمارس دوره كصنم . كف عن كتابة الشعر إذ أن الأصنام لا تتعاطى الشعر . كف عن قراءة الجرائد أو احتساء الشاي الدافئ . كف عن القراءة . كف عن البكاء بل عن كل نشاط إنساني وكلما عاوده الحنين للبناء وجد كل من حوله يهدمون ، وكلما عاوده الحنين لأن يكون بشرا لم يجد حوله إنسانا ليتعامل معه .

    يا إلهي .

    إنه الأن فهم لماذا أغمض عينيه عندما رآها ، ولماذا سد أذنيه عندما سمعها ؟

    إنها أول إنسان يراه ويسمعه على هذه الأرض . وهو أصبح صنما يخشى أن يتعامل مع البشر، كان لابد ان يهرب من ذلك الإنسان الوحيد .

    إلا أنها صارت كالوحش الذى حاصر الفريسة بعد مطاردة ، إذ سمع صوت زميلته تنادي عليه :

    أدهم . أدهم

    رفع رأسه . أزال كفيه فكشف أذنيه . فتح عينيه ، وجد زميلته تقول للبشرية الوحيدة :

    إنه زميلنا أستاذ أدهم وهو أكثر من يستطيع أن تفهمي منه طبيعة العمل هنا .

    وهكذا وجد نفسه أمامها وجهاً لوجه . لم يجد مهربا هذا الصنم . وابتسمت ..

    بدأ يشعر بالروح تسري فى أوصاله . اهتزت قدماه ، شعر بالتيار يجري فى ركبتيه . داعب التيار وسطه فشعر بأنه يريد أن يقف ، محاولا أن يستند إلى ساقيه قبل أن تدب الروح فى باقي أوصال جسده فلم يستطع . فقال لنفسه :

    خلق الإنسان عجولا

    واستمر تيار الروح يسري فوصل إلى صدره ، فأنفه ، وأطلق عطسة . وقال :

    الحمد لله

    ردت قائلة :

    يرحمك الله

    وها هو الله يرحمه برؤيتها ، ها هو تسير فيه الإنسانية ليعود من جديد إنساناً .

    الديوان الأخير – 2

    اتخذا مجلسهما إلى طاولة وتلعثمت الكلمات فوق شفاههما ، هما هكذا دائما لا يفكران كيف يبدآن ، وإنما يفكران كيف ينتهيان ..

    جاء النادل وفكرت ماذا تطلب ؟ وتمنى أدهم لو تطلبه هو ، ردت فى رقة سريعا ً :

    ليمون

    لعل هذه اللحظات لا تنقضي فى أمر سواهما ، فى حين عادا للصمت من جديد ..

    فكر كثيرا ماذا يقول ، فلم يستطع الوصول إلى بر كلماته

    الصمت ..

    إنه دائما يذكرني بتلك الأيام الأولى حيث كان دائم الصمت قليل الحديث جالسا ً فى ركنه الأثير غير عابئ بمن حوله . وإن كان في كل فترة يلقي بضع كلمات ما إن يلقيها حتى يتجمع الجميع حولها كطير ألقى إليهم بعض الحبوب ، فيتناولون كلماته ولايهتم هو بمشاركتهم فى التقاط تلك الحبوب .

    كنت تارة ألتقط كلماته فأضحك . وتارة أفكر . وأخرى لا أهتم . بل وأحيانا أحادثه مباشرة . وهنا فقط كان يلتقط معي بعض الحبوب ، وكان يأكلها فى شراهة مَنْ لم يأكل منذ سنين . كنت أشعر به . بجوعه . حتى وجدته يتحدث عن قصيدة كتبها ..

    مهلا . أهو يكتب الشعر ؟ .. مثلي ؟!

    طلبت منه قراءة القصيدة .. أتى بها إليّ . وبدأت فى القراءة .

    ربما لا أطمع أن نلتقي عاشقين

    روحهما من مخاض رحم

    يتجرعان كأس الحب حتى

    يخلطا رأسا بقدم

    أو يسيران على الشوك

    فينزفان نفس الألم

    عاشقان فى كتاب الحب

    يحملان تاريخا ورقم

    فى مغيب الشمس أجثو راكعا

    أطبع قبلة وأتلو القسم

    بالأنامل المقدسة تمنحيني روحا ً

    فتبعثيني إنسانا من العدم

    ياحجري الأسود كيف أقبلك

    والموعد ليس فى الحرم

    آه . لابد أن يبقى الصنم

    فى السفوح يبحث عن

    جنة فوق القمم

    أحمق

    فالجنة لايدخلها . قط

    صنم

    فى المرايا ألمس الدنيا

    بلا لحم ودم

    صخره تسبح فى قاع جهنم

    ترقص ساكنة بين الحمم

    لاتكوني باردة أو سلاما

    احرقي هذا الحجر

    أين معول الخليل كي

    يهدمني ضمن من هدم

    وثن لا ينفع أو يعرف الضرر

    يسمع الهمس كما يتقن البصر

    حاذري أن ترتمي فى كهف أحضاني فإني

    جامد المنظر لكني

    يهزني الوتر

    سأظل دائما فى وقفتي

    كى تتأملي عيوني ربما

    تجمعنا أرض على سطح القمر

    لا حدود حولها ولا سفر

    لا حرام فى كتابها ولا قدر

    حبنا قانونها لا قوانين البشر

    غادريني الآن حتى تلبسين

    الرداء الأبيض

    ويزفنا الشجر

    عندما ينكسر الوجه الحديدي

    وتري وجهي رسولا

    بين زخات المطر

    وجدت نفسها اتسعت عيناها ، وتســارعت أنفاسها ، وقالــت فى تعجب :

    ما كل هذا الحزن ؟ . هل يكــــتب ما يكتب كمحترف يرصص الكلمات دون أن يعاني ويلاتها ؟ . أم يكتبها وهو يشعر بأسنتها المغروسة فى أحشاء قلبه .

    نظرت إليه فوجدت على وجهه ابتسامة . نظرت إلى عينيه فوجدتهما حزينتين بشدة . تحيرت ثم هزت كتفيها وقالت :

    ومالذي يعنيني فى ذلك ؟

    ثم سحبت حقيبتها . وذهبت

    تابعها فى ذهابها . لم يعرف لماذا تابعها ؟ . ولم يعرف لماذا شعر أنها فى ذهابها تذهب بفرحته ، فانطفأت الابتسامة . وراء الحزن فى عينيه . ثم خاطب نفسه قائلا :

    بدأت تحبو نحو حفرة من حفر النار يا أدهم . وهذه المرة لن تكون نارا ً كسابق مثيلاتها ، ففى السابق كنت أمتلك السحاب بيدي فإن اشتعلت النيران فى جسدي . أمرت السحاب فتتكون الغمام وتسقط الأمطار لتطفئ ما اشتعل . أما الآن .. ستشتعل النيران ولا أمل لى فى إخمادها .

    ثم أكسب لهجته نبرة حزم وهو يقول :

    لا تحب .لا تترك قلبك فى مهب رياح الأوهام قد مضى هذا العهد .

    دخلت الغرفة مرة أخرى . وضعت حقيبتها . عاد هو إلى الصمت من جديد .

    بارداً مثل الجليد .

    كاتما صراخ طفله الوليد .

    نظرت إليه . فكرت ماذا تقول ؟ . وجدت آلاف الكلمات التى يمكنها أن تخاطبه بها . ولكنها قالت فى حزم :

    هذا الأمر لا يعنيني . ولماذا أهتم ؟ . كفى

    انهارت مقاومتها ، وقالت :

    ما الذي دفعك لكتابة هذه القصيدة ؟

    فوجئ بالسؤال يغتاله . يَسُد عليه كل المخارج . لم يجد مهربا فقال كعادته عند الهرب :

    اسألي الصنم .

    فقالت فى إصرار :

    ها أنا أسألك

    ارتفعت ضحكة تنبئ عن توتره وقال :

    هل تقصدين أني صنم ؟

    جعلها إصرارها تبتسم ، وتقول :

    أنت الصنم الحزين الذى يشكو داخله ويجمد خارجه

    شعر بمزيد من التوتر ، وظن أنه لن يفلت ، ولا بد أن يلقي إجابة فقال :

    هكذا الحياة . خُلقَ الإنسان فى كبد .

    لم تسترح لإجابته ، وكادت أن تضيف سؤالا آخرا لولا أن قالت لنفسها :

    كيف أتجرأ على سؤاله ومكاشفته إلى هذا الحد ؟ تُرى ماذا سيقول عني ؟ .. إننى مجرد زميلة عمل .

    في حين نظر إليها من طرف خفي ، ووجد نفسه يقول صامتا :

    مرت سنوات قبل أن يلاحظني أحد .

    ثم هز رأسه وكأنه يطرد فكرة تطارده من عقله ، وأكمل حواره مع نفسه وقال :

    اثبت مكانك أيها القلب . قر ولا تقرقر

    سادت فترة من الصمت تبادلا فيها نظرات . كلٌ منهما يظن أنها سرية فى حين أن كل واحد منهما لا يرى إلا عين الآخر ، وقطعت بتول الصمت ، وقالت :

    هل تعلم أن شعرك رائع ؟

    اكتفى بابتسامة خجل يقابل بها الإطراء دوما إذ يشعره الإطراء أن لسانه مقيد ، وترددت بتول قبل أن تضيف :

    الشعر الرائع ينم عن ألم شديد .

    ندت عنه تنهيدة طويلة كادت تحرقه ، أضاف بعدها :

    أنت فقط التى تمتلك قلبا مرهفا يشعر بالآخرين

    بعد أن أنهى عبارته أخذ يصفع قلبه بأكف اللوم والعتاب فى حين توردت وجنتاها خجلا حتى طغى اللون الأحمر على وجهها ، ولم تجد منقذا لها سوى ساقيها فاعتمدت عليهما وتركت المكان سريعاً وهى تتمتم بكلمات لم يفهمها ، وما إن ذهبت حتى جلست فى مقعدها بجوار أدهم إحدى زميلات العمل وقالت بسرعة :

    تعلم يا أدهم . إن بتول هى أكثر فتاة من الممكن أن تناسبك .

    نظر إليها فى حزن ، وقال :

    حتى وإن كانت تناسبني فلا فائدة ، فهذا العالم لا يضع الحب شرطا كى يجمع بين اثنين ، وإنما المال والقوة والسلطة والنفوذ هى الشروط وأنت تعلمين أنى جاوزت الثلاثين بخمس سنوات ومع ذلك لم أحقق مالا أو قوة أو سلطة أو نفوذا

    قالت مدافعة عن رأيها :

    ولكنك صاحب عقل راجح ، وضمير يقظ وقلب حنون ، ولا توجد فتاة في هذا العالم لا تتمنى رجلا به هذه الصفات

    ثم ضحكت وأضافت :

    لولا أني متزوجة لكنت تزوجتك

    ضحك أدهم لدعابتها ، وقال :

    يا دنيا أنت نفسك لم تتزوجى من تحبين إلا بعد معارك ضارية وأتى زوجك بمبالغ طائلة لكى يستطيع فقط أن يوفي بمطالب الزواج

    قالت دنيا :

    ولكننا نعيش راضين بـ ..

    قاطعها قائلا :

    لا تخدعي نفسك . أنت تعلمين أن حبكما قد تأثر كثيرا بحالتكما المادية ثم أن ليس بالضرورة أن ترضى كل فتاة بما رضيت به

    ظهر الحزن في عينيها ، وهي تقول :

    لن تخسر شيئا إذا جربت ، وعرفت رأيها

    قال فى حسم :

    سأخسر قلبي

    ثم أخفى دمعة تريد أن تفر .

    فرت إحدى قطرات المشروب الذى وضعه النادل أمامها إذ أسقط أدهم كيس السكر فى الكوب ، فتعالت ضحكاتها تشق العنان ، فابتسمت السماء لها وأسقطت أزهارا ، وعاد أدهم من ذكرياته .

    نظرت بتول من مقعدها إلى مبنى المكتبة المجاور لهما ، وقالت أكثر ما يرهق ميزانيتي شراء الكتب .

    رد أدهم :

    شر لابد منه

    ثم بعد هنيهة صمت قال :

    أن ترهق ميزانيتنا الكتب أفضل من أن ترهقنا تلك الحياة المادية القاسية ..

    رنت

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1