أسنى المطالب في شرح روض الطالب
()
About this ebook
Read more from زكريا الأنصاري
المقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsغاية الوصول في شرح لب الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنفرجتان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنحة الباري بشرح صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباقي بشرح ألفية العراقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهج الطلاب في فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإعراب القرآن العظيم المنسوب لزكريا الانصارى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الوهاب بشرح منهج الطلاب Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to أسنى المطالب في شرح روض الطالب
Related ebooks
أسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنشر في القراءات العشر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح منتهى الإرادات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتدريب الراوي في شرح تقريب النواوي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتحرير والتنوير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمغرب في ترتيب المعرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحاوي للفتاوي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقواعد لابن رجب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلسان العرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشاف القناع عن متن الإقناع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدقائق المنهاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأشباه والنظائر للسيوطي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح معاني الآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالثبات عند الممات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطإ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرسالة العرشية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسبل السلام شرح بلوغ المرام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشف المشكل من حديث الصحيحين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمجموع الفتاوى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعون المعبود وحاشية ابن القيم Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for أسنى المطالب في شرح روض الطالب
0 ratings0 reviews
Book preview
أسنى المطالب في شرح روض الطالب - زكريا الأنصاري
أسنى المطالب في شرح روض الطالب
الجزء 16
زكريا الأنصاري
926
أسنى المطالب شرح روض الطالب للإمام الفقيه زكريا الأنصاري الشافعي هو كتاب موسوعي في الفقه على المذهب الشافعي، وهو شرح لكتاب «روض الطالب» لابن المقرئ (ت 837هـ) الذي هو مختصر عن كتاب «روضة الطالبين» للإمام النووي ولكتاب أسنى المطالب أهمية كبيرة عند الشافعية، حتى قال بعضهم: ليس شافعياً من لم يقرأ أسنى المطالب.
كِتَابُ الرِّدَّةِ
الْبَاب الْأَوَّل حَقِيقَة الرِّدَّةِ
الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَة الرِّدَّة
(كِتَابُ الرِّدَّةِ). (هِيَ) لُغَةً الرُّجُوعُ عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي، وَهِيَ (أَفْحَشُ الْكُفْرِ، وَأَغْلَظُهُ حُكْمًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا) وَمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا، وَهَذَا سَقَطَ مِنْ نُسْخَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِقَوْلِهِ بَعْد
َ الطَّرَفِ الثَّانِي فِيمَنْ تَصِحُّ رِدَّتُهُ
(وَهِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ إمَّا بِتَعَمُّدِ فِعْلٍ)، وَلَوْ بِقَلْبِهِ اسْتِهْزَاءً أَوْ جُحُودًا (كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ، وَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَكُتُبِ الْحَدِيثِ (فِي قَذِرٍ
حاشية الرملي الكبير
قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَأْمَنُونَ) أَيْ أَوْ مُعَاهَدُونَ
(قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِمْ الْمُسْتَأْمَنُونَ) أَيْ وَالْمُعَاهَدُونَ.
فَصْلٌ اقْتَتَلَ طَائِفَتَانِ بَاغِيَتَانِ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ اسْتَوَتَا ضُمَّ إلَيْهِ أَقَلُّهُمَا جَمْعًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْعَادِلِ مِنَّا مُصَابَرَةُ بَاغِيَيْنِ) كَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي خَطَأٌ لَا صَائِرَ إلَيْهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ كَيْفَ لَمْ يَتَعَقَّبَاهُ، وَكَلَامُهُمَا فِي الطَّرَفِ الرَّابِعِ يَرُدُّ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا قَالَا فِيهِ إنَّ طَرِيقَهُ طَرِيقُ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَقَدْ ذَكَرَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ النَّفْسَ، وَكَانَ مُسْلِمًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُتَوَلِّي قَبْلَ ذِكْرِهِ صُورَةَ الِاثْنَيْنِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِالْقِتَالِ أَنْ يُهْلِكَهُمْ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ أَنْ يُفَرِّقُوا جُمُوعَهُمْ وَيَرُدُّوهُمْ إلَى الطَّاعَةِ، وَقَالَ يَكُونُ حُكْمُ الْإِمَامِ مَعَهُمْ حُكْمَ الْمَصُولِ مَعَ الصَّائِلِ يُدْفَعُ بِالْأَيْسَرِ فَالْأَيْسَرِ، وَقَالَ فِي الصَّائِلِ إنْ قَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الْهَرَبِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ: عَلَيْهِ أَنْ يَهْرُبَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَهْرُبَ وَحَكَى الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ ذَلِكَ إيجَابُ مُصَابَرَةِ الْعَادِلِ لِلِاثْنَيْنِ مِنْ الْبُغَاةِ هَذَا لَا يَتَخَيَّلُهُ أَحَدٌ، وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ، وَكَلَامُ أَصْحَابِهِ يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَلِكَ كَلَامُ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَتَبْت أَوْرَاقًا سَمَّيْتهَا الرَّدَّةَ عَلَى صَاحِبِ التَّتِمَّةِ فِيمَا قَالَهُ فِي الْمُصَابَرَةِ الْمُدْلَهِمَّةِ وَالرَّاجِحُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي
(كِتَابُ الرِّدَّةِ) (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَخَبَرِ «لَا يَحِلُّ دَمُ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ»، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ بِالْمَوْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] فَلَوْ أَسْلَمَ، وَكَانَ قَدْ حَجَّ قَبْلَ الِارْتِدَادِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لَكِنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ عَلَى حُبُوطِ ثَمَرَاتِ الْأَعْمَالِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ، وَهِيَ فَائِدَةٌ نَفِيسَةٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ) فَإِنْ قِيلَ الْإِسْلَامُ مَعْنًى مَعْقُولٌ لَا مَحْسُوسٌ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ قَطْعُهُ قِيلَ الْمُرَادُ قَطْعُ اسْتِمْرَارِهِ وَدَوَامِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: كَكُتُبِ الْحَدِيثِ) اسْتِخْفَافًا) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِهِمَا وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ فِي الْأُولَى عَمَّا لَوْ سَجَدَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَكْفُرُ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ، وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ عَمَّا لَوْ أَلْقَاهُ فِي قَذِرٍ خِيفَةَ أَخْذِ الْكُفَّارِ لَهُ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ (وَسِحْرٍ فِيهِ عِبَادَةُ الشَّمْسِ) وَنَحْوِهَا كَالْمَشْيِ إلَى الْكَنَائِسِ مَعَ أَهْلِهَا بِزِيِّهِمْ مِنْ الزَّنَانِيرِ وَغَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَأَمَّا بِقَوْلِ كُفْرٍ صَدَرَ عَنْ اعْتِقَادٍ أَوْ عِنَادٍ أَوْ اسْتِهْزَاءٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الرِّدَّةِ كَاجْتِهَادٍ أَوْ سَبْقِ لِسَانٍ أَوْ حِكَايَةٍ أَوْ خَوْفٍ.
(فَمَنْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ كُفْرٍ أَيْ فَمَنْ (اعْتَقَدَ قِدَمَ الْعَالَمِ) بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى (وَحُدُوثَ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ حُدُوثَ (الصَّانِعِ) الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] أَوْ جَحَدَ جَوَازَ بَعْثَةِ الرُّسُلِ أَوْ نَفَى مَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْقَدِيمِ بِالْإِجْمَاعِ كَكَوْنِهِ عَالِمًا قَادِرًا أَوْ أَثْبَتَ مَا هُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ كَالْأَلْوَانِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ، وَأَوْرَدَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى الْأَخِيرِ أَنَّ الْمُجَسِّمَةَ مُلْتَزِمُونَ بِالْأَلْوَانِ مَعَ أَنَّا لَا نُكَفِّرُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ الْجَزْمُ بِتَكْفِيرِهِمْ.
(أَوْ كَذَّبَ نَبِيًّا) فِي نُبُوَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ جَحَدَ آيَةً مِنْ الْمُصْحَفِ مُجْمَعًا عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى ثُبُوتِهَا (أَوْ زَادَ فِيهِ كَلِمَةً مُعْتَقِدًا أَنَّهَا مِنْهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِنَبِيٍّ) بِسَبٍّ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ سُنَّةٍ) كَأَنْ قِيلَ لَهُ قَلِّمْ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ، وَإِنْ كَانَ سُنَّةً.
(أَوْ أَنْكَرَ الْوُجُوبَ أَوْ التَّحْلِيلَ) الصَّادِقَ بِالْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ (أَوْ تَحْرِيمَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ) بِالضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصٌّ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَتَحْلِيلِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَتَحْرِيمِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا بِخِلَافِ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَصٌّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ فَلَا يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ لِلْعُذْرِ بَلْ يَعْرِفُ الصَّوَابَ لِيَعْتَقِدَهُ وَفِي هَذَا كَلَامٌ لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ ذَكَرْته مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَلَوْ حَذَفَ أَلْ مِنْ الْوُجُوبِ وَالتَّحْلِيلِ لِيَكُونَا مُضَافِينَ لِمِثْلِ مَا أُضِيفَ لَهُ تَحْرِيمٌ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ، وَأَنْسَبَ بِكَلَامِ أَصْلِهِ (أَوْ أَنْكَرَ رَكْعَةً مِنْ) الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ) هَذَا دَاخِلٌ فِي إنْكَارِ الْوُجُوبِ.
(أَوْ) اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ كَأَنْ (زَعَمَ زِيَادَةَ) صَلَاةٍ (سَادِسَةٍ) أَوْ وُجُوبَ صَوْمِ شَوَّالٍ (أَوْ قَذَفَ عَائِشَةَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِبَرَاءَتِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ زَوْجَاتِهِ
حاشية الرملي الكبير
أَيْ وَالْفِقْهِ وَكُلِّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا تَضَمُّخُ الْكَعْبَةِ الشَّرِيفَةِ بِالْغَائِطِ وَمِثْلُ السُّجُودِ الرُّكُوعُ وَسَائِرُ التَّعْظِيمَاتِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ السُّجُودَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْبَدْ غَيْرُ اللَّهِ بِالرُّكُوعِ، وَلَوْ أَلْقَى آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ كَبَسْمُ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الْقَاذُورَاتِ فَكَالْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ)، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرِدَّةٍ، وَلَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمَغْلُوبِ كَالصَّادِرِ مِنْ الْوَلِيِّ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ وَفِي أَمَالِي الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ لَوْ، قَالَ وَلِيٌّ أَنَا اللَّهُ عُزِّرَ التَّعْزِيرَ الشَّرْعِيَّ، وَهَذَا لَا يُنَافِي الْوِلَايَةَ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْصُومِينَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ حِكَايَةٌ أَوْ خَوْفٌ) أَيْ أَوْ صُدُورُهُ مِنْ الْوَلِيِّ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ.
(قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَصَاحِبُ كِتَابِ الْحُجَّةِ إلَى بَيَانِ الْمَحَجَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّا لَا نُكَفِّرُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ)، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: قَالَ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ إلَخْ)، قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَخَفَّ بِنَبِيٍّ) أَوْ مَلَكَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَحْرِيمُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ إلَخْ)، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِلَا تَأْوِيلٍ لِيَخْرُجَ الْبُغَاةُ وَالْخَوَارِجُ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَأَمْوَالَهُمْ وَيَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَ دِمَائِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: وَالزِّنَا) أَيْ، وَأَخْذُ الْمُكُوسِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يَعْرِفُهُمْ إلَّا الْخَوَاصُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ إلَّا الْخَوَاصُّ إلَخْ أَخْرَجَهُ تَعْبِيرُهُمْ بِالْجُحُودِ؛ لِأَنَّهُ إنْكَارُ مَا سَبَقَ الِاعْتِرَافُ بِهِ، وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْجُحُودَ لِمُطْلَقِ الْإِنْكَارِ مَجَازًا رِعَايَةً لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ ش (قَوْلُهُ: وَفِي هَذَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ، قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي إنْ أَرَادَ النَّوَوِيُّ بِقَوْلِهِ فَلَا يَكْفُرُ إلَخْ أَنَّهُ رُبَّمَا خَفِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إذَا عَرَفَهُ وَجَحَدَهُ كَفَرَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْجَحْدَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بَلْ لَوْ أَنْكَرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ خَفِيًّا كَانَ جَحْدُهُ مِنْ الْعَالِمِ بِهِ لَا يُنَافِي الْإِسْلَامَ فَلَيْسَ لِقَوْلِهِ فَلَا يَكْفُرُ لِلْعُذْرِ إلَخْ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَارِفَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفٍ. اهـ.
وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَكْفُرُ إذَا عَرَفَ مَعَ الْحُكْمِ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَ الْحُكْمَ فَقَطْ لَا يَكْفُرُ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَلَمْ يَسْتَحْسِنْ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ مُسْتَحِلِّ الْخَمْرِ، قَالَ وَكَيْفَ نُكَفِّرُ مَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَنَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ يَرُدُّ أَصْلَهُ، وَإِنَّمَا نُبَدِّعُهُ، وَأَوَّلَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَ الْمُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ ثَبَتَ شَرْعًا ثُمَّ حَلَّلَهُ فَإِنَّهُ رَدٌّ لِلشَّرْعِ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الشُّرْبِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إنْ صَحَّ فَلْيَجْرِ فِي سَائِرِ مَا حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى افْتِرَاضِهِ فَنَفَاهُ أَوْ تَحْرِيمِهِ فَأَبَاحَهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّنْجَانِيُّ بِأَنَّ مُسْتَحِلَّ الْخَمْرِ لَا نُكَفِّرُهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فَقَطْ بَلْ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِجْمَاعِ وَالنَّصِّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ظَاهِرُ حَدِيثِ التَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ أَنَّ مُخَالِفَ الْإِجْمَاعِ كَافِرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ بِالْهَيِّنِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْإِجْمَاعِيَّةَ إنْ صَحِبَهَا التَّوَاتُرُ كَالصَّلَاةِ كَفَرَ مُنْكِرُهَا لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاتُرَ لَا لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ، وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهَا التَّوَاتُرُ لَمْ يَكْفُرْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّ إنْكَارِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ. اهـ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ بِلَا تَأْوِيلٍ لِيَخْرُجَ الْبُغَاةُ وَالْخَوَارِجُ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَأَمْوَالَهُمْ وَاَلَّذِينَ أَنْكَرُوا وُجُوبَ الزَّكَاةِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّأْوِيلِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُكَفِّرُوهُمْ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلَمْ يَسْتَحْسِنْ الْإِمَامُ إلَخْ جَوَابَهُ أَنَّهُ اسْتَبَاحَ مَا عُلِمَ تَحْرِيمُهُ بِالضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّنْجَانِيُّ إلَخْ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ جَوَابٌ حَسَنٌ، وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَكْفُرُ إذَا عَرَفَ مَعَ الْحُكْمِ (أَوْ ادَّعَى نُبُوَّةً بَعْدَ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِيهَا أَوْ كَفَّرَ مُسْلِمًا)، وَلَوْ (لِذَنْبِهِ)، وَقَوْلُهُ لِذَنْبِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ، وَإِنَّمَا كَفَرَ مُكَفِّرَهُ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى الْإِسْلَامَ كُفْرًا وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا حَارَ عَلَيْهِ» أَيْ رَجَعَ عَلَيْهِ هَذَا إنْ كَفَّرَهُ (بِلَا تَأْوِيلٍ) لِلْكُفْرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْخَبَرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ فَلَا يَكْفُرُ غَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي أَذْكَارِهِ إنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ تَحْرِيمًا مُغَلَّظًا.
(أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَّقَهُ) بِشَيْءٍ كَقَوْلِهِ إنْ هَلَكَ مَالِي أَوْ وَلَدِي تَهَوَّدْت أَوْ تَنَصَّرْت (أَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَكْفُرُ) أَوْ لَا؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِيمَانِ وَاجِبَةٌ فَإِذَا تَرَكَهَا كَفَرَ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ تَفْسِيقِ الْعَدْلِ بِعَزْمِهِ عَلَى فِعْلِ كَبِيرَةٍ أَوْ تَرَدُّدِهِ فِيهِ (أَوْ رَضِيَ بِالْكُفْرِ) كَأَنْ أَمَرَ مُسْلِمًا بِهِ (أَوْ) الْأَوْلَى وَالْأَنْسَبُ بِالْأَصْلِ كَأَنْ (أَشَارَ بِهِ) عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ عَلَى كَافِرٍ أَرَادَ الْإِسْلَامَ بِأَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى كُفْرِهِ (أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ طَالِبَهُ) مِنْهُ (أَوْ امْتَهَلَ) أَيْ اسْتَمْهَلَ (مِنْهُ) تَلْقِينَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ اصْبِرْ سَاعَةً؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَهَذَا كُلُّهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مَا عَدَا إشَارَتَهُ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لَكِنَّهُ قَالَ وَمَا قَالَهُ إفْرَاطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالتَّصْوِيبُ ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا إشَارَتَهُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُسْلِمَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
(أَوْ سَخِرَ بِاسْمِ اللَّهِ) أَوْ بِأَمْرِهِ، أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ) بِاسْمِ (رَسُولِهِ أَوْ قَالَ لَوْ أَمَرَنِي) اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ (بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْ) وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ حُكْمِ اسْمِ رَسُولِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) لَوْ (جَعَلَ الْقِبْلَةَ هُنَا لَمْ أُصَلِّ) إلَيْهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا قَالَهُ اسْتِحْفَافًا أَوْ اسْتِغْنَاءً لَا إنْ أَطْلَقَ (أَوْ) لَوْ (اتَّخَذَ) اللَّهُ (فُلَانًا نَبِيًّا لَمْ أُصَدِّقْهُ، وَلَوْ) أَيْ أَوْ لَوْ (أَوْجَبَ) اللَّهُ (عَلَيَّ الصَّلَاةَ مَعَ حَالِي هَذَا) أَيْ مِنْ مَرَضٍ وَشِدَّةٍ (لَظَلَمَنِي) أَوْ قَالَ الْمَظْلُومُ هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ فَقَالَ الظَّالِمُ أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ لَوْ شَهِدَ) عِنْدِي نَبِيٌّ (بِكَذَا أَوْ مَلَكٌ لَمْ أَقْبَلْهُ) أَوْ قَالَ إنَّ اللَّهَ جَلَسَ لِلْإِنْصَافِ أَوْ قَامَ لِلْإِنْصَافِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ مُجَسِّمٌ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِ.
(أَوْ إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ صِدْقًا نَجَوْنَا أَوْ لَا أَدْرِي النَّبِيَّ إنْسِيٌّ أَوْ جِنِّيٌّ) أَوْ قَالَ إنَّهُ جِنٌّ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ لَا أَدْرِي مَا الْإِيمَانُ) احْتِقَارًا (أَوْ صَغَّرَ عُضْوًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (احْتِقَارًا أَوْ صَغَّرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى) هَذَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَادَى رَجُلًا اسْمَهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَأَدْخَلَ فِي آخِرِهِ حَرْفَ الْكَافِ الَّذِي تَدْخُلُ التَّصْغِيرَ بِالْعَجَمِيَّةِ فَقِيلَ يَكْفُرُ، وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ التَّصْغِيرَ كَفَرَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَوْ جَهِلَ مَا يَقُولُ فَلَا فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ جَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ.
(أَوْ قَالَ لِمَنْ حَوْقَلَ لَا حَوْلَ لَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ أَوْ كَذَّبَ الْمُؤَذِّنَ) فِي أَذَانِهِ كَأَنْ قَالَ لَهُ تَكْذِبُ (أَوْ سَمَّى اللَّهَ عَلَى) شُرْبِ (خَمْرٍ أَوْ عَلَى زِنًا اسْتِخْفَافًا) بِاسْمِهِ تَعَالَى (أَوْ قَالَ لَا أَخَافُ الْقِيَامَةَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِخْفَافَ، وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَى قُوَّةِ رَجَائِهِ وَسَعَةِ غُفْرَانِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ (أَوْ) قَالَ (قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ خَيْرٌ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ قَالَ لِمَنْ قَالَ أَوْدَعْت اللَّهَ مَالِي أَوْدَعْته مَنْ لَا يَتْبَعُ السَّارِقَ) إذَا سَرَقَ، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا، وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَى سِتْرِ اللَّهِ إيَّاهُ وَنَحْوِهِ.
(أَوْ قَالَ تَوَفَّنِي إنْ شِئْت مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَوْ) قَالَ (أَخَذْت مَالِي وَوَلَدِي فَمَا تَصْنَعُ أَيْضًا) أَوْ مَاذَا بَقِيَ لَمْ تَفْعَلْهُ (أَوْ قَالَ الْمُعَلِّمُ) لِلصِّبْيَانِ مَثَلًا (الْيَهُودُ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) ؛لِأَنَّهُمْ (يُنْصِفُونَ مُعَلِّمِي صِبْيَانِهِمْ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَارْتَضَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ مُوَافَقَةِ أَئِمَّتِنَا لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّمَ لَمْ يَقْصِدْ الْخَيْرَ الْمُطْلَقَ بَلْ فِي الْإِحْسَانِ لِلْمُعَلِّمِ وَمُرَاعَاتِهِ (أَوْ أَعْطَى مَنْ أَسْلَمَ مَالًا فَقَالَ) مُسْلِمٌ (لَيْتَنِي كُنْت كَافِرًا فَأُسْلِمُ فَأُعْطَى مَالًا أَوْ أَنْكَرَ) شَخْصٌ (صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى نَصَّ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ (أَوْ قِيلَ أَلَسْت مُسْلِمًا فَقَالَ لَا عَمْدًا أَوْ نُودِيَ
حاشية الرملي الكبير
أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ لَا يَتَوَقَّفُ التَّكْفِيرُ عَلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِدِينِهِ) لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ بِكَسْرِ الدَّالِ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ نُونٍ، وَلَوْ حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ) لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَصْحِيفِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ ثُمَّ النُّونِ، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، وَأَمَّا التَّكْفِيرُ لِلذَّنْبِ فَلَيْسَ بِكُفْرٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ (قَوْلُهُ: بِلَا تَأْوِيلٍ لِلْكُفْرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ) أَوْ بِارْتِكَابِهِ كَبِيرَةً كَمَا تَعْتَقِدُهُ الْخَوَارِجُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَ بِالْكُفْرِ) سُئِلَ الْحَلِيمِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ عَلَى كَافِرٍ فَأَسْلَمَ الْكَافِرُ فَحَزِنَ الْمُسْلِمُ لِذَلِكَ، وَتَمَنَّى أَنْ كَانَ لَمْ يُسْلِمْ، وَوَدَّ لَوْ عَادَ لِلْكُفْرِ أَيَكْفُرُ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ أَمْ لَا قِيلَ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِقْبَاحَهُ الْكُفْرَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يَتَمَنَّاهُ لَهُ وَاسْتِحْسَانَهُ الْإِسْلَامَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يَكْرَهَهُ لَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَمَنِّي الْكُفْرِ كُفْرًا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ، وَقَدْ تَمَنَّى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ لَا يُؤْمِنَ فِرْعَوْنُ وَزَادَ عَلَى التَّمَنِّي فَدَعَا اللَّهَ بِذَلِكَ، وَلَا عَاتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَا زَجَرَهُ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ قِيلَ لَا يَكْفُرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَنْسَبُ بِالْأَصْلِ كَانَ) كِلَا التَّعْبِيرَيْنِ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَشَارَ بِهِ عَلَى شَخْصٍ لِكَرَاهَتِهِ لَهُ فَالْأَنْسَبُ بِهِ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِمَحَبَّتِهِ لَهُ فَالْأَنْسَبُ بِهِ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَوْ اتَّخَذَ اللَّهُ فُلَانًا نَبِيًّا لَمْ أُصَدِّقْهُ) أَوْ، قَالَ لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا مَا آمَنْت بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَوْ شَهِدَ عِنْدِي نَبِيٌّ بِكَذَا أَوْ مَلَكٌ لَمْ أَقْبَلْهُ) وَسُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ رَجُلٍ سُئِلَ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ مَا فَعَلْت كَذَا، وَكَذَا فَقَالَ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ جِبْرِيلَ عِنْدَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَعْطَى مَنْ أَسْلَمَ مَالًا فَقَالَ لَيْتَنِي إلَخْ) ؛لِأَنَّهُ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كَافِرًا فِي الْحَالِ فَيُسْلِمَ لِيَنَالَ بِذَلِكَ دُنْيَا يَا يَهُودِيُّ) أَوْ نَحْوُهُ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَبَّيْكَ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إذَا لَمْ يَنْوِ غَيْرَ إجَابَةِ الدَّاعِي.
(أَوْ قَالَ) كَانَ (النَّبِيُّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَسْوَدَ أَوْ أَمْرَدَ أَوْ غَيْرَ قُرَشِيٍّ) ؛لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ نَفْيٌ لَهُ، وَتَكْذِيبٌ بِهِ (أَوْ) قَالَ (النُّبُوَّةُ مُكْتَسَبَةٌ أَوْ تُنَالُ رُتْبَتُهَا بِصَفَاءِ الْقُلُوبِ أَوْ أُوحِيَ إلَيَّ)، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ النُّبُوَّةَ (أَوْ) قَالَ (إنِّي دَخَلْت الْجَنَّةَ فَأَكَلْت مِنْ ثِمَارِهَا، وَعَانَقْت حَوَرَهَا) عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَ الْمَاضِي فِي الْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ بِالْمُضَارِعِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (أَوْ شَكَّ فِي تَكْفِيرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى أَوْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ فَعِبَارَتُهُ أَعَمُّ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَعَ زِيَادَةِ حُكْمٍ (وَ) فِي تَكْفِيرِ (طَائِفَةِ ابْنِ عَرَبِيٍّ) الَّذِينَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عِنْدَ غَيْرِهِمْ الِاتِّحَادُ وَغَيْرُهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ كَبَعْضِهِمْ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ أَخْيَارٌ وَكَلَامُهُمْ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ كَسَائِرِ الصُّوفِيَّةِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَهُمْ فِي مُرَادِهِمْ، وَإِنْ افْتَقَرَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَوْ اعْتَقَدَ ظَاهِرَهُ عِنْدَهُ كَفَرَ إلَى تَأْوِيلٍ إذْ اللَّفْظُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ فِي مَعْنَاهُ الِاصْطِلَاحِيِّ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ فَالْمُعْتَقِدُ مِنْهُمْ لِمَعْنَاهُ مُعْتَقِدٌ لِمَعْنًى صَحِيحٍ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى وِلَايَةِ ابْنِ عَرَبِي جَمَاعَةٌ عُلَمَاءُ عَارِفُونَ بِاَللَّهِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْيَافِعِيُّ، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ وَفِي طَائِفَتِهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ عِنْدَ غَيْرِ الصُّوفِيَّةِ لِمَا قُلْنَاهُ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَصْدُرُ عَنْ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ إذَا اسْتَغْرَقَ فِي بَحْرِ التَّوْحِيدِ وَالْعِرْفَانِ بِحَيْثُ تَضْمَحِلُّ ذَاتُهُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتُهُ فِي صِفَاتِهِ وَيَغِيبُ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ عِبَارَاتٌ تُشْعِرُ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ لِقُصُورِ الْعِبَارَةِ عَنْ بَيَانِ حَالِهِ الَّذِي تَرَقَّى إلَيْهِ، وَلَيْسَتْ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ) أَيْ نَسَبَهُمْ إلَى الضَّلَالِ (أَوْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ) بِأَنْ نَسَبَهُمْ إلَى الْكُفْرِ (أَوْ أَنْكَرَ إعْجَازَ الْقُرْآنِ) أَوْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) أَنْكَرَ (مَكَّةَ) أَوْ الْبَيْتَ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا فِي الرَّوْضَةِ (أَوْ شَكَّ فِيهَا) بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَنَّ هَذِهِ الْمُسَمَّاةَ بِمَكَّةَ هِيَ مَكَّةُ أَوْ غَيْرُهَا (أَوْ) أَنْكَرَ (الدَّلَالَةَ عَلَى اللَّهِ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) بِأَنْ قَالَ لَيْسَ فِي خَلْقِهِمَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى (أَوْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ) لِلْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ بِأَنْ يَجْمَعَ أَجْزَاءَهُمْ الْأَصْلِيَّةَ وَيُعِيدَ الْأَرْوَاحَ إلَيْهَا (أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ) أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ.
(أَوْ) أَقَرَّ بِهَا لَكِنْ (قَالَ الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ مَعَانِيهَا) أَوْ قَالَ الْأَئِمَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (كَفَرَ) بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا تَقَرَّرَ لِمُخَالَفَةِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ صَرِيحًا فِي بَعْضِهَا وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي هَذَا إنْ عَلِمَ مَعْنَى مَا قَالَهُ (لَا إنْ جَهِلَ ذَلِكَ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) فَلَا يَكْفُرُ لِعُذْرِهِ، وَلَا إنْ قَالَ مُسْلِمٌ لِمُسْلِمٍ سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ أَوْ لِكَافِرٍ لَا رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ دُعَاءٍ عَلَيْهِ بِتَشْدِيدِ الْأَمْرِ وَالْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ، وَلَا إنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَشَرِبَ مَعَهُمْ الْخَمْرَ، وَأَكَلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَلَا إنْ قَالَ الطَّالِبُ لِيَمِينِ خَصْمِهِ، وَقَدْ أَرَادَ الْخَصْمُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا أُرِيدُ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى بَلْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ، وَلَا إنْ قَالَ رُؤْيَتِي إيَّاكَ كَرُؤْيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ، وَلَا إنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ضَرْبِ الدُّفِّ أَوْ الْقَصَبِ أَوْ قِيلَ لَهُ تَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ خَرَجَ لِسَفَرٍ فَصَاحَ الْعَقْعَقُ فَرَجَعَ.
وَلَا إنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ بِنَجَسٍ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَلَمْ يَسْتَحِلَّ ذَلِكَ، وَلَا إنْ تَمَنَّى حِلَّ مَا كَانَ حَلَالًا فِي زَمَنٍ قَبْلَ تَحْرِيمِهِ كَأَنْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ أَوْ الْمُنَاكَحَةَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَوْ الظُّلْمَ أَوْ الزِّنَا أَوْ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا إنْ شَدَّ الزُّنَّارَ عَلَى وَسَطِهِ أَوْ وَضَعَ قَلَنْسُوَةِ الْمَجُوسِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ شَدَّ عَلَى وَسَطِهِ زُنَّارًا وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِيُخَلِّصَ الْأُسَارَى، وَلَا إنْ قَالَ النَّصْرَانِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ، وَلَا إنْ قَالَ لَوْ أَعْطَانِي اللَّهُ الْجَنَّةَ مَا دَخَلْتهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي الرَّوْضَةِ مَعَ الْأَصْلِ فِي بَعْضِهِ لَكِنْ رَجَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ يَكْفُرُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا قَالَهُ اسْتِخْفَافًا أَوْ اسْتِغْنَاءً لَا إنْ أَطْلَقَ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ صَلَّى بِنَجَسٍ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ كُفْرِ مَنْ اسْتَحَلَّ الصَّلَاةَ بِالنَّجَسِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهَا بَلْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى الْجَوَازِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّهُ لَوْ شُفِيَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَالَ لَقِيت فِي مَرَضِي هَذَا مَا لَوْ قَتَلْت أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَكْفُرُ وَيُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ النِّسْبَةَ إلَى الْجَوْرِ، وَقَالَ
حاشية الرملي الكبير
قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(تَنْبِيهٌ) نَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَكْفِيرُ الْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَافِي الرُّؤْيَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَتَأَوَّلَ النَّصَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كُفْرَانُ النِّعَمِ لَا الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمِلَّةِ كَذَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمُنَاكَحَتِهِمْ وَمُوَادَّتِهِمْ وَقَدْ اسْتَشْكَلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّ أَصْحَابَنَا كَفَّرُوا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَوَاكِبَ فَعَّالَةٌ وَلَمْ يُكَفِّرُوا الْمُعْتَزِلَةَ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ إنَّ صَاحِبَ الْكَوَاكِبِ اعْتَقَدَ فِيهَا مَا يَعْتَقِدُ فِي الْإِلَهِ مِنْ أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ، قَالُوا: إنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الظُّلْمُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا مِنْ قَوْلِهِ حَلَّ مَا كَانَ حَلَالًا أَيْ تَمَنَّى حِلَّ الظُّلْمِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا، قَالَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ آخَرُونَ لَا يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ وَيُسْتَتَابُ وَيُعَزَّرُ. انْتَهَى. وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ قَالَ فُلَانٌ فِي عَيْنَيْ كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ فِي عَيْنِ اللَّهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَفَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ أَرَادَ الْجَارِحَةَ كَفَرَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّجْسِيمِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّا لَا نُكَفِّرُ الْمُجَسِّمَةَ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَنْ تَصِحُّ رِدَّتُهُ) وَمَنْ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ (وَلَا تَصِحُّ) الرِّدَّةُ (إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَمُكْرَهٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ (فَإِنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ أُمْهِلَ) بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ (فَإِنْ قَتَلَ مَجْنُونًا فَهَدْرٌ)، وَإِنْ فَوَّتَ قَاتِلُهُ الِاسْتِتَابَةَ الْوَاجِبَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَزَّرَ لِذَلِكَ.
(وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارٍ أَوْ أَقَرَّ بِقَذْفٍ أَوْ قِصَاصٍ ثُمَّ جُنَّ اسْتَوْفَى) مِنْهُ (فِي) حَالِ (جُنُونِهِ) ؛لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ جُنَّ لَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ حِينَئِذٍ احْتِيَاطًا فَلَوْ اسْتَوْفَى مِنْهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَبِخِلَافِ صُورَةِ الرِّدَّةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِتَابَةَ فِيهَا وَاجِبَةٌ.
(وَتَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (وَفِي صِحَّةِ اسْتِتَابَتِهِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَمَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ لَكِنْ يُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا إلَى الْإِفَاقَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَزُولُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَالْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ (وَيُمْهَلُ بِالْقَتْلِ) احْتِيَاطًا لَا وُجُوبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَلْعِيقِهِ (حَتَّى يُفِيقَ) فَيُعْرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ.
(وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ فِي السُّكْرِ، وَلَوْ ارْتَدَّ صَاحِيًا) أَوْ لَمْ يُسْتَتَبْ (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ) بَعْدَ إسْلَامِهِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إسْلَامِهِ (وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةُ الرِّدَّةِ قُبِلَتْ، وَإِنْ لَمْ تُفَصَّلْ) شَهَادَتُهَا؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ بِهَا إلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَكَثِيرٌ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا، وَكَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْجُرْحِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَبِنَحْوِهِ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَقْلًا وَنَقْلًا، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ قَالَ: وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ.
(وَإِنْ ادَّعَى الْإِكْرَاهَ) عَلَى الرِّدَّةِ، وَقَدْ
حاشية الرملي الكبير
قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّا لَا نُكَفِّرُ الْمُجَسِّمَةَ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَنْ تَصِحُّ رِدَّتُهُ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ أُمْهِلَ) عَلَّلَهُ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ الْقَتْلَ لِلْإِصْرَارِ عَلَى الرِّدَّةِ، وَلَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهَا أَمْ لَا، قَالَ فِي الْأُمِّ: لَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ زِنًا أَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَمْ أُقِمْ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا، وَلَمْ أَقْتُلْهُ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنِّي أَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا، وَهُوَ يَعْقِلُ، وَكَذَلِكَ احْتَاجَ أَنْ أَقُولَ لَهُ، وَهُوَ يَعْقِلُ إنْ لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْإِسْلَامِ قَتَلْتُك، وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا اُسْتُتِيبَ قَبْلَ جُنُونِهِ فَلَمْ يَتُبْ، وَجُنَّ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ
(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ أَقْوَالِهِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ)، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِوُجُوبِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ فِي الْحَالِ وَصِحَّةِ إسْلَامِ السَّكْرَانِ فَكَيْفَ يَجِبُ التَّأْخِيرُ مَعَ خَطَرِ الْمَوْتِ وَغَيْرِهِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَيْهَا فِي حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ، وَقَالَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْجَزْمَ بِهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَكَأَنَّهُ أُلْحِقَ بِهِ فِي الْحَاشِيَةِ فَأَخَّرَهُ النَّاقِلُ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُفِيقَ)، قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مِنْ سُكْرِهِ إذْ إسْلَامُهُ قَبْلَ إفَاقَتِهِ صَحِيحٌ أَمَّا إمْهَالُ الْمَجْنُونِ إلَى الْإِفَاقَةِ فَوَاجِبٌ، وَلَمْ يَشْمَلْهُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا لَا وُجُوبًا) نَقَلَ عَنْ ظَاهِرِ نَصِّ الْأُمِّ الْوُجُوبَ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَرْجِيحِ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ فَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرِّدَّةَ لِخَطَرِهَا إلَخْ) ؛وَلِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِهَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ بَلْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ ضَرَرٌ، وَلَا نُبْقِي عَلَيْهِ وَصْمَةً.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْجُرْحِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) إنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّفْصِيلُ فِي الْجُرْحِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِمُفَسِّقِ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ فِسْقًا وَزِنًا وَسَرِقَةً فَوَجَبَ التَّفْصِيلُ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لِخَطَرِهَا لَا يُشْهَدُ بِهَا إلَّا بَعْدَ التَّثَبُّتِ؛ وَلِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ ثَمَّ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ وُقُوعِ أَثَرِهَا فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِهَا إنْ كَانَ بَرِّيًّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْإِنْكَارِ، وَمِنْ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِهِ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ) مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ تَنَصَّرَ قَبْلَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ كَلِمَةِ التَّنَصُّرِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ قَبُولُهَا فِي حَقِّ الْحَيِّ، وَإِنْ لَمْ نُفَصِّلْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّظَائِرِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا وَاضِحٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ)، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَنْ الْإِيمَانِ فَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ ارْتَدَّ، وَلَمْ يَقُولَا عَنْ الْإِسْلَامِ أَوْ كَفَرَ، وَلَمْ يَقُولَا بِاَللَّهِ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ قَطْعًا وَاسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ مِنْ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا إلَّا مُفَصَّلَةً قَطْعًا. اهـ. وَقَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ قَطْعًا هُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَوَقَعَ فِي الْمُحَاكَمَاتِ أَنَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِفَسَادِ عَقِيدَةِ إنْسَانٍ فَأَفْتَى عُلَمَاءُ الشَّامِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ لِإِضَافَةِ الشَّهَادَةِ إلَى الْعَقِيدَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى (تَنْبِيهٌ) لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِرِدَّةِ شَخْصٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ، وَلَا عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كَافِرٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى قَتْلَهُ بِهِ، وَلَا عَلَى شَخْصٍ بِتَعْرِيضِهِ بِالْقَذْفِ عِنْدَ مَنْ يَرَى حَدَّهُ بِهِ، وَلَا عَلَى شَخْصٍ بِمُوجِبِ التَّعْزِيرِ عِنْدَ مَنْ يَرَى تَعْزِيرَهُ بِمَا لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ.
شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ (وَ) كَانَتْ (شَهَادَتُهُمَا بِالرِّدَّةِ لَمْ يُصَدَّقْ)، وَلَوْ (بِيَمِينِهِ لِتَكْذِيبِهِ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا) قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ شُهُودٌ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَأَنْكَرَ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ رُجُوعًا، وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْ الْمُرْتَدِّ بِقَوْلِهِ رَجَعْت فَلَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ، وَتَكْذِيبُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا قَالَ كَذَبَا عَلَيَّ أَوْ لَمْ أَزْنِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الزِّنَا أَنَّهُ يُحَدُّ فِي الْأُولَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ لِذَلِكَ فِي الْأُولَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ دُونَ التَّكْذِيبِ الصَّرِيحِ (إلَّا إنْ كَانَ) ثَمَّ (قَرِينَةٌ) تُصَدِّقُهُ فِي دَعْوَاهُ (كَأَسْرِ كُفَّارٍ) لَهُ (وَنَحْوِهِ) فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ بِيَمِينِهِ وَحَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا، وَلَا حَاجَةَ مَعَ ذِكْرِهِ الْكَافَ إلَى قَوْلِهِ وَنَحْوِهِ (أَوْ) كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا (بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَكَلَّمَ بِكُفْرٍ وَادَّعَى) هُوَ (الْإِكْرَاهَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ)، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ (لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ، وَيُجَدِّدُ) نَدْبًا (كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَهَلْ يَضْمَنُ) ؛لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَمْ تَثْبُتْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الرِّدَّةِ وُجِدَ، وَالْأَصْلُ الِاخْتِيَارُ (قَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَادَّعَى الْإِكْرَاهَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَبْلَهُ، وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْوِيرَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ تَفْصِيلُهَا فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ فَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لِلشَّاهِدِ أَوَّلًا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شَهِدَ بِالرِّدَّةِ لِتَضَمُّنِهِ حُصُولَ الشَّرَائِطِ أَمَّا إذَا قَالَ إنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَذَا فَيَبْعُدُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ، وَيَقْنَعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ الِاخْتِيَارُ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِرِدَّةِ أَسِيرٍ، وَلَمْ يَدَّعِ إكْرَاهًا حُكِمَ بِرِدَّتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا حُكِيَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مَعَ الْكُفَّارِ ثُمَّ أَحَاطَ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَاطَّلَعَ مِنْ الْحِصْنِ، وَقَالَ أَنَا مُسْلِمٌ، وَإِنَّمَا تَشَبَّهْت بِهِمْ خَوْفًا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَمَاتَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ارْتَدَّ طَائِعًا.
وَعَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِتَلَفُّظِ رَجُلٍ بِالْكُفْرِ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ أَوْ مُقَيَّدٌ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِإِكْرَاهٍ وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَسَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَلَفَّظَ بِكُفْرٍ ثُمَّ ادَّعَى إكْرَاهًا فَإِنْ فَعَلَهُ فِي خَلْوَةٍ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَهُوَ أَسِيرٌ قُبِلَ قَوْلُهُ أَوْ تَاجِرٌ فَلَا. انْتَهَى.
(وَإِذَا قَالَ مُسْلِمٌ مَاتَ أَبِي مُرْتَدًّا اسْتُفْصِلَ فَإِنْ ذَكَرَ كُفْرًا) كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَكَانَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَصَارَ (نَصِيبُهُ فَيْئًا) لِبَيْتِ الْمَالِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ذَكَرَ غَيْرَ كُفْرٍ كَأَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ (وَرِثَهُ) لِتَبَيُّنِ خَطَئِهِ بِتَفْسِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وُقِفَ الْأَمْرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَرَجَّحَهُ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ أَنَّ نَصِيبَهُ فَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ كُفْرًا لِإِقْرَارِهِ بِكُفْرِ أَبِيهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُلَائِمُ لِاشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ فِي الشَّهَادَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (أُكْرِهَ أَسِيرٌ) أَوْ غَيْرُهُ (عَلَى الْكُفْرِ) بِبِلَادِ الْحَرْبِ (لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ) كَمَا مَرَّ (فَإِنْ مَاتَ هُنَاكَ وَرِثَهُ وَارِثُهُ) الْمُسْلِمُ (فَإِنْ قَدِمَ) عَلَيْنَا (عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَارًا قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ مُعْرِضًا عَنْ الْجَمَاعَاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَإِلَّا فَلَا عَرْضَ (اسْتِحْبَابًا) لَا وُجُوبًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ بِدَارِنَا (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ (حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ) مِنْ حِينِ كُفْرِهِ (الْأَوَّلِ) ؛لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مِنْ حِينَئِذٍ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرْضِ وَالتَّلَفُّظِ بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مُخْتَارًا ثُمَّ صَلَّى فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لَا) إنْ صَلَّى (فِي دَارِنَا)
حاشية الرملي الكبير
قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْ الْمُرْتَدِّ بِقَوْلِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ شَهِدَا بِالرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الزِّنَا أَنَّهُ يُحَدُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: إذَا، قَالَ كَذِبًا عَلَيَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِنْكَارَ دُونَ التَّكْذِيبِ الصَّرِيحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالرِّدَّةِ ثُمَّ رَجَعَ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيُشْبِهُ فِيمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ فَأَنْكَرَ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ رُجُوعِهِ اب (فَرْعٌ) مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الرِّدَّةَ، وَلَمْ يَنْهَضْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَقَصَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِعِصْمَةِ دَمِهِ كَيْ لَا يُقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ زُورٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى قَبُولَ تَوْبَتِهِ فَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ إذَا جَدَّدَ هَذَا إسْلَامَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَيَعْصِمَ دَمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ، قَالَ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْتَرِفَ أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَخَالَفَهُ بَعْضُ الْمُعْتَبَرِينَ، وَأَفْتَى بِالْجَوَازِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَفِي تَكْلِيفِهِ بِالِاعْتِرَافِ وَالْكَذِبِ إجْحَافٌ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْقَاصِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ارْتَدَّ، وَهُوَ يُنْكِرُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ لَمْ أَكْشِفْ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ، وَقُلْت لَهُ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ