الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
()
About this ebook
Read more from زكريا الأنصاري
غاية الوصول في شرح لب الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنحة الباري بشرح صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنفرجتان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الوهاب بشرح منهج الطلاب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباقي بشرح ألفية العراقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإعراب القرآن العظيم المنسوب لزكريا الانصارى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهج الطلاب في فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
Related ebooks
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشاف القناع عن متن الإقناع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحاوي للفتاوي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsزاد المعاد في هدي خير العباد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرسالة المباحث المرضية المتعلقة بمن الشرطية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنشر في القراءات العشر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقواعد لابن رجب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلسان العرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطإ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمسائل السفرية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدقائق المنهاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرسالة العرشية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإتقان في علوم القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب - الجزء الثالث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمحلى بالآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمغرب في ترتيب المعرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السيوطي على سنن النسائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح منتهى الإرادات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن النسائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبداية المجتهد ونهاية المقتصد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتدريب الراوي في شرح تقريب النواوي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتحرير والتنوير Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
0 ratings0 reviews
Book preview
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - زكريا الأنصاري
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
الجزء 2
زكريا الأنصاري
926
الغرر البهية في شرح منظومة البهجة الوردية للإمام الفقيه زكريا الأنصاري الشافعي كتاب موسوعي شامل في الفقه على المذهب الشافعي، وهو عبارة عن شرح لمنظومة البهجة الوردية لابن الوردي والتي نظم فيها كتاب الحاوي الصغير للقزويني.
حاشية العبادي
قَوْلُهُ: وَهُمَا مَفْقُودَتَانِ فِي غَيْرِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَجْمُوعَهُمَا مَفْقُودٌ لَا جَمِيعَهُمَا لِظُهُورِ أَنَّ الطَّاهِرِيَّةَ غَيْرُ مَفْقُودَةٍ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ) أَيْ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بَعْدَ تَطْهِيرِهِ وَتَصَلُّبِ التُّرَابِ بِرّ أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الدَّوَاءِ فِي الدَّبْغِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ تَطْهِيرِهِ وَالتُّرَابِ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ تَطْهِيرِهِ، أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الدَّوَاءِ مَرَّةً أُخْرَى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَطْهِيرِهِ لِجَوَازِ الدَّبْغِ بِالنَّجِسِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِفَوَاتِ الطَّهُورِيَّةِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ وَهِيَ مُشْتَرَطَةٌ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّ التُّرَابَ الْمَذْكُورَ إذَا غُسِلَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ عَادَتْ طَهُورِيَّتُهُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْ حُكْمَ النَّجَاسَةِ بَلْ خَفَّفَهَا) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ الثَّالِثِ، أَمَّا هُوَ فَقَدْ أَزَالَ حُكْمَهَا؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ الْمَنْعَ وَأَبَاحَ الصَّلَاةَ كَمَا فِي مَاءِ طُهْرِ دَائِمِ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ لِكَوْنِهِ رَفَعَ الْمَنْعَ وَأَبَاحَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْحَدَثَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ امْتِنَاعَ اسْتِعْمَالِ الثَّالِثِ فِي اسْتِنْجَاءٍ آخَرَ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ بَلْ مَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْحَجَرِ وَتُرَابِ التَّيَمُّمِ كَالصَّرِيحِ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ الثَّالِثِ فِي اسْتِنْجَاءٍ آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا يُسْتَنْجَى بِهِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَنْجَى بِقِطْعَةِ طِينٍ جَافَّةٍ ثُمَّ طَهَّرَهَا وَجَفَّفَهَا وَدَقَّهَا جَازَ التَّيَمُّمُ بِهَا وَاسْتِعْمَالُهَا فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَفِي عَدَمِ الْحُكْمِ بِالِاسْتِعْمَالِ نَظَرٌ مَعَ كَوْنِهِ أَزَالَ الْمَنْعَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِنَحْوِ الْخَشَبِ وَالْخِرَقِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الطَّاهِرِيَّةُ فَإِنْ قُلْت هَذَا مُسَلَّمٌ فِي الْمَمْسُوحِ بِهِ ثَالِثًا لِزَوَالِ الْمَنْعِ بِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ زَوَالِ الْمَنْعِ بِهِ قُلْت مَمْنُوعٌ بَلْ زَوَالُ الْمَنْعِ مُسْتَنِدٌ لِلثَّلَاثَةِ إذْ لَوْلَاهَا لَمَا حَصَلَ فَكُلٌّ لَهُ دَخْلٌ فِي الزَّوَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ إلَخْ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْخُفِّ غَيْرُ حَلَالٍ إلَى آخِرِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ) ظَاهِرُهُ حُرْمَةُ أَكْلِهِ وَلَوْ جِلْدَ مُذَكًّى لَكِنْ لَمَّا قَالَ فِي الرَّوْضِ: فِي الْأَطْعِمَةِ إلَّا جِلْدَ مَيْتَةٍ دُبِغَ أَيْ: فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِالْمَيْتَةِ
حاشية الشربيني
مَعْنًى. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا تَمَّ دِبَاغُهُ) فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ قَبْلَ الدَّبْغِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مُذَكًّى أَوْ لَا، أَمَّا غَيْرُ الْمُذَكَّى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمُذَكَّى فَلِأَنَّ فِيهِ زُهُومَةً وَرَائِحَةً كَرِيهَةً وَالطَّهَارَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِنَظِيفٍ طَاهِرٍ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. اهـ. وَنَقَلَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ تَعْلِيلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُقْلِعُ النَّجَسَ لِلُزُوجَتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِجِلْدِ الْحُوتِ إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ إنْ قَوِيَتْ صَلَابَتُهُ بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ لَمْ يَلِنْ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ع ش بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ جُلُودِ الْمُذَكَّاةِ وَإِنْ اشْتَدَّتْ صَلَابَتُهَا كَجِلْدِ الْجَامُوسِ؛ لِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْمُبْتَلِّ) وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مَاءٌ بَلْ رُطُوبَةٌ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: كَمِثْلِ الْعَظْمِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ فَحُكْمُهُ أَوْلَى بِالنَّقْصِ وَالْجِلْدُ بِالدَّبْغِ انْتَقَلَ إلَى حَالَةٍ زَائِدَةٍ فَكَذَا حُكْمُهُ؛ وَأَمَّا مَطْعُومُ الْبَهَائِمِ فَيَجُوزُ وَالْمَطْعُومُ لَنَا وَلَهَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَغْلَبُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الرِّبَا فِيهِ وَالْأَصَحُّ الثُّبُوتُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ.
وَإِنَّمَا جَازَ بِالْمَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَطْعُومٌ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ النَّجَسَ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِقِشْرِ الْجَوْزِ الْيَابِسِ وَنَحْوِهِ جَازَ سَوَاءٌ الْمُتَّصِلُ وَالْمُنْفَصِلُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ بِالْمُتَّصِلِ وَعَطَفَ عَلَى مَطْعُومٍ قَوْلَهُ (وَمَا عَلَيْهِ خُطَّ) أَيْ: كَتْبُ (بَعْضُ الْعِلْمِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمُحْتَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ شَرْعِيًّا كَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ أَمْ غَيْرَهُ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ كَحِسَابٍ وَطِبٍّ وَنَحْوٍ وَعَرُوضٍ بِخِلَافٍ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ كَمَنْطِقٍ وَفَلْسَفَةٍ وَأُلْحِقَ بِمَا فِيهِ عِلْمٌ مُحْتَرَمٌ جِلْدُهُ الْمُتَّصِلُ بِهِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بِخِلَافِ جِلْدِ الْمُصْحَفِ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ لِلْغَزَالِيِّ وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي بِوَرَقِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُ مِنْهُمَا وَخَلَا عَنْ اسْمِ اللَّهِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجِبُ حَمْلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِكُتُبِهِمَا لِتَبَدُّلِهِمَا عَلَى مَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُ أَوْ شُكَّ فِيهِ وَمَا فِيهَا فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ لِلشَّكِّ فِي تَبَدُّلِهَا عَلَى مَا شُكَّ فِي تَبَدُّلِهِ فَيَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ مَا عَلِمَ تَبَدُّلَهُ وَلَوْ بِقِرَاءَةِ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا مُبْدَلًا قَطَعَهَا (وَحَيَوَانٍ) كَعُصْفُورٍ وَفَأْرَةٍ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ مِنْ حَيْثُ الْحَيَوَانِيَّةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْتَرَمَةً مِنْ حَيْثُ إفْسَادُهَا حَتَّى يَحِلَّ قَتْلُهَا (وَكَجُزْئِهِ) أَيْ جُزْءِ الْحَيَوَانِ إذَا (اتَّصَلْ) بِهِ كَيَدِهِ وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ كَشَعْرِهِ وَرِيشِهِ وَإِذَا اسْتَنْجَى بِغَيْرِ قَالِعٍ أَوْ بِمُحْتَرَمٍ لَمْ يَكْفِ وَإِنْ أَنْقَى فَيَجِبُ الْمَاءُ إنْ نَقَلَ النَّجَسَ عَنْ مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ وَيَزِيدُ الْمُحْتَرَمُ بِالْإِثْمِ وَلَوْ تَرَكَ الْكَافَ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ مَدْخُولَهَا الْمُغْنِي عَنْ حَيَوَانٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَطْعُومٍ كَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ (لَا النَّضْرُ) أَيْ: الذَّهَبُ (وَالْجَوْهَرُ) النَّفِيسُ فَلَيْسَا بِمُحْتَرَمَيْنِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِمَا كَالْفِضَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ النَّضْرِ بِالْأَوْلَى نَعَمْ الْمَطْبُوعُ مِنْهَا وَمِنْ النَّضْرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ فَإِنْ اسْتَنْجَى بِهِ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ.
وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ مَنَعَ
حاشية العبادي
جِلْدُ الْمُذَكَّاةِ فَيَحِلُّ أَكْلَةُ وَإِنْ دُبِغَ
اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ (قَوْلُهُ: كَمَنْطِقٍ) الْمَنْطِقُ أَوْلَى بِالِاحْتِرَامِ مِنْ الْعَرُوضِ (قَوْلُهُ: كَمَنْطِقٍ) كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَفِي إطْلَاقِهِ فِي الْمَنْطِقِ نَظَرٌ اهـ وَاعْتَمَدَ غَيْرُهُ احْتِرَامَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جِلْدِ الْمُصْحَفِ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مُطْلَقًا) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ وَإِنْ جَازَ مَسُّهُ لِلْجِلْدِ بَعْدَ فَصْلِهِ لِلْفُحْشِ هُنَا اهـ وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فَيَمْتَنِعُ مَسُّهُ أَيْضًا بَعْدَ فَصْلِهِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِكِتَابٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) فَإِنْ قُلْت: يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ بِالشَّكِّ وَنَحْنُ لَا نُحَرِّمُ بِهِ قُلْت لَمَّا عَلِمَ اشْتِمَالَ تِلْكَ الْكُتُبِ عَلَى الْمُبَدَّلِ قَطْعًا صَارَتْ مَظِنَّةَ الْمَحْذُورِ وَكَثِيرًا مَا تُقَامُ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ تَحْرِيمُ الرَّقْيِ بِالْأَسْمَاءِ الْمَجْهُولَةِ عَلَى مَا فِيهِ وَإِلَّا فَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّ الرَّقْيَ بِهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَكَجُزْئِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ الْمَنْعِ بِجُزْءِ الْحَيَوَانِ جَزْءَ الْحَرْبِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ مَأْخَذُهُ كَلَامُ الْفُورَانِيِّ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ
اهـ وَأَرَادَ بِكَلَامِ الْفُورَانِيِّ تَصْرِيحَهُ بِالْمَنْعِ يُجْزِئُ مَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَفَأْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ الْمُحْتَرَمُ بِالْإِثْمِ) لَا يَخْفَى ثُبُوتُ الْإِثْمِ فِي غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ أَيْضًا مِنْ كُلِّ مَا لَا يُجْزِي إذَا قَصَدَ الِاسْتِنْجَاءَ الْمَطْلُوبَ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ وَهِيَ حَرَامٌ وَمَزِيَّةُ الْمُحْتَرَمِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ ثَابِتَةٌ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ كَوْنِهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً وَعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى قَصْدِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: أَسَاءَ) أَيْ: حَرُمَ م ر (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر
حاشية الشربيني
وَلَا يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ ذُكِّيَ وَلَا مَيِّتٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الْعَظْمِ مُطْلَقًا. اهـ. وَانْظُرْ حِينَئِذٍ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ «فَإِنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ» فَهَلْ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ أَوْ يَحِلُّ لَهُمْ تَنَاوُلُ مَا عَلَى عِظَامِ الْمَيْتَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَنْجَى بِقِشْرِ الْجَوْزِ إلَخْ) فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا الثِّمَارُ وَالْفَوَاكِهُ فَقَسَّمَهَا الْمَاوَرْدِيُّ تَقْسِيمًا حَسَنًا فَقَالَ مِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا لَا يَابِسًا فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ رَطْبًا وَيَجُوزُ يَابِسًا إذَا كَانَ مُزِيلًا وَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَيَابِسًا وَهُوَ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا مَأْكُولُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَغَيْرِهِمَا فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِشَيْءٍ مِنْهُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا وَالثَّانِي مَا يُؤْكَلُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ كَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ وَكُلِّ ذِي نَوًى فَلَا يَجُوزُ بِظَاهِرِهِ وَيَجُوزُ بِنَوَاهُ الْمُنْفَصِلِ وَالثَّالِثُ مَا لَهُ قِشْرٌ وَمَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ كَالرُّمَّانِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِلُبِّهِ، وَأَمَّا قِشْرُهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَحَدُهَا لَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا كَالرُّمَّانِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْقِشْرِ وَكَذَا لَوْ اسْتَنْجَى بِرُمَّانَةٍ فِيهَا حَبُّهَا جَازَ إذَا كَانَتْ مُزِيلَةً وَالثَّانِي يُؤْكَلُ قِشْرُهُ رَطْبًا وَيَابِسًا كَالْبِطِّيخِ فَلَا يَجُوزُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا وَالثَّالِثُ يُؤْكَلُ رَطْبًا لَا يَابِسًا كَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَّا فَيَجُوزُ بِقِشْرِهِ يَابِسًا لَا رَطْبًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَجُزْئِهِ) فِي التَّحْقِيقِ وَلَا يَصِحُّ بِيَدٍ وَيُقَالُ يَصِحُّ وَحَكَى بِيَدِ نَفْسِهِ وَيُقَالُ عَكْسُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ) فِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ مَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ وَبَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْمَطْبُوعُ) أَيْ الْمُهَيَّأُ لِذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَجُوزُ وَيُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ الْإِجْزَاءَ أَيْضًا وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ لِمَاءِ زَمْزَمَ حُرْمَةً تَمْنَعُ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِهِ أَجْزَأَهُ إجْمَاعًا. اهـ وَيُجْزِي الِاسْتِنْجَاءُ أَيْضًا بِقِطْعَةِ دِيبَاجٍ وَبِحِجَارَةِ الْحَرَمِ.
وَلِإِجْزَاءِ الْمَسْحِ شُرُوطٌ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (لَا إنْ انْتَقَلْ) أَيْ: الْمُنْدَفِعُ عَنْ مَحَلِّهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ (أَوْ) أَصَابَ مَحَلَّهُ (نَجِسٌ ثَانٍ) أَيْ: آخَرُ (بِهِ تَنَجَّسَا) مِنْ زِيَادَتِهِ تَكْمِلَةٌ وَذَلِكَ (كَالنَّجِسِ) إذَا (اسْتَعْمَلَهُ) فِي الِاسْتِنْجَاءِ (أَوْ يَبِسَا) أَيْ: الْمُنْدَفِعُ (أَوْ) كَانَ (عَابِرًا عَنْ صَفْحَةٍ) فِي الْغَائِطِ وَهِيَ مَا يَنْضَمُّ مِنْ الْأَلْيَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ (أَوْ) عَنْ (حَشَفَهْ) فِي الْبَوْلِ وَهِيَ مَا فَوْقَ الْخِتَانِ (أَوْ) كَانَ الْمُنْدَفِعُ (يُوجِبُ الْغُسْلَ) كَحَيْضٍ (فَبِالْمَا نَظَّفَهْ) فِي كُلٍّ مِنْهَا لَا بِالْجَامِدِ لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَلِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي الْأَخِيرَةِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِجَوَازِ الْحَجَرِ فِي دَمِ الْحَيْضِ وَفَائِدَتُهُ فِيمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَعَجَزَتْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَاسْتَنْجَتْ وَتَيَمَّمَتْ فَإِنَّهَا تُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا وَبِهَذَا جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ؛ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِلْبِكْرِ دُونَ الثَّيِّبِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الثَّيِّبَ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَمَّا يَبْدُو مِنْهَا حَالَ قُعُودِهَا وَإِزَالَتُهُ بِالْحَجَرِ مِنْ مَخْرَجِ الْحَيْضِ لَا يُمْكِنُ مِنْهَا وَبِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مِنْ الْبَوْلِ عِنْدَ تَحَقُّقِ وُصُولِهِ إلَى مَخْرَجِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ.
وَيُسْتَثْنَى مِمَّا إذَا يَبِسَ مَا لَوْ يَبِسَ بَوْلُهُ ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا فَوَصَلَ بَوْلُهُ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ الْأَوَّلُ فَيَكْفِي فِيهِ الْجَامِدُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْقَفَّالُ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ الْمَائِعُ وَخَرَجَ بِالْعَابِرِ عَمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ انْتَشَرَ فَوْقَ عَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ لِمَا صَحَّ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَكَلُوا التَّمْرَ لَمَّا هَاجَرُوا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَتَهُمْ فَرَقَّتْ بُطُونُهُمْ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ ضَبْطُهُ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِالصَّفْحَةِ وَالْحَشَفَةِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْعَابِرِ وَغَيْرِهِ إذَا اتَّصَلَا فَإِنْ تَقَطَّعَا كَفَى الْجَامِدُ فِي الْمُتَّصِلِ بِالْمُخْرَجِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ. ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَكْفِي الْجَامِدُ فِي بَوْلِ الْأَقْلَفِ قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ
حاشية العبادي
قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ أَيْضًا بِقِطْعَةِ دِيبَاجٍ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ قَطْعًا وَفِي الدَّمِيرِيِّ يُجْزِي مَعَ الْإِثْمِ بِرّ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ) ظَاهِرُهُ مَعَ حِلِّهِ أَيْضًا وَلَوْ لِلرِّجَالِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ وَبِحِجَارَةِ الْحَرَمِ) ظَاهِرُهُ مَعَ الْحِلِّ م ر
(قَوْلُهُ تَكْمِلَةً) وَقَدْ يُقَالُ أَشَارَ بِهِ إلَى فَائِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَحَلَّ حَصَلَ لَهُ تَنْجِيسٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ النَّجِسَ يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ فَلَيْسَ تَكْمِلَةً م ر (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّيِّبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَرُدَّ بِمَنْعِ أَنَّ الْحَجَرَ لَا يَصِلُهُ أَيْ: مَدْخَلَ الذَّكَرِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالدَّمِ لَا سِيَّمَا وَالْخِرْقَةُ مَثَلًا تَقُومُ مَقَامَهُ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا مَنَعُوا ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ لِانْتِشَارِهِ عَنْ مَخْرَجِهِ بِخِلَافِ دَمِ الْحَيْضِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ إجْزَاءُ الْحَجَرِ كَمَا فِي الْبِكْرِ وَالنَّصُّ إنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى دَمِ حَيْضٍ انْتَشَرَ إلَى ظَاهِرِ الْفَرْجِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ
اهـ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ اعْتِبَارُ الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ وَصَلَ لِمَا وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ لَمْ يُجْزِ الْحَجَرُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ لَا يُقَالُ هَذَا الِاحْتِمَالُ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ طَارِئٌ أَجْنَبِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ صَحَّ هَذَا لَزِمَ تَعَيُّنُ الْمَاءِ إذَا خَرَجَ الدَّمُ قَبْلَ الْجَفَافِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بَوْلُهُ الْأَوَّلُ) هُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا
حاشية الشربيني
بِهِ وَلَوْ مَضْرُوبًا كَمَا فَهِمَهُ ع ش مِنْ كَلَامِ م ر
(قَوْلُهُ: عَنْ مَحَلِّهِ) أَيْ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِيهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ لِهَذَا الِانْتِقَالِ فَصَارَ كَتَنَجُّسِهِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: نَجِسٌ ثَانٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الطَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِهِ فَيَصِيرُ فِي حُكْمِ نَجَاسَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا إنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْمَائِعِ بِخِلَافِ الْجَامِدِ الطَّاهِرِ إذَا أَصَابَ الْمَحَلَّ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، أَمَّا الْجَامِدُ النَّجِسُ فَهُوَ كَالْمَائِعِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ. اهـ. لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كِفَايَةَ الْحَجَرِ بَعْدَ الْجَامِدِ الطَّاهِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْجَامِدُ تُرَابًا رَخْوًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَقُ بِالْمَحَلِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي الْأَخِيرَةِ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ الْمُتَوَضِّئَ وَالْمُتَيَمِّمَ، أَمَّا الْمُغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ وَغَيْرِهَا فَلَا يُجْزِئُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَطْهِيرِ مَحَلِّهِ بِالْمَاءِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ كَمَا قُلْنَا لَا يَكْفِي مَسْحُ الْخُفِّ فِي حَقِّ الْمُغْتَسِلِ بِخِلَافِ الْمُتَوَضِّئِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ وَمَسْحَ الْخُفِّ رُخْصَتَانِ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِمَا لِتَكَرُّرِ الْوُضُوءِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ فَنَادِرٌ فَلَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِمَا فِيهِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي الْأَخِيرَةِ) فِي فَلَا فَائِدَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَإِنْ وَقَعَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ غَسْلُ الْمَوْضِعِ فِي غُسْلُ الْحَيْضِ فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ وَنَصُّ عِبَارَةِ الْأَصْحَابِ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ فِي حَقِّ الْمُغْتَسِلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا غَسْلُ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ. اهـ. وَفَسَّرَهَا الْأَذْرَعِيُّ بِمَا كَتَبَهُ أَوَّلًا وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ مَوْضِعَ خِلَافٍ وَإِنْ أَوْهَمَهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ. اهـ. وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ اتَّفَقَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْخُرَاسَانِيُّونَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ فِي حَقِّ الْمُغْتَسِلَةِ فَلْتُحْمَلْ مَقَالَةُ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَعَجَزَتْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَكُونَ خَارِقًا لِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إلَخْ) فَرْقٌ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ إذَا وَصَلَ هُنَاكَ انْتَشَرَ عَنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ ثَقْبٌ فِي أَعْلَى الْفَرْجِ وَمَخْرَجَ الْحَيْضِ وَالْمَنِيِّ وَالْوَلَدِ فِي أَسْفَلِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الثِّيَابَةِ وَالْبَكَارَةِ وَمَدْخَلُ الذَّكَرِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ) وَإِنْ كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ لَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ كَمَا فِي غَيْرِ الطَّائِرِ فِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ إلَى الْجِلْدَةِ (وَالْجَمْعُ) بَيْنَ الْمَاءِ وَالْجَامِدِ بِأَنْ يُقَدَّمَ الْجَامِدُ أَوْلَى مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ تَزُولُ بِالْجَامِدِ وَالْأَثَرَ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى مُخَامَرَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْجَامِدِ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِدُونِ الثَّلَاثِ مَعَ الْإِنْقَاءِ وَبِالْأَوَّلِ صَرَّحَ الْجِيلِيُّ فِي إعْجَازِهِ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الثَّانِي الْمَعْنَى وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ يَدُلَّانِ عَلَيْهِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ نَدْبَ الْجَمْعِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْغَزَالِيُّ فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْبَغَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ وَابْنُ سُرَاقَةَ لَكِنْ جَزَمَ الْقَفَّالُ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْغَائِطِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ (ثُمَّ الْمَاءُ) أَوْلَى مِنْ الْجَامِدِ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ (وَالْإِيتَارُ) بِالْمُثَنَّاةِ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ بِشَفْعٍ فَوْقَ الثَّلَاثِ (أَوْلَى لَهُ) كَأَنْ أَنْقَى بِرَابِعَةٍ فَتُسَنُّ خَامِسَةٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مِنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ.»
(وَيَدُهُ الْيَسَارُ) أَوْلَى مِنْ الْيَمِينِ لِلِاسْتِنْجَاءِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُكْرَهُ مَسُّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا فِي بَوْلٍ أَخَذَ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَالذَّكَرَ بِيَسَارِهِ وَحَرَّكَهَا دُونَ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ الْحُرْمَةَ وَالْفَسَادَ فِي الْيَمِينِ كَمَا اقْتَضَاهُمَا فِي الْعَظْمِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الْإِزَالَةَ هُنَا بِغَيْرِ الْيُمْنَى وَثَمَّةَ بِالْعَظْمِ نَفْسِهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ النَّهْيَ هُنَا لِمَعْنًى فِي الْفَاعِلِ فَلَمْ يَقْتَضِ الْفَسَادَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَثَمَّ لِمَعْنًى فِي الْعَظْمِ فَاقْتَضَاهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ بِالنَّجِسِ هَذَا وَقَدْ قَالَ بِالْحُرْمَةِ وَالْفَسَادِ أَهْلُ الظَّاهِرِ بَلْ قَالَ: بِالْحُرْمَةِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَعْتَمِدُ فِي الدُّبُرِ بِالْمَاءِ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَيَسْتَعْمِلُ مَا يَظُنُّ زَوَالَ النَّجَسِ بِهِ وَيُدَلِّكُ دُبُرَهُ بِيَدِهِ مَعَ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَثَرٌ يُدْرِكُهُ الْكَفُّ بِالْمَسِّ وَلَا يَسْتَقْصِي فِيهِ بِالتَّعَرُّضِ لِلْبَاطِنِ فَإِنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِلْبِكْرِ أَنْ تُدْخِلَ أُصْبُعَهَا فِي الثَّقْبِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ فَتَغْسِلَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَكُلُّ مَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ فَبَاطِنٌ فَلَوْ شَمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ يَدِهِ رِيحًا فَنَجِسَةٌ دُونَ الْمَحَلِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ بَعْدَ غَسْلِ الْفَرْجِ ثُمَّ يَغْسِلَهَا وَأَنْ يَبْدَأَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ بِقُبُلِهِ وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ بِهِ قَبْلَ الْوُضُوءِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ وَلِيَأْمَنَ انْتِقَاضَ طُهْرِهِ وَأَنْ يَأْخُذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَيَنْضَحَ بِهَا فَرْجَهُ وَدَاخِلَ سَرَاوِيلِهِ أَوْ إزَارِهِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ دَفْعًا لِلْوَسْوَاسِ وَإِذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ فَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ شَيْءٍ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي فِي اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ أَنْ يَضَعَهُ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ بِقُرْبِ النَّجَاسَةِ ثُمَّ يُمِرَّهُ عَلَى الْمَحَلِّ وَيُدِيرَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا فَإِنْ لَمْ يُدِرْهُ نُظِرَ إنْ نَقَلَ النَّجَاسَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ تَعَيَّنَ الْمَاءَ
حاشية العبادي
زَادَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ فِي الْكَنْزِ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ إلَخْ) كَمَا هُوَ الْغَالِبُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَشْفَعُ فَوْقَ الثَّلَاثِ إلَخْ) تَنْبِيهٌ قُوَّةُ كَلَامِهِمْ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ نَدْبِ التَّثْلِيثِ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِهِ وَبِتَوْجِيهِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِثَلَاثٍ أَنْ يَمْسَحَ بَعْدَهَا مَسْحَتَيْنِ تَنْزِيلًا لِمَا حَصَلَ بِهِ الْإِنْقَاءُ مَنْزِلَةَ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَخْفِيفٍ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَرَّحَ بِنَدْبِهِ فِي الْمَطْلَبِ فِي الْمَاءِ إذَا أَنْقَى وَيَنْبَغِي فِي الْحَجَرِ كَذَلِكَ فَيُسَنُّ مَسْحَتَانِ إنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِوِتْرٍ وَثَلَاثٌ إنْ حَصَلَ بِشَفْعٍ وَاحِدَةٌ لِلْإِيتَارِ وَثِنْتَانِ لِلتَّثْلِيثِ
اهـ وَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ نَدْبِ التَّثْلِيثِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ الِاسْتِرْخَاءِ الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ بَاطِنُ الْإِصْبَعِ الَّذِي كَانَ مُلَاصِقًا لِلْمَحَلِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إلَى جَوَانِبِهِ فَلَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ أَوْ بِأَنَّ الْمَحَلَّ قَدْ خُفِّفَ فِيهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فَخُفِّفَ هُنَا فَاكْتُفِيَ بِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ اهـ وَالتَّوْجِيهُ الْأَوَّلُ قِيلَ: هُوَ الْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَمَّهَا بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ يَدِهِ مُلَاقٍ لِلْمَحَلِّ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ اهـ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الثَّانِي أَنَّ الْمَحَلَّ لَا تَجِبُ إزَالَةُ رِيحِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ قِيلَ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ خِلَافُهُ إذْ التَّخْفِيفُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَحْجَارِ لَا عِنْدَ الْغُسْلِ اهـ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَأْخُذَ حَفْنَةً إلَخْ) لَوْ كَانَ بِهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَهَلْ يُغْتَفَرُ اخْتِلَاطُهُ بِمَا يَنْضَحُ بِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِاحْتِرَازُ عَنْ الِاخْتِلَاطِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصَّفْحَةِ وَالْحَشَفَةِ وَلَا يَبْعُدُ الْعَفْوُ عَمَّا لَمْ يُجَاوِزْهُمَا (قَوْلُهُ إنْ نَقَلَ النَّجَاسَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ تَعَيَّنَ)
حاشية الشربيني
اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ) وَمِثْلُهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَالْإِيتَارُ) أَيْ بِوَاحِدٍ فَقَطْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِنْقَاءِ بِشَفْعٍ)، أَمَّا لَوْ أَنْقَى بِوِتْرٍ فَلَا تُسَنُّ الزِّيَادَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: فَوْقَ الثَّلَاثِ) خَرَجَ الشَّفْعُ قَبْلَهَا فَإِنَّ الْإِيتَارَ بَعْدَهُ بِوَاحِدٍ وَاجِبٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْفَسَادُ) أَيْ لَا يُجْزِئُهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَيَسْتَعْمِلُ مَا يَظُنُّ إلَخْ) أَيْ يَسْتَعْمِلُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَظُنُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْبِكْرِ إلَخْ)، أَمَّا الثَّيِّبُ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَبَاطِنٌ) أَيْ لَا يَجِبُ إزَالَتُهُ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ نَجَاسَةً حَتَّى تَظْهَرَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ وَإِلَّا كَفَى وَقِيلَ لَا يَكْفِي كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِرَاقِيُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ تَضْيِيقٌ لِلرُّخْصَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا فِي نَادِرٍ مِنْ النَّاسِ مَعَ عُسْرٍ شَدِيدٍ وَلَيْسَ لِهَذَا الِاشْتِرَاطِ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ. اهـ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ.
(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ) الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا كَمَا هُنَا وَهُوَ الْأَصْغَرُ وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْحَدَثِ لُغَةً وَشَرْعًا وَأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ يُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ وَالْمُرَادُ هُنَا ثَانِيهَا وَهُوَ الْأَسْبَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا (الْحَدَثُ النَّاقِضُ) لِلْوُضُوءِ وَلِبَدَلِهِ بِمَعْنَى انْتِهَائِهِمَا بِهِ أَرْبَعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ فَنَادِرٌ وَقَدْ ذَكَرُوهُ فِي بَابِهِ وَنَزْعُ الْخُفِّ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الرِّدَّةُ فَلَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى الْأَصَحِّ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5] مَخْصُوصٌ بِمَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [البقرة: 217] الْآيَةَ وَنَقْضُ التَّيَمُّمِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ وَلَا نَقْضَ بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَّا لَمَا اُخْتُصَّ بِهَا كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهَا تَنْقُضُ فَضَعِيفٌ؛.
وَلَا بِالْخَارِجِ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَنَحْوِهِمَا لِمَا سَيَأْتِي وَلَا بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» فَمَنْسُوخٌ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ» وَفِي الْقَدِيمِ يَنْقُضُ لَحْمُ الْجَزُورِ وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَقَالَ إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُ رُجْحَانَهُ وَذَكَرَ دَلِيلَهُ قَالَ: وَجَوَابُ الْأَصْحَابِ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ
حاشية العبادي
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَحَلُّهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، أَمَّا الْقَدْرُ الْمَضْرُورُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَيُعْفَى عَنْهُ إذْ لَوْ كُلِّفَ أَنْ لَا يَنْقُلَ النَّجَاسَةَ فِي مُحَاوَلَةِ رَفْعِهَا أَصْلًا لَكَانَ ذَلِكَ تَكْلِيفَ أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ الْوَفَاءُ بِهِ ذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الرُّخَصِ فَكَيْفَ بِهَا اهـ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا الِاشْتِرَاطُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْوَضْعُ عَلَى طَاهِرٍ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْلُ الْحَاصِلُ مِنْ عَدَمِ الْإِدَارَةِ اهـ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْلُ، النَّقْلُ الضَّرُورِيُّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اغْتَفَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لَا مُطْلَقُ النَّقْلِ وَإِلَّا رُبَّمَا نَافَى قَوْلَهُمْ السَّابِقَ لَا إنْ انْتَقَلَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحَدَثِ) (قَوْلُهُ: النَّاقِضِ) خَرَجَ غَيْرُ النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّاقِضِ احْتِرَازٌ عَنْ الْحَدَثِ الثَّانِي مَثَلًا؛ بِأَنْ بَالَ ثَانِيًا وَهُوَ تَوَهُّمٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاحْتِرَازَ فَاسِدٌ لِشُمُولِ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ لِلْحَدَثِ الثَّانِي مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ قَطْعًا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مُعْتَادِهِ إلَخْ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ احْتِرَازًا عَنْ الْخَارِجِ مِنْ دَائِمِ الْحَدَثِ بَعْدَ طَهَارَتِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ نَاقِضٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ هَذَا التَّعْرِيفُ وَهُوَ حَدَثٌ إلَّا أَنَّهُ اُغْتُفِرَ لِلضَّرُورَةِ فَلَمْ يَنْقُضْ، وَالْوَجْهُ أَنَّ قَوْلَهُ النَّاقِضُ مِنْ الْوُضُوءِ اللَّازِمِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى انْتِهَائِهِمَا إلَخْ) لَا بِمَعْنَى رَفْعِهِمَا مِنْ أَصْلِهِمَا كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ النَّقْضِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ لَك أَنْ تَقُولَ الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ فِي هَذَا إنَّمَا هُوَ الْحَدَثُ الطَّارِئُ عَلَى الطَّهَارَةِ السَّابِقُ عَلَى الشِّفَاءِ اهـ
أَيْ: فَلَيْسَ الْمُوجِبُ هُوَ نَفْسَ الشِّفَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ طَهَارَتِهِ لَا فِي اثِّنَائِهَا لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهُ أَيْ: فَلَا يَرِدُ هَذَا عَلَى الْحَصْرِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْجَوَابِ بِأَنَّهُ نَادِرٌ وَهَذَا بَحْثٌ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ لَا يُقَالُ الْخَارِجُ بَعْدَ الطَّهَارَةِ لَيْسَ حَدَثًا بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الصَّلَاةَ بِهِ قَبْلَ الشِّفَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فَاسِدٌ، بَلْ هُوَ حَدَثٌ قَطْعًا لَكِنَّهُ اُغْتُفِرَ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ عَدَمِ الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ وَمَنْ يَرْتَدُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ وَهُوَ لَا يُخَصَّصُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ وَإِلَّا كَمَا هُنَا فَإِنَّ يَمُتْ مَعْطُوفٌ عَلَى الشَّرْطِ فَلَهُ حُكْمُهُ فَلَهُ مَفْهُومٌ مُخَصِّصٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ
حاشية الشربيني
نَجَسٌ لَكِنْ لَا يَجِبُ إزَالَتُهُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَكْفِي) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِدَارَةِ يَرْفَعُ جَزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ الْحَجَرِ نَجَاسَةَ مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمَحَلِّ فَيَخْتَلِطُ بِالنَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ الْمَحَلِّ نَجَاسَةُ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ الَّتِي عَلَى الْحَجَرِ وَهِيَ كَالْأَجْنَبِيِّ. اهـ.
فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحَدَثِ
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ وَلِبَدَلِهِ) أَيْ النَّاقِضِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا الرِّدَّةُ فَيَخْتَصُّ النَّقْضُ بِهَا بِالْبَدَلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلِذَا ذَكَرَهَا مَعَ مَا يَخْتَصُّ بِالْبَدَلِ فِي بَابِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ إلَخْ) عَدَّهُ مِنْ الْأَحْدَاثِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأَسْبَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا الْمَنْعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي إيرَادِ انْقِطَاعِ الْحَدَثِ الدَّائِمِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مَا ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُبِيحٌ كَالتَّيَمُّمِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت ع ش قَالَ عَلَى م ر كَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي الِانْتِقَاضِ بِشِفَاءِ دَائِمِ الْحَدَثِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّهُ بِالْوُضُوءِ ارْتَفَعَ الْمَنْعُ الْخَاصُّ وَهُوَ حُرْمَةُ الْفَرْضِ وَبِشِفَائِهِ يَعُودُ هَذَا الْمَنْعُ فَعُدَّ نَاقِضًا، وَأَمَّا قَوْلُ حَجَرٍ لَمْ يَرْتَفِعْ فَمُرَادُهُ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَلَا تَنَافِي. اهـ. وَهُوَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ فِي أَرْبَعَةٍ حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَصْرَ لِلْكَثِيرِ الْغَالِبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى الْأَصَحِّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وُضُوءَ دَائِمِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَنُقِضَ التَّيَمُّمُ بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ طَالَ بِهَا الْفَصْلُ أَوْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِابْنِ كَجٍّ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ) أَيْ سَوَاءٌ لَحْمُ الْجَزُورِ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَتْ طَائِفَةٌ يَجِبُ الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْقَدِيمِ يَنْقُضُ لَحْمُ الْجَزُورِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ دَلِيلَهُ) وَهُوَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إنْ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ عَامٌّ وَحَدِيثَ الْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ الْجَزُورِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ قَالَ: وَأَقْرَبُ مَا يَسْتَرْوِحُ إلَيْهِ أَيْ: فِيمَا رَجَّحُوهُ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَجَمَاهِيرِ الصَّحَابَةِ فَانْحَصَرَتْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ عِنْدَهُمْ فِي أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا (أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مُعْتَادِهِ) أَيْ: الْمُتَوَضِّئِ دُبُرًا
حاشية العبادي
نَقَضَتْ الْقَهْقَهَةُ لِمَا اُخْتُصَّ بِهَا أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ) أَقُولُ: كَلًّا وَاَللَّهِ لَا ضَعْفَ بِهِ وَلَا بُطْلَانَ بَلْ هُوَ قَوِيٌّ قَوِيمٌ فَإِنَّ الْحَدِيثَيْنِ لَيْسَا مِنْ بَابِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَحْكِهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَكُونَا مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بَيَّنَ بِهَا مَا عَرَفَهُ مِنْ حَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي النَّسْخِ الَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ فَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَنَفَعَنَا بِهِمْ فَتَدَبَّرْ وَلَا يَهُولَنَّكَ مُبَالَغَةُ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَنَا بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَإِنَّهَا مُنْدَفِعَةٌ انْدِفَاعًا لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ لِلْمُتَأَمِّلِ وَلَا مُعَارِضَ لِلْمُتَمَهِّلِ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ حَدِيثُ جَابِرٍ
حاشية الشربيني
شِئْت فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْت فَلَا تَتَوَضَّأْ قَالَ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ وَعَنْ الْبَرَاءِ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ» قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا حَدِيثَانِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَالْبَرَاءِ وَقَالَ إمَامُ الْأَئِمَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ لَمْ نَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَدِيثَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَبْلَ هَذَا وَلَا يَرِدُ عَلَى الْقَائِلِ بِالنَّقْضِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ حَدِيثُ جَابِرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ يَقُولُ إنَّ الْوُضُوءَ يُنْتَقَضُ بِأَكْلِهِ نِيئًا وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَكْلِهِ مَطْبُوخًا؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ الْمَعْهُودُ. اهـ.
يَعْنِي: أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ إذَا قَالَ بِالِانْتِقَاضِ بِأَكْلِهِ نِيئًا كَمَا هُوَ لَفْظُ الْحَدِيثِ الَّذِي بِالْهَامِشِ لَا يَكُونُ لِمِسَاسِ النَّارِ دَخْلٌ حَتَّى يُنْسَخَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ بَلْ النَّقْضُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَحْمُ الْإِبِلِ مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ لَا. اهـ. (قَوْلُهُ: عَامٌّ) أَيْ شَامِلٌ لِلَحْمِ الْجَزُورِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: خَاصٌّ أَيْ بِلَحْمِ الْجَزُورِ سَوَاءٌ كَانَ نِيئًا أَوْ مَشْوِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ) أَيْ بَعْدَ حَمْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ عَلَى الْمَشْوِيِّ أَوْ الْمَطْبُوخِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَلَفْظُ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ عَامٌّ لِلَحْمِ الْجَزُورِ وَغَيْرِهِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا غَيَّرَتْ النَّارُ مِنْ غَيْرِ لَحْمِ الْجَزُورِ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْخَاصِّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَوَّلُ الْأَمْرَيْنِ الْمُقَابِلَ لِآخَرِ الْأَمْرَيْنِ هُوَ وُجُوبَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ مِنْ غَيْرِ لَحْمِ الْجَزُورِ فَالتَّخْصِيصُ صَحِيحٌ مَتِينٌ وَالْعُمُومُ مَوْجُودٌ فِي اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا يَلْزَمُ فِي الْعَامِّ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كَمَا يَكُونُ مِنْهُ يَكُونُ حِكَايَةً عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَطَالَ بِهِ الْمُحَشِّي عَلَى الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّفَوُّهُ بِهِ بَقِيَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نَحْوَ قَوْلِ الصَّحَابَةِ «قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ» عَامٌّ؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ عَدْلٌ عَارِفٌ بِاللُّغَةِ وَالْمَعْنَى فَلَوْلَا ظُهُورُ عُمُومِ الْحُكْمِ مِمَّا صَدَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْتِ بِلَفْظٍ عَامٍّ كَالْجَارِّ وَرُدَّ؛ بِأَنَّ الْعُمُومَ بِحَسَبِ ظَنِّهِ وَلَا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ فِيهِ فَعَلَى مُقْتَضَى الرَّدِّ مِنْ أَنَّ عَدَمَ الْعُمُومِ الرَّأْيُ فِي الْأُصُولِ يَزْدَادُ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ قُوَّةً وَرُجْحَانًا وَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ رَدًّا لِهَذَا مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ظَاهِرَةٌ ظُهُورًا تَامًّا فِي تَرْكِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوُضُوءَ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ وَمِنْ الْبَعِيدِ جَزْمُهُ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ ظَنِّهِ. اهـ.
كَلَامٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ بَعْدَ كَوْنِ عِبَارَةِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إمَّا مِنْ الْعَامِّ فَيَجْرِي فِيهَا التَّخْصِيصُ أَوْ الْمُطْلَقِ فَيَجْرِي فِيهَا التَّقْيِيدُ وَلَا مُوجِبَ لِإِلْغَاءِ الْحَدِيثَيْنِ فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يَعْدِلُ إلَيْهِ مَتَى أَمْكَنَ التَّخْصِيصُ أَوْ التَّقْيِيدُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأُصُولِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا يَسْتَرْوِحُ) إنَّمَا لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ حَتَّى يُتْرَكَ لَهُ النَّصُّ إذْ قَدْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ لَحْمِ الْجَزُورِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى وَأَبِي طَلْحَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ الصَّحَابِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي خَيْثَمَةَ وَاخْتَارَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالُوا وَخُصَّتْ الْإِبِلُ بِذَلِكَ لِزِيَادَةِ سَهُوكَةِ لَحْمِهَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَوْلُ الْخُلَفَاءِ إلَخْ) أَوْ قُبُلًا (غَيْرُ مَنِيِّهِ) عَيْنًا أَوْ رِيحًا طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا جَافًّا أَوْ رَطْبًا انْفَصَلَ أَوْ عَادَ (وَإِنْ) لَمْ يَكُنْ الْخَارِجُ مُعْتَادًا كَدُودَةٍ وَحَصَاةٍ وَرِيحٍ مِنْ الْقُبُلِ؛ وَمَنِيُّ غَيْرِهِ مِنْ فَرْجِهِ قَالَ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] الْآيَةَ وَالْغَائِطُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجُ لِلْمُجَاوَرَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَأَوْ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْوَاوِ الْحَالِيَّةِ لِيُوَافِقَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَيْ: مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ لَيْسَا حَدَثَيْنِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ تَقْدِيرُهَا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ النَّوْمِ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا قَالَ وَزَيْدٌ مِنْ الْعَالِمِينَ بِالْقُرْآنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدَّرَهَا تَوْقِيفًا مَعَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ نَظْمَهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ حَدَثَانِ وَلَا قَائِلَ بِهِ.
اهـ وَيُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَنْ يُقَدَّرَ جُنُبًا فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَالْمُرَادُ الْعِلْمُ بِخُرُوجِهِ لَا شَمُّهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ النَّاقِضِ فِي الصَّوْتِ وَالرِّيحِ بَلْ نَفْيُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِالشَّكِّ فِي خُرُوجِ الرِّيحِ وَخَرَجَ بِالْمُعْتَادِ غَيْرُهُ فَلَا نَقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا نَقْضَ حَتَّى يَثْبُتَ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ هُنَا؛ لِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَسَا الْمُسْلِمِينَ لَيْلَةً فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ الْكُفَّارِ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ ثُمَّ رَمَاهُ بِآخَرَ ثُمَّ بِثَالِثٍ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ وَدِمَاؤُهُ تَجْرِي وَعَلِمَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْهُ» .
وَأَمَّا الدَّمُ فَلَعَلَّ الَّذِي أَصَابَهُ مِنْهُ قَلِيلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَاءٌ يَغْسِلُهُ بِهِ وَاسْتَثْنَوْا مِنْ غَيْرِ
حاشية العبادي
قَوْلُهُ: فَإِنَّ نَظْمَهَا يَقْتَضِي) كَانَ وَجْهُ الِاقْتِضَاءِ سَوْقَهُمَا مَعَ الْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ وَالْمُلَامَسَةِ مَسَاقًا وَاحِدًا وَكَانَ وَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا الِاقْتِضَاءِ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43] إلَخْ يَصِيرُ حِينَئِذٍ مِنْ تَفْصِيلِ أَحْوَالِ الْجُنُبِ وَكَأَنَّهُ قِيلَ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا بِالْمَاءِ فَإِنْ خِفْتُمْ مِنْهُ لِكَوْنِكُمْ مَرْضَى أَوْ لَمْ تَجِدُوهُ لِكَوْنِكُمْ عَلَى سَفَرٍ