Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

بذل المجهود في حل سنن أبي داود
بذل المجهود في حل سنن أبي داود
بذل المجهود في حل سنن أبي داود
Ebook760 pages5 hours

بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

اعتنى المؤلف هنا عنايةً كبيرة بأقوال أبي داود وكلامه على الرواة، وعني بتصحيح نسخ السنن المختلفة المنتشرة، وخرّج التعليقات، ووصلها من المصادر الأخرى، ويذكر في كتابه مناسبة الحديث للترجمة، ويذكر الفائدة من تكرار الحديث إن تكرر، ويستطرد في الاستنباط وذكر المذاهب، كما يُعنى ببيان ألفاظ الأحاديث على طريق المزج، ويبين أصولها واشتقاقها.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateSep 7, 1903
ISBN9786388031287
بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Related to بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Related ebooks

Related categories

Reviews for بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    بذل المجهود في حل سنن أبي داود - خليل أحمد السهارنفوري

    الغلاف

    بذل المجهود في حل سنن أبي داود

    الجزء 22

    خليل أحمد السهارنفوري

    1346

    اعتنى المؤلف هنا عنايةً كبيرة بأقوال أبي داود وكلامه على الرواة، وعني بتصحيح نسخ السنن المختلفة المنتشرة، وخرّج التعليقات، ووصلها من المصادر الأخرى، ويذكر في كتابه مناسبة الحديث للترجمة، ويذكر الفائدة من تكرار الحديث إن تكرر، ويستطرد في الاستنباط وذكر المذاهب، كما يُعنى ببيان ألفاظ الأحاديث على طريق المزج، ويبين أصولها واشتقاقها.

    (6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجَلاَجِلِ

    4230 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ (1) وَإبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالاَ: نَا حَجَّاجٌ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ: ابْنِ الزُّبَيْرِ - أَخْبَرَهُ: أَنَّ مَوْلاَةً لَهُمْ ذَهَبَتْ بِابْنَةِ الزُّبَيْرِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب وَفِي رِجْلِهَا (2) أَجْرَاسٌ، فَقَطَعَهَا عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إنَّ مَعَ كُلِّ جَرَسِ شَيْطَانًا.

    ===

    وقال ابن رسلان: يجوز أن يكون فعل ذلك في وقتٍ لبيان الجواز، وأكثر أوقاته مما يلي باطن كله، وفي هذا الجمعُ بين حديثي الصحيحين؛ فإن الترمذي أخرج هذا الحديث، وقال البخاري: حديث محمد بن إسحاق عن الصلت بن عبد الله حديث حسن.

    (6) (بَابُ مَا جَاءَ في الْجَلاَجِلِ)

    4230 - (حدثنا علي بن سهل وإبراهيم بن الحسن قالا: نا حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني عمر بن حفص، أن عامر بن عبد الله، قال علي بن سهل) شيخ المصنف: (ابن الزبير) أي: عامر بن عبد الله بن الزبير، ولم يزد إبراهيمُ الشيخُ الثاني للمصنف لفظ ابن الزبير (أخبره: أن مولاةً لهم ذهبت بابنة الزبير إلى عمر بن الخطاب، وفي رجلها) أي: رجليها (أجراس) جمع جرس، وهو الجلجل الصغير الذي يعلق في أعناق الدواب (فقطعها عمر) - رضي الله عنه -، وفيه تغيير المنكر للحاكم بيده.

    (ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن مع كل جرس شيطانًا) وظاهر اللفظ العمومُ، فيدخل فيه الجرس الكبير والصغير, ويدخل فيه الجرس المتَّخَذ من نحاس، أو حديد، أو الذهب، أو الفضة، والحاصل: أن كل حلية لها صوت فهي في حكم الجرس، لا يجوز لبسُها للنساء، ولا إلباسُها للبنات الصغار. (1) زاد في نسخة: الرملي.

    (2) في نسخة: رجليها.

    4231 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، نَا رَوْحٌ، نَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عن بُنَانَةَ مَوْلَاةِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ حَسَّانَ (1) الأَنْصَارِيِّ، عن عَائِشَةَ قَالَتْ: بَيْنَمَا هِيَ عِنْدَهَا إذْ دُخِلَ عَلَيْهَا بِجَارِيَةٍ، وَعَلَيْهَا جَلاجِلُ يُصَوِّتْنَ، فَقَالَتْ: لاَ تُدْخِلْنَهَا عَلَيَّ إلَّا أَنْ تَقْطَعُوا (2) جَلاَجِلَهَا، وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ (3): لاَ تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جَرَسٌ. [حم 6/ 242]

    (7) بَابُ مَا جَاءَ في رَبْطِ الأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ

    4232 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

    ===

    4231 - (حدثنا محمد بن عبد الرحيم، نا روح، نا ابن جريج، عن بنانة) بضم الباء الموحدة وتخفيفِ النون (مولاةِ عبدِ الرحمن بن حسان الأنصاري) قال الحافظ ابن حجر: لا تُعْرَفْ.

    (عن عائشة) - رضي الله عنها - (قالت: بينما هي) أي بنانة (عندها) أي عند عائشة (إذ دُخِلَ عليها) أي على عائشة (بجارية) صغيرة (وعليها جلاجل يصوتن، فقالت) عائشة: (لا تدخلنها عليَّ إلَّا أن تقطعوا جلاجلها) عنها. (وقالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جرس).

    وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله -: قوله: بيتًا فيه جرس، ومن الواجب أن يعلم أن هذه الكراهة فيما كان وضعه كذلك، وأما ما ليس بموضوع للصوت والجرس فلا يحرم، وإن لزم فيه التصويت أحيانًا، كما يشاهَدُ في حلي النساء إذا أكثرن منها.

    (7) (بَابُ مَا جَاءَ في رَبْطِ الأسْنَانِ بالذَّهَبِ)

    4232 - (حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن عبد الله (1) في نسخة: حيان.

    (2) في نسخة: تقطعن.

    (3) في نسخة: قال.

    الْخُزَاعِيُّ، الْمَعْنَى، قَالاَ: نَا أَبُو الأَشْهَبِ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ طَرَفَةَ: أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلاَبِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ. فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ. [ت 1770، حم 4/ 342، ن 5161]

    4233 - حَدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو عَاصِمٍ قَالاَ: نَا أَبُو الأَشْهَب، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ طَرَفَةَ، عن عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ، بِمَعْنَاهُ. قَالً يَزِيدُ: قُلْتُ لأَبِي الأَشْهَبِ: أَدْرَكَ

    ===

    الخزاعي، المعنى) أي معنى حديثهما واحد (قالا: نا أبو الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة) بن عرفجة بن أسعد, التميمي العطاردي، حديثه في أهل البصرة، روى عن جده، قال العجلي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.

    (أن جده عرفجة بن أسعد قُطِعَ أنفُه يوم الكلاب) (1) بضم الكاف والتخفيف: اسمُ ماء كان فيه وقعة مشهورة في الجاهلية، وهو ما بين الكوفة والبصرة، وليس من غزواته - صلى الله عليه وسلم -، (فاتخذ أنفًا من ورق) أي فضة (فأنتن عليه) برطوبة الأنف (فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم -) أمرَ إباحةٍ (فاتخذ أنفًا من ذهب) وكذا حكم الأسنان (2)، فإنه يثبت هذا الحكم فيها بالمقايسة، سواء ربطها بخيط الذهب أو صنعها بالذهب.

    4233 - (حدثنا الحسن بن علي، نا يزيد بن هارون وأبو عاصم قالا: نا أبو الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن عرفجة بن أسعد, بمعناه، قال يزيد: قلت لأبي الأشهب: أدرك) بتقدير الاستفهام (1) انظر: تاريخ اليعقوبي (1/ 225).

    (2) قال الموفق (4/ 227): قال الإِمام أحمد: ربط الأسنان بالذهب إذا خشي عليها أن تسقط قد فعله الناس، فلا بأس به عند الضرورة، روى الأثرم عن موسى بن طلحة وأبي جمرة الضبعي وأبي رافع وثابت البناني وإسماعيل بن زيد والمغيرة بن عبد الله: أنهم شدُّوا أسنانهم بالذهب. (ش).

    عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ طَرَفَةَ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. [ت 1770، حم 5/ 23، ن 5161]

    4234 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، نَا إسْمَاعِيلُ، عن أَبِي الأَشْهَبِ، عَن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْن طرفَة، عَن (1) عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ، عَن أَبِيهِ، بِمَعْنَاهٌ. [ق 2/ 425]

    (8) بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ

    4235 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عن مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ (2)، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عن أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (3)، عن عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِلْيَةٌ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ أَهْدَاهَا لَهُ، فِيهَا خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ

    ===

    (عبدُ الرحمن بنُ طرفة جَدَّه عرفجةَ؟ قال: نعم).

    4234 - (حدثنا مؤمل بن هشام، نا إسماعيل، عن أبي الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن عرفجة بن أسعد, عن أبيه، بمعناه).

    (8) (بَابُ مَا جَاءَ في الذَّهَبِ لِلنِّسَاء)

    4235 - (حدثنا ابن نفيل، نا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد، عن أبيه عباد بن عبد الله) بن الزبير، (عن عائشة) - رضي الله عنها - (قالت: قدمَتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم - حليةٌ من عند النجاشي) اسمه أصحمة (أهداها له، فيها خاتم من ذهب فيه فصٌّ حبشي) يحتمل أنه أراد منه الجزع أو العقيق, لأن معدنهما اليمن والحبشة، أو نوع آخر ينسب (1) في نسخة: ابن.

    (2) زاد في نسخة: قال.

    (3) زاد في نسخة: بن الزبير.

    قَالَتْ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعُودٍ مُعْرِضًا عَنْهُ، أَوْ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ دَعَا أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ - بِنْت ابْنَتِهِ زَيْنَبَ -، فَقَالَ: تَحَلَّيْ بِهَذَا يَا بُنيَّةُ! . [جه 3644، حم 6/ 119]

    4236 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ -، عن أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ الْبَرَّادِ، عن نَافِع بْنِ عَيَّاسٍ (1)، عن أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ أَن يُحَلِّقَ حَبِيبَهُ حَلْقَةً (2) مِنْ نَارٍ، فَلْيُحَلِّقْهُ حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ

    ===

    إليهما، وفي مفردات ابن البيطار: أنه نوع من الزبرجد، يكون ببلاد الحبش، لونه إلى الخضرة، قاله السيوطي في مرقاة الصعود (3).

    (قالت) عائشة: (فأخذه) أي الخاتمَ (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعود مُعْرِضًا عنه، أو) للشك من الراوي (ببعض أصابعه، ثم دعا أمامة بنتَ أبي العاص - بنت ابنته زينب -) زوجة أبي العاص (فقال: تحلي بهذا يا بنية! )، فيه دليل على إباحة الذهب للنساء في لبسه من الحلي، وأما استعماله بغير الحلي في الظروف وغيرها فهو حرام عليهن، كما على الرجال.

    4236 - (حدثنا عبد الله بن مسلمة، نا عبد العزيز - يعني ابن محمد -، عن أسيد بن أبي أسيد البرَّاد) بفتح الموحدة والراء المشددة، وبعد الألف قال مهملة، لقب له. (عن نافع بن عباس) وقيل: ابن عياش (عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من أحب أن يحلِّق حبيبه حلقة من نار، فليحلقه حلقة من ذهب) معناه: كما لا يحب أحدكم أن يحلق من يحبه بحلقة من النار فليجنبه لبسَ حلقة من ذهب، ويباعده عنها. (1) في نسخة: عياش.

    (2) في نسخة بدله: بحلقة.

    (3) انظر: درجات مرقاة الصعود (ص 174).

    وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَوِّقَ حَبِيبَهُ طَوْقًا مِنْ نَارِ، فَلْيُطَوِّقْهُ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ. وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُسَوِّرَ حَبِيبَهُ سِوَارًا مِنْ نَارٍ، فَلْيُسَوِّرْهُ سِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ. وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ، فَالْعَبُوا بِهَا". [حم 2/ 334]

    4237 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عن مَنْصُورٍ، عن رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عن امْرَأَتِهِ، عن أُخْتٍ لِحُذَيْفَةَ،

    ===

    (ومن أحب أن يُطَوِّق حبيبه طوقًا من نار، فليطوقه طوقًا من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبَه سوارًا من نار، فليسوره سوارًا من ذهب)، والمراد بحبيبه من ولد أو زوجة أو غيرهما، ويدخل فيه الصغير والكبير، وإن كان الصغير أقرب إلى المعنى إذ هو الذي يُلْبَسُ غالبًا، والكبير يلبس بنفسه.

    (ولكن عليكم بالفضة، فالعبوا بها) والمراد باللعب بالفضة تغليبها في التصرف كما يشاء من أنواع التزين، فمعنى الحديث: اجعلوا الفضة في أي أنواع العلي شئتم إذا كان التحلي للنساء، ولا يحل للرجال إلَّا الخاتم، وتحلية السيف وغيره من آلات الحرب.

    4237 - (حدثنا مسدد، نا أبو عوانة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن امرأته) قال المنذري (1): امرأة ربعي مجهولة، وفي بعض طرقه: عن ربعي، عن امرأة، عن أخت حذيفة، وكان له أخوات قد أدركن النبي - صلى الله عليه وسلم -، (عن أخت لحذيفة) قال المنذري: أخت حذيفة اسمها فاطمة، وقيل: خولة، وذكرها أبو عمر النمري (2)، وسماها فاطمة، قيل: وروي عنها حديث في كراهة تحلي النساء بالذهب، إن صح فهو منسوخ، وقال (3): لحذيفة أخوات قد أدركن النبي - صلى الله عليه وسلم -، هكذا ذكرها في حرف الحاء، وفي حرف (4) خولة بنت اليمان: أخت حذيفة. (1) مختصر سنن أبي داود (6/ 124).

    (2) انظر: الاستيعاب (رقم الترجمة 4065).

    (3) القائل: أبو عمر النمري، ابن عبد البر.

    (4) كذا في الأصل، وفي مختصر المنذري: وقال في حرف الخاء: خولة بنت اليمان، أخت حذيفة.

    أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، أَمَا لَكُنَّ في الْفِضَّةِ مَا تَحَلَّيْنَ بِهِ، أَمَا إنَّهُ لَيْسَ مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تَحَلَّى ذَهَبًا تُظْهِرُهُ إلَّا عُذِّبَتْ بِهِ. [ن 5137، حم 6/ 357]

    4238 - حَدَّثَنَا مُوسى بْنُ إسْمَاعِيلَ، نَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، نَا يَحْيَى، أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ عَمْرٍو الأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ حَدَّثَتْهُم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَقَلَّدَتْ قِلاَدَةً مِنْ ذَهَبٍ، قُلِّدَتْ في عُنُقِهَا مِثْلَهُ (1) مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ جَعَلَتْ في أُذُنِهَا خُرْصًا مِنْ ذَهَبٍ، جُعِلَ (2) فِي

    ===

    (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا معشر النساء، أما لكن في الفضة ما تحلين به، أما إنه ليس منكن امرأة تحلى ذهبًا تظهره إلَّا عُذِّبَتْ به).

    قال ابن رسلان: هذا الحديث الذي ورد فيه الوعيد على تحلي النساء بالذهب يحتمل وجوهًا من التأويل: أحدها: أنه منسوخ، كما تقدم من ابن عبد البر، والثاني: أنه في حق من تزينت به، وتبرَّجت، وأظهرته، والثالث: أن هذا في حق من لا تؤدي زكاته، دون من أدَّتها، والرابع: أنه إنما منع منه في حديث الأسورة والفتخات لما رأى من غلظه، فإنه مظنة الفخر والخيلاء (3).

    4238 - (حدثنا موسى بن إسماعيل، نا أبان بن يزيد العطار، نا يحيى) بن أبي كثير، (أن محمود بن عمرو الأنصاري حدثه، أن أسماء بنت يزيد حدثته، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أيما امرأة تَقَلَّدَتْ قلادة من ذهب، قُلِّدَتْ في عنقها مثلَه من النار يوم القيامة، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصًا من ذهب، جُعِلَ في (1) في نسخة بدله: مثلها.

    (2) في نسخة: جعل الله.

    (3) وفي شرح المنهاج (3/ 324)، عن البيهقي وغيره: أن الحلي كانت محرمة في أول الإِسلام على النساء على أنها في أفراد خاصة، فيحتمل أنه كان للإسراف، بل هو الظاهر من سياق بعض الأحاديث، انتهى. (ش).

    أُذُنِهَا مِثْلُهُ (1) مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". [ت 5139، حم 6/ 455]

    4239 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ، نَا خَالِدٌ، عن مَيْمُونٍ الْقَنَّادِ، عن أَبِي قِلَابَةَ، عن مُعَاويةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن رُكُوبِ النِّمَارِ، وَعن لُبْسِ الذَهَبِ إلَّا مُقَطَّعًا (2). [ن 5149، حم 4/ 93]

    آخِرُ كتَابِ الْخَاتَمِ

    ===

    أذنها مثلُه من النار يوم القيامة)، وقد ذكر في تأويلها أقوال تقدمت في الحديث المتقدم.

    4239 - (حدثنا حميد بن مسعدة، حدثنا إسماعيل، نا خالد) بن مهران الحذاء، (عن ميمون القناد، عن أبي قلابة، عن معاوية بن أبي سفيان: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ركوب النمار) أي: جلودها؛ لما فيه من الخيلاء، أو لأن فيه تشبهًا بزي العجم، (وعن لبس الذهب إلَّا مقطعًا) أي للنساء.

    قال المنذري (3): أبو قلابة لم يسمع عن معاوية، والمراد النهي بالذهب الكثير إلا المقطع قطعًا يسيرة، يجعل منها حلقة أو قرطًا أو خاتمًا للنساء، وكره الكثير منه الذي هو عادة أهل الخيلاء والتكبر.

    آخِرُ كتَابِ الْخَاتَمِ (1) في نسخة: مثلها.

    (2) زاد في نسخة: قال أبو داود: أبو قلابة لم يسمع من معاوية شيئًا، وفي نسخة: قال أبو داود: أبو قلابة لم يَلْقَ معاويةَ.

    (3) مختصر سنن أبي داود (6/ 128).

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    (29) أَوَّلُ (1) كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْمَلاَحِمِ

    4240 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا جَرِيرٌ، عن الأَعْمَشِ، عن أَبِي وَائِلٍ، عن حُذَيْفَةَ قَالَ: "قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمًا، فَمَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ في مَقَامِهِ ذَلِكَ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ

    ===

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    (29) (أَوَّلُ كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْمَلاَحِمِ)

    جمع بينهما في بعض النسخ، وفي بعضها: كتاب الفتن، والأولى أن لا يذكر الملاحم ها هنا, لأنه ذكر كتاب الملاحم فيما بعد: كتاب المهدي

    4240 - (حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا (2)، فما ترك شيئًا) من الفتن (يكون في مقامه ذلك) معلق بقوله: ما ترك (إلى قيام الساعة) والمعنى قام (1) في نسخة: أول كتاب الفتن، ذكر الفتن ودلائلها.

    (2) ولفظ مسلم (2892) عن أبي زيد يعني عمرو بن أخطب، قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر، وصعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلَّى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبر بما كان وبما هو كائن، فأعلَمُنا أحفَظُنا، انتهى.

    وأخرجه الحاكم في المستدرك. (4/ 487)، [وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه]. (ش).

    إلَّا حَدَّثَهُ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي (1) هَؤُلاءِ. وَإنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيءُ فَأَذْكُرُهُ (2) كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إذَا رَآهُ عَرَفَهُ". [خ 6604، م 2890، حم 5/ 385]

    4241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِس قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أنا ابْنُ فَرُّوخٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنٌ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤيبٍ، عن أَبِيهِ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَان: "والله مَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَصْحَابِي أَمْ تَنَاسَوْا؟ وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - منْ قَائِدِ فِتْنَةٍ إلى أَنْ تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا

    ===

    مقامًا ما ترك شيئًا يحدث، وينبغي أن يخبر بما يظهر من الفتن من ذلك الوقت إلى قيام الساعة (إلَّا حدثه) أي ذلك الشيء الكائن، (حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون) أي يحدث (منه الشيء فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا كتاب عنه، ثم إذا رآه عرفه).

    4241 - (حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: نا ابن أبي مريم قال: أنا ابن فروخ قال: أخبرني أسامة بن زيد قال: أخبرني ابن لقبيصةَ بنِ ذؤيب) الظاهر أنه إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب، قال أبو زرعة: كان عاملَ هِشام على الأردن، وقال ابن سميع: كان على ديوان الزمنى في أيام الوليد، وذكره ابن حبان في الثقات.

    (عن أبيه) قبيصة بن ذؤيب (قال: قال حذيفة بن اليمان: والله ما أدري أَنَسِيَ أصحابي أم تناسوا؟) أي: أظهروا أنهم نسوا لأجل الفتنة في الإظهار (والله ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قائد فتنة) أي: رئيسها (إلي أن تنقضي الدنيا، (1) في نسخة: أصحابه.

    (2) في نسخة: فأعرفه.

    يَبْلُغُ مَنْ مَعَهُ ثَلاَثَ مِئَةٍ فَصَاعِدًا إلَّا قَدْ سَمَّاهُ لَنَا بِاسْمِهِ، وَاسْمِ أَبِيهِ، وَاسْمِ قَبِيلَتِهِ".

    4242 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله قَالَ: نَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عن بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ، عن عَامِرٍ، عن رَجُل، عن عَبْدِ اللَّهِ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: تكون في هَذِهِ الأُمَّةِ أَرْبَعُ فِتَنٍ فِي آخِرِهَا الْفَنَاءُ.

    4243 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ، نَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلاَءُ بْنُ عُتْبَةَ، عن عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: "كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ الْفِتَنَ، فَأَكْثَرَ في ذِكْرِهَا، حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الأَحْلَاسِ،

    ===

    يبلغ مَنْ مَعَه) صفة لقائد (ثلاث مئة فصاعدًا إلَّا قد سماه لنا باسمه، واسم أبيه، واسم قبيلته) يعني وصفًا واضحًا مفصَّلًا، لا مبهمًا مجملًا.

    4242 - (حدثنا هارون بن عبد الله قال: نا أبو داود الحفري، عن بدر بن عثمان، عن عامر، عن رجل، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: تكون في هذه الأمة أربع فتن) المراد به الوقائع الكبار (في آخرها) أي الفتنِ الأربع (الفناءُ) أي: فناء الدنيا، أو فناء الأمة، أي: لا يبقى بعدها مسلم.

    4243 - (حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي، نا أبو المغيرة قال: حدثني عبد الله بن سالم قال: حدثني العلاء بن عتبة، عن عمير بن هانئ العنسي قال: سمعت عبد الله بن عمر) - رضي الله عنه - (يقول: كنا قعودًا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الفتن، فأكثر) أي البيان (في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس) جمع حِلْسٍ، وهو ما يُبْسَطُ تحت حر الثياب، فلا تزال ملقاة تحتهما، وقيل: الحلس هو الكساء على ظهر البعير تحت القتب.

    فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا فِتْنَةُ الأَحْلَاسِ؟ قَالَ: " (1) هَرَبٌ وَحَرَبٌ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ مِنِّي،

    ===

    (فقال قائل: يا رسول الله! وما فتنة الأحلاس؟ (2) قال:) هي (هَرَب)

    بفتحتين، أي: يفر بعضهم من بعض؛ لما بينهم من العداوة والمحاربة (وحرب (3)) بفتحتين، أي: أخذ مالٍ وأهلٍ بغير استحقاق.

    والذي أظن أنها فتنة حدثت في آخر خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وثارت بين المسلمين حتى تمادت، وبقيت إلى زمان خلافة معاوية - رضي الله عنه -، واتفاق الناس عليه بعد صلح الإِمام حسن بن علي - رضي الله عنهما -.

    (ثم فتنة السراء) والمراد بالسراء النعماء التي تسر الناس من الصحة، والرخاء، والعافية من النبلاء، والوباء، وأضيفت إلى السراء؛ لأن السبب في وقوعها ارتكابُ المعاصي بسبب كثرة التنعم، أو لأنها تسر العدو.

    (دَخَنُها (4) بفتحتين، أي إثارتها، وهيجانها، وإنما قال: (من تحت قدمي رجل من أهل بيتي) تنبيهًا على أنه هو الذي يسعى في إثارتها (يزعم أنه مني، وليس مني) في الفعل، وإن كان مني في النسب.

    والحاصل: أن تلك الفتنة بسببه، وليس مني، أي من أخلَّائي، أو من (1) زاد في نسخة: هي.

    (2) المشهور في وجه تسميتها بذلك: أن المأمور به فيها أن تكون حلس بيتك، وقال الدمنتي: أضيفت إليها لطولِ لبثها ودوامها، أو سوادِ لونها وظلمتها. [انظر أيضًا: معالم السنن (4/ 337)]. (ش).

    (3) قال ابن الأثير في جامع الأصول ح (7477): الحرب بفتح الراء: ذهاب المال والأهل، يقال: حَرَبَ الرجلُ، فهو حريب: إذا سُلِبَ أهله وماله.

    (4) قال ابن الأثير: شَبَّهَها بالدخان الذي يرتفع، أي: أن يكون أصل ظهورها من هذا الرجل.

    وَإنَّمَا أَوْليَائِي الْمُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ،

    ===

    أهلي في الفعل؛ لأنه لو كان من أهلي لم يهيج الفتنة كما في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} (1).

    (وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل) أي يجتمعون على بيعة رجل (كَوَرِكٍ) بفتح وكسر (على ضِلَع) بكسر ففتح، وهذا مثل، والمراد أنه لا يكون على ثبات؛ لأن الورك لثقله لا يثبت على الضلع لدقته، والمعنى أنه يكون غير أهل الولاية لقلة علمه، وخفة رأيه، وحلمه، أي يصطلحون على رجل لا نظام له، ولا استقامة لأمره؛ وحاصله أنه لا يستعد، ولا يستبد لذلك فلا يقع عند الأمر موقعه.

    والذي يظهر لي أنها هي الفتنة التي حدثت في رمضان سنة ألف وثلثمائة وأربع وثلاثين (2)، ومنشأها أن الشريف حسين بن علي كان في زمن حكومة الأتراك شريفًا تابعًا لحكومتهم، ثم راسل إحدى سلطنة من النصارى في زمان الحرب الكبير، وكان الحرب بين سلطنة الأتراك وحكومة النصرانية، فلحق بالحكومة النصرانية سرًّا، ووافق معهم على حرب الأتراك، فقتل الأتراك الذين كانوا في مكة المكرمة من جند الأتراك، وسبى نساءهم، ثم تولى الحكومة بنفسه، وسمى نفسه ملك الحجاز، وبقيت حكومته قريبًا من عشر سنين، ثم اضمحل أمره، واصطلح الناس على حكومة ابنه علي بن الحسين، ولم ينتظم له أمر فبقي كوركٍ على ضلع.

    وإنما سميت هذه الفتنة فتنة السراء؛ لأن مبناها وأسباب حديثها (3) كانت في السرِّ؛ فإن الحكومة النصرانية أماله إليها سرًّا، وأرسل إليها (4) من الجنيهات (1) سورة هود: الآية 46.

    (2) انظر: انهيار الدولة العثمانية (1/ 246).

    (3) وفي الأصل: وأسباب حديثها، والظاهر: وأسباب حدوثها.

    (4) كذا في الأصل، والظاهر: أمالَته إليها سرًّا وأرسلت إليه.

    ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لاَ تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذ الأُمَّةِ إلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإذَا قِيلَ: انْقَضَتْ تَمَادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا

    ===

    ألوفًا في السرِّ ليبغي على حكومة الإِسلام، وينحرف عنها، فقسم من هذه الجنيهات في أهل البدو، وتوافق معهم على قتال الأتراك المسلمين، وكل ذلك في السر، واتفق أن قائد الأتراك الذي كان بمكة أخبر بشيء من هذه الفتنة، فسأل الشريف عنها، فحلف عند الكعبة أنه لا أصل له، حتى اطمأن قائد الأتراك، ثم وقع ما وقع من قتلِ المسلمين، وسبي نسائهم، وإرسالِهم إلى الكفار، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم.

    ويحتمل أن يكون السراء من السرور؛ لأن في ذلك الزمان بعد الحصار والمضايقةِ الشديدة نُثِرَتْ على العرب الجنيهاتُ، والحبوبُ، وسائرُ الأطعمة بعد الفقر الشديد، حتى إن أحدهم من أفقر العربان لا يملك جنيهتين مَلَكَ ثمانية وأربعين ألف جنيهة، وهو عبيد الله بن هويمل الحازمي، وكذلك غيره، سمعت هذا من أحد علماء المدينة كان عندي موصوفًا بالثقة والإتقان.

    (ثم فتنة الدهيماء) وهي بضم ففتح، والدهماء السوداء، والتصغير للذم، أي الفتنة العظماء، والطامة العمياء (1) (لا تدع) أي لا تترك تلك الفتنة (أحدًا من هذه الأمة إلَّا لطمته لطمة) أي أصابته بمحنة، ومسته ببلية، وأصل اللطم هو الضرب على الوجه ببطن الكف، والمراد أن أثر تلك الفتنة يعم الناس، ويصل لكل أحد من ضررها.

    (فإذا قيل: انقضت) أي توهموا أن تلك الفتنة انتهت (تمادت) أي استطالت واستمرت (يصبح الرجل فيها مؤمنًا) لتحريم دم أخيه وعرضه وماله (1) قال ابن الأثير في جامع الأصول (7477): وقيل: أراد بالدهيماء: الداهية يذهب بها إلى الدُّهيم، وهي في زعم العرب: اسم ناقة، قالوا: كان من قصتها: أنه غزا عليها سبعة إخوة فقُتِلوا عن آخرهم، وحملوا على الدهيم، حتى رجعت بهم، فصارت مثلًا في كل داهية.

    وُيمْسِي (1) كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إلَى فُسْطَاطَيْنِ: فُسْطَاطِ إيْمَانٍ لاَ نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لاَ إيْمَانَ فِيهِ، فَإذَا كَانَ ذَاكُمْ (2) فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ" (3). [حم 2/ 133، ك 4/ 466]

    4244 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ (4) قَالَ: نَا أَبُو عَوَانَةَ، عن قَتَادَةَ،

    ===

    (ويمسي كافرًا) لتحليله ما ذُكِرَ، ويستمر ذلك (حتى يصير الناس إلى فسطاطين (5)) أي فرقتين، وأصل الفسطاط الخيمة، فهو من باب ذكر المحل، وإرادة الحال (فسطاط إيمان) أي خالص (لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه) أصلًا أو كمالًا، لما فيه من أعمال المنافقين من الكذب، والخيانةِ، ونقضِ العهد، وأمثالِ ذلك.

    (فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال) أي ظهوره (من يومه أو من غَدِه) وهذا يؤيد أن المراد بالفسطاطين المدينتان، فإن المهدي يكون في بيت المقدس فيحاصره الدجال، فينزل عيسى عليه الصلاة والسلام فيذوب الملعون كالملح ينماع في الماء، فيطعنه بحربة له فيقتله، فيحصل الفرج العام، والفرح التام، وهذه الفتنة بعد وستكون قبيل ظهور المهدي، ويمتد إلى نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام.

    4244 - (حدثنا مسدد قال: نا أبو عوانة، عن قتادة، (1) زاد في نسخة: فيها.

    (2) في نسخة: ذلكم.

    (3) في نسخة: غد.

    (4) في نسخة: حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد، دخل حديث أحدهما في الآخر، قالا: حدثنا أبو عوانة.

    (5) قال ابن الأثير في جامع الأصول (7477): الفسطاط: الخيمة الكبيرة، وتسمى مدينة مصر: الفسطاط، والمراد به في هذا الحديث: الفرقة المجتمعة المنحازة عن الفرقة الأخرى، تشبيهًا بانفراد الخيمة عن الأخرى، أو تشبيهًا بانفراد المدينة عن الأخرى، حملًا على تسمية مصر بالفسطاط. وقال أيضًا: ويروى بضم الفاء وكسرها.

    عن نَصرِ بْنِ عَاصِمٍ، عن سُبَيْعِ بْن خَالِدٍ قَالَ: "أَتَيْتُ الْكُوفَةَ في زَمَنِ فُتِحَتْ تُسْتَرُ أَجْلِبُ مِنْهَا بِغَالًا، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإذَا صَدْعٌ مِنَ الرِّجَالِ، وَإذَا رَجُلٌ جَالِسٌ تَعْرِفُ إذَا رَأَيْتَهُ أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَتَجَهَّمَنِي الْقَوْمُ وَقَالُوا: أَمَا تَعْرِفُ هَذَا؟ هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

    ===

    عن نصر بن عاصم) الليثي، (عن سبيع) مصغرًا (ابن خالد) ويقال: خالد بن خالد، ويقال: خالد بن سبع، وقيل فيه: سبيعة بن خالد، ولا يصح، اليشكري البصري، روى عن حذيفة، ذكره ابنُ حبان في الثقات والعجليّ.

    (قال: أتيت الكوفة في زمن فُتِحَتْ تُسْتَرْ) (1) بالضم، ثم السكون، وفتح التاء الأخرى، وراء؛ أعظم مدينة بخوزستان اليوم، وهو تعريب شوستَر، وَفُتِحَتْ في زمن خلافة عمر - رضي الله عنه -، فتحها أبو موسى الأشعري (أجلب منها بغالًا، فدخلتُ المسجد) أي مسجد كوفة (فإذا صَدَعٌ من الرجال) قال في المجمع (2): أي رجل بين رجلين، هو بسكون قال، وربما حرك، هو من الرجال الشاب المعتدل، ومن الوعول الفتي الفارسي، أي جماعة في موضع من المسجد، كذا في المجمع. وقال في القاموس: والصدع (3) بالكسر: الجماعة من الناس. قلت: وهذا المعنى أولى.

    (وإذا رجل جالس تعرِفُ) بزيه وهيئته (إذا رأيتَه) أي رأيتَ زيَّه وهيئَتَه (أنه من رجال أهل الحجاز، قال: قلت: من هذا؟ فتجهَّمَني القوم) أي أظهروا لي آثار الكراهة في وجوههم (وقالوا: أما تعرف هذا؟ هذا حذيفة بن اليمان صاحبُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -). (1) انظر: تاريخ الخلفاء (ص 151).

    (2) مجمع بحار الأنوار (3/ 304).

    (3) قال ابن الأثير في جامع الأصول ح (7509): الصدع بسكون الدال، وربما حُرِّك، وأما في الوعول فلا يقال إلا بالتحريك، والخطابي لم يفرق بينهما في التحريك، وقال - أي الخطابي -: هو من الرجال: الشاب المعتدل القناة، ومن الوعول: الفتي.

    فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عن الشَّرِّ؛ فَأَحْدَقَهُ الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقَالَ: إنِّي قَدْ أَرَى الَّذِي تُنْكِرُونَ، إنِّي قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ هَذَا الْخَيْرَ الَّذِي أَعْطَانَا اللَّهُ تَعَالَى، أَيَكُونُ بَعْدَهُ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: السَّيْفُ (1).

    قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ثُمَّ مَاذَا يَكُونُ؟ قَالَ: "إنْ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى خَلِيفَةٌ في الأَرْضِ، فَضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَأَطِعْهُ، وَإلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ

    ===

    (فقال حذيفة: إن الناس كانوا يسألون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير) الذي يصل أمةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - في المستقبَلِ (وكنت أسأله عن الشر) أي عن الفتن التي تقوم في أمته - صلى الله عليه وسلم - فيما بعد؛ مخافةَ أن يدركني (فأحدقه) أي أحاطه (القوم بأبصارهم) وانتظروا سماع ما يقول، وتوجهوا إليه.

    (فقال) حذيفة: (إني قد أرى الذي تنكرون، إني قلت: يا رسول الله! أرأيتَ) أخبرني (هذا الخير الذي أعطانا الله تعالى) أي من النعماء والسرور (أيكون بعده شَرٌّ كما كان قبله؟ قال: نعم) أي يكون بعده الشر وهي الفتنة.

    (قلت: فما العصمة من ذلك؟) أي فما طريق الاجتناب عن الفتنة؟ (قال: السيف) تقاتلهم به، قالوا: هي فتنة الردة (2) التي كانت في زمن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (قلت: يا رسول الله! ثم ماذا يكون؟ قال: إن كان لله تعالى خليفة في الأرض، فَضَرَبَ ظهرَك، وأخذ مالَكَ فَأَطِعْه، وإلَّا فمت وأنت عاضٌّ (1) زاد في نسخة: قال قتيبة في حديثه: فقلت: وهل للسيف - يعني من بقية - قال: نعم، قلت: ماذا؟ قال: هدنة على دخن، قال: .

    (2) وعليها حمله صاحب إزالة الخفاء، وحكى برواية البغوي وغيره عن أنس رضي الله عنه: كره الصحابة قتالهم، وقالوا: أهل القبلة، فتقلد أبو بكر السيفَ، وخرج وحده، فلم يجدوا بدًّا من الخروج، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كرهنا ذلك في الابتداء، ثم حمدناه عليه في الانتهاء. (ش).

    بِجِذْلِ شَجَرَةٍ، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مَعَهُ نَهْرٌ وَنَارٌ، فَمَنْ وَقَعَ في نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ وَحُطَّ وِزْرُهُ، وَمَنْ وَقَعَ في نَهْرِهِ وَجَبَ وِزْرُهُ وَحُطَّ أَجْرُهُ، قَالَ قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ هِيَ قِيَامُ السَّاعَةِ". [حم 5/ 386]

    4245 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِس قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،

    ===

    بجِذْلِ شجرةٍ) أي وإن لم يكن في الأرض خليفة لله، فينبغي لك أن تموت في حالة تعضُّ بأسنانك جذل شجرة، يعني تكون في عزلة من الناس على مضض الزمان وتحمل مشاقه، لا تدخل في الفتنة، ولا تشترك في القتال.

    (قلت: ثم ماذا؟ قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثم يخرج الدجال)، وهذا (1) يدل على أنه وقع في رواية حذيفة اختصار منه؛ لأنه أخبر أولًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر الفتن، ولم يترك فتنة تحدث إلى قيام الساعة إلَّا نبَّه عليها وأخبر بها، وظاهر أن الذي ذكر أولًا من الفتن في هذا الحديث هو محمول على الردة التي وقعت في زمن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، ثم وقع بعدها فتن كثيرة ولم تُذْكَرْ، فَعُلِمَ بها أنها حُذِفَتْ.

    (معه نهر ونار) أي نهر ماء، ونهر نار أو خندقه (فمن وقع في ناره وجب) أي ثبت (أجره) عند الله (وحط) أي عنه (وزره) أي إثمه (ومن وقع في نهره وجب) أي ثبت (وزره، وحط) أي حبط وسقط (أجره) أي ثواب أعماله؛ لأنه ارتد.

    (قال: قلت: ثم ماذا؟ قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثم هي) أي الفتنة العظمى (قيام الساعة) أي تظهر علامتها وآياتها الكبار.

    4245 - (حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: نا عبد الرزاق، (1) وحمل صاحب المجمع الشرَّ على مقتل عثمان - رضي الله عنه -، والخيرَ بعده على زمان علي - رضي الله عنه -، والدخنَ على الخوارج. [انظر: المجمع (2/ 163)]. (ش).

    عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ، عن نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عن خَالِدِ بْن خَالِدٍ الْيَشْكُرِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ: قُلْتُ: بَعْدَ السَّيْفِ؟ قَالَ: "بَقِيَّةٌ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1