منهاج السنة النبوية
By ابن تيمية
()
About this ebook
Read more from ابن تيمية
قاعدة حسنة في الباقيات الصالحات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمقدمة في أصول التفسير لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفصل في تزكية النفس Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحقيق الإيمان لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعقيدة التدمرية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsاقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالصارم المسلول على شاتم الرسول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفتاوى الكبرى لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرسالة في أصول الدين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحقيق القول في مسألة: عيسى كلمة الله والقرآن كلام الله Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرسالة المدنية في تحقيق المجاز والحقيقة في صفات الله Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحسنة والسيئة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسجود التلاوة معانيه وأحكامه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمسألة في توحيد الفلاسفة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالاستقامة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح العقيدة الأصفهانية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقصيدة التائية في القدر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعبودية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالصفدية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتخريج الكلم الطيب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنبوات لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحجاب المرأة ولباسها في الصلاة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدقائق التفسير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالكلم الطيب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرد على من قال بفناء الجنة والنار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرسالة العرشية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to منهاج السنة النبوية
Related ebooks
منهاج السنة النبوية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح سنن أبي داود لابن رسلان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير ابن كثير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإعلام الموقعين عن رب العالمين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمسائل السفرية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنشر في القراءات العشر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشف المشكل من حديث الصحيحين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشاف القناع عن متن الإقناع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsاقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالبداية والنهاية ط إحياء التراث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمغني لابن قدامة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح منتهى الإرادات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمجموع الفتاوى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقصص الأنبياء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنزهة النظر في توضيح نخبة الفكر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباقي بشرح ألفية العراقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير الرازي مفاتيح الغيب (جزء عم) Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتحرير والتنوير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsموطأ مالك ت الأعظمي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحكام القرآن لابن العربي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتفسير البسيط Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسبل السلام شرح بلوغ المرام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for منهاج السنة النبوية
0 ratings0 reviews
Book preview
منهاج السنة النبوية - ابن تيمية
منهاج السنة النبوية
الجزء 6
ابن تيمية
728
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية هو كتاب ضخم من تأليف الفقيه السنّي ابن تيمية، ويعد هذا الكتب من أشهر مؤلّفاته على الإطلاق، ويشتمل على الرد على الشيعة الإثني عشرية وفرقة القدريّة، وقد كتبه في الأصل رداً على كتاب الفقيه الشيعي المعروف ابن المطهر الحلي منهاج الكرامة.
زعم الرافضي أن الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وجوابه من وجوه
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ
.
فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا ب (فَقَطْ): مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا.
: أَنْ يُقَالَ: أَوَّلًا: هَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ وَأَبْيَنِهِ; فَإِنَّ جَمَاهِيرَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَأْمُرُوا بِقَتْلِهِ، وَلَا شَارَكُوا (3)
فِي قَتْلِهِ، وَلَا رَضُوا بِقَتْلِهِ.
أَمَّا أَوَّلًا: (4) أَكْثَرَ (5)
الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُونُوا بِالْمَدِينَةِ، بَلْ كَانُوا بِمَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَالشَّامِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَخُرَاسَانَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ (6)
خِيَارَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي دَمِ عُثْمَانَ (1) أ: أَنَّهُمَا قَصَدُوا; ب: أَنَّهُمَا قَصَدَا.
(2) أ، ب: أُولَئِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
(3) شَارَكُوا: كَذَا فِي (ص)، (ب). وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: شَرِكُوا.
(4) فَلِأَنَّ أ، ب: فَإِنَّ.
(5) ن (فَقَطْ): أَوَّلَ.
(6) أ، ب: فَإِنَّ.
[لَا قَتَلَ] (1)
وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ مِنْ أَوْبَاشِ الْقَبَائِلِ وَأَهْلِ الْفِتَنِ، وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحْلِفُ دَائِمًا: إِنِّي مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ وَلَا مَالَأْتُ عَلَى قَتْلِهِ
وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالسَّهْلِ وَالْجَبَلِ
. وَغَايَةُ مَا يُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَنْصُرُوهُ حَقَّ (2) .
النُّصْرَةِ، وَأَنَّهُ حَصَلَ نَوْعٌ مِنَ الْفُتُورِ وَالْخِذْلَانِ، حَتَّى تَمَكَّنَ أُولَئِكَ الْمُفْسِدُونَ. وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَاتٌ، وَمَا كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ الْأَمْرَ يَبْلُغُ إِلَى مَا بَلَغَ، وَلَوْ عَلِمُوا ذَلِكَ لَسَدُّوا الذَّرِيعَةَ وَحَسَمُوا مَادَّةَ (3) .
الْفِتْنَةِ.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 25]، فَإِنَّ الظَّالِمَ يَظْلِمُ فَيُبْتَلَى النَّاسُ بِفِتْنَةٍ تُصِيبُ مَنْ لَمْ (4)
يَظْلِمْ، فَيَعْجَزُ (5) .
عَنْ رَدِّهَا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مُنِعَ الظَّالِمُ ابْتِدَاءً، فَإِنَّهُ كَانَ يَزُولُ سَبَبُ الْفِتْنَةِ.
الثَّانِي (6) وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وُجُوهِ الْجَوَابِ، وَبَدَأَ الْأَوَّلُ فِي الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ.
: أَنَّ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةَ فِي غَايَةِ التَّنَاقُضِ وَالْكَذِبِ; فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ (7)
1 - أَنَّ النَّاسَ أَجْمَعُوا عَلَى بَيْعَةِ عُثْمَانَ مَا لَمْ يُجْمِعُوا (8) .
عَلَى قَتْلِهِ; فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ بَايَعُوهُ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ. فَإِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِالْإِجْمَاعِ الظَّاهِرِ، فَيَجِبُ (9)
أَنْ تَكُونَ بَيْعَتُهُ حَقًّا لِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا. وَإِنْ لَمْ (1) عِبَارَةُ لَا قَتَلَ
فِي (أ)، (ب) فَقَطْ وَسَقَطَتْ مِنْ سَائِرِ النُّسَخِ.
(2) ن (فَقَطْ): غَايَةَ
(3) ن: بَابَ
(4) ب، ر، ص: لَا.
(5) ب (فَقَطْ): فَيَعْجَزُونَ
(6) ن، م، و: الثَّالِثُ; ب: ثَانِيهِمَا.
(7) أ، ب: فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ.
(8) ص: عُثْمَانَ وَلَمْ يُجْمِعُوا.
(9) أ، ب: وَجَبَ.
يَجُزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، بَطَلَتْ حُجَّتُهُمْ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى قَتْلِهِ. لَا سِيَّمَا وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ قَتْلَهُ إِلَّا طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ. ثُمَّ إِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْإِجْمَاعَ عَلَى بَيْعَتِهِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا بَايَعَ أَهْلُ الْحَقِّ مِنْهُمْ خَوْفًا وَكُرْهًا (1)
. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَوِ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى قَتْلِهِ (2)
، وَقَالَ قَائِلٌ: كَانَ أَهْلُ الْحَقِّ كَارِهِينَ [لِقَتْلِهِ (3)
لَكِنْ سَكَتُوا خَوْفًا وَتَقِيَّةً (4) عَلَى أَنْفُسِهِمْ، لَكَانَ (5)
هَذَا أَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ،] (6)
لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ بِأَنَّ مَنْ يُرِيدُ قَتَلَ الْأَئِمَّةَ يُخِيفُ مَنْ يُنَازِعُهُ، بِخِلَافِ مَنْ يُرِيدُ مُبَايَعَةَ الْأَئِمَّةِ (7)
، فَإِنَّهُ لَا يُخِيفُ الْمُخَالِفَ، كَمَا يُخِيفُ (8)
مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَإِنَّ الْمُرِيدِينَ (9)
لِلْقَتْلِ أَسْرَعُ إِلَى الشَّرِّ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَإِخَافَةِ النَّاسِ مِنَ الْمُرِيدِينَ لِلْمُبَايَعَةِ.
فَهَذَا لَوْ قُدِّرَ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ ظَهْرَ مِنْهُمُ الْأَمْرُ بِقَتْلِهِ، فَكَيْفَ وَجُمْهُورُهُمْ أَنْكَرُوا (10)
قَتَلَهُ، وَدَافَعَ عَنْهُ مَنْ دَافَعَ فِي بَيْتِهِ، كَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمَا؟ .
وَأَيْضًا فَإِجْمَاعُ النَّاسِ عَلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ أَعْظَمُ مِنْ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى بَيْعَةِ (1) أ، ب: أَهْلُ الْحَقِّ خَوْفًا مِنْهُمْ وَكُرْهًا.
(2) عِبَارَةُ عَلَى قَتْلِهِ
: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(3) ر، هـ: قَتْلَهُ.
(4) هـ: أَوْ تَقِيَّةً.
(5) هـ: كَانَ.
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (م)، (و) .
(7) ن، م: الْإِمَامِ.
(8) ر، هـ، و: يُخِيفُهُ.
(9) ن، م، ص: الْمُرِيدَ.
(10) أ، ب: أَنْكَرَ.
عَلِيٍّ وَعَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ (1)
، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهَا إِلَّا نَفَرٌ يَسِيرُ كَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ (2) .
، وَسَعْدٌ قَدْ عُلِمَ سَبَبُ تَخَلُّفِهِ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ وَيَرْضَى عَنْهُ. وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ لَمَّا أَخَذَ يُدَافِعُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ رَأْسِ الْمُنَافِقِينَ، [قَالَتْ] (3)
: " وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ (4)
الْحَمِيَّةُ " (5) .
وَقَدْ قُلْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ: إِنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ الْمَشْهُودَ لَهُ بِالْجَنَّةِ قَدْ يَكُونُ لَهُ سَيِّئَاتٌ يَتُوبُ مِنْهَا، أَوْ تَمْحُوهَا حَسَنَاتُهُ، أَوْ تُكَفَّرُ عَنْهُ بِالْمَصَائِبِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ (6); فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ (7)
، إِذَا أَذْنَبَ كَانَ لِدَفْعِ عُقُوبَةِ [النَّارِ] عَنْهُ (8)
عَشَرَةُ أَسْبَابٍ: ثَلَاثَةٌ مِنْهُ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَرْبَعَةٌ يَبْتَدِيهَا اللَّهُ (9)
: التَّوْبَةُ، وَالِاسْتِغْفَارُ، وَالْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ، وَدُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ (10)، وَإِهْدَاؤُهُمُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَهُ، وَشَفَاعَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَصَائِبُ (1) عِبَارَةُ وَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ
: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(2) أ، ب، ر، ص، هـ: إِلَّا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ.
(3) قَالَتْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .
(4) ص: حَمَلَتْهُ.
(5) هَذِهِ الْعِبَارَةُ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْكِ وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص [0 - 9] 4، فَارْجِعْ إِلَيْهِ.
(6) أ، ب: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
(7) أ، ب: فَإِنَّ الْعَبْدَ.
(8) ن، م، و: لِدَفْعِ الْعُقُوبَةِ عَنْهُ.
(9) أ: النَّاسِ يَبْتَدِيهَا اللَّهُ; ب: وَبَاقِيهَا مِنَ اللَّهِ.
(10) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
الْمُكَفِّرَةُ فِي الدُّنْيَا، وَفِي الْبَرْزَخِ، وَفِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، وَمَغْفِرَةِ اللَّهِ لَهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ، فَكَيْفَ يَدَّعِي الْإِجْمَاعَ عَلَى مِثْلِ قَتْلِ عُثْمَانَ مَنْ يُنْكِرُ مِثْلَ (1)
هَذَا الْإِجْمَاعِ؟ بَلْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الْقِتَالِ مَعَ عَلِيٍّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَضْعَافُ الَّذِينَ أَجْمَعُوا (2) عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ; فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا فِي زَمَنِ عَلِيٍّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ قَاتَلُوا مَعَهُ، وَصِنْفٌ قَاتَلُوهُ، وَصِنْفٌ لَا قَاتَلُوهُ وَلَا قَاتَلُوا مَعَهُ. وَأَكْثَرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ كَانُوا مِنْ هَذَا الصِّنْفِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ إِلَّا مَنْ قَاتَلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ مَعَهُ لَمْ يُبَايِعُوهُ، وَهُمْ أَضْعَافُ الَّذِينَ قَتَلُوا (3)
عُثْمَانَ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، وَالَّذِينَ أَنْكَرُوا قَتْلَ عُثْمَانَ أَضْعَافُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَ عَلِيٍّ. فَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّ النَّاسَ أَجْمَعُوا (4)
عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ بَاطِلًا، فَقَوْلُهُ: إِنَّهُمْ أَجْمَعُوا (5) عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ أَبْطَلُ وَأَبْطَلُ.
وَإِنْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ، لِكَوْنِ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْعَالَمِ وَلَمْ يُدْفَعْ. فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ [أَيْضًا] (6)
وَالتَّخَلُّفُ عَنْ بَيْعَتِهِ أَجْوَزُ وَأَجْوَزُ; فَإِنَّ هَذَا وَقَعَ (7)
فِي الْعَالَمِ وَلَمْ يُدْفَعْ [أَيْضًا] (8) . (1) مِثْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(2) ر، ص، هـ، و: اجْتَمَعُوا.
(3) ص: قَاتَلُوا.
(4) ر، ص، هـ، و: اجْتَمَعُوا.
(5) ر، ص، هـ، و: اجْتَمَعُوا.
(6) أَيْضًا: زِيَادَةٌ فِي (أ)، (ب) .
(7) و، م: وَاقِعٌ.
(8) أَيْضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ (1)
الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ لَمْ يُمْكِنْهُمْ إِلْزَامُ النَّاسِ بِالْبَيْعَةِ لَهُ، وَجَمْعُهُمْ (2)
عَلَيْهِ، وَلَا دَفْعُهُمْ عَنْ قِتَالِهِ، فَعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ.
قِيلَ: وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ عُثْمَانَ لَمَّا حُصِرَ لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَيْضًا (3)
دَفْعُ الْقِتَالِ عَنْهُ.
وَإِنْ قِيلَ: بَلْ أَصْحَابُ عَلِيٍّ فَرَّطُوا وَتَخَاذَلُوا، حَتَّى عَجَزُوا (4)
عَنْ دَفْعِ الْقِتَالِ، أَوْ قَهْرِ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ ص: قَتَلُوهُ.
أَوْ جَمْعِ النَّاسِ عَلَيْهِ.
قِيلَ: وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ عُثْمَانَ [فَرَّطُوا وَتَخَاذَلُوا (5) حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْهُ أُولَئِكَ. ثُمَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْإِجْمَاعَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ] (6) مَعَ ظُهُورِ الْإِنْكَارِ [مِنْ] جَمَاهِيرِ الْإِنْكَارِ (7) الْأُمَّةِ لَهُ وَقِيَامِهِمْ (8)
فِي الِانْتِصَارِ لَهُ وَالِانْتِقَامِ مِمَّنْ قَتَلَهُ - أَظْهَرُ كَذِبًا مِنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي إِجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْحُسَيْنَ قُتِلَ بِإِجْمَاعِ النَّاسِ، لِأَنَّ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ وَقَتَلُوهُ لَمْ يَدْفَعْهُمْ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ كَذِبُهُ بِأَظْهَرَ مِنْ كَذِبِ الْمُدَّعِي لِلْإِجْمَاعِ (9)
عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ; فَإِنَّ الْحُسَيْنَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَعْظُمْ إِنْكَارُ (1) إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(2) أ، ب: إِلْزَامُ النَّاسِ الْبَيْعَةَ وَجَمْعُهُمْ.
(3) أَيْضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(4) ن، م، و: عَجَزَ.
(5) أ: وَتَجَادَلُوا.
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (م) .
(7) مِنْ جَمَاهِيرِ: كَذَا فِي (أ)، (ب). وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: إِنْكَارِ جَمَاهِيرِ.
(8) أ، ب: وَالْقِيَامِ.
(9) أ، ب: الْإِجْمَاعَ.
الْأُمَّةِ لِقَتْلِهِ، كَمَا عَظُمَ إِنْكَارُهُمْ لِقَتْلِ عُثْمَانَ، وَلَا انْتَصَرَ لَهُ جُيُوشٌ كَالْجُيُوشِ الَّذِينَ انْتَصَرَتْ (1) لِعُثْمَانَ، وَلَا انْتَقَمَ أَعْوَانُهُ مِنْ أَعْدَائِهِ كَمَا انْتَقَمَ أَعْوَانُ عُثْمَانَ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَلَا حَصَلَ بِقَتْلِهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ وَالْفَسَادِ مَا حَصَلَ بِقَتْلِ عُثْمَانَ، وَلَا كَانَ قَتْلُهُ أَعْظَمَ إِنْكَارًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ; فَإِنَّ عُثْمَانَ مِنْ أَعْيَانِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ طَبَقَةِ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَهُوَ خَلِيفَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى بَيْعَتِهِ، بَلْ لَمْ يُشْهِرْ فِي الْأُمَّةِ سَيْفًا وَلَا قَتَلَ عَلَى وِلَايَتِهِ أَحَدًا (2)
، وَكَانَ يَغْزُو بِالْمُسْلِمِينَ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ، وَكَانَ السَّيْفُ فِي خِلَافَتِهِ كَمَا كَانَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَسْلُولًا عَلَى الْكُفَّارِ، مَكْفُوفًا عَنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ طُلِبَ قَتْلُهُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ فَصَبَرَ وَلَمْ يُقَاتِلْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى قُتِلَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا أَعْظَمُ أَجْرًا، وَقَتْلَهُ (3)
أَعْظَمُ إِثْمًا، مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا فَخَرَجَ يَطْلُبُ الْوِلَايَةَ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ (4)
أَعْوَانُ الَّذِينَ طَلَبَ أَخْذَ الْأَمْرِ مِنْهُمْ، فَقَاتَلَ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى قُتِلَ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ قِتَالَ الدَّافِعِ عَنْ نَفْسِهِ وَوِلَايَتِهِ أَقْرَبُ مِنْ قِتَالِ الطَّالِبِ لِأَنْ يَأْخُذَ الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَعُثْمَانُ تَرَكَ الْقِتَالَ دَفْعًا عَنْ وِلَايَتِهِ، فَكَانَ حَالُهُ أَفْضَلَ مِنْ حَالِ الْحُسَيْنِ، وَقَتْلُهُ أَشْنَعَ مِنْ قَتْلِ الْحُسَيْنِ. كَمَا أَنَّ الْحَسَنَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا لَمْ يُقَاتِلْ عَلَى الْأَمْرِ، بَلْ أَصْلَحَ بَيْنَ الْأُمَّةِ بِتَرْكِهِ الْقِتَالَ (5)
، (1) ن، م: انْتَصَرُوا.
(2) أ، ر، ص: وَلَا قُتِلَ عَلَى وِلَايَتِهِ أَحَدٌ.
(3) أ، ب: وَقَتَلَتَهُ.
(4) مِنْ ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
حَتَّى قَاتَلَهُ قَاتَلَهُ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: قَتَلَهُ.
(5) أ، ب، و: بِتَرْكِ الْقِتَالِ; ص: بِتَرْكِهِ لِلْقِتَالِ.
مَدَحَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: " «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، (1)
وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» " (2) .
وَالْمُنْتَصِرُونَ لِعُثْمَانَ مُعَاوِيَةُ وَأَهْلُ الشَّامِ، وَالْمُنْتَصِرُونَ مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ [الثَّقَفِيُّ] (3)
وَأَعْوَانُهُ. وَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَيْرٌ مِنَ الْمُخْتَارِ; فَإِنَّ الْمُخْتَارَ كَذَّابٌ ادَّعَى النُّبُوَّةَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ»
(4)
فَالْكَذَّابُ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَالْمُبِيرُ هُوَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ. وَهَذَا الْمُخْتَارُ كَانَ أَبُوهُ رَجُلًا صَالِحًا، وَهُوَ أَبُو عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ الَّذِي قُتِلَ شَهِيدًا فِي حَرْبِ الْمَجُوسِ، وَأُخْتُهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ، وَكَانَ الْمُخْتَارُ رَجُلَ سَوْءٍ.
[
الرد على قوله إن عائشة كانت تأمر بقتل عثمان من وجوه
]
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ فِي كُلِّ وَقْتٍ تَأْمُرُ (5) بِقَتْلِ عُثْمَانَ، وَتَقُولُ فِي كُلِّ وَقْتٍ: اقْتُلُوا نَعْثَلًا، قَتْلَ اللَّهُ نَعْثَلًا، وَلَمَّا بَلَغَهَا قَتْلُهُ فَرِحَتْ بِذَلِكَ
. (1) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/539 - 540.
(2) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/539 - 540.
(3) الثَّقَفِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م). وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الْمُخْتَارِ 2/68.
(4) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ 16/100 أَمَّا: أَخَالُكَ فَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَشْهَرُ، وَمَعْنَاهُ: أَظُنُّكَ. وَالْمُبِيرُ الْمُهْلِكُ. وَقَوْلُهَا فِي الْكَذَّابِ: فَرَأَيْنَاهُ، تَعْنِي بِهِ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيَّ، كَانَ شَدِيدَ الْكَذِبِ، وَمِنْ أَقْبَحِهِ: ادَّعَى أَنَّ جِبْرِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِيهِ
- وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا عَنِ ابْن عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِلَفْظٍ: فِي (أَوْ) إِنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ
فِي مَوْضِعَيْنِ فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/338 - 339 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ)، 5/386 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابٌ فِي ثَقِيفٍ وَبَنِي حَنِيفَةَ); وَالْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 7/18، 8/18، 45، 56.
(5) ر، ص، هـ، ن، م: فِي كُلِّ وَقْتٍ كَانَتْ تَأْمُرُ.
فَيُقَالُ لَهُ: أَوَّلًا، أَيْنَ النَّقْلُ الثَّابِتُ عَنْ عَائِشَةَ بِذَلِكَ؟ .
وَيُقَالُ: ثَانِيًا: الْمَنْقُولُ الثَّابِتُ عَنْهَا يُكَذِّبُ (1) ذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا أَنْكَرَتْ قَتْلَهُ، وَذَمَّتْ مَنْ قَتَلَهُ، وَدَعَتْ عَلَى أَخِيهَا مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ لِمُشَارَكَتِهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَيُقَالُ: ثَالِثًا: هَبْ أَنَّ وَاحِدًا مِنَ الصَّحَابَةِ: عَائِشَةَ أَوْ غَيْرَهَا قَالَ فِي ذَلِكَ (2) عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ، لِإِنْكَارِهِ بَعْضَ مَا يُنْكَرُ، فَلَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً، وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ لَا فِي إِيمَانِ (3) الْقَائِلِ وَلَا الْمَقُولِ لَهُ، بَلْ قَدْ يَكُونُ كِلَاهُمَا وَلِيًّا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَيَظُنُّ أَحَدُهُمَا جَوَازَ قَتْلِ الْآخَرِ، بَلْ يَظُنُّ كُفْرَهُ، وَهُوَ مُخْطِئٌ فِي هَذَا الظَّنِّ.
كَمَا [ثَبَتَ] (4) فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ غُلَامَهُ «قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لِيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَذَبْتَ، إِنَّهُ قَدْ (5) شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ» (6). وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنَّ حَاطِبًا كَتَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ غَزْوَةَ الْفَتْحِ فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ:
اذْهَبَا حَتَّى تَأْتِيَا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ ". فَلَمَّا (1) أ، ب: إِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ عَائِشَةَ يُكَذِّبُ.
(2) أ، ب: فِي ذَلِكَ كَلِمَةً.
(3) أ: وَيَقْدَحُ فِي ذَلِكَ لَا فِي إِيمَانِ; ب: وَلَا يَقْدَحُ فِي إِيمَانِ.
(4) ثَبَتَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م)، (ص) .
(5) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (ن)، (م) .
(6) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ 1/39 وَذَكَرْتُ مَكَانَهُ فِي مُسْلِمٍ وَالْمُسْنَدِ.
أَتَيَا بِالْكِتَابِ، قَالَ: مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟
فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فَعَلْتُ هَذَا ارْتِدَادًا وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ، وَلَكِنْ كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ بِمَكَّةَ قُرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي. فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»
وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلَ سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ: 1] (1) وَهَذِهِ الْقِصَّةُ مِمَّا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى صِحَّتِهَا، وَهِيَ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَهُمْ، مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ، وَعُلَمَاءِ الْحَدِيثِ (2) وَعُلَمَاءِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ، وَعُلَمَاءِ الْفِقْهِ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ. وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي خِلَافَتِهِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ، وَرَوَى عَنْهُ كَاتِبُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ لِيُبَيِّنَ [لَهُمْ] (3) أَنَّ السَّابِقِينَ مَغْفُورٌ لَهُمْ، وَلَوْ جَرَى مِنْهُمْ (4) مَا جَرَى.
فَإِنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ (5) وَالزُّبَيْرَ أَفْضَلُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَاطِبِ (1) أ، ب: الْآيَاتِ. وَالْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 4/95 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ الْجَاسُوسِ); مُسْلِمٍ 4/1941 - 1942 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَدْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ); سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/82 - 84 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ) .
(2) وَعُلَمَاءِ الْحَدِيثِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .
(3) لَهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ)، (ب). وَفِي (ر): لِيُبَيِّنَ بِذَلِكَ. .
(4) ن، م: عَلَيْهِمْ. وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (و) .
(5) أ، ب: وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ; ن، م: فَإِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ.
بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَكَانَ حَاطِبٌ مُسِيئًا إِلَى مَمَالِيكِهِ، وَكَانَ ذَنْبُهُ فِي مُكَاتَبَةِ الْمُشْرِكِينَ (1) وَإِعَانَتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ أَعْظَمَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُضَافُ إِلَى هَؤُلَاءِ، وَمَعَ هَذَا فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَتْلِهِ، وَكَذَّبَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يَدْخُلُ النَّارَ، لِأَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ، وَأَخْبَرَ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ لِأَهْلِ بَدْرٍ. وَمَعَ هَذَا فَقَدَ قَالَ (2) عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَسَمَّاهُ مُنَافِقًا، وَاسْتَحَلَّ قَتْلَهُ، وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي إِيمَانِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا فِي كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ [وَغَيْرِهِمَا] (3) فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ لَمَّا قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا عَلَى الْمِنْبَرِ يَعْتَذِرُ مِنْ رَأْسِ الْمُنَافِقِينَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَقَالَ: «مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ [قَدْ] (4) بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي. وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا»
(5). فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ سَيِّدُ الْأَوْسِ، وَهُوَ الَّذِي اهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، بَلْ حَكَمَ فِي حُلَفَائِهِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ بِأَنْ يُقْتَلَ مُقَاتِلُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيهِمْ وَتُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ، حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ»
(6). «فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ نَعْذُرُكَ مِنْهُ. إِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ (1) أ، ب: فِي مُكَاتَبَتِهِ لِلْمُشْرِكِينَ.
(2) أ، ب: فَقَالَ.
(3) وَغَيْرِهِمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م)، (و) .
(4) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (و) .
(5) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ الْإِفْكِ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص 34.
(6) جَاءَ الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/251. وَلَكِنَّهُ جَاءَ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي: الْبُخَارِيِّ 4/67 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ إِذَا نَزَلَ الْعَدُوُّ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ)، 5/35 36 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ)، 5/112 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مُرْجِعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأَحْزَابِ.. .); مُسْلِمٍ 3/1388 1389 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ جَوَازِ قِتَالِ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ.. .); الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/22. وَلَفَظُ الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ: حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ أَوْ: بِحُكْمِ الْمَلِكِ
. وَإِخْرَاجُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/141 - 142 حَدِيثًا مُقَارِبًا مُتَّصِلًا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْأَلْبَانِيُّ عَنِ الْحَدِيثِ فِي سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ
1/91 - 94 (حَدِيثٌ رَقْمُ 67) وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي
7/412 .. . وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ مُرْسَلِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ. وَأَرْقِعَةٌ بِالْقَافِ جَمْعُ رَقِيعٍ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ السَّمَاءِ. قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا رُقِّعَتْ بِالنُّجُومِ
.
الْأَوْسِ (1) ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ (2) أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. وَكَادَتْ تَثُورُ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَفَضَهُمْ» (3) .
وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنْ خِيَارِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَقَدْ قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: إِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ
وَهَذَا مُؤْمِنٌ وَلِيٌّ لِلَّهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَذَاكَ مُؤْمِنٌ وَلِيٌّ لِلَّهِ (4) مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُكَفِّرُ آخَرَ (5) بِالتَّأْوِيلِ، وَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَافِرًا. (1) أ، ب: إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ; ر، هـ: إِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْأَوْسِ.
(2) أ، ب: وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ; ر، هـ: وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ.
(3) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْكِ الَّذِي سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص 34.
(4) ص، ر: مُؤْمِنٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ. .
(5) أ، ب: أَخَاهُ; ص: الرَّجُلَ.
وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ «لَمَّا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْزِلَهُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَامَ يُصَلِّي وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ أَسْنَدُوا عِظَمَ ذَلِكَ إِلَى مَالِكِ بْنِ الدُّخْشُمِ (1)، وَوَدُّوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلَيْهِ فَيَهْلِكَ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاتَهُ (2) وَقَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟
قَالُوا: [بَلَى] وَإِنَّهُ يَقُولُ (3) ذَلِكَ، وَمَا هُوَ فِي قَلْبِهِ. فَقَالَ: لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَيَدْخُلَ النَّارَ أَوْ تَطْعَمَهُ»
(4) .
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ (5) فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ شَخْصًا مِنَ الصَّحَابَةِ: إِمَّا عَائِشَةَ، وَإِمَّا (1) ب: بْنِ الدُّخْشُنِ; ن، م، هـ، و، ر: بْنِ دُخْشُمٍ. وَفِي الْإِصَابَةِ
3/323: مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ، بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ، بَيْنَهُمَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ. وَيُقَالُ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمِيمِ، وَيُقَالُ كَذَلِكَ بِالتَّصْغِيرِ، مُخْتَلَفٌ فِي نِسْبَتِهِ وَشَهِدَ بَدْرًا عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَهُوَ الَّذِي أَسَرَ سَهْلَ بْنَ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ
.
(2) صَلَاتَهُ: كَذَا فِي (أ)، (ب). وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الصَّلَاةَ.
(3) ر، ص، هـ، ن، م، و: قَالُوا: إِنَّهُ يَقُولُ.
(4) الْحَدِيثُ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 1/61 - 62 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَطْعًا)، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/449. وَانْظُرْ صَحِيحَ الصَّغِيرِ
6/237. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ 1/243 - 244: وَقَدْ نَصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إِيمَانِهِ بَاطِنًا وَبَرَاءَتِهِ مِنَ النِّفَاقِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
أَلَا تَرَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِأَنَّهُ قَالَهَا مُصَدِّقًا بِهَا، مُعْتَقِدًا صِدْقَهَا مُتَقَرِّبًا بِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَشَهِدَ لَهُ فِي شَهَادَتِهِ لِأَهْلِ بَدْرٍ بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكَّ فِي صِدْقِ إِيمَانِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ رَدٌّ عَلَى غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي الْإِيمَانِ النُّطْقُ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ فَإِنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَدْمَغُهُمْ
.
(5) ر، ص، هـ، و: كَذَلِكَ.
عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، وَإِمَّا غَيْرَهُمَا: كَفَّرَ آخَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ: عُثْمَانَ أَوْ غَيْرَهُ، * أَوْ أَبَاحَ قَتْلَهُ عَلَى وَجْهِ التَّأْوِيلِ - كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي إِيمَانِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا فِي كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ; فَإِنَّ عُثْمَانَ وَغَيْرَهُ * (1) أَفْضَلُ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَعُمْرَ أَفْضَلُ مِنْ عَمَّارٍ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَذَنْبَ حَاطِبٍ أَعْظَمُ (2)، فَإِذَا غُفِرَ لِحَاطِبٍ ذَنْبُهُ، فَالْمَغْفِرَةُ لِعُثْمَانَ أَوْلَى، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَجْتَهِدَ مِثْلُ عُمَرَ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ فِي التَّكْفِيرِ أَوِ اسْتِحْلَالِ الْقَتْلِ، وَلَا يَكُونَ ذَلِكَ مُطَابِقًا، فَصُدُورُ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ عَائِشَةَ (3) وَعَمَّارٍ أَوْلَى.
وَيُقَالُ: رَابِعًا: [إِنَّ] (4) هَذَا الْمَنْقُولَ عَنْ عَائِشَةَ مِنَ الْقَدْحِ فِي عُثْمَانَ: إِنْ كَانَ صَحِيحًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ صَوَابًا أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا لَمْ يُذْكَرْ فِي مَسَاوِئِ عَائِشَةَ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً لَمْ يُذْكَرْ فِي مَسَاوِئِ عُثْمَانَ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ نَقْصِ (5) عَائِشَةَ وَعُثْمَانَ بَاطِلٌ قَطْعًا (6). وَأَيْضًا فَعَائِشَةُ ظَهَرَ مِنْهَا مِنَ التَّأَلُّمِ لِقَتْلِ (7) عُثْمَانَ، وَالذَّمِّ لِقَتَلَتِهِ، وَطَلَبِ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ مَا يَقْتَضِي النَّدَمَ عَلَى مَا يُنَافِي ذَلِكَ، كَمَا ظَهَرَ مِنْهَا النَّدَمُ عَلَى مَسِيرِهَا إِلَى الْجَمَلِ; فَإِنْ كَانَ نَدَمُهَا عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ عَلِيٍّ وَاعْتِرَافِهَا لَهُ بِالْحَقِّ، فَكَذَلِكَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ عُثْمَانَ وَاعْتِرَافِهَا لَهُ بِالْحَقِّ، وَإِلَّا فَلَا. (1) (**): مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ص) .
(2) أ، ب: أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ.
(3) أ، ب: مِثْلِهِ عَنْ عَائِشَةَ.
(4) إِنَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ)، (ب) .
(5) ب (فَقَطْ): بُغْضِ.
(6) قَطْعًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(7) لِقَتْلِ: كَذَا فِي (أ)، (ب). وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بِقَتْلِ.
وَأَيْضًا فَمَا ظَهَرَ مِنْ عَائِشَةَ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمَلَامِ لِعَلِيٍّ أَعْظَمُ مِمَّا ظَهَرَ مِنْهُمْ مِنَ الْمَلَامِ لِعُثْمَانَ; فَإِنْ كَانَ هَذَا حُجَّةً فِي لَوْمِ عُثْمَانَ فَهُوَ حُجَّةٌ فِي لَوْمِ عَلِيٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي لَوْمِ عَلِيٍّ، فَلَيْسَ حُجَّةً فِي لَوْمِ عُثْمَانَ (1). وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ الْقَدْحَ فِي عَائِشَةَ لَمَا لَامَتْ (2) عُثْمَانَ وَعَلِيًّا، فَعَائِشَةُ فِي ذَلِكَ مَعَ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، لَكِنْ تَخْتَلِفُ دَرَجَاتُ الْمَلَامِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْقَدْحَ فِي الْجَمِيعِ: فِي عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةَ، وَاللَّائِمِ وَالْمَلُومِ.
قِيلَ (3): نَحْنُ لَسْنَا نَدَّعِي لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْعِصْمَةَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، بَلْ نَدَّعِي أَنَّهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ، وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَأَنَّهُمْ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَنَقُولُ: [إِنَّ] (4) الذُّنُوبَ جَائِزَةٌ عَلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَنِ الصِّدِّيقِينَ، وَمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الصِّدِّيقِينَ، وَلَكِنَّ الذُّنُوبَ يُرْفَعُ عِقَابُهَا بِالتَّوْبَةِ (5) وَالِاسْتِغْفَارُ وَالْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ وَالْمَصَائِبُ الْمُكَفِّرَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ مِنَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْحَسَنَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ هُوَ دُونَهُمْ، وَابْتُلُوا بِمَصَائِبَ يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهَا خَطَايَاهُمْ، لَمْ يُبْتَلَ بِهَا مَنْ دُونَهُمْ، فَلَهُمْ مِنَ السَّعْيِ الْمَشْكُورِ وَالْعَمَلِ الْمَبْرُورِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ، وَهُمْ بِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ. (1) (11): سَاقِطٌ مِنْ (و)، (أ). وَفِي (ب): كَانَ حُجَّةً فِي لَوْمِ عَلِيٍّ، وَإِلَّا فَلَا.
(2) ن. م: لَمَالَأَتْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(3) أ، ب: قُلْنَا.
(4) إِنَّ: فِي (أ)، (ب) فَقَطْ.
(5) أ، ب: يَرْفَعُ عِقَابَهُمَا التَّوْبَةُ.
وَالْكَلَامُ فِي النَّاسِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، لَا بِجَهْلٍ وَظُلْمٍ، كَحَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ; فَإِنَّ الرَّافِضَةَ تَعْمِدُ (1) إِلَى أَقْوَامٍ مُتَقَارِبِينَ (2) فِي الْفَضِيلَةِ، تُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ (3) أَحَدَهُمْ مَعْصُومًا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَالْآخَرَ مَأْثُومًا فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا، فَيَظْهَرُ جَهْلُهُمْ وَتَنَاقُضُهُمْ، كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ نُبُوَّةَ مُوسَى أَوْ عِيسَى، مَعَ قَدْحِهِ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يَظْهَرُ عَجْزُهُ وَجَهْلُهُ وَتَنَاقُضُهُ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ طَرِيقٍ يُثْبِتُ بِهَا نُبُوَّةَ مُوسَى وَعِيسَى إِلَّا وَتَثْبُتُ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِهَا أَوْ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، وَمَا مِنْ (4) شُبْهَةٍ تَعْرِضُ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا وَتَعْرِضُ فِي نُبُوَّةِ مُوسَى وَعِيسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - بِمَا (5) هُوَ مِثْلُهَا أَوْ أَقْوَى مِنْهَا، وَكُلُّ مَنْ عَمَدَ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، أَوْ مَدْحِ الشَّيْءِ وَذَمِّ مَا هُوَ مَنْ جِنْسِهِ، أَوْ أَوْلَى بِالْمَدْحِ مِنْهُ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَصَابَهُ مِثْلُ هَذَا التَّنَاقُضِ وَالْعَجْزِ وَالْجَهْلِ. وَهَكَذَا أَتْبَاعُ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايِخِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَمْدَحَ مَتْبُوعَهُ وَيَذُمَّ نَظِيرَهُ، أَوْ يُفَضِّلَ أَحَدَهُمْ عَلَى الْآخَرِ بِمِثْلِ هَذَا الطَّرِيقِ.
فَإِذَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ: (6) أَهْلُ الْمَدِينَةِ خَالَفُوا السُّنَّةَ فِي كَذَا وَكَذَا، وَتَرَكُوا الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ فِي كَذَا وَكَذَا، وَاتَّبَعُوا الرَّأْيَ فِي كَذَا وَكَذَا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عَمَّنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: إِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ التَّلْبِيَةَ إِلَى رَمْيِ جَمْرَةِ (1) أ، ب: يَعْمِدُونَ.
(2) ن، و: مُتَفَاوِتِينَ.
(3) أ، ب: يُرِيدُونَ أَنْ يَجْعَلُوا.
(4) أ، ب: وَلَا مِنْ.
(5) بِمَا: كَذَا فِي (أ)، (ب). وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مَا.
(6) أ، ب: فَإِذَا قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ.
الْعَقَبَةِ، وَلَا الطِّيبَ لِلْمُحْرِمِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي، وَلَا السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ، وَلَا الِاسْتِفْتَاحَ وَالتَّعَوُّذَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا التَّسْلِيمَتَيْنِ مِنْهَا، وَلَا تَحْرِيمَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَا كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الْحُشُوشَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، مَعَ مَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنَ النِّزَاعِ بَيْنَهُمْ. فَيَقُولُ الْمَدَنِيُّونَ: نَحْنُ أَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ وَأَبْعَدُ عَنْ مُخَالَفَتِهَا وَعَنِ الرَّأْيِ الْخَطَأِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ [أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَلَا أَنْ مِيَاهَ الْآبَارِ لَا تَنْجُسْ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ النَّجَاسَاتِ، وَلَا يَرَوْنَ] (1) صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا صَلَاةَ الْكُسُوفِ بِرُكُوعَيْنِ (2) فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَلَا يُحَرِّمُونَ حَرَمَ الْمَدِينَةِ، وَلَا يَحْكُمُونَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَا يَبْدَءُونَ (3) فِي الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ، وَلَا يَجْتَزِءُونَ (4) بِطَوَافٍ وَاحِدٍ وَسَعْيٍ وَاحِدٍ مِنَ الْقِرَانِ، وَيُوجِبُونَ الزَّكَاةَ فِي الْخُضْرَوَاتِ، وَلَا يُجِيزُونَ الْأَحْبَاسَ (5)، وَلَا يُبْطِلُونَ نِكَاحَ الشِّغَارِ، [وَلَا نِكَاحَ] الْمُحَلِّلِ (6)، وَلَا يَجْعَلُونَ الْحَكَمَيْنِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَّا مُجَرَّدَ وَكِيلَيْنِ (7)، وَلَا يَجْعَلُونَ الْأَعْمَالَ فِي الْعُقُودِ بِالنِّيَّاتِ، وَيَسْتَحِلُّونَ مَحَارِمَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَدْنَى الْحِيَلِ، * فَيُسْقِطُونَ الْحُقُوقَ كَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا بِالْحِيَلِ، وَيُحِلُّونَ (8) الْمُحَرَّمَاتِ كَالزِّنَا وَالْمَيْسِرِ وَالسِّفَاحِ بِالْحِيَلِ * (9)، وَيُسْقِطُونَ الزَّكَاةَ (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (م) .
(2) ن، م: وَبِرُكُوعَيْنِ; أ: يَرْكَعُونَ.
(3) أ، ب: وَلَا يَبْتَدِئُونَ.
(4) ن، م، و: وَلَا يُجْبِرُونَ.
(5) أ، ر، ص، هـ: الْأَجْنَاسَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6) ن، م: الشِّغَارِ وَالْمُحَلِّلِ.
(7) أ: الْحُكْمَيْنِ لِلزَّوْجَيْنِ إِلَّا بِمُجَرَّدِ وَكِيلَيْنِ; و، ب: الْحُكْمَيْنِ لِلزَّوْجَيْنِ إِلَّا بِمُجَرَّدِ وَكِيلَيْنِ.
(8) ن، م، و: وَيَجْعَلُونَ.
(9) (* - *): مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) وَسَقَطَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ (م) .
بِالْحِيَلِ، وَلَا يَعْتَبِرُونَ الْقُصُودَ (1) فِي الْعَقْدِ، وَيُعَطِّلُونَ (2) الْحُدُودَ حَتَّى لَا يُمْكِنَ سِيَاسَةُ بَلَدٍ بِرَأْيِهِمْ; فَلَا يَقْطَعُونَ يَدَ مَنْ يَسْرِقُ الْأَطْعِمَةَ وَالْفَاكِهَةَ وَمَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ، وَلَا يَحُدُّونَ أَحَدًا يَشْرَبُ (3) الْخَمْرَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (4)، وَلَا يَحُدُّونَهُ إِذَا رُئِيَ يَسْتَقِيهَا أَوْ وُجِدَتْ (5) رَائِحَتُهَا مِنْهُ، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَلَا يُوجِبُونَ الْقَوَدَ بِالْمُثَقِّلِ (6)، وَلَا يَفْعَلُونَ بِالْقَاتِلِ كَمَا فَعَلَ بِالْمَقْتُولِ، بَلْ يَكُونُ (7) الظَّالِمُ قَدْ قَطَعَ يَدَيِ الْمَظْلُومِ (8) وَرِجْلَيْهِ وَبَقَرَ بَطْنَهُ، فَيَكْتَفُونَ بِضَرْبِ (9) عُنُقِهِ، وَيَقْتُلُونَ الْوَاحِدَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِ وَاحِدٍ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ، وَيُسَوُّونَ بَيْنَ دِيَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَدِيَاتِ الْكُفَّارِ (10) مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَيُسْقِطُونَ الْحَدَّ عَمَّنْ وَطِئَ ذَاتَ مَحْرَمِهِ كَأُمِّهِ وَابْنَتِهِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِمُجَرَّدِ (11) صُورَةِ الْعَقْدِ، كَمَا يُسْقِطُونَ بِعَقْدِ الِاسْتِئْجَارِ (12) عَلَى الْمَنَافِعِ، وَلَا يَجْمَعُونَ بَيْنَ (1) أ، ب، وَ: الْمَقْصُودَ.
(2) أ، ب: وَيُبْطِلُونَ.
(3) ب: بِشُرْبِ; ن، و: شُرْبِ.
(4) م: الْبَيِّنَةُ.
(5) أ: بَيِّنَةٌ يَسْتَفُّهَا أَوْ وُجِدَتْ; ب: بَيِّنَةٌ بِشُرْبِهَا وَوُجِدَتْ..; ن، م: بَيِّنَةٌ لَا يَحُدُّونَهُ إِذَا رُئِيَ يُسْقَهَا أَوْ وُجِدَتْ. .
(6) أ: وَلَا يُحِبُّونَ الْقَوَدَ بِالْقَتْلِ.
(7) أ: بَلْ يَكُنْ; ب: كَأَنْ يَكُونَ.
(8) أ، ب: الظَّالِمُ قَطَعَ يَدَ الْمَظْلُومِ.
(9) أ، ب: فَيَقُولُونَ نَضْرِبُ. .
(10) أ: بَيْنَ دِينِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَدِيَانَةِ الْكُفَّارِ; ب: بَيْنَ دِيَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَدِيَةِ الْكُفَّارِ.
(11) ب (فَقَطْ): بِمُجَرَّدِ.
(12) أ: كَمَا يُسْقِطُونَ يَعْقِدُ الْإِيجَارَ; ب: كَمَا يُسْقِطُونَهُ بِعَقْدِ الْإِيجَارِ.
الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَلَا يَسْتَحِبُّونَ التَّغْلِيسَ بِالْفَجْرِ، وَلَا يَسْتَحِبُّونَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ السِّرِّ، وَلَا يُوجِبُونَ تَبْيِيتَ نِيَّةِ الصَّوْمِ (1) عَلَى مَنْ عَلِمَ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، وَلَا يُجَوِّزُونَ وَقْفَ الْمُشَاعِ وَلَا هِبَتَهُ وَلَا رَهْنَهُ، وَيُحَرِّمُونَ الضَّبَّ وَالضَّبُعَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّا أَحَلَّهُ (2) اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُحَلِّلُونَ الْمُسْكِرَ (3) الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، * وَلَا يَرَوْنَ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَدْخُلُ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ (4)، وَيَقُولُونَ: إِنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ تَبْطُلُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا يُجِيزُونَ الْقُرْعَةَ، وَلَا يَأْخُذُونَ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، وَلَا بِحَدِيثِ الْمُشْتَرِي إِذَا أَفْلَسَ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا تُدْرَكُ بِأَقَلِّ مِنْ رَكْعَةٍ، وَلَا يُجِيزُونَ الْقَصْرَ فِي مَسِيرَةِ (5) يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَيُجِيزُونَ تَأْخِيرَ [بَعْضِ] الصَّلَوَاتِ (6) عَنْ وَقْتِهَا * (7) .
وَكَذَلِكَ بَعْضُ أَتْبَاعِ فُقَهَاءِ (8) الْحَدِيثِ لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ (9): إِنَّا نَحْنُ أَتْبَعُ، إِنَّمَا نَتَّبِعُ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ (10)، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِالضَّعِيفِ، فَقَالَ لَهُ الْآخَرُونَ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ [مِنْكُمْ] (11) وَأَتْبَعُ لَهُ [مِنْكُمْ] (12) (1) أ: التَّبْيِيتَ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ; ب: التَّبْيِيتَ لِنِيَّةِ الصَّوْمِ; ص: تَبْيِيتَ النِّيَّةِ لِلصَّوْمِ.
(2) ن: أَحَلَّهُمَا.
(3) أ: وَيُحِلُّونَ السُّكْرَ; ب، و: وَيُحِلُّونَ الْمُسْكِرَ.
(4) أ، ب، ن، م: مِثْلَهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(5) ن، م: مُدَّةِ
(6) ن، م: تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ; ص: تَأْخِيرَ بَعْضِ الصَّلَاةِ.
(7) (* - *): مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .
(8) هـ: أَتْبَاعُ بَعْضِ فُقَهَاءِ. .
(9) أ، ب: أَحَدُهُمْ.
(10) أ، ب: إِنَّا نَحْنُ إِنَّمَا نَتَّبِعُ الصَّحِيحَ.
(11) مِنْكُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ)، (ب) .
(12) مِنْكُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ)، (ب) .
مِمَّنْ يَرْوِي عَنِ الضُّعَفَاءِ مَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ; كَمَا يَظُنُّ ثُبُوتَ كَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ (1) فِي السَّفَرِ أَحْيَانًا يُتِمُّ الصَّلَاةَ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ (2) يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، أَوْ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ إِحْرَامًا مُطْلَقًا: لَمْ يَنْوِ تَمَتُّعًا وَلَا إِفْرَادًا وَلَا قِرَانًا، أَوْ أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ صُلْحًا، وَأَنَّ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ تَرْكِ قِسْمَةِ الْعَقَارِ يُنْقَضُ، وَيُنْقَضُ حُكْمُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالصَّحَابَةِ كَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ فِي الْمَفْقُودِ (3)، وَيَحْتَجُّ بِحَدِيثِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَقَوْلُنَا: إِنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ خَيْرٌ مِنَ الرَّأْيِ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الضَّعِيفَ الْمَتْرُوكَ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَسَنُ، كَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَحَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، وَأَمْثَالِهِمَا مِمَّنْ (4) يُحَسِّنُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ أَوْ يُصَحِّحُهُ. وَكَانَ (5) الْحَدِيثُ فِي اصْطِلَاحِ مَا قَبْلَ التِّرْمِذِيِّ: إِمَّا صَحِيحًا وَإِمَّا ضَعِيفًا، وَالضَّعِيفُ نَوْعَانِ: ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ، وَضَعِيفٌ لَيْسَ بِمَتْرُوكٍ (6)، فَتَكَلَّمَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ الِاصْطِلَاحِ، فَجَاءَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إِلَّا اصْطِلَاحَ (7) التِّرْمِذِيِّ; فَسَمِعَ قَوْلَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ (8) (1) ن، م: أَنَّهُ كَانَ; ر: أَنْ كَانَ.
(2) ن، م، ص: وَأَنَّهُ كَانَ. .
(3) أ: الْمَقْصُودِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4) ن، م: مِمَّا.
(5) ن، م: وَإِنْ كَانَ. .
(6) ن (فَقَطْ): غَيْرُ مَتْرُوكٍ.
(7) أ، ب: مَنْ لَا يَعْرِفُ إِلَّا اصْطِلَاحَ; ن، م: مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الِاصْطِلَاحَ.