Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

منحة الباري بشرح صحيح البخاري
منحة الباري بشرح صحيح البخاري
منحة الباري بشرح صحيح البخاري
Ebook851 pages5 hours

منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تحفة الباري أو منحة الباري بشرح صحيح البخاري لشيخ الإسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي، هو شرح لصحيح البخاري كثير الفوائد، تفرد بأشياء لم يأت بها سابقوه مع أنه عبارة عن ملخص لعشرة شروح على الصحيح كما قال الغزي، يكشف عن معاني الصحيح، ويبرز عن مباني إعرابه
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJul 14, 1902
ISBN9786789296858
منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Read more from زكريا الأنصاري

Related to منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Related ebooks

Related categories

Reviews for منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    منحة الباري بشرح صحيح البخاري - زكريا الأنصاري

    الغلاف

    منحة الباري بشرح صحيح البخاري

    الجزء 9

    زكريا الأنصاري

    926

    تحفة الباري أو منحة الباري بشرح صحيح البخاري لشيخ الإسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي، هو شرح لصحيح البخاري كثير الفوائد، تفرد بأشياء لم يأت بها سابقوه مع أنه عبارة عن ملخص لعشرة شروح على الصحيح كما قال الغزي، يكشف عن معاني الصحيح، ويبرز عن مباني إعرابه

    بَابُ الشُّرُوطِ فِي الجِهَادِ وَالمُصَالَحَةِ مَعَ أَهْلِ الحَرْبِ وَكِتَابَةِ الشُّرُوطِ

    (باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحروب وكتابة الشروط) زاد في نسخة: مع النَّاس بالقول وهو متعلق بالمتعاطفين الأولين لا بالثالث أيضًا كما لا يخفى.

    2731، 2732 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالاَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ حَتَّى [إِذَا] كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ» فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا: خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ، ثُمَّ قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَال: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ المَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا زَال يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَال: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ، وَمَعَهُمُ العُوذُ المَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ: فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ، فَقَال بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، قَال: فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا، قَال: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَال سُفَهَاؤُهُمْ: لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَال ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ، قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَال: أَيْ قَوْمِ، أَلَسْتُمْ بِالوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَال: أَوَلَسْتُ بِالوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَال: فَهَلْ تَتَّهِمُونِي؟ قَالُوا: لَا، قَال: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَال: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِيهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَال عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَيْ مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ؟ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّي لَأَرَى أَوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ، فَقَال لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: امْصُصْ بِبَظْرِ اللَّاتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟ فَقَال: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بَكْرٍ، قَال: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ، قَال: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ المِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَال لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَال: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَال: أَيْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ؟ وَكَانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا الإِسْلامَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا المَال فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنَيْهِ، قَال: فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إلا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَال: أَيْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى المُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ، وَكِسْرَى، وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا، فَقَال رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا فُلانٌ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ البُدْنَ، فَابْعَثُوهَا لَهُ فَبُعِثَتْ لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَال: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَال: رَأَيْتُ البُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ، فَقَال: دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا مِكْرَزٌ، وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَال مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ قَال مَعْمَرٌ: قَال الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَال: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَاتِبَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَال سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَال المُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ثُمَّ قَال: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَال سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - قَال الزُّهْرِيُّ: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا - فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ بِهِ، فَقَال سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقَال سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إلا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، قَال المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقَال سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ، قَال: فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَجِزْهُ لِي، قَال: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَال: بَلَى فَافْعَلْ، قَال: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَال مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَال أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ، قَال: فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا، قَال: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ، قَال: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَال: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَال: بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ، قَال: قُلْتُ: لَا، قَال: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ، قَال: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَال: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَال: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَال: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَال: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ، - قَال الزُّهْرِيُّ: قَال عُمَرُ -: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا، قَال: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قَال: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَال ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] حَتَّى بَلَغَ بِعِصَمِ الكَوَافِرِ فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ، كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: العَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَال أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقَال: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَال أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أَتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ: لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ البَحْرِ قَال: وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إلا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إلا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ، لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24] حَتَّى بَلَغَ {الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26] وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ البَيْتِ.

    [انظر: 1694، 1615 - فتح: 5/ 329]

    [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "مَعَرَّةٌ العُرُّ: الجَرَبُ، تَزَيَّلُوا: تَمَيَّزُوا، وَحَمَيْتُ القَوْمَ: مَنَعْتُهُمْ حِمَايَةً، وَأَحْمَيْتُ الحِمَى: جَعَلْتُهُ حِمًى لَا يُدْخَلُ، وَأَحْمَيْتُ الحَدِيدَ وَأَحْمَيْتُ الرَّجُلَ: إِذَا أَغْضَبْتَهُ إِحْمَاءً]

    (حدثني عبد الله) في نسخة: حدثنا عبد الله. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد (حتى كانوا) في نسخة: حتى إذا كانوا. (بالغميم) بفتح المعجمة وكسر الميم، وفي نسخة: بضم المعجمة وفتح الميم: واد بينه وبين مكة نحو مرحلتين (1) (طليعة) بالنصب والرفع: مقدمة الجيش. (بقترة الجيش) بفتح القاف والتاء: الغبار الأسود. (نذيرًا) أي: منذرًا. (بالثنية) أي: ثنية المرار بكسر الميم. (حل حل) بفتح المهملة وسكون اللام فيهما، وقيل: بالتنوين فيهما، وقيل: بالتنوين في الأول وبالسكون في الثاني: زجر للراحلة إذا حملها على السير (فألحت) بتشديد المهملة، أي: لزمت مكانها، ولم تنبعث بل بالغت في البروك. (خلأت) بفتح المعجمة واللام والهمزة، أي حرنت وتصعبت. (القصواء) فتح القاف وسكون المهملة والمد: اسم لناقته - صلى الله عليه وسلم - سميت بذلك؛ لأن طرف أذنها كان مقطوعًا، من القصو: وهو قطع طرف الأذن؛ أو لأنها بلغت من السبق أقصاه. (وما ذاك لها بخلق) بضم الخاء واللام، أي ليس الخلاء لها بعادة كما ظننتم (حبسها) أي: عن مكة. (حابس الفيل) أي: الله تعالى لأنهم لو دخلوا مكة على تلك الحالة وصدتهم قريش عن ذلك، لوقع بينهم ما يفضي إلى سفك الدماء ونهب الأموال، لكن سبق في علم الله تعالى أنه يخرج من أصلابهم من يؤمن. (لا يسألوني) في نسخة: لا يسألونني. (خطة) بضم المعجمة، أي: خصلة بفتحها. (على ثمد) بفتح المثلثة والميم أي: ماء قليل، لا مادة له.

    (يتبرضه) كالتفسير لما قبله، والتبرض بضاد معجمة: أخذ الشيء بمشقة قليلًا قليلًا. (تبرضًا) مفعول مطلق. يلبثه الناس) من التلبيث أو الإلباث أي: لم يتركوه يلبث، أي: يقيم. (حتى نزحوه) أي: (1) الغميم: موضع قرب المدينة بين رابغ والجحفة. انظر: معجم البلدان 4/ 214.

    أخذوه كله. (من كنانته) بكسر الكاف، أي: جعبته التي فيها النبل. (فيه) أي: في الثمد. (يجيش) أي: يزيد. (بالري) بكسر الراء، أي: بما يرويهم. (حتى صدروا) أي رجعوا. (فبينما) في نسخة: فبينا. (بديل) بالتصغير. (ابن ورقاء) بالمد. (عيبة نصح رسول الله) بمهملة مفتوحة فياء ساكنة فموحدة مفتوحة، أي: موضع سرة وأمانته، شبه صدر الإنسان الذي هو مستوح سره بالعيبة التي هي مستودع خير الأثواب.

    (تهامة) بكسر الفوقية: مكة وما حولها. (أعداد) بفتح الهمزة جمع عد بكسر العين وتشديد الدال: وهو الماء الذي لا انقطاع له كالبئر والعين، وقيل: هو بلغة تميم الكثير، وبلغة بكر بن وائل القليل. (العوذ) بضم المهملة وبمعجمة جمع عائذ: النوق الحديثات النتاج ذات اللبن. (المطافيل) بفتح الميم جمع مطفل بضمها وكسر الفاء، أي: الأمهات التي معها أطفالها، والمراد بهم: خرجوا بذوات الألبان من الإبل؛ ليتزودا بألبانها، ولا يرجعوا حتى يمنعوه - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: المراد النساء والصبيان، لكنه استعار ذلك، يعني: أنهم خرجوا بنسائهم وأولادهم لإرادة طول المقام، فليكون أدعى إلى عدم الفرار، ويحتمل إرادة المعنيين كما جمع بينهما في رواية (1).

    (وصادوك) أي: مانعوك. (نهكتهم الحرب) بفتح الهاء وكسرها، أي: أضعفتهم وأبلغت في ضعفهم. (ماددتهم) أي: ضربت معهم (مدة) أترك قتالهم فيها. (بيني وبين الناس) زاد في نسخة: إن شاءوا (فإن أظهر) بالجزم، أي: أغلب. (فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا) قوله: (فعلوا) جواب: (إن شاءوا) والجملة (1) انظر: طبقات ابن سعد 2/ 95.

    الشرطية جواب: (إن أظهر) (وإلا) أي: وإن لم أظهر. (فقد جموا) بجيم مفتوحة وميم مضمومة مشددة، أي استراحوا من جَهْد القتال. وقوله: (فإن أظهر) إنما هو منه - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الفرض والمجاراة مع الخصم بزعمه وإلا فهو جازم بأن الله يظهره على الدين كله حتى ينفرد. (سالفتي) أي: تنفصل رقبتي بالقتل. (ولينفذن) بضم التحتية وسكون النون وفتح المعجمة وبفتح النون وكسر الفاء المشددة، أي: ليمضين الله أمره في نصر دينه (هات) فعل أمر مبني على حذف الياء التي هي لامه مثل عاز، أي: أعطنا.

    (فقام عروة بن مسعود) أي: ابن معتب الثقفي وكان سيدًا مطاعًا في قومه، أسلم ورجع إليهم ودعاهم إلى الإسلام فقتلوه. (أي قوم) أي: يا قوم. (ألستم بالوالد) أي: بمثله في الشفقة والمحبة، وأراد بذلك أنكم قد ولدتموني في الجملة لكون أمي وهي سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف منكم.

    (أو لست بالولد؟) أي: بمثله في النصح لوالده. (تتهموني) في نسخة تتهمونني أي: تنسبوني إلى التهمة. (استنفرت أهل عكاظ) بصرف عكاظ وعدم صرفه، أي: دعوتهم للقتال نصرة لكم، وعكاظ بضم المهملة وخفة الكاف وبمعجمة: اسم سوق بناحية مكة كانت العرب تجتمع به في كل سنة مرة (1). (فلما بلّحوا) أي: بفتح الموحدة واللام مشددة ومخففة وبمهملة أي امتنعوا وعجزوا، يقال: بلح الفرس إذا وقف وأعيا. (فإن هذا) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (عرض لكم) في نسخة: عرض عليكم. (خطة رشد) أي: خصلة فيها رشد وصلاح. (1) معجم البلدان 4/ 142.

    (آتيه) بالمد والياء على الاستئناف، أي: أنا آتيه، وفي نسخة هنا وفيما بعد: (آته) بالجزم بحذف الياء على جواب الأمر قبله. (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: لعروة. (عند ذلك) أي: عند قوله: لأقاتلنهم. (أي محمد) أي: يا محمد. (أرأيت) أي: أخبرني.

    (إن استأصلت أمر قومك) أي: استوعبتهم إهلاكًا. (اجتاح) بتقديم الجيم على الحاء أي: أهلك. (أهله) في نسخة: أصله. (وإن تكن الأخرى). قال الكرماني: جزاؤه محذوف، أي: وإن تكن الدولة لقومك، فلا يخفى ما يفعلون بكم، وفيه: رعاية الأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يصرح إلا بشق غالبيته. قال: ولفظ: فإني كالتعليل لظهور شق المغلوبية (1). (لا أرى وجوهًا) أي: أعيانًا من الناس. (أشوابًا) في نسخة: أوشابًا بتقديم الواو على الشين، أي: أخلاطًا. (خليقًا) أي: جديرًا، وفي نسخة: حلقًا. (أن يفروا) أي: بأن يفروا. (أبو بكر) زاد في نسخة: الصديق. (امصص) بهمزة وصل وفتح الصاد الأولى [أمر من مصص يمصص من باب علم بعلم، في نسخة: بضم الصاد الأولى] (2) وخطأها بعضهم (ببظر) بفتح الموحدة الثانية وسكون المعجمة، وفي نسخة: (بظر) بحذف الباء الأولى، أي: قطعة تبقى بعد ختان المرأة في فرجها. (اللات) اسم للأصنام التي تعبد من دون الله، والجملة شتم لعروة، وقد كانت عادة العرب الشتم بها.

    لكن نقول (بظر أمه) فاستعار أبو بكر رضي الله عنه ذلك في اللات لتعظيمهم لها، فقصد المبالغة في سب عروة، فإقامة من كان (1) صحيح البخاري بشرح الكرماني 12/ 43.

    (2) من (ج)، (س).

    يعبد مقام أمه، وحمله على ذلك ما أغضبه من نسبة المسلمين إلى الفرار.

    (أنحن نفر؟) استفهام إنكاري. (أما) بالتخفيف: حرف استفتاح. (يده) أي: نعمة ومنه وهي أن عروة كان قد تحمل دية فأعانه فيها أبو بكر بعشر قلائص. (لم أجزك بها) بفتح الهمزة وسكون الجيم، أي: لم أكافئك بها. (فكلما تكلم) أي: كلمة كما في نسخة، وفي أخرى: فكلما كلمه. (أخذ بلحيته) على عادة العرب من تناول الرجل لحية من يكلمه يقصدون بذلك الملاطفة، وإنما منعه المغيرة من ذلك تعظيمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ كان إنما يفعل الرجل ذلك بنظيره لا بالرؤساء، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمنعه من ذلك تآلفًا له واستمالة لقلبه.

    (وعليه المغفر) بكسر الميم: زاد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة وإنما لبسه المغيرة ليستخفي من عروة عمه. (أهوى) أي: مال. (قالوا) في نسخة: قال: (أي: غدر) بضم المعجمة، وفتح المهملة أي: يا غدر وهو معدول عن غادر، مبالغة في وصفه بالغدر. (ألست أسعى في غدرتك؟) أي: أسعى في دفع شر خيانتك ببذل المال ونحوه. والغدرة بالفتح: الغفلة، وبالكسر: اسم لما فعل من الغدر، فالأول للمرة والثاني للهيئة.

    (وكان المغيرة) أي: قبل إسلامه. (أما الإسلام) بالرفع مبتدأ خبره (أقبل) في قوله: (فأقبله) أي: فأقبله، وبالنصب مفعول (أقبل) كما في قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)} [الضحى: 9]. (فلست منه في شيء) أي: فلا أتعرض له؛ لكون المغيرة أخذه غدرًا؛ لأن أموال المشركين، وإن كان مغنومة عند القطر فلا يحل أخذها عند الأمن، فالغدر حينئذ بها محظور. (يرمق) بضم الميم، أي: يلحظ. (نخامة) بضم النون ما يصعد من الصدر إلى الفم. (يقتتلون) أي: يختصمون. (على وضوئه) بفتح الواو أي: على فضلة الماء الذي يتوضأ به، أو على ما يجتمع من القطرات، ويسيل من الماء الذي باشر أعضاءه - صلى الله عليه وسلم -.

    (وإذا تكلم) أي: النبي، وفي نسخة هنا وفيما بعد: (وإذا تكلموا) أي: الصحابة. (يحدون) بضم الياء وكسر المهملة من الإحداد وهو: شدة النظر. (أي قوم) أي: يا قوم (وفدت على الملوك) بفتح الفاء، أي: قدمت عليهم. (وفدت على قيصر) هو لقب لكل من ملك الروم. (وكسرى) بكسر الكاف وفتحها لقب لكل من ملك الفرس. (والنجاشي) لقب لكل من ملك الحبشة، وخصَّ الثلاثة بالذكر مع دخولها فيما قبلها؛ لأنهم كانوا أعظم ملوك ذلك الزمان. (إن رأيت) إن: هنا وفيما بعد نافية (وتنخم) في نسخة: يتنخم بلفظ المضارع. (رجل من بني كنانة) هو الحليس بمهملتين مصغرًا: ابن علقمة (البدن) بضم الموحدة، وسكون الدال وضمها جمع بدنة: وهي ناقة أو بقرة قاله الجوهري (1). (يلبون) أي: بالعمرة. (قلدت) بالبناء للمفعول، أي: علق في عنقها شيء؛ ليعلم أنها هدي. (وأشعرت) بالبناء للمفعول، أي: طعن سنامها بحيث سال دمها؛ ليعلم أنها هدى أيضًا. (فما أرى) بفتح الهمزة من الرأي. (مكرز) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح الراء وبزاي (ابن حفص) بمهملتين أي: ابن الأخيف بمعجمة فتحتية ففاء: العامري (فاجر) أي: غادر؛ لشهرته في الغدر. (سهيل ابن عمرو) لفظ: (ابن عمرو) ساقط من نسخة، (لقد سهل) في نسخة قد سهل وهذا من باب (1) الصحاح 5/ 2077 مادة (بدن).

    التفاؤل وكان - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الفأل الحسن (1).

    (من أمركم) فاعل (سهل) (أمركم). (ومن) زائدة، أو تبعيضية أي: سهل بعض أمركم. (الكاتب) هو على ابن أبي طالب. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) متعلق بمحذوف أي: آكتب. (قال) في نسخة فقال. (ما هو) في نسخة: ما هي أي: كلمة الرحمن. (قاضى عليه) أي: فاصل وأمضى أمرهم عليه (وذلك) أي: إجابته لسؤال سهيل أن اكتب باسمك اللهم، واكتب محمد بن عبد الله (لا يسألوني) في نسخة: لا يسألونني أي: قريش. (فنطوف) بالتحتية من طاف، وفي نسخة هنا وفيما بعدُ: نطوّف بتشديد الطاء والواو من طوّف، (وعليهما) هو بالنصب عطف على (تخلوا)، أو بالرفع استئناف. (والله لا) أي: لا نُخلي (تتحدث العرب) استئناف. (إنا أُخذنا) بالبناء للمفعول. (ضغطة) بضم الضاد وسكون الغين المعجمتين، أي: قهرًا، والنصب على التمييز. (ذلك) أي: ما ذكر من التخلية. (لا يأتيك منا رجل) في رواية (1) رواه أحمد 6/ 129 - 130. والحارث بن أسامة في مسنده كما في بغية الباحث (747) كتاب: القدر، باب: الطير تجري بقدر. وابن أبي عاصم في السنة 1/ 113 (254). والبزار كما في كشف الأستار (2161) باب: الطير تجري بقدر. وقال: لا نعلم رواه إلا عائشة، ولا له إلا هذا الإسناد. وابن حبان في صحيحه 13/ 139 (5824) كتاب: الحظر والإباحة، باب: الأسماء والكنى. والإسماعيلي في معجم الشيوخ 1/ 457، 111 -. والحاكم في المستدرك 1/ 32 كتاب: الإيمان وقال: قد احتج الشيخان برواة هذا الحديث عن آخرهم غير يوسف بن أبي بردة، والذي عندي أنهما لم يهملاه بجرح ولا بضعف؛ بل لقلة حديثه فإنه عزيز الحديث جدًّا. ووافقه الذهبي.

    وقال الألباني: حديث حسن، رجاله ثقات غير أن حسان بن إبراهيم لم يوثقه ابن حبان. انظر: الصحيحة (860).

    سبقت أول الشروط لا يأتيك منا أحد (1).

    (أبو جندل) بفتح الجيم واسمه العاصي. (يرسف في قيوده) بضم المهملة، أي: يمشى فيها مشيًا بطيئًا؛ بسببها. (بين أظهر المسلمين) أي: بينهم و (أظهر) مقحمة. (أول ما) في نسخة: أول من. (لم نقض) بسكون القاف وكسر المعجمة، وفي نسخة: (لم نفض) بفاء مضمومة فمعجمة مشددة أي: لم يفرغ من كتابته. (لم أصالحك) في نسخة لا أصالحك.

    (فأجزه لي) بزاي أو راء، أي: امض لي فعلي فيه فلا أبيده إليك (بمجيزه لك) في نسخة: بمجيز ذلك لك. (بل) ساقط من نسخة، وفي أخرى بدل (بل): بلى أي: نعم قد (قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أبيد إلى المشركين، وقد جئت مسلمًا) إن قلت لم رده - صلى الله عليه وسلم - إليهم، وقد (قال مكرز أجزناه لك)؟ أجيب: بأنه إنما رده إليهم؛ لأنه كان يأمن عليه القتل؛ لكونه إنما رده إليه، والغالب أن أباه لا يقتله، وبهذا أسقط الجواب بأن المتصدي لعقد المهادنة هو سهيل لا مكرز، فالاعتبار بقول المباشر لا بقول مكرز. (لقيت) بكسر القاف وفتحها (الدّنية) بتشديد التحتية، أي: الحالة الدنية، أي: الخسيسة وأصله: الهمز لكن خفف. (ولست أعصيه) فيه: تنبيه لعمر - رضي الله عنه - على إزالة ما حصل عنده من القلق وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك إلا لأمر أطلعه الله عليه من حبس الناقة عن أهل مكة، وأنه لم يفعل ذلك إلا بوحي. (ومطوف به) بتشديد الطاء والواو المكسورة. (لرسول الله) في نسخة رسول الله. (بغرزه) بفتح المعجمة وبزاي بعد راء ساكنة: هو (1) سبق برقم (2713) كتاب: الشروط، باب: ما يجوز من الشروط.

    للإبل كالركاب للفرس، أي: يمسك بأمره ولا يخالفه كما يتمسك المرء بركاب الفرس. (فعملت لذلك) أي: لتوقفي في الامتثال ابتداءً (أعمالًا) أي: من المجئ والذهاب والسؤال والجواب ولم يكن هذا من عمر شكًّا، بل طلبًا لكشف ما خفى عليه وحثًّا على إذلال الكفار، كما عرف من قوته في نصرة الدين، وأما جواب أبي بكر - رضي الله عنه - بمثل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من الدلائل الباهرة على عظيم فضله ورسوخه، وشدة إطلاعه على معاني أمور الدين.

    وفيه: أن للإمام أن يعقد الصلح على ما رآه مصلحة للمسلمين، وإن لم يظهر ذلك لبعضهم في بادئ الرأي، وفيه احتمال المفسدة اليسيرة، لدفع أعظم منها، وإنما وافقهم في ترك كتابة الرحمن ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ورده الجائي مسلمًا للمصلحة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة في هذه الأمور.

    وفيه: تقليد الهدى، وإقامة الرئيس الرجال على رأسه في مواضع الخوف. (ما قام رجل منهم) ليسس ذلك؛ لمخالفة أمره بل لرجاء نزول الوحي بإبطال الصلح المذكورة ليتم لهم قضاء نسكهم أو لاعتقادهم أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور فلما رأوه جازمًا، وفعل النحر والحلق علموا أنه ليس وراء ذلك غاية تنتظر فبادروا إلى الائتمار بقوله، الاتساء بفعله كما ذكره بعد (حتى فعل ذلك) أي: ما قالته له أم سلمة وفسر قوله: (فعل ذلك) بقوله (نحر بدنه) بضم الموحدة جمع بدنة، وفي نسخة: نحر هديه ودعا خالقه هو خراش -بكسر المعجمة - بن أمية بن الفضل الخزاعي. (عما) أي: ازدحامًا.

    وفيه: فضيلة أم سلمة، ووفور عقلها، وقبول قول النساء إذا كن مصيبات. (بعصم الكوافر) أي: بما يعتصم به الكافرات من عقد ونسب، والمراد نهي المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات، فالآية على رواية (لا يأتيك منا أحد) مخصصة للسنة، وقيل ناسخة لها، أما على رواية: (لا يأتيك منا رجل) فلا إشكال. (أبو بصير) اسمه: عتبة بن أسيد بفتح الهمزة. (فأرسلوا) أي: قريش. (رجلين) هما خنيس بالتصغير ابن جابر، وأزهر بن عوف الزهري. (فدفعه إلى الرجلين) أي: وفاءً بالعهد. (فاستله الآخر) يعني: أخرج السيف صاحبه من غمده، وفي تعبيره بالآخر إيهام أن المراد به الرجل الآخر، وهو صحيح وإن كان بعيدًا. (فأمكنه منه) في نسخة بدل (منه): به والباء فيها بمعنى: من، كما في قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ} [الإنسان: 6] (حتى برد) بفتح الموحدة والراء، أي: مات، وهو كناية؛ لأن البرودة لازمة للموت (ذعرًا) بمعجمة مضمومة فمهملة ساكنة، أي: فزعًا وخوفًا.

    (قتل) بالبناء للمفعول، وفي نسخة بالبناء للفاعل، أي: أبو بصير.

    (صاحبي) مرفوع على الأولى، ومنصوب على الثانية. (وإني لمقتول) أي: إن لم تردده عني. (ويل أمه) أصله: دعاء، لكنه هنا للتعجب على إقدامه في الحرب وإيقاد نارها، وشدة النهوض لها، وهمزته همزة قطع، وفي نسخة: بحذفها تخفيفًا، و (ويل) بالنصب على أنه مفعول مطلق. قال الكرماني: وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، أي: هو ويل لأمه (1) والقياس أن ما قاله جائز مع الإضافة أيضًا، لكن قد يقال منعه الجوهري معها حيث قال: تقول: ويل لزيد وويلًا لزيد، فالنصب على إضمار الفعل، والرفع على الابتداء، هذا إذا لم تضفه (1) البخاري بشرح الكرماني 12/ 51.

    فأما إذا أضفت فليس إلا النصب؛ لأنك لو رفعته فلم يكن له خبر (1). ويجاب بأن منعه ذلك محمول على ما إذا رفع ويل على الابتداء كما نطق به، وإلا فلا مانع من رفعه على أنه خبر لمبتدإِ محذوف كما في حال عدم الإضافة. (مسعر

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1