Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

قراءة نقديّة لتاريخ المقاومة الفلسطينية
قراءة نقديّة لتاريخ المقاومة الفلسطينية
قراءة نقديّة لتاريخ المقاومة الفلسطينية
Ebook147 pages1 hour

قراءة نقديّة لتاريخ المقاومة الفلسطينية

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تستند الدراسة التي في هذا الكتاب إلى ما كتبه معدّها حول الشؤون الفلسطينية. فهي دراسة تلخّص ما ورد حول المقاومة الفلسطينية في كتب دراساتٍ خمسة، وكتب شهادات ستة، ومئات البحوث والمقالات. كما تستند الدراسة إلى معلومات شخصية لم ينشرها الكاتب من قبل. ويتوخى الكتاب إضاءة أهم محطات تطور هذه المقاومة وأساليبها ووسائلها والفكر الذي وجهها؛ ترصد التطور منذ بوادره الأولى حتى اليوم. أما إشكالية الدراسة فيرسمها هذا السؤال: هل أجاد المقاومون الفلسطينيون استخدام القدرات التي توفرت لهم أو أنهم أساءوا؟ وللسؤال تتمة يكتمل بها رسم الإشكالية: هل كان بالإمكان أن يظفر الفلسطينيون بأفضل مما تحقق لهم؟
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2017
ISBN9786938449982
قراءة نقديّة لتاريخ المقاومة الفلسطينية
Author

فيصل حوراني

محمود عباس

Read more from فيصل حوراني

Related to قراءة نقديّة لتاريخ المقاومة الفلسطينية

Related ebooks

Reviews for قراءة نقديّة لتاريخ المقاومة الفلسطينية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    قراءة نقديّة لتاريخ المقاومة الفلسطينية - فيصل حوراني

    البداية: احتجاج وهبّات متقطعة

    مع الانتباه لخلافات الدارسين حول تحديد تاريخ لبداية المقاومة الفلسطينية، سنعتمد هنا التحديد الأقرب إلى واقع الحال، فنقول إن البوادر الأولى للمقاومة ظهرت منذ تعرضت البلاد للاحتلال البريطاني. فوجود هذا الاحتلال هو الذي وفّر الظرف اللازم لتطبيق المشروع الصهيوني، فأطلق المقاومة. والواقع أن مظاهر الترحيب التي استقبل بها جيش الاحتلال البريطاني بوصفه قوة تحرير للبلاد من السطوة التركية عليها سرعان ما تلاشت. فالمحتلون أنفسهم أعلنوا أنهم ملتزمون العمل على تمكين الصهيونيين من إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين، الوطن الذي كانت بريطانيا قد أكدت عزمها المساعدة على إنشائه. وكان وزير خارجية بريطانيا لورد آرثر بلفور قد صاغ هذا الالتزام في الوثيقة التي اشتهرت باسم وعد بلفور، والتي صدرت قبل أسابيع فقط من دخول الجيش البريطاني فلسطين. لكن، لئن اتخذ الفلسطينيون، جمهورهم وقادتهم، موقفاً حازماً في معارضة المشروع الصهيوني المسنود من بريطانيا، فإن الموقف من الاحتلال البريطاني الذي جاء بالانتداب الشهير بدا ملتبساً. وفي أدق قراءة لهذا الموقف، يمكن القول إن الحركة الوطنية الفلسطينية التي تمايزت عن الحركة العربية القومية الواحدة للتوّ مالت إلى القبول بوجود بريطانيا المحتلة والمنتدبة إذا وافقت بريطانيا هذه على طيّ التزامها إنشاء الوطن القومي اليهودي وألغت وعد بلفور.

    ومن المفيد أن نشير إلى تمايز ردة فعل الجمهور منذ البداية عن موقف قيادة الحركة الوطنية والنخب المدينية والريفية التي تمثلها. فمزاج الجمهور اتجه بسرعة إلى معاداة بريطانيا والصهيونية معاً. وفي الأغلب، كان الجمهور ميّالاً إلى مقاومة الطرفين كليهما. أما القيادة، فقد وجهتها الرغبة في التعاون مع بريطانيا، حتى وهي تأبى أن تقبل المشروع الصهيوني بأي حال من الأحوال. ومن هذا التباين في موقفها، ارتسم نهج القيادة المساوم وسعيها لاجتذاب بريطانيا إلى مقايضة: إلغاء وعد بلفور مقابل قبول الفلسطينيين بالانتداب وتمكين بريطانيا من تحقيق مصالحها بموافقتهم. وبرغبتها في المساومة، كان من تحصيل الحاصل أن تتشبث اللجنة التنفيذية التي رأسها موسى كاظم باشا الحسيني، وهي التي توالى انتخابها للقيادة من قبل المؤتمرات الوطنية الفلسطينية المتعاقبة منذ 1919 حتى 1928، بنهج التفاوض، وأن تحظر اللجوء إلى العنف.

    وحين كان عداء الجمهور يلتهب ضد الاحتلال البريطاني مثلما هو ملتهب ضد الغزو الصهيوني، كانت القيادة تعمد إلى تهدئة الجمهور وتصر على إتباع الأساليب الشرعية واستخدام الوسائل القانونية في التعبير. ولأن الأمر لم يَخْلُ مع هذا من مبادرات استخدم فيها السلاح، فقد دأبت القيادة على استنكار هذه المبادرات والتنصل من أي مسؤولية عنها. وطيلة عقد ونصف عقد امتدا منذ تولت اللجنة التنفيذية قيادة الحركة الوطنية إلى أن تلاشت هذه اللجنة، لم تجز قيادة الشعب الفلسطيني لنفسها أن تسلك سلوكاً يخالف القانون، ولم تتبنّ أي نشاط غير قانوني، حتى لو قام به ناس من أنصارها. الاستثناء الوحيد جرى في العام 1933، في آخر عهد اللجنة، حين تصدر رئيسها وأعضاء فيها مظاهرات جرت دون ترخيص من السلطة البريطانية.

    تجنُّب استخدام العنف ضد الوجودين البريطاني والصهيوني أملاه دافعان مختلفان وإن نجم أحدهما من الآخر. فإزاء الوجود البريطاني، تجنّبت القيادة استخدام العنف لأنها ظلت أسيرة الرغبة في التعاون مع بريطانيا. أما إزاء الجانب الآخر، حيث الموقف ضده كان حاسماً، فتجنب العنف أملته خشية القيادة أن يؤدي استخدامه إلى استفزاز بريطانيا فيحملها على صبّ مزيد من القمع على الشعب الفلسطيني وتوفير مزيد من الدعم والحماية للمشروع الصهيوني. وفي الحالتين، انضاف إلى ما تقدم خشية القيادة أن تؤدي إجازة استخدام العنف إلى إمعان الجمهور فيه وفقدانها هي القدرة على ضبط حركة الجمهور لإبقائها في الإيقاع الملائم لها. والفارق بين الدافعين هو الذي أملى فوارق بين الأساليب والوسائل.

    فمع بريطانيا، حيث الهدف هو إقناعها بمزايا تعاونها مع العرب دون اليهود، اتبعت اللجنة التنفيذية أسلوب المحادثات والمفاوضات المباشرة المتأنية وثابرت عليه، دون أن يوقفها تعاقب خيبات الأمل. وكانت الوسائل هي تقديم الشروح وإعداد المذكرات المستفيضة وتضمينها الحجج والبراهين الملائمة، وحث مؤسسات المجتمع المدنية على إغراق بريطانيا بفيض من عرائض الاحتجاج التي تدعم موقف القيادة. وحين بلغ تراكم خيبات الأمل حداً يتعذر تجاهله وشددت القيادة نبرة الاحتجاج وزاد تواتر مبادرات الجمهور إلى استخدام العنف، ظلت القيادة حريصة على أن ينصبّ الاحتجاج ضد هذا أو ذاك من أوجه تأييد بريطانيا للجانب الصهيوني، دون أن يبلغ حد الجهر بالعداء لبريطانيا ذاتها.

    أما إزاء المشروع الصهيوني، أو لنقل إزاء الييشوف الآخذ في النمو بمساعدة بريطانيا، فإن الرفض الفلسطيني البات لوجوده ذاته هو الذي حدد أسلوب المقاومة ووسائلها. وبالرغم من أن القيادة لم تجز للجمهور استخدام السلاح وأشكال العنف الأخرى ضد الييشوف، فإنها لم تتشدد في منعه من استخدامها في حالات بعينها. أما ما استمر في الحالات كلها فهو دأب القيادة على إنكار أي مسؤولية لها عن أي عنف.

    ولا بأس من أن نستحضر وقائع ما جرى في أيار / مايو 1920. ففي هذا الوقت الذي تبع إعلان الثوار العرب دولتهم قصيرة العمر في دمشق وقبل أن تسقط هذه الدولة، شنت مجموعاتٌ مسلحة هجومين على مستوطنتين يهوديتين فدمرت صغراهما، وهي تل حاي، وأخلت الثانية، وهي كفار غلعادي، من مستوطنيها، وقتلت ستة يهود. وتبعت الهجومين نشاطاتٌ مسلحة أخرى ضد مواقع للييشوف شهدتها منطقة سمخ المحاذية للحدود مع سورية. وإذا لم يقدر لهذه النشاطات أن تستمر وتتطور، فمما لا شك فيه أن سقوط الدولة العربية في دمشق ووقوع سورية في قبضة الاحتلال الفرنسي كانا بين الأسباب. أما السبب الرئيسي فظلّ هو هذا الذي ذكرناه: خشية القيادة استخدام العنف. وفي كل الأحوال، تواترت عمليات واحتكاكات مسلحة متباعدة بين أهل البلاد ومستوطني الييشوف. إلا أن تهيب القيادة الفلسطينية ويقظة البريطانيين كانا يتضافران فيطوقان كل احتكاك.

    وهكذا، ودون إغفال العمليات المسلحة القليلة واشتباكات الشوارع، بقي الطابع العام للمقاومة هو الاحتجاج والشكوى والتظاهر، إلى أن وقعت هبّة البراق فأشّرت لبداية مرحلة جديدة مع الوجودين البريطاني والصهيوني كليهما. والواقع أن هبّة البراق تُشكل محطة متميزة في مسار المقاومة الفلسطينية، خصوصاً دلالتها على انتشار روح العداء ضد بريطانيا وما أحدثته هي من دفع في هذا الاتجاه. فالسبب المباشر لهذه الهبّة كان مماثلاً للأسباب التي أطلقت هبّات سبقتها وتكررت منذ العام 1920 وشهدت أشكال عنف شتى ضد الييشوف. أما جديد هبّة البراق فهو تصدي العرب للجانبين معاً، الصهيوني والبريطاني، واستهدافهم مواقع لهما كليهما، وإيقاع إصابات

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1