Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

زينة .. صبية من حديد وحرير
زينة .. صبية من حديد وحرير
زينة .. صبية من حديد وحرير
Ebook275 pages1 hour

زينة .. صبية من حديد وحرير

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

زينة.. صبيَّة مِن حديد وحرير.  عندما يدقُّ القلب لا بدَّ لك مِن أن تَفتح الباب.  ما أرقَّ قلوب العاشقين وأنا واحد منهم! فكيف إن كان مَن يدقُّ الباب هو زينة؟ وزينة ليست عنوان رواية بقدر ما هي رواية فصول مِن حياتي، نبض مِن عمري الذي استنزفتُ معظم أيامه، وما تبقَّى في يد الرحمن، في بطن الزمن والأيام، ويومًا ستحين لحظة الرحيل.  وحتَّى لا يكون هذا العمر قد ذهب هباءً، أحببتُ أن أُجمِّله بقصة، وما أجملها مِن قصة عندما تكتب وأنت ترى على جهاز الحاسوب أطياف أناس أحببتَهم وقد رحلوا، وبِتَّ أنت تنتظر لحظة اللقاء مِن جديد.  ربَّما هي أكثر مِن رواية لأنَّها مصاغة بمداد لا يُشبِه سِوَاه، فعندما يكتب الأب عن ابنته يكون للكلمات بوحٌ آخَر هو أشبه ببوح الياسمين، ومِن هذا البوح تتسلَّل الكلمات لتروي قصة الولادة والنشأة والوجع مع مرض انحناء العمود الفقري ورحلة البحث عن علاج حتَّى لحظة الخضوع للعملية الجراحية الخطيرة. أمَّا رحلة زينة مع عالم الفن فقصَّة أخرى، وهي لا تحكي فقط مسيرة فنانة، بل تروي أيضًا وجع أب مِن لحظات الفراق.  ومِن فيلم "حبَّة لولو" الذي كان العمل الفني الأول لزينة تنطلق رحلة التقصِّي لهذا المشوار الفنِّي مِن وجهة نظر أب، لَم ترصد فقط الجانب الفني المجرَّد حتَّى العمل الأخير "شتّي يا بيروت" وصرخة زينة الشهيرة: بابا، التي فتحَت نوافذ قلب الأب على صرخة مماثلة ستكون يومًا حقيقية.  ومِن صرخة: بابا، انفتح صنبور الذكريات مِن الطفولة حتى اليوم مِن خلال مقتطفات مِن حياة زينة، مع تفوُّقها الدراسي وميدالياتها التي تطوِّق جِيدَها، إلى مناجاة سريرها في بيت العائلة الذي كان يشكو غيابها، إلى دبدوب.. اللعبة المخبَّأة في أحد أدراج خزائن البيت.  مع زينة جبلتُ أحرفي بقصائد أبي وعجين أمي.. ما أرقَّ الشِّعر عندما يكون حكمة، وما أطيَب الخبز عندما تكون خميرته العاطفة! زينة.. صبيَّة مِن حديد وحرير. لَم تكن رواية بالصدفة، كانت فقط مخبَّأة في قلب أب إلى أن يحين الموعد.. كانت قصيدة هي بطَلَتها، وأنا الراوي.
Languageالعربية
Release dateApr 28, 2023
ISBN9789948794691
زينة .. صبية من حديد وحرير
Author

Ahmad Ali Makki

أحمد علي مكي، من مواليدِ بيروت عام 1950، ومقيمٌ في الكويت منذُ عام 1976. عَشِقَ اللُّغةَ العربيةَ ودراسةَ القانون، فانتسبَ إلى الجامعةِ اللُّبنانيَّةِ في بيروتَ، ودرسَ اللُّغةَ العربيةَ وآدابها، وحازَ على شهادةِ الماجستير عام 1979 بدرجةِ امتياز، كما تذوَّقَ دراسةَ الحقوق في الجامعة اللُّبنانية أيضًا.  صحافيٌّ عتيقٌ، عملَ في الصَّحافة الكويتيَّةِ لمدَّة خمسة وأربعين عامًا، وتدرَّجَ في المناصبِ إلى مدير تحريرٍ ومستشار.  استهوتْهُ كتابةُ الرِّواية بعد التقاعُدِ؛ فمارسَها، وكان نتاجُه الأوَّلي ثلاث رواياتٍ هي: "الحُبُّ المجروح"، و"حكاية زوجة أولى"، و"بوح الياسمين"، وكتابًا مُتخصِّصًا عن الصَّحافةِ بعنوان: "الطَّريقُ إلى الصحافة، وردٌ وشوك"، شاركت كلها في مَعرضي القاهرة، وبغداد الدّوليين للكتاب 2022. وضعَ روايتين أخريين هما: "القلبُ لا يدقُّ مرَّتين"، و"رُدَّ قلبي". أنشأَ منصَّةَ استشاراتٍ إعلاميَّة وصحفية؛ لتعميم خِبرته وتجربته على مُحبِّي المهنة.

Related to زينة .. صبية من حديد وحرير

Related ebooks

Reviews for زينة .. صبية من حديد وحرير

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    زينة .. صبية من حديد وحرير - Ahmad Ali Makki

    زينة .. صبية من حديد وحرير

    أحمد علي مكي

    Austin Macauley Publishers

    زينة .. صبية من حديد وحرير

    أحمد علي مكي

    الإهداء

    حقوق النشر©

    شكر وتقدير

    صرخة

    بوحٌ

    أنا وزينة

    4 نيسان

    عصفور طلّ من الشّباك

    نطقَت في الشَّهرِ الخَامس

    الطِّفلةُ الَّتي غلبَتْني

    كم تقتلُني هذه النَّظرةُ!

    علاماتٌ كاملةٌ، ودبدوب

    آهٍ مِن سكوليوسيس

    صرخةُ سجينةِ القَفص البلاستيكي

    وجعُ الانتظار

    زينةُ الحديدية، رفيقتي

    الفروسيَّةُ والباليه

    إلى الجامعةِ دُر

    ينحني ولا ينكسر إلى موناكو

    قصَّةُ فيلمٍ وقصَّةُ نجاح

    موناكو صفّقَت لزينة مكّي

    بصمةٌ أُولى

    حبَّة لولو

    أين كنْت من زمان؟

    خفتُ من أضواءِ الشّهرةِ

    الصَّبرُ على المُعاناة

    دربُ الياسمين

    اختيارٌ إجباريٌّ وزيارة مصرَ

    طريق بينَ الصَّدمةِ والحَريق

    ما فيّي، بينَ الإدمانِ والدّموع

    بقعةُ ضوءٍ على: ما فيّي

    صالون زهرة وصندوق الفرجة

    صرخةُ نورفي: شتّي يا بيروت

    كَم مرَّة أبكَتْني زينة؟

    جمعيةُ زينة الخيريَّة

    ماذا يعني لكَ مسقط الرَّأسِ يا بابا؟

    كورونا فرَّقَنا اثنين وعشرين شهرًا

    عواطفُ أبٍ

    يلا تنام والله يا زمن!

    لا بُدَّ منها يومًا ما يا بُنيّتي

    رحلة علاجٍ بالحُبِّ والإكراه!

    دربُ الياسمين وبوح الياسمين

    كم تقتلني هذه النظرة!

    يا فُؤادِي

    بطلة الهَيبة

    أحمد علي مكي

    أحمد علي مكي، من مواليدِ بيروت عام 1950، ومقيمٌ في الكويت منذُ عام 1976.

    عَشِقَ اللُّغةَ العربيةَ ودراسةَ القانون، فانتسبَ إلى الجامعةِ اللُّبنانيَّةِ في بيروتَ، ودرسَ اللُّغةَ العربيةَ وآدابها، وحازَ على شهادةِ الماجستير عام 1979 بدرجةِ امتياز، كما تذوَّقَ دراسةَ الحقوق في الجامعة اللُّبنانية أيضًا.

    صحافيٌّ عتيقٌ، عملَ في الصَّحافة الكويتيَّةِ لمدَّة خمسة وأربعين عامًا، وتدرَّجَ في المناصبِ إلى مدير تحريرٍ ومستشار.

    استهوتْهُ كتابةُ الرِّواية بعد التقاعُدِ؛ فمارسَها، وكان نتاجُه الأوَّلي ثلاث رواياتٍ هي: الحُبُّ المجروح، وحكاية زوجة أولى، وبوح الياسمين، وكتابًا مُتخصِّصًا عن الصَّحافةِ بعنوان: الطَّريقُ إلى الصحافة، وردٌ وشوك، شاركت كلها في مَعرضي القاهرة، وبغداد الدّوليين للكتاب 2022.

    وضعَ روايتين أخريين هما: القلبُ لا يدقُّ مرَّتين، ورُدَّ قلبي.

    أنشأَ منصَّةَ استشاراتٍ إعلاميَّة وصحفية؛ لتعميم خِبرته وتجربته على مُحبِّي المهنة.

    الإهداء

    إلى زينة.. الصبية الَّتي ألهمَتني، وعلَّمَتني كيفَ يكونُ الانتصارُ على الوجعِ مُمكنًا.

    إلى صغيرتي.. الَّتي انحنى عمودُها الفِقْريّ يومًا، فعالَجَتْهُ بالصبر على أسياخِ الحديد.

    إلى آخرِ حبَّاتِ العنقود.. الَّتي أبكتْنِي ببلاغةِ صدقِها أمامَ الكاميرا، فلم أُفرِّقْ بينَ الصبيةِ الحقيقيَّةِ، وأُختها الممثِّلة.

    إلى البضعة من القَلبِ.. الَّتي حفَّزت قلمي على البوحِ قبلَ أن يجفَّ مدادُ القلبِ ويتوقَّف النبضُ.

    إلى الَّتي تشبهُني، وأشبهُها.

    إلى مَن أشتاقُ إليها.. حتَّى لو كانَت إلى جانبي.

    إلى ثالث بناتي.. عنقود حياتي ودقَّات قلبي.

    حقوق النشر©

    أحمد علي مكي 2023

    يمتلك أحمد علي مكي الحق كمؤلف لهذا العمل، وفقًا للقانون الاتحادي رقم (7) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة 2002 م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

    جميع الحقوق محفوظة

    لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأي وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.

    أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948794684 (غلاف ورقي)

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948794691 (كتاب إلكتروني)

    رقم الطلب: MC-10-01-1630929

    التصنيف العمري: E

    تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقًا لنظام التصنيف العمري الصادر عن وزارة الثقافة والشباب.

    الطبعة الأولى: 2023

    أوستن ماكولي للنشر م. م. ح

    مدينة الشارقة للنشر

    صندوق بريد [519201]

    الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

    www.austinmacauley.ae

    +971 655 95 202

    شكر وتقدير

    إلى عَينَي زوجتي اللَّتين كانتا الحارسَ المترقِّبَ يوميًّا على امتداد أعوامٍ طويلةٍ، لحظة عودتي من بيتي إلى بيتي، أستلهمُ منهما سراجًا ينيرُ القلبَ قبلَ الدَّربَ.

    إلى رفيقةِ العمرِ، وونيسة مشوارِ الحياة.

    إلى القلبِ الَّذي أمدَّني بالطَّاقة من لحظةِ الشَّباب حتَّى مرحلة المَشيب.

    إلى الزَّوجةِ، والأمِّ، والمُربِّيةِ.

    إلى الَّتي تُذكِّرني يوميًّا بمَقولة جبران خليل جبران: لا تدبُّ الحياةُ في البيتِ حتَّى تستيقظَ الأمُّ.

    عندَما يدقُّ القلبُ، لا بُدَّ لكَ من أن تفتحَ الباب، ما أرقَّ قلوبَ العاشقين! وأنا واحدٌ منهم، فكيفَ إن كانَ مَن يدقُّ البابَ هو زينة؟

    وزينة ليسَت عنوانَ روايةٍ بقدر ما أنَّها روايةُ فصولٍ من حياتي، نبضٌ من عمري الَّذي استنزفْتُ مُعظَمَ أيَّامه، وما تبقَّى في يدِ الرَّحمن، في بطنِ الزَّمن والأيَّام، ويومًا ستحينُ لحظةُ الرَّحيل.

    وحتى لا يكونُ هذا العمر قد ذهبَ هباءً؛ أحببتُ أن أُجمّلَه بقصَّة، وما أجملها مِن قصةٍ عندَما تكتبُ وأنتَ ترى على جهازِ الحاسوب أطيافَ أناسٍ أحببتَهم، وقد رحلُوا وبتَّ أنتَ تنتظرُ لحظةَ اللقاء من جديد!

    مع زينة جَبلتُ أحرفي بقصائد أبي، وعجين أمّي، ما أرقَّ الشعرَ عندَما يكونُ حكمةً! وما أطيبَ الخبزَ عندما تكونُ خميرته العاطفة!

    اختلسْتُ من وقتي لأكتبَ، حتَّى اختلستني زينةُ من كُلِّ أوقاتي، وهل تُمانعُ أن تسرقَك صبيةٌ من حرير وحديد؟

    زينة الَّتي أَسرَتني يومًا، كرَّمَتني بأن أطلقَ حُبّي من عقالِه ببضع كلماتٍ، فكانت القصيدةَ، وكنتُ الملقي، ما أجملَها مِن قصيدة!

    صرخة

    بابا...

    صرخةٌ، اخترقَت جدارَ الصَّوت، حواجزَ القلبِ، استقرَّت في الوجدان، أمطرَت دموعًا لم تجفَّ، ولن تجفَّ، تخيَّلتُ أنَّ الصَّرخةَ مُوجَّهةٌ لي، بل من أجلي في ساعةِ الرَّحيل، في حضرةِ الموتِ تتكشَّفُ كُلُّ الستائر الَّتي نختبئُ خلفها، نمسحُ عن وجوهنا كُلَّ المساحيق المزوّرة، نُزيلُ الزّيفَ الَّذي كُنَّا نعتقد أنَّه يُجمّل حقيقتنا، نواجهُ لحظةَ الحقيقة الَّتي كُنَّا نعتقدُ أنَّها بعيدةٌ عنَّا كثيرًا، ولم نكُنْ ندركُ أنَّها أقربُ إلينا من حبلِ الوريد، نسترجعُ سجيّتَنا الَّتي حبسناها وراءَ جدرانٍ باهتةٍ، وأبواب صدئة، نفتحُ أكمامَ الصمت، أزهارَ البوحِ بالمشاعر الصادقة الَّتي فُطرنا عليها.

    بابا.. صرخةُ نور، في: شتّي يا بيروت، فتحَت في جدار القَلبِ صرخة زينة الَّتي رُبَّما تطلقُها في يومٍ من الأيَّام.

    بينَ نور وزينة صلاتٌ ووصلاتٌ، كُلُّها تقودُ إلى هناك، قطعة الأرضِ الصَّغيرة الَّتي تنتظرُنا، وننتظرُها لتطوينا في جوفها، ونطوي في حبَّات ترابِها سيرةَ الحياة، ونمضي إلى حيثُ يجبُ أن نمضي.

    صرخَت نور في شتّي يا بيروت، فـَ شتَّت مشاعري دمعًا، حبَّات من كلام.

    مَن يدري مَتى تكونُ هذه الصَّرخةُ حقيقية؟!

    فليكُن الكلامُ سابقًا الصَّرخةَ، نبضَ قلبٍ، قبلَ أن ترتخي اليدُ ويُسدَلُ الستار.

    بوحٌ

    هي ليست مذكِّراتٍ، أو كتابةٌ في سيرةِ حياةٍ، فقَد تعوَّدْنا أن نكتبَ عن السيرة عندَما يبلغُ الإنسانُ آخرَ مشوارِ العمر، ويتوقَّفُ أمامَ الأمتار الأخيرة في رحلةِ الحياة، أو أن نكتبَ في السيرة بعدَ الرَّحيل.

    أن تكتبَ عن شخصيةٍ ما، كما اعتدنا، وكما هو مُتعارفٌ عليه، فيجبُ أن يكونَ المكتوبُ عنه يستحقُّ أن تؤرَّخَ مسيرةُ حياته: عالمًا، أديبًا، فنانًا، إلى آخر القائمة، وأن تبحثَ في المراجع، تجوب آفاقَ الدُّنيا بحثًا عن مكانِ الولادةِ، أينَ نشأَ، إلى أينَ ارتحل، مكان الدّراسة، تفتشُ عمَّن عايشوه وعاصروه، حتَّى تكونَ الصورةُ واضحةً لديك عمَّن تكتبُ عنه، وأن تستعينَ بحُسنِ لغتكَ وقدرتك على التَّعبيرِ، فتكون بسيطًا حيثُ تتوجَّبُ البساطة، وبليغًا حيثُ يجبُ أن تكون بليغًا، والأهمّ أن تكونَ قادرًا على إيصال الرِّسالة، فلا معنًى أن تكتبَ لمجرَّدِ الكتابة، وإن لم يكُنْ هناكَ مَن يقرأ ما تكتب، عندَها يكونُ تعبُكَ مجرَّدَ عبثٍ تذروه الرِّياح، ومجاميع من كلماتٍ لا تُسمنُ ولا تُغني من جوع.

    كتبتُ يومًا عن سيرة حياتي بعدَ أن بلغتُ السَّبعين، ورأيتُ أنَّ هناك ما يستحقُّ أن أكتبَ عنهُ في سيرة الصَّحافي والإعلامي ابن السبعين قبلَ أن يُلقِي عصا التّرحالِ بينَ الأحرفِ والكلماتِ ويرحل.

    رأيت في قصتي ما ينبغي أن تحفظَهُ الذَّاكرةُ في كتابٍ أطلقْتُ عليه اسمَ بوح الياسمين، مُتأثِّرًا بياسمينة أُمِّي، تلك الشجرةُ الَّتي عرَّشَتْ مذ كنتُ طالبًا في المرحلة الثَّانويةِ على جدارِ غُرفَتي الصَّغيرة، فكانَت تُنعِشُ حواسي وأنا أذرعُ الشُّرفةَ حاملًا كتابًا إثرَ آخرَ قبلَ الامتحانات الرسميَّة، وتنعنشُ حاسَّةَ الشمِّ لديَّ وأنا أُغالبُ النُّعاسَ، بعدَ حوالَي عشرين ساعةً من المذاكرة، فيما نافذة غُرفتي مُشرّعة على جبل حرمون (جبل الشيخ) تستقبلُ نسماتِ الصَّباح، تُداعِبُ الجفونَ، تُغريها على أن تنسدلَ، أن تُسلِّمَ أمرَها لسُلطان النَّوم.

    كانَت رحلة ابنِ السبعين الَّتي انطلقَ وجعُها من بداية الحرب الأهليَّة اللُّبنانيَّة، فطالَهُ من شظاياها إقفالُ الجامعةِ اللُّبنانيَّة، حيثُ كانَ يدرسُ وأمامَهُ أحلامٌ كثيرةٌ، وتركَتْهُ عاطلًا عن الدِّراسة، فارغَ الجيوبِ بعدَ أن طارَت المنحةُ، حتَّى كادَ ألَّا يجدَ يومًا في جيبِه ثمنًا لعلبةِ سجائر.

    تلك كانت حقيقةً، وحكايةُ ابن السَّبعين لم تكُنْ قصَّتَه وحدهُ، بل قصَّة آلافِ الشَّباب من أبناء جيله، كُلٌّ منهم كانَت لهُ روايةٌ، قصَّة، بل غصَّة، عندَما حملَ حقيبتهُ في صبيحةِ أحدِ أيَّامِ تموز من عام 1976 مُغادِرًا قريتَهُ النَّائمةَ في حضنِ سهولِ القمحِ على متنِ سيَّارةِ نقلٍ خارجي، فكانَتْ بوح الياسمين ترجمةً لـ سكَّة سفر، وما أكثرَ الشبابَ الَّذين ركبوا السكَّةَ! ولكُلٍّ منهم حكايةٌ، رسالةٌ، عَبرةٌ، وعِبرة.

    أنا وزينة

    لماذا الكتابةُ عن زينة وهي لا تزال يافعةً في الثَّلاثين؟! المستقبلُ أمامَها مفتوحٌ على الكثيرِ الكثيرِ ممَّا ينتظرُها على مفارقِ الطُّرقِ والدُّروب، ومن المُبكِّرِ جدًّا الحديثُ عن هذه الصبيَّةِ الَّتي لا تزال في البدايةِ، فلماذا تحرق أوراقَها قبل الأوانِ؟

    وللإجابةِ عن التَّساؤلِ الَّذي صغْتُه بنفسي أوجهٌ عدَّة، وأسبابٌ كثيرة:

    أوَّلا، لماذا لا أكونُ سبَّاقًا إلى هذا الفن؛ وأنا حرفتي القلمُ والورقةُ وجهازُ الحاسوب؟ ولماذا نُطيلُ الانتظارَ؟ حتَّى عندما نريدُ يومًا أن نكتبَ، نُفاجَأُ بأنَّ الذَّاكرةَ قد فاتَها الكثيرُ من الأمور، وباتَت عاجزةً رُبَّما عن استرجاعِ ما في كاميرتها، أو أنَّ اليدَ أصابَها الرّعاشُ، ورُبَّما التقدُّمُ في العمر قد يبطئكَ، قد يمنعكَ عن تكملةِ المشوار!

    ثمَّ مَن قالَ إنَّ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1