Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

جمالية الصوت والأداء
جمالية الصوت والأداء
جمالية الصوت والأداء
Ebook188 pages1 hour

جمالية الصوت والأداء

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

ليس من السهل مقاربة إشكالية الصوت في حد ذاته مقاربة فلسفيّة جماليّة تأخذ بعين الاعتبار فنياته المعقدة ومجالات تمظهره المختلفة، لكن مؤلفه الذي نهل من علم الموسيقى وفنّ المسرح وتخرج من شعبة علم الاجتماع وحصل على الماجستير في الفلسفة تكونت له قدرة ذكية لمقاربة الصّوت مقاربة تنوّعيّة بداية من الرنّة المفردة وصولا إلى التّنغيم والتّلوين الصّوتيّ مرورا بالصّخب والجوهري والطنين وغيرها من التمثّلات الصوتية العديدة. في هذا الكتاب ركز المؤلف على الجانب الجماليّ للصوت في المجالين الأساسيين حيث يبلغ الصوت أقصى إمكاناته الإستطيقيّة ونعني الموسيقى والدين هما أصلاً من تعابير التّآنس والعيش المشترك في بعده الجمالي. لذلك لم يقتصر البحث الذي أجراه المؤلف على الحضور اللّحني للصّوت ولا على النغميّ باعتباره جماليّة يضفيها الصوت على النّصوص وعلى اللّغة والكلام، بل يذهب إلى ما يتيحه التّنغيم والتلحين من تجاوز المعاني العاديّة المحمولة في اللّغة نحو المتعالي في الموسيقى مثلا أو نحو المقدس في الدين وبذلك ينفتح الصوت على الخياليّ في بعده الأبديّ. فالصوت كما يرى الكاتب لم يكن دائما وسيلة للمعنى ولا آليّة من آليات التّواصل فقط، فهو بالأساس ذلك المعنى الذي سيأتي في نقاوته وصفائه محدثا للإيقاع أحيانا وللتشويش أحيانا أخرى ولكنّه يتفاعل مع الجسد والطبيعة، وهو مع ذلك حراك متواصل فيه يتجسّد المعنى في الكلام والغناء والصّياح وفي غيرها من الظّواهر الصوتيّة وفي حدّها الأقصى الصّمت من حيث هو غياب الصّوت.

Languageالعربية
Publishertevoi
Release dateSep 11, 2022
ISBN9789938230635
جمالية الصوت والأداء

Related to جمالية الصوت والأداء

Related ebooks

Reviews for جمالية الصوت والأداء

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    جمالية الصوت والأداء - عادل بوعلاق

    عادل بوعلاق

    جمالية الصوت والأداء

    تأليف

    عادل بوعلاق

    مدير النشر عماد العزّالي

    التصميم ناصر بن ناصر

    الترقيم الدولي للكتاب 978-9938-23-063-5

    جميع الحقوق محفوظة

    الطبعة الأولى

    1443 هـ / 2022 م

    العنوان: 5 شارع شطرانة 2073 برج الوزير أريانة - الجمهورية التونسية

    الهاتف : 58563568 216

    الموقع الإلكتروني : www.tunisian-books.com

    البـريد الإلكتروني : medi.publishers@gnet.tn

    ننشر هذا الكتاب تزامنا مع انطلاق أعمال كرسي الإيسيسكو

    بالقصر السعيد - قصر الثقافة والآداب والفنون بباردو - تونس

    تحذير

    المؤلّف هو المسؤول وحده عن اختيار محتويات هذا الكتاب وعرضه وعن الآراء الواردة فيه والتي لا تعبّر بالضرورة عن آراء منظّمة الأيسيسكو ولا تلزمها.

    « L’auteur est responsable du choix et de la présentation des contenus de cette publication et des opinions qui y sont exprimées, lesquelles ne sont pas nécessairement conformes à celles de L’ICESCO et n'engagent pas l'Organisation »;

    تقديم الأستاذ فتحي التريكي

    ليس من السهل مقاربة إشكالية الصوت في حد ذاته مقاربة فلسفيّة جماليّة تأخذ بعين الاعتبار فنياته المعقدة ومجالات تمظهره المختلفة. وقد أقدم على ذلك تلميذنا وصديقنا عادل بوعلاق معتمدا تكوينه الجامعي المتعدد حيث نهل من علم الموسيقى وفنّ المسرح الشيء الكثير وتخرج من شعبة علم الاجتماع وتحصل على الماجستير في الفلسفة علاوة على كونه موسيقارا مبدعا فتكونت له قدرة ذكية لمقاربة الصّوت مقاربة تنوّعيّة بداية من الرنّة المفردة وصولا إلى التّنغيم والتّلوين الصّوتيّ مرورا بالصّخب والجوهري والطنين وغيرها من التمثّلات الصوتية العديدة.

    وقد ركّز المؤلف بحثه على الجانب الجماليّ للصوت في المجالين الأساسيين حيث يبلغ الصوت أقصى إمكاناته الإستطيقيّة ونعني الموسيقى والدين وهما أصلا من تعابير التّآنس والعيش المشترك في بعده الجمالي. لذلك لم يقتصر البحث على الحضور اللّحني للصّوت ولا على النغميّ باعتباره جماليّة يضفيها الصوت على النّصوص وعلى اللّغة والكلام. بل يذهب إلى ما يتيحه التّنغيم والتلحين من تجاوز المعاني العاديّة المحمولة في اللّغة نحو المتعالي في الموسيقى مثلا أو نحو المقدس في الدين وبذلك ينفتح الصوت على الخياليّ في بعده الأبديّ.

    هكذا لم يكن الصوت دائما وسيلة للمعنى ولا آليّة من آليات التّواصل فقط. فهو بالأساس ذلك المعنى الذي سيأتي في نقاوته وصفائه محدثا للإيقاع أحيانا وللتشويش أحيانا أخرى ولكنّه يتفاعل مع الجسد والطبيعة. وهو مع ذلك حراك متواصل فيه يتجسّد المعنى في الكلام والغناء والصّياح وفي غيرها من الظّواهر الصوتيّة وفي حدّها الأقصى الصّمت من حيث هو غياب الصّوت.

    فالصوت الإنساني متوحّد في كنهه يعبّر عن ذاتيّة خاصّة كصوت الشاعر الذي يحملك إلى الوجداني العميق. قد يقترن الصوت بالمعنى فيزداد الوجدان تأثيرا وقد يأتي صافيا دون أن تضفي عليه اللغة مسارا معنويا معيّنا فيقترن الشّعر بنغمة صوتيّة بحتة تحملك إلى رنين الكلمات دون تشويش المعاني. بل إنّ الكلمات تتكسر على جدار الصّمت فيقترن الشعر بموسيقى الصوت ويلج عالم الوجدان الغامض دون أن تشوبه شائبة المعاني والفوائد والمصالح. فالشّعر الصوتي مثلا (la poésie sonore) من حيث هو ممارسة شعريّة شفويّة لا تستخدم إلا الصوت وأحيانا بعض الآلات الموسيقيّة يحمل في ذاته جماليّة صافية وكأنّها تخرج من الجسد لتعود إليه نغمة حميميّة صافية.

    فكان لابد من البحث في طبيعة الصّوت ووظائفه المختلفة وتجلّياته في الكلمات وفي كل التعابير المجتمعيّة التواصليّة والتي تحيل على جمالية العيش المشترك. وكان لابد من تحليل الوظائف الرئيسيّة للصّوت في الموسيقى وفي الدّين بصفة عامة وفي الإسلام بصفة خاصة وذلك ليخلص المؤلّف على العنصر الأساسي في الصوت فيعتبره تأملا يتجاوز العاديّ نحو المقاربة الجماليّة والتناول الميتافيزيقي. وذلك ما قام به عادل بوعلاق في هذا الكتاب بكثير من الإتقان الأكاديمي وبطرافة واضحة ستثري حتما المكتبة العربية في هذا المجال والذي لم يأخذ حظه كاملا عندنا.

    فتحي التريكي

    مقدّمة

    يتنزّل البحث حول جماليّة الصّوت والأداء ضمن رؤية شاملة لدراسة ملامح استعمال الصوت في أكثر من مجال تبرز من خلاله علاقة الأداء بالتّنغيم أو ما يعبّر عنه بالتّلوين الصّوتيّ. هي مجالات يستعمل فيها الصّوت أو يعتبر الصّوت فيها مادّتها الأساسيّة، ولكن غالبا ما يقع التّغافل في البحوث اللّغويّة عن درجة حضور الصّوت في اللّغة ويعود ذلك إلى عدم اهتمام اللّغويين بالصّوت باعتباره مادة للّغة. ويمكن القول بأنّ أكثر المجالات اعتمادا واهتماما بمادة الصّوت هي الموسيقى بدرجة أولى والدّين بدرجة ثانية، فالموسيقى كما الدّين هما مجالان يبرز فيهما الأداء الصّوتيّ المادّة الأساس للتعبير ويدرج الصّوت في تحاليل المهتمّين بهذين المجالين.

    وتبرز العلاقة بين الموسيقى والدّين في جانب منها شبيه بالعلاقة بين المقدّس والممارسة الفنّية وذلك باستعمال الصّوت والجسد إلى جانب اللّون والشّكل والضّوء.

    لقد كان الصّوت وما يزال موضع اعتماد في مجالي الموسيقى والدّين كما في عدّة مجالات أخرى ذات طبيعة فنيّة أو حتى تلك التي هي غير فنيّة. فإذا كان استعمال الصّوت في مجال الموسيقى يعود إلى كونه المادّة الأساس لهذا الفعل الإبداعيّ فإنّ استخدامه في مجال الدّين كان وما يزال على أساس ارتباطه بمسار السّعي لنشر الدّعوة الديّنيّة ولنشر النّص المقدّس وتداوله من ناحية، والاعتقاد بأنّه وسيلة للتّقرّب من «العالم العلويّ» من ناحية أخرى. تعتبر طاقة الصّوت أحد أهمّ الآليات المعتمدة في ممارسة الطّقوس الدّينيّة، وهو استعمال لا يقتصر على المجال الكلاميّ فقط وإنّما يصل حدّ التداعي والانسياب الصّوتي والتّنغيم أثناء أداء النّصوص المقدّسة في شكل أدائيّ متجاوز لحدود الكلمة ذاتها.

    إنّنا نجد في دراسة جماليّة الصّوت والأداء بين الموسيقى والدّين مثلا أوجه تشابه وأكثر من نقطة التقاء تستحقّ الدّرس، كما نجد أوجه تنافر واختلاف في مستوى الاستعمال يمكن أن تكون موضوع نقاش وجدل بين الباحثين. ويمكن في البدء تصوّر مردّ التّشابه بين المجالين اشتراكا في الاعتماد على الكلمة واللّغة فيما يهمّ الغناء في الموسيقى وقراءة النّصوص المقدّسة في مجال الدّين بما هو ممارسة، كما يعود التّشابه إلى وجود الصّوت المنغّم عند الأداء في كلا المجالين. باعتبار أنّ اعتماد التّنغيم هو بالأساس شكل من أشكال التّواصل الصّوتيّ، فقد نستعمل في الدّين انسيابيّة الصّوت في نغميّة واضحة كما في فنّ الموسيقى.

    ويعود الاختلاف بين مجال الموسيقى والدّين إلى التّباين الواضح في موضع الصّوت في الممارسة الموسيقيّة بما هو العنصر الأساسي والمركزيّ لهذا الفعل، ذلك أنّ الموسيقى هي فنّ الصّوت وفعل فنّيّ مجاله الصّوت والإيقاع في مستوى الأداء. أمّا في الدّين فلا يتجاوز موضع الصّوت في الممارسة الدّينيّة في جانب كبير منه مسألة اعتماده وسيلة تأثير، فهو بذلك يعتبر مجرّد آليّة لأداء النّصّ في ممارسة الطّقوس وفي تدعيم قدرة الدّين على التّعبير والتّأثير.

    يعتقد البعض ممّن يعتمدون الصّوت المنغّم وتوخّي المنحى اللّحني في قراءة النّصوص وذلك في أغلب الدّيانات السّماويّة أنّ في اللّحن تعاليا عن الأرضيّ أو بالأحرى عن الأصل المادّيّ، ويعتمدون في ممارسة الطّقوس النّغميّة في الأداء باعتبار أنّ في النّغم منحى صوتيّا صاعدا في أغلب طرق أداءه اللّحنيّ بما يعتقد في علوّه بما يجعل الاعتقاد في أصله السّماويّ فيكون ذا قيمة قدسيّة، حيث يجري الاعتقاد الدّيني بأنّ الصّوت الإلهيّ من خلال النّصوص المقدّسة هو صوت سماويّ مقدّس. وقد اعتقد البعض واعتبروا أنّ الموسيقى هي صوت الملائكة وهو ما يجعلها مختلفة عن لغة البشر ومتجاوزة لها.

    يحمل هذا التّصوّر بعدا قدسيّا في الأداء، الأمر الّذي يدفع البعض إلى الاعتقاد بوجود موسيقى رابطة بين الكواكب أو هي في المسافة الفاصلة بين الكواكب والأرض حيث ينظر إلى الموسيقى ضمن بعض الدّيانات على أنّها صدى لأصوات الكواكب. ويمكن هنا أن نعود إلى ما جاء به فيثاغوراس (Pythagore)1 حيث ينظر إلى الكون على أنّه مجال التقاء بين عدد ونغم، وقد ساهم هذا الالتقاء في النّظام والانسجام الّذي يميّز الكون وهو ما يشبه النّظام الذّي يوجد في الموسيقى.

    وقد تحدّث أفلاطون في محاورات «الجمهورية» عن أهمّية الموسيقي في مجال التّعليم وتنشئة الأفراد، وكان التّصوّر الأفلاطونيّ للنّفس على أساس علاقة ذلك بالانسجام الرّياضيّ. ولهذا ساد الاعتقاد في الدّيانة المسيحيّة مثلا بأنّ السلّم الموسيقيّ يتكوّن من سبع درجات وفق سبعة كواكب هي القمر وعطارد والزّهرة والشّمس والمرّيخ والمشتري وزحل، وترتبط كلّ درجة صوتيّة وكل لحن بكوكب من هذه الكواكب. وهي إشارات تدفعنا إلى دراسة أهميّة الصّوت في كلا المجالين بالنّظر إلى البعد الجماليّ للصّوت.

    تكمن أهميّة الصّوت لدى الإنسان في حضوره الأساسيّ في عمليّة التّلقّي والتّواصل عموما، إذ نتجاوز في التّلقي مستوى الصّوت العاديّ لنتناوله في التّصنيف الجماليّ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1