Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

لأنني لأنك
لأنني لأنك
لأنني لأنك
Ebook99 pages36 minutes

لأنني لأنك

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

*إذا أردتَ أن تبكي، أو أن تسمعَ الموسيقا فلتفعلْ، هل تشعرُ بالملل؟ الأمرُ عاديٌّ، كلُّ الأمور تعاكسُكَ حتى قناعاتُكَ! تأقلمْ. الجميعُ يخونوكَ! إذاً أين تظنُ نفسكَ! هل تريدُ إطفاءَ أنوارِ الكرةِ الأرضيةِ كلِّها؟ حاولْ. إن شئتَ أن تمشيَ، أن تغنيَ، أن تحلقَ، تطيرَ، تركضَ في الشوارع، تسبحَ في السماء، تسرقَ، تنهبَ، تحرقَ الغابات، أن تتزوجَ سراً، تشربَ الخمرَ، تلعبَ القمار، فلتفعل! تريدُ التخليَ عن أطفالك، عن عائلتكَ! أنتَ حرٌّ، لكن... إياكَ أن تغضب!

Languageالعربية
Release dateAug 15, 2022
ISBN9781471087417
لأنني لأنك

Related to لأنني لأنك

Related ebooks

Reviews for لأنني لأنك

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    لأنني لأنك - Suzanne Ali Ibrahim

    الإهــــداء

    لأنّني

    لأّنـك

    كنّـا

    لنبقى

    بعد منتصف الحلم

    ––––––––

    أحتاج للبكاء. كلما عابث وجهُهُ صمتي، وفاجأني متلبسةً بشرود، تنهمر تفاصيلُ كثيرةٌ بين يدي الوقت. لطالما افتقدتُ تلك الساعات الجميلة التي كنا نقضيها في الوقت المستقطع بين محاضرتين، وضحكته الجريئة المجلجلة في كافتيريا الجامعة. للمرة الثالثةِ قرأتُ الرسالة، وفي كل مرة ترعد الكلماتُ وتبرق في ذاكرتي، تومض بقوة، فتتفتحُ حكاياتُ الشقاوة التي كان يفتعلها، ليشدّ انتباه الزميلات، بل وإعجابهن أيضاً.  أعدتُ الرسالةَ إلى مغلفِها الأنيق، همست: أيُّ مجنونٍ، بل أيُّ مغامرٍ هو هذا الرجلُ ليطلب مني القيام بمثل هذه الأشياء! لماذا أنا؟ لماذا الآن وقد مضى زمن طويل منذ استلامي آخر رسائله، أو برقيته-ربما-فما عدت أكيدة الآن؟ كانت بضع كلمات تواسيني بوفاة زوجي، مازلتُ أذكر حرارتَها التي أدفأتْ بعض زوايا القلب الباردةِ أنا معك دوماً، رغم كلِّ البحار التي تفصلني عن مرفأ عينيك.

    لم يكن الحب ما جمعني به، فسالم صديقٌ حميمٌ شاركني مقاعد الدراسة في الجامعة، والرحلات، وحفلاتِ التعارف، والكثير من الأوقات الصعبة.

    في انتظار انطلاق الحافلةِ من حمصَ إلى اللاذقية،  جلستُ على أحد المقاعد داخل البهوِ الزجاجي،  أتفرسُ في وجوه المسافرين،  و ثمة خاطرٌ يراودني،  فكرتُ أن ذلك المغامرَ  سيفاجئني بقامتِه الممشوقة،  بانحناءةِ ظهرهِ الخفيفةِ،  وبوحهه المبتسمِ ذي التعابيرِ التي توحي لمن يراه بأنه استيقظ للتّو.

    لم أشعرْ بمرور الوقتِ إلا عندما أعلنَ المرافقُ عن استراحةٍ لمدة عشر دقائقَ في طرطوس. حبيبات المطر تنقرُ زجاجِ المكان الصغير. بدا وجهُهُ عائماً على سطح القهوة في فنجاني. رذاذُ البرد التشريني ينعشُ روحي،  كأن الأوكسجينَ الباردَ المنسربَ عبر أنفاسي يُوقظ سباتَ الأيام،  وروتينَها الذي أدمنتُه منذ ودّعتُ بيتَ الزوج الذي رحلَ فجأةً قبل سنوات ثلاثٍ،  دون أن يتركَ في أحشائي أيَّ وديعةٍ طيلةَ السنواتِ الخمسِ التي عشناها معاً . صوتٌ ينبهني أن الحافلةَ على وشك التحرك. رشفتُ ما تبقى في قعر الفنجان وأسرعت بالصعود. قبل أن آخذَ مكاني رنّ الهاتفُ النقال. لم أستطعْ قراءةَ الرقم على شاشة الجهاز،  فقد نسيت نظارتي في حقيبة السفر،  لم أعرفْ صوتَ المتكلم إلا بعد عدة كلمات،  فقلتُ:

    - أهلاً منير،  من أين تتكلم؟

    - من اللاذقية،  وصلتُ قبل قليل،  أين أنتِ الآن؟

    -  سأكون هناك خلال ساعة ربما.

    -  سأنتظركِ في محطة الركاب إذاً..

    -  حسناً،  اتفقنا.

    لم ألتقِ منيرا منذ شهورٍ بعيدة،  لكنه دهمَ وحدتي قبل يومين،  ليحدثَني عن أمرٍ سنقومُ به سويةً في اللاذقية،  تحقيقاً لرغبة سالم،  إلاّ أنّه لم يفصحْ عنه،  فخمَّنتُ أن سالماً قادمٌ إلى سورية.

    في المحطة بادرني منير بالسؤال: هل أرافقك،  أم تفضلين المضيَ بمفردك؟ خشيتُ أن تضايقَهُ رغبتي بالبقاء وحيدة،  فأجبته بكثير من الهدوء: لن أغيبَ طويلاً،  وسنبقى على اتصال.

    مشيتُ صوب البحر،  أمواجٌ تتدافع،  ثم تنحسرُ تاركةً زبدَها الأبيض فوق الرمال. كم كان المشهدُ شبيهاً بكل ما مضى من العمر! لم أدرِ سبباً لكلِّ ما يجيش في قلبي،  إذ ثمة إحساسٌ بالخوف يعششُ في الشغاف. هو ذا البحرُ الرحبُ الذي تقاسمنا عشقَه،  والخوفَ منه أيضاً. هديرٌ يخلخلُ الراكدَ فيَّ. أمام الأفقِ المغسولِ بالمطر،  لمحتُ وجهَهُ المتغلغلَ  في أردانِ غيمةٍ! ترى أين هو الآن؟ في أيّ مرفأ؟ فوق أي موجٍ؟ وهل سيأتي كما وعدَ في الرسالة؟!

    من مكاني المتطرفِ في المقهى نظرتُ متفحصة المكانَ،  والوجوهَ الورديةَ الدافئةَ المبعثرةَ،  أو المتهامسةَ قرب النوافذِ التي تتأمل البحرَ والمطر. موسيقا الأجراسِ الصغيرةِ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1