Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

شجرة الخلود
شجرة الخلود
شجرة الخلود
Ebook437 pages5 hours

شجرة الخلود

Rating: 4.5 out of 5 stars

4.5/5

()

Read preview

About this ebook

ما هي شجرة الخلود؟ و من يصل لها ؟ وكيف نصل لها؟. و هل هي تلك الشجرة المحرمة التي ذاقها أدم عليه السلام أم شجرة أخرى؟
وهل هي متاحة للجميع أم لأناس بعينهم؟. ومن وصل إليها وذاق ثمرها ماذا سيحدث له؟. ما هو طعم ثمرها ؟ و من سيكشف لنا عن هذه الشجرة؟
ياسمين , مها , جمعتهما الصداقة ولكن الرابط الأقوى أنهما قد عرفا شجرة الخلود وذاقا ثمرتها فتغيرت حياتهما للأبد وكذلك حياة من حولهم.
مها تكتشف فجاءه أن زوجها محمود قد تزوج عليها من نادية, رغم قصة الحب الكبيرة التي بينهما, ماذا ستفعل؟ هل ستقبل هذا الوضع أم سترفض؟ وماذا سيكون مصيرها؟ وكيف ستصل لشجرة الخلد ومن سيساعدها في الوصول للشجرة وكيف ستتغير حياتها بعد ذلك ؟
ياسمين, تتأزم علاقتها بزوجها هاني وتصل للطلاق, فمن سيقف معها ويحفظ حقها ويساعدها في اكتساب حضانة أبنتها فرحة؟, هل سيكون هو سبب معرفتها لشجرة الخلود و كيف ستتغير حياتها منذ ذلك الحين؟.

Languageالعربية
Release dateAug 15, 2016
ISBN9788822832184
شجرة الخلود

Related to شجرة الخلود

Related ebooks

Reviews for شجرة الخلود

Rating: 4.428571428571429 out of 5 stars
4.5/5

7 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    شجرة الخلود - د محمد زكي حسان

    شجرة الخٌلود

    د محمد زكي حسان

    شكر وتحية إلى أبي, رحمه الله, الذي علمني كثيرا, رغم أنه رحل عن هذه الدنيا وأنا مازلت صغير, إلا أنني مازلت أتعلم من روحه.

    إهداء إلي أبنائي الأعز والأحب إلي في هذه الحياة.

    جميع الشخصيات والأحداث في هذه الرواية هي من وحي خيال المؤلف, وأي تشابه بينها وبين الواقع فهو تشابه جميل, ومحظوظ هو من ينعم بهذه الشجرة, ومن المؤكد أنه يستحق هذه النعمة.

    الفصل الأول.

    أنا ياسمين, لي صديقة مقربه هي مها عندما كنا صغار كنا جيران في نفس الشارع كنت أسكن في حلميه الزيتون, وهي منطقة بين مصر الجديدة ورو كسي من ناحية وعين شمس والمطرية من ناحية أخرى, شهدت هذه المناطق كثير مما حدث لنا, وكانت شاهدة على ما حدث, ولكن ليس تلك المناطق فقط, بل مناطق أخرى كثيرة في مصر. كنت أنا ومها نظن أننا ولدنا وسنعيش حياتنا كلها في هذا الحي, ولكن ما حدث كان غير هذا.

    كنت أنا ومها تجمعنا الأيام أحيانا وتفرقنا أحيانا أخر ولكن ظل داخلنا حبا واحتراما كبيرا, وربما ما كان يجمعنا حقا هو اكتشاف شجرة الخلد, هذه ليست الشجرة التي حٌرم منها أدم, بل هي تلك الشجرة التي أٌمر أدم وكل بني أدم بأن يأكلوا منها, ولكنهم للأسف رفضوا. لن أتحدث كثيرا عن هذه الشجرة, لكني سأترككم تعرفوها من خلال ما حدث لي وما حدث لمها, وكذلك لتنهلوا منها قدر همتكم فهي شجرة خالدة, أُكلها دائم وظلها, كلما نهلنا منا زدنا جوعا لثمرها, وكلما نمت أكثر وأكثر.

    أجمل ما في قصتنا, أن كل واحدة كانت ترى أن  تجربة الأخرى هي الأصعب, وأنها لا تستطيع تحمل هذه الصعوبات , لو كانت هي بطلتها كانت لابد أن  تفشل, أما تجربتها هي رغم ما تعرضت له من صعوبات فهي الأنسب لها, وكل واحدة تحمد الله على تجربتها, وتدعو الله للأخرى بأن تنجح في تجربتها.

    سأحكي لكم قصة مها, لأنني أرى أنها الأروع, بالرغم من أن مها التي تجلس إلي جواري تقول لي أن قصتي أنا هي الأروع, ولكنني لن أختلف مع صديقتي المقربة مها, وسأدع لكم الحكم في النهاية.

    مها, التي تزوجت زميلها في الجامعة محمود بعد قصة حب طويلة طوال أيام الجامعة فيها كان كل طرف هو فقط من يستحق أن يحبه الأخر فقد كانا يجلسان طويلا معا طوال اليوم الدراسي منذ وصولهما حتى المغادرة فيدخلون معا الجامعة ويكونان سويا في المحاضرات وبعدها حتى يغادرا الجامعة ويتواصلان تليفونيا بعد ذلك حتى تسبب ذلك في عدم وجود أصدقاء لهما وبعد التخرج من الجامعة ظلت مها ترفض الخطاب ثلاث سنوات رغم الضغوط الشديدة التي تعرضت لها من أمها وأبيها الذي كان يثور عليها كثيرا ويقول لها ستندمين ولكنها كانت تبكي وتقول بثقة, لا يمكن أن اندم بل ستعرف غدا صدقي وصدق محمود وهو ينتظر فقط أن يجمع أموال تكفي لزواجنا وسيأتي لخطبتي. الأب كان يصمت ويقول, هو لن يأتي وان جاء فلن اقبل به. ولكن بعد ثلاث سنوات كان الأب قد فقد الأمل في زواجها بعدما أصبح الجميع يعرف قصة الحب هذه ولم يعد أحد يفكر للتقدم لها فرضخ للأمر الواقع ووافق علي الزواج بمجرد أن تقدم محمود لها رغم ضعف إمكانياته المادية وفارق مستوي المعيشة الكبير بينهما. بعد الزواج استمرت قصة الحب بينهما في النمو ولكن بعد عدة سنوات اكتشفت مها الخديعة الكبرى التي كانت تعيش فيها فقد تأكدت من خيانة زوجها لها وزواجه من جارته في المسكن القديم التي كان يعيش فيه فوق سطوح احدي عمارات عين شمس حيث كانت جارته نادية قد توفي أبيها وأمها كما حدث لمحمود وتزوجها محمود وهو في الجامعة وظلت زوجته إلي الآن ولم تفهم لماذا تظاهر محمود بحبه لها؟ ولماذا تزوجها؟, فكرت في كل شيء ولكنها لم  تصل إلي شيء فهي في النهاية كما تقول, فتاة مثل غيرها متوسطة الجمال والمستوي الاجتماعي وليس هناك معني حقيقي لأن يكذب محمود عليها, ويتظاهر بحبها, أصرت هي علي ترك البيت والطلاق وحاول محمود معها كثيرا ولكن دون جدوى وبينما هي تحمل حقيبتها وتغادر البيت أمسك محمود بيدها برفق شديد وجذبها إليه بهدوء ونظر في عينيها والدمع يملئها وقال لها, بحق كل الحب الذي بيننا اجلسي قليلا لأخبرك بالحقيقة كاملة فضحكت ساخرة وقالت, لم يكن بيننا حب أبدا فضحك في غيظ وقال, لا تجحدي كل الحب يا مها فالله يقول ولا تنسوا الفضل بينكم فقد كان بينا الكثير والكثير من الخير, فقالت له في غضب, ماذا تريد؟. فقال لها أن تعرفي الحقيقة حتى تأخذي القرار الصحيح ولا تندمي فقالت بغضب شديد, أ تهددني يا محمود؟, فضحك محمود وقال لها, معاذ الله هل يمكن لأي شخص أن يهدد نفسه, فضحكت وقالت له, لو كنت نفسك ما تزوجت علي. فقال لها, العكس هو الصحيح فأنني تزوجتك علي زوجتي الأولي لأني احبك فقالت له وهي تحاول إنهاء الحوار, قلت لك ماذا تريد؟. فقال لها, أن تسمعي مني حتى النهاية فقالت له, قل كل ما تريد ولكن صدقني لقد اتخذت القرار, فقال لها, إنني علي يقين أنك ستغيرين رأيك عندما تعرفي الحقيقة فنظرت إليه وعيناها تقول له لا أظن.

    امسك بيدها وأجلسها أمامه وقال لها, الحكاية طويلة بدأت حينما توفي والداي الواحد تلو الأخر , لقد كنا عائلة مستورة وليس لي أخوة  كما تعرفي ولكن بعد وفاة والدي وهو صغير السن فترك لي معاش لا يكفي أي شيء  نادية كانت تسكن في غرفة فوق السطح, كانت فتاة مسكينة ظروفها تشبهني كثيرا فقد توفي والديها وتزوجت أختها الأكبر وتركتها لوحدها وكانت بلا دخل تقريبا فتعلمت الحياكة وكانت تربح منها قليل جدا نظرا لفقر المنطقة, مع الوقت تعرفت عليها شيئا فشيئا ولم أحبها ولكنها أحبتني كما قالت لي بعد ذلك وساءت الأوضاع المعيشية لكلانا مع الوقت ففي الجامعة لم يرحمنا الأساتذة من شراء كتبهم الغالية بالإضافة إلي مصاريف المواصلات للجامعة ومصاريف الحياة الأخرى وكذلك كان الأمر بالنسبة لها فقد ضاقت علي الحياة, شكوت لأحد الجيران وهو الحاج عبده ضيق الحال فقال لي وهو يبتسم لعله خير فقلت له, ماذا تقصد؟. فقال لي, كثر الكلام في الحي عنك وعن نادية وجاءت هي لزوجتي لتشتكي ضيق الحال كما جاءت أنت, أخذني الذهول وقلت له في آسي, ولكن يعلم الله أنه ليس بيني وبينها أي شيء وحتى أنني لا أنظر إليها حين ألقاها بل القي السلام عليها وأغادر سريعا حتى أنني لا أنتظر جوابها, فقال لي وهو يبتسم, رب ضارة نافعة, أنني أثق أنه لم يكن بينكم  أي شيء يغضب الله ولكن الكلام كثير وهي فتاة مسكينة أنت لا ترضي لها الضرر وقد جعل الله ضيق الحال عليكما حلا لكما فعندما تتزوجها سيكون لكما بيت واحد ونفقات البيت تقل علي كليكما فهي فتاة تحسن التدبير فقلت له وأنا لا اصدق ما قال, كيف هذا؟. فقال لي, ليس أمامك أمر أخر غير ذلك لقد كنت أنا سآتي إليك لأتحدث إليك ولكن الله أرسلك إلي. ظللت مندهشا لا أتكلم فاستمر هو يقول, استرها ستر الله عرضك يا بني فأنا صديق قديم لوالدك ولا أتمني لك إلا الخير وأنت تعرف ذلك جيدا, قلت له, ولكنني أحب فتاة أخري في الجامعة وارغب في الزواج بها فقال لي في ترجي, تزوج نادية ولو لفترة صغيرة حتى تهدأ الأمور ثم طلقها بعد ذلك وهي لن تغضب من ذلك. لم أعرف ماذا أقول له فاستمر في حديثه وقال, زوج أخت نادية المعلم منصور اقسم بالله أن يطلق زوجته نرجس ويلقي بها وأبناءها في الشارع عندما علم بالأمر, فافعل  ما يرضي ضميرك وأنا علي ثقة من أنك ستوافق. قمت من عنده وصعدت للدرج فقابلت نادية فقالت لي وهي تبكي وتمسك بيد أبناء أختها الصغار وهم يبكون أيضا, أرجوك وافق علي الزواج بشكل مؤقت وبعد ذلك طلقني حين تشاء, تركتها ودخلت البيت ونمت وأنا لا أعرف ماذا افعل فجاءني أبي وهو مقيد من رقبته فقلت, ماذا بك يا أبي؟. فقال لي وهو حزين لقد كنت سعيدا في الجنة حتى قيل ما قيل عنك وعن الفتاة ثم تركني وهو يبكي, فعزمت علي الزواج من هذه الفتاة لأخرج أبي مما هو فيه, وتزوجتها واتفقت معها أنه زواج مؤقت لإسكات الناس فقط وبدون أن تطلبي مني إي علاقة حقيقية بيننا فقالت وهي حزينة, تدفن دمعة في عيناها, لا تخاف لن أرغمك علي شيء ووجدت في عينيها حبا دفينا. ظللت معها عدة أشهر دون أن ألمسها وقد برهنت لي عن حب لا يوصف فرفقت بها وأخذني الحياء تجاهها فبفضلها وفرنا الكثير وكانت تشتري كل ما نحتاج بتدبير شديد وأصبحت أقدر علي شراء الكتب ومصاريف الدراسة وكانت ولا أستطيع أن أخفي ذلك تساعدني من دون علمي في هذا الوقت فقد أصبحت أكثر شهرة في مجال الحياكة وزاد رزقها وعملت انأ أيضا ضابط أمن في أحدي الشركات عن طريق احدي زبائنها ثم في الحسابات براتب جيد وأصبحنا اقتصاديا في وضع أفضل ولكن دون أن نكون زوجان بالمعني الحرفي, لقد كانت تحاول أحيانا أن تتقرب مني ولكني كنت اشعر بأن ذلك خيانة لك ولكنني كنت أرفق بها واشعر بالذنب وبالرغم من أن أمي زارتني في المنام وأوصتني بها وقالت لي أن قلبها أبيض وأنها تعشقني عشقا لا مثيل له بين البشر ولكنني لم استطيع أن أكون زوجها كما تريد أمي وكما أوصتني ولكن كل أفعال نادية أكدت لي حبا لم أشعر مثله حتى من ناحيتك وأصبح البيت الجديد الذي سكنا فيه فردوسا حقيقيا فقد ظهر ذوقها الأنيق بل وجمالها فقد اشترت ملابس أنيقة وظهرت كسيدة مجتمع أنيقة واهتمت بجمالها حتى بدت في جمال لم يكن ألحظه من قبل ولا أصدق أنها كانت بهذا الجمال من قبل وأصبحت أكثر إثارة وأناقة وفي ليلة باردة جلست إلي جانبي ثم مالت برأسها علي كتفي وقالت لي همسا في أذني بصوت رقيق حبيبي, أنا في حاجة اليك وان كنت أنت ليست في حاجة إلي فلا تكسر قلب أحبك حبا مستعد للتضحية بكل شيء من أجلك, لم استطيع مقاومة هذا الكم العظيم من الحب وكان بيننا أول علاقة, نظرت مها له وهي تبكي وقالت, لقد خنتني, فقال لها محمود هذا رأيك أما هي فقالت لي كلمة هزتني كثيرا, أنني اعلم أنك تحب مها حبا شديدا وأنا لن أطلب منك ألا تحبها بل أنني اعلم أن الحب ليس بأيدينا فقدت أحببتك منذ رأيتك ولم أكن أظن الله سيجمعني بك أبدا ومع ذلك كنت أدعو وأنني ارضي منك بأي شيء وسأطلب منك شيء بسيط أنني اعلم أن حب مها قد مليء قلبك ولكن ليكن لي ولو نقطة سأكون سعيدة بذلك, وبالرغم من شفقتي بها وبالرغم من أنني أحببتها بمقدار هذه النقطة التي طلبتها فقد فكرت في طلاقها ولكن حدث ما لم أكن أتوقع وما لم أفهم في وقتها فقد حملت نادية من تلك الليلة كأنها كانت تنتظر لقاء واحد عابر حتى يحدث هذا الحمل. جلست صامتا طويلا فاقتربت مني ووضعت رأسها علي صدري وقالت لي, كنت أعلم أنك تفكر أن تطلقني وما كنت سأعترض ولكن أرادة الله كانت غير ذلك فارضي بما أراده الله لأنك لا تفهم أين يكون الخير أبدا وقالت وهي تبتسم سعيدة بما حدث, إن الله كريم معي لدرجة لا أصدقها فقد أراد أن يعطيني جزء منك في جسمي كم أنت كريم يا ربي ثم بكت بكاء سعادة ممزوج بالحزن. تغير كل شيء وأصبح الأمر أكثر صعوبة ولم يكن يمكنني أن اتركها هي و أبني الذي في بطنها إنني لا يمكني أن أفعل ذلك وأكون نذلا.

    قالت مها في غضب شديد, لا أريد أن اسمع أكثر من ذلك فلا معني لما تقول لقد خنتني,فقال محمود بهدوء, اسمعي حتى النهاية كما اتفقنا فقالت له مها, الجواب يبان من عنوانه والموضوع واضح لقد أحببتها وأكملت معها الحياة ولكني لم أفهم لماذا تزوجتني؟ ما دام لك زوجة تحبها وتحبك ولك منها أبناء, قاطعها محمود وقال لها, انتظري حتى النهاية ثم أردف قائلا ومع ذلك استمر قلبي بين نار أن اتركها أو أستمر معها حتى وصلت أبنتي مها, شهقت مها وقالت سميتها مها, كيف وافقت هي؟ , ابتسم محمود وقال لها, عندما رأيت أبنتي لأول مرة أحسست بإحساس جديد لقد أصبحت أب انه إحساس رائع لم أتخيله أبدا وأخذت أقبلها بعنف شديد فأمسكتها نادية وهي لا تقدر أن تأخذها من يدي وقالت لي وهي سعيدة والدمع في عينيها بالراحة عليها يا محمود أنك ستأكلها, يا ليت لي بقبلات مثلها ثم صمتت قليلا وقالت هل اخترت لها اسما؟. ظللت صامتا قليلا وأنا أنظر إلي أبنتي فقالت نادية وهي تنظر لي وكأنها قرأت أفكاري ليكن ما تريد سنسميها مها. نظر محمود لمها فوجدها مذهولة ولكنها حاولت سريعا أن تخفي ذلك فابتسم محمود وقال لها لقد حدث لي ما حدث لك فقالت مها وهي تخفي ضحكة, لم يحدث لي شيء, فنظر لها وهو يضحك ثم أكمل حديثه, أصبح قلبي معلق بابنتي مها وبمها الكبيرة وقد احتلت مها الصغيرة جزء كبيرا من قلبي ولكن من غير أن ينقص من حبي لك شيء بل أكثر من ذلك ومن دون أن تغضبي زاد حبي لنادية ومع طفلتي الثانية التي أصررت علي تسميتها نادية وجدت لها في قلبي حبا كبيرا أيضا من دون أن يقل حبي لأختها مها ولا لك بل وزاد حبي لنادية وعرفت وقتها أن حبي لشخص ما لا يؤثر علي حبي للأخر خاصة تجاه بناتي فحبي لمها لا حدود له كذلك حبي لنادية لا حدود له ومع ذلك كان كل حب لا يؤثر علي الأخر وكأن قلبي وقتها قد اتسع لحب الناس كلهم فزاد حبي لزوجتي نادية ولكن من دون أن ينقص حبي لك وكان هذا غريبا بل شعرت أنني احبك أكثر, وفهمت وقتها أن الحب يجلب الحب وأن الكراهية تجلب الكراهية وأن القلب يستطيع أن يحب حبي لا منتهي لشخص ما ومع ذلك يظل يحب الآخرين حبا لا منتهي له أيضا, بل كلما أحببت حبا أكبر لشخص ما فهذا الحب يعطيك قدرة جديدة علي حب شخص أخر حبا لا منتهي أيضا وهذا الحب يعطيك قدرة جديدة لحب أخر لا منتهي وعرفت أن الحب كأنه شجرة وافرة الفروع كلما أخذت فرعا منه نمي مكانه فروع كثيرة أكبر وأعظم, لذلك استمر حبي لك وكان يزداد يوما بعد يوم كلما زاد حبي لابنتي ولنادية أمهما ولذلك تزوجتك ولم تشعري يوما أبدا أن حبي لك يقل بل يزداد يوما بعد يوم وسيظل يزداد وعرفت الحكمة من زواجي من نادية فقد علمتني الحب الصافي الذي لا ينفذ والذي ينهي أي قطرة من الكراهية في القلب وكان الأمر العجيب فلم يكن لي منك أولاد وكنت حزين لأنك لم تحظي بابن وكنت أنا أتمني أن يكون لي منك ولد ولكن أرادة الله فوق كل شيء ولذلك أنا لست حزين لأنك عرفت الحقيقة ولقد تمنيت ذلك وأكثر من ذلك أتمني أن تفهمي معني الحب الصافي وتنخرطي معي ومع نادية ومع ابنتي في هذا الحب ليعوضك الله  عما لم يعطك لتجديه في نادية ومها.

    نظرت مها له في تعجب وقالت له تريدني أن أصدق هذا الجنان الذي تحكيه هذا نوع من التخريف لقد خنتني وضحكت علي ولن أبقي معك ولو دقيقة واحدة ثم حملت حقيبتها وخرجت مسرعة من البيت وهي تبكي, بينما وقف محمود هادئا وقال لها, حاولي أن تفكري فيما قلت لك وأعلمي أنك إذا وجدت الحب الصافي ستحظي براحة عظيمة.

    عندما تركت مها بيتها في عين شمس وركبت سيارة الأجرة متجهة لبيت أبيها في حلمية الزيتون, أخذت تفكر في كل ما حدث لها وكيف انهار حبها وبيتها في لحظة واحدة وأخذت الدموع تنهمر من عينيها وبالرغم من أن السائق كان ينظر لها في المرآة ولكنها لم تعيره انتباها فقد غطي ما هي فيها علي أي شعور بالخجل أو الاهتمام برأي الأخر فيها ولكنها بدأت تفكر فيما سيكون موقف أهلها خاصة أبيها وأمها وهي التي كانت تحكي لهما دائما عن الحب الذي يجمع بينهما وعندما كانت أمها تتحدث إليها عن قلقها من أن يتزوج عليها محمود لأجل الأولاد كانت مها تضحك في سخرية وتقول بثقة, أن هذا لن يحدث أبدا فزوجي يحبني بجنون ولا يعادلني بأي شيء حتى الولد.

    أما خوفها الأكبر فكان من أبيها الذي كان لا يحب محمود ويراه أنه كان السبب في انكساره أمامه عند طلب الزواج من مها بل وأمام أخوته وأقاربه والجيران. بل أكثر من ذلك فانه كان لا يراه كفأ لمها والأهم أنه كان يراه شاب سيء انتهازي. وقفت مها أمام الباب كثيرا ويدها ترتجف ولا تقدر علي دق الجرس وحاولت استجماع قوتها أكثر من مرة ولكنها لم تقدر حتى رأت طيفا من وراء زجاج الباب عرفت أنه أمها تفتح الباب فحاولت مسح دموعها ولكنها انهارت حين فتحت الأم الباب وارتمت في حضنها تبكي.

    في البداية لم يتحدث أحد إليها ولكن كانت العيون تفضح الجميع, وظلت مها تبكي علي حالها وتقول يا رب لما كل هذا؟, كانت حياتي سعيدة ولكنك تركتها تتعكر بل وتتدمر. ليتني أفهم سبب كل هذا, أنا حزينة لأنك فعلت هذا بي, لم أكن أظن أنك سترضى لي هذا المصير.

    بعد عدة أيام بدأت أمها سلوى تتحدث معها بحذر في الأمر وكانت  أحيانا تقول لها عليك أن تقبلي بالأمر وترضي به وأحيانا تقول لا ترجعي أبدا إليه, ولكن مع الوقت قالت لها, لقد أخطأت حين صمميتي علي الزواج به, كنا نعلم أنه غير مناسب لك, حزنت مها حين سمعت هذا الحديث وكانت تعلم أن هذا هو رأي أبيها وليس أمها وشعرت أنها عبأ كبيرا علي عائلتها وزاد ذلك من إحساسها بالاكتئاب حتى همت أن تنتحر للتخلص من كل ما تشعر به. ولكن حدث شيء غير كل هذا.

    دق جرس الباب في الساعة السابعة مساء ولم تهتم مها بالأمر ولكن الطرق استمر علي فترات دليل علي حياء الشخص الذي علي الباب, انتظرت أن يفتح أحد الباب ولكن دون جدوى فشعرت بالرأفة بالشخص الذي علي الباب فقالت لعله طالب حاجة فتحركت ببطء حتى فتح الباب ثم تسمرت أمامه هي لم تكن تعرف الواقف علي الباب ولكنها شعرت كأنها رأتها أو تعرفها ولكن وجهها كأنها نجمة سينما أو ما شابة وهي أجمل أمرآة رأتها في حياتها وكانت علي يقين أنها رأتها من قبل ولكن أين؟, طلبت السيدة الأذن بالدخول فسمحت لها مها وهي مازالت متعجبة من هذه المرأة, جلست المرأة بهدوء وثقة وقالت لمها كيف حالك يا مها؟. صمتت مها برهة ثم قالت وهي تتفرس وجهها هل تعرفيني يا سيدتي؟. قالت المرأة وهي تبتسم بحذر, نعم وجيدا, نظرت مها إليها وقالت ولكني لا أعرفك, فتبسمت المرأة وقالت لها, بل تعرفيني جيدا, ظلت مها تتفرس في وجهها ولكن دون جدوى, ولكنها شعرت تجاهها بأحاسيس متناقض من الكراهية والحب ثم تفرست مرة أخري في وجهها وقالت, أنا لا أعرفك, فتبسمت المرأة وقالت بهدوء, أنا نادية يا مها ثم لاذت بالصمت, أخذت الدهشة مها وشهقت ثم قالت لنادية, كم أنت جريئة كيف تأتي إلي هنا هل تعلمي ماذا يمكن أن أفعل بك؟. تبسمت لها نادية وقالت, ماذا ستفعلين؟. قالت مها وقد استشاطت غيظا, سأقتلك, زادت ابتسامة نادية وقالت لها, إن القتل لن يغير شيء بل الحب, قهقهت مها وقالت, لست أعرف لما تتحدثون عن الحب كثيرا بينما أفعالكم عكس ذلك, فردت نادية بهدوء وقالت لها, من أجل الحب جاءت إليك, وثقي أنني سأفعل أي شيء تريديه؟.

    ضحكت مها وقالت, منك أنت؟ لا أريد شيء طبعا, قالت نادية ومازلت تظهر الهدوء, ولكنني أنا أريد منك, وشيء واحد أن تعودي لزوجك الذي يحبك.

    ظهر التجهم على وجه مها وقالت, لو كان يحبني ما خانني أبدا, ولست  أعرف لماذا أرسلك؟.

    ضحكت نادية وقالت, ولكنه لم يرسلني, أنا أتيت من دون علمه لأنني شعرت بألم قلبه ولا أستطيع أن أراه كذلك , ثقي أنني سأفعل كل ما تريدي ومهما طلبت منك لأسعده.

    قالت مها وهي تضحك, أي شيء مهما كان حتى لو قلت لك أن تتركيه لي.

    قالت نادية بهدوء, نعم ولو طلبت أكثر من ذلك, إن الحبيب يظل يستمتع بالحبيب وبالحب حتى وان كان الحبيب بعيدا بل ربما يعطي معني جديد للحب.

    ضحكت مها بسخرية وقالت إما أنك ساذجة وإما أنك مجنونه فقالت نادية وهي تبتسم, بل أحب ولو أن الحب لمس قلبك لشعرت بما اشعر به, ضحكت مها وقالت والدمع يظهر جليا في عينيها, لقد أحببت محمود حبا أنت لم ولن تشعري به أبدا, ضحكت نادية وقالت, والله الذي لا اله إلا هو أنك لم ولن تعرفي الحب من قريب ولا بعيد, لو عرفت الحب ما جرحت أحد خاصة محمود الذي يحبك حبا صافيا بلا حدود, أنك لا تعرفي ماذا فعلت به؟, انه حزين لفراقك له وأكثر من ذلك أنه أكتشف أنك لا تحبيه بعد طول العشرة وبعد ما قدمه لك من الحب الذي كان يغطي حياتكما كلها, لقد قال وهو يمسك برأسه و يعصب عينيه, كيف لا يقابل الحب بالحب؟. كيف يمكن لإنسان أن يعيش في جنة الحب بدون أن يشعر بما هو فيه؟, كم هذا القلب مغلق, أنه حزين لقد خذلتيه, ضحكت مها بكل قوة وقالت ساخرة, أنكما لا شك مجنونان, ولما تظنون أنني يجب أن أعود إليه, قالت نادية بثقة, لأنه يحبك ويحب أن يراك سعيدة حين يختلج قلبك الحب ثم يملئه قليلا فقليلا حتى يكون الحب هو كل ما في القلب دون كراهية فتشعري بمتعة الحب الصافي, أبدت مها غضبها وقالت لها, ماذا تريدي من الأخر؟, قالت نادية, سأعرض عليك ما أريد بهدوء وعليك أن تسمحي لي بان أتكلم بحرية حتى النهاية دون أن تقاطعيني أبدا مهما قلت, أن آفة البشر التسرع وعدم التفكير الجيد في الأمور, قالت مها وهي تشعر أن كلامها لن يغير شيء ولكن احتراما لأنها في بيتها , ليكن.

    شكرتها نادية ثم أردفت قائله, لست أعرف ماذا قال لك محمود بالضبط ولكننني سأقول لك من يخصني, لقد أحببت محمود منذ وقع نظري عليه فقد كنت أحلم به قبل أن أراه ولكنني شعرت أنه لا يعيرني انتباها وشعرت انه يحب فتاة أخري ولكن قلبي ظل معلق به وكنت أدعو الله رغم أنني أعلم أن الأمر صعب ولكنني لم

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1