Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

اسمى حنفى
اسمى حنفى
اسمى حنفى
Ebook101 pages46 minutes

اسمى حنفى

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الحياة لم تبد لي أحيانًا شكلًا من أشكال المعقول كأنها لوحة سريالية أشبە بحلم.. بل تفسر أحيانًا بخلط الواقع بالخيال، ولا أدري إذا كنت واعيًا لواقعي أم هائمًا في بحر الخيال أم هي مجرد تأملات شاردة تهاجمني في صحوتي ومنامي هربًا من واقع مفروض؟! يبدو أن البحر سمع هواجسي وقرأ أفكاري فاخترقت إحدى موجاتە رأسي لتعيدني إلى صوابي.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2010
ISBN9787681255295
اسمى حنفى

Related to اسمى حنفى

Related ebooks

Reviews for اسمى حنفى

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    اسمى حنفى - زينب عفيفي

    الفصل الأول

    من أنا؟

    سؤال طالما طرحته على نفسي كثيرًا، ولم أجد له جوابًا!

    وقفت أمام البحر حائرًا أسأل نفسي مرة ثانية: من أنا؟

    ويسود صمت عميق بيني وبين نفسي، فلا أجد إجابة تشفي أوجاعي المزمنة منذ ولادتي العسرة، وموت أمي أثناء ولادتي، وكل شخص في عائلتي يتهمني بشكل ما، بأنني السبب في وفاة أمي، فولدت وأنا أحمل ذنبًا لم أقترفه، ولكني اضطررت إلى الاستسلام لنظرات أفراد عائلتي، التي كانت بمثابة المنغصات غير المرئية منهم.

    كانت السحب المسائية في ذلك الوقت، تقترب من سطح البحر في طريقها إلى الاختفاء، وهي تجر في ثناياها بقايا ضوء شمس خافت يؤذن بانتهاء يوم من أيام عمري الحزين.

    ويعود السؤال إلى ذهني من جديد: من أنا؟

    لماذا أنا هنا في الإسكندرية؟ تاركًا خلفي كل هؤلاء البشر الذين من بينهم زوجة لم أخترها، وإنما اختارها لي أبي! ابنة العم اليتيمة التي مات أبوها شهيدًا في حرب الاستنزاف، فجاءت تعيش وسط أسرتنا الصغيرة التي تضم ثلاثة أبناء، أنا آخر العنقود فيها.

    نعم: أنا! الذي قطعت العنقود، وجعلت إخوتي بلا أم من وجهة نظرهم! لم يخبرني أحد بذلك، ولكني كنت أقرؤه في نظرات عيونهم كل لحظة. ويتكرر السؤال مرة ثانية: من أنا؟

    شهادة ميلادي تقول إن اسمي حنفي، وهذا الاسم لم أختره، ولم أحبه يومًا، وأنا صغير لم أكن أجيب في كثير من الأحيان عندما يناديني به أحد!

    وقد لاحظت مُدَرِّسة الفصل عدم استجابتي لها، فسألتني: هل لك اسم آخر؟

    قلت على الفور: نعم.

    قالت: ما هو؟

    ولم أجب، وأجابت دموع الطفل!

    وأتذكر بأن مُدَرِّستي احتضنتني بحنان الأم المفقود في هذا اليوم.

    وسألتني: ماذا كنت تحب أن يكون اسمك؟

    ولا أذكر ماذا قلت لمُدَرِّستي يومها.

    أعود لتأمل الغروب وضوء النهار الهارب، ويباغتني سؤال جديد: كيف يرحل كل هذا الجمال دون أن ترسمه ريشة الفنان؟

    أتلفت من حولي، من هو هذا الفنان؟ هل هو أنا؟

    أنا خريج كلية الفنون الجميلة بتقدير جيد جدًّا، ولم أجد عملاً غير وظيفة في مصلحة الصرف الصحي!

    تذكرت...!!

    أنا واحد ضمن مجموعة عمل في مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في البحر الأبيض المتوسط. وبدأت صورة شهادة الميلاد تتضح أمام عيني.

    الاسم: حنفي محمود عبد العال.

    السن: ثلاثون عامًا.

    الحالة الاجتماعية: متزوج من خمس سنوات، ولم أنجب.

    الوظيفة: موظف!!

    والشهادة التي حصلت عليها: بكالوريوس فنون جميلة!!

    من أنا؟ سؤال ظل يطاردني طوال الليل!!

    وتنزلق قدماي في البحر محاولاً منع اندفاع مياه الصرف الصحي من المواسير الضخمة التي تندفع منها المياه الملوثة بغزارة إلى البحر دون أي حواجز، ويغرق جزء من جسدي، وينمحي معه اسمي، ثم تزداد المياه وتعلو، وتعلو أكثر فيختفي جزء جديد من جسدي، وتمَّحي معه زوجتي، ثم يزداد ارتفاع المياه، وتختفي معها وظيفتي، ويظل رأسي عالقًا بين الحياة والموت، وأغرق، أغرق، وأختفي من هذا الوجود تمامًا!

    ويختفي معي السؤال المزعج «من أنا؟».

    وأستيقظ من غفوتي لأجد الحياة من حولي أكثر استقرارًا.. ومساحات خضراء تكسو كل مكان، ووجه فتاة جميلة يبدو لي من بعيد مثل الخيال، وشجرة كبيرة وارفة في آخر الطريق، تتمايل مع الرياح شمالاً ويمينًا، فأُسرع الخطى إليها، وألقي بنفسي في أحضانها، فأجد عليها شهادة ميلاد جديدة مكتوبًا فيها:

    الاسم: طارق.

    الحالة الاجتماعية: أعزب.

    الوظيفة: فنان.

    هكذا تغيرت حياتي بين يوم وليلة في غفوة مني، وجدت في يدي فرشاة وألوانًا ورغبة قوية فى إعادة تشكيل حياتي، بل في إعادة شكل العالم من حولي، لكن من أين أبدأ؟ لا تهم البداية، سوف أبدأ من أي مكان. المهم أني تخلصت من تلك الحياة الغريبة التي كنت أحياها، وهأنا واحد جديد يرتدي البدلة المفضلة لديه، ويحمل البطاقة الشخصية التي تؤكد أنه فنان............ نعم أنا فنان!

    سار حنفي، أقصد (طارق) في طريق مرسوم، يحمل فرشاته وألوانه، ويقتحم المجهول، كان الشارع الذي يسير فيه طويلاً لا تبدو له نهاية، ولكنه لمح عن بعد مقهى خاليًا من الزبائن، فاختار مقعدًا يرى منه المارة، ولا يراه منه أحد إلا إذا اقترب منه، تطالعه فتاة شابة جميلة، تسأله: ماذا تريد أن تشرب؟ ويسعد بالسؤال الذي يمنحه فرصة الاختيار، ويبادرها قائلاً: أريد شايًا بدون سكر.

    وتختفي النادلة من أمامه لتعود بعد قليل حاملة طاولة عليها الشاي الساخن مع قطعة من الكيك الطازج!

    سألها طارق: لمن هذا الكيك؟

    قالت: لك.

    قال لها: ولكن أنا لم أطلب كيكًا!

    قالت: الشاي عندنا ينزل «كمبليت».

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1