Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

أم على
أم على
أم على
Ebook333 pages2 hours

أم على

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

هذه السلسلة تحتوي على كنز أدبي حقيقي لما تحتويه من تنوع أدبي وقصصي وتصنيفات أدبية ودرامية مختلفة خاصة أدب القصة القصيرة والتي برع فيها د. نبيل فاروق وقيل عنه أنه خليفة الكاتب والروائي رائد أدب القصة القصيرة أ/ يوسف إدريس.
Languageالعربية
Release dateOct 1, 2023
ISBN9789778969894
أم على

Read more from د. نبيل فاروق

Related to أم على

Related ebooks

Reviews for أم على

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    أم على - د. نبيل فاروق

    أم علـــى وقصص أخرى ..

    الكتاب الثانى

    فكرة : أ / حازم شفيق

    تأليف : د. نبيل فاروق

    غلاف : أ. محمود عبد الباسط

    Y001.xhtml

    ثقافة الغد .. لشباب اليوم

    باقـة من القصص القصيرة

    قمة فى التشويـق والإثـــارة

    إشراف

    الأستاذ / حمدى مصطفى

    جميــع الحقــــوق محفوظــــة للناشــــر ,

    ســواء النشــر الورقــى أو الإلكترونـى .

    وكــل اقتبــاس أو تقليــد أو إعــادة طبع

    أو نشــــــر ورقــــــى أو إلكترونــــــى دون

    الحصـــول عـــــلى تصريـــح كتــابى مــن

    النــاشر ــ يعــرض المرتـكب للمســاءلة

    القانونية .

    العربية الحديثة للطبع والنشر والتوزيع بالقاهرة ـ المطابع: 8، 10 شارع المنطقة الصناعية بالعباسية ـ ت: 26823792 ـ 26825800 ـ 24677371، فاكس: 24677188. منافذ البيع: 10، 16 شــارع كامل صـدقى الفجـالــــة ـ الــرئيسى للفجالـــــة ت: 25882046 ـ 25882047 ـ 25908455 ـ 25908210 ـ فـــــــرع الفجــالـــــة ت: 25928202 ــــ 25932403، فــاكـــس: 25890401 ـ 4 شـــارع الإسحــاقـــى ـ منشيــــة البكـــرى ــ روكســى ــ

    مصر الجــديدة ــــ القاهرة ت: 22586197، 24550499، فاكس: 22596650/202 ــ الإســكندريــة 4 شارع بدوى ــ محرم بك ـ ت: 4970840/03 ـ 4970850/03 .

    التمـــاس

    سيادة النائب العام ..

    مقدمە لسيادتكم السجين ( م . م ) ..

    لا يمكن لسيادتكم أبدًا أن تتصور مدى ما أشعر بە من حرج ، وأنا أكتب لك هذە الرسالة ، من سجن .......... ، حيث أقضى فترة عقوبة ، قدرها عام واحد ، بسبب حادثة سرقة ، ألقت بى هنا ، منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر ..

    وأنا واثق من أن أول ما سيخطر ببالك ، يا سيادة النائب العام ، هو أننى أتقدم بهذا الالتماس للإفراج عنى ، مدعيًا أننى مظلوم ، كما تقول معظم الالتماسات ، التى تصلك فى المعتاد .. ولكن هذا غير صحيح ..

    فأنا يا سيادة النائب العام مذنب ..

    مذنب ، بكل ما تحملە الكلمة من معان ..

    ولكننى لست مجرمًا ..

    وهنا تكمن المشكلة ..

    أو القضية ، كما أحب أن أسميها ..

    لقد ارتكبت جريمة السرقة هذە ، بسبب رفاق السوء ( كما كان أبى يطلق عليهم ، ويا ليتنى استمعت إليە حينذاك ) ..

    لقد تحالفوا مع الشيطان ؛ ليزينوا لى الأمر ، ويقنعونى بأن ارتكاب الجريمة ينقلنى من عالم الصغار إلى عالم الكبار ، وأنە جواز مرورى إلى الزعامة والاستقلال ..

    وصدقتهم ..

    وكانت هذە هى النتيجة ..

    السقوط ، والفضيحة ، والمحاكمة ، والعار ..

    ثم السجن ...

    وعلى الرغم من كل المشاعر التى انتابتنى ، وأنا أدخل السجن لأول مرة ، إلا أن شيئًا مما شاهدتە داخلە لم يكن يخطر ببالى ، أو يراودنى حتى فى أبشع كوابيسى ..

    لقد وجدت نفسى فى عالم عجيب ، مخيف ، أكثر بشاعة ألف مرة ، من كل ما يتصورە من بخارجە ..

    عالم كل لحظة فيە تكفى لإفساد كل شىء جيد ، فى أى مخلوق حى ..

    وحديثى هذا لن يروق للمسئولين عن السجون ، وسينفونە بشدة ، ويستنكرون ما أقولە ، وسيؤكدون أن كل شىء على ما يرام ، وليس فى الإمكان أفضل مما كان ، تبعًا لنظرية إخفاء الرأس فى الرمال ، ما دامت الكارثة لم تحدث بعد ..

    ولأننى لست مجرمًا بطبعى ، ومعدنى طيب ، كما يقولون ، فقد هالنى ما رأيتە فى السجن ، وارتعت لما سيئول إليە حالى فيە ...

    ففى السجن يا سيدى تنتشر كل أنواع الجرائم ، بأكثر مما يحدث خارجە ..

    السرقة .. القتل .. النصب .. تجارة المخدرات ، وغيرها مما لم ولن يخطر ببالكم قط ، ما دمتم خارج أسوارە ..

    وبنظرة موضوعية ، صنعتها أيام السجن ، الممزوجة بالهلع والذعر والارتياع ، أدركت أننى ، وإن كنت لم أدخل السجن مجرمًا ، فسأخرج منە كذلك بالتأكيد .. فهنا إما أن تصبح ذئبًا ، أو تأكلك الذئاب ..

    وذئاب السجن ، إن لم تكن تدرى يا سيدى ، أكثر وحشية وشراسة ألف مرة ، من ذئاب البرية ..

    بل قد تجد بعض الرحمة فى ذئاب البرية ..

    ولكنك حتمًا لن تجدها عند ذئاب السجن ..

    لذا ، فقد وجدت نفسى أتساءل يا سيادة النائب العام : لماذا لا تنفذون فىّ حكم الشريعة ؟

    لقد سرقت ، واعترفت بذلك ، فلم لا تقطعون يدى ؟

    أرجوك يا سيادة النائب العام ..

    أرجوك ..

    أرجوك ..

    أقم علىّ الحد ، الذى أقرّە اللە ( سبحانە وتعالى ) ..

    اقطعوا يدى ..

    بل يدىّ الاثنتين ..

    ولكن لا تضعونى فى السجن ..

    لا تصنعوا منى مجرمًا ..

    صدقنى يا سيّدى ، إنكم بهذا توفرون كل ما تنفقونە على المسجونين من أموال دافعى الضرائب ، وترهبون اللصوص والمجرمين ، وتقللون معدلات الجريمة .. والأهم من هذا ، أنكم ستنفذون شرع اللە ( سبحانە وتعالى ) ..

    ولهذا يا سيّدى ، ولكل ما سبق ، فأنا ألتمس منك الرحمة ..

    ارحمنى يا سيّدى واقطع يدى ، جزاء ما اقترفتە ..

    ولكن أخرجنى من هذا الجحيم ، الذى تُسمُّونه السجن ..

    أرجوك يا سيادة النائب العام ..

    أرجوك ألف مرة .

    المعذب ( م . م )

    ❋ ❋ ❋

    أبيض وأسود

    « ( ثناء ) .. هل يمكننى أن أتحدَّث معك لدقيقة ؟! »

    رفعت ( ثناء ) عينيها العسليتين عن أوراقها فى بطء ، وهى تتطلّع إلى زميلها فى البنك ، الذى بدا مرتبكًا أكثر مما ينبغى ، وتساءلت فى أعماقها عن سر مطلبە هذا ، على الرغم من أنهما يعملان فى قسمين مختلفين تمامًا ، ولا يلتقيان إلا نادرًا ، ثم لم تلبث أن تنحنحت ، واعتدلت فى مجلسها ، وهى تقول برصانة زائدة :

    ــ تحت أمرك يا أستاذ ( يوسف ) ..

    بدا لها ( يوسف ) أكثر ارتباكًا ، وهو يزدرد لعابە ، وينقر بأصابعە على سطح مكتبها فى عصبية ، قائلًا :

    ــ أريد أن أتحدَّث إليك لدقيقة واحدة .

    لم تفهم لماذا كرَّر قولە ، فتنهَّدت قائلة :

    ــ كلى آذان مصغية .

    ازدرد لعابە بصوت مسموع هذە المرة ، وداعب رباط عنقە فى ارتباك أكثر ، وهو يجيب بصوت خافت ، وكأنما يخشى أن يسمعە أحد :

    ــ وحدنا .

    هتفت بدهشة بالغة :

    ــ وحدنا ؟!

    ارتفع صوتها ، وهى تطلق هتافها ، على نحو جذب أنظار الجميع ، وجعلهم يلتفتون إليهما ، فبدا الضيق على وجە ( يوسف ) ، وهو يقول ، فى شىء من العصبية :

    ــ لو سمحت .

    أنَّبها ضميرها ؛ لأنها أحرجتە على هذا النحو ، ولم تجد أمامها وسيلة للاعتذار ، سوى أن نهضت مغمغمة :

    ــ تحت أمرك .

    قطعا معًا ممرًّا يربط بين حجرتيهما ، وتوقَّفا عند تجويف فى نهايتە ..

    وتحدّثا ..

    والعجيب أنە كان دقيقًا للغاية ..

    فلم يستغرق حديثە معها سوى دقيقة واحدة ..

    بالضبط ..

    ولكنە ، عندما انصرف ، كان قد ترك فى أعماقها دهشة وحيرة شديدتين ..

    للغاية ..

    دهشة وحيرة لم تفارقاها ، حتى عادت إلى منزلها ، وأبدلت ثيابها ، ثم ذهبت إلى أمها فى المطبخ ، وتحدَّثت معها قليلًا ، قبل أن تستجمع شجاعتها ، وتقول فى كلمات سريعة :

    ــ اليوم جاءنى عرض زواج .

    التفتت إليها أمها بوجە متهلل ، وهى تهتف :

    ــ عريس ؟!

    أومأت ( ثناء ) برأسها فى صمت ، فتركت أمها ما بيدها ، لتسألها فى لهفة :

    ــ مَنْ هو ؟! وماذا يعمل ؟!

    أجابتها ( ثناء ) ، وهى تتظاهر باللامبالاة :

    ــ اسمە ( يوسف ) .. زميلى بالبنك .

    سألتها أمها بلهفة أكثر :

    ــ وما رأيك ؟!

    تردَّدت ( ثناء ) بضع لحظات ، قبل أن تجيب :

    ــ إنە شاب متدين ملتزم ، ناجح فى عملە ، من أسرة كريمة ، ولكن ....

    بترت عبارتها عند هذا الحد ، وبدت حائرة مضطربة ، فقالت أمها ، فى محاولة لتشجيعها على الاستطراد :

    ــ ألا يمتلك ما يكفى ...

    قاطعتها ( ثناء ) بسرعة :

    ــ لديە شقة فى ( الدقى ) ، وسيارة صغيرة ، ويقول إنە مستعد لكل طلباتنا .

    تراجعت أمها ، قائلة فى دهشة :

    ــ ماذا هناك إذن ؟!

    تردَّدت ( ثناء ) طويلًا هذە المرة ، وبدت أكثر حيرة واضطرابًا ، قبل أن تجيب فى خفوت شديد :

    ــ إنە أسود .

    خُيِّل لأمها أنها لم تسمع الجواب ، فمالت نحوها ، متسائلة :

    ــ ماذا ؟!

    هتفت ( ثناء ) فى عصبية :

    ــ أسود .. إنە أسود .. زنجى .. أشبە بمواطنى جنوب إفريقيا .

    صمتت والدتها بضع لحظات ، وهى تتطلَّع إليها ، قبل أن تسألها بابتسامة حائرة :

    ــ وماذا فى هذا ؟!

    لوَّحت بذراعها ، مجيبة فى عصبية :

    ــ سيكون التناقض بيننا كبيرًا وواضحًا .. أنا بيضاء جدًّا كما تعلمين .. ثم إننى لا أتصوَّر أن أنجب أبناء بلونە هذا .

    تطلَّعت إليها أمها فى صمت لوقت آخر ، ثم لم تلبث أن ابتسمت ، وربَّتت على كتفها ، قائلة :

    ــ إنە شأنك يا بنيتى .. اقبلى أو ارفضى ، ولكن خذيها نصيحة من أمك :

    لا تجعلى هذا سببًا للرفض أو القبول .

    سألتها باضطراب واضح :

    ــ كيف ؟!

    أجابتها أمها فى حنان :

    ــ كلنا بشر يا بنيتى .. كلنا عباد اللە ( سبحانە وتعالى ) ، أيًّا كان لوننا .. أبيض .. أسود .. أصفر .. أحمر .. أو حتى بنفسجيًّا .. لا فرق بيننا إلا بالتقوى وحدها .. ثم إنە من أدراك أن صاحب البشرة البيضاء يحمل فى أعماقە قلبًا أبيض ؟! ربما كان قلبە أشد سوادًا من ظلمة القبر ..

    هزَّت ( ثناء ) رأسها فى حدة ، قائلة :

    ــ ولكننى لا أستطيع احتمال هذا .

    أومأت أمها برأسها متفهِّمة ، وغمغمت :

    ــ هذا شأنك يا بنيتى ..

    قالتها ، وعادت إلى عملها فى هدوء ..

    ولكن ( ثناء ) لم تنصرف ..

    لقد فركت كفيها بضع لحظات فى عصبية ، قبل أن تقول :

    ــ لقد طلبت منە أن يمنحنى مهلة للتفكير .

    غمغمت أمها ، دون أن تلتفت إليها :

    ــ حسنًا فعلت .

    قالت بنفس العصبية :

    ــ لم يعترض ، وأخبرنى أنە سينتظر ، حتى لو استغرق الأمر دهرًا كاملًا .

    غمغمت أمها :

    ــ عظيم .

    فركت ( ثناء ) كفيها بعصبية أكثر ، قبل أن تقول فى حدة :

    ــ ولكننى سأرفض فى النهاية .

    تمتمت أمها :

    ــ هذا شأنك .. كل شىء قسمة ونصيب .

    لم يعد هناك ما يقال بعدها ..

    لذا ، فقد انصرفت ( ثناء ) ..

    ولكن الحيرة والقلق لم ينصرفا عن ذهنها قط ..

    لقد لازماها لوقت طويل للغاية ..

    شهر كامل لم يفارقاها فيه ..

    ولم تحسم فيە أمرها ..

    ولقد التزم ( يوسف ) بكلمتە ، طوال هذا الشهر ..

    إنە لم يسألها قط عن قرارها ..

    ولم يطرح الأمر مرة ثانية قط ..

    عملهما فى قسمين مختلفين ساعدە على هذا ، وإن لم تخف عيناە نظرة اللهفة والترقُّب ، التى تقفر إليهما ، كلما التقيا ، أو وقع بصرە عليها ..

    ومع مرور الأسبوع السادس ، اختفت تلك النظرة من عينيە ، واحتلَّت محلها نظرة حزينة صامتة ، وكأنما أدرك أنها قد رفضتە ، دون أن تفصح عن هذا ..

    ولأسبوع آخر ، راح يتحاشى مقابلتها ، حتى لا تفصح عيناە عن عذابە ..

    ولكن للقدر تصاريفە ..

    فرغم أنه لا يعلم أحد ما بينهما ، أصدر مدير البنك قرارە بترقية ( يوسف ) إلى درجة رئيس قسم ..

    نفس القسم ، الذى تعمل فيە ( ثناء ) ..

    وهنا هبط قلبها بين قدميها ..

    لقد أصبح رئيسها ، بعد أن أدرك أنها قد رفضتە ..

    وسينتقم منها حتمًا ..

    كل الرجال يفعلون هذا ..

    لا أحد منهم يحتمل رفض امرأة لە ..

    ولأن تلك الفكرة الأخيرة قد سيطرت عليها تمامًا ، فقد استقبلت يومە الأوَّل ، فى منصبە الجديد ، بصرامة ورصانة حادتين ، بدا أنهما أشبە برد فعل عدوانى ، لم يجد أحد ما يبرِّرە ..

    ولكن العجيب أنە قد استقبل هذا بهدوء شديد ..

    ودون لمحة واحدة من الغضب ..

    كان حنونًا ، راقيًا ، متفهِّمًا ، إلى حدٍّ لم تتصوَّر وجودە قط ..

    ولكنە ما زال يتحاشى النظر إلى وجهها ..

    ما زال يخفى عينيە عنها ..

    وفى أعماقها ، تولَّد شعور قوى بالندم وتأنيب الضمير ..

    ولأنها شجاعة واثقة ، فقد ذهبت إليە مباشرة ، قائلة :

    ــ أستاذ ( يوسف ) .

    رفع عينيە إليها فى تردُّد متوتر ، وأطل منهما تساؤل قلق ، فأكملت :

    ــ أعتقد أننى قد أسأت استقبالك بسبب ...

    قاطعها بسرعة :

    ــ لقد نسيت هذا تمامًا .

    نطقها بحنان جارف حزين ، اختلج معە قلبها ، قبل أن تتراقص على شفتيە ابتسامة باهتة ، وهو يتمتم مكملًا :

    ــ ثم إنە لن يمكننى أن أغضب منك أبدًا .

    قالها ، ثم استدرك مرتبكًا :

    ــ أعنى أنك أفضل موظفة هنا ، و .....

    قاطعتە هى هذە المرة :

    ــ أما زلت تنتظر ؟!

    رأت فى وضوح تلك الارتجافة ، التى سرت فى جسدە كلە ، وهو يتطلَّع إليها مبهورًا ، قبل أن يهمس :

    ــ الدهر لم يمض بعد .

    تهللت أساريرها ، وهى تقول فى خجل وسعادة :

    ــ سأخبر أبى أنك ستزورنا غدًا .

    سألها بكل لهفة الدنيا :

    ــ ألا يمكننى أن آتى اليوم ؟!

    وفى نهاية الأسبوع الثامن ، وعندما التف الزملاء حولهما ، يهنئونهما بدبلتى الخطبة ، اللتين تتألقان فى إصبعيهما ، وفرحة الدنيا كلها تطلّ من عيونهما ، جذبت إحدى الزميلات ( ثناء ) إليها ، وهمست فى أذنيها :

    ــ مبروك .. إنە شخص ممتاز ، ولكن المشكلة أنە أسود ، و ...

    وبدهشة غاضبة مستنكرة ، التفتت إليها ( ثناء ) ، هاتفة :

    ــ وماذا فى هذا ؟!

    ❋ ❋ ❋

    قطرة حب

    « سن الثلاثين تقترب .. »

    قفز هذا الخاطر المفزع إلى رأس ( سلوى ) ، وهى تصفِّف شعرها بعناية فائقة كعادتها ، أمام المرآة الكبيرة فى حجرتها ، فى ذلك الصباح المشمس الجميل ..

    وفى قلق ليس لە ما يبرِّرە ، مالت تلقى نظرة فاحصة على ملامحها ..

    ما زالت فاتنة ساحرة كما هى ..

    لا تجعيدة أو بقعة داكنة ، فى أى مكان من بشرتها ، وبخاصة منطقة ما تحت العينين ..

    كل صديقاتها يحسدْنها فى غيرة ، على حسنها وجمالها ، وشعرها الكستنائى الناعم ، وعينيها العسليتين الناعستين ..

    كلهن يجمعن على أنها أكثرهن سحرًا وجاذبية وأناقة ..

    ولكن العجيب أنها وحدها لم تتزوَّج بعد ..

    جميعهن تزوجن وأنجبن ، قبل أن يبلغن الثامنة والعشرين من العمر ..

    أما هى ، جميلة الجميلات ، وساحرة البنات ، ودرة الشلة ، فما زالت كما هى ..

    عذراء لم تتزوَّج ..

    ولم ترتبط حتى بعلاقة حب قوية ..

    كثيرون وقعوا فى غرام أناقتها ، وهوى جمالها ، وسحر فتنتها ..

    ولكن قلبها لم يقع فى حب أحدهم قط ..

    لم تشعر قط بالحب ..

    أو حتى بقطرة منە ..

    قطرة حب ..

    ولهذا رفضت عشرات العرسان ..

    هذا لأنە بدين ..

    وذاك لأنە قصير ..

    وآخر نحيل ..

    ورابع بخيل ..

    ويومًا بعد يوم ، تناقص عدد المتقدمين ..

    وتزايدت سنوات عمرها ..

    ثم فجأة ، وجدت نفسها وحدها ..

    حضرت أكثر من عشر حفلات زفاف لبنات الشلة ..

    وحضرت « سبوع » المواليد أيضًا ..

    وفى كل مرة كانت تفتن الكل ..

    وتوقع قلبًا جديدًا ..

    أو عدة قلوب ..

    إلا

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1