Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

د. سبوك لرعاية الطفل: دليل الوالدين لتنشئة الأطفال من الميلاد حتى المراهقة
د. سبوك لرعاية الطفل: دليل الوالدين لتنشئة الأطفال من الميلاد حتى المراهقة
د. سبوك لرعاية الطفل: دليل الوالدين لتنشئة الأطفال من الميلاد حتى المراهقة
Ebook2,192 pages16 hours

د. سبوك لرعاية الطفل: دليل الوالدين لتنشئة الأطفال من الميلاد حتى المراهقة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

منذ أجيال وأولياء أمور في جميع أنحاء العالم يعتمدون على هذا المرجع الشامل في طب الأطفال. والآن نقدم هذه الطبعة المحدثة التي حققت أعلى المبيعات؛ والتي ستجد - على صفحاتها - كل المعلومات التي تحتاجها لتواجه التغيرات والتحديات حول تنشئة الأولاد في الألفية الجديدة. يضم هذا المرجع بين دفتيه أقساماً جديدة تماماً حول الموضوعات لم تعالج من قبل مثل مواجهة الكوارث، ومثل مرض التوحد، كذلك التخطيط للإلتحاق بالمدرسة والجامعة، وموضوعات أخرى كثيرة مثل: - الرضاعة الطبيعية - الرعاية الطبية - التحدث مع طفلك حول الأمراض - التطعيمات - التعلم - العناية بالأسنان والعينين - تعليم التسامح ونبذ العنف - الإسعافات الأولية ومنع الإصابات. هذه طبعة منقحة ومحدثة ومضاف إليها موضوعات جديدة قام بإضافتها دكتور روبرت نيدلمان أحد تلامذة دكتور بنجامين سبوك.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2018
ISBN9789771456391
د. سبوك لرعاية الطفل: دليل الوالدين لتنشئة الأطفال من الميلاد حتى المراهقة

Related to د. سبوك لرعاية الطفل

Related ebooks

Reviews for د. سبوك لرعاية الطفل

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    د. سبوك لرعاية الطفل - بنجامين سبوك

    الغلاف

    لا يزالُ هذا الكتابُ أفضلَ المراجع، وأكثرها شموليةً وجدارةً بالثقة، للتعامل مع:

    كيفية التعايش مع بكاء الأطفالِ وشعورِهم بالمغص.

    كيفية وأسباب اختيار مواعيد إطعام الرضع، أو الأطفال الأكبر سنًّا، واختيار غذائهم. كيفية تحميمِ الرضعِ.

    كيفية التصرف مع مشكلاتٍ مثلَ مصِّ الإبهام أو قضم الأظافر.

    ممارسة الرياضة والحماية من أشعةِ الشمسِ.

    المخاطر المنزلية الشائعة التي ينبغي التعرف عليها.

    ما يجب إدراجهُ في عدةِ الإسعافات الأوليةِ المنزليةِ.

    كيفية معالجةِ المشكلاتِ التي يتعرضُ لها الأطفال في المدرسة.

    كتب د. بنجامين سبوك

    د. سبوك لتربية الأطفال

    د. سبوك للعامين الأولين من حياة الطفل

    (تحرير مارتن ت. ستاين)

    د. سبوك لسنوات الدراسة

    (تحرير مارتن ت. ستاين)

    د. سبوك

    لرعاية الطفل

    تأليف

    بنجامين سبوك

    إضافات ومراجعة

    روبرت نيدلمان

    نسخة منقحة ومحدثة

    Y1-2.xhtml

    العنوان: كتاب د. سبوك لرعاية الطفل

    تأليف: بنجامين سبوك

    إضافات ومراجعة: روبرت نيدلمان

    ترجمة

    إيمان أحمد عزب / إيمان عبد الغنى نجم / مروة محمود محجوب

    مراجعة: إدارة الترجمة بدار نهضة مصر للنشر

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    Original English language title: DR. SPOCK’S BABY AND CHILD CARE 9th EDITION by Benjamin Spock, M.D. and Robert Needlman, M.D.

    Copyright © 1945, 1946, 1957, 1968, 1976, 1985, 1992 Benjamin Spock, M.D.

    Copyright renewed © 1973, 1974, 1985, 1996 Benjamin Spock, M.D.

    Revised and updated material copyright © 1998 Benjamin Spock Trust

    Revised and updated material copyright © 2004, 2011 Spock Family Trust and Mary Morgan Trust

    All rights reserved.

    Copyright © 2018 published in Arabic by Nahdet Misr Publishing House upon agreement with Trident Media Group, LLC, 41 Madison Avenue, 36th Floor, New York, NY 10010, USA.

    All rights reserved.

    ترجمة كتاب Dr. Spock’s Baby and Child Care تصدرها دار نهضة مصر للنشر

    بترخيص من Pocket Books, a division of Simon & Schuster, Inc., USA.

    يحظر طبع أو تصوير أو تخزين أي جزء من هذا الكتاب سواء النص أو الصور بأية وسيلة من وسائل تسجيل البيانات، إلا بإذن كتابي صريح من الناشر.

    الترقيم الدولى: 978-977-14-5639-1

    رقم الإيداع: 2018/9801

    طبعة : أغسطس 2018

    Y1-3.xhtml

    أسسها أحمد محمد إبراهيم سنة 1938

    21 شارع أحمد عرابى - المهندسين - الجيزة

    تليفون : 33466434 - 33472864 02

    فاكس : 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    إلى آلين نيدلمان وجلوريا نيدلمان،

    أول معلمي وأجدرهما.

    مقدمة

    إلى الطبعة التاسعة

    من كتاب « د. سبوك لرعاية الطفل»

    في مختلفِ الطبعاتِ، كان يدورُ هذا الكتاب دومًا عن المبادئ والقيمِ الثابتة، فهو كتابٌ لكل العصور. فلقد أُصدرت الطبعةُ الأولى في حقبةٍ زمنية اتسمتْ بالنمو السريع والتفاؤل، بينما تُصدر هذه الطبعة التاسعة -التي توشك على قراءَتِها- في عصر يتسم بالانهيارِ الاقتصاديِّ والضوائقِ والمعاناة. فثمة عائلات ابتُليت بفقدان الوظائف أو نزع الملكياتِ، ومن ثم أضحتْ تترنَّح على حافةِ الهاوية، وعائلات غيرها تتوجس خيفةً من أن تتعرض لنفسِ المصيرِ الذي تراه ليس ببعيدٍ عنها. كما أنَّ البيئة العالمية، شأنها شأن الاقتصاد، تبدو عرضةً للخطر؛ فالسحبُ السوداء التي تسبق العواصف تعتمُ صفحةَ السماء وتصعِّب على المرء رؤيةَ السطوع. ولكن على الرغم من ذلك، تُعَدُّ تربيةُ الأطفال من الأنشطة الباعثة على الأمل في حدِّ ذاتها؛ فالآباءُ يَرْغَبُونَ في تربية أبناء أقوياء وأصحاء، وكذلك الأبناء؛ فهم يرغبون في تحقيقِ الهدفِ نفسِه لأنفسِهم. ولأنهم يمتلكون قوى مهولةً، فإنَّ بإمكانهم تغييرَ العالم من حولهم.

    إذا شرعتَ في تنشئةِ أطفالِكَ وحمايتِهم وإعدادهم للحياةِ التي تنتظرهم، أتمنى أن تقرأَ هذه الطبعةَ من الكتاب؛ لتكون معك بمنزلةِ الشريكِ الذي يُقَدِّمُ لك الدعمَ الذي تحتاجه. وبدلًا من تقديمِ القواعد الصارمة، يقدم لك الكتابُ معلوماتٍ عن أطفالِكَ يمكن الاعتمادُ عليها، فهي تدورُ حولَ كيفيةِ نموهِم وتطورهم، واحتياجاتهم البدنية والفكرية والعاطفية في مراحل عمرهم المختلفة. ولقد تمت مراجعةُ وتنقيحُ الكتاب بأكملِه، وتزويدُه بمعلومات حديثةٍ حول التغذية، وسبلِ زيادةِ المناعة، والصحة البيئية، والتوحد، واضطرابِ نقصِ الانتباهِ وفرطِ الحركة، وغيرها من الموضوعاتِ الكثيرةِ. كما تم تحديثُ «دليل المصادر» وإثراؤُه.

    مع الوقتِ، يتزايد إدراك الناس بأن جزءًا من تنشئة أطفال أصحاء يعني إنشاء بيئة صحيةٍ ينمون فيها. ولكنَّ الاستهلاكَ المبالغَ فيه للموارد يهدد البيئة، على نحو لا يراعي الآخرين.

    بل ويُلحق الضررَ بالأطفال أيضًا. ولذا، كلما سَنَحَتِ الفرصةُ، يهاجم هذا الكتاب المذهبَ الماديَّ؛ فلن تجد فيه مثلًا نصائحَ حولَ اقتناءِ أحدث الدمى والمعدات. وبهذا، ربما تلاحظ أن هذه الطبعةَ أقلُّ حجمًا من الطبعة التي تسبقها، ولكن لا تقلقْ؛ فالمعلومات المهمة لا تزال موجودة، بل والوصولُ إليها أسهلُ مما سبق. فالطبعة الأولى من كتاب دكتور سبوك كانت كتابًا للجيب، ولكن هذه الطبعة الأخيرة لن تناسب وضعها في الجيب، ويمكن الاحتفاظُ بها في حقيبة الظهر أو حقيبة اليد.

    وكالأطفال، تتغير الكتبُ لكنها تظلُّ على هيئتها؛ فعندما نتحدث عن التغييرِ، ربما تلحظ اشتمالَ الكتاب على رسومات جديدة بين طياته، وهي بريشة الفنانة الموهوبة الشابة، جريس نيدلمان، ابنتي. فهي منذ صغرها تجلس لترسم لساعات، ولم تتوقف عن ممارسة هوايتِها، وها هي الآن قد تخرجت لتوها في كلية الفنون بجامعة «يال». كم أنا سعيدٌ لنشر موهبتِها ومشاركتها معكم! أمَّا عن لغة الكتاب، فلقد شهدت تحديثًا في بعض المواضع، شأنها شأنَ الرسومات، وكم أتمنى أن يُنقل إليكم محتوى هذا الكتاب بالأسلوب الواضح والمفْعَمِ بالودِّ والحبِّ والدعمِ الذي عاهدتموه في أسلوبِ دكتور سبوك. كما أن الرسالةَ الأساسيةَ لهذا الكتابِ واحدةٌ لم تَتَغَيَّرْ، وهي: أهمُّ شيءٍ هو حبُّك لأطفالك. وإذا ما استمعتَ إلى النصيحةِ التي تروق لك، فإنك لن تُخْطِئَ أبدًا ولن تضلَّ الطريقَ.

    كلمةٌ عن صياغةِ الكتابِ: تُوجَدُ مواضعُ كثيرة في هذا الكتاب أقترحُ عليك فيها التحدثَ مع طبيبِ طفلك، ولا أعني بذلك التحدث مع أطباء الأطفال أو أطباء العائلة فحسب، بل والتواصلَ أيضًا مع الممرضين الممارسين الذين يوفرون الرعايةَ الطبية للكثير من الأطفالِ، ولكنني أستخدمُ كلمة «طبيب» لأنها أسرع في القراءة. وعند الحديث عن الأطفالِ، أستخدمُ ضَمِيرَيِ الغائب «هو» و«هي» أو كلمة «الطفل» أو «الطفلة» في الإشارة إلى كل من الفتاةِ والصبي بصورةٍ عشوائية، إلا في مواضعَ قليلة جدًّا لا تنطبق إلا على أحدهما أو الآخر (لدى الحديث عن الاهتمام بالقضيب مثلًا). وعلى المنوال نفسه، عندما أُشير دومًا إلى الوالدين باستخدام كلمة «الأم» أو الإشارة إليها، أو استخدام كلمة «الآباء» أو «الوالدين»، فإنني أقصدُ الأبَ أو الأم، وكذلك زوجة الأب أو زوجة الأم، أو الأب والأم بالتبني، وغيرهم ممن يُقدمون الرعايةَ والتربيةَ للأطفال. كما أنكَ ستُلَاحِظُ أيضًا بعضَ الأقسام التي تندرج تحتَ عنوانِ «تعليقات د. سبوك»، وفي أقسام أخرى سأستخدمُ الضميرَ «أنا» أو «إنني» للإشارةِ إلى آرائي الشخصيةِ؛ روبرت نيدلمان.

    شكر وتقدير

    نُشرَ هذا الكتابُ لأولِ مرةٍ منذُ أكثرَ من 65 عامًا مضى؛ فعندما خرج إلى النور عام 1945 - بعنوانِ «الدليل العملي لرعايةِ الطفل» بقلم دكتور بنجامين سبوك - أحدثَ ثورةً في عالم تربية الأطفال ورعايتهم، وغيَّر حياةَ جيلٍ بالكامل؛ أطفاله هم أجدادُ الجيل المعاصرِ، ولربما كان أبواك منهم. ولذا، بطريقةٍ ما، قد تكون أنت شخصيًّا «طفلًا من أطفالِ سبوك»، وعن نفسي أعلم أنَّني واحدٌ منهم.

    ولا تزالُ نصائحُ دكتور سبوك الحكيمةِ المُفْعَمَةِ بالحبِّ والوُد منطقيةً إلى يومنا هذا، ويرجع هذا في الغالبِ إلى أن الكتابَ تغيَّر بتغيُّرِ الأزمان. فعندما قالت جلوريا ستينام - المناضلةُ النسائيةُ الرائدةُ - لسبوك إنه متحيِّز جنسيًّا للرجال، استمعَ إليها وغيَّر من نفسِهِ. وعندما عُرِفتِ المخاطرُ الصحيةُ لنظامنا الغذائيِّ الذي يتَّسِم بارتفاعِ نسبة الكوليسترولِ والدهونِ، اتبع سبوك نظامًا غذائيًّا نباتيًّا، وعاش حتى بلغ من العمر أربعًا وتسعين عامًا.

    وقبل أن يقضيَ سبوك نحبَه، عكف على إصدارِ النسخة السابعة من كتاب «د. سبوك لرعاية الطفل»، بمساعدةِ طبيب الأطفال الموهوب - ستيفن باركر - الذي كان مصادفةً واحدًا من أساتذتي الأكثرِ تأثيرًا. ولذا، عندما راجعتُ النسخة الثامنة من هذا الكتابِ، أدنتُ بالكثير إلى دكتور سبوك ودكتور باركر، وإلى سائر الأطباء، وإلى الآباءِ والأطفال الذين أَثْرَوْا محتوى هذا الكتابِ، وجعلوه دقيقًا ومناسبًا، للوقت الذي نُشر فيه، ومليئًا بالنصائح الحكيمة، ولا زلت أدينُ لهم بكل الشكر والعرفانِ.

    أمَّا عن هذه الطبعة التاسعة، فلقدِ استعنتُ بفريق من الخبراء من شتى المجالات، وأذكرُ منهم: مارجي جرينفيلد في الحمل والولادة، وماري أوكونور في الرضاعة، وجيمس كوزيك في صحةِ الأسنان، وعبد الله جوري ونزهة أبو غالي في الأمراض المعدية، وليلى ماكيردي في الصحةِ البيئية، وهنري إن جي في الحياة الجنسية، وإيرين ويبل في الذهاب إلى المستشفى. وقد أثرى هؤلاء وغيرُهم الكثير من الأصدقاء والزملاء هذه الطبعة من «د. سبوك لرعاية الطفل».

    ولكنَّني وحدي أتحملُ بالطبعِ مسئوليةَ الشكلِ النهائيِّ الذي خرجَ به الكتابُ.

    وأودُّ أن أتوجه بالشكر الخاص إلى محرري في سايمون آند شوستر؛ ميكي نودينج وماجي كروفورد، وإلى نائبِ دكتور سبوك لسنوات عدةٍ؛ والآن نائبي الخاص: روبرت ليشر. كما كانتْ ماري مورجان -التي تزوجت دكتور سبوك لمدة 25 عامًا، وعملتْ معه على إصدار طبعات كثيرة من الكتاب- مصدرَ إرشادٍ ودعمٍ هائل. فتأليف كتاب، شأنه شأن تربيةِ طفل، يُعدُّ شكلًا من أشكالِ الإيمان، ولذا أتقدَّمُ بالشكرِ إلى ماري لإيمانِها بي.

    وفي النهايةِ، أتوجَّهُ بالشكر إلى عائلتي؛ إلى جريس للسعادةِ التي تبثُّها في حياتي والإبداع الذي يزينها، وإلى كارول؛ لحبِّها وشعورها بالرضا ولحكمتها. فبدونهما، ما كنتُ لأبدأَ العمل في مشروع كهذا الكتاب - ناهيكَ عن الانتهاءِ منه.

    ثِقْ بنفسِكَ وبأولادِكَ

    Y2.xhtml

    ثِقْ بنفسِكَ

    أنتَ تعرِفُ أكثرَ مما تعتقِدُ أنَّك تعرفُهُ: عائلتُك تكبرُ وتتغيرُ، ومما لا شك فيه أنكَ تريدُ أن تصبحَ أفضلَ راعٍ لها قدرَ استطاعتِك، ولكنَّ الشيء الأفضل لا يكون دائمًا على قدر من الوضوحِ. ففي كلِّ مجال يُوجد خبراء يخبرونَك بما عليكَ فعلُه، ولكن المشكلةَ أنَّهم لا يتفقونَ في العادةِ مع بعضِهم بعضًا. فالعالم مختلف عما كان منذ عشرين سنةً مضت، والإجابات القديمة ربما لم تَعُدْ تُجدي نفعًا هذه الأيام.

    لا تأخذْ كل ما يقوله لك جيرانك على محملِ الجدِّ، ولا تخفْ مما يقوله لك الخبراء، ولا تخشَ الثقة في حسن إدراكك. إن تنشئة طفلك لن تكون مهمة معقدة إن تعاملت معها بهدوءٍ ووثقت في حدسك. فالرعاية الفطرية التي يقدمها الآباء لأطفالهم بحبٍّ أهم مائةَ مرة من معرفةِ كيفية إحكامِ إلباسِهم الحفاضة أو حتى متى يجب إدخال أطعمة صلبة إلى نظامهم الغذائي. وكل مرة تحمل فيها طفلك - حتى لو كنتَ تفعل ذلك بغير إتقانٍ في البداية - وتغيِّر له الحفاضةَ، أو تُحَمِّمُه، أو تطعمه، أو تضحك إليه، فإنه ينتابه الشعورُ بأنه ينتمي إليك وأنك تنتمي إليه.

    كلما درسَ الناسُ طرقًا مختلفةً لتنشئةِ الأطفالِ، تَوَصَّلُوا إلى الخلاصة المتمثلة في أن

    ما يميلُ الآباءُ والأمهاتُ البارعون إلى فعله بالفطرة مع صغارهم يكون هو الأفضلَ بالنسبة لهم. وجميعُ الآباء والأمهات يقدمون أفضلَ ما لديهم عندما تكون لديهم ثقةٌ فطرية في أنفسهم، دون تعقيد. ولذا، فالهدوء مع ارتكابِ القليل من الأخطاء خيرٌ من بذل الكثير من الجهد للوصولِ إلى المثالية.

    إن كنتَ لا تستجيب على الفور عند سماعِكَ بكاءَ صغيرِكَ باستمرارٍ، فإنه تتولَّدُ لديه الفرصةُ لتعلُّم تهدئةِ نفسِه بنفسه. وإن فقدتَ صبرك في التعامل مع طفلك (وجميع الآباء والأمهات يفعلون ذلك أحيانًا)، فلسوف يتعلَّمُ الطفلُ أن لديك مشاعرَ مثله، وتكون لديه الفرصةُ لمعرفة كيف تهدأ وتتحكم في انفعالاتك؛ فالأطفال لديهم قوةٌ فطريةٌ تحركهم من الداخل نحوَ النموِّ والاكتشافِ والتجربة والتعلُّم وإقامةِ العلاقاتِ مع الآخرين. ولذا، يَكْمُنُ قدرٌ كبير من كيفية تربية الأطفال ببراعة في السماح لطفلك بالتصرف، بناءً على ما تُمليه عليه هذه القوةُ الفطريةُ التي تُحرِّكه. ومن ثم، عندما تثقُ في نفسِكَ، تذكر أيضًا أن عليك الثقةَ في طفلك.

    كيفَ تتعلَّمُ أن تكونَ أبًا أو أمًّا: لا يعرف الآباءُ والأمهاتُ حقًّا كيف يُقَدِّمُون الرعاية لأطفالهم ويديرون شُئُونهم وفقًا لما يقرءُونه في الكتبِ أو ما يسمعونَهُ في المحاضرات، على الرغمِ من أن الكتبَ والمحاضراتِ من العواملِ التي ربما تقدم المساعدةَ لهم عن طريق الإجابة عن أسئلةٍ وشكوك بعينها. فهم يتعلمون -مثل الأطفال- من الطريقة التي تربَّوا هم أنفسُهم بها، كما يتصرفون بالطريقةِ نفسِها التي كانوا يَنْتَهِجُونَهَا عندما كانوا يتظاهَرُون، وهم صغارٌ، بأنَّهم بالغون، وكما كانوا يعتنون بعرائسهم ودُماهم. فإن تربى الطفل ونشأ في منزل هادئ، فسوف يكونُ عندما يكبر -على الأرجح- أبًا هادئًا كأبويه، والعكس بالعكس؛ فإذا ما تربى الطفل وسط أبوَيْن صارمَيْن أو متحكمين، فسوف ينعكس ذلك عليه بالضرورة. فإننا جميعًا نصبحُ في الكبر كوالدينا، إلى حد ما، خاصةً فيما يتعلق بالطريقة التي نتعامل بها مع أبنائنا. ولسوف نشهد اللحظةَ التي نتحدث فيها مع أبنائِنا ونسمعُ صوتَ أمنا

    أو أبينا ولكن من خلالِ ما نَقُولُه، بنبرةِ الصوتِ والأسلوبِ نفسِه تقريبًا، وربما نقولُ الكلماتِ نفسَها بالمثلِ.

    فكِّر في والديكَ: ماذا فعلاه في السابقِ وتراه الآن إيجابيًّا وبناءً؟ وماذا فعلاه ولا تريد أبدًا تكرارَهُ مع أبنائِكَ؟ فكِّر فيما جَعَلَك الشخصَ الذي أنتَ عليه اليومَ، وأي نوع من الوالدين تُريد أن تصبحَ مع أبنائك. إنَّ هذا النوع من التفكير الْمُسْتَبْصِرِ سوف يُسَاعِدُكَ في فَهم حدسِكَ الفطريِّ في التربيةِ والوثوقِ فيه.

    إننا نتعلَّمُ كيفَ نصبح آباءَ وأمهاتٍ تدريجيًّا، من خلالِ الخبراتِ التي نَكْتَسِبُهَا عند رعايةِ أطفالِنا. فاكتشاف أنَّ باستطاعتك إطعامَ رضيع وتغيير حفاضته وتحميمه بنجاح، وأن ابنك أو بنتك يستجيبُ بسعادة، يُعتبر من العوامل التي تَبُثُّ في نفسك الثقةَ وتعطيكَ الخبرةَ بمثل هذه الأشياء. وتنمو هذه المشاعرُ مع الوقت؛ فعلى الأرجح لن تتولد لديك هذه المشاعرُ فورَ الإنجابِ.

    يتوقَّع جميعُ الآباء أنهم يؤثِّرون في أطفالهم، إلا أن العديدَ منهم يفاجَئون بأنهم يتأثرونَ بالمثل. فربما تجد -كما وجد الكثيرون- أنَّ كونَك أبًا هو الخطوةُ الأهمُّ في سبيلِ نموِّك الشخصيِّ.

    ما أهدافُكَ من تربيةِ طفلٍ؟

    فكِّر في أهدافك: ماذا تريدُ أن يصبحَ أبناؤك عندما يكبرونَ؟ هل التفوق في الدراسةِ أسمى أهدافِكَ لهم؟ هل القدرةُ على إقامةِ علاقاتٍ شخصيةٍ مقربة مع الآخرين من الأشياء المهمة في رأيك؟ هل تُريدُ أن تراهم يتنافسونَ مع غيرِهم في مجتمعنا الذي يَسُودُه الصراعُ والبقاءُ للأقوى؟ أم أنك تريدهم أن يَتَعَلَّمُوا التعاونَ مع الآخرينَ وتقبُّل آرائِهم المختلفةِ احترامًا لهم؟

    تتعلَّق مسألةُ تربيةِ الأطفال باختياراتِك، ولذا فإنَّ الكثيرَ من الآباء ينشغلون بالمشكلاتِ اليومية الصعبةِ المتعلقة بكيفيةِ تربيتهم لأبنائِهم،

    على نحو يُفقدهم الاهتمامَ بأسباب تربيتِهم لهم في المقامِ الأول. وإنَّني أتمنى أن تساعدَك تربيةُ أبنائِك في توضيحِ الأشياء المهمةِ فعلًا بالنسبة لك، والأفكار الاستبصارية التالية سوف تُرشدك في صنعِ اختياراتِك.

    آدميةُ الآباءِ

    الآباءُ لديهم احتياجاتٌ بالمثلِ: تُؤَكِّد الكتبُ التي تدور حول رعاية الطفل - بما فيها هذا الكتاب - تأكيدًا شديدًا على احتياجاتِ الطفل للحب، والتفاهم، والصبر، والتوافق، والحزمِ، والحماية، والمصادقة، لدرجة تجعلُ الآباءَ يشعرون بالإرهاقِ البدنيِّ والوجداني أحيانًا، لمجردِ القراءة حولَ ما يُتوقع منهم. فيتولد لديهمْ الانطباعُ بأنَّ مصيرَهم ألا يحظَوْا بأيِّ حياةٍ خاصةٍ بهم، بعيدًا عن أطفالِهم. ومن ثمَّ لا يجدون بدًّا من الشعورِ بأنَّ أيَّ كتابٍ يبدو داعمًا للأطفالِ طوالَ الوقت يُصَوِّبُ إليهم أسلحةَ النقدِ ما إن تحيد الأمور عن مسارها السليم.

    وإحقاقًا للحقِّ، يجب أن يشتملَ هذا الكتاب على عددِ صفحاتٍ مماثلٍ لعددِ صفحاتِه، لسردِ احتياجاتِ الآباءِ الحقيقيةِ: إحباطاتهم (سواءٌ داخلَ أم خارجَ المنزلِ)، وتعبهم، وحاجتهم إلى سماعِ كلمةِ مدحٍ بينَ الحينِ والآخرِ. فهناكَ قدرٌ هائلٌ منَ الأبحاثِ والدراساتِ حولَ رعاية الطفل: من حيث إعدادُ الطعام، وغسل الملابس، وتغيير الحفاضات، وتنظيفُ أماكن تواجدهم، والفوضى التي يُحْدِثُونها فيها، وإيقافُ تشاجرهم، وتجفيفُ دموعِهم، والاستماعُ إلى قصصهم التي يَصْعُبُ على المرءِ فَهْمُها، والاشتراكُ معهم في الألعاب وقراءة الكتب التي لا تُثير اهتمامَ الكبار، والتنقلُ بين حدائق الحيوان والمتاحف، والاستجابةُ لطلباتهم، ومساعدتُهم في الواجباتِ المنزلية، والتباطؤُ في أداء الأعمال المنزلية، والاهتمامُ بحديقة المنزل رغمَ توافرِ الهمةِ والنشاطِ لفعلِها، والذَّهاب

    إلى اجتماعاتِ أولياءِ الأمور لمناقشةِ المدرسينَ مساءً في أمورٍ متعلقةٍ بالأطفالِ رغم الشعورِ بالتعبِ، وغير ذلك الكثير.

    والحقيقة أن تربية الأطفال من المهامِّ الصعبة التي تتطلب وقتًا طويلًا، في الوقت الذي لا تبدو ثمرتها واضحة دائمًا؛ لأن المجهود المبذول فيها لا يُقدر حقَّ قدره، كما أن الآباء -شأنهم شأن أطفالهم- بشر، وعرضة بالمثل للشعور بالضعف.

    Y2.xhtml

    مما لا شك فيه أن الآباء لا ينجبون أطفالًا لأنهم يريدون الظهور بمظهر الضحايا، بل ينجبونهم لأنهم يحبون الأطفال، ويريدون تربية أبناء من ظهورهم، خاصةً عندما يتذكرون كم نالوا من حب وعطف وحنان عندما كانوا صغارًا. ولذا، فإن رعاية أطفال ورؤيتهم يكبرون ويتطورون من الأشياء التي تعطي معظم الآباء -رغم المجهود المهول- أكبر إحساس بالرضا في الحياة. فهي مهمة تتسم بالإبداع وبها إنتاجية على كل المستويات، والفخر بأي إنجازات أخرى لا يمكن مقارنته بالفخر بتربية المرء لأبنائه.

    لا داعي للتضحية بالنفس من أجل الأطفال والانشغال التام بأمورهم: يشعر الكثيرون ممن يواجهون مسئولية الأبوة والأمومة حديثًا بأنهم مُخوَّلُون بالتضحية بكل

    حريتهم ومتعهم السابقة من أجل أبنائهم، ليس من منطلق التفكير العملي، ولكن من حيثُ المبدأُ بصفة عامة. وهناك آخرون يُصبِحون مهووسين برعاية أبنائهم، متناسين سائر اهتماماتهم. وحتى لو كانوا يتسللون بين الحين والآخر من مسئولياتهم لإمتاع أنفسهم، فإنهم يشعرون بالذنب الشديد لدرجة تحول دون شعورهم بالاستمتاع الكامل. وبالتالي يصبحون مملين في نظر أصدقائهم، وفي نظر شركاء حياتهم، وعلى المدى الطويل تضيق صدورهم من السجن الذي قيدوا فيه حرياتهم، ولا يجدون بدًّا من الشعور بالاستياء -دون وعي- من صغارهم.

    إنَّ الانشغال التام بالأطفال حديثي الولادة من الأشياء الطبيعية، ولكن بعد فترة -من شهرين إلى أربعة أشهر في الغالب- أنتِ في حاجة إلى توسيع نطاق تركيزك من جديد. وبصفة خاصة، عليكِ مراعاةُ تعزيز وتوثيق علاقة الحب بينك وبين زوجك؛ حاولي أن تخصصي بعض الوقت الثمين معه أو مع أي شخص مهم في حياتك. وتذكري أنه من الضروري أن ينظر أحدكما إلى الآخر، وأن يبتسم أحدكما إلى الآخر، وأن يعبر كلاكما عن حبكما لبعضكما البعض. وابذلي جهدًا في توفير قدر كاف من الخصوصية والقدرة البدنية على استمرار علاقتكما الجنسية. وتذكري أن علاقة الحب الوثيقة بين الأبوين هي أفضل طريقة يتعلم بها الأطفال كيف يحبون الآخرين. ومن أفضل الأشياء التي يمكنك فعلها لطفلك -ولنفسك- هي السماح له بتعميق، وليس إنهاء، علاقتك بشريك حياتك.

    الطبيعة والتنشئة

    ما قدر تأثيرك على أطفالك؟ من السهولة بمكان أن يتولد لديك الانطباع بأن ما سيصبح عليه طفلك هو نتاج تأثيرك عليه. ولذا، عليك أن تؤدي مهمتك بمهارة للحصول على طفل بارع. فإذا تعلم طفلك التحدث في مرحلة متأخرة عن الآخرين، أو كانت تنتابه نوبات غضب عارمة أكثر من أقرانه، فهذا خطؤك أنت بكل تأكيد. وفيما عدا ذلك، الأمر يختلف؛ فالواقع أن بعض الأطفال - ببساطة -

    يصعب تهدئتهم مقارنةً بغيرهم، كما يمكن أن يكونوا أكثر خوفًا أو تهورًا أو توترًا، بمعنى آخر: يواجه آباؤهم صعوبة أكبر في التعامل معهم. فإن حالفك الحظ، فسوف يكون لصغيرك مزاجٌ أو طبيعة تتناسب تناسبًا رائعًا مع توقعاتك وأسلوب حياتك الشخصي. وإن لم يكن الأمر كذلك، فربما تكون في حاجة لتعلُّم مهارات خاصة من أجل مساعدتك في رؤية طفلك ينمو أمامك. على سبيل المثال، ربما تحتاج إلى تعلُّم كيفية تهدئة طفل يعاني المغص أو مساعدة طفل شديد الحذر من البدء في اتخاذ المخاطر البسيطة.

    ولكن امتلاك المهارات الخاصة لا يكفي. أولًا، سوف تحتاج إلى تقبل طفلك على ما هو عليه. وكأبٍ أو أم، يمكنك تشكيل شخصية طفلك النامية، ولكنك لا تسيطر عليه بالكامل. ولذا، يجب أن يشعر الأطفال أنهم مقبولون، وبعد ذلك فقط يمكن أن يعمل الأطفال مع آبائهم؛ ليكونوا مسئولين عن أنفسهم بطرق أكثر فاعلية.

    تقبل الأطفال: ربما تكون الأزواج التي تتسم برقة الإحساس مناسبة -على نحو مثالي - لتنشئة صبي له طبيعة حساسة، بينما لا تكون مستعدة لتنشئة طفل واثق من نفسه ومفعم بالحيوية. على الجانب الآخر، يمكن أن توهب أسرة أخرى القدرة على التعامل مع فتاة شجاعة -بكل سرور- غير أنها تُحبط إذا ما رُزقت بطفلة هادئة كثيرة التفكير.

    من غير المهم التأكيد على أن الأبوين يعرفان جيدًا أن ليس بوسعهما طلب نوع الطفل الذي يريدان إنجابه. فهما أيضًا لديهم شخصيات تشكلت بالكامل، ولا يمكنهم تغييرها بين عشية وضحاها. ولأنهم بشر، لا يجدون بدًّا من الشعور بالإحباط ما لم يتشابه طفلهم الحقيقي مع الطفل الذي طالما حلموا به. الأدهى من ذلك أن الأطفال عندما يكبرون قليلًا ربما يذكِّروننا - بوعي أو دون وعي - بأخ أو أخت أو أب أو أم جعلوا حياتنا صعبة. فربما تحمل الابنة بعضًا من صفات خالتها -الأصغر سنًّا من أمِّها - التي اعتادت أن تزعج أختها وتضايقها، ولكن قد لا تدرك الأم

    أن هذا هو سبب غضبها الشديد من ابنتها. وربما يضيق أحد الآباء ذرعًا بابنه بسبب استحيائه، ولا يستطيع أن يربط ذلك أبدًا بحقيقة أنه تعرض لأوقات صعبة حقًّا للتغلب على خجله في صغره.

    إنَّ التناسب السليم بين توقعاتك وطموحاتك التي تتمناها لأطفالك من ناحية، ومواهبهم وطبيعتهم التي وُلدوا بها من ناحية أخرى، من الأشياء التي تؤثر في كيفية سير الأمور معك ومعهم في المستقبل. على سبيل المثال، ستنشأ مشكلةٌ إن كنت تُحبَط دائمًا؛ لأن ابنك ليس عبقريًّا في الرياضيات أو ليس نجمًا في الرياضة - وإذا ما دفعته ليصبح عكس طبيعته. على الجانب الآخر، إن تقبلت طفلك على ما هو عليه، فإن حياتكما معًا من المؤكد ستكون أهدأ، ولسوف ينمو ابنك متقبلًا لذاته.

    هل يمكنك زيادةُ نسبة الذكاء عند صغيرك؟ الإجابة المختصرة عن هذا السؤال هي: نعم… ولا. اتفق الخبراء في الوقت الحالي على أن قرابة نصف ذكاء الإنسان يتحدد بالجينات، والنصف الآخر يتحدد بعوامل أخرى، مثل التغذية والخبرات الأولى التي يكتسبها. وها هنا، نحن نتحدث عن نوع الذكاء الذي يمكن قياسه باختبارات معدل الذكاء المعيارية. ولكن هناك أنواع أخرى من الذكاء، مثل ذكاء التواصل مع الآخرين (على سبيل المثال، القدرة على الاستماع الجيد)، والذكاء الرياضي، والذكاء الموسيقي. وهذه أيضًا أنواع من الذكاء تعتمد بكل تأكيد على كل من الجينات والخبرات.

    تقدم الجينات للمخ برنامج عمل تقريبيًّا، أما التفاصيل فتصقلها الخبرات. فإذا كانت الجينات تحدد المسارات الأساسية التي تربط بين مختلف مناطق المخ، فإن الخبرات تؤثر في كيفية تشكيل الخلايا العصبية الفردية للدوائر العصبية بالغة الصغر التي تُعد الأساس المادي للأفكار والمهارات. على سبيل المثال، عندما يتعلم الطفل التحدث باللغة الإنجليزية،

    فإنَّ دوائر عصبية بعينها تزداد قوةً. وفي الوقت نفسه، تضعف الدوائر العصبية ذات الصلة باللغات الأخرى (فلنقل الصينية) وتتلاشى مع الوقت.

    من ناحية، تؤثر الجينات في مدى سهولة أو سرعة التقاط الفرد لأنواع بعينها من المعرفة أو المهارات. وبهذه الطريقة، قد تحدد الجينات مواهب الفرد في اتجاه معين (كأن يكون مثلًا «شخصًا يميل إلى التعامل بالأرقام» أو «شخصًا يتمتع بمهارات التواصل مع الآخرين»). كما تحدد الجينات أيضًا ما يمكن توقعه من الطفل على نحو مناسب. فعندما كنت طفلًا، كنت أقضي الصيف في دوري البيسبول، رغم أنني لم أضرب الكرة بالمضرب مرة واحدة. ربما كان يمكنني تعلم اللعب بقدر كافٍ من الممارسة والتدريب، ولكن ذلك كان سيعني بذل مجهود جبار، وأشك أنني كنت بارعًا في اللعبة؛ إذ كنت أقضي وقتًا أمتع في معسكر الموسيقى.

    ومن ناحيةٍ أخرى، تحدد خبرات الطفل التي يكتسبها (ممارسة ضرب الكرة على سبيل المثال) كيفيةَ تمديد الشبكات العصبية في المخ، إلا أن المخ يلعب دورًا كبيرًا في تحديد الخبرات التي يسعى الطفل إلى اكتسابها والاستمتاع بها. والآباء الحكماء هم من يساعدون أبناءهم في دعم مواهبهم، واحترام حدودهم.

    أبناء خارقون؟ إنَّ التعلم يغيِّر المخَّ، ولكن لا يعني ذلك أن بإمكاننا خلق أطفال خارقين من خلال التحفيز الذي لا يعرف الهوادة، وليس علينا محاولة ذلك. فالتعلم الأمثل من العمليات التي تحدث عندما يكون الطفل سعيدًا، وفي حالة استرخاء، وعند انخراطه في الحياة بفاعلية. وتذكر أن البطاقات التعليمية ليس لها دور في تعليم الأطفال على الإطلاق.

    Y2.xhtml

    أفضل الخبرات التي يعيشها الرضيع تتمثل في تلك التي تبدو ذات مغزى بالنسبة له. فبإمكانك نعت إحدى الخبرات بأنها ذات مغزى عندما يبتسم وليدك أو يضحك أو يهمس أو يحملق بعينين لامعتين؛ فالرُّضَّعُ الصغار لا يفهمون الكلمات التي يقولها آباؤهم، ولكن التحدث إليه يُعد ذا مغزى بالنسبة له!

    وهناك الكثير من المنتجات التي يسوَّق لها بزعم أنها

    «مثبتة علميًّا» لزيادة ذكاء الأطفال، ولكن ما هذه المزاعم إلا مبالغات، إن لم تكن كذبًا بيِّنًا. ولا يوجد فعليًّا شيء يدعم تعلم الأطفال كاستخدام المواد البسيطة والتواصل البشري.

    عائلات مختلفة .. تحديات مختلفة

    لا توجد طريقة واحدة صحيحة لتربية الأطفال، وليس هناك نوع عائلة أفضل من غيرها. فالأطفال يمكنهم النمو وسط عائلة مكونة من أب وأم، أو أم أو أب كل على حدة، أو جد وجدة، أو والدين بالتبني، أو أمين أو أبوين، أو في عائلات ممتدة كبيرة. وأتمنى أن ينعكس هذا التنوع الرائع على صفحات هذا الكتاب، على الرغم من أنني -في الغالب- لا أستخدم سوى «الأب والأم» اختصارًا لكل هذه الكلمات.

    Y2.xhtml

    ربما تحتاج العائلات التي لا تقع ضمن التصنيف التقليدي -حيث وجود الأب والأم- إلى التصرف وفقًا لتخطيط خاص. على سبيل المثال، في العائلات التي يكون فيها ولي الأمر من نفس جنس الابن أو الابنة، ربما يتمثل التخطيط في التأكد من أن الأطفال لديهم فرصة إقامة علاقات وثيقة بكل من الرجال والنساء. وفي العائلات التي بها أولاد بالتبني من بلاد ما وراء البحار، ربما يكون الآباء في حاجة إلى بذل مجهود خاص؛ لتعلُّم ثقافات الأطفال الأصلية. وعندما يعتنق الآباء معتقدات دينية مختلفة، لا بد من تحديد كيف سينمو الأطفال ويكونون على صلة بالتقاليد والمجتمع المحيط بهم. فالتنشئة الجيدة للأطفال تعني التخطيط لاحتياجاتهم، وهذا ينطبق على جميع العائلات.

    حرية التحرك عالميًّا: يجد بعض الآباء أنفسهم يعيشون في دول بعيدة عن الدول التي نشئوا فيها. وكم هو مقلق أن يترك المرء كل شيء وراء ظهره، كل شيء يعرفه ويعتاده -العائلة واللغة والثقافة والأرض- خاصةً فيما يتعلق بتربية الأطفال. فأشياء كثيرة مما كانت مهمة في طفولة الأب أو الأم لم تعد موجودة في المكان الجديد الذي انتقلوا إليه، ناهيك عن اختلاف جميع القواعد التي تضبط إيقاع الحياة. فما كان يُعتبر تنشئة جيدة للأبناء في الوطن الأم ربما يُعد إهمالًا أو اضطهادًا وإيذاءً في البلد الجديد. ولا عجب إذًا أن يشعر الآباء بعدم الثقة في أنفسهم، بل وبالقلق والغضب أيضًا.

    إن المرونة هي مفتاح النجاح في مثل هذه الحالة؛ إذ يجب على العائلات التمسكُ بقيمهم الثقافية، مع الاندماج في الوقت نفسِه مع المجتمع الذي يعيشون فيه. أما الآباء الذين ينفصلون عن جذورهم الثقافية بالكامل، فغالبًا ما يجدون أنفسهم منجرفين على غير هدى مع أي تيار، دون التعلق بأي قيم تثبتهم. وهناك أيضًا آباءٌ يحاولون بناء جدار حول عائلاتهم، ولكن هؤلاء ينتهي بهم الأمر باقتحام الثقافة الأوسع نطاقًا لأولادهم، أو انطلاق الأولاد أنفسهم إلى الخارج نحوها. ومن أجل النجاح في تخطي هذه العقبة يجب على الأطفال تعلم التحدث بلغات مختلفة في

    المنزل وفي المدرسة، بالإضافة إلى الامتثال للقواعد الاجتماعية في كل منهما. أما الآباء، فعليهم العثور على طرقٍ لدعم أبنائهم وهم يترددون بين هذين العالمين، مع الحرص على الامتثال إلى التقاليد ومواكبة الحداثة في الوقت نفسه.

    تحديات خاصة: يجد الآباء صعوبة أكبرَ من غيرهم في التعامل مع بعض الأطفال؛ فالأطفالُ ذوو الاحتياجات الصحية والتنموية الخاصة يتطلبون بذل مجهود خاص من والديهم (انظري صفحة 926)، والأطفال الذين يميلون إلى إصدار ردود فعل سلبية وحادة في حاجة إلى التعامل معهم بمهارات تنشئة خاصة، وكذلك الأطفال الذين يعانون الأمراض الخطيرة. ولكن نقص المال وعدم الشعور بالأمان داخل المنزل، والافتقار إلى الطعام الصحي أو المدرسة الجيدة - من الأشياء التي تضغط دون شك على الآباء والأطفال. بالإضافة إلى أن الماضي من العوائق التي تقف أمامهم بالمثل، فمن الطبيعي أن يعيد الكبار تذكر السيناريوهات التي شهدوها عندما كانوا صغارًا. فإن كنت قد عانيت في الصغر من أوقات عصيبة، أو كان والداك قاسيين عليك، أو كان عليك التصدي لمشكلات عاطفية، أو تعرضت لخطر الإدمان، فمما لا شك فيه أنك تعرف مدى صعوبة تعلُّم طريقة جديدة لتنشئة الأطفال.

    يمكنك أن تختار؛ فآباء من جميع الخلفيات ممن واجهوا جميع أنواع التحديات، باستطاعتهم الوصول إلى الحكمة والشجاعة لمنح أبنائهم ما يحتاجون إليه. وفي المقابل، ينقل هؤلاء الأبناء هذه الصفات إلى غيرهم بالمثل.

    القسم الأول

    Y2-1.xhtml

    طفلك في مختلف مراحله العمرية

    طفلك قبل أن يُولد

    تطور الأطفال .. والآباء أيضًا

    تطور الجنين: فكِّر في جميع التغيرات -صعبة التصديق- التي تحوِّل بويضة مخصبة إلى طفل! تدرك معظم السيدات أنهن حوامل بعد مرور قرابة خمسة أسابيع على آخر دورة شهرية. وحينها، تكون المضغة عبارة عن طبقة داخلية من الخلايا (وهي التي ستشكل معظم الأعضاء الداخلية)، وطبقة وسطى من الخلايا (وهي التي ستكون العضلات والعظام)، وطبقة خارجية (هي التي سيتشكل منها الجلد والمخ). وتبدأ الأعضاء الرئيسية في التشكُّل بعد قرابة خمسة أسابيع أخرى. وهكذا، يبدأ الجنين يبدو على هيئة الإنسان، ولكن بطول يبلغ 5,5 سم تقريبًا ووزن يبلغ 9,5 جرام.

    وبعد أربعة أو خمسة أشهر -أي منتصف فترة الحمل تقريبًا- تشعر المرأة -لأول مرة- بحركة الجنين في أحشائها في الغالب. وإن لم تكن قد قامت بعد بتصوير رحمها بالموجات فوق الصوتية، فإن هذه الركلات والوكزات البسيطة تكون هي الدليل الأول على وجود جنين داخل الأحشاء، ويا لها من لحظة مثيرة!

    خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعد مرور قرابة سبعة وعشرين أسبوعًا، يتضاعف طول الجنين، ويزداد وزنه بنحو ثلاثة أضعاف. وينمو المخ بسرعة أكبر بكثير، وتبدأ تظهر سلوكيات جديدة. وفي الأسبوع التاسع والعشرين، يبدأ الجنين في التحرك فجأة كرد فعل على أي ضوضاء مفاجئة. ولكن عند تكرار الضوضاء

    كل عشرين ثانية تقريبًا، يتعلم الجنين تجاهلها، وهذه علامة على امتلاكه ذاكرة في وقت مبكر.

    أمَّا إن تكرر صوت محبب إلى نفسه، كصوت الأم، فإن الجنين يتذكره بالمثل. وبعد الولادة، يحب الأطفال الاستماع إلى صوت أمهم أكثر من صوت أي شخص آخر غريب عليهم. وإن كنتِ تستمعين إلى مقطوعة موسيقية مفضلة باستمرار، فإن طفلك سيحبها بالمثل على الأرجح. فالتعلُّم يبدأ قبل الولادة، ولكنك لست في حاجة إلى دس البطاقات التعليمية مع الملابس التي تأخذينها معك وقت الولادة؛ فالمنبهات الطبيعية -كصوتك وإيقاعات جسمك- أفضل سبيل لنمو طفلك وتنشئتِه.

    مشاعرُ مختلطةٌ تجاه الحمل: لدينا مبدأ متعلق بالأمومة يقول: إن كل امرأة تبتهج أيما ابتهاج عندما تكتشف أنها ستنجب عما قريب. فتقضي فترة الحمل حالمةً بأفكار سعيدة عن وليدها، وتتولد من ناحيتها مشاعر حب فورية تربطها بجنينها.

    ولكن هذا هو أحد جانبي الصورة فقط؛ فكل امرأة حامل تقريبًا تنتابها بعض المشاعر السلبية أيضًا. ففي بداية الحمل، قد يكون الشعور بالغثيان والقيء معتدلًا أو شديدًا، والملابس التي كانت فضفاضة تصبح ضيقة، والملابس التي كانت ضيقة يصبح من الصعب ارتداؤها. أما في حالة السيدة الرياضية، فإن جسمها يعجز عن الحركة كسابق عهدها.

    يعني الحمل الأول للمرأة نهاية مرحلة الشباب الخالية من الهموم؛ فحياتها الاجتماعية وميزانية الأسرة لا بد أن تتقلص. أما إن كان لديها بالفعل طفل أو اثنان، فإن إنجاب طفل آخر قد لا يُحدث -فيما يبدو - تغييرًا جذريًّا، غير أن الأم يمكن أن تثور في بعض الأحيان خلال أي حمل. وهناك حمل قد يكون مرهقًا لأسباب واضحة: ربما يكون قد حدث دون توقع، أو مثلًا في أثناء خلاف بين

    الأبوين، أو إصابة أحد أفراد العائلة بمرض خطير. وقد لا يكون لذلك أي تفسير واضح.

    تنزعج المرأة التي ترغب حقًّا في إنجاب طفل آخر بالتفكير في شكوك تنتابها على حين غرة بشأن ما إذا كان لديها الوقت أو الطاقة البدنية أو طاقة الحب غير المحدودة التي تتصور أنها ستُطلب منها فيما بعد. على الجانب الآخر، ربما تبدأ الشكوك الداخلية تساور الأب الذي يشعر بأنه مهمل إلى حد ما، بينما يزداد انشغال زوجته بالأطفال. وفي كلتا الحالتين، فإن مشاعر القلق عند أحد الطرفين سرعان ما تُفْقِدُ الطرفَ الآخرَ الحماسةَ وتَبُثُّ فيه القلقَ بالمثل. فلا يستطيع أحدهما منح الآخر القدر المعتاد من الاهتمام والحب.

    إنَّ ردود الفعل هذه ليست حتمية، إلا أنها تحدث بين أفضل الآباء وأكثرهم مثالية. فهي جزءٌ من المشاعر المختلطة الطبيعية التي تنتاب الأسرة خلال فترة الحمل، بيد أنها مؤقتة في أغلب الحالات. وقد يسهل التعامل مع هذه المشاعر مبكرًا قبل إنجاب الطفل فعليًّا. والآباء الذين لا تنتابهم أية مشاعر سلبية خلال فترة الحمل قد يواجهونها لأول مرة بعد الولادة، في مرحلة تكون طاقتهم الوجدانية محفوظة بالكامل لرعاية الطفل.

    مشاعر الأب خلال الحمل: قد تصدر عن الرجل مشاعر مختلفة تجاه حمل زوجته، مثل تقديم الحماية والرعاية للزوجة، أو الشعور بقدر أكبر من السعادة في حياته الزوجية، أو الفخر بفحولته (وهو شيء يقلق الرجال دائمًا إلى حد ما). وتنتاب الرجل أيضًا مشاعر قلق بصورة شائعة للغاية -كأن يفكر في: «هل سأكون أبًا صالحًا لهذا الطفل؟»- خاصةً عند الرجال الذين يتذكرون أن طفولتهم كانت صعبة.

    وفي أعماقه، يمكن أن يشعر الرجل بأنه مهمل،

    وقد يعبر عن ذلك بتصرفاته الغريبة تجاه زوجته، كأن يرغب مثلًا في قضاء المزيد من السهرات مع أصدقائه الرجال، أو مغازلته نساء أخريات. وردود الفعل هذه طبيعية، إلا أنها لا تقدم الدعم أبدًا لشريكة حياته التي تكون في حاجة إلى المزيد من الدعم والاهتمام في هذه المرحلة من حياتها. ومن الأهمية بمكان أن يتحدث الأب عن كل ما تنتابه من مشاعر، وعندما يفعل ذلك فسيجد أن المشاعر السلبية (سواء الخوف أو الغيرة) قد تتنحى جانبًا، لتسمح للمشاعر الإيجابية (السعادة والارتباط بالمولود) أن تَحُلَّ محلها.

    ومن المؤسف القول: إن الحمل يؤدي ببعض الرجال إلى التعامل بعنف مع المرأة، سواءٌ بدنيًّا أم عاطفيًّا. فإن شعرتِ بالخطر أو الخوف، أو تأذيتِ يومًا من زوجك أو أجبرك على العلاقة الجنسية، فيتوجب عليكِ -لنفسِكِ ولوليدكِ- أن تطلبي المساعدة. تحدثي إلى طبيبك. (لمزيد من المعلومات حول العنف الأسري، انظري صفحة 781).

    الأب الداعم: لقد تغيَّر دور الآباء؛ ففي الماضي لم يكن يحلم الأب بقراءة كتاب عن رعاية الطفل، أما الآن فمن البديهي أن يتحمل الآباء بعض المسئولية في تربية أطفالهم (على الرغم من أن السيدات لا يزلن يقمن بأغلب الم

    Y2-1.xhtml

    عملية الولادة نفسها؛ ما يعني أنه لم يعد بعدُ المتفرجَ المنعزلَ المستبعد عن المشهد.

    تزداد العاطفة نحو الطفل بالتدريج: لا يزال الكثير من الآباء والأمهات - ممن يشعرون بالسعادة والفخر بحدوث الحمل - يجدون صعوبة في الشعور بالحب الحقيقي تجاه طفل لم يحملاه بعد. وبالنسبة

    لبعضهم، فإن الحب يبدأ بأول تصوير للرحم بالموجات فوق الصوتية يُظهر دقات قلب الجنين؛ ولغيرهم تبدأ مشاعرهم حينما يتحرك الجنين لأول مرة، وآخرون لا يشعرون بالعاطفة تجاه الطفل إلا لاحقًا. فليس هناك وقت «طبيعي» تنمو فيه مشاعر الحب تجاه الجنين من أبويه؛ فالحب يأتي في مرحلة مبكرة أو متأخرة، لكنه سوف يأتي لا محالة.

    وحتى عندما تكون المشاعر خلال فترة الحمل إيجابية بصفة أولية، فربما يحدث فتور في المشاعر بعد الولادة. وقد يتوقع الأبوان الشعور برضيعهما على الفور بأنه لحم ودم منهما، بالإضافة إلى توقع الاستجابة معه باندفاع جامح مفعم بمشاعر الأمومة والأبوة، بجانب الارتباط الشديد به. ولكن في حالات كثيرة، لا يحدث ذلك في اليوم الأول من الولادة، ولا حتى في الأسبوع الأول. فلا يكون في مثل هذه الأيام سوى المشاعر السلبية الطبيعية، وقد يراود أحدَ الأبوين الرائعين المحبين التفكيرُ المفاجئُ في أن إنجاب طفل خطأ جسيم بالنسبة له - لكنه يشعر بالذنب على الفور للتفكير على هذا النحو. وعلى العكس من الارتباط الفوري بالرضيع، نوضح أن هذه العملية غالبًا ما تتم على نحو تدريجي، ولا تكتمل إلا بعد أن يقضي الأبوان وقتًا كافيًا للتعافي من الضغوط البدنية والوجدانية المصاحبة للحمل والولادة. ويختلف المدى الزمني للتعافي من شخص لآخر.

    Y2-1.xhtml

    لقد تعلَّم أغلبنا أنه من غير الحكمة أن نأمل في إنجاب صبي أو فتاة، تحسبًا لما قد يؤول إليه الأمر على عكس رغبتنا. لكنني لا أتعامل مع هذا الأمر بجدية شديدة، فمن الصعب تخيل ابن المستقبل من دون تصور نوعه. فمعظم الحوامل يفضلن أحد النوعين عن الآخر خلال فترة الحمل. ولذا، استمتع بطفلك المتخيل، ولا تشعر بالذنب إن علمت أنه ليس النوع الذي تخيلته.

    خطط وقرارات ما قبل الولادة

    قبل الحمل: من المفيد الأخذ بمشورة الطبيب قبل البدء في محاولة الحمل، خاصةً إن كنت تشعرين بالقلق بخصوص صحتك، أو كان لديك أية أسئلة متعلقة بالخصوبة أو الأمراض الوراثية. وحين يصبح الحمل محتملًا، عليكِ البدءُ في تناول أقراص حمض الفوليك، فحصول جسمك يوميًّا على المكملات الغذائية أو الأقراص متعددة الفيتامينات المشتملة على 400 ميكروجرام من حمض الفوليك -قبل الحمل بثلاثة أشهر أو أكثر- يعمل على تقليل خطورة إصابة طفلك بضعف الحبل الشوكي.

    وهذا أيضًا هو الوقت الذي يجب عليك فيه الحد من التعرض للمخاطر البيئية التي يمكن أن تؤثر على جنينك الذي يكبر في أحشائك. يعني ذلك تجنب التدخين السلبي والتلوث الصناعي. وبدلًا من تناول الأسماك التي ترتفع فيها نسبة الزئبق، مثل أسماك القاروص وسيّاف البحر، عليكِ اختيار تناول سلمون المزارع المرقط (التراوت)، وسلمون المحيط الهادئ، والسردين، والأنشوجة، وأصابع السمك. وربما يحتوي سلمون المزارع على مواد سامة ومضادات حيوية أخرى، ولذا يجب ألا يكون جزءًا من نظامك الغذائي أثناء الحمل. وإن كانت طبيعة عملك تفرض عليك التعامل مع المواد الكيميائية أو الحيوانات أو الأطفال الصغار، اسألي طبيبك عن المخاطر المحتملة عن التعامل مع أي من ذلك خلال الحمل. وللمزيد من المعلومات التي تساعدك على اجتياز فترة الحمل وأنت بأفضل صحة ممكنة، أقترح عليكِ قراءة كتاب «Dr. Spock’s Pregnancy Guide» «دليل د. سبوك إلى الحمل» لدكتورة مارجي جرينفيلد، أو كتاب «The Working Woman’s Pregnancy Book» «حمل المرأة العاملة» للمؤلفة نفسها.

    احصلي على رعاية جيدة قبل الولادة: إن الذهاب إلى الطبيب لعمل الفحوصات اللازمة قبل الولادة يُعد واحدًا من أهم الأشياء التي يمكنك فعلها؛ حفاظًا على صحة وليدك. فخطوات بسيطة -مثل تناول حمض الفوليك أثناء الحمل، وتجنب تدخين السجائر وقياس مستوى ضغط الدم بصفة منتظمة - يمكن أن يكون له بالغ الأثر في صحة ابنك

    وصحتك أنت شخصيًّا. ويمكن أن تكشف الفحوصات الروتينية قبل الولادة عن وجود مشكلات، مثل العدوى التي يمكن علاجها قبل أن تؤثر على الجنين. حتى وإن كنت على وشك نهاية فترة الحمل، لا يُعد الوقت متأخرًا جدًّا على أن تستفيدي -أنت وطفلك - من زيارتك للطبيب.

    البرنامج المعتاد لزيارة عيادات النساء والتوليد أثناء الحمل هو مرة شهريًّا للأشهر السبعة الأولى في الحمل، ومرة كل أسبوعين في الشهر الثامن، وأسبوعيًّا لحين الولادة. وتُعد هذه الزيارات فرصة لكِ لتحصلي على النصيحة في المشكلات المعتادة مثل غثيان الصباح، وزيادة الوزن، والتمارين الرياضية. وينتشر التصوير التليفزيوني بالموجات فوق الصوتية في أماكن عدة في الوقت الحالي، وحتى الصورة غير الواضحة -التي تظهر باللونين الأبيض والأسود- تجعل الجنين يبدو أشبه بالواقع، خاصةً في نظر الآباء. وبهذا التصوير، يتسنى لكِ التعرف على نوع الجنين.

    يمكن أن تختار المرأة -في الكثير من المجتمعات- مَنْ تفضل التعامل معه من بين مقدمي الرعاية قبل الولادة، بما في ذلك أطباء النساء والتوليد أنفسهم، وأطباء العائلة، والقابلات الممرضات، والقابلات المعتمدات (غير الممرضات)، والقابلات الحاملات لرخصة التوليد، والقابلات الهاويات. وهناك شيء يجب وضعه في الاعتبار، وهو نوعُ الولادة الذي تريدينه؛ فأطباء النساء والتوليد دومًا ما يولدون النساء في المستشفيات، بينما تولِّد القابلاتُ الهاوياتُ النساءَ في المنازل. ومن الاعتبارات الأخرى التفكير فيما إذا كنت تفضلين طبيبك أو قابلتك وتثقين فيهما: فهل يستمع إليكِ أيهما ويعطيكِ معلومات واضحة؟ هل الشخص الذي تذهبين لزيارته والأخذ بمشورته قبل الولادة هو الشخص نفسه الذي سيولِّدك فعليًّا؟ إن لم يكن هو، فهل تثقين أن المختصين الآخرين في المجموعة سوف يقدمون لك الرعاية الطبية السليمة؟ هل ستقبل المستشفى ومجموعة أطباء النساء والتوليد تأمينك الطبي؟

    ما نوع الولادة الذي تريدينه؟ في المنزل أم في المستشفى؟ ولادة طبيعية أم حقنة الظهر (أو الإيبيدورال) للولادة بدون ألم؟ الحصول على الدعم أثناء المخاض من

    زوجك، أم من مختص مدرِّب (مساعدة توليد)، أم من أحد أفراد عائلتك ومساعدة توليد؟ الاستلقاء أم وضع القرفصاء؟ إبقاء وليدك معك أم السماح بقضاء معظم الوقت في حضانة المستشفى؟ الرجوع إلى المنزل مبكرًا قدر الإمكان أم لاحقًا؟ ممرضة زائرة أم أخصائي في الإرضاع، أم كلاهما؟

    ليس هناك طريقة واحدة تناسب جميع السيدات، ولا توجد منهجية أثبتت أفضليتها بوضوح عن غيرها من وجهة نظر الرضيع. والجدير بالذكر أن الولادة الآن أضحت أكثر أمانًا مقارنةً بما سبق، إلا أنها لا تزال غير متوقعة. فكري فيما تريدينه -الولادة المثالية بالنسبة لكِ- مع التحلي بالمرونة في الوقت نفسه؛ تحسبًا لوقوع أحداث غير متوقعة. وخططي لطرح الكثير من الأسئلة، واجتهدي في قراءة المزيد من الكتب؛ واعلمي أن كِتَابَيْ مارجي جرينفيلد المذكورين سابقًا يُغَطِّيَانِ جميع الموضوعات الأكثر أهمية.

    مساعدات التوليد: مساعداتُ التوليدِ هنَّ نساءٌ تَدَرَّبْنَ لتقديمِ الدعمِ المستمرِّ في أثناء عملية الولادة. فهنَّ يُسَاعِدْنَ الأمهاتِ في التوصلِ إلى أفضلِ الحركاتِ والوضعيات وأكثرها راحة، كما أنهن يستخدمن تقنيات التدليك وغيرها من التقنياتِ التي أثبتت فاعليتها بالتجربة من أجل تقليلِ الشعور بالضغط. وبوسع مساعدة التوليد التي حضرت الكثير من عمليات الولادة طمأنةُ السيدة التي تشعر بالذعر أو الارتباك أثناء الولادة.

    ويمكن لمساعدات التوليد أن ينهضنَ بدور مع الأزواج أيضًا، فمن النادر أن نجد زوجًا -مثل مساعدة التوليد المدربة- بوسعه تهدئة آلام امرأته وقلقلها أثناء المخاض، خاصةً عندما يكون قلقًا بالمثل. وبتولي هذه المهام بدلًا من الزوج، تعمل مساعدة التوليد على تحريره منها؛ حتى يتسنى له التواجد مع شريكة حياته كزوج محبٍّ وليس مُدَرِّبًا. والحقيقة أن معظم الأزواج يحصلون على الدعم من مساعدات التوليد، ولا يشعرون بأنهن قد أخذن مكانهم البتة.

    وفي الوقت الحالي، توجد دراسات جيدة كثيرة تدور حول تأثير مساعدات التوليد في المجتمع، ونتائجها حقًّا رائعة. فلقد تبين أنهن

    يقلصن الحاجة إلى إجراء عمليات ولادة قيصرية وتخدير نصفي بحقنة الظهر. (وعلى الرغم من أن حقنة الظهر هذه من روائع التقنيات الطبية، فإن لها بعض المخاطر. على سبيل المثال، أنها تزيد من مخاطر إصابة الطفل بحمى، ومن ثم يكون في حاجة إلى المضادات الحيوية بعد الولادة)، وللمزيد من المعلومات حول مساعدات التوليد، تصفحي هذا الموقع: www.dona.org.

    ردود الفعل العاطفية تجاه المخاض والولادة: لكل سيدة ردُّ فعل مختلف عن غيرها تجاه ضغوط المخاض والولادة. فبعضهن يفخرن بعدم تناول أية علاجات على الإطلاق، بينما تريد أخريات التأكد منذ البداية بأن حقنة الظهر مناسبة لهن. وبالنسبة لبعضهن، فإن المخاض تجربة مؤلمة يصعب تحملها ونسيانها، بيد أن أخريات يعتبرنها طقسًا انتقاليًّا بالكامل. بعضهن يأخذ في الدفع لأسفل مع كل انقباضة رحم لساعات لا تُعد، بينما تُحبط أخريات على وجه السرعة، ويطلبن من الطبيب جذب الجنين للخارج. بعض السيدات يصرخن في وجوه أزواجهن من التعب للخروج من غرفة التوليد، وعدم العودة مطلقًا، رغم حسن قصدهن. بعضهن يشعرن بعاطفة حب وحنان سرعان ما تتولد تجاه صغيرهن، وبعضهن يرغبن في النوم حين يعرفن أن صغيرهن بخير حال. والأكيد أن معظمهن يصبحن لاحقًا أمهات رائعات محبات لأبنائهن.

    إن لم تكن تجربتك مع المخاض والولادة كما توقعتِ، فإنه من الطبيعي أن تشعري بالاستياء والحزن، بل وبالذنب أيضًا. فإن كنتِ تأملين في الولادة الطبيعية وانتهى بك الأمر بالعملية القيصرية، فمن الطبيعي أن تشعري بأنك أنت الشخص الملوم إلى حد ما (رغم أنه ليس بيديك)، أو أن صغيرك سوف يتأذى إلى الأبد بسبب هذه التجربة (على الرغم من أن ذلك لا يحدث على الإطلاق تقريبًا). ويخشى الكثير من الآباء والأمهات من أنهم إن ابتعدوا عن صغيرهم في الساعات أو الأيام الأولى بعد الولادة، فإن العلاقة بينهم سيشوبها الخلل، وهذا أيضًا ليس

    صحيحًا. فالعلاقة بين الأبوين وصغيرهما -أي وقوع كل منهما في حب الآخر - تتطور على مدى شهور وليس ساعات.

    اختيار طبيب وليدك

    طبيب أطفال، أم طبيب العائلة، أم ممرض ممارس؟ في الوقت الذي تكونين فيه حاملًا، يمكنك اختيار طبيب لصغيرك، إن لم تعرفي أحدهم بالفعل. ولكن من يكون؟ وكيف تحددين إن كان هو الطبيب المناسب؟ يفضل بعض الآباء التعامل مع طبيب عفوي غير رسمي، ولا يدقق في التفاصيل، بينما يريد البعض الآخر أن يتم إعطاؤهم توجيهات بأدق التفاصيل. وربما تثقين أكثر في طبيب كبير في السن وذي خبرة، أو قد تفضلين التعامل مع طبيب في مقتبل العمر وقليل الخبرة. ولذا، نقول: إنه من الخطوات الأولى التي يجب عليكِ اتخاذها لهذا الغرض أن تتحدثي مع غيرك من الآباء والأمهات، كما أن أطباء التوليد والقابلات يمكن أن يرشحوا لكِ أحد أطباء الأطفال.

    الممرضون الممارسون هم ممرضون مسجلون حصلوا -أكثر من غيرهم- على قدر من التدريب يسمح لهم بالعمل كالأطباء في نواح عدة. فهم يعملون مع مساعدي الأطباء؛ أما عن قدر مشاركة الأطباء في العمل بالفعل، فهو يختلف من تخصص إلى تخصص. وبالطبع يكون لدى الأطباء خبرة أكبر من الممرضين الممارسين في التعامل مع الأمراض المعقدة؛ بيد أن الممرضين الممارسين يكون لديهم فائض من الوقت يستطيعون فيه إجراء الفحوصات وتقديم الرعاية الوقائية الممتازة. وعن نفسي، ما كنت لأتردد يومًا في الاستعانة بأحد الممرضين الممارسين المُوصى بهم. (من الآن فصاعدًا، سوف أشير إلى كل هؤلاء بلفظ «دكتور» فقط؛ تسهيلًا على القراء).

    Y2-1.xhtml

    زيارة تعارف: إن كنتِ ستصبحين أمًّا لأول مرة، أو كنتِ تنوينَ الانتقالَ إلى منطقةٍ جديدةٍ، فمن الحكمة أن تخططي

    لزيارة طبيب قبل ميعاد الزيارة الفعلي بأسابيع قليلة. وذلك كالمقابلة الفعلية لمعرفة ما إذا كان الطبيب سيشعرك بالراحة لدى الحديث معه عن أي شيء يدور بخلدك. ويمكنك تعلُّم الكثير من هذه الزيارة قبل الولادة لتصبحي على ثقة تامة بأن الرعاية الطبية لطفلك ستكون على أكمل وجه.

    عندما تذهبين إلى العيادة في زيارة التعارف هذه، انظري حولك لتحددي إن كان فريق العمل لطيفًا ومهذبًا؟ هل يوفر المكان للأطفال أي نشاط يقومون به في غرفة الانتظار؟ هل توجد كتب مصورة؟ اطرحي على المسئول هناك أسئلة عملية مثل: كم عدد الأطباء والممرضين الممارسين الذين يزاولون مهامهم في العيادة؟ كيف يتم التعامل مع الاتصالات الهاتفية؟ ماذا يحدث عند مرض طفلك بعد ساعات عمل العيادة؟ ماذا لو حدثت لك حالة طارئة أثناء اليوم؟ ما الوقت المخصص لإجراء الفحوصات لطفل سليم معافى؟ (يبلغ متوسط الوقت المخصص لذلك هذه الأيام قرابة خمس عشرة دقيقة.) اسألي عن التأمين والأجر، وأي مستشفى تتعامل العيادة معه.

    تُعد استمرارية تقديم الرعاية للطفل من الأمور المهمة التي يجب عليكِ أخذها في الاعتبار. هل سيتعامل مع طفلك طبيب واحد بعينه، أم أن المرضى يكشفون عند أي طبيب يتصادف وجوده وإتاحته في العيادة؟ وتكون الرعاية الصحية للأطفال في أفضل حالاتها عندما يعمل كل من الآباء والأطباء كفريق عمل. وقد يكون من الأسهل التعامل مع طبيب واحد بعينه، بدلًا من التعامل مع جميع الأطباء العاملين في العيادة.

    عندما تتحدثين مع الطبيب، اختاري موضوعين مهمين بالنسبة لكِ لتناقشيهما معه، مثل رأي الطبيب في الرضاعة الطبيعية، أو السماح لكِ بالتواجد مع صغيرك -إن كان في حاجةٍ إلى إجراء مؤلم - أو ترتيبات النوم أو التدريب على دخول الحمام. وانتبهي إلى شعورك خلال المقابلة، إن شعرتِ بالراحة وكان الطبيب يستمع إليكِ دون استعجال، فاعلمي أنك قد

    عثرت على الطبيب المناسب على الأرجح. وإن لم يكن الأمر كذلك، فربما تكونين في حاجة لزيارة عيادات أخرى للقيام بالخطوات نفسها.

    استشارة عن الرضاعة الطبيعية قبل الولادة: إن لم تكوني متأكدة مما إذا كنتِ ترغبين في إرضاع صغيرك طبيعيًّا أو صناعيًّا، يمكن أن يفيدك في ذلك مناقشة هذا الأمر مع الطبيب الذي اخترته لطفلك، أو الحصول على استشارة أخصائي إرضاع قبل الولادة. وربما تكونين في حاجةٍ أيضًا إلى حضور جلسات مناقشة يقدمها الكثير من المستشفيات والعيادات الكبيرة حول الرضاعة الطبيعية. وكلما عرفتِ أكثر عن الأمور المتعلقة بالرضاعة، شعرتِ باطمئنان تجاه قرارك. فإن قررتِ أن ترضعيه طبيعيًّا، يمكن أن تساعدك استشارة أخصائي الإرضاع قبل الولادة في توقع حدوث أية مشكلات، والتعامل معها قبل حدوثها (انظري صفحة 275 للمزيد من المعلومات حول الرضاعة الطبيعية).

    التخطيط للعودة إلى المنزل

    الترتيب للحصول على مساعدة إضافية في البداية: إن كان باستطاعتكِ طلب شخص ما لمساعدتك خلال الأسابيع القليلة الأولى، افعلي ذلك مهما يكلفك الأمر. فمحاولة فعل كل شيء بنفسك يمكن أن يرهقك كثيرًا؛ إذ إن معظم الحوامل يشعرن بالخوف إلى حد ما لمجرد توقع تحمل المسئولية الكاملة -بمفردهن- عن صغير لا حول له ولا قوة لأول مرة. فإن راودك هذا الشعور، فإن ذلك لا يعني أنك ستعجزين عن القيام بمهمتك على نحو جيد. ولكن إن شعرتِ بالذعر، فمن المحتمل أنك ستستطيعين التعامل مع الأمر براحة أكبر بالتعاون مع إحدى أقاربك المحببات إليكِ.

    قد يقدم لك والد صغيرك دعمًا عظيمًا، أو ربما يكون هو الآخر قلقًا أو مرتبكًا للغاية. أما والدتك، فمن المحتمل أن تكون المنقذ المثالي، إن كانت علاقتك معها جيدة. وإن شعرتِ أنها متسلطة وما زالت تعاملكِ كأنك طفلة، فمن الأفضل -على الأرجح - ألا تقيم معكِ، بل تزورك بين الحين والآخر. فمن الأشياء المساعدة

    أن يكون بجانبك شخص اعتنى فيما سبق بالصغار، ولكن الأهم من ذلك أن تختاري شخصًا تستمتعين بصحبته.

    ربما يجدر بك التفكير في الاستعانة بمدبرة منزل أو مساعدة توليد لأسابيع قليلة؛ ومساعدات التوليد هن محترفات يقدمن الدعم للسيدات خلال فترة الحمل (انظري صفحة 22)، وهناك الكثير ممن يقدمن خدماتهن في الأسابيع التي تلي الولادة أيضًا. وربما تدبرين أمرك للاستعانة بشخص يأتيكِ مرة أو مرتين أسبوعيًّا لغسيل الملابس، ومساعدتك في إتمام الأعمال المنزلية، وربما مراقبة رضيعك لعدة ساعات. فمن المنطقي أن تستعيني بمن يساعدك ما دمت في حاجة إلى المساعدة وبوسعك تحمل التكاليف.

    زيارات الممرضات المنزلية: توفر الكثير من المستشفيات وبرامج الرعاية الصحية زيارات منزلية من الممرضات ليوم أو اثنين بعد أن تصطحبي صغيرك معك إلى المنزل، خاصةً إن كانت الإقامة في المستشفى أقل من ثمانٍ وأربعين ساعة. فتكتشف هذه الممرضة الزائرة أية مشكلات طبية، مثل اليرقان، والتي قد لا تظهر في اليوم الأول أو الثاني من الولادة، بالإضافة أن بإمكانها التعامل مع الأمور المتعلقة بالرضاعة الطبيعية أو غيرها من الأمور الشائعة الأخرى. وإن لم يكن هناك شيء آخر يمكنها مساعدتك فيه، فإنها تطمئنك أن كل شيء على ما يرام.

    الزائرون: ولادة الطفل تأتي إليكِ بأفواج من الأقارب والأصدقاء. ولكن ما العدد الذي يمكن أن يُطلق عليه «كبيرًا جدًّا»؟ أنتِ أفضل شخص يحدد الإجابة. من الطبيعي أن تشعري بالتعب خلال الأسابيع الأولى بعد ولادة طفلك، ويمكن أن يكون استقبال الزائرين استنزافًا آخر لطاقتك. لذا، من المنطقي أن تحدي من الزيارات، وتقلصيها على أفراد قليلين ترغبين حقًّا في رؤيتهم، وعلى الجميع أن يتفهم وضعك.

    كما أن معظم الزائرين يريدون حمل الرضيع، وهز رؤوسهم لمداعبته، ومواصلة التحدث معه بلغة الصغار. وعلى الرغم من أن بعض الرضع

    يمكنهم تحمل قدر كبير من هذه المعاملة، فإن بعضهم لا يستطيع تحملها على الإطلاق، وآخرين بين هذا وذاك. ولذا، انتبهي إلى كيفية استجابة صغيرك، وأوقفي أي شيء تشعرين أنه يضايق رضيعك أو يتعبه. ولن يشعر أقاربك أو أصدقاؤك الذين يهمهم أمرك وأمر صغيرك بأي إهانة. واعلمي أن الأطفال الصغار -بصفة خاصة - يمكنهم حمل فيروسات يمكن أن تمرض حديثي الولادة. ولذا، احرصي على وجود مسافة كافية بين رضيعك وأبناء أقاربك الصغار في أول ثلاثة أو أربعة أشهر. وإن حدث وأراد الأطفال لمس صغيرك فتأكدي من أنهم قد غسلوا أيديهم في البداية.

    إعداد المنزل: إن كان منزلك قد بُني قبل عام 1980، فالاحتمال الأكبر أنه مطليٌّ بطلاء به رصاص. وعلى الرغم من أنه من المنطقي أن تقومي بإزالة رقائق الطلاء المفككة، وتطلي فوق الرقع العارية من الدهان، فإنه ليس مأمون العواقب استخدام الكاشطة أو ماكينة الصنفرة أو مسدس التسخين؛ حيث إن غبار ودخان الرصاص الناعم يمكن أن يزيد مستوى الرصاص في جسمك، ومن شأن ذلك أن يؤثر على رضيعك. والأكثر أمانًا من كل ذلك هو إزالة الرصاص من على الحائط بطريقة مهنية. للاطلاع على المزيد (انظري صفحة 493). تفقدي الدور الأرضي بحثًا عن العفن الأسود، وإن وجدته فاحرصي على إصلاح الجدران التي تشتمل عليه.

    إن كنتِ تستخدمين مياه الآبار، فمن الأهمية بمكان أن تقومي بتحليل الماء لمعرفة ما إذا كان يحتوي على بكتيريا أو نترات قبل وصول الصغير إلى المنزل. فأملاح النترات في مياه الآبار يمكن أن تتسبب في تحول لون بشرة وشفتي الرضيع إلى الأزرق. اكتبي رسالةً أو اتصلي بوزارة الصحة في البلد أو الولاية التي تقطنينها للحصول على المساعدة اللازمة. واعلمي أن مياه الآبار لا يُضاف إليها الفلور، ولذا أنتِ في حاجة إلى مناقشة طبيبك حول حصول طفلك على مكملات غذائية مشتملة على الفلور (انظري صفحة 538).

    المساعدة في التعامل مع سائر الأبناء

    ماذا تقولين وأنتِ ما زلت حاملًا: من المفيد أن يعرف الطفل مسبقًا أنكِ ستنجبين له أخًا أو أختًا، إن كان كبيرًا بما يكفل فهمه لهذه الفكرة (قرابة عام ونصف العام). وبهذه الطريقة، سيعتاد الطفل على الفكرة تدريجيًّا، وبالطبع ستضطرين إلى تكييف شرحك وفقًا لمستوى التطور لدى الطفل، ويجب القول: إنه لا يوجد أي شرح كافٍ يمكن أن يعدَّ طفلك فعليًّا للوضع الجديد. ولكن مهمتك هي البدء في التحاور معه، ومحاولة الرد على أسئلته، وطمأنته دومًا بأنكِ ستحبينه كسابق عهدك. واحذري من أن تبالغي في حماستك، أو تتوقعي منه أن يكون متحمسًا تجاه الطفل الجديد. والوقت المناسب للبدء في مناقشته يكون عندما يتغير شكل جسمك، وتزول خطورة تعرضك للإجهاض المبكر.

    إنَّ إنجاب الطفل الجديد يجب أن يغيِّر حياة الطفل الأكبر منه تغييرًا طفيفًا قدر المستطاع، خاصةً إن كان هو الطفل الوحيد حتى ذلك الوقت. أكدي على الأشياء المادية التي ستظل كما هي، مثل: «سوف يظل لديك ألعابك المفضلة ذاتها؛ سوف تستمر في الذهاب إلى الحديقة نفسها لتلهو وتلعب؛ سوف نعد وجباتنا المفضلة دون تغيير؛ سوف نحظى بوقتنا المميز معًا دون تغيير».

    أَجْرِي التغييراتِ قبل الولادة: إن لم يكن ابنك الأكبر قد فُطم بعد، فسوف يكون من الأسهل عليكِ فِطامه قبل أن تلدي بأشهر قليلة، وليس عندما يشعر أن المولود الجديد قد حل محله. وإن كان من المفترض أن تؤول غرفته إلى المولود الجديد، عليكِ أن تنقليه إلى غرفته الجديدة قبل الولادة بأشهر قليلة، حتى يشعر أنه قد انتقل إلى غرفة أفضل لأنه الآن ولد كبير، وليس لأن المولود طرده من غرفته. والأمر نفسه ينطبق على انتقاله إلى النوم على سرير كبير. وإن كان من المفترض أن يلتحق ابنك الأكبر بالحضانة، فيجب أن تلحقيه بها قبل

    ولادة طفلك بفترة كافية قدر المستطاع. فلا شيء يحول دون اندماج الطفل في الحضانة أكثر من الشعور بأن متطفلًا صغيرًا أبعده عن بيته. وعلى النقيض من ذلك، فإن الطفل الذي له أصدقاء في المدرسة يشعر بتهديد أقل من جراء وصول المولود الجديد إلى المنزل.

    خلال الولادة وما بعدها: يأمل بعض الآباء في تقوية روح التآزر العائلي بإقحام أول أبنائهم في عملية الولادة نفسها. ولكن مشاهدة الأم في المخاض يمكن أن تزعج الأطفال الصغار أيما إزعاج؛ لأنهم قد يفكرون أن أمهم تمر بحدث مروع. وربما ينزعج الأطفال الأكبر سنًّا أيضًا من المجهود المنهك ومشهد الدم الذي يتدفق حتى في أسهل الولادات. ومن وجهة نظر الأم، فإن المخاض من المراحل القاسية في حد ذاتها، ولا تكون خلالها في حالة تسمح لها بالقلق من طريقة تعامل طفلها معها. من ناحيةٍ أخرى، يمكن أن يشعر الأطفال بأنهم جزء من هذا الحدث عن طريق تواجدهم بالقرب من أمهم، وليس بالتواجد معها فعليًّا في غرفة التوليد.

    وبعد الولادة، عندما يهدأ الجميع، يكون الوقت مناسبًا لأن يرى الأطفال الكبار المولود الجديد. ويمكن تشجيعهم على لمسه ومخاطبته ومساعدة المسئولين عنه في المهام البسيطة، مثل إحضار الحفاضة. فيجب أن ينتابهم الشعور بأنهم جزءٌ لا يتجزأ من العائلة. كما يجب أن يزوروا المولود في المستشفى كيفما يريدون، دون إجبارهم على فعل ذلك.

    الرجوع بالمولود إلى المنزل: تتسم اللحظة التي ترجعين فيها إلى المنزل بعد الولادة بالنشاط والحركة المستمرة؛ فأنتِ متعبة ومشغولة البال، والأب ينطلق عدوًا في المنزل في كل اتجاه ليقدم لكِ المساعدة، وإن كان ولدك الأكبر موجودًا في المنزل حال رجوعكما، فسيقف بمفرده شاعرًا بالإهمال، ومفكرًا: «إذًا، هذا هو الوضع مع المولود الجديد!».

    ربما يكون من الأفضل ألا يكون طفلك الأكبر موجودًا في المنزل، كأن يكون في رحلة

    مثلًا، إن كان يمكن الترتيب لها. وبعد ساعة من عودتك، عندما يكون المولود وأمتعتك في الأماكن المخصصة، وأنتِ تسترخين -أخيرًا- على فراشك، يكون هذا هو الوقت المناسب لعودة ابنك الأكبر إلى المنزل. وعندئذٍ، يجب أن تحتضنيه، وتتحدثي إليه، وتمنحيه اهتمامك الكامل دون الالتفات إلى الصغير. ولأن الأطفال يقدرون المكافآت المادية، فمن اللطيف أن تحضري هديةً إليه، مثل دمية صغيرة -على هيئة طفل صغير- خاصة به، أو لعبة جديدة رائعة. ويجب ألا تطرحي عليه باستمرار أسئلة من قبيل: «ما رأيك في أخيك/ أختك الجديدة؟» دعيه يطرح موضوع المولود الجديد عندما يكون مستعدًّا لذلك، ولا تتفاجئي إن شاب تعليقاته الفتور أو العدائية.

    وفي الواقع، يتعامل معظم الأبناء الأكبر سنًّا مع الأمر بصورة جيدة في الأيام الأولى من عمر المولود. وغالبًا ما يستغرق الأمر عدة أسابيع، حتى يدركوا أن المنافسة قد بدأت، وعدة أشهر حتى يبدأ المولود في النمو على نحو يجعله يبدأ في جذب ألعابهم ومضايقتهم. والقسم الذي أتحدث فيه عن الإخوة والأخوات (انظري صفحة 806) يشمل المزيد من المعلومات حول كيفية مساعدة أبنائك الكبار على تحسين علاقاتهم بالمولود الجديد.

    المستلزمات التي ستحتاجينها

    شراء المستلزمات قبل الولادة: لا يفضل بعض الآباء شراء أي شيء حتى يروا وليدهم بين أيديهم؛ وفكرتهم وراء ذلك -في ثقافات كثيرة- هي أن شراء المستلزمات قبل ميعاد الولادة ربما ينهي الحمل نهاية مأساوية. ولذا، فهم لا يرغبون في المخاطرة بغير ضرورة.

    ولكن هناك مميزات لترتيب شراء المستلزمات قبل الولادة، مثل تخفيف العبء عليكِ لاحقًا. فالكثير من الآباء يشعرون بالإنهاك بعد الولادة، وأبسط المهام الروتينية -مثل شراء الحفاضات- تبدو لهم مربكة. ولذا، يمكن أن يبعث على الراحة معرفة أن لديكِ الأساسيات في أي وقت تريدينها.

    ماذا تحتاجين بالفعل؟ تساعدك الأقسام التالية في تحديد أي من المستلزمات تحتاجين إلى شرائها قبل الولادة، وأيها يمكنك شراؤها لاحقًا (أو أيها تستطيعين الاستغناء عنها). وهنا، أقترح عليكِ مراجعة معظم نسخ المجلات التي صدرت مؤخرًا، مثل «Consumer Reports»، لمعرفة أحدث ما تم التوصل إليه من حيث الأمان والمتانة والعملية.

    قائمة المتطلبات

    مستلزمات سوف تحتاجينها منذ البداية:

    1- مقعد سيارة تتوفر فيه معايير الأمان (انظري صفحة 33).

    2- سرير للمولود، وسرير هزاز، ومُهيد (سرير أشبه بالسلة)، أو سرير ملحق بسرير الأم، وإن كان للغفوات فحسب.

    3- ملاءات قطنية كثيرة وملائمة لحجم السرير، ومفرش من البلاستيك للمرتبة، وحافظتان أو ثلاث حافظات قماشية للمرتبة.

    4- الكثير من الأغطية القطنية الصغيرة لتقميط المولود، وبطانية أثقل للتدفئة.

    5- القليل من القمصان قصيرة الأكمام، أو الأفرول الونزي في الطقس البارد، واثنان أو ثلاثة أفرولات مغطية للقدم.

    6- حفاضات ومناديل مبللة، إما قماشية أو وحيدة الاستخدام، أو الاشتراك في خدمة غسيل الحفاضات القماشية (انظري صفحة 69). والحفاضات القماشية مفيدة من الناحية العملية، حتى وإن كنتِ تفضلين استخدام الحفاضات وحيدة الاستخدام.

    7- حمالات صدر خاصة بالرضاعة، وعلى الأرجح شافطة لحليب الثدي (انظري صفحة 314) إن كنتِ تخططين لإرضاع طفلك طبيعيًّا.

    8- ببرونات بلاستيكية (اثنتان أو ثلاث) بالحلمات؛ أو أكثر من ذلك -وقدر كبير من اللبن الصناعي - إن كنتِ تخططين لإرضاع وليدك صناعيًّا.

    9- حمالة قماشية للرضيع، أو حمالة الصدر.

    10- حقيبة مقسمة إلى أماكن للحفاضات، والمناديل المبللة، والمرهم، ومفرش بلاستيكي - قابل للطي - لتغيير الحفاضات عليه، ومستلزمات الرضاعة.

    11- مقياس حرارة رقمي، وسرنجة تنظيف الأنف مشتملة على أداة شفط المخاط.

    مقاعد السيارة: يجب أن يُوضع الرضعُ في مقاعد السيارة المخصصة لهم في أي وقت تصطحبينهم معكِ في السيارة. ولا نستثني من ذلك رحلة العودة من المستشفى إلى المنزل بعد الولادة. وأكثر المقاعد أمانًا هو الخلفي، في الوسط. أما مقعد الراكب الأمامي، فهو خطيرٌ جدًّا؛ لأن الوسادة الهوائية المنتفخة يمكن أن تجرح الرضيع - والطفل الصغير- على نحو خطير أو حتى تقتله.

    وهناك نوعان أساسيان من مقاعد السيارة الخاصة بالرضيع، أولهما يمكن استخدامه أيضًا كحمالة للرضيع، والثاني يمكن أن يتغير اتجاهه ليصبح مواجهًا لمقدمة السيارة حين يكبر الرضيع (بعد إتمام العام كاملًا، ومع زيادة وزنه على عشرة كيلوجرامات). وباستخدام أيهما، يجبُ أن تتأكدي من أن المقعد يحمل علامة تشير إلى أنه يتفق مع معايير الأمان الحكومية. اختاري مقعدًا بحمالةِ أمانٍ؛ لتثبيت الطفل بها، بدلًا من استخدام واقٍ أو حاجز. وحاولي شراء مقعد سيارة جديد من المتجر مباشرةً؛ فالمقعد الذي استخدمه طفل قبل وليدك في العائلة لمدة سنوات قد لا يقدم الحماية الملائمة؛ لأن البلاستيك يضعف مع مرور الوقت. كما أن المقعد الذي تعرض مرةً للاصطدام -حتى وإن بدا بحالة جيدة- ربما لا يتحمل الاصطدام لمرة ثانية.

    الجدير بالذكر أنه يصعب تركيب معظم مقاعد السيارة تركيبًا صحيحًا. ولذا، إن كان بمقدورك، احرصي على جعل أحد المفتشين الموثوق بهم، المسئولين عن سلامة مقاعد السيارة الخاصة بالأطفال، يعرض كيفية تركيبها لكِ. كما أن الكثير من المستشفيات ومحطات إطفاء الحرائق تعقد برامج مجانية حول مقاعد السيارات. ويمكنكِ الالتحاقُ بأحد هذه البرامج عن طريق الاتصال بالمستشفيات، أو البحث عبر الإنترنت؛ حتى يمكنكِ العثورُ على قوائمَ للمنتجات المسحوبة من السوق، وتصنيفات للمقاعد المختلفة فيما يتعلق بسهولة التركيب، وإرشادات لأنواع مقاعد السيارات التي يجب استخدامها عندما

    يكبر وليدك. كما ستجدين أيضًا المزيد من المعلومات التفصيلية حول مقاعد السيارات في صفحة 460.

    مكان النوم: ربما تشتاقين إلى توفير مهدٍ جميل للطفل، مبطن بالحرير، ولكن طفلك لن يبالي بكل ذلك. فكل ما يحتاجه هو فراش صلب له جانبان لحمايته من السقوط. والصلابة من العوامل المهمة في الفراش؛ لأن الرضع يمكن أن يصابوا بالاختناق بسهولة إن رقدوا على وجوههم على فراش شديد النعومة (وعلى الرغم من ضرورة نومهم على ظهورهم للوقاية من الموت المفاجئ، فإنهم ينتهي بهم الحال أحيانًا بالنوم على وجوههم بأية طريقة). ويُعد المهد، ذو العجلات، مريحًا في البداية. وأحيانًا تتوارث العائلة السرير الهزاز لسنوات طويلة. كما أن الصندوق المصنوع من الورق المقوى، أو الدرج المغطى بمفرش متين ومحكم على مقاسه، يؤديان الغرض على نحو جيد في الشهور الأولى.

    أما السرير الملحق بسريركِ، فهو أشبه بصندوق له ثلاثة جوانب يُوضع بجوار سريرك، على أن يكون الجانب المفتوح في مواجهتك أثناء النوم. وهو رائع؛ لأنه يمكِّنك من الوصول إلى رضيعك، دون الحاجة إلى النهوض من فراشك، خاصةً إن كنتِ ترضعينه رضاعة طبيعية. ولكن من المهم أن يلتحق هذا السرير بسريرك بإحكام؛ حتى لا تكون بينهما فجوة يمكن أن يسقط فيها الرضيع. وهذا السرير أكثر أمانًا على الأرجح من نوم وليدك بجانبك على سريرك، على الرغم من أن الكثير من العائلات تفضل هذا الخيار الأخير (انظري صفحة 61 لمميزات وعيوب هذا الاتجاه).

    من ناحيةٍ أخرى، فإن معظم الآباء يبدءون بسرير المولود - فمن حيث الأمان، تتكون جوانبه من أضلع تقل المسافة بين بعضها بعضًا عن 6 سم، كما أن أي فتحات عند الطرفين يقل عرضها أيضًا بالقدر نفسه. ويجب وضع مرتبة ملائمة لحجم السرير، بالإضافة إلى التأكد من اشتماله على آليات إغلاق آمنة للأطفال، على أن تبلغ المسافة من أعلى الجوانب إلى المرتبة 66 سم على الأقل، وضبط الارتفاع على أقل مستوى له. حاولي الكشف عن وجود أي حواف حادة، أو أعمدة زوايا أعلى من الجوانب بأكثر من 0.15 سم، فيكون ارتفاعها

    سببًا في تعليق الملابس عليها، ومن ثم شعور وليدك بالحبس، أو إبعاده عن ناظريك. واعلمي أن الأسرَّة من هذا النوع متينة، خاصةً عندما يتم تثبيت دعامة المرتبة تثبيتًا محكمًا بكل من محل الرأس ومحل القدم. وقبل عام 1980، كان الكثير من أسرَّة الأطفال يُدهن بطلاءات مشتملة على الرصاص؛ ولذا، فإنها غير آمنة، ما لم تتم إزالة الطلاء القديم كليةً. أمَّا إذا كنتِ تشترين سريرًا جديدًا لوليدك، فتطلعي إليه جيدًا؛ لمعرفة ما إذا كان يفي بمعايير الأمان المتفق عليها. ومن ناحيةٍ أخرى، في حالة الأسرَّة المستعملة، تلك التي تأخذينها من أحد أفراد العائلة الأكبر سنًّا، أو التي تتوارثها الأجيال في العائلة، لا بد من أن تكوني أنتِ مفتش الأمان.

    لا يحتاج وليدك إلى وسادة لسند رأسه، ويجب عليك عدم استخدامها إطلاقًا. وبالمثل، من الأفضل إبعاد أي دمى محشوة، على شكل حيوانات أو غيرها، عن سرير وليدك أو سريره الهزاز؛ فصغار الرضع لا يهتمون بها، وربما تمثل هذه الدمى خطورة عليهم؛ لأنها قد تسببُ الاختناقَ. للاطلاع على مزيد من المعلومات حول النوم والنوم الآمن (انظري صفحة 62).

    معدات الاستحمام وتغيير الحفاضات: يمكن «تحميم» الرضع في حوض بلاستيكي مستدير (اشتري واحدًا بحافة عريضة لإسناد ذراعك عليه)، أو طبق بلاستيكي كبير مستطيل الشكل، أو حوض غسيل الأيدي. ويُعد وجود صنبور لرش المياه لغسل رأس الرضيع وجعله دافئًا وسعيدًا من الأشياء الضرورية، كما أنه من المفيد استخدام الأحواض البلاستيكية، ذات الأشكال المتعددة، المغطاة بمفارش أو بطانات منحنية على شكل الجسم، بالإضافة إلى أن سعرها زهيد.

    ليس من الضروري اقتناء مقياس حرارة لقياس درجة حرارة ماء الاستحمام، إلا أنه قد يزيل قلق الأم غير ذات الخبرة. وعليكِ دائمًا اختبار درجة حرارة الماء بيدك على أية حال؛ فيجب ألا يكون الماء ساخنًا على الإطلاق، بل ينبغي أن يكون فاترًا. ولا تحاولي أبدًا إنزال الماء الدافئ في الحوض عندما يكون وليدك بداخله، ما لم تكوني متأكدة من أن درجة الحرارة غير مختلفة عن درجة حرارة الماء الذي يجلس فيه. ولمنع إحراقه بالماء الساخن، يجب أن تكون درجة الحرارة قبل صبها في الحوض 49 درجة سيلزيوس، أو أقل من ذلك. يمكنك تغيير حفاضة وليدك وإلباسه ملابسه على طاولة منخفضة، أو على منضدة الحمام، أو أعلى المكتب. ويجب أن تكون طاولة التغيير مغطاة بمفرش عازل للماء وأحزمة أمان، وعلى الرغم من أن أرفف التخزين باهظة الثمن وقد لا تُستخدم في أي شيء آخر فيما بعد، فهي تجعل الأشياء في متناول يديكِ. وبعض الطاولات يمكن طيُّها، وبعضها ملحق بحوض «لتحميمه». وأيًّا ما كان السطح الذي ستغيرين لطفلك الحفاضة عليه (باستثناء الأرض)، من الأهمية بمكان أن تكون إحدى يديكِ ممسكة بالطفل طوال الوقت، بيد أن أحزمة الأمان قد تفي بالغرض، فلا يمكن الوثوق بها.

    المقاعد والأرجوحات والمشايات: من الكماليات الأكثر أهمية للمولود مقعد بلاستيكي بزاوية ميل وأحزمة أمان ومقبض. فيمكنك به حمل وليدك وإجلاسه في أي مكان تريدينه تقريبًا، وإطلاق العنان له لمشاهدة كل ما يدور حوله. ويمكن استخدام بعض مقاعد السيارة المخصصة للرضع لهذا الغرض أيضًا. ولكن احرصي على أن تكون القاعدة أكبر من المقعد؛ حتى لا ينقلب بوليدك عندما تكثر حركته. وهناك أيضًا مقاعد قماشية يمكن أن تكون زهيدة السعر وخفيفة الوزن ومريحة بالمثل. ولكن عليكِ الحرص لدى وضع وليدك على أي نوع من المقاعد فوق المناضد والطاولات، حيث إن حركته قد تتسبب في تحريك المقعد قليلًا تجاه الحافة.

    تُستخدم مقاعد الأطفال بكثرة؛ بيد أنهم في حاجة إلى التواصل مع الناس المحيطين بهم. لذا، عليكِ حمل طفلك عند الإطعام والاسترخاء والرقص واللعب. ولا تُعد مقاعد الأطفال البلاستيكية أفضل الأنواع: فلسوف يكون وليدك أكثر سعادة وأمانًا في حمالة قماشية أو على حمالة الصدر، وفي كلتيهما لن تضطري إلى حمله بأي من يديك، بالإضافة إلى أن الضغط سيقل على كتفيكِ.

    يحب صغار الرضع في العادة الحركة، ويمكن أن تساعد أرجحتهم على تهدئتهم بطريقة بارعة. وبالطبع، تؤدي حمالة الرضيع القماشية الغرض

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1