Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد
Ebook626 pages5 hours

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد هو كتاب في السيرة النبوية، من تصنيف الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي يعتبر الكتاب من أضخم ما ألف في السيرة، فهو يعد موسوعة بكل ما تعنيه الكلمة، وقد أراد منه مؤلفه أن يستوعب فيه كل ما سبقه من مصنفات السيرة، حيث يقول في مقدمته للكتاب: «فهذا كتاب اقتضبته من أكثر من ثلاثمائة كتاب»، وقد حرص على توخي الدقة والصواب فيه
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJul 30, 1902
ISBN9786865023248
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

Related to سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

Related ebooks

Related categories

Reviews for سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - الشمس الشامي

    الغلاف

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

    الجزء 12

    الشمس الشامي

    942

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد هو كتاب في السيرة النبوية، من تصنيف الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي يعتبر الكتاب من أضخم ما ألف في السيرة، فهو يعد موسوعة بكل ما تعنيه الكلمة، وقد أراد منه مؤلفه أن يستوعب فيه كل ما سبقه من مصنفات السيرة، حيث يقول في مقدمته للكتاب: «فهذا كتاب اقتضبته من أكثر من ثلاثمائة كتاب»، وقد حرص على توخي الدقة والصواب فيه

    الخصائص

    الباب الأول فينا اختص به عن الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام في ذاته في الدنيا

    الأولى .خص صلى الله عليه وسلم بأنه أول الأنبياء خلقا .روى الحسن بن سفيان وابن أبي حاتم في تفسيره وابن مردويه، وأبو نعيم في الدلائل من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) [الأحزاب 7] الآية: قال: (كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث) فبدئ به قبلهم .وروى ابن أبي شيبة وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث) .الثانية .وتقدم نبوته صلى الله عليه وسلم وكان نبيا وآدم مجندل في طينته، روى أبو نعيم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، متى جعلت نبيا ؟قال: (وآدم مجندل في الطين) .وروى ابن سعد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى كنت نبيا ؟قال: (بين الروح والطين من آدم) .وروى ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله، متى أخذ ميثاقك ؟قال: (وآدم بين الروح والجسد) .الثالثة .وبأنه أول من قال بلى، يوم ألست بربكم .وروى الحافظ أبو سهل القطان في (جزء من أماليه) عن سهل بن صالح الهمداني قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي كيف صار محمد صلى الله عليه وسلم يتقدم الأنبياء، وهو آخر من بعث ؟قال: إن الله تعالى لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم ؟كان محمد صلى الله عليه وسلم أول من قال: (بلى)، ولذلك صار يتقدم الأنبياء وهو آخر من بعث .الرابعة .وبخلق آدم عليه الصلاة والسلام وجميع المخلوقات لأجله عليه السلام .الخامسة .وبكتابة اسمه الشريف على العرش، وكل سماء الجنان، وما فيها، وسائر ما في الملكوت .السادسة .وبذكر الملائكة له في كل ساعتها .روى ابن عساكر عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال: إن الله تعالى أنزل على آدم عصيا بعدد الأنبياء والرسل، ثم أقبل على ابنه شيت، فقال: يا بني، أنت خليفتي من بعدي، فخذها بعمارة التقوى، والعروة الوثقى وكلما ذكرت الله عز وجل فاذكر إلى جنبه اسم محمد، فإني رأيت اسمه مكتوبا على ساق العرش، وأنا بين الروح والطين، ثم طفت في السموات، فلم أر موضعا في السموات إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه، وإن ربي أسكنني الجنة، فلم أر في الجنة قصرا ولا غرفة إلا اسم محمد مكتوبا عليه، ولقد رأيت اسم محمد مكتوبا على نحور الحور العين، وعلى ورق قصب آجام الجنة، وعلى ورق شجرة طوبى، وعلى ورق سدرة المنتهى، وعلى أطراف الحجب، وبين أعين الملائكة ؛فأكثر من ذكره، فإن الملائكة تذكره في كل ساعتها، وقد بسطت الكلام على هذه المسائل في أوائل الكتاب فراجعه ؛فإن فيه نفائس .السابعة .وبذكر اسمه صلى الله عليه وسلم في الأذان في عهد آدم عليه الصلاة والسلام .روى أبو نعيم وابن عساكر بسند لم أر فيه من أتهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما نزل آدم صلى الله عليه وسلم بالهند استوحش، فنزل جبريل فنادى، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، إلى آخره .الثامنة .وبذكر اسمه صلى الله عليه وسلم في الأذان في الملكوت الأعلى وفي عهد آدم .روي عن علي بن أبي طالب رضي الله نه قال: لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبريل بدابة يقال لها: البراق، فأراد أن يركبها فاستعصيت عليه، فقال لها جبريل: اسكني، فوالله، ما ركبك عبد أكرم على الله من محمد، فركبها حتى انتهى إلى الحجاب الذي يلي الرحمن، فبينما هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب، فقال: الله أكبر، الله أكبر، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، قال الملك: أشهد أن محمدا رسول الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا أرسلت محمدا، فقال الملك: حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، ثم قال الملك: الله أكبر، الله أكبر، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا أكبر، أنا أكبر، ثم قال الملك: لا إله إلا الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، ثم أخذ الملك بيد محمد فقدمه، فأما أهل السموات فيهم آدم ونوح فيومئذ أكمل الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم الشرف على أهل السموات والأرض. رواه البزار بسند جيد، وأبو الشيخ وابن شاهين، ورواه عن عائشة، ورواه ابن شاهين عن محمد بن الحنفية، ورواه الطبراني وابن شاهين عن ابن عمر وأسانيدها كلها تالفة كما بينت ذلك في بيان اتحاف البيت ببيان ما وضع في معراج البيت، قلت: في سنده زياد بن المنذر أبو الجارود، قال ابن معين: كذاب عدو الله .وقال الذهبي وابن كثير: هذا من وضعه، وأورده القاضي في الشفاء، والسهيلي في الروض، والنووي في شرح مسلم ساكتين عليه وما في الحديث من ذكر الحجاب فهو في حق المخلوق، لا في حق الخالق، فهم المحجوبون والبارئ جل اسمه تنزه عما يحجبه من الحجب إنما يحيط بقدر محسوس، ولكن حجبه عن أنصار خلقه، وبصائرهم وإدراكاتهم ما يشاء وكيف يشاء، لقوله تعالى: (كلا إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون) [المطففين 15]، فقوله في هذا الحديث: الحجاب وخروج ملك من الحجاب، يجب أن يقال: حجاب حجب به من وراءه من ملائكته عن الاطلاع على ما دونه من سلطانه وعظمته، وحجاب ملكوته وجبروته، ويدل عليه من الحديث قول جبريل عليه السلام من الملك خرج من ورائه، إن هذا الملك ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه، فدل أن هذا الحجاب لم يختص بالذات، ويدل عليه قول كعب رضي الله عنه في تفسير سدرة المنتهى إليها ينتهي علم الملائكة، وعندها يجدون أمر الله تبارك وتعالى لا يجاوزها علمهم، وأما قوله: (الذي يلي الرحمن)، فيعمل على حذف مضاف، أي يلي عرش الرحمن أو امرا ما من عظيم آياته أو مبادئ حقائق معارفه، وكما هو أعلم به كما قال تعالى: (واسأل القرية) [يوسف 82] أي أهلها، فقوله: (قيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، وأنا أكبر) ظاهره سمع في هذا الموطن كلام الله تعالى ولكن من وراء حجاب أي وهو لا يراه حجب بصره عن رؤيته، فإن صح القول بأن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فيحمل في هذا الموطن بعد هذا وقبله رفع الحجاب عن بصره حتى رآه، قلت: وفي هذا المعنى أحاديث بينت محالها في باب بدء الأذان فراجعه .التاسعة والعاشرة، والحادية عشرة، والثانية عشرة، والثالثة عشرة .بأخذ الميثاق على النبيين وآدم فمن بعده أن يؤمنوا به وينصروه، والتبشير به في الكتب السابقة، وتقدم ذلك كله في أول الباب .الرابعة عشرةفي نعت أصحابه في الكتب السابقة .قال تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) [الأنبياء 105] .وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: أخبر الله سبحانه وتعالى في التوراة والزبور، وسابق علمه، قبل أن تكون السموات والأرض، أن يورث أمة محمد الأرض .وروى الطيالسي والمدني برجال ثقات عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن الله نظر في قلوب العباد فوج قلبه صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيء. قال الله سبحانه وتعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه) [الفتح 29] الآية، وروى ابن إسحاق وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهود خيبر: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله صاحب موسى، أخيه المصدق لما جاء به موسى، ألا إن الله تعالى قد قال لكم، يا معشر أهل التوراة، وإنكم لتجدون ذلك في كتابكم: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا (إلى آخر السورة .وروى ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما: ذلك مثلهم في التوراة، يعني نعتهم مكتوب في التوراة، ومثلهم في الإنجيل قبل أن يخلق الله السموات والأرض .وروى أبو عبيد وابن المنذر وأبو نعيم في الحلية عن عمار مولى بني هاشم قال: سألت أبا هريرة رضي الله عنه عن القدر، فقال: اكتف منه بآخر سورة الفتح: (محمد رسول الله والذين معه (إلى آخرها يعني أن الله سبحانه وتعالى نعتهم قبل أن يخلقهم .وروى الطبراني في الأوسط والصغير، وابن مردويه بسند حسن عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) [الفتح 29] قال: (النور يوم القيامة) .وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه في الآية قال: أما إنه ليس الذي ترون، ولكن سيما الإسلام وسحنته وسمته وخشوعه .ورواه البيهقي عنه بلفظ: السمت الحسن .وروى البخاري في تاريخه ومحمد بن نصر عنه قال في الآية: بياض يغشى وجوههم يوم القيامة .وروى سعيد بن منصور وعبد بن حميد، ومحمد بن نصر عن مجاهد، قال: ليس له أثر في الوجه، ولكن الخشوع والتواضع .وروى ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فيقوله: (رحماء بينهم (قال: جعل الله الرحمة في قلوبهم بعضهم لبعض، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، قال: علامتهم الصلاة، ذلك مثلهم في التوراة، قال: هذا المثل في التوراة أو مثلهم في الإنجيل، قال: هذا مثل آخر كزرع أخرج شطأه قال: هذا نعت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل قبل أن يخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .وروى ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (سيماهم في وجوههم) [الفتح 29] قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة. (ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه) [الفتح 29] قال: سنبله حين يبلغ نباته عن حباته فآزره يقول: نباته مع التفافه حين يسنبل فهذا مثل ضربه لأهل الكتاب، إذ خرج قوم ينبتون كما ينبت الزرع، فيهم رجال يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ثم يغلظ فيهم الذين كانوا معه، وهو مثل ضربه لمحمد صلى الله عليه وسلم يقول: يبعث الله النبي وحده، ثم يجتمع إليه ناس قليل يؤمنون به، ثم يكون القليل كثير يغلظون، ويغيظ الله تعالى بهم الكفار يعجب الزراع من كثرته وحسن نباته .الخامسة عشرةفي نعت خلفائه صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة .روى ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: خرجت إلى اليمن قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت على شيخ من الأزد عالم، قد قرأ الكتب، وأتت عليه أربعمائة سنة إلا عشر سنين، فقال: أحسبك حرميا ؟قلت: نعم، وأحسبك قرشيا ؟قلت: نعم، قال: وأحسبك يتيما ؟قلت: نعم، قال: بقيت لي منك واحدة، قلت ما هي ؟قال: تكشف عن بطنك، قلت: ولم ذاك ؟قال: أجد في العلم الصادق أن نبيا يبعث في الحرم يعاون عليه أمره، فتى وكهلا، فأما الفتى فخواض غمرات، ودفاع معضلات، وأما الكهل فأبيض نحيف على بطنه شامة وعلى فخذه اليسرى علامة، وما عليك إلا أن تريني، فقد تكاملت لي فيك الصفة، إلا ما خفي علي. فقال أبو بكر الصديق: فكشفت له عن بطني فرأى شامة سوداء فوق سرتي، فقال: أنت هو، ورب الكعبة .وروى ابن عساكر عن الربيع عن أنس رضي الله عنه قال: مكتوب في الكتاب الأول: مثل أبي بكر رضي الله عنه كمثل القطر أينما يقع نفع .وروى ابن عساكر عن أبي بكر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل من أهل الكتاب: ما تجد فيما تقرأ قبلك من الكتب ؟قال: خليفة رسول الله وصديقه .وروى الدينوري في المجالسة وابن عساكر من طريق زيد بن أسلم قال: أخبرنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: خرجت مع ناس من قريش، في تجارة إلى الشام في الجاهلية فذكر قصته، قال: فانتهيت إلى دير فاستظللت في ظله فخرج إلي رجل، فقال: يا عبد الله، ما يجلسك ها هنا ؟قلت: أضللت عن أصحابي، فجاءني بطعام وشراب، وصعد في النظر وخفضه. ثم قال: يا هذا، قد علم أهل الكتاب أنه لم يبق على وجه الأرض أعلم مني بالكتاب، وإني أجد صفتك التي تخرجنا من هذا الدير، وتغلب على هذه البلدة، قلت: أيها الرجل، قد ذهبت في غير مذهب، قال: ما اسمك ؟قلت: عمر بن الخطاب، قال: والله أنت صاحبنا، فهو غير شك فاكتب لي على ديري وما فيه، قلت: أيها الرجل، قد صنعت معروفا، فلا تكدره، فقال: اكتب لي كتابا في رق كيس عليك فيه شيء فإن تك صاحبنا فهو ما نريد، وإن تكن الأخرى، فليس يضرك، قلت: هات، فكتبت له ثم ختمت عليه، فلما قدم عمر الشام في خلافته، أتاه ذلك الراهب، وصاحب دير القدس بذلك الكتاب، فلما رآه عمر تعجب منه، وأنشأ يحدثنا حديثه، فقال: أوف لي بشرطي، فقال: ليس لعمر ولا لابن عمر منه شيء .وروى ابن سعد عن ابن مسعود، وعبد الله ابن الإمام أحمد، في زوائد الزهد، عن أبي عبيدة رضي الله عنهما قالا: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركض فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكشف ثوبه عن فخذه، فرأى أهل نجران أن بفخذه شامة سوداء فقالوا: هذا الذي نجد في كتابنا أنه يخرجنا من أرضنا، وروى أبو نعيم من طريق شهر بن حوشب عن كعب، قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالشام، إنه مكتوب في هذه الكتب، إن هذه البلاد مفتوحة على يد رجل صالح من المؤمنين، رحيم بهم، شديد على الكافرين، سره مثل علانيته، وقوله لا يخالف فعله، القريب والبعيد سواء في الحق عنده أتباعه رهبان بالليل وأسد بالنهار، متراحمون، متواصلون، متبارون، قال عمر رضي الله عنه: أحق ما تقول ؟قال: أي والله، قال: الحمد لله الذي أعزنا وأكرمنا وشرفنا ورحمنا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .وروى ابن عساكر عن عبيد بن آدم، وأبي مريم وأبي شعيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان بالجابية، فقدم خالد بن الوليد إلى بيت المقدس قالوا: ما اسمك وما اسم صاحبك ؟قال: عمر بن الخطاب، قالوا: انعته لنا، فنعته، قالوا: أما أنت فلست تفتحها، ولكن عمر فإنا نجد في الكتب كل مدينة تفتح قبل الأخرى، وكل رجل يفتحها نعته، وإنا نجد في الكتاب قيسارية، تفتح قبل بيت المقدس، فاذهبوا فافتحوها ثم تعالوا بصاحبكم .وروى ابن عساكر عن ابن سيرين رضي الله عنه قال: قال كعب لعمر: يا أمير المؤمنين، هل ترى في منامك شيئا ؟فانتهره، فقال: أنا أجد رجلا يرى أمر الأمة في منامه .وروى الطبراني وأبو نعيم عن مغيث الأوزاعي رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب: كيف تجد نعتي في التوراة ؟قال: خليفة قرن من حديد، أمير شديد لا يخاف في الله لومة لائم، ثم خليفة من بعدك تقتله أمة ظالمون له، ثم يقع البلاء بعده .وروى ابن عساكر عن الأقرع مؤذن عمر، أن عمر رضي الله عنه دعا الأسقف، فقال: هل تجدوننا في شيء من كتبكم ؟قالوا: نجد صفتكم وأعمالكم، ولا نجد أسماءكم، قال: كيف تجدونني ؟قالوا: قرنا من حديد، قال: ما قرن من حديد. قالوا: أمير شديد، قال عمر: الله أكبر، قال: والذي من بعدي ؟قالوا: رجل صالح يؤثر أقرباءه، قال عمر: يرحم الله ابن عفان، فالذي من بعده، قال: صداء حديد: فقال عمر: وادفراه. قال: مهلا يا أمير المؤمنين، فإنه رجل صالح، ولكن تكون خلافته في هراقة من الدماء والسيف مسلول .وروى إسحاق بن راهويه في مسنده بسند حسن عن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: كان عبد الله بن سلام قبل أن يأتي أهل مصر يدخل على رؤوس قريش، فيقول لهم: لا تقتلوا هذا الرجل، يعني عثمان فيقولون، والله، ما نريد قتله، فيخرج وهو يقول: والله، ليقتلته، ثم قال لهم: لا تقتلوه، فوالله، ليموتن إلى أربعين يوما، فأبوا فخرج عليهم بعد أيام فقال لهم: لا تقتلوه، فوالله، ليموتن إلى خمس عشرة ليلة. انتهى .وروى ابن سعد وابن عساكر عن طاوس، قال: سئل عبد الله بن سلام، حين قتل عثمان رضي الله عنه: كيف تجدون صفة عثمان في كتابكم، قال: نجده يوم القيامة أميرا على القاتل والخاذل .وروى أبو القاسم البغوي عن سعيد بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل لذي قربات الحميري، وكان من أعلم يهود: يا ذا قربات، من بعده ؟قال: الأمير، يعني أبا بكر رضي الله عنه قيل فمن بعده ؟قال: قرنا من حديد، يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل: فمن بعده ؟قال: الأزهر، يعني عثمان رضي الله عنه قيل: فمن بعده ؟قال: الوضاح المنصور، يعني معاوية .وروى إسحاق بن راهويه والطبراني عن عبد الله بن معقل رضي الله عنه قال: قال ابن سلام: لما قتل علي قال: هذا رأس الأربعين، وسيكون عندها صلح .وروى ابن سعد عن أبي صالح رضي الله عنه قال: كان الحادي يحدو بعثمان رضي الله عنه وهو يقول:

    إن الأمير بعده علي ........ وفي الزبير خلف مرضي

    فقال كعب: لا، بل معاوية، فأخذ معاوية بذلك، وقال: يا أبا إسحاق، أنى يكون هذا، وهاهنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علي والزبير ؟قال: أنت صاحبها .وروى الطبراني والبيهقي عن محمد بن يزيد الثقفي رضي الله عنه قال: اصطحب قيس بن خرشة، وكعب الأحبار حتى إذا بلغا صفين، وقف كعب ثم نظر ساعة ثم قال: ليهراقن بهذه البقعة دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله، فقال قيس: ما يدريك، فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به ؟فقال كعب: ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة التي أنزل الله على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة .وروى الحاكم عن عبيد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه قال: لما أتي برأس المختار، قال: ما حدثني كعب الأحبار بحديث إلا وجدت مصداقه إلا أنه حدثني أن رجلا من ثقيف سيقتلني: قال الأعمش: ما درى أن الحجاج خبئ له .وروى عبد الله ابن الإمام أحمد، في زوائد الزهد، عن هشام بن خالد الربعي رضي الله عنه قال: قد قرأت في التوراة أن السماء والأرض تبكي على عمر بن عبد العزيز أربعين سنة .وروي أيضاً عن محمد بن فضالة رضي الله عنه أن راهبا قال: إنا نجد عمر بن عبد العزيز من أئمة العدل موضع رجب من الأشهر الحرم .وروي أيضاً عن الوليد بن هشام بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال: نزلنا أرض كذا، فقال رجل: ألا تسمع ما يقول هذا الراهب ؟زعم أن سليمان بن عبد الملك توفي قال: فمن استخلف بعده ؟قال: الأشج عمر بن عبد العزيز، فلما قدمت الشام إذا هو كما قال، فلما كان العام الرابع نزلنا ذلك المنزل، فأتاه ذلك الرجل، فقال: يا راهب، الحديث الذي حدثتناه وقع، كما قلت: قال: فإنه والله، إنه قد سقي عمر السم فأتيناه فوجدناه كذلك .وروى ابن عساكر من طريق المغيرة بن النعمان عن رجل من أهل البصرة قال: خرجت أريد بيت المقدس، فأواني المطر إلى صومعة راهب، فأشرف علي، فقال: إنا نجد في كتابنا أن قوما من أهل دينكم يقتلون بعذراء، لا حساب عليهم، ولا عذاب، فما مكثت إلا يسيرا حتى جيء بحجر بن عدي وأصحابه، فقتلوا بعذراء، وروى البيهقي عن كعب تظهر رايات سود لبني العباس، حتى ينزلوا الشام، ويقتل الله على أيديهم كل جبار وعدو لهم، والآثار في هذا كثيرة .السادسة عشرة وبشق الصدر في أحد القولين والأصح، قلت: الراجح المشاركة، فقد روى سعيد بن منصور وابن جرير بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة تابوت بني إسرائيل (فيه سكينة من ربكم) قال: طست من ذهب من الجنة، كان يغسل فيها قلوب الأنبياء، ورواه من طريق آخر عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنه ولكن سند هذا الطريق ضعيف، ولم أر لعدم المشاركة ما يعتمد عليه ببعض الفحص، ولم يتعرض الشيخ في الكبرى لدلائل ما رجحه هنا، وتقدم في شرح قصة المعراج ما يتعلق بشق الصدر أنه وقع أربع مرات فراجعه .السادسة عشرة .وتجعل خاتم النبوة يظهر بأن قلبه حيث يدخل الشيطان، وقد أبيت القول في ذلك في شرح غريب قصة المعراج فراجعه .السابعة عشرة .وبأنه له صلى الله عليه وسلم ألف اسم .الثامنة عشرة .وباشتقاق اسمه من اسم الله تعالى .التاسعة عشرة .وبأنه سمي من أسماء الله تعالى بنحو سبعين اسما وتقدم بيان ذلك في بيان أسمائه الشرعية .العشرون .وبأنه صلى الله عليه وسلم سمي أحمد، ولم يسم أحد قبله كما في حديث علي عند الإمام أحمد ومسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث .الحادية والعشرون .وبإطلال الملائكة له في سفره صلى الله عليه وسلم تقدم ذلك في سفره إلى الشام مرة ثانية وزواجه خديجة رضي الله عنها .الثانية والعشرون .وكان أرجح الناس عقلا كما رواه أبو نعيم عن وهب بن منبه رضي الله نعه وتقدم في أرجح الناس عقلا من أسمائه .الثالثة والعشرون .بأنه أوتي كل الحسن ولم يؤت يوسف عليه الصلاة والسلام إلا شطره كما تقدم في باب المعراج وباب حسنه .الرابعة والعشرون .وبغطه عند بدء الوحي كما نقله الحافظ في الفتح عن بعضهم .الخامسة والعشرون .وبرؤيته صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته التي خلق عليها قلت: وقع ذلك مرتين، الأولى: ليلة الإسراء، والثانية، وهو بمكة، وتقدم بيان ذلك والله أعلم .السادسة والعشرون .وبانقطاع الكهانة لمبعثه وحراسة السماء من استراق السمع والرمي بالشهب وبإحياء أبويه حتى آمنا به، ورد ذلك في حديث جزم جماعة بوضعه، كالحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي والشيخ، وغيرهما بضعفه، وألف الشيخ لذلك ثلاثة مؤلفات، وتقدم بيان ذلك .السابعة والعشرون .وبوعده من العصمة من الناس، وقال الله سبحانه وتعالى: (والله يعصمك من الناس) [المائدة 67] وتقدم في باب عصمته أواخر المعجزات .الثامنة والعشرون .وبالإسراء وما تضمنه اختراق السموات .التاسعة والعشرون .وبالعلو إلى قاب قوسين .الثلاثون .ووطئه مكانا ما وطئه نبي مرسل ولا ملك مقرب وبإحياء الأنبياء له صلى الله عليه وسلم .الحادية والثلاثون .ولصلاته صلى الله عليه وسلم إماما بالأنبياء والملائكة .الثانية والثلاثون .وباطلاعه صلى الله عليه وسلم على الجنة والنار فيما ذكره البيهقي .الثالثة والثلاثون .وبرؤيته صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى .الرابعة والثلاثون .بحفظه حتى ما زاغ البصر وما طغى .الخامسة والثلاثون .وبرؤيته صلى الله عليه وسلم الباري مرتين أحدهما بفؤاده والثانية في المنام، وكلاهما في اليقظة ؛لأن رؤيته في المنام تكررت وتقدم بيان جميع ذلك في باب الإسراء والمعراج، والله سبحانه وتعالى أعلم .السادسة والثلاثون .وبالقرب .السابعة والثلاثون .وبالدنو .الثامنة والثلاثون .وبإعطاء الرضا والنور، وتقدم بيان ذلك في أبواب المعراج .التاسعة والثلاثون .وبقتال الملائكة معه صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا مع غيره إلا مددا .الأربعون .وبركوب البراق كما تقدم في باب المعراج قلت: وقع قتال من الملائكة في بدر وأحد خلافا لمن زعم اختصاصه ببدر فقط كما تقدم بيان ذلك في غزوة بدر وأحد .فائدة: سئل السبكي، عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه، فأجاب: بأن ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله في عباده، والله سبحانه وتعالى هو فاعل الجميع .الحادية والأربعون .وسير الملائكة معه صلى الله عليه وسلم حيث سار خلف ظهره كما رواه الإمام أحمد وابن ماجة وصححه ابن حبان عن جابر بنت عبد الله رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى مشوا أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة .الثانية والأربعون .وبإتيانه الكتاب وهو صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب قال الله تعالى: (النبي الأمي) [الأعراف 157] .روى ابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فحدث بنعمة الله فقال: (إن جبريل أتاني فقال: اخرج فحدث بنعمة الله التي أنعم عليك) الحديث وفيه: (ولقاني كلامه وأنا أمي وقد أوتي داود الزبور وموسى الألواح وعيسى الإنجيل) .الثالثة والأربعون .وبأن كتابه صلى الله عليه وسلم معجز قال تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) [الإسراء 88] وتقدم بيان ذلك في المعجزات .الرابعة والأربعون .وبأنه محفوظ من التبديل والتحريف على مر الدهور قال الله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر 9] وقال تعالى: (وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) [فصلت 42] وقال تعالى: (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث) [الإسراء 106] .روى البيهقي عن الحسن في الآية الثانية قال: حفظه الله من الشيطان فلا يزيد فيه باطلا ولا ينقص منه حقا .وروى أيضاً عن يحيى بن أكثم قال: دخل يهودي على المأمون فدعاه المأمون إلى الإسلام فأبى، فلما كان بعد سنة جاء مسلما، فتكلم على الفقه فأحسن الكلام .فقال له المأمون: ما كان سبب إسلامك ؟قال: انصرفت من حضرتك، فأحببت أن أمتحن هذه الأديان، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، فأدخلتها البيعة، فاشتريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني، وعمدت إلى القرآن، فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الوراقين فتصفحوها فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان، رموا بها فلم يشتروها، فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ فكان هذا سبب إسلامي .قال يحيى بن أكثم: حججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له هذا الحديث. فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله، قلت: في أي موضع ؟قال: في قوله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل (بما استحفظوا من كتاب الله) [المائدة 44] فجعل حفظه إليهم وقال في القرآن: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا نحن لحافظون) [الحجر 9] فحفظه الله تعالى علينا فلم يضع .الخامسة والأربعون .وبأنه مشتمل على ما اشتملت عليه جميع الكتب وزيادة .روى البيهقي عن الحسن البصري قال: أنزل الله تبارك وتعالى مائة كتاب وأربعة كتب أودع علومها أربعة كتب منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وأودع علوم التوراة والإنجيل والزبور في القرآن .السادسة والأربعون .وبأنه جامع لكل شيء، قال الله تعالى: (وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) [النحل 89] وقال تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) [الأنعام 38] .روى سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن سعيد رضي الله نعه قال: من أراد العلم فعليه بالقرآن، فإن فيه خير الأولين والآخرين وأنزل فيه كل علم، وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن .السابعة والأربعون .وبأنه مستغن عن غيره .أخرج الترمذي والدارمي وغيرهما من طريق الحارث الأعور عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وهو الحبل المتين وهو الذكر الحكيم حكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل ما تركه من حبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط المستقيم .الثامنة والأربعون .وبأنه ميسر للحفظ، قال الله سبحانه وتعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) [القمر 17] .التاسعة والأربعون .وبأنه نزل منجما قال الله سبحانه وتعالى: (فلا أقسم بمواقع النجوم) [الواقعة 75] .روى ابن أبي شيبة والبيهقي والحاكم من طريق سعيد بن جبير، والنسائي والحاكم والبيهقي من طريق عكرمة بأسانيد صحيحة وابن مردويه والبيهقي من طريق مقسم كلهم عن ابن عباس رضي الله نعهما قال: فصل الله القرآن من الذكر وأنزله في ليلة القدر جملة واحدة فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، وكان الله تعالى ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأعوام، بعضه إثر بعض بجواب كلام العباد وأفعالهم وأعمالهم، كلما أحدثوا شيئا أحدث الله لهم جوابا. قال أبو شامة، قوله: (رسلا) أي رفقا، وعلى مواقع النجوم: أي على مثل مساقطها، يريد ؛أنه أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق .وقال العلماء: في نزوله إلى السماء جملة تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة وتعريفهم عناية الله تعالى ورحمته لهم ؛ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام، وإن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم قد قربناه إليهم لننزله عليهم، وفيه التسوية بين موسى ونبينا صلى الله عليهما وسلم في إنزال كتابه جملة، والتفضيل لمحمد في إنزاله عليه منجما ليحفظه قال أبو شامة: فإن قيل ما السر في نزوله منجما ؟وهلا نزل كسائر الكتب جملة واحدة! قلنا: هذا سؤال قد تولى الله جوابه ؛فقال تعالى: (وقال الذين كفروا: لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) [الفرقان 32] يعنون كما أنزل على من قبله من الرسل، فأجابهم تعالى بقوله: (كذلك أي أنزلناه كذلك مفرقا لنثبت به فؤادك) [الفرقان 32] أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليهم، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملائكة إليه، وتجدد العهد به، وما معه من الرسالة الواردة من ذلك الكتاب العزيز، فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان ؛لكثرة لقائه جبريل .وقيل: معنى (لنثبت به فؤادك) أي لنحفظه فإنه عليه الصلاة والسلام كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، ففرق عليه ليثبت عنده حفظه بخلاف غيره من الأنبياء ؛فإنه كان كاتبا قارئا فيمكنه حفظ الجميع .وقال غيره: إنما لم ينزل جملة واحدة ؛لأن منه الناسخ والمنسوخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا، ومنه ما هو جواب لسؤال، وما هو إنكار على قول قيل، أو فعل فعل، وقد تقدم ذلك في قول ابن عباس: ونزله جبريل بجواب كلام العباد وأعمالهم، وفسر به قوله تعالى: (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا) [الفرقان 33] رواه عنه ابن أبي حاتم .فالحاصل أن الآية تضمنت حكمتين لإنزاله مفرقا .الخمسون .وبأنه نزل على سبعة أحرف .الحادية والخمسون .ومنه سبعة أبواب .روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف) .وروى مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن يا رب هون على أمتي، فأرسل إلي أن أقرأ على حرفين فرددت إليه فقلت: يا رب هون على أمتي فرد الثالثة وما زلت كذلك حتى قيل لي اقرأ على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه الصلاة والسلام) .وروى الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، زجر وأمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه وأمثال. .) .تنبيه: ليس المراد بالسبعة الأحرف سبع قراءات ؛فإن ذلك - كما قال أبو شامة - خلاف إجماع أهل العلم قاطبة وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل بل المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة نحو (أقبل) (وتعال) (وهلم) (وأسرع) وإلى هذا ذهب ابن عيينة وابن جرير وابن وهب وخلائق، ونسبه أبو عمرو لأكثر العلماء .وقيل المراد: سبع لغات، وإلى هذا ذهب أبو عبيدة وثعلب والأزهري وآخرون واختاره ابن عطية، وصححه البيهقي في الشعب وتعقب بأن لغات العرب أكثر من سبعة وأجيب بأن المراد أفصحها .قال أبو عبيدة: ليس المراد أن كل كلمة تقرأ على سبع لغات بل اللغات السبع مفرقة فيه ؛فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن وغيرهم قال: وبعض اللغات أسعد بها من بعض، وأكثر نصيبا .قال البيهقي:

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1