Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

نصوص بلا حراسة
نصوص بلا حراسة
نصوص بلا حراسة
Ebook293 pages2 hours

نصوص بلا حراسة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

متن نقدي يحاول استثمار الجهاز المفاهيمي الذي وفّرته أدبيات النقد الأدبي ونظرياته المعاصرة، ليفكك ظاهرة السّقطات الأدبية الشائعة في بعض منشورات السّرد العربي الموجّه للطفل ولليافع. هذه الظاهرة التي يتوجّع منها المربي والولي والمثقف والناقد والأديب دون الجرأة على محاولة تفكيكها بمنهج علمي واضح، أو على الأقل بدراسة موضوعية مسنودة. ويأتي هذا الجهد المتواضع ليبادر إلى تقديم «محاولة» نقدية أوّلية تجيب عن بعض الأسئلة المتعلّقة بأشكال السقطات في أدب الطفل واليافع ودواعيها. وفي حال تطوير هذه المبادرة النقدية ومواصلتها فبإمكانها أن تصيب أهدافها البعيدة الجليلة وهي نشر ثقافة نقدية يقظة في أدب الطفل لدى المبدع والمتلقي على حدّ سواء. وهنا يكون الرهان عظيما أعظم من قيمة الجهد المبذول في المبادرة، وسام سمو ونبل الغاية الدافعة لها، وهذا الرهان هو فوز أطفالنا بأدب خال من السّقطات. ونقصد «بالنصوص غير المحروسة» تلك التي غفل عنها الوعي النقدي لدى أصحابها، فأصابها الضرّ، وخرجت بعاهاتها تشكو السقطات في الشكل أو في المضمون. ومثل تلك النصوص لشيوعها استدعتنا لتحليلها حتى نقف على أسباب غياب تلك الحراسة الضرورية لها من جهة أصحابها وغير أصحابها، وماذا يلزم في المقابل لضمان قيامها وحضورها المستمرين. ونحن في افتراضنا لأسباب السّقطات نتّهم ثقافة الاستسهال وعدم التّقدير والتحقير التي يكنّها البعض لكل ما هو طفولي. فيندفعون اندفاع من لا يرى الحجم الحقيقي للهاوية، ثم يقفزون بكل ثقلهم، فيكون سقوطهم مؤلما مدويا. ولذلك فإن غايتنا في الختام هي تصوير مهمة السّرد الأدبي للطفل بحجمها الحقيقي لمن يريد الخوض فيه، حتى يتأنّى ويتجنّب القفز والسقوط المؤلم المدوي.

Languageالعربية
Publishertevoi
Release dateAug 21, 2022
ISBN9789938230604
نصوص بلا حراسة

Related to نصوص بلا حراسة

Related ebooks

Reviews for نصوص بلا حراسة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    نصوص بلا حراسة - لطفي حجلاوي

    نصوص بلا حراسة

    تشريح لسقطات النّصوص غير اليقظة

    في سرديّات الطفل

    د. لطفي حجلاوي

    تأليف

    د. لطفي حجلاوي

    مدير النشر عماد العزّالي

    التصميم ناصر بن ناصر

    الترقيم الدولي للكتاب 978-9938-23-060-4

    جميع الحقوق محفوظة

    الطّبعة الأولى

    1443 هـ / 2022 م

    العنوان: 5 شارع شطرانة 2073 برج الوزير أريانة - الجمهورية التونسية

    الهاتف: 58563568 +216

    الموقع الإلكتروني: www.tunisian-books.com

    البريد الإلكتروني: medi.publishers@gnet.tn

    الإهداء

    إلى مهدي ومعتز ووالدتهما الفاضلة... اعترافا ومحبة.

    إلى الجيل الجديد من كـتّاب الطفل... أملا في تغييـر حقيقي!

    د. لطفي حجلاوي

    هذا الكتاب

    متن نقدي يحاول استثمار الجهاز المفاهيمي الذي وفّرته أدبيات النقد الأدبي ونظرياته المعاصرة، ليفكك ظاهرة السّقطات الأدبية الشائعة في بعض منشورات السّرد العربي الموجّه للطفل ولليافع. هذه الظاهرة التي يتوجّع منها المربي والولي والمثقف والناقد والأديب دون الجرأة على محاولة تفكيكها بمنهج علمي واضح، أو على الأقل بدراسة موضوعية مسنودة.

    ويأتي هذا الجهد المتواضع ليبادر إلى تقديم «محاولة» نقدية أوّلية تجيب عن بعض الأسئلة المتعلّقة بأشكال السقطات في أدب الطفل واليافع ودواعيها. وفي حال تطوير هذه المبادرة النقدية ومواصلتها فبإمكانها أن تصيب أهدافها البعيدة الجليلة وهي نشر ثقافة نقدية يقظة في أدب الطفل لدى المبدع والمتلقي على حدّ سواء. وهنا يكون الرهان عظيما أعظم من قيمة الجهد المبذول في المبادرة، وسام سمو ونبل الغاية الدافعة لها، وهذا الرهان هو فوز أطفالنا بأدب خال من السّقطات.

    ونقصد «بالنصوص غير المحروسة» تلك التي غفل عنها الوعي النقدي لدى أصحابها، فأصابها الضرّ، وخرجت بعاهاتها تشكو السقطات في الشكل أو في المضمون. ومثل تلك النصوص لشيوعها استدعتنا لتحليلها حتى نقف على أسباب غياب تلك الحراسة الضرورية لها من جهة أصحابها وغير أصحابها، وماذا يلزم في المقابل لضمان قيامها وحضورها المستمرين. ونحن في افتراضنا لأسباب السّقطات نتّهم ثقافة الاستسهال وعدم التّقدير والتحقير التي يكنّها البعض لكل ما هو طفولي. فيندفعون اندفاع من لا يرى الحجم الحقيقي للهاوية، ثم يقفزون بكل ثقلهم، فيكون سقوطهم مؤلما مدويا. ولذلك فإن غايتنا في الختام هي تصوير مهمة السّرد الأدبي للطفل بحجمها الحقيقي لمن يريد الخوض فيه، حتى يتأنّى ويتجنّب القفز والسقوط المؤلم المدوي.

    المؤلف

    تونس، 2021

    الفهرس العام

    المقدمة ......................................................................................................................... 13

    I- النقد من المصطلح إلى النظرية ...................................................................... 21

    أ- النقد، الولادة الفيلولوجية ............................................................................... 21

    ب- النقد الأدبي ........................................................................................................ 31

    ت- النقد وأدب الطفل العربي ............................................................................ 44

    II- لنفهم أدب الطفل ................................................................................................ 49

    III- أدب الطفل ورحلة الأربعة قرون ................................................................... 55

    أ- أدب الطفل؛ النشأة الأوروبية ........................................................................ 58

    ب- أدب الطفل في الثقافة العربية ................................................................... 65

    IV- المقومات الأساسية للأدب السّردي الموجّه إلى الطفل .................... 75

    -1 الشروط العامة لقصة الطفل ........................................................................ 75

    أ- تعريف قصة الطفل ........................................................................................... 75

    ب- أنواع قصة الطفل ........................................................................................... 76

    ت- شروط قصة الطفل ........................................................................................ 84

    -2 تنوع القصة عبر مراحل سن الطفولة ........................................................ 87

    V- السقطات في قصة الطفل ............................................................................... 107

    VI- نماذج وعينات دالة ........................................................................................... 115

    VII- سبل التوقّي من السقطات في أدب الطفل (مقترحات نحو الحل) .... 141

    VIII- متى أكون كاتبا مبدعا؟ .................................................................................. 149

    الخاتمة ........................................................................................................................... 169

    المـــراجع .......................................................................................................................... 177

    تصدير

    لا يكفي أن تتكلّم، بل ينبغي أن تتكلّم بطريقة صحيحة

    شكسبير

    يميل النّاس إلى المبالغة في كل شيء، إلا أخطاءهم يرونها لا تستحق النقاش

    سقراط

    المقدّمة

    ما حاجتنا إلى أدب الطفل؟

    نحتاج أدب الطفل من جهات عديدة، لعل أهمها وظائف أدب الطفل نفسها؛ وظيفة جمالية، وتثقيفية، وصحية نفسية، واجتماعية1. وجميع هذه الوظائف يمكن إجمالها في الوظيفة التربوية بمعنى بناء إنسان متوازن في أبعاده المتعدّدة. والمتأمل في ثقافات الأمم المتقدّمة، يلاحظ علاقة الترابط الواضحة بين المستوى الحضاري للأمة أو للشّعب، ودرجة اهتمامه بأدب أطفاله وثقافتهم. ففي بريطانيا وحدها وفي سنة 2018، باعت المؤلفة «غيل هونيمان (Gail Honeyman) أكثر من مليوني نسخة من كتابها الذي يحمل عنوان: «اليانور اليفنت بخير وفير» (Eleanor Oliphant is Completely Fine)2 وفي نفس السنة وحسب نشرية (The Global PublishingIndustry)، تم بيع 190.9 مليون كتاب أطفال في بريطانيا، وفي إيطاليا 85.6 مليونا، وفي أستراليا 61.2 مليونا، وفي إسبانيا 64.0 مليونا، وفي البرازيل 44.4 مليون كتاب أطفال3. فإذا كان هذا ما تمّ بيعه، فكم كتاب أطفال تم طبعه في تلك السّنة في هذه الدول؟

    الأدب هو الجانب الجميل في مواجهة بشاعة الواقع، وهو الركن الدافئ في مواجهة برودة عالم العمل، وهو جانب المتعة في مواجهة فضاء القسوة الذي يحيط بنا، وهو عالم الحلم والحرّية وغذاء الروح، في مواجهة جدّية الحياة وإكراهاتها وانضباطاتها.ألم يقل الشاعر البرتغالي فيرنندو بيسوا (Fernando Pessoa) «إن الأدب هو الشهادة على أن الحياة في الواقع لا تكفي». وهو نفس المعنى الذي قدّمه المفكر الأمريكي مونرو بيردسيلي (Monroe Beardsley) عندما قال: «من خلال إبداعنا للفنون نقوم بجعل الأرض أكثر إنسانية بقدر ما نستطيع، ونجعلها أكثر دفئا بالنسبة لأنفسنا، نجعلها مكانا ننتمي إليه بشكل لا تستطيع الآلات والأجهزة القيام به».4

    والأدب هو سبيلنا نحو أنفسنا ونحو العالم، ألم يقل ميخائيل نعيمة بأسلوبه السّاحر مادحا مريد الأدب وهو يلتقي بما يشتهي من أحلامه، ورغباته، وطموحه في عالم تلك النصوص الخلابة الساحرة: «هناك، يشاهد نفسه من الأقماط حتى الأكفان، وهناك يمثّل أدواره المتلونة بلون الساعات والأيام، وهناك يسمع نبضات قلبه في نبضات قلب سواه، ويلمس أشواق روحه في أشواق روح غيره، ويشعر بأوجاع جسمه في أوجاع جسم إنسان مثله. هناك تتخذ عواطفه الصّماء لسانا من عواطف الشاعر، وتلبس أفكاره رداء من نسيج أفكار الكاتب، فيرى من نفسه ما كان خفيا عنه، وينطق بما كان لسانه عييّا عن النّطق به، فيقترب من نفسه، ويقترب من العالم».5

    والأدب هو الحضارة وعلامة الرّقي الثقافي. وكلّما زادت مدنيّة الإنسان أنتج مزيدا من الآداب والفنون والتقنيات6. وتتبارى الأمم الحيّة في إظهار ما تمتلكه من أدباء مبدعين وفنانين حقيقيين أكثر من السياسيين وغيرهم، لأنهم هم من يصنعون مجدها التليد. ولك أن تقول هوميروس حتى يقترن ذلك في ذهنك بمجد الإغريق القديمة، أو أن تقول فيرجل حتى تذكر مجد الرومان التليد، أو أن تقول امرئ القيس وطرفة بن العبد وعنترة وزهير بن أبي سلمة حتى تذكر مجد الثقافة العربية القديمة، أو أن تقول دانتي أو دي فنشي حتى تذكر مجد الإيطاليين، أو أن تقول شكسبير وأجاثا كريستيحتى تذكر مجد الإنجليز، أو أن تقول فولتير أو موليير حتى تذكر مجد الفرنسيين، أو أن تقول جوته حتى تذكر مجد الألمان، أو أن تقول دويستفسكي أو تولستوي حتى تذكر مجد الروس، أو أن تقول مارك توين أو هيمنجواي حتى تذكر مجد الأمريكان، أو أن تقول ميغال دي سرافنتس أو غارسيا لوركا حتى تذكر مجد الإسبان، أو أن تقول أكتافيو باز حتى تذكر مجد المكسيكيين، أو أن تقول العقّاد أو طه حسين أو نجيب محفوظ حتى تذكر مجد المصريين، أو أن تقول السيّاب أو نازك الملائكة حتى تذكر مجد العراقيين، أو أن تقول نزار قباني أو أدونيس حتى تذكر مجد السوريين، أو أن تقول جبران أو نعيمة حتى تذكر مجد اللبنانيين، أو أن تقول محمود درويش حتى تذكر مجد الفلسطينيين7. تلك هي الأمم والثقافات العريقة عبــارة عن جداريــات من الرخـــام المذهّـــب تحمـــل قائمـــات بأعـــلام الأدب والشعـــر والفـــن والفكر والعلم.

    وأدب الطفل قطاع مهم من الأدب بشكل عام، له أعلامه المميزون أيضا، فحينما تذكر دي لافونتين وجيل فارنعلى سبيل المثال فإنك بالضرورة تذكر الفرنسيين، وحينما تذكر الإخوة غريم تذكر الألمان، وحينما تذكر أستريد لندجرين تذكر السويديين، وحينما تذكر كامل الكيلاني تذكر المصريين وغيرهم كثير في العالم.

    وأدب الطفل، وإن كان له جمهوره الخاص، فهو يظل فنّا أدبيّا في أصله، وتظل أهدافه العامة، إدخال البهجة والحلم والإيجابية، وتنمية روح الإبداع لدى الطفل، تدعيما للنمو المتوازن والخلاق لشخصيته، في مواجهة أشكال ترويضه القسرية والروتينية، التي تفرضها البيئة الخارجية بجفافها الوجداني والعاطفي.

    ولمّا كان للأدب كل هذه الأهمّية في حياة الناس، فقد جعلت له المجتمعات الحديثة مكانة خاصة في ثقافتها، وأكرمت المتفوقين من أهله، وترجمت نصوصهم البواذخ إلى مختلف لغات العالم، وصارت تلك النصوص المترحّلة أو المهاجرة تسمى بالأدب العالمي، وهو منتخبات الآثار الرائعة والنّادرة التي اتفقت الثقافات المختلفة على طابعها الإبداعي الفذ، وصارت من التحف والآثار الخالدة للإنسانية. ومن ثمة كانت لهذه الآثار الأدبية العظيمة جوائز شهيرة، أعظمها جائزة نوبل للآداب، وجوائز للرواية العالمية مثل جوائز البوكر، وجوائز ومهرجانات للشعر وفنون القول والنثر الأخرى. ويخطو العالم المعاصر اليوم نحو تخصيص مهرجانات وجوائز في أدب الطفل، أشهرها جائزة لندجرين (Astrid Lindgren)8 السّويدية أعظم كاتبة أطفال في العالم في القرن العشرين والتي هي بمنزلة جائزة نوبل. وجائزة معرض بولونيا (La fiera del libro per ragazzi) في إيطاليا لكتاب الطفل (Pologne Ragazzi Award) أشهر صالون عالمي في هذا المجال. أما عربيا، فأشهر الجوائز في مجال أدب الطفل هي الجوائز الخليجية مثل جائزة «الشيخ زايد» السنوية لأدب الطفل، وجائزة «الدولة القطرية لأدب الطفل»، وجائزة «كتارا» في أدب اليافعين، وجائزة «عبد الحميد شومان» العربية في الأردن، وجائزة «اتصالات» بالإمارات العربية المتحدة، وجائزة «الشارقة لكتاب الطفل»، بينما في تونس تبرز الجائزة العربية «مصطفى عزوز» لأدب الطفل، كأبرز الجوائز العربية السنويّة التي صارت تحظى بشهرة عربية كبيرة، تعضدها جائزتا المعرض الوطني للكتاب ومعرض تونس الدولي للكتاب فئة أدب الأطفال واليافعين.

    لكن إذا كانت لهذه الجوائز والمسابقات فضيلتها العظيمة التي تتمثّل في تطوير التنافس ودفعه بين المتدخّلين في صناعة كتاب الطفل، سواء أكانوا من المؤلفين أم الرّسامين أم الناشرين، وتحفيزهم لإظهار أفضل إبداعاتهم، فإنّها في المقابل فتحت عيوننا لرؤية أسوء ما في بعض النصوص المنشورة وأفظعها، والتي تدخل سوق النشر سنويا. فالساحة الأدبية العربية بقدر ما تتطوّر وتنضج عاما بعد عام في منشورات أدب الطفل، فإنّها في المقابل تئن تحت وطأة «الكتابة الطائشة» و«المحاولات المرتجلة» و«النصوص المتهافتة» التي تعترضك حيثما ولّيت وجهك، في أجنحة المعارض ورفوف المكتبات العامة، وفي غرف الأطفال، وفصولهم الدّراسية.

    إنّ مشروعا عظيما مثل مشروع «تحدّي القراءة» العربي، أو مثل «البطولة الوطنية للمطالعة»9، اللذين يثمّنان مجهود مطالعة أكبر عدد من قصص الأطفال، وتلخيصها، قد كانت لهما فضائل غير متوقّعة، فهما بقدر ما فتحا شهيّة الجميع نحو الكتاب، ودفعا بهم إلى دخول مكتبات أدب الطفل من جديد، فإنّهما قد أتاحا للمعلمين المشرفين على هذه الفعالية، وللأولياء المتابعين لها التعرّف على الحجم الحقيقي للغثّ في قصص الأطفال.

    كما كشفت المعارض الدولية للكتاب في السنوات الأخيرة عددا كبيرا من المنشورات ذات السقطات القاتلة. وبفضل وسائل الاتصال الاجتماعي وظاهرة «المواطن الصحفي» تمكّن الناس من فضح بعضها وتحويله إلى قضايا للرأي العام.

    ولك أن تعود في هذا إلى واقعتين دالّتين الأولى لمّا طلب معلم بجهة «صفاقس» من الجمهورية التونسية سنة 2016 من طلابه مطالعة خمسين قصة في إطار الاستعداد لمسابقة «تحدّي القراءة العربي» في الصف الرابع والخامس الابتدائي، ولحظّه العاثر كان من بينها قصة فاته الاطلاع على محتواها، حيث تبيّن أنها تضمّنت أحاديث عن الخمر والجنس والقتل والإجهاض. وتفطّن لها أولياء الطلاّب، فنشروا الموضوع على وسائل الإعلام، الأمر الذي أجبر الإدارة الجهوية للتعليم على فتح تحقيق رسمي في الموضوع، تبعه استجواب للمعلم المعني ولإدارته المدرسية، وسحب فوري للقصّة10.

    أمـــا الواقعــة الثانيــة فقــد حدثــت خـــلال معـــرض تونـــس الدولـــي للكتـــاب، دورة 2018، عندما عثر أحد المواطنين على «قصة أطفال» تتحدّث عن قطع الـــرؤوس والأيـــادي، والصلـــب، والانتقـــام، والتفرقـــة المذهبيـــة الفجّـــة. فقـــام بتصويرها مباشرة، ثم نشرها على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار موجات هادرة من الاستنكار الجماعي بين الناس، والاستغراب من غياب الرّقابة، فدفع ذلك بوزارة الثقافة وإدارة المعرض إلى تولي الملف بشكل سريع، وغلق الدار وسحب رخصة العرض منها11.

    وقد لاحظنا12 ما يحدث من صدمة بالغة في نفوس المعلمين والأولياء إثر اكتشافهم تلك السقطات في قصص الأطفال. ومردّ هذه الصدمة في اعتقادنا هو تلك الثقة التي يمنحها معظمنا للكتاب بشكل عام، وللنّصوص المنشورة، المنمّقة، والمعروضة جيّدا. فنحن قوم نحمل في أعماق ثقافتنا الجمعية، تقاليد تقدير وتوقير للورقة المحبّرة، حتى ولو كانت مستوياتنا القرائية ضعيفة أو معدومة. ولذلك لا غرابة أن يدفع اكتشاف هذه السقطات المربين والأولياء إلى التذمّر علنا من غياب الرقابة على هذه الصناعة من جهة، ويدفع المختصين إلى التذمّر من غياب «المعرفة النقدية» الناضجة لدى الكتّاب تجنبهم تلك السقطات من جهة ثانية.

    إن كاتب الأطفال العربي، ونلح بشكل خاص على المبتدئ، مدعو في رأينا إلى مواكبة المرجعيات النقديّة المستجدّة التي يحتاجها في عمله ليؤديه على الوجه الأكمل، وهو ما يتم له حينما يحسن السيطرة على المادة النظرية في أدب الطفل، فتحصل له من ذلك مهارتان أساسيتان على الأقل:

    - المهارة الأولى أن يحسن تمييز المناسب من أدب الطفل لكل سنّ أو مرحلة من

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1