Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

صح النوم
صح النوم
صح النوم
Ebook240 pages1 hour

صح النوم

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تعد قصة "صح النوم" من القصص التي اتخذت من إحدى قرى الريف مسرحًا لها والتي كتبها الأستاذ يحيى حقي على شكل مذكرات انطباعية تخلو من الأحداث المتطورة ولكنها تمتلئ بالتغيرات والأحكام الجانبية لفضول راوي القصة الذي يعرف كل صغيرة وكبيرة بالقرية، وتنقسم القصة بين الأمس واليوم، اللذين مثل الحد الفاصل بينهما إنشاء محطة السكة الحديد ومرور القطار بالقرية .. إنها قصة سياسية فلسفية رمزية للتأثير العقلي والوجداني على القارئ .
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2007
ISBN9787961736407
صح النوم

Read more from يحيي حقي

Related to صح النوم

Related ebooks

Reviews for صح النوم

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    صح النوم - يحيي حقي

    الإهداء

    ((إلى روح صاحب القنديل الذى سيضل مضيئًا فى أفق الأدب العربى))

    نهى حقى

    كَلِمَةٌ لَابُدَّ مِنْهَا

    يعد الأدب قيمة فى حياة الشعوب بعد أن استقر على قمة الإنجازات البشرية؛ باعتباره راصداً لعقل ووجدان وأفكار وآمال الأمم، والمعبر الأقوى عن حيوية المجتمع فى التعبير عن أفراحه وأتراحه من خلال ذلك التمازج العقلى والوجدانى فى الإطارات الإبداعية المختلفة، والتى يتم التعبير عنها بالعديد من القوالب الأدبية: من القصة القصيرة والرواية والمقال والمسرحية والقصيدة الشعرية والنثرية.

    لهذا نجد أن الأدب العربى كأمثاله من الآداب العالمية قد سطر لنفسه مكانة ترقى لمصاف الآداب المتميزة؛ نظراً لحجمه ولتنوعه الإبداعى الذى أفاد البشرية بما قدم من قيم فكرية ولغوية ومعرفية وإمتاعية.

    ومن هذا المنطلق حرصت شركة نهضة مصر أن تقدم للقارئ المصرى والعربى أعمال أبرز رواد الفكر والإبداع الأدبى العربى لإسهاماتهم الأدبية المتميزة؛ التى أثرت الأدب العربى الحديث من حيث الشكل والمضمون.

    وانطلاقًا نحو إعادة إحياء أعمال كبار المفكرين والمبدعين والأدباء الذين أثروا الحياة الثقافية والأدبية بإبداعاتهم خلال القرن الماضى – تقديرًا لهم، وعرفانًا بدورهم، وتعريفًا بأعمالهم لأجيال لم تلحق بهم – يسر نهضة مصر أن تقدم الأعمال الكاملة للأديب والكاتب الكبير/ يحيى حقى.

    ويأتى ظهور الأعمال الكاملة لكبار الأدباء المصريين خلال القرن العشرين مع احتفالنا بالعام السبعين على تأسيس شركة نهضة مصر 1938- 2008 ليتأكد هدفنا الدائم الذى تسعى اليه الشركة منذ إنشائها وهو نهضة مصر.

    الناشر

    مقدمة

    صح النوم

    (*)

    عرف حقى (يناير - ١٩٠٥) فى الحياة الأدبية بأنه قصاص مُقلّ جدًا، لا يجيد أسلوب الدعاية عن نفسه. كل ما صدر له فى القصة خمسة كتب صغيرة الحجم، وأقل منها فى النقد والمذكرات والمقالات الأدبية مجتمعة.

    ومع هذا أحرز يحيى حقى شهرة فائقة، ووقف بهذا الإنتاج القليل، فى الصف الأول بين القصاصين العرب. يجمع النقاد أنه عبر بالقصة المصرية مراحل شاسعة، بفضل اكتمال أدواتها الفنية ووضوح المضمون، وأن أعماله التى يتألق الأداء المركز فيها تألق الشعر جزء عزيز فى التراث الأدبى الحديث.

    ومن النقاد من يسرف ويعتبره، إلى سنة 1959، أعظم من كتب القصة القصيرة فى الوطن العربى (أحمد عباس صالح، جريدة الشعب، 5 يوليو 1959)، ومن يعتقد أن البوسطجى من مجموعة دماء وطين، لو ترجمت هذه القصة إلى لغة أجنبية لأحدثت ضجة فى الآداب العالمية. (محاولة لتقديم قصة: البوسطجى، توفيق حنا، مجلة الشهر، سبتمبر 1960).

    وترجع هذه المكانة إلى أنه ارتبط باسم يحيى حقى جيل كامل من الكتاب والقراء، استأثر انتباهه فيه، منذ أعقاب الحرب الكبرى الثانية، تجاوبه الحار مع الطبقات الشعبية، ووجدانه الصادق العميق، ونزعته الإنسانية المتأصلة.

    وكل من يطالع إنتاج يحيى حقى يمسه على التو افتتان هذا الكاتب (الذى شرَّق وغرَّب خارج وطنه) بالقرة المصرية، وإحساسه الصوفى بنواحى الجمال فيها.

    ما أشد التصاقه بالطبيعة فى الريف.. بالأرض والنبات والطيور، وإعجابه بالسماء والنيل والغروب و(سقطة قرن الشمس) والليل! وما أغرب ألفته للحيوان، يستقى منه تشبيهاته، ويسقط عليه من خصال الإنسان ما يشاء. تصويره للجمل والبقرة والماعز فى (صح النوم) مفعم بالتعبير، لكأنه منتزع من مملكة الجمال الخاص. وأى قدر من الحب يحمله للفلاحين والنساء والأطفال جميعًا!

    هل بدأت هذه الخصائص كرجع صدى للأدب الروسى – أدب ترجينيف ودستوفسكى خاصة – الذى كان يطالعه بنهم بالغ فى صدر شبابه (دمعة فابتسامة، ص 96) ولا ينكر تأثره به (كنت متأثرَا بالأدب الروسى أكثر من الأدبين الإنجليزى والفرنسى)، (عشرة أدباء يتحدثون، فؤاد دوارة، كتاب الهلال، يوليو 1965، ص105)، أم أن نفس يحيى حقى، وهو ما أميل إليه، هى التي تهتز من قراراتها للطبيعة البكر، وكل ما يحتويه الكون، وللبسطاء والضعفاء والمنكسرين؟!

    أيًا كان السبب فقد تمكن منه هذا الحب إلى آخر المدى. وإن خرجت قصصه إلى المدينة التى تغلغل حبها هى الأخرى فى روحه – خلال نشأته القاهرية الأولى – فإلى بيئة قريبة من الريف تتجه إلى حارات الأحياء الشعبية مثل (السيدة زينب ودرب الحجر وبولاق والبغالة... إلخ) فى أشجانها حول مقام الأولياء، (وتعلق المهزومين والمرضى والمنكوبين بقضبانه)، وسكونها وما لا يفض من أسرارها فى ليالى السمر والوجد والهموم والضياع.

    وقصة (صح النوم) من القصص التى اتخذت من إحدى قرى الريف (الراقدة بين الغيطان) مسرحًا لها. وصف القرية بأنها (راقدة). وصف دقيق اختار يحيى حقى له أبلغ الكلمات، ووضعها فى موضعها المنضبط، فهى ليست بالنائمة تمامًا التى تغط في الأحلام، وليست بالجالسة أو المضطجعة اليقظة، إنما فى هذا الوضع المقارب الذى يحتمل تأهبًا عما قليل، وانتقالها من حال إلى حال.

    وقد كتبت القصة على شكل مذكرات انطباعية تخلو من الأحداث المتطورة، وتمتلئ بالتفسيرات والأحكام الجانبية الموظفة للفت نظر القارئ، وزيادة ربطه بالعمل الفنى.

    يروى هذه المذكرات راوٍ فضولى يعرف كل صغيرة وكبيرة فى القرية، ويلاحظ كل شىء مهما خفى ملاحظة ذكية تستخرج معانيه ومدلوله. ويشارك أهلها الذين يبدون كالأسرة الواحدة الأفراح والأتراح.

    وتنقسم القصة إلى جزأين أو كتابين كتسمية يحيى حقى، (الأمس) و(اليوم)، تعرض فى الكتاب الأول للماضى، وفى الكتاب الثانى للحاضر، ووضع الحد الفاصل بينهما إنشاء محطة السكة الحديد، ومرور القطار بالقرية.

    وجلىٌّ أن يحيى حقى يرمز بالقطار الذى يجسد فى أذهاننا السرعة والتقدم لثورة 23 يوليو 1952، التى أيقظت البلاد من السبات، ونفضت ما يرين عليها من كسل. والحق أن اليقظة وما تعنى من تخلف ثم تقدم من صميم اهتمامات يحيى حقى التى تتردد كالنغم المميز فى مواضع عدة من إنتاجه الأدبى.

    وسواء تلقينا القصة بمستواها المادى أو الرمزى،فلا سبيل إلى فهم التغيير الفجائى الذى طرأ على هذه القرية، وتقدم بها نحو العصر، إلا على معنى واحد هو الظاهر والباطن.

    غير أن التفسير الرمزى يمنح القصة قدرة أكبر على امتلاك القارئ، تتسع له من غير شك، وعلى التأثير العقلى والوجدانى، يحسن لمعظم أعمال يحيى حقى أن تقرأ به، وفى مقدمتها رائعته المشهورة (قنديل أم هاشم).

    فكيف كان يعيش أفرا القرية فى (الأمس)؟ كيف كانت بلادنا كلها تعيش بالأمس؟ ثم كيف تعيش (اليوم) القرية المصرية؟ أى القيم جدت، وما المشاعر التى كانت تنبض بها النفوس فيما مضى، والتى تنبض فى الوقت الحاضر؟ وما التغيير الذى حدث فى شكل القرية من الخارج، وما مداه بالداخل، ويد الحضارة تمسح بعض جوانبها؟ وما قدر الخسائر التى وقعت من كم المكاسب؟ وما الوظائف التى جدت بعد مرور القطار؟

    لكى نتعرف هذه الأمور وغيرها لا مفر لنا أن نتأمل هذه اللوحات المتفاوتة فى مساحتها ودقتها، التى قدمها يحيى حقى كيفما اتفق، فى بناء مترابط الأطراف محكم التصميم، يمكن أن تنهض وحدها كقصص مستقلة تعبر كل واحدة عن فكرة أو إحساس، وإنها لكذلك، ليست جزءًا عضويًا يخدم حدث التغيير، باعتبار ما، بل إن التغيير هو المجند لخدمتها.

    تحوى هذه اللوحات مجموعة من أبناء هذه القرية نعرفهم جيدًا بوظائفهم لا أسمائهم، فى الدرجة الأولى منهم: صاحب الحان وزوجته، القصاب وبنت عمه، القزم أمين مخزن السماد وزوجته القوية، العرجاء، الفنان.. يليهم صاحب العربة، العمدة، الواعظ، الحلاق، المساح، معلم الرسم، وفى أظهر مكان يقف (الأستاذ) الذى سمعنا به قبل أن نلقاه؛ لأنه غادر القرية فى صباه، وعندما عاد – حين مد شريك السكة الحديد – عرفناه بجملة صفات مثلى هى بعض ملامح قائد الثورة الذى سلك بلاده عن طريق الاشتراكية، أوضحها سماحة نفسه، واتساع أفقه، ومحبته الغامرة لأهل القرية، وتفكيره بالعقل والقلب معًا فى إزالة الفقر، وتعميم العدل، وسيادة النظام.

    ولأن يحيى حقى مصور بالقلم فى المحل الأول فقد رسم فى لوحات ناطقة باقتداره البالغ طباع هذه الشخصيات إلى جانب شكلها، ولم يتحرج من استعادة بعض الكلمات العامية لغايات فنية، أفصح بها فى النهاية عن غنى هذه القرية المنعزلة التى لا يوجد فيها متبطل واحد. يكد أهلها بالنهار، فى طلب الرزق الحلال، ويلهون فى الليل بشرب الخمر فى الحان الوحيدة، ليست لديهم مصالح بعيدة تقتضيهم الترحال أكثر من مرة واحدة كل سنة، يسافرون فيها (لحضور مولد السيد ووفاء النذور).

    مات عن هذه القرية المطمئنة وجيهها الذى كان يتصدى عنها لما تريد (من أجل مصالحه الشخصية لا من أجل عيون القرية، حسب ما نستشف من تساؤل الراوى الساخر)، ولم يخلف إلا ابنًا واحدًا سيكون له أكبر الشأن فى مستقبل القرية، هو (الأستاذ). راح يطلب العلم فى العاصمة، لا تأتيهم أخباره إلا بالسماع (كان قد اعتزم القدوم إلينا فشغله شاغل جديد لا نعرفه، ولكنه هو الذى قيده بالدار فى عزلة من الناس).

    لا غرابة إذن أن يقع أفراد القرية، وحدهم فى حيرة أمام خط السكة الحديد، ما بين الضيق الذى يأخذ بهم من جراء العزلة، وبين حمدهم لله أن أنقذهم من وجع الرأس الذى كان يسببه لهم.

    فالحلاق يرى أن رؤية القطار من بعيد (أبهى بكثير من رؤيته عن قريب). على مبعدة يبدو كالدودة المضيئة الزاحفة، وصفارته المزعجة تأتى خافتة (كأنها نذير من وراء الحجب). واعتبر العمدة المنافق، بحكم مسئوليته عن القرية، أن الحرائق ستظل قليلة، (ولن تزيد بالتالى ضريبة مآدبنا لمعاونة البوليس وجند المطافئ إذا هبطوا علينا من المدينة)- تملقًا وزلفى. واطمأن المساح إلى بقاء المنازل متماسكة كإخوان الصفا، لا يرجها القطار، وستحتفظ جدرانها ببياضها، كما قال معلم الرسم، ولا تموت الزهور من النوافذ. وضمن سائق العربة الوحيد عمله وقوته بتوصيل الموظفين الغرباء من المحطة النائية إلى القرية.

    ويختم الفصل الأول بواعظ القرية يكيل الثناء للعمدة الذى درأ عن القرية القطار الخطر (نعم العمل عملك! هكذا تكون الحكمة والسياسة وبعد النظر، كأنك ترى من وراء الغيب).

    ومع الفصل الثانى نستقر فى الحانة، ونتابع من هناك بقية الرجال الذين يتوجهون إليها كل مساء، بعد أن يفرغوا من عملهم، يلتمسون المتعة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1