Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

وتفتح الجوري
وتفتح الجوري
وتفتح الجوري
Ebook155 pages1 hour

وتفتح الجوري

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

رواية تطرح فيها الكاتبة معاناة الشعب الفلسطيني تحت نير الاحتلال الإسرائيلي وفي إهداء الكتاب قالت االمؤلفة: إلى العابثين بأحلامنا، المراهنين بأنّ الكبار يموتون والصّغار ينسون "لن تقطعوا الحبل السُّريّ الذي يربطنا فرداً فرداً معها، تجمعنا بها شيفرة جينيّة غير قابلة للسرقة أو الاستنساخ، وأنتم لا تعرفون طعم العشب فيها، ولا ألوانكم تلائم لفحة شمسها، أنتم جئتمونا لفيفاً". إلى المرابطين الآلفين مذاق أنواع السلاح، الشّاهدين على مجزرة حضاريّة، كيف تستطيعون الخروج من بيوتكم المنهكة في الصباح ومواجهة العالم البارد المدجّج بالمؤامرات؟ أيُّ سرّ ذلك الذي بينكم وبين الله؟ إلى الصّادّين بأيديهم الرّيح عن قلوبهم لتبقى شعلة فلسطين وقّادة في صدورهم، وكلّما هبّت قرارات البيت الأبيض اشتدّت أصابعهم التحاماً. إلى الوارثين عن أجدادهم أرضاً موجوعة، فما اسطاعوا إسكات أنينها، ولا باعوها هرباً من عبء هويّتها، فأرجأوها جيلاً آخر وورّثوا معها أملاً بالعودة هارباً من خيبات السنين. إلى الأطفال المنسجمين ببراءة مع مصائب الوطن. كلّما قُطعتْ الكهرباء اقرأوا كتاباً، وكلّما قُتل أحدكم انتظروه سيعود مرة أخرى مع الجلاجش.

Languageالعربية
Publishertevoi
Release dateFeb 16, 2024
وتفتح الجوري

Related to وتفتح الجوري

Related ebooks

Reviews for وتفتح الجوري

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    وتفتح الجوري - عبير حسام علي جوابرة

    إهداء

    إلى السّابع من تشرين الأوّل عام 2023، اليوم الذي تحرّرتْ فيه روايتي من قيدي، وقُتِل خوفي من الاحتلال الإسرائيلي في أوّل النّهار.

    إلى العابثين بأحلامنا، المراهنين بأنّ الكبار يموتون والصّغار ينسون لن تقطعوا الحبل السُّريّ الذي يربطنا فرداً فرداً معها، تجمعنا بها شيفرة جينيّة غير قابلة للسرقة أو الاستنساخ، وأنتم لا تعرفون طعم العشب فيها، ولا ألوانكم تلائم لفحة شمسها، أنتم جئتمونا لفيفاً.

    إلى المرابطين الآلفين مذاق أنواع السلاح، الشّاهدين على مجزرة حضاريّة، كيف تستطيعون الخروج من بيوتكم المنهكة في الصباح ومواجهة العالم البارد المدجّج بالمؤامرات؟ أيُّ سرّ ذلك الذي بينكم وبين الله؟

    إلى الصّادّين بأيديهم الرّيح عن قلوبهم لتبقى شعلة فلسطين وقّادة في صدورهم، وكلّما هبّت قرارات البيت الأبيض اشتدّت أصابعهم التحاماً.

    إلى الوارثين عن أجدادهم أرضاً موجوعة، فما اسطاعوا إسكات أنينها، ولا باعوها هرباً من عبء هويّتها، فأرجأوها جيلاً آخر وورّثوا معها أملاً بالعودة هارباً من خيبات السنين.

    إلى الأطفال المنسجمين ببراءة مع مصائب الوطن. كلّما قُطعتْ الكهرباء اقرأوا كتاباً، وكلّما قُتل أحدكم انتظروه سيعود مرة أخرى مع الجلاجش.

    جزيرة الجلاجش

          قيل فيمَ سيكون من الأزمان، إنّ مخلوقاتٍ أضخم وأقوى من الإنسان، لها أظافر القنفذ وشوكه، ووجوهها وجوه رجالٍ شجعان، تظهر في جزيرة مهجورة في البحر الأبيض المتوسّط، خفيّةٍ عمّا يجاورها من الشطآن، يرعاها شبح البحار بربروسا القبطان.

        كان خوف النّاس من جزيرة الشّبح وابتعادهم عنها فرصة ليرعى بربروسا هذه المخلوقات العجيبة الجلاجش بهدوء، ويدرّبها على الحفر والسباحة، دون أن يعرف العالم بوجود هذه المخلوقات الجديدة التي تسكن الجزيرة ويعتني بها طيف قبطان مات منذ مئات السنين!

    بربروسا عُرف بقوّته وصلابته، وجاء من عالم الأطياف لينقل صفاته للجلاجش. صوت بربروسا المرتفع كان يملأ الجزيرة وهو يناديهم ويوجّههم، أمّا قوانينه فتحكم الجزيرة بحزمٍ ونظامٍ صارم.

    فوق هذه الجزيرة يعرف كل جلجش دوره جيّداً، ويقوم به بتناغمٍ مع إخوته، فيتعاونون بجمع الطعام، ويعتنون بأشواك بعضهم فلا يستطيع الجلجش منهم سنّ سكاكينه التي في ظهره لكنه يسنّها بسهولة بظهر جلجشٍ آخر يقف خلفه ظهراً لظهر، وفي المساء يذهبون لمكان التّدريب في صمت عجيب. يأكلون نوى حبّ الزّيتون التي تتجمّع على الشّاطئ من كلّ أشجار الزّيتون المزروعة في حوض المتوسّط، ومن الأشجار المزروعة على جزيرتهم، يقلّمون أشجار الجزيرة بالسّكاكين التي على ظهورهم، ويجزّون العشب الطّويل على الجزيرة. ويسمعون بربروسّا وهو يقول لهم بأنّ عليهم تدريب سكاكينهم جيّداً لأنّها ستقصّ في المستقبل أشجاراً أكثر غلظة من أعشاب الجزيرة!

          وعلى الجزيرة صخرة صمّاء بلون الرّمل حين يصدر صوت منها يعرف جميعهم بأنها ستنشقّ ويخرج منها جلجش جديد، فكلّهم خرجوا منها على التّوالي، وفي هذه المرّة هم أشدّ حرصاً على مشاهدة هذا الجلجش وهو يخرج من الصخرة لأنّه سيكون الجلجش الأخير !

    وقف بربروسا بجانب الصّخرة وصرخ: قتل الصّهاينة طفلاً آخر! كان الغضب ممتزجاً بالحزن عند الجميع في تلك اللّحظة؛ هم يعلمون أنّهم سيتعرّفون إلى فردٍ جديد منهم لكنّ حضوره مرتبط بمأساة إنسانيّة هي قتل طفل فلسطينيّ!

    لحظات وانشقّت الصّخرة وخرج منها آخر جلجش، نظر الجميع له وهم يبتسمون. ما اسمه؟ تساءلوا فيما بينهم. وكان كلّ جلجش يحمل اسم الطّفل الذي خرج بمقتله، وحين خرج الأخير قال: أنا نسيم.

    كان الدّخان الأسود يخرج معه فعرف الجميع أن الطّفل الذي انشقّت الصّخرة لموته قُتل حرقاً.

    والجلاجش حين تخرج من الصّخرة تخرج مكتملة النّموّ وتكون قادرة على الكلام كالبشر، لكنّها تحتاج التدرّب على استخدام أعضائها الجديدة. فظهرها مغطىً بسكاكين لا تعرف التّحكم بقبضها وبسطها بداية الأمر، وأصابعها الممتلئة تنتهي بأظافر حادّة طويلة معدّة للحفر الذي لم يعهدوه، وحساسيّتها للشّمس جديدة على أطفالٍ كانوا يلعبون بالحقول طوال النّهار؛ لذا وبمجرّد خروجهم من الصّخرة ينادي بربروسا طيور النّورس لتُحلّق فوقهم حتّى لا تؤذيهم أشعّة الشّمس، ثمّ يبدأ بتدريبهم مباشرة.

    وبعد فترة وجيزة من التأمّل الصّامت، اقترب منه الجلجش محمّد وأخذ  بيده ليُعرّفه على الجزيرة وأهلها الجلاجش.

    يا أيّتها السّماء هلّا أمطرتِ عدلاً؟ يا أيّتها الأرض هلّا أنبتِّ حقّاً؟ يا أيّها الفضاء هلّا اتّسعتَ بأطفالنا رفقاً؟.

    وحين دوّى صوتها كانت روحي تنسلُّ من جسدي المنهك، طافت روحي كثيراً على وقع كلماتها إلى أن وصلتُ إلى هذه الصّخرة التي انشقّت وخرجتُ منها مخلوقاً آخر أكبر وأقوى.

        أنهت الجلاجش طعامها في ذاك الصّباح، فدعاهم بربروسا لاجتماع خاصّ، تراصّت ظهورهم دون أن يؤذي بعضهم الآخر، ووقفوا بنظام عسكريّ ليسمعوا كلام بربروسا.

    وقف القبطان أمام الجلاجش وقال: أيّها الجنود الشجعان، وصل عددكم ألفاً، وهو العدد الذي ستعبرون به البحر وتدخلون الأرض المباركة. 

    لا أعلم حقّاً إن كنتم ستعودون إلى هذه الجزيرة أم أنكم ستعيشون في فلسطين، ولا أعلم أيضاً إن كنتُ سأراكم بعد أيّام السّديم أم أنني سأعود إلى الخلود في عالم الأطياف. لكن ما أنا واثق منه بأنّكم ستؤدّون مهمّتكم، وستسترجعون أحجار الذّاكرة المبعثرة وستصلون لعمود الكتاب.

    أنا سعيد وفخورٌ مثلكم كوني جنديٌّ من جنود حرب السّديم في فلسطين. لا جعله الله آخر لقاء لي بكم، سأتابع أخباركم وأرافقكم بصوتي، حدّثوني مِن هناك، فالاتّصال مفتوح بيني وبينكم، لن أتابع الطريق معكم فدوري ينتهي هنا بتدريبكم، سأترككم مع إنريكيو الذي سيُرشدكم في رحلتكم للوصول إلى شواطئ فلسطين وأشار بيديه لرجل أسمر شعره أملس ويغطّي الجزء السّفلي من جسمه فقط وتابع قوله: إنريكيو من السّكّان الأصليّين لأمريكا، عانى مع شعبه إبادة جماعيّة مشينة لحضارة بأكملها، غادر عالم الأحياء وهو يقاوم الاحتلال، هو ضحية لاستعلاء ثقافيّ عرقيّ شبيه بما عانيتموه.

    صفّقت الجلاجش لكنّ صوت تصفيقها لا يشبه الصّوت الذي نعرفه؛ فهُم لا يستخدمون أيديهم لأنّها غليظة مغطّاة بالتّراب. كان تصفيقهم بالسّكاكين شبيهاً بشحذ السّيوف، صوت يخرج من احتكاك السّكاكين التي على ظهورهم وهم  يصفّقون معاً وكأنّهم يتصافحون بها ظهراً لظهر.

    صعد إنريكيو -الطّيف- على الصّخرة التي كان بربروسا يقف عليها وقال بصوتٍ أهدأ من صوت بربروسا:

    أنا إنريكيو زعيم من قبيلة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1