Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

المشرحة: محمود وهبة
المشرحة: محمود وهبة
المشرحة: محمود وهبة
Ebook192 pages1 hour

المشرحة: محمود وهبة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تلك العلامة منجيتك منهم،مادمت هنا داخل تلك المستشفى، فأنت في مأمنٍ وإن خرجت عثروا عليك واخذوك، ولكن لا تخبر اًحد بما حدث، فمن ستخبره ستظهر عنده تلك العلامة،وتختفي من قدمك وستكون وقتها صيداً سهلاً لهم.
Languageالعربية
Release dateJan 14, 2024
ISBN9791222496016
المشرحة: محمود وهبة

Read more from محمود وهبة

Related to المشرحة

Related ebooks

Related categories

Reviews for المشرحة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    المشرحة - محمود وهبة

    إهـداء

    إلى ظلالٍ توارت بعيدًا عن النور قصرًا، وتلاشت من أمام ناظرنا، لكنها تنظرنا وترقبنا في كل ساعةٍ ويومٍ.

    إلى مَن سيطرت عليه أحزانه وجعلت منه قَزُمًا أمام الجميع، انهض، وقِف، ولا تعبأ بهم، فقط قِف، ولا تنحنِ، وسيرضخ لك الجميع.

    إلى كل مَن يتعمدون التواجد في حياتنا عُنوةً؛ إما داعمون، وإما محطمون شكرًا لكم في بناء شخصٍ غير قابل للكسر.

    محمود وهبة

    مقدمة

    ليس كل ما تراه أمامك حقيقةً مُسلَّمةً، ليس كل ما تشعر به هو حقيقيٌ للغاية، ليس كل ما تتنفسه صالحًا لرئتيك، وليس كل ما تسمعه يستحق التصديق، وأخيرًا ليس كل ما تقرؤه الآن صريحًا، بل هو صادمٌ إلى أبعد الحدود.

    محمود وهبة

    «1»

    لوهلةٍ ستشعر بنغزةٍ أسفل رأسك لن تؤلمك، لكنها ستشعل نارًا لن يسهل إطفاؤها

    عيناه براقةٌ بلوْن السماء، ورأسه يدور كدوران الأرض حول نفسها، تميز إليه دخانًا يتراقص من جسدٍ مشتعلٍ صعودًا إلى سقفٍ أبيض مرتفع ضبابي الشكل، رأسه تمتلئ بالأسئلة، ثم تأتي إليه الإجابات من بعيدٍ كوحيٍ مرسلٍ من العدم؛ إجاباتٌ تفرض عليه واقعًا يأبى تصديقه، ولكنه عالقٌ به، الأمر ماديٌ للغاية، وكل شيءٍ يحدث بالفعل، رفع يده أمام ناظره وظل يقلبها حتى تعرف إليها وأنها تنتمي له. هناك شيءٌ غريب لكنه ليس بأهمية ما يُملى عليه من معلوماتٍ حول نفسه، واسمه، وذكرياته التي تفيض بها رأسه، الآن الوضع أشبه بكمبيوتر يحمل على قرصه الصلب بياناتٍ جديدة فسريعًا ما تلتصق به؛ لتصبح من سماته وتنتمي إليه.

    عاد برأسه إلى موضع الدخان، ومسح عينيه، فوجد رجلًا عجوزًا يبتسم له في نشوةٍ، وهو يدخن ويتأرجح على كرسي على وشك أن يشي بالعجوز ويلقيه أرضًا، قفز إلى ذهنه اسمه وخُيِّل إليه أنه يعرفه، رسم على وجهه المستدير ابتسامةً مجاملةً، سرعان ما اختفت عند سماع بكاء طفلٍ مرتفعٍ يأتي من خلف بابٍ حديدي غريب الشكل، نظر إلى العجوز في خوفٍ وقال:

    هل تسمع ما أسمع؟ أم أنك أصمٌ أيها العجوز؟

    اختفت الابتسامة عن وجه العجوز، وتوقف عن الاهتزاز وقال:

    لا تلقي باللوْم عليّ في ما تسمعه الآن أيها الشاب، فقد أخبرتك قبل هذا ألا تكترث لما يحدث خلف هذا الباب، أما عن سؤالك؛ فنعم، أنا أسمع كل شيءٍ ولست بأصم، ولكنني اعتدت على كل تلك الأصوات من قبل؛ بكاء أطفالٍ، وصراخ كبارٍ، وأصواتٍ عديدة أخرى أشبه بأصوات حيواناتٍ مفترسة تُهاجم أحدهم بالداخل وهو يستغيث، أنا كنت على حقٍ في اعتراضي على تعيين شاب حديث السن مثلك معي في وظيفة لا تصلح لذوي القلوب الضعيفة، وأنت يا إدجار تمتلك قلبًا ضعيفًا، ضعيفٌ للغاية مقارنةً بقلب رجلٍ عجوز مثلي.

    ثم عاد إلى الاهتزاز مرةً أخرى على كرسيه المتهالك وعادت إليه ابتسامته المزعجة، صمت إدجار لدقائق صارعت فيها أفكاره بعضها البعض عندما سمع اسمه، كأنه يسمعه لأول مرة وعقله متردد بين التصديق والتكذيب، أراد أن يتحدث، لكنه وضع يده على أذنيه في نفس الوقت الذي علا فيه صوت البكاء من جديد.

    ابتسم العجوز، ثم انتابته موجة سعالٍ ما إن هدأت حتى قال:

    إن أردت الاستمرار في تلك الوظيفة يا بني، فلا تعبأ بتلك الأصوات مطلقًا، سوف تسمع أصوات الكثيرين ينادون باسمك، ويستغيثون بك في معظم الأوقات فلا تنصاع أبدًا لهم، وإياك أن تفتح ذلك القُفل الذي نضعه كل يومٍ على باب المشرحة ليلًا، صدقني لقد مررت بالكثير لأقول لك هذا، وقد فقدت الكثير أيضًا هنا خلف ذلك الباب.

    هدأت الأصوات، ونزع إدجار يده من على أذنيه، ثم نظر إلى العجوز صاحب الابتسامة المزعجة وقال:

    هل تعتقد أن هناك طفلًا في الداخل ما زال حيًا يا ألفريد؟

    ابتسم العجوز فكشف عن أسنانٍ تآكلت، وتحلل معظمها مع الزمن مثل جسده الذي أوشك على الاختفاء تحت تلك الملابس المهترئة قديمة الطراز وقال:

    لا أحد حيّ بالداخل من بني جنسنا يا بني؛ إنما هناك أشياء أخرى تحيا هناك ليلًا، لا تهتم بأمرهم ولا تقلق ما دام نحن هنا وهم هناك من الجانب الآخر من هذا الباب، هناك أبوابٌ يمكث الشيطان خلفها يجر أظافره عليها في انتظار مَن يصيبه الفضول ويفتح له.

    وقف إدجار عندما هدأ الصوت تمامًا، ثم اقترب بخطواتٍ حذرة من الباب، ووضع إحدى أذنيه؛ كي يسمع ما يحدث بالداخل، ولكنه لم يجد شيئًا، ابتسم وأدار وجهه إلى ألفريد الذي تغيرت ملامحه للخوف واختفت ابتسامته من وجهه المتجعد.

    خفض صوته وبدأ عليه القلق، وقال:

    تساقط العرق من جبين إدجار وأخذ يخطو خطواتٍ قليلة، وكلما ابتعد عن الباب خطوة ازداد بكاء الطفل وصياحه أكثر، أكمل بعض الخطوات مقتربًا من ألفريد الكهل الذي مد يده إلى الشاب؛ كي يمسك بها وقبل أن يصل إليه دوى صوت طرق على الباب من الداخل وتقطع الضوء حتى أظلم المكان بالكامل، وسمعوا وقع خطواتٍ تقترب من الشاب الذي فقد كل معاني الأمان في تلك اللحظة.

    هناك لحظاتٌ تغفوها، ثم تعود منها كأنك شخصٌ جديد، وتجلس دقائق؛ كي تستكشف ما يحدث من حولك، ثم يخرج عقلك من صومعته المقدسة بحلٍ وهمي يقنعك به فقط؛ لأنه يشعر أن كل شيءٍ حقيقيٌ للغاية، وعليه أن يجاري الأمور وإلا فلن يكون هناك داعٍ لوجوده في ذلك المكان من جسدك، كذلك حدث، وكذلك يحدث.

    «2»

    أنت مَن اخترت أن تخوض التجربة، وأن تعلم بمدى ظلامها، لقد أردت أن تعلم الحقيقة وأنت في طريقك إليها

    لم يتوقف قلب إدجار عن الطرْق على أبواب صدره الهشة التي لا تنتمي له، حتى أمسك ألفريد بيده، وأجلسه بجانبه وسط الظلام المعتم، هناك أكثر مِن يدٍ تجذب الاثنين من ملابسهم بوهنٍ كافٍ لهدم الجبال. همس إدجار وقال:

    مَن الذي يريد الخروج أيها العجوز ألفريد؟ ما الذي يحدث؟ أخبرني؟

    لم يسمع إجابةً تريحه وهو جالسٌ بجانب العجوز أسفل كرسيه النَّخِر، أخذ الباب يطرق بشدة كأن هناك أحدًا خلفه يحمل مِطرقةً ثقيلة الوزن، وكلما هوت على الباب أحدثت ضجةً هوى معها قلب إدجار إلى قدميه، وذلك البكاء يثير أعصابه حد الجنون، وما زال العجوز صامتًا ينتفس بصعوبة كأن روحه في طريقها إلى الخروج.

    الأضواء تعود من جديدٍ بعد أن هدأ الطرق تمامًا كالهدوء الذي يسبق العاصفة تمامًا، واختفى صوت البكاء المرهق، نظر إدجار إلى العم ألفريد ليجده يجلس بنفس الطريقة المريحة التي لا تدل على خوفه أو جزعه من أي شيءٍ، ولكن ملامح وجهه كانت تدل على خوفه؛ مع وجود بعد قطرات العرق المتراصة على جبينه.

    قال إدجار بعد أن ابتلع ريقه الجاف كبئرٍ تبخر ما به من ماء:

    هل انتهى الأمر أيها العم؟ لمَ أنت ساكتٌ هكذا أيها العجوز؟

    نظر إليه ألفريد بعينٍ زائغة ما زالت متعلقة بالباب الحديدي العملاق وقال:

    لا، لم ينته، بل هو في بدايته، وعلينا أن نتحرك الآن؛ فأنا لا أعلم ما الذي سيخرج من خلف هذا الباب بعد، وأذكر أنه لم يُفتح هذا الباب إلا وأخذ معه أحدًا من رفاقي، لقد مررت بحوادثٍ مماثلة من قبل واستطعت النجاة، أما هم فلا.

    تجهم وجه إدجار وازداد شحوبًا واصفرارًا، وأراد أن يقف لولا أن منعه العجوز وقال:

    لا تقف أبدًا، وافعل كما

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1