Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

عظماء رغم الإعاقة
عظماء رغم الإعاقة
عظماء رغم الإعاقة
Ebook128 pages59 minutes

عظماء رغم الإعاقة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت، ويبتلي الله بعض القوم بالنعم، لم تمنعهم الإعاقة من التحليق في سماء الإبداع والتميز، وحفروا أسماءهم بحروف من نور في سجل الخالدين، بل إن بعضهم كانوا عباقرة غيروا مجرى التاريخ على الرغم من حرمانهم من نعمة البصر أو السمع أو الحركة … إن الإعاقة ابتلاء وقدر لا يمكن تجنبه، لكننا نستطيع التعامل معها وقهرها والتغلب عليها بالإصرار والعزيمة والتوكل على الله، فالمعاق حقًّا هو الشخص العاجز عن إدراك هدفه وتحقيق آماله، لا من حُرم من نعمة البصر أو السمع أو الحركة أو غيرها…
Languageالعربية
Release dateOct 1, 2023
ISBN9789778971330
عظماء رغم الإعاقة

Related to عظماء رغم الإعاقة

Related ebooks

Reviews for عظماء رغم الإعاقة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    عظماء رغم الإعاقة - د. وجيه يعقوب السيد

    عظماء رغم الإعاقة

    بقلم : أ .د/ وجيه يعقوب السيد

    الأستاذ بكلية الألسن - جامعة عين شمس

    تصميم وتنفيذ الغلاف

    محمـود عبد الباسـط

    Chapter-1.xhtml

    عظماء رغم الإعاقة

    قد يولد الإنسان كفيفًا أو عاجزًا عن الحركة، أو وهو يعاني من أي شكل من أشكال الإعاقة الحركية أو العقلية، وهذه أمور قدرية لا يملك الإنسان أن يمنعها، ومهما تكن قسوة الاختبار فإن الإنسان يجب أن يتشبث بالأمل، وعليه أن يصبر ويحتسب، وأن يعيش بهمة وعزيمة وتصميم على النجاح والتفوق، إذا أراد أن يترك بصمة حقيقية وأثرًا طيبًا في هذه الحياة.

    وكم من صاحب إعاقة تَغَلَّبَ على محنته واستطاع أن يقهر أعتى الصعاب، وقدم نموذجًا ناجحًا للغاية وفاق أقرانه من الأصحاء .

    المؤلف: د. وجيه يعقوب السيد

    أبو العلاء المعري (فيلسوف الادباء)

    (أبو العلاء المعري) واحد من بين هؤلاء العباقرة الأفذاذ، الذين سجلوا أسماءهم بحروف من نور وحجزوا أماكنهم في مصاف العظماء والمبدعين، فبقيت كتاباته وآثاره وسيرته دليلا على تميزه وتفوقه وإبداعه، رغم فقدانه للبصر في سن مبكرة من عمره.

    كما أن جمال الصورة والهيئة الحسنة وقوة البنيان، لا تشفع للمرء ولا ترفع من قدره ومنزلته إذا كان خُلُقُه ذميمًا وعمله قبيحًا ورديئًا، فقد يكون الشخص دميم الشكل قبيح المنظر هزيل الجسد، ومع ذلك يكون صاحب خلق وعلم وفضيلة؛ فقد أصيب المعري في طفولته بمرض الجدري، وبسببه فقد بصره كما ترك هذا المرض في وجهه تشوهات واضحة، فكان يبدو دميم الخلقة لكنه كان صاحب علم وفضل وصاحب موهبة أدبية كبيرة. وقد وصفه بعض معاصريه فقالوا: كان وهو صبي دميم الخلقة مجدور الوجه، على عينيه بياض من أثر الجدري، كأنه ينظر بإحدى عينيه قليلًا. ورآه أحدهم فقال: وكأني أنظر إليه الساعة وإلى عينيه: إحداهما نادرة والأخرى غائرة جدًّا، وهو مجدر الوجه نحيف الجسم.

    وربما تعرض أبو العلاء بسبب ذلك إلى بعض المضايقات، أو ما نسميه في عصرنا بالتنمر، لكنه كان قويًّا وصاحب شخصية مميزة وحازمة، لا تثنيه مثل هذه الكلمات السلبية ولا تفت في عضده، بل كان يواجهها ويواجه صاحبها بكل حزم وقوة، فقد سخر أحدهم من شكله ومن عماه ذات يوم فما كان منه إلا أن قال: إني أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر؛ فقد صنع لي وأحسن بي إذ كفاني رؤية الثقلاء والبغضاء. وكان يقول في ذلك شعرًا أيضًا:

    Chapter-3.xhtml

    وربما كان هذا السلوك من بعض أقرانه بسبب غيرتهم منه وحسدهم له بسبب تفوقه وذكائه وثناء أساتذته عليه، وهذا أمر لا يد له فيه، بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء. وكان الشعر سلاحه في الرد على خصومه ومنافسيه، فكان لا يترك فرصة دون التعريض بهم، يقول في إحدى قصائده:

    Chapter-3.xhtml

    ويقول:

    Chapter-3.xhtml

    والحقيقة أن التنمر والسخرية من الناس لأي سبب من الأسباب من الأخلاق الذميمة التي نهى عنها الإسلام وحرمتها الأديان السماوية جميعًا وجرمتها القوانين الوضعية، وهو خلق ينطوي على قدر كبير من الكبر والجهل والاستخفاف بالآخرين، فرب رجل متواضع المظهر رث الثياب ومع ذلك يكون عظيم الأثر والنفع على المجتمع، وأرجو أن يأتي اليوم الذي يكون فيه حكمنا على الأشخاص والأشياء صحيحًا ودقيقًا؛ وأن ننظر إلى الجوهر لا إلى السطح، فإن الله تعالى لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسامنا وإنما ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا كما أخبر بذلك الرسول الكريم.

    وُلِد أبو العلاء المعري سنة 363 هجرية بمعرة النعمان؛ وهي إحدى المدن السورية المعروفة، لأسرة كان لها اهتمام كبير بالعلم والأدب، فقد كان أبوه وأخوه وعمه يكتبون الشعر، وكان جده قاضيًا، وبذلك نشأ أبو العلاء في بيئة تقدر العلم والعلماء، فانعكس ذلك على شخصيته، حيث نشأ محبًّا للعلم والأدب، وتَحَمَّلَ في سبيل بلوغ غايته والوصول إلى هدفه ما يعجز عن تَحَمُّلِه الأصحاءُ من الناس.

    ففي الرابعة من عمره أصيب المعري بمرض الجدريّ؛ وبسبب هذا المرض فقد بصرَه وأصاب وجهه تشوهات كثيرة كما ذكرنا، لكنَّ ذلك لم يمنعه من مواصلة مسيرته ورحلته في طلب العلم، بل لعل فقده لبصره في هذه السن المبكرة، كان من أهم دوافعه للتفوق والنبوغ والتميز على كل أقرانه، ورب ضارة نافعة كما يقول المثل، ورب محنة ومعاناة نتج عنها منحة وفضل ونبوغ، فصاحب الإعاقة ليس شخصًا عاجزًا، وإنما العاجز حقًّا هو من يولد وتتوفر له كل الظروف وتتهيأ له كل الأسباب لكي يتفوق وينجح لكنه يعجز عن إدراك النجاح.

    وقد ظهرت على المَعَرِّي علامات النجابة والذكاء منذ الصغر؛ فكان سريع الحفظ حسن الفهم حاضر البديهة، يقول عن نفسه: ما سمعتُ شيئًا إلا حفظته، وما حفظت شيئًا ونسيته قط، وقد شهد له بذلك معاصروه أيضًا، ووجد أبو العلاء في نفسه ميلًا لقول الشعر عندما كان في الحادية عشرة من عمره، فراح يكتب في كل الموضوعات، وكان الشعر أنيسه الذي لا يخذله أبدًا.

    لم يواجه أبو العلاء صعوبات كبيرة في بداية حياته، إذ لم يتركه أبواه يواجه الحياة وحيدًا وبلا سلاح، وكانت أسرته أكبر داعم له على مواجهة الظروف القاسية، فكان أبوه خير معين وأعظم سند له في تلك المرحلة المبكرة من حياته، حيث تَعَهَّدَه بالتربية والتثقيف وصَقْلِ مواهبه، وكان يقوم على تعليمه بنفسه فقد أوتي والده قدرًا جيدًا من العلوم الدينية واللغوية تمكنه من تعليم ابنه وتوجيهه، كما كانت أمه تحنو عليه حنوًّا كبيرًا، وتؤثره على سائر إخوته بسبب

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1