Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Ebook748 pages6 hours

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

سفر جليل حوى ما تفرق في غيره من التراجم النادرة التي قد يصعب العثور عليها في مكان آخر . والمصنف لم يقتصر على فئة معينة بل شمل كل من عثر على ترجمة له ، سواء كان عالما جليلا أو سلطانا مطاعا أو أميرا من امراء الامصار أو متصوفا ذاع صيته أو اديب شهير ،
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 15, 1903
ISBN9786348249523
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Read more from المحبي

Related to خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Related ebooks

Reviews for خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر - المحبي

    الغلاف

    خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

    الجزء 4

    المحبي

    1111

    سفر جليل حوى ما تفرق في غيره من التراجم النادرة التي قد يصعب العثور عليها في مكان آخر . والمصنف لم يقتصر على فئة معينة بل شمل كل من عثر على ترجمة له ، سواء كان عالما جليلا أو سلطانا مطاعا أو أميرا من امراء الامصار أو متصوفا ذاع صيته أو اديب شهير ،

    لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ........ ولا يهيضون عظماً أنت جابره

    ومن توهمت أن البحر راحته ........ جوداً وأن عطاياه جواهره

    اللهم جداً لا كداً سمعاً لا بلغاً فإني لم أزل في خلال هذه الضراعة لابساً جميل حلل القناعة مرتدياً ببردة الصبر الجميل سالكاً في سلوك آدابي سواء السبيل

    مدامي مدادي والكؤس محابري ........ وندماي أقلامي وفاكهتي شعري

    ومستمعي ورقاء ضنت بحسنها ........ فأسدلت الأستار من ورق خضر

    إلى أن آنست من جانب طورك نار القرى وعلمت أن الصيد في جوف الفرا فخلعت عند ذلك نعلي عزيمتي وحققت في المأمول منك صريمتي وأرعيت سمعي لمنادي جودك من جانب طور وجودك متى يقال لي أفرخ روعك وأخضل فرعك وبرأ جرحك وزال برحك

    قصدي والراجون قصدي إليهم ........ كثير ولكن ليس كالذنب الأنف

    ولا الفضة البيضاء والتبر واحداً ........ نفوعان للمكدي وبينهما صرف

    حاشا سيدي أن يخلف مخيلة عبده أو يصده بعذر عن مأموله وقصده فأكون لا مائي أبقيت ولا درني أنقيت فإن الإسعاف شرف والمعذرة طرف

    حاشا سجيتك الكريمة أن تحد ........ عن منهج الإسعاف والإسعاد

    ودونك ما سردته من أمثال العرب السائرة السارية وأوردته عند إجالتي في تيارها جواري فكري الجارية فخذها ولو بقرطي مارية وإن كنت في ارتكاب هذه الخطة وطي هذه الشقة المشطة كمستبضع الثمر إلى هجر والفصاحة لأهل الوبر لكني أردت إزالة وهم المتوهم من كل منجد ومتهم أن مكابدة هذه الشدائد التي لا ينادى لها ولائد لم تمنعني من الاجتهاد والطلب للعلوم النافعة والأدب فإن الموت الفادح خير من العي الفاضح وأخصر عطب عدم الأدب وإلا فأنا وكل يعلم أن الفصيح لدى سيدي أبكم ومع ذلك فجل القصد وغاية المبذول من الجهد التوصل بالانتساب إلى رفيع أعتابك والانتماء إلى منيع جنابك إلى البراعة في سائر العلوم من كل منطوق ومفهوم وحراسات الأوقات بإدراك متوسط الأقوات وقد نثرت في وصف محامك الحميدة درها ومن ينكح الحسناء يعط مهرها هذا جناي وخياره فيه وكل جان يده إلى فيه والمرجو والمسؤل التلقي بالقبول والإسعاف بنيل المأمول فإن مولانا أكرم الناس شنشنه وأولى من ستر سيئة ونشر حسنه لا أصابتك عين الكمال ولا سلب الدهر بفقدك ثوب الجمال ولا برحت كعبة للجود وعصرة للمنجود ونوراً يلوح في أبناء الوجود ما حدى بالضمر القود إلى شفيع اليوم المشهود شعر

    فيأيها المنصور بالجد سعيه ........ ويأيها المنصور بالسعي جده

    لئن نلت ما أملت منك لربما ........ شربت بماء يعجز الطير ورده

    فكن في اصطناعي محسناً كمجرب ........ يبن لك تقريب الجياد وشده

    إذا كنت في شك من السيف فابله ........ فإما تنفيه وإما تعده

    وما الصارم الهندي إلا كغيره ........ إذا لم يفارقه النجاد وغمده

    وإنك للمشكور في كل حالة ........ ولو لم تكن إلا البشاشة رفده

    وكل نوال كان أو هو كائن ........ فلحظة طرف فاح عندي نده

    وما رغبتي في مسجد أستفيده ........ ولكنما في مفخر أستجده

    يجود به من يفضح الجود جوده ........ ويحمده من يفضح الحمد حمده

    فإنك ما مر النحوس بكوكب ........ وقابلته إلا ووجهك سعده

    هذا ما رآه قريح القريحة الكابي جوادها وأرواه قدح قدح لأفكار الخابي زنادها

    فقد يكبو الجواد لغير داء ........ وقد يخبو الزناد وفيه نار

    ولما عرضته على ذلك الجناب الرفيع الرحيب رحاب الجد وأحللته تلك الأبواب الموقفة على الأعتاب بالجد لحظة من الرضى بعيون ترى النجوم ظهراً وقابله بقبول يخلق لقلائد المدح من المكارم صدراً وإن كنت في ذلك كهدى نور نور البراعة لذكاء روض الذكا وجالب برود وشي الصنائع بين يدي صنائع بلاغته صنعاً فكالنجم يهتدى به وإن غطت على نوره الشمس وكالسحاب يستمطر اليوم وإن أمدته البحار أمس وعلمت أن حصباء ثرى الجد بها أثرى من دراري السماء سنا وأسنى من در البحار بها وكاد سقى الله ثراه ورقى إلى أعلى العليين ذرى مثواه أن ينتاشني بيد الإسعاف من بين أنياب أسد النوائب ويكتب على صحائف الزمان بنصري كتب كتائب المصائب ثم لم ألبث إلا وقد انفجر فجر ليلة الوصل عن ينابيع النوى وحالت غيوم سوء الحظ بين طرف المنى وشمس الضحى فظل سائر تلك الآمال في هجير الإغفال لا يجد ظلاً وروض هاتيك المواعيد لا يرى من الإنجاز وابلاً ولا طلاً وصار نسياً منسياً كأنه لم يك شيا

    ويممته بحراً وقد حال دونه ........ عواصف سوء الحظ لا بخل البحر

    فبينا أنا في ليلة طال جنح سهادها وعبثت أيدي أطفال الأفكار بكاس رقادها أقلب في أسفاط الخمور أسفار الآداب الكاسدة وألحظ سائل سلسال المعارف بعيون الإفهام الجامدة إذ عثر ذيل نظري بخدر خود فكري فرأيت هذه الأوراق مخبوءة في زوايا خمولها مرتقبة في ليل آمالها طلوع صبح بلوغ مأمولها فبت إذ ذاك وتهللت فرحاً وقلت الوحا الوحا فقد جاء الإبان وآن الأوان وأقبل سعد الأوان وقامت سوق العرفان وطلعت الشمس إن غاب بدر وخلفت البحار إن أخلف قطر فما دولة سيدي خامس العبادلة سلمه الله تعالى إلا موسم الأحرار وربح متاجر مدائح الأخيار فالولد سر أبيه وفرع ذلك الأصل النبيه

    بأبه اقتدى عدي في الكرم ........ ومن يشابه أبه فما ظلم

    وعلمت أنه أحرز رقى بالولا لما ورث عن أبيه العلا وأنه بذلك أحرى وجواد جوده أجرى وإني وإن عرضتها على جناب حضرته وتعرضت بها لنفحات أريحيته فقد أعطيت القوس باريها ووافيت حومة السبق بمجليها وإن مواطر تلك لرعود تنبت الآن زهر الظفر وأزهارها سرورها يجني عنها من الإنجاز الثمر

    خلائق دلتنا على طيب أصلها ........ ومن طيب أصل المرء طيب فعاله

    كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السما تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فها أنا قد مثلتها بين يديه لتقبيل ذيوله وأكف دعائها مبسوطة تلقاء مدين سماء قبوله فالله يبقيه ما لمع بارق وأنجز وعد صادق. وهذا آخرها والإنصاف أنها من أمتن الإنشاء وأجوده وله أخرى لا تقصر عنها أوردتها في كتابي النفحة وأشعاره منشآته بالعربية والتركية كثيرة وكلها جيدة مرغوبة وكان لما سافر الوزير أحمد باشا الفاضل إلى سفر إيوار جعله قاضياً ينظر الأحكام في العساكر فتوجه معه وأعطي قضاء سيروز على وجه التأييد ثم بعد فتح إيوار وجه إليه قضاء الشام فدخلها نهار الثلاثاء ثاني عشر جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وألف وقيل في تاريخ توليته أزال الله وحشتنا بأنسي وكان قدومه عند أهل الأدب موسماً عظيماً وتباشر الفضلاء بذلك وسروا وشرع الشعراء يردون عليه بالمدائح العظيمة ومن مدحه الأمير المنجكي بقصيدته المشهورة التي مطلعها

    غريب وإني في العشيرة من أهلي ........ أرى الخصب ممنوع الجوانب من محل

    ثم في ثالث يوم من وصوله مرض واستمر مريضاً ستة أيام ثم توفي عصر نهار الثلاثاء تاسع عشر الشهر المذكور وصلي عليه ثاني يوم من وفاته في الجامع الأموي في مشهد حافل ودفن في الحديقة قبالة جامع السنانية وكثر الأسف عليه .عبد الله بن أبي بكر صائم الدهر اليمني السيد الولي العارف بالله تعالى كان على قدم كامل من العبادة والصيام والقيام وسلامة الصدر ولين الجانب توفي في شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وألف ودفن بتربة أبيه بالمرتفع من أعمال بيت الفقيه ابن حشيبر وكانت وفاة أبيه سنة ألف ووفاة أخيه الولي الشهير أبي القاسم بن أبي بكر سنة سبع عشرة وألف وكان ذا صيام وقيام وعلم وعمل وأخلاق رضية وتصرفات في الولاية ظاهرة وبالجملة فشهرتهم كلهم تغني عن التصريح بحالهم .عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن أبي القاسم بن يحيى بن إبراهيم بن محمد بن عمر بن علي بن أبي بكر بن علي الأهدل كان سيداً كامل المعرفة بالعلوم من الفقه والحديث والتفسير والنحو والمنطق وله الحكم العجيبة فتحاً من الله تعالى والقدم الراسخ في العبادة ذكره السيد أبو بكر بن أبي القاسم في نفحة المندل فقال فقيه أديب فطن لبيب حسن المحاضرة جيد المذاكرة وله همة علية في تحصيل فنون العلم وخطة في نهاية الحسن وكذا تجليده الكتب ويحسن غير ذلك من الصناعات كالصياغة لجودة فهمه وحدة ذكائه وله نقد صائب في الشعر بحيث يعرف جيده من رديه وشعره جيد وكان مسكنه المنيرة وكانت وفاته في عشر الأربعين وألف .عبد الله بن أحمد بن حسين بن الشيخ عبد الله العيدروس ذكره الشلي وقال في وصفه صاحب الكرامات الظاهرة والكشف الجلي له قدس اللاهوت وعالم الملكوت صحب جماعة من أعيان الصوفية منهم والده أحمد والشيخ أحمد بن علوي باجحدب والفقيه علي بن أحمد السياح ابن عبد الله الصافي بافرج وغيرهم وسافر إلى مكة المشرفة مصاحباً لأخيه محمد فحجا حجة الإسلام وسبب سفرهما محنة لحقتهما وكانت سبباً للحج وسئلوا الإقامة باليمن فلم يجيبوا ولما عاد إلى تريم ظهرت عنه عجائب وغرائب وانتفع به الناس وصحبه خلق كثير وكان من أخص الناس بصحبته أحمد ابن أخيه محمد وكانت ترد عليه أحوال عظيمة تخرجه عن شعوره فيصيح بأعلى صوته وربما حصل له شطح ويأمر بالسماع بضرب الدفوف ويدور بأهل السماع في الأزقة بالليل إلى الفجر وكان ذا كلف بالنساء فتزوج عدة زوجات وتوسع في أفخاذهن وخلط في جنوسهن فانتهى في ذلك إلى أمد لم يبلغه أحد من نظرائه وولد له أولاد كثيرون وأما الذي صح عنه من الكرامات وصحة الفراسات واستجابة الدعوات فأمر مشهور متداول بين الناس وله مكاشفات كفلق الصبح من جملتها أنه ما جاءه طالب إلا رجع بمطلوبه وما ضاع لأحد شيء وأتى إليه إلا طفر به وما أضمر أحد شيئاً إلا أخبره بضميره وما استغاث به أحد من أهل المشرق والمغرب إلا أغاثه الله ببركاته وبشر غير واحد بالجنة فكف بصرهم وتاب جماعة من الفساق بدعائه لهم وله في ذلك حكايات يطول شرحها بل ما من أحد من أهل العصر من أهل تلك الجهة إلا ويحفظ له عدة حكايات وترجمه تلميذه الشيخ شيخ بن عبد الله العيدروس في السلسلة قال وكان فرد أهل زمانه ممن وهبه الله الاطلاع على أسرار الأولياء وله القدم الراسخ في منازلات العارفين وكان ذا هيبة وسطوة قل أن يرقد من الليل إلا القليل وكان يحب السماع وربما أخذ الدف وضربه بيده وله قبول عند الخاص والعام وكانت وفاته نهار الأربعاء لثمان خلون من المحرم سنة خمس وعشرين وألف .عبد الله بن أحمد بن حسين بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس الإمام الكبير أحد كبراء العلماء بإقليم حضرموت وكان شاعراً ناثراً ظريفاً له لطف طبع قال الشلي في ترجمته ولد بمدينة تريم في سنة اثنتين بعد الألف وتربى في حجر الولاية وحفظ القرآن والإرشاد والملحة وطلب من صباه واعتنى اعتناء لم يشاكله فيه مثله وأخذ أولاً عن والده ولبس منه الخرقة ولازمه إلى أن مات وتفقه على الفقيه فضل بن عبد الله بن فضل بن سالم والقاضي أحمد بن خبل وأخذ عن شيخ الزمان أبي بكر بن عبد الرحمن علم الحديث والتفسير والعربية والمعاني والبيان وألقت إليه أقرانه مقاليد التسليم وأخذ علم الطريقة والتصوف عن الجلة منهم الشيخ زين العابدين وكان يحبه ويثني عليه وزوجه بابنته ومن مشايخه شهاب الدين القاضي أحمد بن حسين وشيخ السادة الشيخ عبد الرحمن السقاف وارتحل لزيارة الجد الأعلى أحمد بن عيسى وأخذ عن السيد الكبير أحمد بن محمد الحبشي ومشايخه كثير وانتفع به خلق قال الشلي وصحبته زماناً طويلاً واستفدت منه وكان بينه وبين الوالد مودة شديدة وكان هو وشيخنا عمر بن حسين رفيقين في الطلب وكانا فرسي رهان إلا أن صاحب الترجمة يفوق في الحفظ والإتقان وكان يخرج بأصحابه النجباء إلى محله الشهير بالشبير بضم الشين مصغراً ويجري فيما بينهم مفاكهات وكان ممن جمع له الحفظ والفهم وكان حسن الشعر والنثر إماماً في العلوم الشرعية عالماً بالعربية وفنون الأدب وكان من أعرف الناس بعلم الأنساب والحساب والفرائض حافظ للسير والأمثال يستشهد بها في محاضراته وكان يتبع أحوال كل إقليم ويسأل عن مراتبهم وأحوالهم كثير الفحص عن فضائلهم وله اعتناء بمطالعة الكتب وإبراز خفياتها وهو مع ذلك سالك طريق القوم متمسك بالسبب الأقوى من الزهد والعبادة وشاع ذكره وقصدته الناس واتفق أهل عصره على أنه لم يغضب على مخلوق ولم يتكلم على أحد بما يكره وأنه ما سئل شيئاً فقال لا وبالجملة فقد شهد له أهل زمانه بأنه لم ير مثله وكانت وفاته في سنة ثلاث وخمسين وألف وعمره إحدى وخمسون سنة .الشريف عبد الله بن الحسن بن أبي نمي صاحب مكة كان سيداً جليلاً عظيماً صالحاً ولي مكة بعد ابن أخيه الشريف مسعود وهو أكبر آل أبي نمي بالاتفاق من الأشراف وأمراء السلطان وكان قد تخلف عن الجنازة لذلك بعد أن امتنع من القبول فألزموه بذلك حقناً لدماء العالم وما زالوا به حتى رضي وحصل بولايته الأمن والأمان وكان الاجتماع لذلك في السبيل المنسوب لمحمد بن مزهر كاتب السر الكائن في جهة الصفا المعروف علوه في زماننا بسكن الشيخ علي الأيوبي واستمر إلى أن حج بالناس سنة أربعين وألف ثم في المحرم سنة إحدى وأربعين خلع نفسه من الولاية وولى ولده محمد وأشرك معه زيد بن محسن كما أسلفناه وتوجه إلى عبادة ربه إلى أن توفي ليلة الجمعة عاشر جمادى الآخرة من السنة المذكورة فكانت مدة ولايته تسعة أشهر وثلاثة أيام .عبد الله بن حسين بن محمد بن علي بن أحمد بن عبد الله بن محمد الشهير بمولى عيديد يعرف كسلفه ببا فقيه صاحب مدينة كنور أحد علماء الإسلام الكبار ذكره الشلي وقال ولد بتريم وحفظ القرآن على الفقيه المعلم محمد باعائشة وحفظ الجزرية وقرأها عليه وحفظ بعد الإرشاد والملحة والقطر وعرضها على مشايخه وتفقه بوالده حسين وأخذ عدة علوم عن الشيخ أبي بكر بن عبد الرحمن بن شهاب الدين منها الحديث والعربية وأكثر العلوم الأدبية وأخذ الفقه عن الشيخ عبد الرحمن بن علوي بافقيه ومن مشايخه عبد الرحمن السقاف ابن محمد العيدروس والقاضي أحمد بن حسين والقاضي أحمد بن عمر عيديد والشيخ أحمد بن عمر البيتي والشلي الكبير وأخذ التصوف عن أكثر مشايخه المذكورين ولبس الخرقة من غير واحد وجد في الطلب واعتنى بعلوم الأدب حتى اشتهر أمره وبعد صيته ثم دخل الهند واجتمع في رحلته هذه بكثير من أرباب الفضل والحال ثم قصد مدينة كنور وأخذ بها عن السيد الكبير ابن محمد بن عمر بافقيه وغيره وحصل له قبول تام عند صاحبها الوزير عبد الوهاب وكان صاحب الترجمة إذ ذاك شاباً فرغب في صهارته وزوجه بابنته وأعطاه دست الوزارة فنصب نفسه للتدريس والإقراء ونفع العالمين فشاع ذكره شرقاً وغرباً وكان لا يقاوم في المناظرة وألف تآليف عديدة منها شرح الأجرومية وشرح الملحة ومختصرها وشرح مختصره وله رسائل بديعة وكان في صناعة النظم والنثر حاز قصب السباق وله قصائد غريبة قال الشلي ورأيت له رسائل وأنا صغير أتى فيها بما لم يسبق إلى مثله كان أرسلها إلى سيدي الوالد ولم يتفق لي إلى الآن الوقوف على شيء من مؤلفاته ولا قصائده ولم يقدر لي الله الاجتماع به في رحلتي إلى الهند وكان من علو همته لا يسمع بشيء إلا أحب أن يقف على أصله ومادته ويتطلب أربابه من سائر الآفاق حتى أحكم على الرمل والهيئة والأسماء والأوفاق واجتهد في علم الكيميا غاية الاجتهاد ويقال أنه ناله وكان مع ذلك كله ذا قدم راسخة في الصلاح والتقوى والدين مقبلاً على الطاعة وله خلق حسن وعذوبة كلام ولين جانب لا يزال مسروراً وكان آية في الكرم كثير الإحسان وكان ينفق نفقة السلطان ويسكن العظيم من الدور ويركب الخيل الجياد وهو قائم بنفع العباد عاكف على طلبة العلم ولم تطل لياليه حتى مات وهو في الوزارة .عبد الله بن الحسين اليزدي صاحب التحقيقات علامة زمانه بغير دفاع وخاتمة محققي العجم من غير نزاع لم يدانه أحد في عصره منهم في جلالة القدر وعلو المنزلة وكثرة الورع وكان منهمكاً على المطالعة والاشتغال بالعلم ومنحه لمستحقيه وكان مبارك التدريس ما اشتغل عليه أحد إلا انتفع به وكان عظيم الهيئة نير الصورة شديد الخوف والخشية ذا سكينة وإنصاف في البحث وأخذ عنه خلق لا يحصون منهم بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي والميرزا إبراهيم الهمداني وولده حسن علي وله مؤلفات مفيدة سهلة العبارة مع الوجازة منها شرح القواعد في الفقه وشرح العجالة وحاشية على الشرح المختصر على التلخيص للسعد وحاشية على حاشية العلامة الخطائي على الشرح المذكور وشرح على تهذيب المنطق للسعد وكلها مرغوبة ممتعة قد رزقه الله تعالى فيها القبول وكانت وفاته في سنة خمس عشرة بعد الألف بمدينة أصبهان .عبد الله بن زين بن محمد بن عبد الرحمن بن زين بن محمد مولى عيديد الفقيه الأجل الإمام النظار قال الشلي ولد بتريم وحفظ القرآن ثم طلب العلم وحفظ الجزرية والعقيدة الغزالية والأربعين النواوية والملحة والقطر والإرشاد وعرض محفوظاته على العلماء الأجلاء وتفقه على القاضي أحمد بن حسين ولازمه إلى أن تخرج به وبرع وجمع من الفوائد شيئاً كثيراً وأخذ عدة علوم منها الحديث والتفسير والعربية عن الشيخ أبي بكر بن عبد الرحمن وأخذ عن أخيه محمد الهادي التصوف والحديث ومن مشايخه الشيخ عبد الرحمن بن محمد العيدروس والشيخ عبد الرحمن بن علوي بافقيه وغيرهم وكان في الحفظ منقطع القرين لا تغيب عن حفظه شاردة وكان أجمع أقرانه للفقه وأبرعهم فيه وأذن له غير واحد من مشايخه بالإفتاء والتدريس فدرس وأفتى وانتفع به جماعة قال الشلي وحضرت دروسه وقرأت عليه بعض الإرشاد وحضرت بقراءة غيري فتح الجواد وكان آية في الفروع والأصول محققاً وما شهدت الطلبة أسرع من نقله وكان علمه أوسع من عقله ولما حفظ الإرشاد جميعه حصل له خلل في سمعه واشتهر عند العوام أن من حفظ الإرشاد كله ابتلي بعلة ولذا كان كثير ممن حفظه يترك بعضه وكان حسن المناظرة قال ووقع بينه وبين شيخنا القاضي عبد الله بن أبي بكر الخطيب مناظرات في مسائل مشكلات وربما تناظرا أكثر الليل وكان صاحب جد في الدين وكان ذا هدى ورشاد وصلاح معرضاً عن الرين حسين الصيت نير الوجه والسريرة بصير القلب والبصر متقللاً من الدنيا وارتحل من بلده تريم ودخل الهند وأخذ عن السيد الجليل عمر بن عبد الله باشيبان علوم الصوفية والأدب وأخذ السيد عمر عنه العلوم الشرعية وطلب منه السيد عمر أن يقيم عنده والتزم بما يحتاجه فقال حتى اجتمع بمن في الهند من المحققين فقصد مدينة بيجافور واجتمع فيها بالشيخ أبي بكر بن حسين بافقيه أخي شيخه القاضي بافقيه وأخذ عن هذين علوم التصوف والحقيقة وجلس يدرس أياماً ثم مات بمدينة بيجافور ودفن عند قبور بني عمه من السادة رضوان الله عليهم .عبد الله بن سالم بن محمد بن سهل بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوي بن محمد مولى الدويله اشتهر جده عبد الرحمن بصاحب خيله الشيخ الصوفي الكبير أحد أركان حضرموت ذكره الشلي وقال في حقه ولد بتريم وأخذ عن الأئمة الكبار وصحب العلماء العارفين وحفظ القرآن وأخذ عن السيد الجليل محمد بن عقيل وطب والشيخ عبد الله بن شيخ والقاضي عبد الرحمن بن شهاب الدين والسيد سالم بن أبي بكر الكاف وغيرهم ولازم الأخير ملازمة تامة وبرع في التصوف والحقائق ولبس الخرقة من جماعة من مشايخه واعتنى بعلم الحديث وسلك منهاج الصالحين من السلف من الزهد والتقوى والتقشف مع الورع الزائد ورحل إلى اليمن وأخذ بها عن جماعة ثم رحل إلى الحرمين وجاور بمكة سنين وأخذ بها عن جماعة من العارفين منهم الشيخ الكبير إبراهيم البنا تلميذ العارف بالله عبد الله بن محمد بافقيه والشيخ أحمد بن علان والسيد عمر بن عبد الرحيم البصري والشيخ سعيد بابفي وغيرهم ثم عاد إلى تريم ولما قدمها قال الشيخ عبد الله بن شيخ العيدروس قدم تريم صاحبها وأقام بها مدة يسيرة ثم توجه إلى الحرمين وأقام بهما سبع سنين وصحب جماعة من العارفين وأخذ عن غير واحد من المستوطنين والواردين منهم الشيخ الكبير العلم الشهير تاج العارفين سيدي محمد بن محمد البكري وحضر درس الشيخ الإمام الشمس محمد الرملي ولما دخل على تاج العارفين قرأ له قوله تعالى أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه وهذه عادته رضي الله عنه يقرأ لمن دخل عليه من العارفين آية مناسبة لحاله ومقامه وتجرد صاحب الترجمة للقيام بوظائف العبادة والإمعان في الرياضات ولما رجع إلى تريم نصب نفسه للإرشاد وحصل به نفع عام وتخرج به خلق كثير منهم ولده سالم والشيخ عبد الرحمن إمام السقاف والشيخ محمد بن عبد الله الغصن وكان هو والسيد الجليل أحمد بن محمد الحبشي رفيقين في الطلب من الصغر لا يفترقان ومن أوصاف صاحب الترجمة أنه كان حابساً نفسه عن أرباب الدنيا لا يقبل منهم هدية بل كان غنياً بما رزقه الله تعالى وكان قوته كفافاً ولما قال له بعض أهل الأهل الدنياأهلأهل الدنيا أريد أشتري لك نخلاً ينتفع به أولادك ولا يكونون كلاً بعدك فقال قد تكفل برزق الأولاد خالق العباد وله كرامات يظهرها عند الحاجة منها أن بعض بنات الدنيا عيرت بعض بناته بالفقر فأخبرته بذلك فقال لها سيفتح الله عليكم بما يغنيكم ويحتاج غيركم إليكم فكان الأمر كما قال فتح الله على بناته حتى احتاجت تلك البنت التي عيرتهن إلى أن تستعير منهن الحلي في مهماتها ولم يزل على طريقته المحمودة حتى توفي وكانت وفاته في سنة ثمان وأربعين وألف ودفن بمقبرة زنبل .عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن أبي بكر باقشير المكي أستاذ الأستاذين وكبير علماء قطر الحجاز في عصره وكان أديباً باهراً وشاعراً ماهراً ذكره السيد علي في السلافة فقال في وصفه خاتمة أئمة العربية وقائد صعابها الأبية ومن له فيها المزية العظمى والمحل الرفيع الأسمى مع تعلق بسائر الفنون وتحقق صدق به الظنون ورتبة في الأدب معروفة وهمة إلى تأثيل الفضل مصروفة رأيته غير مرة بالمسجد الحرام في حلقة درسه وهو يجني الأسماع من روض فضله ثمار غرسه وقد أصغت الإسماع إليه وجثت الطلبة على الركب بين يديه وذكره الشلي في تاريخه المرتب على السنين وبالغ في وصفه جداً ثم قال ولد بمكة في سنة ثلاث بعد الألف وحفظ القرآن والشاطبية وجوده وأحكم علم التجويد والقراآت وجد في الاشتغال حتى وصل إلى مرتبة لم ينلها أحد غيره من أهل عصره وكان على اختصاصه بحل الفنون أديباً إليه النهاية متميزاً في المعارف والآداب أخذ عن أئمة عديدة من أهل مكة منهم السيد عمر بن عبد الرحيم البصري والإمام عبد القادر الطبري وعبد الملك العصامي والشيخ أحمد بن علان وأحمد الحكمي ومن الواردين عن البرهان اللقاني وكان قوي الذكاء والفهم طلق اللسان خاشع القلب صادعاً بالحق ندى القلم وجلس للتدريس فلزمته الطلبة وأنجب تلاميذ أفاضل واتفق له أنه أقرأ التحفة لابن حجر درسا عاماً بالمسجد الحرام إلى أن ختمها ثم أعاد قراءتها إلى أن وصل فيها إلى باب الإجازة فتوفي ففيه إشارة إلى ثبوت الأجر له إن شاء الله تعالى فكمل ولده العلامة سعيد على قراءة والده حتى وصل إلى باب الجعالة ثم توفي إلى رحمة الله تعالى وثبت له الجعل من الله تعالى إذ لم يكن لهما معلوم على تدريسهما وهذا من لطيف الاتفاق ذكر ذلك بعض تلامذتهما وكان من عجائب الدهر كتب الكثير وحشى الحواشي وعلق التعاليق النفيسة والفتاوى العجيبة وكان كثير المحفوظ لطيف الأخلاق منور الشيبة كثير الوقار قليل الكلام طارحاً للتكلف جميل العشرة كثير التودد للناس قوي الهمة في الاشتغال مع الطلب بأدب وحفظ السان وحسن تصرف في الكلام وإحسان واعتراف وإخلاص طوية لا يقصد إلا وجه الله تعالى وانتفع به خلق كثير من أهل مكة واليمن والشأم والعراق وصنف التصانيف المقبولة منها مختصر الفتح شرح الإرشاد والتزم فيه ذكر خلاف التحفة والنهاية والمغني لكنه لم يتم واختصر نظم عقيدة اللقاني وشرح نظمه واختصر تصريف الزنجاني نظماً وشرحه شرحاص مفيداً ونظم الحكم وشرحه ونظم آداب الأكل وشرحه ومن شعره قوله:

    جاذبتها طرق الحديث مفاكهاً ........ فأبت سوى التهديد والتعنيف

    ورجوت منها الوصل لمحة ناظر ........ لأفوز بالتكريم والتشريف

    فكأنها التنوين رام إضافة ........ للصرف أو لإزالة التعريف

    وقوله:

    يا رب ما أمرضت من مسلم ........ فنجه من ثقل العائد

    فإنه أعظم مما به ........ ولم يقد رمرمن الجامد

    وقوله:

    مناصب العز بأيدي الرعاع ........ من ذكرها ينقصم الظهر

    يا زمناً نكس أعلامه ........ ملاذ من تمتحن الصبر

    وحذا حذوه صنوه محمد بن سعيد فقال

    مناصب العز لمن لا يرى ........ إلا فتى جلبابه الصبر

    فإن عن الكونين باق به ........ تغبطه العزة والفقر

    يعمل شكراً وكثير الورى ........ يبعثه للعمل الشكر

    وكانت وفاته يوم الاثنين لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وألف وتوفي قريباً منه أخوه ووالده ودفنوا كلهم بالمعلاة رحمهم الله تعالىالسيد عبد الله بن سيف الله السيد الشريف المعروف بابن سعدي القسطنطيني أحد الموالي الأجلاء الأديب المنشئ الشاعر المتخلص على دأب شعراء الروم بفائزي كان فاضلاً أديباً جسيماً وسيماً حسن النظم والنثر في الألسنة الثلاثة عارفاً بنقد الشعر وأساليبه وله الشهرة التامة بالمعرفة والتفنن لقي كثيراً من الفضلاء وأخذ عنهم ولازم من شيخ الإسلام يحيى بن زكريا ورد دمشق في خدمة أبيه لما صار قاضياً بالقدس مدرستين وهما التنكزية والمأمونية ورجع من المرة الثانية في سنة إحدى وثمانين وألف ودخل دمشق وأخذ عنه جماعة من أهلها ثم رحل إلى ثم بعد عوده إلى الروم درس بمدارس دار الخلافة إلى أن وصل إلى مدرسة موصلة السليمانية فجرى بينه وبين عمر بن سعدي القرماني المدرس امتحان في مجلس المفتي الأعظم وكان القرماني المذكور قليل البضاعة جداً لكن ساعده القدر بسبب انفعال السيد عبد الله من اقترانه به فتلاشى في البحث وظهر القرماني عليه فقدم عليه إلى المدرسة السليمانية وكان كثيراً ما يتمثل بعد هذه الواقعة بالبيتين المشهورين وهما

    إن أصلي وذكائي ........ من مرادي حرّماني

    ليتني كنت من التر _ ك جهولاً قرماني

    ثم بعد مدة وصل إلى السليمانية ودار الحديث وولي منها قضاء سلانيك في سنة اثنتين وسبعين وألف وتعصب عليه طائفة من أهلها فاشتكوا منه إلى السلطان ونقموا عليه أشياء فعزل في مدة جزئية وخرج خط شريف فيه بأن لا يلي القضاء بعدها فبقي مدة وقد ضربت العزلة عليه حجابها وانقطع عن الناس وضاق حاله من تكدر عيشه وتشتت حواسه حتى ولي شيخ الإسلام يحيى المنقاري منصب الفتا فأنقذه من ذلك الحال وشفع له عند السلطان بتوليته قضاء بروسه ثم نقله في مدة جزئية إلى إزمير فقوى رياشه وحسن معاشه ثم بعد مدة ولاه قضاء مكة المشرفة فورد دمشق في منتصف شعبان في سنة ثمان وسبعين وألف ورأيته بها فرأيت أديباً كامل الأوصاف قوي البداهة والحافظة إلا أن طبعه خارج عن الطباع لما فيه من شدة الحرارة فقد شاهدته في بحبوحة الشتاء واستحكام برد الشأم يجلس كاشفاً رأسه وكأنما بخار الحرارة الصاعد من رأسه دخان مدخنة حمام ولا يستقر لحظة إلا ويتطلب ثلجاً فيأكله بنهمة وكان بينه وبين والدي المرحوم مودة سالفة وصحبة قديمة فتقيد برعاية جانبه وسمعت والدي بقول وقد سئل عنه كأنما البلاغة تؤخذ عن لفظه والآداب ترنو عن لحظه وكان جرى بينهما مطارحات ومراسلات كثيرة من جملتها قصيدة كان والدي كتب إليه بها ومطلعها

    يا ساكناً بشغافي ........ وعن عيوني خافي

    طولت مدة بيني ........ وبعضها كان كافي

    كدرت بالبعد عيشي ........ من بعد ما كان صافي

    لهفي لطيب ليال ........ مرت لنا بالتصافي

    حيث الشباب قشيب ........ والدهر فيه موافي

    وسالف من زمان ........ تدار فيه سلافي

    من كف ريم كغصن ........ يميل بالأعطاف

    يزهو بوردي خد ........ يزري بورد القطاف

    زمان لهو تولى ........ بروضة ميناف

    تسقى من السحب وبلاً ........ بعارض وكاف

    يا دهر رفقاً بصب ........ حتى متى ذا التجافي

    وعدتني بالأماني ........ فكن بوعدك وافي

    واسمح برؤية مولى ........ سليل عبد مناف

    ذاك الهمام المفدى ........ وسيد الأشراف

    كم حل مشكل بحث ........ بلفظه الكشاف

    مولاي يا بحر فضل ........ طام من الجود طافي

    وفائزاً بقواف ........ قد أعجزت ابن قاف

    يا مفرد الروم حقاً ........ وجامع الألطاف

    أنت الغني بمدحي ........ عن كثرة الأوصاف

    فلا تظن بأني ........ لسابق الود جافي

    لو كنت أعلم صبري ........ لكن أمري خافي

    لكان سعيي إليكم ........ وفي حماكم طوافي

    فربع غيرك عندي ........ مولاي كالأعراف

    إن رمت تفصيل حالي ........ من الزمان المجافي

    ما إن تمنيت شيئاً ........ إلا أتى بالخلاف

    من جوره ضاق صدري ........ فسحت في الأرياف

    صحبت بالرغم مني ........ قوماً من الأجلاف

    حتى حللت بمصر ........ من بعد قطع الفيافي

    فلم أجد لي فيها ........ غير الثلاث الأثافي

    فلا صديق صدوق ........ ولا حبيب يوافي

    هذا زمان عجيب ........ ما فيه خل مصافي

    والفضل قد صار ذنباً ........ وللرواج منافي

    عسى الإله قريباً ........ يمن بالإسعاف

    بجاه خسير البرايا ........ والآل أهل العفاف

    واعذر بفضلك فضلى ........ ضاقت علي القوافي

    ودم بسعدك ترقى ........ لمنهل لك صافي

    ما غرد الورق شجوا ........ على غصون الخلاف

    مفكراً عهد صب ........ نأى عن الأحلاف

    فراجعه عنها بهذه القصيدة ومطلعها

    يا خير خل مصافي ........ لا زال وردك صافي

    أين الزمان الذي قد ........ كانه في التصافي

    ما بيننا غير ود ........ ما بيننا من خلاف

    طوراً نرى من ريا _ ض العلوم في الاقتطاف

    وتارة من بحار القري _ ض في الاغتراف

    كنا كمثل الثريا ........ بصحبة وائتلاف

    فصيرتنا بنات النع _ ش الليالي الجوافي

    بيتاً نروض بروض ........ يوماً مع الأحلاف

    وطيره في وفاق ........ ولحنه في خلاف

    إذ صاح منها غداف ........ تعساً لذاك الغداف

    فبان كل عن الأل _ ف وهي ذات آلاف

    قد انصرفنا بصرف ال _ زمان أي انصراف

    كل امرئ صار في جا _ نب من الأكناف

    ألقى الزمان المعادي الأ _ حباب في الأطراف

    أرجو لما فات من ذ _ لك التلاف التلافي

    عساي نحو دمشق ........ عما قليل أوافي

    عسى ليال تقضت ........ يعدن بالإسعاف

    آه عليها فآه ........ قد أسرعت في التجافي

    مضت سريعاً وولت ........ كمثل دهم خفاف

    مرت كخاطف برق ........ وطرن كالخطاف

    تبعتها لو أعانت ........ قوادمي والخوافي

    قد كن شام زماني ........ كالشأم في الأرياف

    دمشق أعني ودامت ........ مخضرة الأكناف

    قد خصها الله بين ال _ بلاد بالألطاف

    شوقي لها كل يوم ........ يزداد بالإضعاف

    أصبو إلى بداها ........ بلوعة والتهاف

    ولو قدرت إليها ........ أسرعت رجلان حافي

    نسيمها وهو ذو عل _ ة لدائي شافي

    أنهارها لجيو _ ش الهموم كالأسياف

    يزيد دمعي إذا ما ........ ذكرت تلك الصوافي

    بها حدائق فاقت ........ في أحسن الأوصاف

    تلك الحدائق تحكي ........ صفات خلي المصافي

    أخو وفاء يراعي ........ إخوانه ويصافي

    كل له مثبت الفض _ ل ما له من نافي

    مليك نظم ونثر ........ ملاك أمر القوافي

    الحل والعقد في ك _ فه بغير خلاف

    بجلق ذات فضل ........ الله ذي الألطاف

    يا من له كابن برد ........ برد من الفضل ضافي

    يا ظافراً بقواف ........ أعيت عويف القوافي

    أتحفتنا بقريض ........ أحين بذا الإتحاف

    أقرضت قرضاً وأس _ لفت أحسن الأسلاف

    فائية ما رأينا ........ مثلاً لها في القوافي

    ما من سناد خليلي ........ بها ومن إصراف

    تزففت بكراً عروباً ........ إلي خير زفاف

    بختمها بلغتني ........ مصونة في السجاف

    صداقها صدق ودي ........ حفظته في شغافي

    أحببتها منذ دهر ........ وأولعت بخلافي

    علقتها ذات ظلم ........ عديمة الإنصاف

    عشقتها فغدت في ........ هجري وفي إحصافي

    قد أدنفتني زماناً ........ وما لدائي شافي

    والآن رقت فوافت ........ أعزز بطب موافي

    عادت فعادت لتبري ........ مريضها وتعافي

    قد عاملت بعد حيف ........ بالفضل والإلطاف

    زارتني من غير وعد ........ بعد اجتياب الفيافي

    قد كنت أرقبها قا _ ئلاً عسى أن توافي

    يا صاح يا من حكى طب _ عه الزلال الصافي

    عتبت ودك في ترك ال _ كتب والعتب شافي

    لا تعذلني فهذا ........ حوب الزمان المجافي

    وإن يكن ذاك ذنبي ........ فاصفح ومثل عافي

    ما أجمل الصفح عن ذن _ ب مجرم ذي اعتراف

    والله ربي الذي لا ........ تخفى عليه الخوافي

    حبيسك في كل حين ........ يكون في استحصاف

    رأس كقاف وإن كان ........ بيننا بعد قاف

    لا زلت ترفل عزاً ........ وثوب قدرك ضافي

    قابلت جيدة قد ........ أهديت بالسفساف

    فاعذر وثن بأخرى ........ يا واحد الآلاف

    هذا ما وقفت عليه من شعره العربي وأما شعره التركي ومنشآته وآثاره فكثيرة ورحل مع الحج وحج تلك السنة وأقام بمكة فتوفي في أوائل سنة تسع وسبعين وألف عن خمسين سنة فإن ولادته في سنة ثلاثين وألف كما حررها والدي .عبد الله بن شيخ بن عبد الله بن الشيخ عبد الله العيدروس المكنى بأبي محمد الإمام الكبير أستاذ الأساتذة وخاتمة العلماء بقطر اليمن قال الشلي في ترجمته ولد بمدينة تريم في سنة خمس وأربعين وتسعمائة ونشأ بها وحفظ القرآن واعتنى بالطلب أتم الاعتناء ولزم والده وأخذ عنه كثيراً من الفنون وهو شاب وأخذ الفقه عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن والشيخ حسين بن عبد الله بن عبد الرحمن بلحاج والشيخ الولي أحمد بن عبد الله بن عبد القوي ثم ارتحل لوالده بأحمد آباد في سنة ست وستين وتسعمائة وأخذ عنه علوماً شتى وأول كتاب قرأه عليه كتاب الشفاء وحج وأخذ بالحرمين عن جميع كثير ثم عاد إلى بلده تريم ونصب نفسه للنفع والإقراء وقصده الناس من أقصى البلاد وصار شيخ البلاد الحضرمية وألحق الأحفاد بالأجداد وكان عالماً متضلعاً تفسيراً وحديثاً وأصولاً وأخذ عنه خلق لا يحصون أكثرهم ممن بلغ فضله حد التواتر منهم أولاده الثلاثة محمد وشيخ وزين العابدين وحفيده الشيخ عبد الرحمن السقاف بن محمد والشيخ أبو بكر الشلي والإمام عبد الله بن محمد بروم والشيخ حسين بن عبد الله الغصن وشيخ الإسلام أبو بكر بن عبد الرحمن وشهاب الدين والقاضي أحمد بن حسين بلفقيه والشيخ عبد الرحمن بن عقيل والسيد أبو بكر بن علي خرد والشيخ نزين وحسين بأفضل وغيرهم ممن لا يحصى وكان يجلس من أول الضحى إلى منتصف النهار ومد الله تعالى له في عمره حتى انتفع به العلماء الكبار من كل قطر وكان كريماً إلى الغاية صاحب جاه وشأن واتفق أهل عصره على إمامته وتقدمه وكان له في القلوب هيبة عظيمة مع حسن الخلقة وقبول الصورة ونور الطاعة وجلالة العبادة وحسن الخلق وكان كثير الإنصات دائم العبادة وكان لا يخرج من بيته إلا لحضور جمعة أو جماعة أو لإجابة وليمة وإذا خرج من بيته يزدحم الناس على تقبيل يده ويلتمسون بركته وله كرامات كثيرة من أعظمها أن بعض أتباعه سرق بعض متاعه فتعب لذلك تعباً شديداً فلما رأى شدة تعبه قال: له اذهب إلى محل كذا واجلس فيه وأول من يمر بك أمسكه وطالبه بما سرق لك فإن أعطاك وإلا فأت به إلي ففعل ذلك فأعطاه متاعه كما هو ولم يذهب منه شيء ورأى بعض العارفين في المنام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في محراب مسجد مديحج والشيخ عبد الله صاحب الترجمة يصلي خلفه مقتدياً به والشيخ عبد الله بن أحمد بن حسين العيدروس يصلي خلف صاحب الترجمة والأولان في الرواق المسقف والأخير في الصحن والمطر نازل عليه فلما أصبح قصها على بعض العارفين فقال هذه الرؤيا تدل على كمال اتباع الشيخ عبد الله بن شيخ للنبي صلى الله عليه وسلم لكونه أقرب إليه وعلى صفته والمطر هو الكرامات لأن عبد الله بن أحمد كثير الكرامات واتفق له كثير مما يدل على رعاية الأحوال الباطنية ومحاسبة النفس ومن شرح أحواله وحكاياته من جماعته لم يعلم الوقوف على كثير من كشفه وكراماته وله مآثر كثيرة بتريم منها المسجدان المشهورإن أحدهما في طريق تريم الشمالي ويسمى مسجد الأبرار والآخر في طرفها الجنوبي ويسمى مسجد النور وبنى بقرب مسجد النور سبيلاً يملأ دائماً وغير ذلك وغرس نخيلاً كثيراً ينتفع به كثيرون من الفقراء وأبناء السبيل ومدحه كثير من الفضلاء بقصائد طنانة وبالجملة فهو عالم ذلك القطر وإمامه وكانت وفاته يوم الخميس خامس عشر ذي القعدة سنة تسع عشرة وألف وهو ساجد في صلاة العصر بعد توعك قليل وارتجت لموته البلاد وحضر لتشييعه خلائق لا يحصون وصلوا عليه عشية يوم الجمعة صلى عليه إماماً ولده الشيخ زين العابدين وحضر السلطان وأتباعه للصلاة عليه ودفن بمحل بطرف مقبرة زنبل اشتراه وهو بين المقبرة ومسجد النور وعمل عليه قبة .عبد الله بن شيخ بن عبد الله بن عبد الرحمن بن شيخ بن عبد الله بن الشيخ عبد الرحمن السقاف اشتهر جده بالضعيف تصغير ضعيف الشيخ العالي القدر العالم الرباني ولد بمدينة قسم وصحب أباه وأخذ عمن بها من الأعيان ثم رحل إلى تريم وأخذ عن جماعة من علمائها منهم الشيخ عبد الله بن شيخ وولده زين العابدين وعبد الرحمن السقاف العيدروسيين وأخذ عن الشيخ أبي بكر الشلي ثم رحل إلى الحرمين وأخذ بمكة عن السيد عمر بن عبد الرحيم البصري والشيخ العارف أحمد بن علان والشيخ تاج الهندي

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1