Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Ebook731 pages6 hours

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

سفر جليل حوى ما تفرق في غيره من التراجم النادرة التي قد يصعب العثور عليها في مكان آخر . والمصنف لم يقتصر على فئة معينة بل شمل كل من عثر على ترجمة له ، سواء كان عالما جليلا أو سلطانا مطاعا أو أميرا من امراء الامصار أو متصوفا ذاع صيته أو اديب شهير ،
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 15, 1903
ISBN9786482065959
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Related to خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Related ebooks

Reviews for خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر - المحبي

    حرف الهمزة والألف

    آدم الرومي الانطالي الحنفي الاستاذ الشهير أحد خلفاء طريقة العارف بالله تعالى جلال الدين الرومي المعروف بملا خدا وندكار وكان شيخ زوايتهم المعروفة بمدينة الغلطة وليها في سنة أحدى وأربعين وألف وكان له الخطوة التامة عند اركان دولة بنى عثمان سلاطين زماننا نصرهم الله تعالى لا يزال مجلسه غاصا بأعيانهم وهو من بيت كبير بانطاليه على وزن انطاكيه بلدة كبيرة بأراضي قرمان على ساحل البحر الرومي وطاؤها في نطق العوام تبدل ضادا ويحذفون نونها فيقولون اضاليه ولبيتهم فيها أملاك وتعلقات جمة وكان مائلاً إلى الترفه والإحتشام الزائد وكان إذا ركب مشى في ركابه ما يقارب المائة رجل من حفدته ومريديه وكان الناس عليه اقبال زائد ومع ذلك كان ملازما على العبادة والوعظ وكان يحل المثنوى حلا جيدا وكان في أوائل أمره مفرط السخاء لا تكاد عطيته تنقص عن مائة دينار وحكى بعض الافاضل ممن يعرفه انه كان في عهد السلطان مراد ظهر شخص يتقن ضرب الطنبور فشغف به السلطان وطلبه ليلة فوجد عند آدم هذا فأتواه به فقال له كم كانت جائزتك فقال ها هي بيدي وكانت مائة دينار وكان لمشايخ الغلطة في ذلك العهد ميقات في داخل حرم السلطنة في كل شهر ليلة يقيمون فيها السماع بحضرة السلطان ولهم تعايين فخضر آدم ليلة ومعه جماعته وأقاموا السماع فأمر السلطان بأن ينقص معلومهم بمسمع من آدم وقال لجماعته وأقاموا السماع فأمر السلطان بأن نيقص معلومهم بمسمع من آدم وقال لجماعته قولوا له العطايا مهما كثرت لا تبلغ عطيته فكف من ذلك العهد كفه عن الافراط واقتصر على ما هو متعارف عند الدولة وسافر آخر أمره إلى القاهرة من طريق البحر بنية الحج في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وألف فرض بمصر مدة وتوفى بها وكانت وفاته في شهر رمضان سنة ثلاث وستين وألف رحمه الله تعالىالشيخ إبراهيم بن ابراهيم بن حسن بن علي بن علي بن علي بن عبد القدوس بن الولى الشهير محمد بن هارون المترجم في طبقات الشعراني وهو الذي كان يقوم لوالد سيدي ابراهيم الدسوقي إذا مر عليه ويقول في ظهره ولي يبلغ صيته المغرب والمشرق وهذا المذكور هو الامام أبو الامداد المقلب برهان الدين اللقاني المالكي أحد الاعلام المشار إليهم بسعة الأطلاع في علم الحديث والدراية والتبحر في الكلام وكان إليه المرجع في المشكلات والفتاوى في وقته بالقاهرة وكان قوى النفس عظيم الهيبة تخضع له الدولة ويقبلون شفاعته وهو منقطع عن التردد إلى واحد من الناس يصرف وقته في الدرس والأفادة وله نسبة هو وقبيلته إلى الشرف لكنه لا يظهره تواضعا منه وكان جامعا بين الشريعة والحقيقة له كرامات خارقة ومزايا باهرة حكى الشهاب البشبيشي قال ومما اتفق أن الشيخ العلامة حجازي الواعظ وقف يوما على درسه فقال له صاحب الترجمة تذهبون أو تجلسون فقال له اصبر ساعة ثم قال والله يا ابراهيم ما وقفت على درسك إلا وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا عليه وهو يسمعك حتى ذهب صلى الله عليه وسلم وألف التآليف النافعة ورغب الناس في استكثابها وقراءتها وأنفع تأليف له منظومته في علم العقائد التي سماها بجوهرة التوحيد أنشأها في ليلة باشارة شيخه في التربية والتصوف صاحب المكاشفات وخوارق العادات الشيخ الشرنوبي ثم أنه بعد فراغه منها عرضها على شيخه المذكور فحمده ودعاله ولمن يشتغل بها بمر يد النفع وأوصاه شيخه المذكور أن لا يعتذر لاحد عن ذنب أو عيب بلغه عنه بل يعترف له به ويظهر له التصديق على سبيل التورية تركالتزكية النفس فما خالفه بعد ذلك أبدا وحكى أنه كان شرع في اقراء المنظومة المذكورة فكتب منها في يوم واحد خمسمائة نسخة وألف عليها ثلاثة شروح والأوسط منها لم يحرره فلم يظهر وله توضيح الفاظ الا جروميه وقضاء الوطر من نزهة النظر في توضيح نخبة الاثر للحافظ ابن حجر واجمال الوسائل وبهجة المحافل بالتعريف برواة الشمايل ومنار أصول الفتوى وقواعد الافتاء بالاقوى وعقد الجمان في مسائل الضمان ونصيحة الاخوان باجتناب شرب الدخان وقد عارضها معاصره الشيخ علي بن محمد الأجهوري المالكي برسالة أولى وثانية أثبت فيهما القول بحل شر به ما لم يضر وله حاشية على مختصر خليل وكتاب تحفة درية على ابهلول بأسانيد جوامع أحاديث الرسول هذه مؤلفاته التي كملت وأما التي لم تكمل فمنها تعليق الفوائد على شرح العقائد للسعد وشرح تصريف العزى للسعد أيضا سماه خلاصة التعريف بدقائق شرح التصريف وحاشية على جمع الجوامع سماها بالبدور اللوامع من خدور جمع الجوامع وجمع جزءا في مشيخته سماه نثر المآثر فيمن أدرك من القرن العاشر ذكر فيه كثيرا من مشايخه من أجلهم علامة الاسلام شمس الملة والدين محمد البكري الصديقي والشيخ الامام محمد الرملي شارح المنهاج والعلامة أحمد بن قاسم صاحب الآيات البينات وغيرهم من الشافغية وشيخ الاسلام علي بن غانم المقدسي والشمس محمد النحريري والشيخ عمر بن نجيم من الحنفية والشيخ محمد السنهوري والشيخ طه والشيخ أحمد المنياوي وعبد الكريم البرموني مؤلف الحاشية على مختصر خليل وغيرهم من المالكية ومن مشايخه في الطريق الشيخ أحمد البلقيني الوزيري والشيخ محمد بن الترجمان وجماعة كثيرة غيرهم وذكرانه لم يكثر عن أحد منهم مثل ما أكثر عن الأمام الهمام أبي النجا سالم السنهوري ويليه الشيخ محمد البهنسي لأنه كان يختم في كل ثلاث سنين كتابا من أمهات الحديث في رجب وشعبان ورمضان ليلا ونهارا ويليه الشيخ يحيى القرافي المالكي أمام الناس في الحديث تحريرا واتقانا شيخ رواق ابن معمر بجامع الأزهر هكذا ذكر الشيخ الأمام أحمد بن أحمد العجمي المصري الآتي ذكره في ترجمة اللقاني من مشيخته لكن أطال في تعداد مشايخه أكثر مما ذكرته وبالجملة فهو متفق على جلالته وعلو شأنه وأخذ عنه كثير من الأجلاء منهم ولده عبد السلام والشمس البابلي والعلاء الشبراملسى ويوسف الفيشي ويس الحمصي وحسين النماوي وحسين الخفاجي وأحمد العجمي ومحمد الخرشي المالكي وغيرهم ممن لا يحصي كثرة ولم يكن أحد من علماء عصره أكثر تلامذة منه وكان كثير الفوائد وينقل عنه منها أشياء كثيرة منها أن من قرأ على المولود ويد القارىء على رأس المولود ليلة ولادته سورة القدر لم يزن في عمره أبدا وبخطه أيضا المنجيات على طريقة

    يس تنجي من دخان الواقعة ........ والملك والأنسان نعم الشافعه

    ثم البروج لها انشراح هذه ........ سبع وهن المنجيات النافعه

    وعلى طريقة أخرى

    جرز ويس التي قد فصلت ........ تنجي الموحد من دخان الواقعه

    وتمام سبع المنجيات بحشرها ........ والملك فاحفظها فنعم الشافعه

    والمنقذات السبع سورة كوثر ........ متتاليات ثم ست تابعه

    والمهلكات السبع قل مزمل ........ ثم البروج وطارق هي قاطعه

    ثم الضحى والشرح مع قدر ل _ إيلاف لاهلاك العدو مسارعه

    ونقل في شرحه على الجوهرة قال ليس للشدائد والغموم مما جر به المعتنون مثل التوسل به صلى الله عليه وسلم ومما جرب في ذلك قصيدتي الملقبة بكشف الكروب بملاحات الحبيب والتوسل بالمحبوب التي أنشأتها باشارة وردت على لسان الخاطر الرحماني عند نزول بعض الملمات فانكشفت باذن خالق الارض والسموات وكاشف المهمات لا أله غيره ولا خير الاخيره وهي

    يا أكرم الخلق قد ضاقت بي السبل ........ ودق عظمي وغابت عني الحيل

    ولم أجد من عزيز أستجير به ........ سوى رحيم به تستشفع الرسل

    مشمر الساق يحمى من يلوذ به ........ يوم البلاء إذا ما لم يكن بلل

    غوث المحاويج أن محل ألم بهم ........ كهف الضعاف اذا ما عمها الوجل

    مؤمل البائس المتروك نصرته ........ مكرم حين يعلو سره الخجل

    كنز الفقير وعز الجود من خضعت ........ له الملوك ومن تحيابه المحل

    من لليتامى بمال يوم أزمتهم ........ وللارامل ستر سابغ خضل

    ليث الكتائب يوم الحرب ان حميت ........ وطيسها واستحد البيض والاسل

    من ترتجى في مقام الهول نصرته ........ ومن به تكشف الغماء والغلل

    محمد ابن عبد الله ملجاؤنا ........ يوم التنادى إذا ما عمنا الوهل

    الفاتح الخاتم الميمون طائره ........ بحر العطاء وكنز نفعه شمل

    الله أكبر جاء النصر وانكشفت ........ عنا الغموم وولي الضيق والمحل

    بعزمة من رسول الله صادقة ........ وهمة يمتطها الحازم البطل

    أغث أغث سيد الكونين قد نزلت ........ بنا الرزايا وغاب الخل والاخل

    ولاح شيبي وولى العمر منهزما ........ بعسكر الذنب لايلوى به عجل

    كن للمعنى مغيثا عند وحدته ........ وكن شفيعاله ان زلت النعل

    فجملة القول أني مذنب وجل ........ وأنت غوث لمن ضاقت به السبل

    صلى عليك الهى دائما أبدا ........ ما ان تعاقبت الضحواء والاصل

    وآلك الغر والصحب الكرام كذا ........ مسلما والسلام الطيب الحفل

    وكانت وفاته وهو راجع من الحج سنة احدى وأربعين وألف ودفن بالقرب من عقبة أيلة بطريق الركب المصري وفي هذه السنة توفي الحافظ الكبير أبو العباس أحمد المقري المالكي الآتي ذكره أن شاء الله تعالى وقال فيهما المصطفى ابن محب الدين الدمشقي يرثيهما شعر

    مضى المقرى اثر اللقاني لاحقا ........ أمامان ما للدهر بعدهما خلف

    فبدر الدجى أجرى على الخدد معه ........ فأثر ذاك الدمع ما فيه من كلف

    واللقاني بفتح اللام ثم قاف وألف ونون نسبته إلى لقانة قرية من قرى مصر وأيلة بفتح الهمزة وسكون المثناة من تحت ولام وهاء وهي كانت مدينة صغيرة وكان بها زرع يسير وهي مدينة اليهود الذين جعل منهم القردة والخنازير وعلى ساحل بحر القلزم وهي في زماننا برج وبها وال من مصر وليس بها مزدرع وكان لها قلعة في البحر فأبطلت ونقل الوالي إلى البرج في الساحل كذا في تقويم البلدان للملك المؤيد اسماعيل صاحب حماهابراهيم بن أبي بكر بن اسماعيل الدنابي العوفي نسبته إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الدمشقي الصالحي الاصل المصري المولد والوفاة كان من أعيان الافاضل له اليد الطولي في الفرائض والحساب مع التبحر في الفقه وغيره من العلوم الدينية وهو خبلى المذهب نشأ بمصر وأخذ الفقه عن العلامة منصور البهوتي والحديث عن جمع من شيوخ الازهر وأجازه غالب شيوخه وألف مؤلفات منها شرح على منتهى الارادات في فقه مذهبه في مجلدات ومناسك الحج في مجلدين ورسائل كثيرة في الفرائض والحساب وكان لطيف المذاكرة حسن المحاضرة قوى الفكرة واسع العقل وكان فيه رياسة وحشمة موفورة ومروءة وكان من محاسن مصر في كمال أدواته وعلومه مع الكرم المفرط والاحسان إلى أهل العلم والمترددين إليه وكان حسن الخلق والأخلاق وكان يرجع إليه في المشكلات الدنيوية لكثرة تدبره في الأمور ومنازلته لها وبالجملة فإنه كان حسنة من حسنات الزمان وكانت ولادته بالقاهرة في سنة ثلاثين وألف وتوفي بها فجأة ظهر يوم الاثنين رابع عشر من ربيع الثاني سنة أربع وتسعين وألف وصلى عليه ضحى يوم الثلاثاء ودفن بتربة الطويل عند والده رحمهما الله تعالىابراهيم بن أبي اليمن بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد السلام بن أحمد البتروني الأصل الحلبي المولد الحنفي الفاضل الأديب المشهور صدر قطر حلب بعد أبيه اشتغل في عنفران عمره وسلك طريق القضاء وتولى مناصب عديدة منها حماة ثم ترك وعكف على دفاتره وتشييد مفاخره وتفرغ له أبوه عما كان بيده من مدارس وجهات وبقيت في يده سوى افتاء الحنفية فإنها وجهت إلى غيره وكان حسن المحاضرة شاعرا مطبوعا وشعره كثير الملح والنكت حسن الديباجة أنشد له البديعي في ذكرى حبيب قوله في فتح الله بن النحاس الشاعر المشهور الآتي ذكره وكان يميل إليه قال وكان فتح الله مع تفرده بالحسن ولوعا بالتجني وسوء الظن بصيرا بأسباب العتب يبيت على سلم ويغدو على حرب كم من متيم في حبه رعى النجم فرقا من الهجر لورعاه نرهادة لادرك ليلة القدر بخيلا بنزر الكلام يضن حتى برد السلام شعر

    مهلك العشاق مهلا ........ فيك لي منك انتقام

    بشعيرات كمسك ........ هن للمسك ختام

    وله فيه أيضا من أبيات

    بيني وبينك مدة فإذا انقضت ........ كنت الجديربان تعزى في الورى

    رفقا بقلب أنت فيه ساكن ........ ان الحياة إذا قضى لا تشتري

    فاردد على طرفي المنام لعله ........ يلقي خيالا منك في سنة الكرى

    واسأل عيونا لا تمل من البكا ........ عن حالتي ينبيك دمعي ما جرى

    وقال فيه أيضا وقد عشق مليحا اسمه موسى فتجنى عليه

    كل فرعون له موسى وذا ........ في الهوى موساك يوليك النكد

    فكما أكمدت من يهواك بل ........ عدمت صدا وذق طعم الكمد

    ومن شعره قوله من قصيدة في الأمير محمد بن سيفا مطلعها:

    أربي على شجو الحمام الغرد ........ وشد افبرح بالحسان الحرد

    شاد يشادبه السرور لمعشر ........ عمروا مجالس أنسهم بالصرخد

    في مجلس قام الصفاء به على ........ ساق وشمر للمسرة عن يد

    إلى أن يقول فيها

    ولقد شكوت له الهوى ليرق لي ........ فنأى عن المضني بقلب جلمد

    وأبي سوى رقى فقلت له اتئد ........ أني رفيق للأمير محمد

    وله غير ذلك من محاسن الشعر وعيونه وكانت وفاته في سنة ثلاث وخمسين وألف عن نحو أربع وسبعين سنة ودفن بجانب والده بالصالحية والبتروني بفتح الباء الموحدة وسكون التاء المثناة ثم راء وواو ونون نسبة إلى البترون بليدة بالقرب من طرابلس الشام خرج منها جماعة من العلماء وأول من دخل حلب من بيت البتروني هؤلاء عبد الرحمن جد ابراهيم هذا دخلها في سنة أربع وستين وتسعمائة وتوطنها وسنذكر من هذا البيت عدة رجال أنجبت بهم الشهباءالشيخ ابراهيم بن أحمد بن علي بن أحمد بن يوسف بن حسين بن يوسف بن موسى الحصكفي الأصل الحلبي المولد العباسي الشافعي المعروف بابن المنلا وسيأتي والده أحمد شارح مغني اللبيب وأخوه محمد فقد أفرد في ظل أبيه وأخذ عنه العلوم وتخرج عليه في الأدب وأخذ عن البدر محمود البيلوني وعن الشيخ عمر العرضي وكتب إليه جدي القاضي محب الدين بالأجازة من دمشق في سنة خمس وتسعين وتسعمائة وحج بعد الألف ورجع إلى حلب وانعزل عن الناس ولزم المطالعة والكتابة والتلاوة للقرآن كثيرا وكان صافي السريرة لا تعهد له زلة ونظم الدرر والغرر في فقه الحنفية من بحر الرجزودل على ملكته الراسخة فان العادة فيما ينظم أن يكون مختصرا وبالجملة فإنه كان يغلب على طبعه الأدب وكان له حسن محاضرة وله شعر قليل منقح منه قوله:

    ولما انطوت بالقرب شقة بيننا ........ وغابت وشاة دوننا وعيون

    بسطت لها والوجد يعبث بالحشا ........ شجون حديث والحديث شجون

    الحديث شجون مثل من أمثال العرب وأصله ذو شجون أي ذو طرق والواحد شجن بسكون الجيم وقد نظم أبو بكر القهستاني هذا المثل ومثلا آخر في بيت واحد وأحسن ما شاء وهو قوله:

    تذكر نجدا والحديث شجون ........ فجن اشتياقا والجنون فنون

    ولابن المنلا من قصيدة قرظ بها شعرا ليوسف بن عمران الحلبي الشاعر المشهور

    أطرسك هذا أم لجين مذهب ........ ونظمك أم خمر لهمى مذهب

    وتلك سطور أم عقود جواهر ........ وزهر سماء أم هو الروض مخصب

    وتلك معان أم غوان تروق لل _ عيون وباللحن المسامع تطرب

    فياحبذا هذي القوافي التي بمن ........ يعارضها ظفر المنية ينشب

    لقد أحكمتها فكرة ألمعية ........ فكدت لها من رقة النظم أشرب

    فمن غزل كم هز ذا صبوة إلى ال _ تصابي فأضحى بالغزال يشبب

    فيا بحر فضل فائض بلآلىء ........ لها فكرك الوقاد مازال يثقب

    ظننت بأني للخطوب مؤهل ........ فأرسلته شعرا لنظمي يخطب

    فعذر افان الفكر في مشتت ........ وعقلي بأيدي حادث الدهر ينهب

    فقوله فكدت لها من رقة النظم أشرب حسن والأحسن أن ينسب الشرب إلى السمع كما قال الآخر في وصف قصيدة تكاد من عذوبة الألفاظ تشربها مسامع الحفاظ وله غير ذلك وكانت وفاته بعد الثلاثين وألف بقليل والحصكفي بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين وفتح الكاف وفي آخرها الفاء هذه النسبة إلى حصن كيفا وهي من ديار بكر قال في المشترك وحصن كيفا على دجلة بين جزيرة ابن عمر وميافارقين وكان القياس أن ينسبوا إليه الحصنى وقد نسبوا إليه أيضا كذلك لكن إذا نسبوا إلى اسمين أضيف أحدهما إلى الآخر ركبوا من مجموع الأسمين اسما واحدا ونسبوا إليه كما فعلوا هنا وكذلك نسبوا إلى رأس عين رسعني وإلى عبد الله وعبد شمس وعبد الدار عبد لي وعبشمي وعبدري وكذلك كل ما هو نظير هذا والعباسي نسبة إلى العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكر أن جده كان منسوبا إليه واشتهر بيتهم في حلب ببيت المنلا لأن جد والد ابراهيم هذا كان يعرف بمنلا حاجي وكان قاضي قضاة تبريز وله شرح على المحرر في فقه الشافعي للرافعي وحاشية على شرح العقائد للتفتازاني سماها تحفة الفوائد لشرح العقائد وحشى شرح الطوالع وشرح الشاطبية وفصوص ابن عربي وكتب على الجغميني في الهيئة شيئاالمولى ابراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن محمد الكواكبي الحلبي قاضي مكة من أجلاء العلماء قرأ في مبادي عمره على الشيخ الأمام عمر العرضي وعلى والده في مقذمات العلوم حتى حصل ملكة ثم توجه إلى دار الخلافة وسلك طريق الموالي وقرأ على بعض أفاضل الروم حتى صارت له الملكة التامة ثم من الله عليه فتزوج بابنة المولى عبد الباقي بن طورسون واستصحبه معه لما ولي قضاء مصر إليها فحصل له مالا جزيلا ثم رجع في خدمته إلى قسطنطينية فمات ابن طورسون ثم ماتت الزوجة وتصرم المال وقصر في النهوض فأخذ بعد اللتيار والتي مدرسة أيا صوفية ثم لم يزل يطلب عزل نفسه عن المدرسة فلا يوافقونه حتى تركها شاغرة من غير أخذ معلوم ولا القاء درس أصلا وكان أيام الأنفصال الكبير ورد حلب ووالداه حيان فنزل عند والده فشكت أمه إليه من أبيه ما يصنع بها فتشا جرهو وأبوه وتقاضيا ورحل عن دار والده وصار كل يسب الآخر فاسترضى العرضى المذكور وجماعة من العلماء الابن ثم أخذوه إلى والده فقيل يده وتبار يا من الطرفين وآخر الأمر أعطى قضاء مكة فسافر من مصر بحرا ثم أراد أن ينقل ابنه من سفينة صغيرة إلى مركب مخافة عليه وحمله إلى المركب فسقط إلى البحر وغرق وتناول بعض الخدمة الولد فنجا وذلك حين توجهه عند جده في سنة تسع وثلاثين وألف وكان عمره نحو سبعين سنة وبنوا الكواكبي بحلب طائفة كبيرة سيأتي منهم في كتابنا هذا جماعة وكلهم علماء وصوفية وأول من اشتهر منهم محمد بن ابراهيم المتوفي سنة سبع وتسعين وثمانمائة ذكره ابن الحنبلي في تاريخه قال ودفن بجوار الجامع المعروف الآن بجامع الكواكبي عجلة الجلوم بمدينة حلب وعمرت عليه قبة من مال كافل حلب سيباى الجركسى وكانت طريقته أردبيلية وأنما قيل له الكواكبي لأنه كان في مبدأ أمره حدادا يعمل المسامير الكواكبيه ثم فتح الله عليه وحصلت له الشهرة الزائدةالسلطان ابراهيم بن أحمد بن محمد بن مراد بن سليم بن سليمان بن سليم بن بايزيد ابن محمد بن مراد بن محمد بن يلد رم بايزيد بن مراد بن أورخان بن عثمان بن أرطغرل ابن سليمان شاه السلطان الأعظم أحد ملوك آل عثمان المطوق بعقد مفاخرهم جيد الزمان قد تقرر أن أصل بيتهم من التركمان النزالة الرحالة من طائفة التاتار وينتهي نسبهم إلى يافث بن نوح وهو الجد السادس والأربعون للسلطان ابراهيم ولما كانت أسماؤهم أعجمية أضربت عن ذكرها لطولها واستعجامها وربما يقع فيها التصحيف والتحريف ان لم يضبط شيء منها ولا حاجة إلى الأحاطة فيها بلا فائدة فانها مذكورة في التواريخ التركية وأما ذكر مبدأ ظهورهم فهو شائع مشهور وقد تكفل به غير واحد من المؤرخين فلا نطيل بذكره ونرجع إلى ما هو الغرض من ترجمة السلطان ابراهيم فنقول تولى السلطنة بعد موت أخيه السلطان مراد في تاسع شوال سنة تسع وأربعين وألف وقيل في تاريخه على لسانه استعنت بالله وكان ملكا معظما حسن المنظر سمح الكف وكان زمانه أنضر الأزمان وعصره أحسن العصور وأطاعته جميع الممالك وسكنت بيمن دولته الفتن واعتدل به الزمن وفيه يقول الأمير منجك بن محمد المنجكي الدمشقي قصيدته التي مدحه بها وهي من غرر القصائد ومطلعها

    لو كنت أطمع بالمنام توهما ........ لسألت طيفك أن يزور تكرما

    حاشا صدودك أن تذم فإنها ........ تحلو لدى وأن أسيغت علقما

    فاهجر فهجرك لي التفات مودة ........ ألقاه منك تحننا وترحما

    عذاب فؤادي بالذي تختاره ........ لو كنت منسيا تركت وإنما

    لو لم تكن بغبار طرفك أكحلت ........ عين الغزالة صدها وجه الدما

    ومن جملتها وهو محل الشاهد

    ملك من الإيمان جرد صارما ........ بالحق حتى الكفر أصبح مسلما

    لو شاهد المطرود سطوة بأسه ........ في صلب آدم للسجود تقدما

    العدل أخرس كان قبل زمانه ........ أذنت له الأيام أن يتكلما

    لم تخط آساد الفلا في عهده ........ بين الشقائق خيفة أن تتهما

    عقد المثار على العداة سحائبا ........ لولا الحيا لسقي العدا منها دما

    ودعت ظباه الطير حتى أنه ........ قد كاد يسقط فرخه نسر السما

    وكان صاحب طالع سعيد ما جهز جيشا إلى ناحية إلا انتصر ولا قصد فتح بلدة الأظفر ومن الفتوحات التي وقعت في عهده فتح قلعة ازاق، وكان أهل دائرتها من الكفار أظهروا الشقاق فجهز إليهم جيشا فافتتحوها في سنة اثنتين وخمسين وألف ومنها فتح خانية أحد البلاد المشهورة بجزيرة اقريطش بفتح الألف وسكون القاف وكسر الراء المهملة وسكون المثناة من تحت وكسر الطاء المهملة وفي آخرها شين معجمة وتعرف الآن بجزيرة كريت وكانت لملوك الفرنج المعروفين بالبندقية وهذه الجزيرة من أعظم الجزائر وأكبرها تشتمل على بلاد ورساتيق كثيرة وذكر بعض من دخلها أن بها من القرى أربعا وعشرين ألف قرية وأن دورها ثلثمائة وخمسون ميلا وذكر في كتاب الفرس أن دورها مسيرة خمسة عشر يوما وهي ذات رياض نضرة وبها أنواع الفواكه والثمار وخيراتها وافرة وبالجملة فإنها من أحاسن الجزائر وكان السلطان ابراهيم أرسل إليها عساكره بالسفن الكثيرة وقدم عليهم حاكم البحر يوسف باشا الوزير فدخل الجزيرة وحاصر قلعة خانية وافتتحها وكان ذلك في عشري جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وألف ثم بعد ما قدم إلى القسطنطينية قتله السلطان لأمر نقمه عليه وأمر مكانه الوزير الكبير حسين باشا المعروف بدا لي حسين وجهز معه عدة من وزرائه وأمرائه إلى فتح الجزيرة بتمامها فوصل إليها ونازل قلعة رتمو واستعان عليها باللغم حتى أهلك خلقا كثيرا من الفرنج بسبب ذلك وفتحها واستولى على جميع قرى الجزيرة ولم يبق منها مما خرج عن ملك آل عثمان في تلك الجزيرة إلا قلعة قندية وطال أمرها مدة مديدة حتى فتحت في زمن سلطان زماننا السلطان محمد كما سنذكر تفصيل فتحها في ترجمة الوزير أحمد باشا الفاضل وبالجملة فإن السلطان ابراهيم المذكور كان ميمون النقيبة منصور الكتيبة وكانت ولادته في سنة أربع وعشرين وألف وخلع عن الملك في نهار الخميس سادس عشر رجب سنة ثمان وخمسين وألف وكانت مدة سلطنته ثمان سنين وتسعة أشهر وذكر سبب خلعه يحتاج إلى تفصيل ممل أعرضنا عنه لشهرته ومحصله أنه كان ارتكب بعض امور تتعلق بهوى النفس وأطال في تعاطيها حتى ملته أركان دولته ثم اجتمعوا وخلعوه من السلطنة وسلطنوا مكانه ولده السلطان محمد وفي ثالث يوم من خلعه قتلوه ودفن في مدفن عمه الصالح السلطان مصطفى إلى جانبه بجامع ايا صوفيا ومما اتفق له ولم يتفق لغيره من السلاطين فيما أعلم أنه رأى سلطنة أبيه وعمه وأخويه وولده وجدت في بعض المجاميع القديمة فائدة غريبة يناسب ايرادها هنا محصلها أنه استقرى من ولى السلطنة وكان اسمه ابراهيم فوجد والم يتم لاحدهم أمرها إلا قتل وقال الراغب في محاضراته قال أبو علي النطاح كان المهدي يحب ابنه ابراهيم فقالت له شكلة أم ابراهيم ألا تراه يلي الخلافة فقال لا ولا يليها من اسمه ابراهيم ان ابراهيم الخليل أول نبي عذب بالنار وأن ابراهيم بن النبي عليه السلام لم يعش وبويع ابراهيم بن المهدي فلم يتم له الأمر وأحكم ابراهيم الأمام أمر الملك فقتل وتم لغيره وطلب الخلافة ابراهيم بن عبد الله بن الحسين فما تمت له على جلالته وكثرة جيشه وقد بايع المتوكل لابنه ابراهيم المؤيد فلم يتم له وقتل وما ذكر من اللغم هو شيء غريب ينبغي التعرض للكلام عليه فإنه مستحدث وهو في الأصل من عمل الفرنج اصطنعوه في محاصرة بعض الحصون في أوائل القرن التاسع على عهد السلطان سليم الأكبر واشتهر عند ملوك الروم حتى فاقوا فيه على الفرنج وكيفية عمله على ما تلقيته من الأفواه ثم وجدته في بعض المجاميع بخط بعض الأدباء أنه إذا حوصرت قلعة أو حصن وتعسر تملكه لصعوبته يسوقون أمامه تلا عظيما من التراب ثم يحفرون من تحت ذلك التراب سردابا عظيما إلى أن يصلوا إلى الأساس ثم يجوفون قعر الأساس مقدار ما يريدون بحيث أنهم لم يخرجوا من تحت الجدار أبدا فإن خرجوا بطل جميع العمل وينقلون التراب من السرداب إلى خارج خفية ليخلو ما تحته ثم يملؤونه بالنفط والبارود طولا وعرضا ويضعون فتيلة ثخينة من القطن مقدار شبرين فيحرقون أطرافها بالنار في الخارج ويضعون فتيلة أخرى على قدرها ثم يأخذون بالساعة مقدار زمان احتراقها ليعلموا في أي وقت تصل نار الفتيلة إلى البارود تحت الأرض ثم أن العسكر يأخذون الأهبة للهجوم ويسدون باب اللغم سداً محكما خوفا من رجوع البارود إلى خلف وعند احتراق البارود ينقلب ما فوقه من جدار أو سورأ وغير ذلك فيهجم العسكر دفعة واحدة ويملكون القلعة بهذه الحيلة وهذا ما انتهى إلى من خبره على هذا التفصيل والله أعلمالشيخ ابراهيم بن اسماعيل الرملي الفقيه الحنفي المعروف بالتشبيلي كان أحد الفقهاء الأخبار عالما بالفرائض حق العلم وله مشاركة جيدة في فنون الأدب وغيرها وكان حسن الأخلاق لين العريكة وفيه تواضع وانعطاف ولد بالرملة ونشأبها ورحل إلى القاهرة وأخذ بها عن الأمام رئيس الحنفية في وقته أحمد بن أمين الدين ابن عبد العال والعلامة عبد الله البحراوي الحنفي ورجع إلى بلدة وأقام بها يدرس ويفيد إلى أن مات وممن أخذ عنه وانتفع به الشيخ محيى الدين بن شيخ الأسلام خير الدين الرملى والسيد محمد الأشعري مفتى الشافعية بالقدس وغيرهما وكانت وفاته بالرملة في سنة تسع وأربعين وألف رحمه الله تعالىالشيخ ابراهيم بن تيمور خان بن حمزة بن محمد الرومي الحنفي نزيل القاهرة المعروف بالقزاز الأستاذ الكبير شيخ الطائفة المعروفة بالبيرامية كان صاحب شأن عال وكلمات في التصوف مستعذبة وألف رسائل في علوم القوم منها رسالته التي سماها محرقة القلوب في الشوق لعلام الغيوب وغيرها وأصله من بوسنه ولد بها ونشأ متعبدا متزهد ثم طاف البلاد ولقى الأولياء الكبار وجد واجتهد وصار له في كل يلد اسم يعرف به فأسمه في ديار الروم علي وفي مكة حسن وفي المدينة محمد وفي مصر ابراهيم وأخذ الطريقة البيرامية الكيلانية عن الشيخ محمد الرومي عن السيد جعفر عن أمير سكين عن السلطان بيرام وأقام بالحرمين مدة ثم استقر بمصر فأقام بجامع الزاهد مدة ثم بجامع قوصون ثم بالبرقوقية ثم قطن بقلعة الجبل فسكن بمسكن قرب سارية وجلس بحانوت بالقلعة يعقد فيها الحرير وكان له أحوال عجيبة ووقائع غريبة وحبب إليه الأنجماع والأنفراد وكان في أكثر أوقاته يأوي إلى المقابر بظاهر القلعة وباب الوزير والقرافتين وإذا غلب عليه الحال جال كالأسد المتوحش وقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المرتضى بين يديه وهو يقول يا علي اكتب السلامة والصحة في العزلة وكرر ذلك فمن ثم حبب إليه ذلك وكان يخبر أنه ولد له ولد فلما أذن المؤذن بالعشاء نطق بالشهادتين وهو في المهد وكانت وفاته في سنة ست وعشرين بعد الألف ودفن عند أولاده بتربة باب الوزير تجاه النظامية هكذا ذكره الأمام عبد الرؤف المناوى في طبقاته الكواكب الدريه في تراجم السادة الصوفية وما حررته هنا منها مع بعض تلخيص وتغيير والقرافة بفتح القاف والراء المخففة وبعد الألف فاء فهاء قرافتان الكبرى منهما ظاهر مصر والصغرى ظاهر القاهرة وبها قبر الأمام الشافعي رضي الله عنه وبنوقرافة فخذ من المعافر بن يعفر نزلوا بهذين المكانين فنسبا إليهم ولهاتين ثالثة وهي محلة بالأسكندرية مسماة بالقبيلة قاله ياقوت رحمه الله تعالى في المشتركالمولى ابراهيم بن حسام الدين الكرمياني المتخلص بسيد شريفي ذكره ابن نوعي في ذيل الشقائق وصفة بالتركية فوق الوصف وكان على ما يفهم منه في غاية من الفضل والكمال مشهورا بفنون شتى معدودا من أفراد العلماء قال وقد ولد في سنة ثمانين وتسعمائة وأخذ عن والده ثم قدم إلى القسطنطينيه فاتصل بخدمة المولى سعد الدين بن حسن جان معلم السلطان ولازم منه على عادة علماء الروم وهذه الملازمة ملازمة عرفية اعتبارية وهي المدخل عندهم لطريق التدريس والقضاء ثم درس بمدارس الروم إلى أن وصل إلى مدرسة محمد باشا المعروفة بالفتحية وتوفي وهو مدرس بها وله تآليف منها تكلمة تغيير المفتاح الذي ألفه ابن الكمال ونظم الفقه الأكبر والشافية وشرحهما وله من طرف والدته سيادة وكانت وفاته في ذي القعدة سنة ست عشرة بعد الألف بعلة الأستسقاء ودفن بحوطة مسجد شريفه خاتون بالقرب من جامع محمد أغا داخل سور قسطنطينيهالأمير ابراهيم بن حسن بن ابراهيم الدمشقي الطالوي الأرتقى الأمير الجليل فرد وقته في الكرم والعهد الثابت ووصل في الشجاعة إلى رتبة يقصر عنها ابناء زمانه وفيه يقول قريبه أبو المعالي درويش محمد الطالوي في قصيدته الرائية التي أرسلها من الروم يذكر فيها أعيان الشام

    منهم جناب الطالوي ........ سليل ارتق ذي السرير

    في السلم كالغيث المطير ........ والحرب كالليث الهصور

    محيى مكارم حاتم ........ بين الأنام بلا نكير

    ولد بدمشق بدارهم المعروفة بهم عجلة التعديل ونشأ في تربية أبيه ثم أنه خدم أحمد باشا المعروف بشمسى نائب الشأم وهو الذي بنى التكية بالقرب من سوق الأروام ولما عزل عن نيابة الشام صحبه إلى دار السلطنة واستمر في خدمته كلما ولى ولاية كان معه ثم صار أحد الحجاب بالباب العالي في زمن السلطان سليمان وأعطى قرى وأقطاعا كثيرة وسافر الأسفار السلطانية وترامت به الأحوال إلى أن رجع إلى دمشق في أيام منازلة جزيرة قبرس في عهد السلطان سليم بن سليمان وجمع ذخائر العساكر من بلاد الشام وأخذها في المراكب من جانب طرابلس إلى قبرس وكان رأس العساكر أذ ذاك الوزير مصطفى باشا صاحب الخان الكبير والحمام الذي في سوق السروجية بدمشق ولم يزل كذلك إلى أن تولى السلطان مراد بن سليم السلطنة فصير الأمير ابراهيم رأس العساكر بدمشق وسافر بهم إلى فتح ديار العجم مرات عديدة وكان في ذلك محمود السيرة وبعد ذلك تولى الأمارة في مدينة نابلس سنة سبع وتسعين وتسعمائة واستمر بها حاكما نحو سنتين وانفصل عنها ثم أعيدت إليه وفي هذه المرة عينه أمير الأمراء بالشام محمد باشا ابن الوزير الأعظم سنان باشا لأستقبال ركب الحاج على عادتهم فحرس الركب من تبوك إلى دمشق حراسة عظيمة ثم عزل عن حكومة نابلس وطرحه الدهر في زاوية الخمول حتى أنفد غالب ما كان يملك وتفرقت عنه حفدته وسافر إلى طرف السلطنة في سنة سبع بعد الألف واستمر زمانا طويلا ملازما وعاد ولم يحصل على طائل ولما قدم الوزير السيد محمد باشا الأصفهاني الأصل نائبا إلى الشام عرض حاله عليه فرق له وعين له من التزام السمسارية في كل سن أربعمائة دينار على سبيل التقاعد وأقام على تلك الحالة متقنعا بالكفاف إلى أن توفي وكانت وفاته في سنة أربع عشرة بعد الألف والأرتقى بضم الهمزة وسكون الراء وضم التاء المثناة من فوقها وبعد الألف والأرتقى بضم الهمزة وسكون الراء وضم التاء المثناة من فوقها وبعدها قاف نسبة إلى أرتق بن أكسب جد الملوك الأرتقية وله في تاريخ ابن خلكان ترجمة مختصرة مفيدة ونسبة بني طالو إليه مستفيضة على الألسنةالشيخ ابراهيم بن حسن الأحسائي الحنفي من أكابر العلماء الأئمة المنحلين بالقناعه المتخلين للطاعه كان فقيها نحويا متفننا في علوم كثيرة قرأ ببلاده على شيوخ كثيرة وأخذ بمكة عن مفتيها عبد الرحمن بن عيسى المرشدي وكتب له أجازة حافلة أشار فيها إلى تمكنه في العلوم وأخذ الطريق عن العارف بالله تعالى الشيخ تاج الدين الهندي حين قدم الأحساء وعنه الأمير يحيى بن علي باشا حاكم الأحساء وكان يثني عليه ويخبر عنه بأخبار عجيبة وله مؤلفات كثيرة في فنون عديدة منها شرح نظم الأجر ومية للعمر يطى ورسالة سماها دفع الأسى في أذكار الصبح والمسا وشرحها وله أشعار كثيرة منها قوله شعر

    ولا تك في الدنيا مضافا وكن بها ........ مضافا إليه أن قدرت عليه

    فكل مضاف للعوامل عرضة ........ وقد خص بالخفض المضاف إليه

    وكانت وفاته في اليوم السابع من شوال سنة ثمان وأربعين وألف بمدينة الأحساء والأحساء جمع حسى وهو الماء ترشفه الأرض من الرمل فإذا صار إلى صلابة أمسكته فتحفر عنه العرب وتستخرجه وهو علم لستة مواضع من بلاد العرب الأول أحساء بني سعد بحذاء هجر بلد وهي دار القرامطة بالبحرين ومن أجل مدنها ونسبة ابراهيم هذا إلى الأحساء هذه وقيل أحساء بني سعد غير أحساء القرامطة الثاني أحساء حرشاف بالبيضاء من بلاد جديمة على سيف البحرين الثالث الأحساء ماءة لجديلة طي بأجأ الرابع أحساء بني وهب بني القرعاء وواقصة تسعة آباركبار على طريق الحاج الخامس الأحساء ماء لغنى السادس ماء باليمامة بالقرب من برقة الروحانالشيخ ابراهيم بن حسين بن أحمد بن محمد بن أحمد بن بيري مفتى مكة أحد أكابر فقهاء الحنفية وعلمائهم المشهورين ومن تبحر في العلوم وتحرى في نقل الأحكام وحرر المسائل وانفرد في الحرمين بعلم الفتوى وجدد من مآثر العلم ما دثر له الهمة العلية في الأنهماك على مطالعة الكتب الفقهيه وصرف الأوقات في الأشتغال ومعرفة الفرق والجمع بين المسائل سارت بذكره الركبان بحيث أن علماء كل أقليم يشيرون إلى جلالته أخذ عن عمه العلامة محمد بن بيري وشيخ الأسلام عبد الرحمن المرشدي وغيرهما وقرأ في العربية على علي بن الجمال وأخذ الحديث عن ابن علان وأجازه كثير من المشايخ وكتب له بالإجازة جمع من شيوخ الحنفية بمصر واجتهد حتى صار فريد عصره في الفقه وانتهت إليه فيه الرياسة وأجاز كثيرا من العلماء منهم شيخنا الحسن بن علي العجيمي وتاج الدين الدهان وسليمان حينو وكثيرا من الوافدين إلى مكة وولى افتاءها سنين ثم عزل عنها لما تولى شرافة مكة الشريف بركات لما كان بين المترجم وبين محمد بن سليمان المغربي من عدم الألفة وكانت أمور الحرمين في أول دولة الشريف بركات منوطة به والشريف بمنزلة الصفر الحافظ لمرتبة العدد وكان له ولد نجيب مات في حياته وانقطع بعد ذلك عن الناس ومع ذلك فهو مجد في الأشتغال بالمطالعة والتحرير وله مؤلفات ورسائل كثيرة تنيف على سبعين منها حاشية على الأشباه والنظائر سماها عمدة ذوى البصائر وشرح الموطأ رواية محمد بن الحسن في جلدين وشرح تصحيح القدورى للشيخ قاسم وشرح المنسك الصغير للملا رحمة الله وشرح منظومة ابن الشحنة في العقائد ورسالة في جواز العمرة في أشهر الحج والسيف المسلول في دفع الصدقة لآل الرسول ورسالة في المسك والزباد وأخرى في جمرة العقبة ورسالة في بيض الصيد إذا أدخل الحرم وأخرى في الأشارة في التشهد ورسالة جليلة في عدم جواز التلفيق ردفيها على عصريه مكى فروخ وقرظ له عليها جماعة من العلماء منهم شيخ الأسلام يحيى بن عمر المنقاري والشهاب أحمد الشوبري وله غير ذلك من التأليف والتحريرات وكانت ولادته في المدينة المنورة في نيف وعشرين وألف وتوفي يوم الأحد سادس عشر شوال سنة تسع وتسعين وألف وصلى عليه عصر يومه بالمسجد الحرام ودفن بالمعلاة بقرب تربة السيدة خديجة رضي الله عنها وكان قلقا من الموت فرأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بليلة في المنام وهو يقول له يا ابراهيم مت فإن لك بي أسوة حسنة فقال يا رسول الله على شرط أن يكتب لي ثواب الحج في كل سنة فقال صلى الله عليه وسلم لك ذلك أو كلاما معناه هذاالشيخ ابراهيم بن رمضان الدمشقي المعروف بالسقاء الواعظ الحنفي المذهب كان في ابتداء أمره يسقي الماء داخل قلعة دمشق ثم رحل إلى الروم وقرأ القرآن وجوده واشتغل في غيره من العلوم على المولى يوسف بن أبي الفتح أمام السلطان ولزمه حتى صار له ملكة في القراآت والوعظ وحفظ فروعا من العبادات كثيرة وأعطى أمامة مسجد في مدينة أبي أيوب وأقام بالروم مقدار أربعين سنة ثم أنه ترك الأمامة وأخذ المدرسة الجوزية بدمشق وقدم إليها وانقطع بقية عمره بالجامع الأموي وأضر في عينيه ويديه ورجليه وكان دائم الأفادة والنصيحة وقرأ عليه جماعة من أهل دمشق وكنت أنا في حالة صغرى جودت عليه حصة من القرآن وكان أهل الروم الذين يردون إلى دمشق يميلون إليه ويعتقدونه وكان يعظهم تارة على كرسي وتارة وهو جالس مكان تدريسه ويبالغ في التهديد والزجر وكان لا يخلو

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1