Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

دمعة وابتسامة
دمعة وابتسامة
دمعة وابتسامة
Ebook203 pages3 hours

دمعة وابتسامة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

إن لهذا الكتاب مذاقٌ خاصٌ للقارئ، فهو بمثابة أول نغمة من نوعها في العالم العربي الحديث، فقد خالف بتراكيبه ودقّة بيانه المألوف آنذاك من حيث الكتابة الأدبيّة العربيّة، وقد جاء كتمهيد وبداية الحركة العربية الرومانسية الجديدة، والتي ابتدعها جبران خليل جبران، ومن خلالها استطاع أن يقدم لقارئ العربي لونًا جديدًا من أجمل ألوان الأدب، له تطرب آذان القارئ من جمال لفظه، وترقى لجلال معانيه القلوب، وتذهل لروعة خياله العقول. ومن الكتاب نختار لكم هذه المقاطع: - أريد أن أموت شوقا ولا أحيا مللًا.. أريد أن تكون في أعماق نفسي مجاعة للحب والجمال لأني نظرت فرأيت المستكفئين أشقى النّاس وأقربهم من المادة وأصغيت فسمعت تنهدات المشتاق المتمني اعذب من رنات المثاني والمثالث. - الملامة لا تميل بالقلب عن الحب.. والعذل لا يصرف النفس عن الحقيقية.. والإنسان بين قلبه ونفسه كغصن لين في مهب ريح الجنوب وريح الشمال. - اذا كان الحب لا يرجعك الى هذه الحياة فالحب يضمني إليك في الحياة الآتية.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2017
ISBN9786395415087

Read more from جبران خليل جبران

Related to دمعة وابتسامة

Related ebooks

Related categories

Reviews for دمعة وابتسامة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    دمعة وابتسامة - جبران خليل جبران

    إهداء

    إلى M.E.H.

    أقدم هذا الكتاب، وهو أول نسخة من عاصفة حياتي، إلى الروح النبيلة التي تحب النسمات وتسير مع العواصف.

    جبران

    مقَدّمـة

    بقلم  نسيب عريضة

     نيويورك في ٢٤ نيسان «أبريل» سنة ١٩١٤

    قد انتقل جبران خليل جبران في الأعوام العشرة الأخيرة من ربيع الحياة إلى صيفها، فنمت أمياله ونضجت أفكاره، وتدرَّجت روحه من عالم الخيال الشعري إلى عالم أسمى وأوسع يتعانق فيه الخيال المطلق والحقيقة المجردة، وتلتقي في جنباته أشباح العواطف الدقيقة بجبابرة المبادئ الأساسية الصحيحة.

    جبران اليوم ليس بجبران الأمس، فالشباب الحساس الذي كتب «دمعة وابتسامة» بقلم مُحَبَّرٍ بالدمع قد تحوَّل إلى رجل قوي يكتب برءوس الحراب المغموسة بالدماء، والفرق بين مقالة «جمال الموت» وحكاية «حفار القبور» هو الفرق بين جبران الأمس وجبران اليوم، فالنفس اللطيفة التي كانت ترتعش لهبوب نسيمات السحر قد تشدَّدت اليوم بالعزم فلم تعد تهتز إلا للعواصف، فالعواصف هي من حاضر جبران بمقام النسيم من ماضيه.

    ولكن لو تَمَعَّنَّا مليًّا بمجموع كتابات جبران وتآليفه، وعلاقتها بالنهضة الأدبية الحديثة؛ لوجدنا أن «لدمعة وابتسامة» مقالًا خاصًّا بها لأنها كانت أول نغمة من نوعها في العالم العربي، فقد خالفت بما فيها من التراكيب ودقة البيان كل ما جاء قبلها من الكتابات؛ لأنها أتت كتوطئة لحركة عربية جديدة يشعر بها ويتأثر لها الطالب في مدرسته والمتأدب في مكتبته والصحافي في إدارته.

    عندما ظهرت «دمعة وابتسامة» كان الكتَّاب والشعراء في مصر وسوريا والمهجر يملأون الصحف والمجلات بمقالات ورسائل وقصائد عقيمة بليدة خالية من الشعور بعيدة عن القلب، وكان أكثر الناس يحسبون كل من وزن الكلام شاعرًا وكل من رتَّب الفقرات كاتبًا، ولكن لما ابتدأ جبران بنشر «دمعة وابتسامة» غيَّر الناس أفكارهم وعلموا للمرة الأولي أن الشاعر الحقيقي هو الذي يضرب بأصابعه السحرية على أوتار قلوبهم، ويعيد على مسامعهم في اليقظة ما تسمعه أرواحهم في المنام، ومن ذلك الحين ابتدأ فتيان الكتاب والشعراء بتقليد «دمعة وابتسامة» والنسج على منوالها، فلم يمر عامان أو ثلاثة على ظهورها حتى كان لجبران تلاميذ وأتباع منتشرون في كل مكان من العالم العربي.

    عندما طلبنا إلى جبران جمع «دمعة وابتسامة» ونشرها في كتاب، أجابنا ببيت من أحد موشحاته قائلًا:

    ذاك عهد من حياتي قد مضي

    بين تشبيب وشكوى ونواح

    فقلنا له «ذاك عهد من حياتك قد مضى، ولكنه لم يزل حاضرًا في حياة محبيك ومريديك».

    فأجابنا «إن الشاب الذي كتب قد ترنَّم بأغنية علوية قبل أن يموت».

    قلنا له: «وعلينا أن نحفظ تلك الأغنية كي لا تتلاعب بها أيدي الضياع».

    فأجابنا «افعلوا ما شئتم، ولكن لا تنسوا أن روح ذلك الشاب قد تقمصت في جسد رجل يحب العزم والقوة مَحَبَّتَهُ للظرف والجمال، ويميل إلى الهدم ميله إلى البناء، فهو صديق الناس وعدوهم في وقت واحد».

    فقلنا له «سوف لا ننسى وإن حاولنا التناسي ففي «حفار القبور» ما ينبهنا ويذكرنا».

    دمعة وابتسامة

    توطئة

    أنا لا أبدِّل أحزان قلبي بأفراح الناس، ولا أرضى أن تنقلب الدموع التي تستدرها الكآبة من جوارحي وتصير ضحكًا، أتمنَّى أن تبقى حياتي دمعة وابتسامة، دمعة تطهر قلبي وتفهمني أسرار الحياة وغوامضها، وابتسامة تدنيني من أبناء بجدتي وتكون رمز تمجيدي الآلهة، دمعة أشارك بها منسحقي القلب، وابتسامة تكون عنوان فرحي بوجودي.

    أريد أن أموت شوقًا ولا أحيا مللًا، أريد أن تكون في أعماق نفسي مجاعة للحب والجمال؛ لأني نظرت فرأيت المستكفئين أشقى الناس وأقربهم من المادة، وأصغيت فسمعت تنهدات المشتاق المتمني أعذب من رنات المثاني والمثالث.

    يأتي المساء فتضم الزهرة أوراقها وتنام معانقة شوقها، وعندما يأتي الصباح تفتح شفتيها لاقتبال قبلة الشمس، فحياة الأزهار شوق ووصال، دمعة وابتسامة.

    تتبخر مياه البحر وتتصاعد ثم تجتمع وتصير غيمة، وتسير فوق الطلول والأودية حتى إذا ما لاقت نسمات لطيفة تساقطت باكية نحو الحقول، وانضمت إلى الجداول ورجعت إلى البحر موطنها. حياة الغيوم فراق ولقاء، دمعة وابتسامة.

    كذا النفس تنفصل عن الروح العام وتسير في عالم المادة، وتمر كغيمة فوق جبال الأحزان وسهول الأفراح فتلتقي بنسيمات الموت فترجع إلى حيث كانت، إلى بحر المحبة والجمال، إلى الله.

    حياة الحب

    الربيع: هلمي يا محبوبتي نمشي بين الطلول، فقد ذابت الثلوج وهبت الحياة من مراقدها وتمايلت في الأودية والمنحدرات، سِيري معي لنتتبع آثار أقدام الربيع في الحقل البعيد، تعالي لنصعد إلى أعالي الرُّبى ونتأمل في تموُّجات اخضِرَارِ السهول حولها.

    ها قد نشر فجر الربيع ثوبًا طواه ليل الشتاء، فاكتست به أشجار الخوخ والتفاح فظهرت كالعرائس في ليلة القدر، واستيقظت الكروم وتعانقت قضبانها كمعاشر العشاق، وجرت الجداول راقصة بين الصخور مردِّدة أغنية الفرح، وانبثقت الأزهار من قلب الطبيعة انبثاق الزَّبد من البحر.

    تعالي لنشرب بقايا دموع المطر من كئوس النرجس، ونملأ نفسَيْنا بأغاني العصافير المسرورة، ونغتنم استنشاق عطر النسيمات.

    لنجلس بقرب تلك الصخرة حيث يختبئ البنفسج، ونتبادل قبلات المحبة.

    الصيف: هيا بنا إلى الحقل يا حبيبتي فقد جاءت أيام الحصاد، وبلغ الزرع مبلغه وأنضجته حرارة محبة الشمس للطبيعة، تعالي قبل أن تسبقنا الطيور فتستغل أتعابنا، وجماعة النمل فتأخذ أرضنا، هلُمِّي نجنِ ثمار الأرض مثلما جنت النفس حبوب السعادة من بذور الوفاء التي زرعتها المحبة في أعماق قلبينا، ونملأ المخازن من نتاج العناصر كما ملأت الحياة أهراء عواطفنا.

    هلمي يا رفيقتي نفترش الأعشاب ونلتحف السماء ونوسد رأسينا بضغث من القش الناعم، فنرتاح من عمل النهار ونسمع مسامرة غدير الوادي.

    الخريف: لنذهب إلى الكرمة يا محبوبتي ونعصر العنب ونوعيه في الأجران مثلما توعي النفس حكمة الأجيال، ونجمع الأثمار اليابسة ونستقطر الأزهار ونستعيض عن العين بالأثر.

    لنرجع نحو المساكن، فقد اصفرَّت أوراق الأشجار ونثرها الهواء كأنه يريد أن يكفن بها أزهارًا قضت لوعة عندما ودَّعها الصيف، تعالَي فقد رحلتِ الطيور نحو الساحل وحملت معها أنس الرياض، وخلفت الوحشة للياسمين والسيسبان فبكى باقي الدموع على أديم التراب.

    لنرجع! فالجداول قد وقفت عن مسيرها، والعيون نشفت دموع فرحها، والطلول خلعت باهي أثوابها. تعالي يا محبوبتي، فالطبيعة قد راودها النُّعَاسُ فأمست تودِّع اليقظة بأغنية نهاوندية مؤثِّرة.

    الشتاء: اقتربي يا شريكة حياتي، اقتربي مني ولا تدعي أنفاس الثلوج تفصل جسمينا، اجلسي بجانبي أمام هذا الموقد، فالنار فاكهة الشتاء الشهية، حدثيني بمآتي الأجيال، فآذاني قد تعبت من تأوُّه الأرياح وندب العناصر، أوصدي الأبواب والنوافذ، فمرأى وجه الجو الغضوب يُحزن نفسي، والنظر إلى المدينة الجالسة كالثكلى تحت أطباق الثلوج يدمي قلبي، اسقي السراج زيتًا يا رفيقة عمري، فقد أوشك أن ينطفئ، وضعيه بالقرب منك لأرى ما كتبته الليالي على وجهك، إيتي بجرة الخمر لنشرب ونذكر أيام العصر.

    اقتربي! اقتربي مني يا حبيبة نفسي فقد خمدت النار وكاد الرماد يخفيها، ضميني فقد انطفأ السراج وتغلبت عليه الظلمة، ها قد أثقلت أعيننا خمرةُ السنين، ارمقيني بعين كحلها النعاس، عانقيني قبل أن يعانقنا الكرى، قبليني فالثلج قد تغلب على كل شيء إلا قبلتك، آه يا حبيبتي ما أعمق بحر النوم! آه ما أبعد الصباح في هذا العالم!

    حكاية

    على ضفة ذلك النهر، في ظل أشجار الجوز والصفصاف جلس ابن زراع يتأمل في المياه الجارية بسكينة وهدوء، فتى رُبِّي بين الحقول حيث يتكلم كل شيء عن الحب، حيث الأغصان تتعانق والأزهار تتمايل والطيور تتشبب، حيث الطبيعة بأسرها تكرز بالروح، ابن عشرين رأى بالأمس على الينبوع صَبِيَّةً جالسة بين الصبايا فأحبَّها، ثم علم أنها ابنة الأمير فلام قلبه وشكا نفسه إلى نفسه، ولكن الملامة لا تميل بالقلب عن الحب، والعذل لا يصرف النفس عن

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1